في الموسوعة الفقهية:
إجهاض
إجهاض
التّعريف
1 - يطلق الإجهاض في اللّغة على صورتين : إلقاء الحمل ناقص الخلق ، أو ناقص المدّة ، سواء من المرأة أو غيرها ، والإطلاق اللّغويّ يصدق سواء كان الإلقاء بفعل فاعل أم تلقائيّاً.
2 - ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة إجهاض عن هذا المعنى.
وكثيراً ما يعبّرون عن الإجهاض بمرادفاته كالإسقاط والإلقاء والطّرح والإملاص.
صفة الإجهاض-حكمه التّكليفيّ
3 - من الفقهاء من فرّق بين حكم الإجهاض بعد نفخ الرّوح ، وبين حكمه قبل ذلك وبعد التّكوّن في الرّحم والاستقرار ، ولمّا كان حكم الإجهاض بعد نفخ الرّوح موضع اتّفاق كان الأنسب البدء به ثمّ التّعقيب بحكمه قبل نفخ الرّوح ، مع بيان آراء الفقهاء واتّجاهاتهم فيه :
أ - حكم الإجهاض بعد نفخ الرّوح :
4 - نفخ الرّوح يكون بعد مائة وعشرين يوماً ، كما ثبت في الحديث الصّحيح الّذي رواه ابن مسعود مرفوعاً : " إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوماً نطفةً ، ثمّ يكون علقةً مثل ذلك ، ثمّ يكون مضغةً مثل ذلك ، ثمّ يرسل الملك فينفخ فيه الرّوح " .
ولا يعلم خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الرّوح.
فقد نصّوا على أنّه إذا نفخت في الجنين الرّوح حرّم الإجهاض إجماعاً.
وقالوا إنّه قتل له ، بلا خلاف.
والّذي يؤخذ من إطلاق الفقهاء تحريم الإجهاض بعد نفخ الرّوح أنّه يشمل ما لو كان في بقائه خطر على حياة الأمّ وما لو لم يكن كذلك.
وصرّح ابن عابدين بذلك فقال : لو كان الجنين حيّاً ، ويخشى على حياة الأمّ من بقائه ، فإنّه لا يجوز تقطيعه ؛ لأنّ موت الأمّ به موهوم ، فلا يجوز قتل آدميّ لأمر موهوم.
ب - حكم الإجهاض قبل نفخ الرّوح :
5 - في حكم الإجهاض قبل نفخ الرّوح اتّجاهات مختلفة وأقوال متعدّدة ، حتّى في المذهب الواحد ، فمنهم من قال بالإباحة مطلقاً ، وهو ما ذكره بعض الحنفيّة ، فقد ذكروا أنّه يباح الإسقاط بعد الحمل ، ما لم يتخلّق شيء منه.
والمراد بالتّخلّق في عبارتهم تلك نفخ الرّوح.
وهو ما انفرد به من المالكيّة اللّخميّ فيما قبل الأربعين يوماً ، وقال به أبو إسحاق المروزيّ من الشّافعيّة قبل الأربعين أيضاً ، وقال الرّمليّ : لو كانت النّطفة من زناً فقد يتخيّل الجواز قبل نفخ الرّوح.
والإباحة قول عند الحنابلة في أوّل مراحل الحمل ، إذ أجازوا للمرأة شرب الدّواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة ، وعن ابن عقيل أنّ ما لم تحلّه الرّوح لا يبعث ، فيؤخذ منه أنّه لا يحرم إسقاطه ، وقال صاحب الفروع : ولكلام ابن عقيل وجه.
6 - ومنهم من قال بالإباحة لعذر فقط ، وهو حقيقة مذهب الحنفيّة.
فقد نقل ابن عابدين عن كراهة الخانيّة عدم الحلّ لغير عذر ، إذ المحرم لو كسر بيض الصّيد ضمن لأنّه أصل الصّيد.
فلمّا كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقلّ من أن يلحقها - من أجهضت نفسها - إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر ، ونقل عن ابن وهبان أنّ من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصّبيّ ما يستأجر به الظّئر ' المرضع ' ويخاف هلاكه ، وقال ابن وهبان : إنّ إباحة الإسقاط محمولة على حالة الضّرورة.
ومن قال من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة بالإباحة دون تقييد بالعذر فإنّه يبيحه هنا بالأولى ، وقد نقل الخطيب الشّربينيّ عن الزّركشيّ : أنّ المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتّب عليه الإجهاض فينبغي أنّها لا تضمن بسببه.
