عرض الوليد الطيب
( ابن عربي .... رؤية جديدة) شغلت ثلاث حلقات متتالية من "منتدى الوليد"، آخرها في سبت 19 مايوالجاري، تناول فيه الدكتور عمر مسعود الأستاذ بجامعة أفريقيا العالمية والمرشد العلمي لعموم الطريقة التجانية بالسودان الشيخ محي الدين ابن عربي ، الصوفي الشهير. يقول د.مسعود إن ابن عربي أحق من المتنبي الشاعر بالوصف أنه " ملأ الدنيا وشغل الناس" الرؤية التي قدمها د.مسعود عن ابن عربي، تكاد تكون من بعض الوجوه جديدة، لولا بعض الإعتراضات المنهجية والعلمية التي أبداها بعض أعضاء المنتدى حول النتائج التي توصل إليها الباحث.
وصف المتحدث صلته بكتاب "فصوص الحكم" لابن عربي بأنها ترجع لأيام عرسه الأولى قبل أكثر من عشرين عام، حين أهداه صديق ذلك الكتاب، ووصف الدكتور أن الكتاب شغله عن كل شيء و أذهله عن لحظته السعيدة التي يعيش، حتى أتى عليه قراءةً ، وقال إنه قد قرأ الفصوص بعد ذلك أكثر من ثمانية عشر مرة، وقد انتهت به تلك القراءات المتعددة المتأنية للفصوص وكتب ابن عربي الأخرى إلى أن "فصوص الحكم" لا يمكن نسبته بالحال إلى الشيخ ابن عربي ، وقد نثر الباحث في جملة من الإدلة التي يدعم بها هذه الرؤية.
والجديد في رأى الشيخ الدكتور أن تبرئة ابن عربي من هذا الكتاب ستصحح مجمل الرؤية التي صبغت سيرة ابن عربي وآراؤه بعد إطلاع شيخ الإسلام ابن تيمية على فصوص الحكم في مصر ، والتي انقلب بعدها ابن تيمية من رجل يحب ابن عربي ويجلّه إلا مبدّع له ومضلل، ويزعم الشيخ مسعود أن ابن تيمية قد اتخذ من "الفصوص" عدسة يقرأ من خلالها كتب ابن عربي الأخرى.. بسبب منظور القراءة الجديد جاءت الآراء الحاد من ابن تيمية في الحكم على ابن عربي. ويرى الدكتور أن ابن تيمية الذي اشتهر بالشجاعة في إبداء رأيه في المسائل والرجال ما كان له أن يسكت بعد أن رأى الفصوص محشواً بالكفر ولخطره على الدين..
الفصوص هو الكتاب الذي أتعب عبدالغني النابلسي في البحث عن تاؤيلات لما فيه لسعيه الجاد في إنقاذ الشيخ ابن عربي.
حجج وأدلة:
- لماذا لم يصدر تكفير لابن عربي قبل أن يهجم عليه ابن تيمية؟
- وهذا السؤال ينطلق من الدكتور عمر مسعود ليقول "إن ابن عربي قد تنقل من الأندلس غرباً إلى مصر في المشرق العربي، مروراً بالمغرب وتونس وليبيا والجزائر ، وكان طوال رحلته هذه ينشر كتبه وفكره وعلمه في كل مجلس جلسه ولكننا لم نعثر على فتوى من علماء هذه البلاد وفيهم من فيهم علماً كابن الجوزي وابن شراط وابن فارس وغيرهم؛ تكفّر ابن عربي ، ولا يمكن أن يكون الشيخ كان يعمل على نشر فكره في الخفاء والباطن طوال حياته لأن لكل كتاب من كتبه ( طباق سماع)، وطباق السماع هو سجل بأسماء الذين حضروا المجلس الذي تلي فيه الفصل أو الكتاب.مما يشير إلى أن هؤلاء الأعلام لم يجدوا في آرائه ومقولاته ما يوجب التكفير.ويستطرد مسعود ليقول: وقد خالف ابن تيمية في فتواه بتكفير ابن عربي معتاده في الفتوى حيث أكتفى فيها بالفتوى على مستوى الفقهاء ، ولم تصدر فتوى بتكفير ابن عربي إلا بعد مائة عام من وفاته بعد ان أطلع ابن تيمية على الفصوص بمصر وهي مسألة تحتاج لتأمل لماذا لم يصل هذا الكتاب ليد ابن تيمية إلا في مصر.
