التدبروالتفكر فتح لخزائن العلم
من روائع ابن القيم - رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله في (مفتاح دار السعادة ) :
وكل من التذكر والتفكر له فائدة غير فائدة الآخر
فالتذكر
يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت ولا ينمحي فيذهب اثره من القلب جملة
والتفكر
يفيد تكثير العلم واستجلاب ما ليس حاصلا عند القلب ، فالتفكر يحصله ، والتذكر يحفظه .
ولهذا قال الحسن :
ما زال اهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التذكر ، ويناطقون القلوب حتى نطقت بالحكمة . فالتفكر والتذكر بذار العلم ، وسقيه مطارحته ، ومذاكرته تلقيحه كما
قال بعض السلف:
ملاقاة الرجال تلقيح لالبابها .
فالمذاكرة بها لقاح العقل ، فالخير والسعادة في خزانة مفتاحها التفكر فإنه لا بد من تفكر وعلم يكون نتيجته الفكر، وحال يحدث للقلب من ذلك العلم ، فإن كل من عمل شيئا من المحبوب او المكروه لا بد ان يبقى لقلبه حالة ، وينصبغ بصبغة من علمه ، وتلك الحال توجب له إرادة ، وتلك الارادة توجب وقوع العمل
فها هنا خمسة أمور:
الفكر وثمرته العلم ، وثمرتهما الحالة التي تحدث للقلب ، وثمرة ذلك الارادة ، وثمرتها العلم
فالفكر إذا هو المبدأ والمفتاح للخيرات كلها
وهذا يكشف لك عن فضل التفكر وشرفه ، وانه من افضل اعمال القلب وانفعها له
حتى قيل :
تفكر ساعة خير من عبادة سنة
فالفكر
هو الذي ينقل من موت الفطنة الى حياة اليقظة
و
من المكاره الى المحاب
و
من الرغبة والحرص الى الزهد والقناعة
و
من سجن الدنيا الى فضاء الاخرة
و
من ضيق الجهل الى سعة العلم ورحبه
و
من مرض الشهوة والاخلاد الى هذه الدار الى شفاء الانابة الى الله والتجافي عن دار الغرور
و
من مصيبة العمى والصمم والبكم الى نعمة البصر والسمع والفهم عن الله والعقل عنه
و
من أمراض الشبهات إلى برد اليقين وثلج الصدور ،
وبالجملة
فأصل كل طاعة إنما هي الفكر .