إن إطلاق الأبوة والوالدية على الشخص المحترم المعظم
كثيرٌ شائع في لغة أهل الإسلام ، فهو من كيسنا وبضاعتنا
بل كانَ ذلك في الكتاب مسطورا.
يُنظَر في ذلك ما كتبه المفسرون عند قوله تعالى:
(( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ))
(6) سورة الأحزاب.
وفي قراءة ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
( وهو أبٌ لهم ).
وتفسير قوله تعالى:
(( هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ))
(78) سورة الحـج.
وقد اختلفوا في إطلاق "أب المؤمنين " على نبينا
قال القرطبي:
" والصحيح: أنه يجوز أن يقال إنه أب للمؤمنين أي في الحرمة وقوله تعالى (( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ))؛ أي في النسب "اهـ.
قلت:
لكن الأولى ـ في نظري القاصر ـ عدم إطلاقها على علمائنا الأفاضل، لا لأنه " تشبه " بالنصارى، فقد تقدم أنه لقبٌ عربيٌّ وضعاً، بل لما تشبع به هذا اللقب من تفخيم وتعظيم يكرسان التقليد والتبعية ، ولما روي في حديث الرهط من بني عامر ، القائلين: ( أنت والدنا وأنت سيدنا وأنت أفضلنا علينا فضلا وأطولنا علينا طولا وأنت الجفنة الغراء ) قال ( قولوا بقولكم لا يستهوينكم الشيطان ).
ويشبه ـ والله تعالى أعلم ـ أن يكون هذا اللقب من عوائد المتصوفة، فيطلقه "المريد" على شيخه "المراد" !
والعلم عند الله تعالى.
فائدة:
جاء في فتاوى ابن الصلاح ج1/ص186
( مسألة في الأبوة،
هل يجوز أن يطلق في الكتاب العزيز، والحديث الصحيح على الأب من غير صلب، وايش الفرق بين آدم أبي البشر وبين ابراهيم الخليل صلى الله على نبينا وعليه وعلى النبيين والكل وسلم أب، فآدم أبو البشر وإبراهيم أبو الإيمان، أو لمعنى آخر ، ونرى مشايخ الطريق يسموهم آباء المريدين، فيجب بيان هذا من الكتاب العزيز ، والحديث الصحيح... الخ، بين لنا هذا .
أجاب ـ رضي الله عنه ـ :
قال الله تبارك وتعالى:
(( قالوا نعبد إلهك وإله آباءك إبراهيم وإسماعيل ))، وإسماعيل من أعمامه لا من آبائه .
وقال سبحانه وتعالى :
(( ورفع أبويه على العرش ))، وأمه كان قد تقدم وفاتها، قالوا: والمراد خالته، ففي هذه استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقية وهو مجاز صحيح في اللسان العربي.
واجراء ذلك النبي صلى الله عليه وسلم والعالم والشيخ والمراد سائغ من حيث اللغة والمعنى
وأما من حيث الشرع فقد قال الله سبحانه وتعالى: (( كان محمد أبا أحد من رجالكم ))
وفي الحديث الثابت عنه صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم ).
فذهب لهذا بعض علمائنا إلى أنه لا يقال فيه صلى الله عليه وسلم أنه أب المؤمنين، وإن كان يقال في أزواجه أمهات المؤمنين، وحجته ما ذكرت
فعلى هذا يقال هو مثل الأب أو كالأب أو بمنزلة أبينا، ولا يقال هو أبونا أو والدنا
ومن علمائنا من جوز وأطلق هذا أيضا
وفي ذلك للمحقق مجال بحث يطول والأحوط التورع والتحرز عن ذلك .....)اهـ.
وينظر: تفسير البغوي ج3/ص300
فقد قال: ( فإن قيل فما وجه قوله (( ملة أبيكم ))، وليس كل المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم
قيل : خاطب فيه العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم
وقيل خاطب به جميع المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم
قيل خاطب به العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم
وقيل خاطب به جميع المسلمين وإبراهيم أب لهم على معنى وجوب احترامه وحفظ حقه كما يجب احترام الأب
وهو كقوله تعالى (( وأزواجه أمهاتهم )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا لكم مثل الوالد.اهـ
وينظر أيضاً تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: (( وأزواجه أمهاتهم ))
ومما قاله: " أي في الحرمة والإحترام والتوقير والأكرام والاعظام ....."الخ.
ثم أورد ما رواه أبو داود رحمه الله حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا بن المبارك عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فاذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولايستطب بيمينه وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة )
وأخرجه النسائي وابن ماجه من حديث ابن عجلان.