وأسس الشيخ مسعود على عادة ابن عربي في تدوين طباق سماع عقب كل مجلس علم ، على أن الفصوص ليس من كتبه أيضا لأنه الكتاب الوحيد الذي لا يوجد به طباق سماع مثلما لا توجد منه نسخة بخط الشيخ، رغم وجود أكثر من نسخة بخطه لكتابه "الفتوحات المكية" بتاريخ 631 هـ وبتاريخ 636هـ، وهويفوق الفتوحات بآلاف الصفحات.
- عماد الفصوص:باطنية قنوصية وأذواق الأنبياء
- الباطنية القنوصية ترفض ظاهر النص وتجعل النص أعمق وأشد غموضاً من الرمز، وأذواق الأنبياء فلم يترك مؤلف الفصوص نبياً وإلا تحث عن ذوقه الخاص، وابن عربي كما يرى د.مسعود ضد هذين الأصلين؛ فقد كرر ابن عربي كثيراً أنه لا هو لا غيره لهم ذوق في ذوق الأنبياء وقال "ما توقفنا في الكلام عن الرسول صاحب الشرع ... فكيف نتكلم عن مقام لم نصل إليه وعلى حال لم نذقه : لا أنا ولا غيرنا"[الفتوحات المكية: ج2 ص51] والفتوحات أُؤلف في 629هـ والفصوص 627هـ كما مكتوب عليه.وتلى الشيخ نصوصا كثيرة يعترف فيه ابن عربي أنه لا ذوق له في أذواق الأنبياء لأن هذا لا يتصور .
أما الباطنية القنوصية التي ترفض الظاهر فيرفضها ابن عربي صراحة يقول في الفتوحات[ج2 ص160] "إذا وردت الآية والخبر بلفظ ما من اللسان فالأصل أن يؤخذ بما يطلق عليه في لغة العرب، إلا إذا أطلقها الشارع على معني غير ما في اللسان وإلا بقى النص على ما هو عليه" ويتسائل عمر مسعود: فهل يعقل أن يحمِّل صاحب هذا القول اللغة ما لا تحتمل وهو الذي يرفض القياس بحجة أنه زيادة في الحكم؟
ويرفض ابن عربي التاؤيلات البعيدة ويرى أن مصدرها الشيطان وأهواء العلماء من أجل إرضاء الملوك، والفصوص كلها تاؤيلات بعيدة!
وفوق ذلك فإن ابن عربي يصف الباطنية صراحةً بالضلال يقول ابن عربي" ونبغت طائفة ثالثة ضلت وأضلت ..تسمى الباطنية..والسعادة مع أهل الظاهر)[الفتوحات :ج2ص334] ويرى أن الباطنية تؤدي لهدم قواعد الشريعة.
المحتوى يكذب نسبة الكتاب لابن عربي:
قال الشيخ عمر مسعود في الحلقة الأخيرة من سلسلة حلقاته حول ابن عربي" إن كتاب الفصوص فيه 86 مسألة خالفت ما هو مقرر في كتب ابن عربي الأخرى، وله مقدمة مثيرة تقول أن الفصوص ليس من تأليف ابن عربي وفكره ولكنه من رسول الله صلى الله وعليه وسلم ثم تجد داخل الكتاب إحالة من المؤلف إلا كتب أخرى لابن عربي (قد بينا هذا في الفتوحات المكية ..وقد ذكرنا هذا في الفتوحات) فهو يحيل للفتوحات والفتوحات لم يكتب بعد حيث سبقه الفصوص عامين؟
واحتوت الفصوص على مقالات وحدة الوجود كقول "العبد رب ورب عبد.." وهي قد وردت في أكثره كتب أبن عربي بلفظ "الرب رب والعبد عبد.." تفصل بين مقام العبودية ومقال الربوبية...
