خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 06.01.09 4:29

    القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد 470674



    إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران : 102 ] .

    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ . [ النساء : 1 ] .

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ . [ الأحزاب : 70 - 71 ] .

    إن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي ؛ هدي محمد - صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

    أما بعد :

    لقد كثرت الصيحات المطالبة بالجهاد – سواء كانت داخلية او خارجية - عبر كل فتنة او محنة تمر بأى بلد اسلامى دون فقه لمعنى الجهاد من حيت حده ووقته وشروطه ....

    فهذا يصرخ على الصفحات ويقول افتحوا الحدود نريد الخروج !!

    واخر جالسا على أريكته فى قعر بيته يقول حاربوا اليهود وفكوا القيود !!

    وأخر يعيب على الحكام ويقول عمالة بلا حدود !!

    وللاسف وجد هذا الصراخ - فى بلدنا وأرضنا - بعض الإمعات الذين لا يعلمون كثيرا من الامور والمسلمات ، فراحوا يهرفون بها فى المواقع والمنتديات ، حتى وصل الامر الى المنابر وعلت عليها هذه الصيحات .

    وغاب عنهم " أن الجهاد لا يشرع فى حالة ضعف المسلمين وقوة اعدائهم ، وانه مناط بولاة الامر وحدهم ، وانه لا بد من احترام العهود والمواثيق ، وان مناصرة المظلومين من المسلمين لا تشرع ضد قوم بيننا وبينهم ميثاق الى غير ذلك من الاحكام " .

    فلزم البيان :

    اولا : شرعية الجهاد :
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ‏ تواترت النصوص القرآنية والنبوية في الأمر بالجهاد وذكر فضائله كما قال تعالى  وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

    وقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

    وخرج الشيخان عن أنس بن مالك – رضى الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :" لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ".

    وكما أخرج الشيخان عن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن رسول الله– صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" انتدب الله لمن خرج في سبيله ، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي ، وإيمان بي، وتصديق برسولي، فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة " .

    وقال الأثرم: قال أحمد – رحمه الله تعالى - : لا نعلم شيئاً من أبواب البر أفضل من السبيل .

    وقال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله، وذكر له أمر الغزو ؟ فجعل يبكي، ويقول: ما من أعمال البر أفضل منه . وقال عنه غيره: ليس يعدل لقاء العدو شيء ا.هـ " المغنى " (11-10/13)

    وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى - فى" زاد المعاد " (1/34) و" أعلام الموقعين " (1/ 4):
    ولأجلها – أي التوحيد- جردت سيوف الجهاد ا.هـ

    ثانيا : حكم الجهاد :
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    قال ابن قدامة – رحمه الله تعالى - فى " المغني " (13/ 6) :
    والجهاد من فروض الكفايات في قول عامة أهل العلم، وحكي عن سعيد بن المسيب أنه من فروض الأعيان – ثم قال – قول الله تعالى : لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى.

    وهذا يدل على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم، وقال الله تعالى : وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا، ويقيم هو وسائر أصحابه ا.هـ .


    عدل سابقا من قبل أبو خديجة عصام الدين في 06.01.09 5:20 عدل 1 مرات
    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty رد: القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 06.01.09 4:45

    ثالثا :الجهاد والقوة المادية :
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ومن الأمور المعينة على إدراك واقع المسلمين أنهم إذا كانوا في ضعف من جهة العدة والعتاد بالنسبة لعدوهم فلا يصح لهم أن يسلكوا مسلك جهاد العدو وقتاله لكونهم ضعفاء، ويوضح ذلك أن الله لم يأمر رسوله- صلى الله عليه وسلم - و الصحابة- رضى الله عنهم - بقتال الكفار لما كانوا في مكة، لضعفهم من جهة العدة والعتاد بالنسبة لعدوهم .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – فى الجواب الصحيح (1/ 237) :
    وكان مأموراً بالكف عن قتالهم لعجزه وعجز المسلمين عن ذلك، ثم لما هاجر إلى المدينة وصار له بها أعوان أذن له في الجهاد، ثم لما قووا كتب عليهم القتال ولم يكتب عليهم قتال من سالمهم؛ لأنهم لم يكونوا يطيقون قتال جميع الكفار . فلما فتح الله مكة وانقطع قتال قريش وملوك العرب، ووفدت إليه وفود العرب بالإسلام أمره الله – تعالى – بقتال الكفار كلهم إلا من كان له عهد مؤقت، وأمره بنبذ العهود المطلقة، فكان الذي رفعه ونسخه ترك القتال ا.هـ

    وقال أيضا فى الصارم المسلول ( 2/ 413 ) :
    ، فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ا.هـ

    وقال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله تعالى - فى التفسير( ص 89 ) :
    هذه الآيات تتضمن الأمر بالقتال في سبيل الله، وهذا كان بعد الهجرة إلى المدينة، لما قوي المسلمون للقتال أمرهم الله به، بعدما كانوا مأمورين بكف أيديهم ا.هـ

