خدعة التقريب بين السنة والشيعة لأشرف عبد المقصود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا وبعد :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا وبعد :
هناك نقطة منذ البداية وهي أننا حين نطرح هذه القضية يجب أن نوضح لإخواننا دعاة التقريب من السنة : أننا نعلم أن نيَّتهم الخير ، وأنهم ينشدون الاعتصام بين المسلمين وتآلفهم واجتماعهم وعدم تفرقهم ، وهذا مَقْصدٌ إسلامي عظيم . ونحن وإن كنا نختلف معهم في الأسلوب إلا أننا يجمعنا حب الصَّحابة رضوان الله عليهم .
وسوف نناقش بموضوعية خطر هذه الدعوة وحقيقة أمرها ، وإلى أي شيء تهدف ، مع التدليل على ذلك بأمثلة لدعاة التقريب من الشيعة وماذا قدموا لمذهبهم من خلال هذه الدعوة ، ثم نعرج على شهادات من دعاة التقريب من السنة ، ثم نتبع الكلام على فتوى الشيخ شلتوت رحمه الله في هذا الباب والتي تستغل أسوأ استغلال ، ونختم بأقوال وصيحة نذير لبعض علماء ومفكرين من السنة .
عوام السنة هم ضحية التلبيس من دعاة التقريب :
والمشاهد اليوم لما يجري على الساحة يجد من دعاة التقريب من السنة حماسًا منقطع النظير لايقتصر فحسب على الدعوة للتآلف بل تعدى الأمر إلى التلبيس وتعمية الأمر على عوام أهل السنة بالقول بأنه لا يوجد خلاف بين أهل السنة والشيعة في الأصول بالرغم من وجوده ، وهذا يُعَدُّ أمرًا خطيرًا ومزلقا صعبًا !!
والأسباب التي أوقعتهم في هذه الخدعة تتنوع بحسب حال الدعاة وهي في تقديرنا ترجع لعدة أمور:
أولهما : الجهل الشديد بعقائد القوم . فتجد الواحد من هؤلاء متخصص في فن معين بعيد عن العقائد والفرق والملل والنحل ، ولا يطلع على معتقدات القوم أو اطلاعه قاصر . والأمر كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ( من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب ) .
وثانيها : التقيَّة التي يُلبس بها الشيعة على هؤلاء الدعاة من السنة فيخدعونهم . ومن المعلوم أن للتقية عندهم شأن عظيم حتى جعلوها تسعة أعشارالإيمان .
وثالثها : بعض هؤلاء العلماء لهم صداقات ومصالح مع بعض علماء الشيعة ، ولا يريدون لها أن تتعكر إثر تصريح منهم بنقد أو كشف زيف مما يروج له هؤلاء .
ورابعها : شراء بعض الأقلام خاصة في مجال الصحافة والإعلام لنشر باطلهم حيث خصصت بعض الصحف صفحات كاملة لبعضهم وما من مناسبة يستطيعون أن ينفذوا من خلالها ليروجوا سمومهم إلا واستغلوها أتم استغلال
ولا أنسي يوم أن تهجم كاتب المسلسلات على شخصية عمرو بن العاص وإذا بالصحف الصفراء تنقل صفحات من مواقع الشيعة في إلصاق البهتان والكذب بالصحابي الجليل . وكتابات المتشيع أحمد راسم النفيس بجريدة القاهرة ــ لسان وزارة الثقافة بمصر للأسف ــ خير دليل على ما نقول فقد كتب بها سلسلة مقالات عن صلاح الدين الأيوبي وصفه فيها بأقذع الألفاظ وأنه قاتل وسارق وفي الوقت نفسه يكتب بعد ذلك سلسلة مقالات أخرى للدفاع عن ابن العلقمي الخائن الذي تآمر مع التتار ضد الخلافة الإسلامية ببغداد .
والحاصل : أن عوام أهل السنة هم الضحية لهذا التلبيس من جانب دعاة التقريب من السنة.
وهذا ما دفع العلامة الصوفي النبهاني لتأليف كتاب يذود به عن الصحابة ويدفع به تلبيس الشيعة قال فيه : ( سوء حال هؤلاء الجهلة من أهل السُّنَّة هو الذي حَمَلني على تأليف هذا الكتاب ؛ ليعرف من قرأه منهم أنه في خطأ عظيم وخطل ذميم , وأنه في ذلك ليس على هدى من الله بل هو على شفا جرف من الهلاك إن لم يتداركه باللطف مولاه .