7 - ومنهم من قال بالكراهة مطلقاً.
وهو ما قال به عليّ بن موسى من فقهاء الحنفيّة.
فقد نقل ابن عابدين عنه : أنّه يكره الإلقاء قبل مضيّ زمن تنفخ فيه الرّوح ؛ لأنّ الماء بعدما وقع في الرّحم مآله الحياة ، فيكون له حكم الحياة ، كما في بيضة صيد الحرم.
وهو رأي عند المالكيّة فيما قبل الأربعين يوماً ، وقول محتمل عند الشّافعيّة.
يقول الرّمليّ : لا يقال في الإجهاض قبل نفخ الرّوح إنّه خلاف الأولى ، بل محتمل للتّنزيه والتّحريم ، ويقوى التّحريم فيما قرب من زمن النّفخ لأنّه جريمة.
8 - ومنهم من قال بالتّحريم ، وهو المعتمد عند المالكيّة.
يقول الدّردير : لا يجوز إخراج المنيّ المتكوّن في الرّحم ولو قبل الأربعين يوماً ، وعلّق الدّسوقيّ على ذلك بقوله : هذا هو المعتمد.
وقيل يكره.
ممّا يفيد أنّ المقصود بعدم الجواز في عبارة الدّردير التّحريم.
كما نقل ابن رشد أنّ مالكاً قال : كلّ ما طرحته المرأة جناية ، من مضغة أو علقة ، ممّا يعلم أنّه ولد ، ففيه الغرّة وقال : واستحسن مالك الكفّارة مع الغرّة.
والقول بالتّحريم هو الأوجه عند الشّافعيّة ؛ لأنّ النّطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التّخلّق مهيّأة لنفخ الرّوح.
وهو مذهب الحنابلة مطلقاً كما ذكره ابن الجوزيّ ، وهو ظاهر كلام ابن عقيل ، وما يشعر به كلام ابن قدامة وغيره بعد مرحلة النّطفة ، إذ رتّبوا الكفّارة والغرّة على من ضرب بطن امرأة فألقت جنيناً ، وعلى الحامل إذا شربت دواءً فألقت جنيناً.
بواعث الإجهاض ووسائله
9 - بواعث الإجهاض كثيرة ، منها قصد التّخلّص من الحمل سواء أكان الحمل نتيجة نكاح أم سفاح ، أو قصد سلامة الأمّ لدفع خطر عنها من بقاء الحمل أو خوفاً على رضيعها ، على ما سبق بيانه.
كما أنّ وسائل الإجهاض كثيرة قديماً وحديثاً ، وهي إمّا إيجابيّة وإمّا سلبيّة.
فمن الإيجابيّة : التّخويف أو الإفزاع كأن يطلب السّلطان من ذكرت عنده بسوء فتجهض فزعاً ، ومنها شمّ رائحة ، أو تجويع ، أو غضب ، أو حزن شديد ، نتيجة خبر مؤلم أو إساءة بالغة ، ولا أثر لاختلاف كلّ هذا.
ومن السّلبيّة امتناع المرأة عن الطّعام ، أو عن دواء موصوف لها لبقاء الحمل.
ومنه ما ذكره الدّسوقيّ من أنّ المرأة إذا شمّت رائحة طعام من الجيران مثلاً ، وغلب على ظنّها أنّها إن لم تأكل منه أجهضت فعليها الطّلب.
فإن لم تطلب ، ولم يعلموا بحملها ، حتّى ألقته ، فعليها الغرّة لتقصيرها ولتسبّبها.
عقوبة الإجهاض
10 - اتّفق الفقهاء على أنّ الواجب في الجناية على جنين الحرّة هو غرّة.
لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره : " أنّ امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى ، فطرحت جنينها ، فقضى فيه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بغرّة عبد أو وليدة " .
11 - واتّفق فقهاء المذاهب على أنّ مقدار الغرّة في ذلك هو نصف عشر الدّية الكاملة ، وأنّ الموجب للغرّة كلّ جناية ترتّب عليها انفصال الجنين عن أمّه ميّتاً ، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول أم ترك ، ولو من الحامل نفسها أو زوجها ، عمداً كان أو خطأً.
12 - ويختلف الفقهاء في وجوب الكفّارة - وهي العقوبة المقدّرة حقّاً للّه تعالى - مع الغرّة.