والنقل
لطفــــاً .. من هنـــــــــــــــــا
كثيرٌ شائع في لغة أهل الإسلام ، فهو من كيسنا وبضاعتنا
بل كانَ ذلك في الكتاب مسطورا.
يُنظَر في ذلك ما كتبه المفسرون عند قوله تعالى:
(( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ))
(6) سورة الأحزاب.
وفي قراءة ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
( وهو أبٌ لهم ).
وتفسير قوله تعالى:
(( هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ))
(78) سورة الحـج.
وقد اختلفوا في إطلاق "أب المؤمنين " على نبينا
قال القرطبي:
" والصحيح: أنه يجوز أن يقال إنه أب للمؤمنين أي في الحرمة وقوله تعالى (( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ))؛ أي في النسب "اهـ.
قلت:
لكن الأولى ـ في نظري القاصر ـ عدم إطلاقها على علمائنا الأفاضل، لا لأنه " تشبه " بالنصارى، فقد تقدم أنه لقبٌ عربيٌّ وضعاً، بل لما تشبع به هذا اللقب من تفخيم وتعظيم يكرسان التقليد والتبعية ، ولما روي في حديث الرهط من بني عامر ، القائلين: ( أنت والدنا وأنت سيدنا وأنت أفضلنا علينا فضلا وأطولنا علينا طولا وأنت الجفنة الغراء ) قال ( قولوا بقولكم لا يستهوينكم الشيطان ).
ويشبه ـ والله تعالى أعلم ـ أن يكون هذا اللقب من عوائد المتصوفة، فيطلقه "المريد" على شيخه "المراد" !
والعلم عند الله تعالى.
فائدة:
جاء في فتاوى ابن الصلاح ج1/ص186
( مسألة في الأبوة،
هل يجوز أن يطلق في الكتاب العزيز، والحديث الصحيح على الأب من غير صلب، وايش الفرق بين آدم أبي البشر وبين ابراهيم الخليل صلى الله على نبينا وعليه وعلى النبيين والكل وسلم أب، فآدم أبو البشر وإبراهيم أبو الإيمان، أو لمعنى آخر ، ونرى مشايخ الطريق يسموهم آباء المريدين، فيجب بيان هذا من الكتاب العزيز ، والحديث الصحيح... الخ، بين لنا هذا .
أجاب ـ رضي الله عنه ـ :
قال الله تبارك وتعالى:
(( قالوا نعبد إلهك وإله آباءك إبراهيم وإسماعيل ))، وإسماعيل من أعمامه لا من آبائه .
وقال سبحانه وتعالى :
(( ورفع أبويه على العرش ))، وأمه كان قد تقدم وفاتها، قالوا: والمراد خالته، ففي هذه استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقية وهو مجاز صحيح في اللسان العربي.
واجراء ذلك النبي صلى الله عليه وسلم والعالم والشيخ والمراد سائغ من حيث اللغة والمعنى
وأما من حيث الشرع فقد قال الله سبحانه وتعالى: (( كان محمد أبا أحد من رجالكم ))
وفي الحديث الثابت عنه صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم ).
فذهب لهذا بعض علمائنا إلى أنه لا يقال فيه صلى الله عليه وسلم أنه أب المؤمنين، وإن كان يقال في أزواجه أمهات المؤمنين، وحجته ما ذكرت
فعلى هذا يقال هو مثل الأب أو كالأب أو بمنزلة أبينا، ولا يقال هو أبونا أو والدنا
ومن علمائنا من جوز وأطلق هذا أيضا
وفي ذلك للمحقق مجال بحث يطول والأحوط التورع والتحرز عن ذلك .....)اهـ.
وينظر: تفسير البغوي ج3/ص300
فقد قال: ( فإن قيل فما وجه قوله (( ملة أبيكم ))، وليس كل المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم
قيل : خاطب فيه العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم
وقيل خاطب به جميع المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم
قيل خاطب به العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم
وقيل خاطب به جميع المسلمين وإبراهيم أب لهم على معنى وجوب احترامه وحفظ حقه كما يجب احترام الأب
وهو كقوله تعالى (( وأزواجه أمهاتهم )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا لكم مثل الوالد.اهـ
وينظر أيضاً تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: (( وأزواجه أمهاتهم ))
ومما قاله: " أي في الحرمة والإحترام والتوقير والأكرام والاعظام ....."الخ.
ثم أورد ما رواه أبو داود رحمه الله حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا بن المبارك عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فاذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولايستطب بيمينه وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة )
وأخرجه النسائي وابن ماجه من حديث ابن عجلان.
والنقل
لطفــــاً .. من هنـــــــــــــــــا