عقوق الأبناء وآلام الآبـــاء
انا ارملة في الستين من عمري.. توفي زوجي منذ خمسة وعشرين عاما، وترك لي ثلاث بنات وابنا واحدا، اعتبرتهم جميعا ثروتي وميراثي الذي تركه لي والدهم واعتبرتهم سندي عند الكبر.
باختصار افنيت عمري ومالي في تربيتهم وتعليمهم، واثرتهم على نفسي، فلم افكر في ان اعيش حياتي واتزوج حتى اجد من يساندني ويقف الى جانبي في الكبر ويتحمل مسؤوليتي.. رفضت العديد من فرص الزواج التي عرضت علي وحلمت بان اولادي سوف يعوضونني عن كل عذاب وحرمان.
لكنني كنت واهمة ، فبناتي الثلاث تزوجن واستقرت كل منهن مع زوجها، واخذتها مشاكل الحياة، حتى ان سؤالهن عني اصبح نادرا جدا، فتكتفي كل منهن بالاتصال بي هاتفيا مرة كل يومين.
في بداية زواجهن كن يحرصن على زيارتي في عطلة نهاية الاسبوع مع ازواجهن واحفادي فيلتم شمل العائلة.. لكن مؤخرا بدأت كل واحدة منهن تختلق الاعذار والحجج كي لا تحضر، او لتحضر سريعا كانها فقط تود اثبات وجودها وقد تأتي من دون زوجها واحفادي.. هكذا حالي مع بناتي للاسف يا سيدتي.
اما ابني الوحيد الذي كنت احلم بان يكون سندي فحدثي ولا حرج. تعبت معه وفعلت الكثير من اجل تربيته حتى وصل الى ما وصل اليه من مركز مرموق، لكنه عندما تزوج بدأ يبتعد عني ويتنكر لوجودي.. فمن البداية اختار فتاة من وسط غير وسطنا الاجتماعي، ومستوى اهلها لا يرقى إلى عائلتنا، ولا تناسبه من حيث التعليم والمركز الذي يشغله.. لكن ماذا افعل وهذا كان اختياره ولم يستمع لنصيحتي.
المشكلة لم تكن في زوجة ابني فقط، لكن ايضا في والدتها المسيطرة التي امسكت بزمام امور حياة ابني بالاكراه. حتى ابنتها لا رأي لها في اي شيء، فالام تأمر والفتاة تطيع بلا تردد، وابني منساق لكلام زوجته، وقبله والدتها الآمرة الناهية.
لن تصدقيني عندما اقول لك انني لم ادخل شقة ابني الا بعد زواجه بثلاثة اشهر، فكلما كلمته وهممت بالذهاب اليه لمباركة زواجه يتلعثم وينهي المكالمة سريعا بحجة ان اهل زوجته لديه.
وعندما ذهبت للمرة الاولى لزيارته اخفى ابني وزوجته خبر وجودي عندهما عن والدة زوجته، لانها من المؤكد أمرتهما بمنعي من زيارتهما لانها المتحكمة الوحيدة في المنزل.
صارحت ابني بما شعرت امام زوجته، فنهرتني دفاعا عن والدتها وامام ابني، حتى هو يا سيدتي تطاول علي لاول مرة في حياته بالكلام الجارح، بل السب الذي لم اعتده منه.. فهل هذا ابني الذي ربيته على الاحترام والاخلاق الحميدة؟ لقد كان دائما بارا بي ويتحدث معي بحنان وحب ورحمة.. لكن ها هو الوضع ينقلب.
شعرت بانني طعنت طعنة قاتلة من فلذة كبدي وكدت اموت من المفاجأة.. خرجت من منزله وقلبي ينزف دما. ورغم اتصاله بي ومحاولة استرضائي في الخفاء، فإن الحزن لم يفارقني. وفجأة قطع علاقته بي بعد ان رفضت قبول اعتذاره في التلفون وفي الخفاء.
انني يا سيدتي مصدومة في ابني الوحيد وسندي في الدنيا.. مصدومة في افعاله وعقوقه بعد ان كان الابن البار بامه.. لقد ربيت وتعبت وبنيت لغيري وكان نصيبي في النهاية الاهانة منه ومن زوجته ووالدتها.
كل يوم يمر بي ولا يسأل عني، يزداد ألمي وجراحي. فانا والدته التي تخلت عن الدنيا والزواج والسعادة من اجله وشقيقاته، لكن عشقه وحبه واهتمامه كله اصبح لزوجته ووالدتها، ويطيعهما طاعة عمياء. فبدلا من ان يعدل ويشعرني بانه سندي والظهر الذي احتمي به من الزمن، بات سبب المي وحزني وحسرتي.
ماذا افعل ؟
هل اشكوه إلى الناس كلهم؟
هل اشكوه لرؤسائه في عمله؟
ماذا افعل كي اجعله يفيق من غيبوبته هذه؟
حل المشكلة
من الخطأ يا سيدتي ان تشكيه لرؤسائه في العمل أو حتى للناس لانك بذلك ستخسرينه الى الابد وتضعين في يد زوجة ابنك ووالدتها السلاح الذي سوف تقطعان به كل صلة لك بابنك.
ان الام بالذات لها مكانة مقدسة في قلوب الابناء وحياتهم، لكن للاسف يا سيدتي انه على الرغم من ان ابنك يحتل مركزا مرموقا يقصده الناس للوصول الى العدل، فإنه انسان ضعيف وغير عادل. فمهما بلغ حبه لهذه المرأة التي تزوجها، كان عليه ان يحد من تجاوزها ووالدتها حدود الادب واللياقة معك، باعتبارك الام التي ربت وانجبت وترملت وهي شابة وحرمت نفسها من مباهج الدنيا من اجله وشقيقاته.
لذلك اطلب منك يا سيدتي ان تحترمي امومتك وتاريخك في التضحية، وان تبعدي عن تفكيرك الانتقام من ابنك بتقديم شكوى لمقر عمله أو للناس كلهم، فالام كانت ومازالت هي الساترة على عيوب اولادها، وقد خلقت لكي تعطي وتضحي للابناء.
ابتعدي تماما عن ابنك ولا تحاولي التدخل في حياته
ومن المؤكد انه سوف يفيق ويدرك قيمة وجودك في حياته.
فالام لا يمكن ان تعوض مهما كان سعيدا مع زوجته، ويتوهم انه سعيد من دون وجودك في حياته.
اصبري يا سيدتي والله معك
والنقل
لطفــــاً .. من هنـــــــــا
http://www.qassimy.com/nu/news-action-show-id-695.htm