خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كلمات مضيئة في العلم والتعلم

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية كلمات مضيئة في العلم والتعلم

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 24.09.09 9:53

    كلمات مضيئة في العلم والتعلم
    كلمات مضيئة في العلم والتعلم 208157

    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .

    أما بعد :

    فهذه كلمة للوزير ابن هبيرة – رحمه الله – لمن أراد التعلم

    نقلها ابن رجب – رحمه الله – في كتابه ذيل طبقات الحنابلة ( 3 / 273 ) :

    قال ابن الجوزي : وسمعته يقول :

    يحصل العلم بثلاثة أشياء :

    أحدها :
    العمل به ؛ فإن من كلَّف نفسه التكلم بالعربية ، دعاه ذلك إلى حفظ النحو . ومن سأل عن المشكلات ليعمل فيها بمقتضى الشرع تعلم ,

    والثاني :
    التعليم ؛ فإنه إذا علَّم الناس كان أدعى إلى تعليمه .

    والثالث :
    التصنيف ؛ فإنه يخرجه إلى البحث ، ولا يتمكن من التصنيف من لم يدرك غور ذلك العلم الذي صنف فيه . اهـ

    كلمات مضيئة في العلم والتعلم 615888

    فائدة

    كلمات مضيئة في العلم والتعلم 412160


    إن من أجلّ النّعم التي أنعم بها الله على عباده:

    نعمة العلم

    بل
    انّه المقياس الذي يميز المرء عن غيره،

    وكما قال تعالى:
    (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
    [الزمر:9].

    ونجد ديننا الإسلامي يحثنا في كثير من الآيات القرآنية على التأمّل والتدبّر والتعقـّل، وكلها أفعال تدعو إلى التعلّم والتنوّر,

    وكما قال تعالى:
    (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ).
    [آل عمران 190 ].

    أي أصحاب العقول النيرة!

    وقال تعالى في عدّة مواضع من القرآن الكريم محفزا على التبصّر:
    أفلا تدبّرون,
    أفلا تعقلون...
    للمتوسّمين,
    أفلا يوقنون؟!

    ولمّا كان ديننا الإسلامي خاتم الأديان, وسنّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم بالغة في الشرح والبيان, كان حقا علينا أن نفهم المقصود من العلم، ولا نكون كالذين اشتغلوا من العلم بصورته دون المضمون, وأخذوا منه القشور دون فهم المقصود, وغفلوا بوسائل العلم المختلفة عن الهدف المنشود. وفي الحقيقة هذا عيب كبير وعاقبته بالغة الشرور, كما قال الشاعر:

    ولم أر في عيوب النّاس عيبا كنقص القادرين على التمام

    فالشاعر هنا يذمّ الكسل ويدعو الإنسان للرقيّ بنفسه, والاستفادة مما تعلّم, والعمل بمقتضى هذا العلم.

    كقارئ القرآن المشغول بتلاوته ولا يتلمّح عظمة المتكلّم ولا زجر القرآن ووعده, ولو فهم لعلم أنّ الحجّة عليه أقوى ممن لم يقرأ.

    وهكذا في شتى الأنواع من العلوم.. فليس العلم هو صور الألفاظ, بل هو إدراك واتّعاظ.

    ولعل الأسباب التي دفعت كثيرا من طلبة العلم في هذا الزمان إلى أن يضلّوا عن أهدافهم, ويتيهوا عن غاياتهم, ويخفقوا في تحقيق مرادهم..

    أسباب كثيرة، ومن المهمّ التعرّف عليها, وبالتالي تفاديها؛ لكي نحصل على النتيجة المرجوّة من العلم..

    ومن هذه الأسباب:

    أولا:
    تحديد الهدف من العلم قبل الخوض فيه, وعلى طالب العلم أن يقصد في طلبه للعلم وجه الله تعالى؛ لكي لا يتراجع عن هذا العلم. فالدارِسة التي تستهدف إرضاء النّاس أو المفاخرة بما تعلّمته أو الاستعلاء على غيرها من الصديقات, ليست على هدف سويّ ويجب عليها من البداية تصحيح هدفها لتكون نتيجتها صحيحة.