    وقال أيضا- رحمه الله – فى(ص 188) :
    ومنها: أنه لو فرض عليهم القتال – مع قلة عددهم وعددهم، وكثرة أعدائهم- لأدى ذلك إلى اضمحلال الإسلام، فروعي جانب المصلحة العظمى على ما دونها، ولغير ذلك من الحكم. وكان بعض المؤمنين يودون أن لو فرض عليهم القتال في تلك الحال غير اللائق فيها ذلك، وإنما اللائق فيها القيام بما أمروا به في ذلك الوقت من التوحيد والصلاة والزكاة ونحو ذلك، كما قال تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً فلما هاجروا إلى المدينة، وقوي الإسلام، كتب عليهم القتال في وقته المناسب لذلك ا.هـ

    وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله تعالى – فى الشرح الممتع (8/9) :
    " لابد فيه من شرط وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة ، ولهذا لم يوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين القتال وهم في مكة ، لأنهم عاجزون ضعفاء فلما هاجروا إلى المدينة وكونوا الدولة الإسلامية وصار لهم شوكة أمروا بالقتال ، وعلى هذا فلابد من هذا الشرط ، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة لقوله تعالى :  فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا  ا.هـ

    وقال رحمه الله تعالى رداً على سؤال فى لقاء الخميس الثالث والثلاثين في شهر صفر / 1414هـ يتعلق بحاجة المجتمع الإسلامي للجهاد في سبيل الله بعد بيانه – رحمه الله – فضل الجهاد ومنزلته العظيمة في الشرع الإسلامي ليكون الدين كله لله، وأضاف هل يجب القتال أو يجوز مع عدم الاستعداد له ؟
    فالجواب: لا يجب ولا يجوز ونحن غير مستعدين له، والله لم يفرض على نبيه وهو في مكة أن يقاتل المشركين ، وأن الله أذن لنبيه في صلح الحديبية أن يعاهد المشركين ذلك العهد الذي إذا تلاه الإنسان ظن أن فيه خذلاناً للمسلمين .
    كثير منكم يعرف كيف كان صلح الحديبية حتى قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟. قال: بلى. قال: فلم نعطي الدنية في ديننا ؟، فظن أن هذا خذلان، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما في شك أنه أفقه من عمر، وأن الله تعالى أذن له في ذلك وقال: إني رسول الله ولست عاصيه وهو ناصري …
    وإن كان ظاهر الصلح خذلاناً للمسلمين ، وهذا يدلنا يا إخواني على مسألة مهمة وهو قوة ثقة المؤمن بربه ..
    المهم أنه يجب على المسلمين الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله، لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار حتى ولو جهاد مدافعة وجهاد المهاجمة ما في شك الآن غير ممكن حتى يأتي الله بأمة واعية تستعد إيمانياً ونفسياً ، ثم عسكرياً ، أما نحن على هذا الوضع فلا يمكن أن نجاهد ا.هـ

    قال الشيخ عبد العزيز بن ريس ال ريس فى كتابه " مهمات فى الجهاد " :
    ومما يزيد أن القوة شرط لإقامة جهاد الطلب ابتداء أن الله اشترط في العدد للوجوب أن يكون الرجل المسلم مقابل اثنين، كما قال تعالىالْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ فلو كان الكفار ثلاثة أضعاف المسلمين لما وجب عليهم القتال، ولصح لهم الفرار، كما فعل الصحابة في مؤتة. فهذا يؤكد أن القوة شرط، ومن هذا – أيضاً – ما أخرج مسلم عن النواس بن سمعان في قصة قتل عيسى عليه السلام للدجال قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فبينما هو كذلك، إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان (أي لا قدرة) لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور (أي ضمهم إلى جبل الطور ) ويبعث الله يأجوج ومأجوج … "

    قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى – فى " شرح صحيح مسلم " (18/ 68) : قال العلماء معناه لا قدرة ولا طاقة – ثم قال – لعجزه عن دفعه، ومعنى حرزهم إلى الطور أي ضمهم واجعل لهم حرزاً ا.هـ

    ففي هذا الحديث أنه لما كانت قوة عيسى عليه السلام ضعيفة بالنسبة ليأجوج ومأجوج أمره الله ألا يقاتلهم ويجاهدهم، فدل هذا على أن القدرة شرط .

    قال العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى - فى شرح بلوغ المرام من كتاب الجهاد الشريط الأول الوجه (أ) :

    ولهذا أقول: إنه من الحمق أن يقول قائل :أنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وانجلترا وروسيا كيف نقاتل هذا تأباه حكمة الله عز وجل ويأباه شرعه لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به عز وجلَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ، هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة، وأهم قوة نعدها هو الإيمان والتقوى …ا.هـ

    قال الشيخ عبد العزيز بن ريس ال ريس فى كتابه " مهمات فى الجهاد " (ص35-36 )
    إن من لديه معرفة ولو قليلة بحال الأمة الإسلامية اليوم وكان ناصحاً أميناً ليرى أن ما يقوم به بعضهم من دعوة الأمة لجهاد الكفار جهاد الطلب هو من إهلاكها والتردي بها في الهاوية؛ لأن أمتنا – وإلى الله المشتكى – تفقد في هذه الأزمان قوتها الدينية:
    فرايات الشرك من دعاء الأولياء والتقرب إليهم مرفوعة، وأطناب التصوف والبدع مضروبة، ناهيك عن الإلحاد والتحريف لأسماء الله وصفاته من جهة الأشاعرة والمعتزلة والجهمية، فهو الشيء المقرر في أكثر جامعاتها ومعاهدها المسماة إسلامية .