' والكفّارة هنا هي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ' فالحنفيّة والمالكيّة يرون أنّها مندوبة وليست واجبةً ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقض إلاّ بالغرّة.
كما أنّ الكفّارة فيها معنى العقوبة ؛ لأنّها شرعت زاجرةً ، وفيها معنى العبادة ؛ لأنّها تتأدّى بالصّوم.
وقد عرف وجوبها في النّفوس المطلقة فلا يتعدّاها لأنّ العقوبة لا يجري فيها القياس ، والجنين يعتبر نفساً من وجه دون وجه لا مطلقاً.
ولهذا لم يجب فيه كلّ البدل ، فكذا لا تجب فيه الكفّارة لأنّ الأعضاء لا كفّارة فيها.
وإذا تقرّب بها إلى اللّه كان أفضل.
وعلى هذا فإنّها غير واجبة.
ويرى الشّافعيّة والحنابلة وجوب الكفّارة مع الغرّة.
لأنّها إنّما تجب حقّاً للّه تعالى لا لحقّ الآدميّ ؛ ولأنّه نفس مضمونة بالدّية ، فوجبت فيه الكفّارة.
وترك ذكر الكفّارة لا يمنع وجوبها.
فقد ذكر الرّسول صلى الله عليه وسلم في موضع آخر الدّية ، ولم يذكر الكفّارة.
وهذا الخلاف إنّما هو في الجنين المحكوم بإيمانه لإيمان أبويه أو أحدهما ، أو المحكوم له بالذّمّة.
كما نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّه إذا اشترك أكثر من واحد في جناية الإجهاض لزم كلّ شريك كفّارة ، وهذا لأنّ الغاية من الكفّارة الزّجر.
أمّا الغرّة فواحدة لأنّها للبدليّة.
الإجهاض المعاقب عليه
13 - يتّفق الفقهاء على وجوب الغرّة بموت الجنين بسبب الاعتداء ، كما يتّفقون على اشتراط انفصاله ميّتاً ، أو انفصال البعض الدّالّ على موته.
إذ لا يثبت حكم المولود إلاّ بخروجه ؛ ولأنّ الحركة يجوز أن تكون لريح في البطن سكنت ، وبالإلقاء ظهر تلفه بسبب الضّرب أو الفزع ونحوهما ، غير أنّ الشّافعيّة قالوا : لو علم موت الجنين وإن لم ينفصل منه شيء فكالمنفصل.
والحنفيّة يعتبرون انفصال الأكثر كانفصال الكلّ ، فإن نزل من قبل الرّأس فالأكثر خروج صدره ، وإن كان من قبل الرّجلين فالأكثر انفصال سرّته.
والحنفيّة والمالكيّة على أنّه لا بدّ أن يكون ذلك قبل موت أمّه يقول ابن عابدين : وإن خرج جنين ميّت بعد موت الأمّ فلا شيء فيه ؛ لأنّ موت الأمّ سبب لموته ظاهراً ، إذ حياته بحياتها ، فيتحقّق موته بموتها ، فلا يكون في معنى ما ورد به النّصّ ، إذ الاحتمال فيه أقلّ ، فلا يضمن بالشّكّ ؛ ولأنّه يجري مجرى أعضائها ، وبموتها سقط حكم أعضائها.
وقال الحطّاب والموّاق : الغرّة واجبة في الجنين بموته قبل موت أمّه.
وقال ابن رشد : ويشترط أن يخرج الجنين ميّتاً ولا تموت أمّه من الضّرب.
أمّا الشّافعيّة والحنابلة فيوجبون الغرّة سواء أكان انفصال الجنين ميّتاً حدث في حياة الأمّ أو بعد موتها لأنّه كما يقول ابن قدامة : جنين تلف بجناية ، وعلم ذلك بخروجه ، فوجب ضمانه كما لو سقط في حياتها.
ولأنّه لو سقط حيّاً ضمنه ، فكذلك إذا سقط ميّتاً كما لو أسقطته في حياتها.
ويقول القاضي زكريّا الأنصاريّ : ضرب الأمّ ، فماتت ، ثمّ ألقت ميّتاً ، وجبت الغرّة ، كما لو انفصل في حياتها.
