من معاني النصيحة وشروطها
عن أبي رقية تميم بن أوس الداري –رضي الله تعالى عنه-أن النبي r قال:
))الديــــــــن النصيحة –ثلاثا-)).
قلنا:
لمن يا رسول الله ؟
قال:
)) لله-عز وجل- ولكتابه ولرسوله r-ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
هذا الحديث الشريف من الأحاديث التي لها شأن عظيم ،حتى قيل :إنه أحد أرباع الدين
،
قال الإمام النووي:
بل هو وحده محصل لغرض الدين كله ؛لأنه منحصر في الأمــور التي ذكرها .
فقد جعل النبي r النصيحة عماد الدين وقوامه ، فجمع فيها الدين كله ، إشارة لعلّو شأنـها ، وعظيم منفعتها .
ومعنى النصيحة:
هي تحري فعل أوقول فيه صلاح صاحبه .
فهي تتضّمن :
الإصلاح والصدق والإخلاص والمحبة .
فالنصيحة كلمة جامعة يعبّر بها عن جملة إرادة الخير، وليس يمكن أن يعبرعن هذا المعنى بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غيرها .
وحتى تؤتي النصيحة ثمارها المرجوة فلا بد للناصح من أمور يجب أن يتحلى بها:
الأمر الأول:
الإخلاص لله سبحانه وتعالى :
فهو شرط لصحة العمل، والوصول بالعمل إلى غايته المرجوة منه ،
فبقدر ما يخلص العبد لله في النصيحة، بقدر ما تثمر النصيــــحة من خيرٍ له وللمنصوح .
الأمر الثاني:
العلم بما ينصح به ، وأنه مما أمر الله به وأمر به رسوله r،
فلا بد مـــــن أن ينصح بما هو مشروع مسنون .
الأمر الثالث:
الستر وعدم التشهير :
قال الفضيل بن عياض :
المؤمن يستر وينصح،والفاجر يهتك ويعّير .
لأنّ غرض الناصح إزالة المفسدة ، لا إظهارها .
الأمر الرابع :
الرفق:
وهو من الأمور التي يستجلب بها الناصح إستجابة المنصوح دون أن يعقب النصيحة غل وحقد وضغينة .
الأمر الخامس:
الحكمة :
وهي مطلوبة في النصيحة .
فينبغي على الناصح أن يختار أفضل الأساليب ، وأفضل الأوقات ، وأفضــل الكـــلام حتى تؤتي النصيحة ثمارها.
فلا بدّ من هذه الأمور حتى يستفيد الناصح فيصلح صاحبه ،
وإلاّ فإنّ سوء التطبيق مــــــــن الممكن أن يعطي نتيجة مضادة ، فيزداد الشر والفساد .
ثم بيّن النبيr مجالات النصيحة ، وأنها تكون لله ، ولكتابه ولرسوله ولأئمــــــة المسلمين ، وعامتهم .
فالنصيحة لله :
أن تخلص له ، فتؤمن به وحده ،وتصفه بكل كمال، وتنزهه عن كل عيب، وتطيع أوامره، وتتجنب نواهيه بجميع جوارحك ، ما كان مطيقاً له .
وتعترف بنعم الله ، وتشكره عليها ، ولا تتوجّه إلاّ إليه ، ولا تتضرّع إلى غيره .
والنصيحة لكتابه :
أن تصدق وتؤمن بأنه كلام الله تعالى المنزل على محمدr وتعظم قدره وتحبه وتفهمه ، وتتدبره ، وتتلوه حق تلاوته ، ثم ينشر ما فهمه وعلمه ، فيدعو الناس إلى دراسته بالمحبة له ، والتخلّق بأخلاقه ، والتأدّب بآدابه .
والنصيحة للرسول r :
أن تؤمن برسالته ، وتعمل بسنته، وتجتهد في طاعته ونصرته ، وتنشر سننه ، وتتأدّب بأدبه ، وتعظّم أمره .
والنصيحة لأ ئمة المسلمين:
أن تحب طاعتهم ، ورشدهم ، وتحب اجتماع الأمة عليـــهم وتكره افتراقها عليهم .
فالتدين بطاعتهم في طاعة الله ،
والبغض لمن رأى الخروج عليهم ،
وحب إعزازهم في طاعة الله ونصر الحق ، ودفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن من معاني النصيحة لأئمـــــة المسلمين .
والنصيحة لعلماء المسلمين
ببثّ علومهم ، ونشر مناقبهم ، وتحسين الظن بهم .
والنصيحة للعامة:
الشفقة عليهم ، وتقديم المساعدة لهم بتعليم جاهلهم ، ومداواة مريـــضهم والسعي في قضاء حاجاتهم ، وكفّ الأذى عنهم .
وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ويفرح لفرحهم ، ويحزن لحزنهم .
وأن يحب صلاحهم وإلفتهم ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم .
فالنصيحة :
تتسع لكثير من أمّات الفضائل ، فلو اتبعها الناس ، وعملــوا بهــا
لانتظمــــــت شوؤنهم
و
ساد الأمان بين الناس
و
زال كثير من الشرور التي تئن منها الأفراد والجماعات
و
استقامت عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم .
فهي ركن من أركان الدين والقيام بها فرض على المسلمين.
والنقل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2783