    أما في الدعوة إلى الله:
    فتحزب وجماعات جاهلية توالي وتعادي على الحزب، يميلون مع الأهواء حيث مالت: جماعة هدفها الحكم فحسب فسعت لتكثير الناس ولو على غير الدين باسم المصلحة؛ ليقفوا معها لنيل الهدف المنشود كجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة هدفها هداية المدعوين ولو على غير السبيل والطريق المستقيم؛ لذا تراهم لا يتورعون عن الوقوع في الحرام لهداية غيرهم فترى كثيراً من أتباعها جهالاً لا علم لهم كجماعة التبليغ . ومن عجيب أمر هاتين الجماعتين أنهما لا يدعوان إلى التوحيد ونبذ الشرك كي لا يفرقوا الناس عنهم .

    أما الفساد الأخلاقي والتتبع لسنن الغرب الكافر :
    فهو هدي الكثير لاسيما الشباب والشابات، فإذا كانت هذه حال أكثر أمتنا – اليوم – فهي أمة ظالمة لا يولى عليها إلا أمثالها من الظلمة كما قال تعالىوَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فكما تكونوا يولي عليكم، بل وهم عن نصر الله بعيدون؛ لأنهم لم ينصروا الله كما قال تعالى إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ .

    ثم من جهة العدة والعتاد :
    فنحن – كما لا يخفى – ضعفاء بالنسبة لعدونا الكافر فهو المصنع للأسلحة والمحتكر، ونحن المستهلكون لرديء ما صنع؛ لذا الوسيلة الناجعة الناجحة لعز الأمة وتمكينها الرجوع إلى الله والدعوة بالكلمة رويداً رويداً، فإن أغلق باب ولج الداعية من باب آخر وهكذا  وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً .

    والذين يدعون الأمة – الآن – لجهاد العدو الكافر هم في الحقيقة يسعون لهلاكها من حيث لا يدرون .

    العلاج الثانى :

    كما فى قوله تعالى :
    { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ْ}

    وقال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله تعالى - فى التفسير - :
    أي { وَأَعِدُّوا ْ} لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم. { مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ْ} أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي: والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير.
    ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: { ألا إن القوة الرَّمْيُ ْ} ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال،ولهذا قال تعالى: { وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ْ} وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته.
    فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها،حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب " أ.هـ


    عدل سابقا من قبل أبو خديجة عصام الدين في 06.01.09 5:24 عدل 1 مرات
    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty رد: القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 06.01.09 4:49

    رابعا : الجهاد والقوة الايمانية :
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بالإضافة إلى قوة العدة والعتاد، فلابد من قوة الإيمان والإسلام عند المسلمين، وإلا فإذا كانت ذنوب المسلمين ظاهرة شاهرة متكاثرة، وكان قيامهم بالدين ضعيفاً لا سيما في أمر التوحيد والسنة بأن يكون الشرك والبدع وعموم المعاصي شائعاً عند المسلمين مألوفاً، ويكون أهلها غالبين، فإذا كان حال المسلمين كذلك، فإنهم عن نصر الله محجوبون إلا أن يشاء الله بفضله ورحمته .

    قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله تعالى – فى "إغاثة اللهفان " (2/ 182) . :
    " وكذلك النصر والتأييد الكامل، إنما هو لأهل الإيمان الكامل، قال تعالىإِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ وقال فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر، والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عدوه عليه، فإنما هي بذنوبه، إما بترك واجب، أو فعل محرم. وهو من نقص إيمانه.

    وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ويجيب عنه كثير منهم بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلاً في الآخرة، ويجيب آخرون بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلاً في الحجة .

    والتحقيق: أنها مثل هذه الآيات، وأن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل، فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى. فالمؤمن عزيز غالب مؤيد منصور، مكفي، مدفوع عنه بالذات أين كان، ولو اجتمع عليه من بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته، ظاهراً وباطناً. وقد قال تعالى للمؤمنين وَلا تَهنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وقال تعالى فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم، التي هي جند من جنود الله، يحفظهم بها، ولا يفردها عنهم ويقتطعها عنهم، كما يَتِرُ الكافرين والمنافقين أعمالهم، إذ كانت لغيره، ولم تكن موافقة لأمره ا.هـ .

    العلاج الاول – قبل القوة المعنوية - :

    قال الشيخ عبد العزيز بن ريس ال ريس فى كتابه " مهمات فى الجهاد " (ص32-33 ) :
    وإن المسلمين إذا رجعوا إلى دينهم الحق القائم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فإن الله ينصرهم، ويجعل لهم العزة والتمكين كما قال تعالىوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً .

    قال العلامة عبد الرحمن السعدي – رحمه الله تعالى – فى تفسيره :
    هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جداً بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغوا لهم الغوائل.
    فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً، ولا يخافون أحداً إلا الله، فقام صدر هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح ا.هـ.