أما الشيعة : فليس لي أمل في رجوعهم بقراءته عن مذهبهم القديم وإن كان غير مستقيم ؛ لأنهم ورثوه عن الآباء والأجداد وَسَيُوَرِّثونه الأبناء والأحفاد !!
فإن صاحب البدعة والمذهب المخالف مهما أقمت عليه الحجة وألزمته الدليل وعجز هو عن الردِّ ولم يجد للجواب من سبيل لا يحمل ذلك على أن مذهبك حق ومذهبه باطل , وإنما يحمله على أنك أمهرُ منه بترتيب الحجج وإقامة الدلائل . فهو لا يترك مذهبه لزخرفة أقاويلك بزعمه , وزيادة علمك عن علمه , وقد يهدى الله لنوره من يشاء ويوافق العلةَ الدواءُ فيحصل بإذن الله الشفا وهذا إذا قدَّر الله حصوله بهذا الكتاب وظهر به لبعض الشيعة الصواب فأرضى الله ورسوله بالجمع بين محبة الآل والأصحاب يكون ذلك نعم الفائدة ولكنها فائدة زائدة .
ومقصودي الأصلي : هو المحافظة على رأس مالنا وهم عوام أهل السُّنَّة .. فوجب علينا أن ننصحهم بالألسنة والأقلام ونشرح لهم ما يلزمهم اعتقاده في حق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من عقائد الإسلام . فإذا فعلنا ذلك أدينا ما وجب لهم علينا وإذا وفَّقَهم الله للرجوع إلى الحق نقول هذه بضاعتنا ردت إلينا ) اهـ من " مقدمة الأساليب البديعة "
.
هذا هو التقريب الحقيقي عند الشيعة ؟
فالمتابع لكتابات دعاة التقريب من الشيعة يستطيع أن يؤكد أن هناك نوعين من التقريب :
الأول : تقريب الألسن ( التقريب المزيف ) .
والثاني : تقريب الواقع . وهو التقريب الذي يصدقه الواقع والأمر كما قال الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله : ( إن بعضهم يفعل خلاف ما يقول في موضوع التقريب فبينما هو يتحمس في موضوع التقريب بين السنة والشيعة إذا هو يصدر الكتب المليئة بالطعن في حق الصحابة أو بعضهم ممن هم موضع الحب والتقدير من جمهور السنة ) ( السنة ومكانتها : 9 ) .
وهذا النوع هو الذي نشاهده في تصرفاتهم وأفعالهم ويهدفون من ورائه لأربعة أمور
1- استقطاب العلماء والمفكرين والدعاة :
أحد المتشيعة الكبار بمصر وهو المدعو صالح الورداني ، وهو يؤرخ لعلماء ومراجع الشيعة الذين زاروا مصر من أجل نشر التشيع ــ يعترف بذلك فيقول : ( وقد استمرت جماعة التقريب تعمل في مصر حتى أواخر السبعينات تمكنت من خلال هذه الفترة من استقطاب الكثير من الرموز الإسلامية البارزة فيه .. ) ( الشيعة في مصر : 155 ) .
وفي كلامه عن السيد مرتضى الرضوي يقول : ( وقد حرص السيد الرضوي على استقطاب الرموز الإسلامية والثقافية في مصر فكان لا يطبع كتابا في مصر إلا ويكون قد كتب مقدمته واحد من هؤلاء الرموز ولم يكن نشاط السيد الرضوي ينحصر في محيط الرموز الإسلامية والثقافية وإنما تجاوز هذا الحد وأجرى اتصالات مع بعض المسئولين في محيط الثقافة وبعض الصحفيين . كان قد التقى مع مدير دار الكتب في عام 65 وقدم إليه طلبا بأن تقوم الدار بإفراد جناح خاص للكتب والمصنفات الشيعية وسوف تقوم الهيئة العلمية في النجف الأشرف بالعراق بإهداء الدار جميع هذه الكتب ) اهـ ( الشيعة في مصر : 127 )
وبتعبير آخر استغفال العلماء والرموز المصريين . نسأل الله السلامة !!
وقد نشروا مؤخرا خمس مجلدات ــ مليئة بالإفك ــ بعنوان " المتحولون " ذكروا فيها كذبا الكثير من العلماء والمفكرين ضمن من تحولوا من السنة للشيعة وفي مقدمتهم من شيوخ الأزهرالسابقين : الشيخ سليم البشري والشيخ محمد عبده ، والغرض من هذه الأكاذيب هو اقناع السذج من السنة أن هؤلاء العلماء الكبار تركوا التسنن فافعلوا مثلهم واقتدوا بهم .