يتّفق الفقهاء في أصل ترتّب العقوبة إذا استبان بعض خلق الجنين ، كظفر وشعر ، فإنّه يكون في حكم تامّ الخلق اتّفاقاً ولا يكون ذلك كما يقول ابن عابدين إلاّ بعد مائة وعشرين يوماً ، وتوسّع المالكيّة فأوجبوا الغرّة حتّى لو لم يستبن شيء من خلقه ، ولو ألقته علقةً أي دماً مجتمعاً ، ونقل ابن رشد عن الإمام مالك قوله : كلّ ما طرحت من مضغة أو علقة ممّا يعلم أنّه ولد ففيه غرّة والأجود أن يعتبر نفخ الرّوح فيه.
والشّافعيّة يوجبون الغرّة أيضاً لو ألقته لحماً في صورة آدميّ ، وعند الحنابلة إذا ألقت مضغةً ، فشهد ثقات من القوابل أنّه مبتدأ خلق آدميّ ، وجهان : أصحّهما لا شيء فيه ، وهو مذهب الشّافعيّ فيما ليس فيه صورة آدميّ.
أمّا عند الحنفيّة ففيه حكومة عدل ، إذ ينقل ابن عابدين عن الشّمنّيّ : أنّ المضغة غير المتبيّنة الّتي يشهد الثّقات من القوابل أنّها بدء خلق آدميّ فيها حكومة عدل.
تعدّد الأجنّة في الإجهاض
14 - لا خلاف بين فقهاء المذاهب في أنّ الواجب الماليّ من غرّة أو دية يتعدّد بتعدّد الأجنّة.
فإن ألقت المرأة بسبب الجناية جنينين أو أكثر تعدّد الواجب بتعدّدهم ؛ لأنّه ضمان آدميّ ، فتعدّد بتعدّده ، كالدّيات.
والقائلون بوجوب الكفّارة مع الغرّة - وهم الشّافعيّة والحنابلة كما تقدّم - يرون أنّها تتعدّد بتعدّد الجنين أيضاً.
من تلزمه الغرّة
15 - الغرّة تلزم العاقلة في سنة بالنّسبة للجنين الحرّ عند فقهاء الحنفيّة ، للخبر الّذي روي عن محمّد بن الحسن " أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قضى بالغرّة على العاقلة في سنة " ، ولا يرث الجاني وهذا هو الأصحّ عند الشّافعيّة ، فقد قالوا : الغرّة على عاقلة الجاني ولو الحامل نفسها ؛ لأنّ الجناية على الجنين لا عمد فيها حتّى يقصد بالجناية ، بل يجري فيها الخطأ وشبه العمد.
سواء أكانت الجناية على أمّه خطأً أم عمداً أم شبه عمد.
وللحنفيّة تفصيل : فلو ضرب الرّجل بطن امرأته ، فألقت جنيناً ميّتاً ، فعلى عاقلة الأب الغرّة ، ولا يرث فيها ، والمرأة إن أجهضت نفسها متعمّدةً دون إذن الزّوج ، فإنّ عاقلتها تضمن الغرّة ولا ترث فيها ، وأمّا إن أذن الزّوج ، أو لم تتعمّد ، فقيل.
لا غرّة ؛ لعدم التّعدّي ، لأنّه هو الوارث والغرّة حقّه ، وقد أذن بإتلاف حقّه.
والصّحيح أنّ الغرّة واجبة على عاقلتها أيضاً ؛ لأنّه بالنّظر إلى أنّ الغرّة حقّه لم يجب بضربه شيء ، ولكن لأنّ الآدميّ لا يملك أحد إهدار آدميّته وجبت على العاقلة ، فإن لم يكن لها عاقلة فقيل في مالها ، وفي ظاهر الرّواية : في بيت المال ، وقالوا : إنّ الزّوجة لو أمرت غيرها أن تجهضها ، ففعلت ، لا تضمن المأمورة ، إذا كان ذلك بإذن الزّوج.
ويرى المالكيّة وجوب الغرّة في مال الجاني في العمد مطلقاً ، وكذا في الخطأ ، إلاّ أن يبلغ ثلث ديته فأكثر فعلى عاقلته ، كما لو ضرب مجوسيّ حرّةً حبلى ، فألقت جنيناً ، فإنّ الغرّة الواجبة هنا أكثر من ثلث دية الجاني.
ويوافقهم الشّافعيّة في قول غير صحيح عندهم فيما إذا كانت الجناية عمداً ، إذ قالوا : وقيل : إن تعمّد الجناية فعليه الغرّة لا على عاقلته ، بناءً على تصوّر العمد فيه والأصحّ عدم تصوّره لتوقّفه على علم وجوده وحياته.