    وقال أيضا عند قوله تعالى :
    { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين }

    " فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم .ا.هـ
    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty رد: القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 06.01.09 4:57

    خامسا : الجهاد والعهود والمواثيق :
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الأدلة متكاثرة على وجوب نصرة المسلم لأخيه المسلم المظلوم، سواء كان الظالم مسلماً أو كافراً، وسواء كانوا أفراداً أو جماعات أو دولاً، إلا أن هذا مقيد في الشريعة بألا يكون بين المسلمين والكفار عهد وميثاق ، قال تعالى :  وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاق  .

    قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى - عند تفسير هذه الاية (4/97) :
    " وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني، على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم؛ لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار  بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاق  أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس – رضي الله عنه – ا.هـ

    قال الإمام ابن العربي المالكى – رحمه الله تعالى – فى أحكام القرآن (2/887) :
    " يريد إن دعوا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم، فأعينوهم، فذلك عليكم فرض، إلا على قوم بينكم وبينهم عهد، فلا تقاتلوهم عليهم، يريد حتى يتم العهد أو ينبذ على سواء ا.هـ

    قال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى - فى الجامع لأحكام القرآن (8/57):
    "إلا أن يستنصروكم علىقوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم، ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته ا.هـ


    قال العلامة عبدالرحمن بن ناصرالسعدي رحمه الله تعالى – فى تفسيره :
    " وقوله تعالى: إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاق  أي : عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم، فلا تعينوهم عليهم؛ لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق ا.هـ

    قال الشيخ عبد العزيز الريس - حفظه الله تعالى - :
    " فمن هذا كله يستفاد أن كل دولة مستقلة في الحكم، فإذا كان بينها وبين دولة كافرة عهد وميثاق، فاعْتَدَت هذه الدولة الكافرة على دولة أخرى مسلمة، فلا يصح للدولة المسلمة أن تنصر أختها المسلمة على الكافرة مادام بينها وبين الكافرة عهد وميثاق، ويؤكد هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ، فإنه لم ينصر أبا بصير وأبا جندل على كفار قريش؛ لأن بينه وبين كفار قريش عهداً وميثاقاً، وأصحابه الكرام الذين تحت ولايته لم ينصروا أبا بصير وأبا جندل، بل التزموا بالعهد الذي عاهد عليه إمامهم وولي أمرهم - رسول الله صلى الله عليه وسلم - كفار قريش .

    ومن ذلك - أيضاً – أنه إذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض ملوك الكفار عهد جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزو الكفار، فليس عهد ولا ميثاق ملك ملزماً للآخر من الملوك، بل كل دولة مستقلة وحدها ."

    قال الحافظ ابن القيم - رحمه الله تعالى - فى زاد المعاد (3/309) عند ذكر الفوائد الفقهية في قصة الحديبية -:
    والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم، وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد، جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم، ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد، كما أفتى به شيخ الإسلام في نصارى ملطبة وسبيهم ، مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين ا.هـ.

    ولمستدرك أن يقول :

    ولكن هذا الصلح وهذه المواثيق مطلقة غير مؤقتة .

    اقول وما ادراك انها كذلك ، ومع ذلك ، و حتى وان كانت :

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - فى " الاختيارات الفقهية " ( ص542 ) :
    " ويجوز عقدها مطلقاً ومؤقتاً، والمؤقت لازم من الطرفين: يجب الوفاء به، ما لم ينقضه العدو، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة في أظهر قولي العلماء. وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة ا.هـ

    وقال أيضا فى الجواب الصحيح (1/175):
    وقال: فإن المشركين كانوا على نوعين: نوعاً لهم عهد مطلق غير مؤقت، وهو عقد جائز غير لازم ، ونوعاً لهم عهد مؤقت، فأمر الله رسوله أن ينبذ إلى المشركين أهل العهد المطلق؛ لأن هذا العهد جائز غير لازم، وأمره أن يسيرهم أربعة أشهر، ومن كان له عهد مؤقت فهو عهد لازم، فأمره الله أن يوفى له إذا كان مؤقتاً، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الهدنة لا تجوز إلا مؤقتة.
    وذهب بعضهم إلى أنه يجوز للإمام أن يفسخ الهدنة مع قيامهم بالواجب، والصواب هو القول الثالث، وهو أنها تجوز مطلقة ومؤقتة. فأما المطلقة فجائزة غير لازمة يخير بين إمضائها وبين نقضها. والمؤقتة لازمة ا.هـ

    وقال الحافظ ابن القيم – رحمه الله تعالى – فى أحكام أهل الذمة (2/874) :
    " إذا عرف هذا فهل يجوز لولي الأمر أن يعقد الهدنة مع الكفار عقداً مطلقاً لا يقدره بمدة، بل يقول" نكون على العهد ما شئنا " ، ومن أراد فسخ العقد فله ذلك إذا أعلم الآخر ولم يغدر به، أو يقول: "نعاهدكم ما شئنا ونقركم ما شئنا" ؟
    فهذا فيه للعلماء قولان في مذهب أحمد وغيره:
    أحدهما: لا يجوز، قال به الشافعي في موضع، ووافقه طائفة من أصحاب أحمد كالقاضي في "المجرد" والشيخ في "المغني"، و لم يذكروا غيره .
    والثاني: يجوز ذلك، وهو الذي نص عليه الشافعي في "المختصر"، وقد ذكر الوجهين في مذهب أحمد طائفة آخرهم ابن حمدان.
    والمذكور عن أبي حنيفة أنها لا تكون لازمة بل جائزة، فإنه جوز للإمام فسخها متى شاء. وهذا القول في الطرف المقابل لقول الشافعي الأول .
    والقول الثالث: وسط بين هذين القولين .