    فقصد وجه الله تعالى من هذا العلم والرغبة في الارتقاء بنفسها كطالبة مسلمة ممثلة لمجتمع وأمّة إسلامية.. يدفعها إلى الاستمرارية والثبات والحرص على العطاء بعد العلم , والعمل بمقتضى ما تعلّمته، ومن ثم الرّضا عن ذاتها وعن ما تعلّمته.

    ثانيا:
    تجديد النيّة الصادقة بأنّ القصد هو وجه الله تعالى, والارتقاء بالذات والأمّة الإسلامية, أو على الأقل الشريحة المسلمة التي تعيش معها..
    كالأسرة أو المدرسة أو غيرها…!

    وعدم فقدان الحماس الذي يعين على الاستزادة من العلم والصعود على سلالمه حتى الوصول إلى طريق المجد؛ وهذا يتطلّب الصبر الكثير والمثابرة,

    وكما قال الشاعر:

    لا تحسب المجد تمرا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

    ولعلّ من الجميل أن أضرب المثل هنا بالحجّار الذي يظلّ يضرب الصخرة بفأسه أو معوله, ربما مئة مرة دون أن يبدو فيها أدنى أثر يبشر بكسر أو فلق, وليست الضربة الأخيرة هي التي حققت هذه النتيجة؛ بل المئة ضربة اللاتي سبقنها!

    وما أكثر الذين يرجعون من منتصف الطريق, بل ما أكثر الذين ييأسون من كفاحهم قبل أن يجنوا ثمره ربما بزمن وجيز! ولو استمروا وثابروا وصبروا حتى الضربة الواحدة بعد المائة لحصدوا كلّ ما زرعوا وأكثر..

    وكما يقال:
    من جد وجد, ومن زرع حصد, ومن سار على الدرب وصل!

    ثالثا:
    على المتعلّم أن يعرف حقيقة الأمانة التي يتحمّلها.. وهذا مهمّ جدا لتفادي التهاون في طلب العلم..! بمعنى أنّ الإنسان عليه أن يكون مسؤولا عن ما يتعلّمه.. بل وناقلا لهذا العلم إلى كلّ من يجهله.. وقبل ذلك عاملا بمقتضى ما اكتسبه، بادئا بنفسه؛ ليكون مثالا يحتذى به.. ولا يكون كاليهود الذين ذمّهم الله بقوله: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ).

    وقوله تعالى أيضا:
    (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا..) …

    وبالمقابل نتأمّل ما قاله صلى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
    "لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم".

    رابعا:
    إدراك قيمة الوقت الذي يهدره طالب العلم…!

    فهو إما أن يكون مهدورا أو يكون مأجورا..

    وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول:
    (إنكم من الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة, من زرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة , ومن زرع شرا يوشك أن يحصد ندامة, ولكل زارع مثلما زرع).

    وكل يوم جديد.. هو علينا شهيد.. وأبدا أبدا لن يعود.. فكفانا له تبديدا!

    وما قيمة العلم إذا لم يتلقه صاحبه على النحو الصحيح؟!

    وما قيمة الانتساب إلى دور القرآن دون أن نحظى بتغيير في قراءتنا له, وحفظنا وتدبّرنا لمعانيه؟!

    وما قيمة عمرنا الذي نحن مسؤولون عنه إن أضعناه في علم لا ينفع ولا يغير حياتنا؟!

    وما موقف الغرب من أمّة الإسلام إن كان شبابها وعمادها يتعلّمون شكلا دون الارتقاء بأمّتهم إلى معالي المجد؟!..

    وعلينا أن لا ننسى أنّ العلم في الصغر كالنقش على الحجر.. فلنستغلّ العمر الصغير في العلم الكثير؛ فالعمر عزيز والعلم غزير.!

    قال تعالى:
    (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا..).

    خامسا:
    من مقتضيات التعلم أيضا: شكر الله تعالى على هذه النعمة التي يتمناها الكثيرون.. ولا يحظى بها إلا من أنعم الله عليه بحسن النظر وسداد البصيرة..!