أمّا الحنابلة فقد جعلوا الغرّة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمّه وكانت الجناية عليها خطأً أو شبه عمد.
أمّا إذا كان القتل عمداً ، أو مات الجنين وحده ، فتكون في مال الجاني ، وما تحمله العاقلة يجب مؤجّلاً في ثلاث سنين ، وقيل : من لزمته الكفّارة ففي ماله مطلقاً على الصّحيح من المذهب ، وقيل ما حمله بيت المال من خطأ الإمام والحاكم ففي بيت المال.
والتّفصيل في مصطلحات ' عاقلة.
غرّة.
جنين.
دية.
كفّارة '.
الآثار التّبعيّة للإجهاض
16 - بالإجهاض ينفصل الجنين عن أمّه ميّتاً ، ويسمّى سقطاً.
والسّقط هو الولد تضعه المرأة ميّتاً أو لغير تمام أشهره ولم يستهلّ.
وقد تكلّم الفقهاء عن حكم تسميته وتغسيله وتكفينه والصّلاة عليه ودفنه.
وموضع بيان ذلك وتفصيله مصطلح سقط.
أثر الإجهاض في الطّهارة والعدّة والطّلاق :
17 - لا خلاف في أنّ الإجهاض بعد تمام الخلق تترتّب عليه الأحكام الّتي تترتّب على الولادة.
من حيث الطّهارة ، وانقضاء العدّة ، ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة ، لتيقّن براءة الرّحم بذلك ، ولا خلاف في أنّ الإجهاض لا أثر له فيما يتوقّف فيه استحقاق الجنين على تحقّق الحياة وانفصاله عن أمّه حيّاً كالإرث والوصيّة والوقف.
أمّا الإجهاض في مراحل الحمل الأولى قبل نفخ الرّوح ففيه الاتّجاهات الفقهيّة الآتية : فبالنّسبة لاعتبار أمّه نفساء ، وما يتطلّبه ذلك من تطهّر ، يرى المالكيّة في المعتمد عندهم ، والشّافعيّة ، اعتبارها نفساء ، ولو بإلقاء مضغة هي أصل آدميّ ، أو بإلقاء علقة.
ويرى الحنفيّة والحنابلة أنّه إذا لم يظهر شيء من خلقه فإنّ المرأة لا تصير به نفساء.
ويرى أبو يوسف ومحمّد في رواية عنه أنّه لا غسل عليها ، لكن يجب عليها الوضوء ، وهو الصّحيح.
وبالنّسبة لانقضاء العدّة ووقوع الطّلاق المعلّق على الولادة فإنّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة يرون أنّ العلقة والمضغة الّتي ليس فيها أيّ صورة آدميّ لا تنقضي بها العدّة ، ولا يقع الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لم يثبت أنّه ولد بالمشاهدة ولا بالبيّنة.
أمّا المضغة المخلّقة والّتي بها صورة آدميّ ولو خفيّةً ، وشهدت الثّقات القوابل بأنّها لو بقيت لتصوّرت ، فإنّها تنقضي بها العدّة ويقع الطّلاق ؛ لأنّه علم به براءة الرّحم عند الحنفيّة والحنابلة.
لكن الشّافعيّة لا يوقعون الطّلاق المعلّق على الولادة ؛ لأنّه لا يسمّى ولادةً ، أمّا المالكيّة فإنّهم ينصّون على أنّ العدّة تنقضي بانفصال الحمل كلّه ولو علقةً.
إجهاض جنين البهيمة
18 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو الصّحيح عند الحنابلة ، إلى أنّه يجب في جنين البهيمة إذا ألقته بجناية ميّتاً ما نقصت الأمّ ، أي حكومة عدل ، وهو أرش ما نقص من قيمتها.
وإذا نزل حيّاً ثمّ مات من أثر الجناية فقيمته مع الحكومة ، وفي المسائل الملقوطة الّتي انفرد بها مالك أنّ عليه عشر قيمة أمّه ، وهو ما قال به أبو بكر من الحنابلة.
ولم نقف للشّافعيّة على كلام في هذا أكثر من قولهم : لو صالت البهيمة وهي حامل على إنسان ، فدفعها ، فسقط جنينها ، فلا ضمان.
وهذا يفيد أنّ الدّفع لو كان عدواناً لزمه الضّمان.