دعوة لمنهج جديد
وعبر هذا المنهجية يحكم عمرمسعود على كتاب طبقات الشعراني، الذي يعد مرجعاً مهما عند الصوفية، أيضاً بأنه منحول عليه لأنه ترجم فيه لأناس ماتوا بعد تأليف الكتاب بسنوات مثل الشيخ على كازورني المتوفي في 960 هـ وعلي البحيري المتوفي 953هـ وطبقات الشعراني تم تأليفه في رجب 952هـ، وعلى هذا المنهج لا تثبت نسبة "الرسالة العرشية" لاتيمية وكتاب "المشوق" لابن القيم.
اعتراضات منهجية:
ومما اعترض عليه في أطروحة د.عمرمسعود ، ما أفاد به د.أبو يعرب المرزوقي حيث قال أن لابن عربي مقالات تشبه ما جاء في الفصوص من قول بوحدة الوجود وغيرها مما سعى د.مسعود لتبرئة ابن عربي منه، وكذلك إشارة الدكتور عبدالله حسن زروق التي قال فيها " لو سلمنا بسقوط الفصوص وسلامة ابن عربي فيكف نتعامل مع الصوفية الآخرين الذين يسيرون بسيرة الشيخ في الحلول والإتحاد والمنهج الباطني؟ وهل نسعى لتبرئتهم أم الأفضل أن ندين المنهج دون النظر للأشخاص الذين يحملونه؟
على الطريق : خطوة
وعلى أية حال تبرئة ابن عربي من فصوص الحكم من رجل علم من أعلام التصوف في السودان لهي خطوة للأمام في مشوار إصلاح التصوف وتنضاف للمحاولة الشجاعة التي ابتدرها أحد أبناء أكبر الأسر الصوفية السودان ، د.عمر بن معروف الطيبي بمؤلفه "حراسة التصوف" حيث سعى فيه لتحرير التصوف من احتكار الأسر وفاسد الإعتقاد وبدعي العبادة.
لطفـــا .. من هنــــــــــا
( نقل هذا الموضوع كغيره من مواضيع دون الوقوف مع كل لفظه، إنما هو التصفح، فالواجب التدقيق والتحقيق لمن كان عنده فضل وقت حتى حين )
var _JOOMLACOMMENT_MSG_DELETE = "هل أنت متأكد أنك تريد حذف هذا التعليق?"; var _JOOMLACOMMENT_MSG_DELETEALL = "هل أنت متأكد أنك تريد حذف جميع التعليقات?"; var _JOOMLACOMMENT_WRITECOMMENT = "أضف تعليقك"; var _JOOMLACOMMENT_SENDFORM = "ارسل"; var _JOOMLACOMMENT_EDITCOMMENT = "راجع التعليق"; var _JOOMLACOMMENT_EDIT = "حرر"; var _JOOMLACOMMENT_FORMVALIDATE = "الرجاء اضافة التعليق على الأقل."; var _JOOMLACOMMENT_FORMVALIDATE_CAPTCHA = "Please input the anti-spam code that you can read in the image."; var _JOOMLACOMMENT_FORMVALIDATE_CAPTCHA_FAILED = "Anti-spam code is not correct. Please input the code that you can read in the image."; var _JOOMLACOMMENT_FORMVALIDATE_EMAIL = "ليتم تبليغك الرجاء أدخل بريدك الالكتروني"; var _JOOMLACOMMENT_ANONYMOUS = "مجهول"; var _JOOMLACOMMENT_BEFORE_APPROVAL = "تم ارسال تعليقك لمدير الموقع للمعاينه. سوف يتم نشر التعليق بعد الموافقة عليه."; var _JOOMLACOMMENT_REQUEST_ERROR = "فشل الطلب"; var _JOOMLACOMMENT_MSG_NEEDREFRESH = "";