خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 25.07.09 13:44



    مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِe :
    « مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »
    صحيح: رواه مسلم ح (4).

    قلت:
    وللإمام النووي-رحمه الله- تحت حديث :((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ)) كلام ماتع هذا نصه:

    وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث يَشْتَمِل عَلَى فَوَائِد وَجُمَلٍ مِنْ الْقَوَاعِدِ :

    إِحْدَاهَا :
    تَقْرِير هَذِهِ الْقَاعِدَة لِأَهْلِ السُّنَّة أَنَّ الْكَذِبَ يَتَنَاوَل إِخْبَار الْعَامِد وَالسَّاهِي عَنْ الشَّيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ .

    الثَّانِيَة :
    تَعْظِيم تَحْرِيم الْكَذِب عَلَيْهِ e وَأَنَّهُ فَاحِشَة عَظِيمَة وَمُوبِقَة كَبِيرَة وَلَكِنْ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا الْكَذِب إِلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ .

    هَذَا هُوَ الْمَشْهُور مِنْ مَذَاهِب الْعُلَمَاء مِنْ الطَّوَائِف .

    وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيّ وَالِد إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي مِنْ أَئِمَّة أَصْحَابنَا :
    يَكَفُرُ بِتَعَمُّدِ الْكَذِب عَلَيْهِ e ، حَكَى إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِده هَذَا الْمَذْهَب وَأَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي دَرْسه كَثِيرًا : مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُول اللَّه e عَمْدًا كَفَرَ وَأُرِيقَ دَمه

    وَضَعَّفَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْقَوْلَ ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَاب وَإِنَّهُ هَفْوَةٌ عَظِيمَةٌ .

    وَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْجُمْهُور

    وَاَللَّه أَعْلَمُ .

    الثَّالِثَة :
    أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَحْرِيم الْكَذِب عَلَيْهِ e بَيْن مَا كَانَ فِي الْأَحْكَام وَمَا لَا حُكْمَ فِيهِ كَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب وَالْمَوَاعِظ وَغَيْر ذَلِكَ

    فَكُلّه حَرَام مِنْ أَكْبَر الْكَبَائِر وَأَقْبَح الْقَبَائِح بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَدّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاع ،

    خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّة الطَّائِفَة الْمُبْتَدِعَة فِي زَعْمِهِمْ الْبَاطِل أَنَّهُ يَجُوز وَضْع الْحَدِيث فِي التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب

    وَتَابَعَهُمْ عَلَى هَذَا كَثِيرُونَ مِنْ الْجَهَلَة الَّذِينَ يَنْسُبُونَ أَنْفُسهمْ إِلَى الزُّهْد أَوْ يَنْسُبهُمْ جَهَلَة مِثْلهمْ

    وَشُبْهَة زَعْمهمْ الْبَاطِل أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة : مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار .

    وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا كَذِبٌ عَلَيْهِ

    وَهَذَا الَّذِي اِنْتَحَلُوهُ وَفَعَلُوهُ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ غَايَة الْجَهَالَة وَنِهَايَة الْغَفْلَة

    وَأَدَلّ الدَّلَائِل عَلَى بُعْدهمْ مِنْ مَعْرِفَة شَيْء مِنْ قَوَاعِد الشَّرْع ، وَقَدْ جَمَعُوا فِيهِ جُمَلًا مِنْ الْأَغَالِيط اللَّائِقَة بِعُقُولِهِمْ السَّخِيفَة وَأَذْهَانهمْ الْبَعِيدَة الْفَاسِدَة

    فَخَالَفُوا قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :
    { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم إِنَّ السَّمْع وَالْبَصَر وَالْفُؤَاد كُلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }

    وَخَالَفُوا صَرِيح هَذِهِ الْأَحَادِيث الْمُتَوَاتِرَة وَالْأَحَادِيث الصَّرِيحَة الْمَشْهُورَة فِي إِعْظَام شَهَادَة الزُّور

    وَخَالَفُوا إِجْمَاع أَهْل الْحَلّ وَالْعَقْد .

    وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِل الْقَطْعِيَّات فِي تَحْرِيم الْكَذِب عَلَى آحَاد النَّاس فَكَيْف بِمَنْ قَوْله شَرْع وَكَلَامه وَحْي

    وَإِذَا نَظَرَ فِي قَوْلهمْ وَجَدَ كَذِبًا عَلَى اللَّه تَعَالَى ،

    قَالَ اللَّه تَعَالَى :
    { وَمَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي يُوحَى }

    وَمِنْ أَعْجَب الْأَشْيَاء قَوْلهمْ : هَذَا كَذِب لَهُ ، وَهَذَا جَهْل مِنْهُمْ بِلِسَانِ الْعَرَب وَخِطَاب الشَّرْع فَإِنَّ كُلّ ذَلِكَ عِنْدهمْ كَذِب عَلَيْهِ .

    وَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي تَعَلَّقُوا بِهِ ؛

    فَأَجَابَ الْعُلَمَاء عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَخْصَرُهَا أَنَّ قَوْله لِيُضِلَّ النَّاس ، زِيَادَة بَاطِلَة اِتَّفَقَ الْحُفَّاظ عَلَى إِبْطَالهَا وَأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ صَحِيحَةً بِحَالٍ .

    الثَّانِي :
    جَوَاب أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ-رحمه الله- أَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِ اللَّه تَعَالَى :
    { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاس } .

    الثَّالِث :
    أَنَّ اللَّام فِي لِيُضِلَّ لَيْسَتْ لَام التَّعْلِيل بَلْ هِيَ لَام الصَّيْرُورَة وَالْعَاقِبَة ، مَعْنَاهُ أَنَّ عَاقِبَة كَذِبِه وَمَصِيرِه إِلَى الْإِضْلَال بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
    { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا }
    وَنَظَائِره فِي الْقُرْآن وَكَلَام الْعَرَب أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَر وَعَلَى هَذَا يَكُون مَعْنَاهُ فَقَدْ يَصِير أَمْر كَذِبه إِضْلَالًا

    وَعَلَى الْجُمْلَة مَذْهَبُهُمْ أَرَكُّ مِنْ أَنْ يُعْتَنَى بِإِيرَادِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُهْتَمَّ بِإِبْعَادِهِ وَأَفْسَدُ مِنْ أَنْ يُحْتَاج إِلَى إِفْسَاده .

    وَاَللَّه أَعْلَمُ .

    الرَّابِعَة :
    يَحْرُم رِوَايَة الْحَدِيث الْمَوْضُوع عَلَى مَنْ عَرَفَ كَوْنَهُ مَوْضُوعًا أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ فَمَنْ رَوَى حَدِيثًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ وَضْعَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ رِوَايَتِهِ وَضْعَهُ فَهُوَ دَاخِل فِي هَذَا الْوَعِيد ، مُنْدَرِج فِي جُمْلَة الْكَاذِبِينَ عَلَى رَسُول e

    وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْحَدِيث السَّابِق " مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ " .

    وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاء :
    يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ رِوَايَة حَدِيث أَوْ ذَكَرَهُ أَنْ يَنْظُر فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ حَسَنًا

    قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه e كَذَا أَوْ فَعَلَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الْجَزْمِ

    وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَلَا يَقُلْ : قَالَ أَوْ فَعَلَ أَوْ أَمَرَ أَوْ نَهَى وَشِبْهَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الْجَزْم
    بَلْ يَقُول : رُوِيَ عَنْهُ كَذَا أَوْ جَاءَ عَنْهُ كَذَا أَوْ يُرْوَى أَوْ يُذْكَرُ أَوْ يُحْكَى أَوْ يُقَالُ أَوْ بَلَغَنَا وَمَا أَشْبَهَهُ

    (قلت: ذلك عند بيان حاله) . وَاَللَّه سُبْحَانه أَعْلَمُ .


    قَالَ الْعُلَمَاء :
    وَيَنْبَغِي لِلرَّاوِي وَقَارِئ الْحَدِيث ، إِذَا اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ لَفْظَةٌ فَقَرَأَهَا عَلَى الشَّكِّ أَنْ يَقُول عَقِبَهُ أَوْ كَمَا قَالَ .

    وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

    شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 4).

    أخوكم
    أبو مريم أيمن بن دياب العابديني
    غفر الله تعالى له ولوالديه
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 25.07.09 14:19



    Twisted Evil

    وأقول :

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وإخوانه وآله ومن ولاه ..

    وبعد :

    نعم .. وكما تقدم فالكذب كبيرة من الكبائر، يعظم بعظم موضوعه ومتعاطيه وأثره


    غير أننا هنا نبرز الجانب المتعلق ببعض الدعاة - وهم قلة قليلة - لا يتعمدون يقينا الكذب : غير أنه الجهل تارة، وتارة التأويل الباطل - وهو فرعه- وقد يكون ذهول أو نسيان أو تكون شريعة السرية البدعية ... إلخ

    مما أوجب مكاشفة؛ غرضها المناصحة، ومرامها الله تعالى .

    وأراني هنا في حاجة إلى استدعاء نداء لي قديم ! قد دوّى في أركان الآذان وجلى، ونادى عقول القلوب لتتعلق بالوحي فتسموا وتصفوا


    حيث قلت :

    " كيف تسمو أمة – جماعة – من الأمم هذا أخلاق أفرادها ؟!

    بل كيف تدعي نشر الدين وهذه خصالها ؟!

    إن الصدق وأعني به مع النفس – أولا – لهو مطلب عزيز ، وركن ركين ، ينطلق من خلاله المسلم عموماً فضلا ممن يعملون لنصرة الدين – زعموا – خصوصاً، انطلاقة عبد تقي نقي كريم النفس نبيل .


    ثم بصدقة مع الناس - ثانيا – في بيان الحق لهم، والدعوة إليه – لا لجماعته وحزبه – وتحذيرهم مما يحيط بهم من أخطار , ويحدق بهم من بوار ، أو تنزل عليهم من مكاره ومصائب ونوازل مدلهمات , لهو من تمام الصدق .

    ثالثا : صدقه مع مولاه – جل وعلا وتقدس - وذلك بتعظيمه للأمر والنهي , يتم له أمره , فإذا ما تكلم صَدَقَ وصٌدِّق , وإذا ما نصح سر بأثر نصحه , ويتحقق له مقام الربانية" .

    هذا .. ونسأله تعالى صدقا في المعتقد والقول والفعل، صدقاً معه تعالى وخلقه والنفس

    وأن يحشرنا تعالى في زمرة الصديقين ..

    أمين

    وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين

    والحمد لله رب العالمين

    أبو عبد الله

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 23:37