2- إفساح المجال لهم في ديار السنة لنشر عقائدهم وكتبهم :
وظهر هذا بوضوح بعد صدور فتوى الشيخ شلتوت حيث تم نشر الكثير من الكتب بمصر والتي تروج لعقائد الشيعة والتي تهدم فكرة التفاهم والتقريب . فهدفهم الرئيسي من التقريب هو نشر مذهبهم بين أهل السنة وقد نجحوا في العراق حيث تمكنوا من ادخال عدد من القبائل السنية في التشيع.
ويعد نشر الكتب التي تدعو للتشيع بكل ما فيه من انحرافات عقدية هدف رئيسي لدعوة التقريب عندهم . فبسبب هذه الدعوة نشرت كتبهم ورسائلهم وسط بلاد السنة وأصبح علماؤهم يتحركون بكل حرية ويفتحون المراكز ويقيمون الندوات .
ولنأخذ مثالا واحدا لجهود أحد دعاة التقريب قديما وماذا فعل من وراء دعوته للتقريب ، وهو السيد مرتضى الرضوي .
يتحدث عنه الورداني المتشيع فيقول : ( قام السيد الرضوي برحلتين إلى مصر : الأولى في فترة الخمسينيات ما بين عام 57 وعام 58 والثانية في منتصف السبعينات ، وفي كلا الرحلتين قام بدور ملحوظ في ميدان الفكر الإسلامي والوحدة الإسلامية ونشر الكثير من الكتب التي تدافع عن الشيعة .. ومن بين الكتب التي قام بنشرها السيد الرضوي بمصر تفسير شبر ، ويقع في مجلد واحد ، وكتاب علي ومناوئوه ، وكتاب عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى ، وكتاب المتعة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي ، وكتاب وسائل الشيعة ومستدركاتها ، وكتاب أصل الشيعة وأصولها ، وكتاب الوضوء في الكتاب والسنة والسجود على التربة الحسينية ) اهـ ( الشيعة في مصر : 127 ) .
وهذه الكتب المشار إليها والعشرات غيرها طبعت ضمن سلسلة مطبوعات النجاح بالقاهرة . والمطالع لها يجد فيها طامات تهدم التقريب من أساسه . والآن هم مستمرون على نطاق واسع ، فالمكتبات الشيعية ببيروت تصدر للعالم العربي والإسلامي سنويا مئات الأنواع من الكتب التي تتهجم على السنة والصحابة دون رقيب أو حسيب في الوقت الذي تمنع فيه المطابع ببيروت من نشر أي كتاب سني يرد باطلهم نسأل الله السلامة .
3- سكوت أهل السنة عن بيان الحق والرد على أباطيلهم :
فهم يريدون من وراء الدعوة للتقريب إسكات أي صوت سني يردُّ باطلهم ويكشف خداعهم وما انطوت عليه دعوتهم من تضليل . فكل من يتصدى لباطلهم يعتبر مناوئا للتقريب والوحدة وكل من يكشف خداعهم يريد أن يفرق المسلمين .
يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله : ( ومن الأمور الجديرة بالاعتبار أن كل بحث علمي في تاريخ السنة أو المذاهب الإسلامية مما لا يتفق مع وجهة نظر الشيعة ، يقيم بعض علمائهم النكير على من يبحث فيه ، ويتسترون وراء التقريب ويتهمون صاحب هذا البحث بأنه متعصب معرقل لجهود المصلحين في التقريب ) اهـ ( السنة ومكانتها : ص 10 ) .
4- استمرارهم في النيل من حملة رسالة الإسلام الأولين " الصحابة " رضوان الله عليهم .
