إبطال أسطورة أخذ أبي حنيفة من جعفر الصادق
يزعم بعض الروافض المعاصرين كذباً أن أبا حنيفة قد أخذ العلم من جعفر الصادق
وأن مالكاً قد أخذ من أبي حنيفة
وأن الشافعي قد أخذ علمه من مالك
وأنا أحمد قد أخذ عمله من الشافعي.
وعمدتهم في ذلك كتاب "التحفة الإثني عشرية" فقد جاء في مختصره للآلوسي (ص8):
«وهذا أبو حنيفة رضي الله عنه -وهو هو بين أهل السنة- كان يفتخر ويقول بأفصح لسان: "لو السنتان لهلك النعمان". يريد السنتين اللتين صحب فيهما لأخذ العلم الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه».
وهذا الكلام الذي ذكره ليس له أصل ولا أساس ولا يعرف لا في كتب السنة ولا في كتب الشيعة.
ولذلك لم تشتهر هذه المقولة إلا عند الرافضة المعاصرين، ولم يذكرها سلفهم الفاسد .
وهذه الفرية التي يذكرونها من أن أصل علم الأئمة الأربعة مأخوذ عن جعفر الصادق
قد فندها ووضحها الإمام الهمّام أحمد بن تيمية رضي الله عنه في منهاج السنة النبوية (3|140)، قال:
«هذا مما يبين أن هذه الحكاية كذب. فإن أبا حنيفة إنما اجتمع بجعفر بن محمد.
وأما موسى بن جعفر فلم يكن ممن سأله أبو حنيفة ولا اجتمع به.
وجعفر بن محمد هو من أقران أبي حنيفة. ولم يكن أبو حنيفة ممن يأخذ عنه، مع شهرته بالعلم.
فكيف يتعلم من موسى بن جعفر؟!».
وفي المنهاج (7|529):
«قال الرافضي: "و في الفقه الفقهاء يرجعون إليه".
و الجواب:
أن هذا كذب بيِّن.
فليس في الأئمة الأربعة و لا غيرهم من أئمة الفقهاء من يرجع إليه في فقهه.
أما مالك فان علمه عن أهل المدينة.
و أهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول علي، بل اخذوا فقههم عن الفقهاء السبعة، عن زيد و عمر و ابن عمر و نحوهم.
أما الشافعي فإنه تفقه أولاً على المكيين أصحاب ابن جريج كسعيد بن سالم القداح و مسلم بن خالد الزنجي.
و ابن جريج أخذ ذلك عن أصحاب ابن عباس كعطاء و غيره.
و ابن عباس كان مجتهداً مستقلاً، و كان إذا أفتى بقول الصحابة أفتى بقول أبي بكر و عمر، لا بقول علي، و كان ينكر على علي أشياء.
ثم أن الشافعي أخذ عن مالك، ثم كَتَب كُتُب أهل العراق و أخذ مذاهب أهل الحديث، و اختار لنفسه.
و أما أبو حنيفة، فشيخه الذي اختص به حماد بن أبي سليمان، و حماد عن إبراهيم، و إبراهيم عن علقمة، و علقمة عن ابن مسعود.
و قد اخذ أبو حنيفة عن عطاء و غيره.
و أما الإمام أحمد، فكان على مذهب أهل الحديث.
أخذ عن ابن عيينة، و ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس و ابن عمر. و أخذ عن هشام بن بشير، و هشام عن أصحاب الحسن و إبراهيم النخعي. و أخذ عن عبد الرحمن بن مهدي و وكيع بن الجراح و أمثالهما. و جالس الشافعي، و أخذ عن أبي يوسف، و اختار لنفسه قولاً. و كذلك إسحاق بن راهويه وأبو عبيد ونحوهم. و الأوزاعي و الليث أكثر فقههما عن أهل المدينة و أمثالهم، لا عن الكوفيين.