السمنة و طالب العلم !!
وبعد
فقد ذكر أحد الكتاب الغربيين أن السمنة أصبحت ظاهرة على رجال الدين و الوعظ في الديانات المختلفة ا.هـ .
ولا أدري مدى انطباق هذا الأمر على طلبة العلم في الإسلام
إلا أن السمنة كما يذكر بعض المختصين في التغذية أصبحت تتزايد بشكل كبير في الوطن العربي ، إلى حد أنها قد تتحول - أي السمنة - ظاهرة عند العرب كالغرب .
بعيدا عن هذا و ذاك
فقد خطر لي أن أجمع بعض نصوص و آثار أهل العلم ، في شأن السمنة و التخمة ، لما قد يكون في الموضوع من فائدة ، و شيء من الطرافة ، و نرجو ممن يحصل نص في هذا الأمر أن يساهم بوضعه .
* نبتدىء هذا الموضوع بقول الشاعر القحطاني - رخمه الله - في نونيته :
لا تحشو بطنك بالطعام تسمنا *** فجسوم أهل العلم غير سمان
جاء في السير للذهبي :
(( قال سعيد بن منصور قدم وكيع مكة وكان سميناً فقال له الفضيل بن عياض:
ما هذا السمن وأنت راهب العراق؟
قال : هذا من فرحي بالإسلام فأفحمه ))
وهذه حجة جيدة للسمناء
( ابتسامة ).
و جاء في السير أيضا :
(( عن الشافعي ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن
قيل ولم قال لأن العاقل لا يعدو من إحدى خلتين
إما يغتم لآخرته أو لدنياه ،
والشحم مع الغم لا ينعقد.)) ا .هـ
وكان ابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو من ذوي الاجسام
وكان ابن عباس اذا جلس اخذ مكان رجلين
ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية
وحسبك بعمر بن الخطاب وعلى ابن ابي طالب رضي الله عنهما
((( بصراحة انا سمين لذا ساحشر الادلة واجمعها لتدعيم موقفي )))
المنافقون قديما وحديثًا - العلمانيون - يسخرون من سمنة الصلحاء، وديدنهم: ما رأينا أرغب بطونا وأجبن عند اللقاء مثل قرائنا هؤلاء .. وينعتونهم الآن بالشراهة، وقد عميت أعينهم عن شراهة أوليائهم من الكفار.
والسمنة مذمومة في تصوري، ولا يخفى ما في كثرة الطعام من عواقب سلبية على الفهم عند طالب العلم. ولا أخفيكم أني أصارع السمنة من سنين
و جاء في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني :
((مطلب : ينبغي للآكل أن يجعل ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للهواء .
( والثلث ) أي اقصد جعلك بطنك أثلاثا , وهي الحالة الثالثة ( أكد ) امتثالا لما قال الرسول الشفيق الناصح لجميع الخلق المرشد للمنافع الدينية والدنيوية , والمنقذ من الهلاك , والمفاسد صلى الله عليه وسلم فهو الحكيم الناصح , والعليم الذي أتى بالعلم النافع , والحق الواضح .
ولهذا قال الحافظ ابن رجب عن هذا الحديث : إنه أصل عظيم جامع لأصول الطب كلها .
وقد روي أن ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة قال :
لو استعمل الناس هذه الكلمات يعني من قوله صلى الله عليه وسلم
{ : حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه } إلى آخره لسلموا من الأمراض , والأسقام ولتعطلت المارستانات ودكاكين الصيادلة .
قال الحافظ ابن رجب : وإنما قال هذا ; لأن أصل كل داء : التخم .
قال بعضهم : أصل كل داء البردة وروي مرفوعا ولا يصح رفعه .
, وقال القرطبي في شرح الأسماء : لو سمع بقراط بهذه القسمة لعجب من هذه الحكمة .
وفي الإحياء ذكر هذا الحديث يعني تقسيم البطن أثلاثا لبعض الفلاسفة فقال : ما سمعت كلاما في قلة الأكل أحكم من هذا , ولا شك أن أثر الحكمة فيه واضح , وإنما خص الثلاثة بالذكر ; لأنها أسباب حياة الحيوان ولأنه لا يدخل البطن سواها وهل المراد بالثلث التساوي على ظاهر الخبر أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة .
قال في الفتح محل احتمال , والأول أولى ,
وقال ( الحارث بن كلدة ) طبيب العرب : " الحمية رأس الدواء , والبطنة رأس الداء ) ورفعه بعضهم ولا يصح أيضا
قال الحافظ ,
وقال الحارث أيضا : الذي قتل البرية , وأهلك السباع في البرية , إدخال الطعام على الطعام , قبل الانهضام . . ))