المِنَنُ الوافدة في طرائقِ تقييدِ الفائدة
هذا مقالٌ ممتعٌ أنقله لكم للأخ
الشيخ / عبدالله بن سليمان العتَيِّق .
الحمد لله، و الصلاة و السلامُ على رسول الله، و على آله و صحبه، و من والاه .
أما بعد :
فإنَّ المرءَ حين تنقلِه بين رياضِ الكتب، يجد من طيب الثمار ما يستوقفه، و يشدُّ منه الانتباه، و يسلُبُ منه الفكرَ، و يُشغلُ الهاجسَ .
و لكن
من أسفٍ أن تلحظَ كثيراً من القُراءِ يُهملون تلك الفوائد النفيسات
فلا هم لها مقيدين، و لا هم لها حافظين
و هذه وصمةُ عارٍ في جبين أولئك القوم
إذ ضاعتِ الأعمار بتحصيلِ ما يُستفادُ منه إبقاءً و إدامةً .
و لهذا أسبابه
سيكون التعريجُ عليها قريباً _ بحول الله و توفيقه _ .
و تقييدُ الفوائد مهم جداً للقاريءِ
و كما قال الأولُ :
العِلْمُ صيدٌ و الكتابةُ قَيْدُه *** قيِّد صُيودَك بالحبال الواثقة
فَمِنَ الحماقةِ أنْ تصيدَ غزالةً *** و تتركها بين الخلائقِ طالقة
و على هذا التقييد كان مسيرُ الأئمة
و قد سموا كتبهم بـ :
" خبايا الزوايا "
أو
" الفوائد " و نحوها .
إلا أنه ينبغي أن يُشارَ إلى أن الفوائد على نوعين :
الأول :
فوائدُ لا بُدَّ من إبقائها و رعايتها، و هي مربطُ الفرس، و رنةُ الجرس .
الثاني :
فوائدُ بخلاف الأولى، فأمرها ليس بذاك، و إن كان لا يُستغى عن تقييد أيةِ فائدة ، فلربما كانت الحاجةُ لها داعية في وقتٍ آتٍ .
فَمِنَ الحماقةِ أنْ تصيدَ غزالةً *** و تتركها بين الخلائقِ طالقة
و على هذا التقييد كان مسيرُ الأئمة
و قد سموا كتبهم بـ :
" خبايا الزوايا "
أو
" الفوائد " و نحوها .
إلا أنه ينبغي أن يُشارَ إلى أن الفوائد على نوعين :
الأول :
فوائدُ لا بُدَّ من إبقائها و رعايتها، و هي مربطُ الفرس، و رنةُ الجرس .
الثاني :
فوائدُ بخلاف الأولى، فأمرها ليس بذاك، و إن كان لا يُستغى عن تقييد أيةِ فائدة ، فلربما كانت الحاجةُ لها داعية في وقتٍ آتٍ .
إذا بان هذا،
فإنَّ أسباب عدم التقييد و الاحتفاظ و الإبقاء للفوائد راجع إلى سببين :
أولهما :
عدم المبالاة و الاهتمام بالفائدة، و هذه مصيبةٌ عظمى، و خطبٌ جلَلٌ .
ثانيهما :
عدم معرفة تقييد تلك الفوائد، و هذا حالُ كثيرين من الناس، و الله المستعان
و لتفادي هذه المشكلة، فإنَّ هناك طرائقَ عدة لتقييد الفوائد، و هي :
الأولى :
التقييدُ على جلدة الكتاب، و لهذا صورٌ :
1.
أن تكون على وجه الجلدة، بأن تكون حول عنوان الكتاب، و قد كان مسلوكاً عند العلماء في تقييد فوائدهم، كما يظهرُ في صورِ المخطوطات .
2.
أن يكون على بطن الجلدة من داخل الكتاب _ سواءً في أولِه أو آخرِهِ _ و هي الدارجة و الأسهل عند القراءة
و لكن ينبغي مراعاة أشياء :
أولاً :
كتابةُ رقم الصفحة .
ثانياً :
كتابةُ طرف الفائدة، أشبه ما يكون بكَتْبِ أطراف ألأحاديث .
ثالثاً :
الإشارةُ إلى الفائدة بعلامةٍ عند موضعها في صُلْبِ الكتاب .
رابعاً :
تصنيف الفائدة على حَسْبِ العلوم، و لو كان تقسيم الصفحات إلى أنواع العلوم فَحَسَنٌ .