    وأجاب الشافعي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر :" نقركم ما أقركم الله "
    بأن المراد: نقركم ما أذن الله في إقراركم بحكم الشرع. قال: وهذا لا يعلم إلا بالوحي، فليس هذا لغير النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب هذا القول كأنهم ظنوا أنها إذا كانت مطلقة تكون لازمة مؤبدة كالذمة، فلا تجوز بالاتفاق، ولأجل أن تكون الهدنة لازمة مؤبدة فلابد من توفيتها، وذلك أن الله عز وجل أمر بالوفاء ونهى عن الغدر، والوفاء لا يكون إلا إذا كان العقد لازماً . والقول الثاني – وهو الصواب -: أنه يجوز عقدها مطلقة ومؤقتة، فإذا كانت مؤقتة جاز أن تجعل لازمة، ولو جعلت جائزة بيحيث يجوز لكل منهما فسخها متى شاء كالشركة والوكالة والمضاربة ونحوها جاز ذلك، لكن بشرط أن ينبذ إليهم على سواء .

    ويجوز عقدها مطلقة، وإذا كانت مطلقة لم يمكن أن تكون لازمة التأبيد، بل متى شاء نقضها، وذلك أن الأصل في العقود أن تعقد على أي صفة كانت فيها المصلحة، والمصحة قد تكون في هذا وهذا .
    وللعاقد أن يعقد العقد لازماً من الطرفين، وله أن يعقده جائزاً يمكن فسخه إذا لم يمنع من ذلك مانع شرعي، وليس هنا مانع، بل هذا قد يكون هو المصلحة، فإنه إذا عقد عقداً إلى مدة طويلة فقد تكون مصلحة المسلمين في محاربتهم قبل تلك المدة، فكيف إذا كان ذلك قد دل عليه الكتاب والسنة؟
    وعامة عهود النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين كانت كذلك مطلقة غير مؤقتة، جائزة غير لازمة، منها عهده مع أهل خيبر، مع أن خيبر فتحت وصارت للمسلمين، لكن سكانها كانوا هم اليهود، ولم يكن عندهم مسلم، ولم تكن بعد نزلت آية الجزية، إنما نزلت في "براءة" عام تبوك سنة تسع من الهجرة، وخيبر فتحت قبل مكة بعد الحديبية سنة سبع. ومع هذا فاليهود كانوا تحت حكم النبي صلى الله عليه وسلم، فإن العقار ملك المسلمين دونهم. وقد ثبت في الصحيحين أنه قال لهم:" نقركم ما شئنا" أو "ما أقركم الله" .
    وقوله" ما أقركم الله " يفسره اللفظ الآخر، وأن المراد: أنا متى شئنا أخرجناكم منها. ولهذا أمر عند موته بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأنفذ ذلك عمر – رضي الله عنه - في خلافته ا.هـ

    وقال أيضا – رحمه الله – فى " زاد المعاد " (3/146) .:
    "وفي القصة دليل على جواز عقد الهدنة مطلقاً من غير توقيت، بل ما شاء الإمام ، ولم يجيء بعد ذلك ما ينسخ هذا الحكم البته، فالصواب جوازه وصحته، وقد نص عليه الشافعي في رواية المزني، ونص عليه غيره من الأئمة، ولكن لا ينهض إليهم ويحاربهم حتى يعلمهم على سواء ليستووا هم وهو في العلم بنقض العهد ا.هـ

    وقد سئل الامام عبد العزيز ابن باز – رحمه الله تعالى – " حكم الصلح مع اليهود في ضوء الشريعة الإسلامية " – فتاوى ومقالا الشيخ عبد العزيز بن باز " :

    س: هل تعني الهدنة المطلقة مع العدو إقراره على ما اقتطعه من أرض المسلمين في فلسطين ، وأنها قد أصبحت حقا أبديا لليهود بموجب معاهدات تصدق عليها الأمم المتحدة التي تمثل جميع أمم الأرض . وتخول الأمم المتحدة عقوبة أي دولة تطالب مرة أخرى باسترداد هذه الأرض أو قتال اليهود فيها ؟

    فأجاب : الصلح بين ولي أمر المسلمين في فلسطين وبين اليهود لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكا أبديا ، وإنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكا مؤقتا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة.
    وهكذا يجب قتالهم عند القدرة حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . .........