    ومن شكر طالب العلم لله تعالى على نعمة التعلّم:

    أن يعطي لهذا العلم حقه من حسن الاستماع والتلقي؛ وكذلك الالتزام الكامل بمتطلبات هذا العلم من حضور مستمر, وتركيز للذهن, وهمّة عالية تسخر في كسب العلوم, وأداء منتظم لنشاطاتها المختلفة

    بالإضافة إلى الاطلاع على سير أصحاب العلم الذين يحتذى بهم, ومن ثمّ الاقتداء بهم, وإفادة الآخرين, ونشر العلم والوعظ والإرشاد للمحتاجين له… فليس في الدنيا أطيب عيشا من منفرد عن العالم بالعلم فهو أنيسه وجليسه.. قد قنع بما سلم به دينه عن المباحث الحاصلة في دنياه، فوالله هذه نعمة تستحق الشكر.

    سادسا:
    تذكّر الأجر المعنوي, والثواب الحقيقي الذي يجنيه الدارس من دراسته, والذاكر من ذكره, والحافظ من حفظه

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلّم:
    "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عـليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ".
    رواه مسلم.

    فأي ثواب أعظم من هـذا؟!

    ولا شك أنّ الحوافز والهدايا والجوائز التحفيزية تؤدي دورا مهما في تشجيع طلبة العلم على الاستمرارية والعطاء؛ كذلك المكافآت والشهادات التقديريّة ما هي إلا أوسمة تعين طلبة العلم على التنافس الشريف, والإبداع الرائع, و شحذ العزائم مرارا وتكرارا, لتحقيق أفضل النتائج, والسّمو لأعلى المراتب.

    فما بالنا بالجائزة الربّانيّة التي هي خير من الدنيا وما فيها.. والتي تبقى خالدة في الآخرة؟!

    كما قال صلى الله عليه وسلّم:
    "ما جلس قوم يذكرون الله تعالى فيقومون حتى يقال لهم: قوموا قد غفر لكم ذنوبكم وبدّلت سيئاتكم حسنات".
    والحديث مذكور في السلسلة الصحيحة.

    فمن يتذكر هذا الثواب ويجعله نصب عينيه دوما لابد وأن يستمر في الإقبال على العلم وذكر الله تعالى؛
    ولن ينسى أبدا الهدف الذي من أجله حصل الثواب وبعد العقاب.

    وعلينا أن لا نجعل ما تعلمناه ذريعة نتكبر بها على عباد الله؛
    بل نتواضع لله ونعلّم الجاهلين؛ ومن تواضع لله رفعه؛

    ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛

    فقد روى تميم بن أوس رضي الله عنه قال:
    "انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يخطب فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ فأقبل عليّ رسول الله وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتى بكرسي فقعد عليه وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها" رواه مسلم.

    سابعا وأخيرا:
    مجالسة الرفقاء المعينين على طلب العلم النافع، وبالأخص المجتهدين منهم والحريصين على الثقافة والانتفاع من أمور دينهم والاستعانة بها على دنياهم؛ فالرفيق الحسن خير من يعين المرء (بعد توفيق الله) على المثابرة ويحقق معه الأهداف السوية التي ترتقي به لمعالي المجد..

    وتثبته على إرضاء الرب تبارك وتعالى.

    قال صلى الله عليه وسلّم:
    "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".

    وخير جليس للمرء كلام الله وكتابه العزيز

    قال تعالى:
    (واتقوا الله ويعلمكم الله..).

    نسأل الله العلي القدير في الختام الهمة العالية, والغاية السامية, ويقظة تفهمنا المقصود، وتقربنا من المعبود

    ونعوذ بالله من علم لا ينفع, ونفس لا تشبع, وقلب لا يخشع, ودعاء لا يسمع

    ونعوذ بالله أن نكون من القوم الجاهلين الغافلين الذين قال الله فيهم:

    (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ).

    والحمد لله رب العالمين
    والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.


    والنقل
    لطفــــــاً .. من هنـــــــــــــا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16547

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 5:36