الثانية :
التقييدُ في بطاقات، و هي التي بحجم كفِّ يد المرءِ، أو ما يُناسبُ المرءَ أو الفائدة، و لها منهاجٌ حسَنٌ، و هو :
أولاً :
كتابةُ عنوان الفائدة في أعلى الصفحةِ في إحدى الزاويتين
و ذلك لأن الباحثَ أول ما يقع نظره في البحث على أعلى الصفحة و الورقة .
ثانياً :
كتابةُ الفائدة كاملةً، و لا يُشيرُ إلى طرفٍ منها، لأنه سيضطرُّ إلى البحث عن الكتاب لنقلها منه، و إذا نقلها في البطاقة كاملةً اكتفى بذلك .
ثالثاً :
ذكرُ مصدرها : " الكتاب" ( مجلد / صفحة ) ، و يُستحسنُ ذكر الطبعة .
رابعاً :
ذكرُ تاريخ التقييد، و يُفادُ من ذلك في معرفة حال التنقلات و التطورات الفكرية لدى القاريءِ .
خامساً :
تصنيف الفائدة على حسب العلوم .
تنبيه :
آفةُ هذه الطريقة أنه إذا كثُرَتْ البطاقات أين سيكون محلُّها، فإنَّه لابُدَّ من وضِعِ محلٍّ لها و أدراجٍ، أو صناديقَ لحفظها، و عند حدوث ذلك لا بُدَّ من تصنيف الصناديق و الأدراج .
الثالثة :
التقييدُ في " كُرَّاسٍ " ، أو " كُنَّاش " ، و ذلك بأن تُجعلَ الفوائد في " كراريسَ " ، و لها طريقتان :
أُولاهما :
جعْلُ " كُرَّاسٍ " لكلِّ علمٍ، و يُسلَك فيه الترتيب المطروق في ذلك العلم،
أي : على " كتبه " و " أبوابه " و " فصوله " .
ثانيهما :
جعْلُ " كشَّافٍ " أشبَهَ " الفهرِس " الموجود في أواخر الكتب ، و أقرب ما يُشَبَّه به _ أيضاً _ طريقة تقييد الفائدة في بطن جلدة الكتاب ، و على هذا درجَ كثيرون من المشتغلين بالقراءة و البحث ، كالعلامة عبد السلام هارون _ رحمه الله _ .
الرابعة :
حفظُ الفائدة عن طريق التقنية الجديدة ، و ذلك من خلال برامج الحاسب الآلي ، فإنَّ هناك برامج في ( الشبكة ) لتقييد الفوائد العلمية ، و لكن لا أظنها أحفظُ للفائدة من الطرائقِ الأُوَل .
الخامسة :
حفظ الفائدة من خلال التسجيل الصوتي ، و حاصلها : أن القاريءَ يجعلُ معه عند القراءة آلةً لتسجيل الصوت ، فإذا مرَّ بفائدة حفظها بصوته في تلك الآلة ، و يُشار إلى أنه ينبغي ملاحظة ما يلي :
أولاً :
ذكرُ الفائدة كاملةً .
ثانياً :
ذكرُ المصدر : " الكتاب " ( مجلد / صفحة ) ، المؤلِّف ، و يُستحسنُ ذكر الطبعة .
ثالثاً :
نسخُ الفوائد كتابةً بعد الانتهاءِ من الحفظ لها في الآلة .
السادسة :
حفظُ الفوائد كَحِكَمٍ في مجلس أو مكتب ، تُعلَّق أو تُظهر موضوعةً على مكان بارز .
هذا ما سنح في البالِ تقييدُه على عُجالةٍ من الأمر ، و انشغالٍ من الذهن ، و لولا أن استدعى ذلك مني شريفٌ سَنيَّ النَّسَبِ لما كان التقييدُ منبعثاً مني
و لكن لزوم الإشارة كافٍ في تحرير العبارة
نفعني الله بما كتبتُ ، و عامةِ من وقفَ عليها .
و الله أعلمُ ، و هو الموفق ، لا ربَّ سواه ، و لا مُرشِد إلا هو ، و صلى الله و سلم على سدنا و نبينا محمد ، و على آله و أصحابه أجمعين ، و الحمدُ للهِ ختماً كمُبتدءٍ .
كتبها
عبدُ الله بنُ سُلَيْمان العُتَيِّق
سَحر الأربعاء ، 24/8/1426هـ
الرياض
والنقل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112957