    ثم قال :

    وقد صرح الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا الآية [الأنفال: 61] بمعنى ما ذكرنا في شأن الصلح . "

    وقال ايضا رحمه الله تعالى فى مقاله " أسئلة وأجوبة حول الصلح مع اليهود " – فتاوى ومقالا الشيخ عبد العزيز بن باز " :

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
    فهذه أجوبة على أسئلة تتعلق بما أفتينا به من جواز الصلح مع اليهود وغيرهم من الكفرة صلحا مؤقتا أو مطلقا على حسب ما يراه ولي الأمر- أعني ولي أمر المسلمين الذي تجري المصالحة على يديه- من المصلحة في ذلك ؛ للأدلة التي أوضحناها في الفتوى المذكورة في صحيفة المسلمون في العدد الصادر يوم الجمعة 21 رجب عام 1415 هـ.

    وهذا نص الأسئلة:-
    س1: فهم بعض الناس من إجابتكم على سؤال الصلح مع اليهود- وهو السؤال الأول في المقابلة- أن الصلح أو الهدنة مع اليهود المغتصبين للأرض ، والمعتدين جائز على إطلاقه ، وأنه يجوز مودة اليهود ومحبتهم ، ويجب عدم إثارة ما يؤكد البغضاء والبراءة منهم في المناهج التعليمية في البلاد الإسلامية ، وفي أجهزة إعلامها ، زاعمين أن السلام معهم يقتضي هذا ، وأنهم ليسوا بعد معاهدات السلام أعداء يجب اعتقاد عداوتهم ، ولأن العالم الآن يعيش حالة الوفاق الدولي والتعايش السلمي ، فلا يجوز إثارة العداوة الدينية بين الشعوب . فنرجو من سماحتكم التوضيح ؟
    ج1: والجواب : الصلح مع اليهود أو غيرهم من الكفرة لا يلزم منه مودتهم ولا موالاتهم ، بل ذلك يقتضي الأمن بين الطرفين ، وكف بعضهم عن إيذاء البعض الآخر ، وغير ذلك ، كالبيع والشراء ، وتبادل السفراء.. وغير ذلك من المعاملات التي لا تقتضي مودة الكفرة ولا موالاتهم .

    وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة ، ولم يوجب ذلك محبتهم ولا موالاتهم ، بل بقيت العداوة والبغضاء بينهم ، حتى يسر الله فتح مكة عام الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا.

    .. وهكذا صالح النبي صلى الله عليه وسلم يهود المدينة لما قدم المدينة مهاجرا صلحا مطلقا.. ولم يوجب ذلك مودتهم ولا محبتهم .

    لكنه عليه الصلاة والسلام كان يعاملهم في الشراء منهم والتحدث إليهم ، ودعوتهم إلى الله ، وترغيبهم في الإسلام . ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله.

    ولما حصل من بني النضير من اليهود الخيانة أجلاهم من المدينة عليه الصلاة والسلام . ولما نقضت قريظة العهد ، ومالئوا كفار مكة يوم الأحزاب على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ، قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم فقتل مقاتلتهم ، وسبى ذريتهم ونساءهم ، بعد ما حكّم سعد بن معاذ رضي الله عنه فيهم فحكم بذلك ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن حكمه قد وافق حكم الله من فوق سبع سماوات .

    وهكذا المسلمون من الصحابة ومن بعدهم ، وقعت الهدنة بينهم- في أوقات كثيرة- وبين الكفرة من النصارى وغيرهم فلم يوجب ذلك مودة ولا محبة ولا موالاة ..........

    ومما يدل على أن الصلح مع الكفار من اليهود وغيرهم إذا دعت إليه المصلحة أو الضرورة لا يلزم منه مودة ، ولا محبة ، ولا موالاة- أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر صالح اليهود فيها على أن يقوموا على النخيل والزروع التي للمسلمين بالنصف لهم والنصف الثاني للمسلمين ، ولم يزالوا في خيبر على هذا العقد ، ولم يحدد مدة معينة ، بل قال صلى الله عليه وسلم: نقركم على ذلك ما شئنا وفي لفظ: نقركم ما أقركم الله فلم يزالوا بها حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه ، وروي عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أنه لما خرص عليهم الثمرة في بعض السنين قالوا: إنك قد جرت في الخرص . فقال رضي الله عنه: والله إنه لا يحملني بغضي لكم ومحبتي للمسلمين أن أجور عليكم ، فإن شئتم أخذتم بالخرص الذي خرصته عليكم ، وإن شئتم أخذناه بذلك .

    وهذا كله يبين أن الصلح والمهادنة لا يلزم منها محبة ولا موالاة ولا مودة لأعداء الله ، كما يظن ذلك بعض من قلّ علمه بأحكام الشريعة المطهرة.
    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty رد: القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 06.01.09 5:05

    سادسا : الجهاد مناط بولى الامر :
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    قال الشيخ عبد العزيز الريس - حفظه الله تعالى - :
    أن أمر الجهاد مناط بولاة الأمر لا بغيرهم، فلا يصح جهاد مجاهد إلا بإذنهم، وإلا لصار الأمر فوضى ، ولتنازع الناس فيما بينهم ، بل لعل بعضهم يقتل بعضاً، فهذا لا يرى الجهاد مناسباً، والآخر يقاتله لتصوره أنه ينكر شرعيته، وآخرون يقاتلون طائفة مسلمة ابتداء لظنهم كفرهم وهكذا ...

    ويدل لذلك ما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله  قال:" إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه"
    فهذا خبر بمعنى الأمر وهو نص في المسألة .

    قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى – فى " شرح صحيح مسلم (12/ 230) " : " الإمام جنة" أي كالستر؛ لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي بيضة الإسلام، ويتقيه الناس، ويخافون سطوته، ومعنى يقاتل من ورائه: أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم ا.هـ

    وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – فى" فتح الباري" (6/ 136):
    " لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويكف أذى بعضهم عن بعض، والمراد بالإمام كل قائم بأمور الناس ا.هـ

    قال الإمام ابن قدامة – رحمه الله تعالى – فى" المغني " (13/16) :
    " وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ا.هـ

    وقال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى – فى الجامع لأحكام القرآن (5/275) :
    " ولا تخرج السرايا إلا بإذن الإمام ليكون متجسساً لهم عضداً من ورائهم، وربما احتاجوا إلى درئه ا.هـ

    قال الحطاب – رحمه الله تعالى – فى مواهب الجليل (3/ 349) :
    " مسألة :قال ابن عرفة الشيخ عن الموازية: أيغزى بغير إذن الإمام ؟ قال: أما الجيش والجمع فلا إلا بإذن الإمام وتولية والٍ عليهم – ثم قال – قال ابن حبيب: سمعت أهل العلم يقولون: إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو ا.هـ

    وقال صاحب المحرر – رحمه الله تعالى – فى" المحرر في الفقه " (2/170):
    " ولا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام إلا أن يفاجئهم عدو يخشى كلبه بالإذن فيسقط ا.هـ

    وقال البهوتي – رحمه الله تعالى – فى " كشاف القناع" ( 3/41) :
    "أما إذا كان الكفار قاصدين المسلمين بالقتال فللمسلمين قتالهم دعوة دفعاً عن نفوسهم وحريمهم. وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ، لأنه أعرف بحال الناس وبحال العدو ونكايتهم وقربهم وبعدهم ، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ا.هـ

    وقال أيضا – رحمه الله تعالى – فى كشاف القناع (3/72) :
    " ولا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير لأنه أعرف بالحرب وأمره موكول إليه ، ولأنه إن لم تجز المبارزة إلا بإذنه فالغزو أولى ا.هـ

    وكتب الشيخ سعد بن حمد بن عتيق – رحمه الله – إلى الإخوان من أهل الأرطاوية والغطغط وغيرهم من عتيبة ومطير وقحطان وغيرهم :
    " ومما انتحله بعض هؤلاء الجهلة المغرورين الاستخفاف بولاية المسلمين والتساهل بمخالفة إمام المسلمين ، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان ، يعرف ذلك كل ذي عقل وإيمان ، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة ، ولا جماعة إلا بإمامة ، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة ، وإن الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد والعدول عن سبيل الهدى والرشاد ا.هـ " الدرر السنية كتاب الجهاد (ط2 (7/302) ، ط5 (9/139))"

    وقال الشيخ عمر بن محمد بن سليم – رحمه الله - في رسالة كتبها إلى الإخوان من أهل الأرطاوية :
    " ولا يجوز الافتيات عليه بالغزو وغيره وعقد الذمة والمعاهدة إلا بإذنه، فإنه لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة ، فإن الخروج عن طاعة ولي الأمر من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد ا.هـ
    " الدرر السنية كتاب الجهاد" (ط2 (7/ 313) ، ط5 (9/166) ).

    وأخيرا أختم بكلام الشيخ عبد العبيلان - حفظه الله تعالى - فى تعليقه على ما يجري للمسلمين في غزة والفتاوى والبيانات التي صدرت بهذا الأمر- منقول على منتدى الربانيون - :

    وأخيرا فإني ادعو الإخوة الدعاة و طلاب العلم للتحلي بالصبر ودراسة الكتاب والسنة والنظر في آثار السلف الصالح , وأن يعلموا أن لله في المجتمعات سننا لا تتغير ولاتتبدل كحال السنن الكونية
    قال تعالى: [لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ], {الرعد:11}
    وأن يستفيدوا من الدروس الماضية التي مروا بها , وأن يعلموا أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان , وأذكرهم بقواعد الشريعة في إزدحام المصالح وإزدحام المفاسد وإزدحام المصالح والمفاسد , وأن الخير والشر درجات , والعاقل هو الذي يدرء الشرالكبير بالشر اليسير ويقتنع بالخير اليسير إذا لم يحصل الكثير وإلا عانينا من غزاة كثيرة .
    والله اسأل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يجمع قلوبهم على الهدى التوحيد والسنة وأن يدفع عنهم كيد وشرور أعدائهم من الكفار والمنافقين وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه أجمعين .


    عدل سابقا من قبل أبو خديجة عصام الدين في 06.01.09 8:18 عدل 1 مرات
    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty رد: القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 06.01.09 5:16

    وللتوضيح والبيان :

    ما ذكر فى هذا المقال هو ما يخص جهاد الطلب ، اما جهاد الدفع فلا يشك احد فى وجوبه فى اى وقت وعلى اى حال .