فهم يريدون الاستمرار في النيل من الصحابة دون أي مناقشة لهم أو محاسبة ، ولذلك لما عاتب أحد مراجع الشيعة التسخيري الشيخ عبد المنعم النمر وزير الأوقاف الأسبق لما كتب كتابه عن الشيعة قال له النمر : (ودار بيننا حديث بدأه هو، حين قال لي: لقد ظلمتنا كثيراً فيما كتبته عنا.. قلت له: أنا مستعد من الآن والكتاب عندك ليس بعيدا عنك، أن أتقبل منك أي تصحيح لخطأ وقع مني ، وأنشره في الطبعة القادمة، ورحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي. وأنا لم أكتب شيئا إلا بمراجعة ووثائقه من كتبكم.. لم يحصل منكم شيء من ذلك، وأنا أعرف أن بعض علمائكم يتبرءون في مجالسهم من ادعاء تحريف القرآن، لكن الصوت العالي والرواج هو للرأي الذي يدعي أن الصحابة حرفوا القرآن، فلماذا لم تصدروا بيانا للشعب الذي يتعلم من هذه الكتب، باستنكاركم لهذا الاتهام؟ ) من مقدمة الطبعة الرابعة لكتابه ( الشيعة . المهدي . الدروز ) . فهم يدعون للتقريب وفي الوقت نفسه الاستمرار في التهجم على الصحابة والتشكيك في القرآن وليس هناك ما يمنع من الجمع بين هذا وذاك !!
تاملات في أربع أمثلة لدعاة التقريب الشيعة
وفي تقديري أن الأمر خطة مُحْكمة . فبينما هم يدعون للتقريب بأفواههم ويتحمسون له نرى النقيض تماما في أعمالهم . وللوقوف عل حقيقة الأمر سأضرب أربعة أمثلة اثنان منهما لعالمين شيعيين بارزين من آياتهم من دعاة التقريب والمتحمسين له ، واثنان آخران وهما أيضا ممن يتشدق بالوحدة وللتقريب : أحدهما لشيعي بارز من القطيف ، والآخرلمتشيع مصري .
المثال الأول : آيتهم العظمى محمد محمد مهدي الخالصي : وهوالذي يدندن بشعار الوحدة في العراق ويردد ذلك في خطبه دائما .
يقول عنه الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله : ( ما فتيء يعلن في صباح كل يوم ومسائه أنه داعية للوحدة والتقريب .. وله أصدقاء كثيرون في مصر وغيرها ممن يدعون للتقريب ويعملون له بين أهل السنة ؛ فإن هذا الداعية إلى التوحيد والتفاهم ـ عليه من الله ما يستحقه ــ نفى عن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حتى نعمة الإيمان ) اهـ .
ثم نقل كلامه في ذلك من كتابه ( إحياء الشريعة 1 / 63 ، 64 ) .
يقول الدكتور ناصر القفاري : ( ولقد وقفنا على نص خطير له يكشف حقيقة الوحدة التي يدعو إليها وأنها تقوم على سب الصحابة ، فقد صرح بأنه يريد من أهل السنة أن يتحدوا معه على سب عائشة أم المؤمنين وخيار صحابة رسول الله المؤمنين وإلا فلا وحدة وسيلوذ الخالصي بالتقية .
ثم نقل عن كتاب ( الإسلام سبيل السعادة ) للخالصي ص ( 90 ) قوله : ( فإن وافقنا باقي طوائف المسلمين ــ يعني على لعن الصحابة وسبهم ـ تمت الكلمة وائتلف الشمل وإن أبوا رجعنا إلى حكمنا الأول وهو التقية حذرا من الفرقة وحرصا على اتحاد الكلمة ) اهـ
المثال الثاني : آيتهم عبد الحسين العاملي أحد المنادين بفكرة التقريب والتآلف بين المسلمين .
يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله : ( في عام 1953 زرت عبد الحسين شرف الدين في بيته بمدينة صور في جبل عامل وكان عنده بعض علماء الشيعة ، فتحدثنا عن ضرورة جمع الكلمة وإشاعة الوئام بين فريقي الشيعة وأهل السنة وأن من أكبر العوامل في ذلك أن يزور علماء الفريقين بعضهم بعضا وإصدار الكتب والمؤلفات التي تدعو إلى هذا التقارب . وكان عبد الحسين رحمه الله متحمسا لهذه الفكرة ومؤمنا بها ، وتم الاتفاق على عقد مؤتمر لعلماء السنة والشيعة لهذا الغرض وخرجت من عنده وأنا فرح بما حصلت عليه من نتيجة ، ثم زرت في بيروت بعض وجوه الشيعة من سياسين وتجار وأدباء لهذا الغرض ، ولكن الظروف حالت بيني وبين العمل لتحقيق هذه الفكرة ، ثم ما هي إلا فترة من الزمن حتى فوجئت بأن عبد الحسين أصدر كتابا في أبي هريرة مليئا بالسباب والشتائم ) اهـ .
ثم ذكر أن جل كتاب المدعو أبو رية عن أبي هريرة منقول من هذا الكتاب .