خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    شَهْوةُ الرَّدِّ

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية شَهْوةُ الرَّدِّ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 24.09.09 9:15


    (( شَهْوةُ الرَّدِّ ))


    بيانُ العلومِ و المعارفِ إمَّا بالعَرْضِ لها ابتداءً ، و إما بالنَّقْضِ لمُخالفٍ

    و النَّقْضُ و الرَّدُّ من جملةِ أنواعِ البيانِ للعلومِ و المعارفِ ، إذْ فيهِ إيضاحُ الجانبِ المُوْقَنِ بكينونته صواباً ، أو المظنون تغليباً بذلك ، معَ حَشْرٍ لبراهينِ الردِّ و الاعتراضِ ، و فيهِ استدراكٌ لما فاتَ ، و تكميلٌ لما نَقَصَ ، و بيانٌ لما أُبهِمَ ، فحوى أنواعاً من التأليفِ ، أخذَ به كثيرٌ من أصحاب العلومِ و المعارفِ ، في كثيرٍ من أبحاثِ علومهم و معارفهم .

    و حقيقةُ الرَّدِّ قَصْدُ المضمونِ ، و قد يكونُ القَصْدُ في الرِّدِّ لصاحبِ المضمونِ و الرأي إذا كان بِه اشتهاره ، و عليه قيامه ، و ما سِوى ذا فليسَ إلا عبثاً و مزيداً من حَشْو الكلامِ بلباسِ عينِه ، فيُنْقَضَ بما استبانَ للرادِّ في كونِ المردود مخالفاً ، أو مُخطئاً .
    و جوهرُ الرَّدِّ أن تُقامَ دلائلُ الاعتراضِ على أساسٍ متينٍ في إيرادها ، و فَهْمٍ صحيح لمُراداتها ، و معرفةٍ لمواطنِ الرَّدِّ ، و أدبٍ جَمٍّ في الحديثِ ، و تقديسٍ للعلومِ عظيم .

    و سَوءَةُ الرَّدِّ صَرْفُه عن جوهره إلى مَظهرِه ، و عن معناه إلى مبناه ، فيغدو الردُّ لمجرَّد الرَّدِّ لا لبيانِ العلوم و المعارفِ ،

    فيُقصَد الشَّخْصُ بالكلامِ في صورة الاعتراضِ على رأيٍ فاهَ بِهِ ،

    و لا يشتغلُ بذلك إلا مَن رامَ إظهارَ الذاتِ خاليةً من حقائقِ الصفاتِ

    و مَن لم يُحَصِّلْ من المعارفِ إلا جزءاً يَستحيي أن يُنْعَتَ به ، و ليس ذا ملَكَةٍ في البحثِ و التحصيلِ ، فيكون كلامُه مُنْصَبَّاً على جُزئياتٍ لا يُلامُ مَن خالفَ فيها ، و لا يترتَّبُ على المخالفةِ مِن المخالِفِ المردودِ عليهِ أثرٌ في أصلٍ كان الاتفاقُ عليه ، و يكون ردُّه دائراً حولَ الرأي الذاتي مصروفاً عن النهجِ العلمي المعرفي ، و يكونُ مقصوداً بِهِ مَن له تِمُّ الموافقةِ و كمالِ الرِّضى

    فيُتَّخذُ الردُّ ذريعةً للوقيعةِ ، و يكون كلامُه في ردِّه في المشهوراتِ الميسور تحصيلُ الكلامِ عنها و لا تفتقرُ إلى تنقيبٍ بعقلٍ فاقِهٍ .


    و سَوءَتُه في تغييبِ أدبِه ، و تضييعِ بُرهانه ، و هَدِّ قواعده ، فيُصاغ الرَّدُ كبيتِ عناكب هشَّاً ضعيفاً ، يَكونُ ضُحكةً في ساحِ المردودِ عليه

    و الرَّادُّ هَزيلَ العلوم و المعارفِ ، ضَعيفَ المواجهةِ ، ناقصَ الفَهْمِ ، فمخالفةُ السُّنَنِ وَهنٌ ، و معارضةُ الطرائقِ مَهْلَكة .

    فبسوءةِ الرَّدِّ صارَ الرَّدُّ شَهوةً تعتري نفوسَ كثيرين ممن يشتغلُ في العلومِ و المعارفِ ، و يقصده ضِعافٌ في فقاهةِ النفسِ و سلامة الفؤاد

    فصيَّروه ضعيفاً بعد أن كان قوياً ، و ذليلاً بعد أن كان عزيزاً ، و ذيلاً بعد أن كان رأساً

    و لو كانَ الرَّادُّ على قانون الرَّدِّ الصحيحِ عند أهل المعرفة و العلمِ لكان لقولِه قبولاً ، و لو من مُخالفٍ له في رأيه ، و إنْ خالفَ السَّنَنَ المسلوكةِ في الرَّدِّ عِيْبَ رَدُّه ، و ذُمَّ نَقْضُه ، حتَّى مِن موافِقِهِ ، لأن الاعتبارَ في العلومِ بالعلومِ لا بالرسومِ .
    والنقل
    لطفــاً .. من هنـــــــا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119695

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 12:25