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - فى " الاختيارات الفقهية ص532 " :
    أما قتال الدفع: فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين.
    فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه. فلا يشترط له شرط. بل يدفع بحسب الإمكان. وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم. فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر، وبين طلبه في بلاده ا.هـ

    وقال شمس الدين ابن القيم- رحمه الله تعالى - فى " الفروسية ص187 "– :
    فإذا كانت المسابقة شرعت ليتعلم المؤمن القتال ويتعوده ويتمرن عليه فمن المعلوم أن المجاهد قد يقصد دفع العدو إذا كان المجاهد مطلوباً، والعدو طالباً، وقد يقصد الظفر بالعدو ابتداء إذا كان طالباً والعدو مطلوباً، وقد يقصد كلا الأمرين، والأقسام ثلاثة يؤمر المؤمن فيها بالجهاد .
    وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب، فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل ولهذا أبيح للمظلوم أن يدفع عن نفسه، كما قال الله تعالى " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا"
    وقال النبي -صلى الله عليه وسلم :"من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد" لأن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة، ودفع الصائل على المال والنفس مباح ورخصة، فإن قتل فيه فهو شهيد، فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعم وجوباً، ولهذا يتعين على كل أحد يقم ويجاهد فيه: العبد بإذن سيده وبدون إذنه، والولد بدون إذن أبويه، والغريم بغير إذن غريمه، وهذا كجهاد المسلمين يوم أحد والخندق ، ولا يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي المسلمين فما دون، فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين، فكان الجهاد واجباً عليهم؛ لأنه حينئذ جهاد ضرورة ودفع، لا جهاد اختيار، ولهذا تباح فيه صلاة الخوف بحسب الحال في هذا النوع وهل تباح في جهاد الطلب إذا خاف فوت العدو ولم يخف كرته؟ فيه قولان للعلماء هما روايتان عن الإمام أحمد.

    ومعلوم أن الجهاد الذي يكون فيه الإنسان طالباً مطلوباً أوجب من هذا الجهاد الذي هو فيه طالب لا مطلوب، والنفوس فيه أرغب من الوجهين . وأما جهاد الطلب الخالص فلا يرغب فيه إلا أحد رجلين إما عظيم الإيمان يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، وإما راغب في المغنم والسبي . فجهاد الدفع يقصده كل أحد، ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعاً وعقلاً، وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين، وأما الجهاد الذي يكون فيه طالباً مطلوباً فهذا يقصده خيار الناس؛ لإعلاء كلمة الله ودينه، ويقصده أوساطهم؛ للدفع ولمحبة الظفر ا.هـ



    وختاما

    أوصيكم ونفسى بوصية الإمام الأوزاعي – رحمه الله تعالى - :

    (( اتقوا الله معشر المسلمين و أقبلوا نصح الناصحين و عظة الواعضين

    واعلموا أن هذا العلم دين فانظروا ما تصنعون وعن من تأخذون و بمن تقتدون

    و من على دينكم تأمنون فإن أهل البدع كلهم مبطلون أفاكون آثمون لا يرعوون

    و لا ينظرون و لا يتقون و لا مع ذلك يؤمنون على تحريف ما تسمعون و

    يقولون ما لا يعلمون في سرد ما ينكرون و تسديد ما تفترون و الله محيط بما

    يعلمون فكونوا لهم حذرين متهمين رافضين مجانبين فإن علماءكم الأولون و من

    صلح من الآخرين كذلك كانوا يفعلون و يأمرون و احذروا أن تكونوا على الله

    مظاهرين ولدينه هادمين و لعراه ناقضين موهنين بتوقير المبتدعين و المحدثين

    فإنه قد جاء في توقيرهم ما تعلمون و أي توقير لهم أو تعظيم أشد من أن تأخذوا

    عنهم الدين و تكونوا بهم مقتدين و لهم مصدقين موادعين مؤالفين معنيين لهم
    بما يصنعون على استهواء من يستهوون و تأليف من يتألفون من ضعفاء
    المسلمين لرأيهم الذي يرون و دينهم الذي يدينون و كفى بذلك مشاركة لهم فيما

    يعملون )) تاريخ دمشق لابن عساكر 6 / 361



    اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا،


    اللهم اجمع كلمة حكام المسلمين على الحق يا رب العالمين، وأصلح الراعي والرعية يا رحمان السماوات والأرضين.

    اللهم من حاد منهم عن الصواب فرده إلى الحق والصراط المستقيم يا رب العالمين.

    اللهم انصر المجاهدين في سبيلك والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، اللهم أيدهم بتأييدك يا حي يا قيوم.

    اللهم من أرادنا وبلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره في تدميره، وكيده في نحره يا رب العالمين

    اللهم اكبت عدوك وعدونا ومن شايعهم الذين يمكرون بنا مكر الليل والنهار، ندرأ بك اللهم في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم .
    اللهم امين ... اللهم امين ... اللهم امين ...

    واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

    اختصر أكثر هذا المقال من كتاب " مهمات فى الجهاد " للشيخ عبد العزيز الريس حفظه الله تعالى .
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    القطر المصري بين  فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد Empty رد: القطر المصري بين فقه الجهاد وأهل الجهل والعناد

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 05.04.09 16:24

    جزاكم الله تعالى خيراً ونفع بكم

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 19:17