الأزهر يحذر من الطريقة البرهانية
جدد الأزهر الشريف موقفه من (( الطريقة البرهانية ))00فقد أصدرت الإدارة العامة للبحوث والتأليف بمجمع البحوث الإسلاميةبيانا أكدت فيه وقوع الطريقة البرهانية في أخطاء عقـدية وتعبـدية وسلوكية قاتلة 0
حذر البيان من محاولات إعادة طبع كتابين أساسيين عند البرهانيين ، وهما كتاب :
(( تبرئة الذمة في نصح الأمة )) 0
وكتاب : (( ديوان بطائن الأسرار )).
وهذان الكتابان سبق للأزهر والطرق الصوفية والأوقاف ووزارة الداخلية ، أن أدانت الأفكار التى وردت فيهما ، وقررت مصادرتهما0
مرة أخرى تناقش (( اللواء الإسلامي )) قصة نشأة هذه الطريقة المريبة ، وكيف انتقلت إلى مصر ، وكيف أجمعت كل المؤسسـات الدينية على خطورة الأفكار التى وردت في هذين الكتابين 0!!
قصة (( البرهانية )) في الحقيقة تجسد عشرات الداءات الفكرية والدينية والإدارية الموجودة في الجسد الإسلامي ، فهى مثال صارخ لانحراف التصوف عن أبعاده الدينية ، وتجسيد لاستغلال فرد ـ أو مجموعة أفراد ـ لمشاعر العامة وإيقاعهم في عالم من التوهان والطلاسم غير المفهومة 0 كما أنهـا تمثل دليلا على العجز الإدارى ، إذ أن هذه الطريقة في واد ، وكل مؤسسات المجتمع الدينية والإدارية في واد آخر 00!!
ولكن هذا الإجمال يحتاج إلى تفصيل 0
البداية :
ــــــــــــــ
(( البرهانية )) طريقة صوفية ، نشأت في السودان ، حيث توجد عشــرات الطرق الصوفية التى ينخرط فيها العامة لإشباع رغباتهم الدينية !
وفي أعقاب هزيمة 1967 ، نزحت الطريقة الى مصر ، بقيادة محمد عثمان عبده البرهانى ، ومارست نشاطها تحت مظلة الطريقة (( البرهامية الدسوقية الشاذلية )) 0
وماهى إلا أيام ، حتى صــار لها اتباع ومريدون 0 وفى جو الفراغ والمريدين نشـطت الأفكار المحرفة ، والتقديس المبالغ فيه لـ (( الشيخ )) كما بان الابتزاز المالى والأدبى للأتباع !
وعلى الفور شكل الأزهر لجنة من مراقبة البحوث بالأزهر بعضوية الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار وكيل الأزهر في ذلك الوقت - ديسمبر 1975 - وشارك فيها عـدد من العلماء ـ من بينهم الدكتور عبدالفتاح بركة الأمين العام السابق لمجمع البحوث الاسلامية ـ وانتهى التقرير الى أن
هذه الطريقة تردد أقوالا تصل إلى حد (( الكفر الصريح ))
من خلال تأويل الآيات
، وتعطيل ظاهر النص القرآني
، والإشارة إلى أن الوحى يداعب شيخ الطريقة
، وأن الشيخ يفهم أسرار القرآن أفضل من غـيره
، وأنه (( نائب )) الرسول في التبليغ
، وأنه مظهر الله في الكون
، فضلا عن عشـرات السقطات فى حـق الرسول والوحى والإسراء والمعراج وبعض الغيبيات والتكاليف الشرعية
المصادرة 00!
ـــــــــــــــــــــــ
وفى ذات الوقت ، أصدر الشيخ سطوحى رئيس المجلس الأعلى للطريقة الصوفية فتوى أكد فيها أن الأفكار البرهانية فيها (( خروج عن الدين )) ، وأن مايردده بعض الأتباع ، سراً وعلناً ، خطر على العقيدة الإسلامية 0
وفي نفس العام - يناير 1976 - أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر ـ بالتنسـيق مع عـدد من علماء الأوقاف ـ فتوى أكدت نفس المعنى ، وقالت اللجنة :
(( إن كتـاب تبرئة الذمـة يهدم الأفكار الأساسية فى الشريعة الإسلامية ))
وقالت : ( لقد تجاوزت الأخطاء إلى حد اعتبارها طريقة غير إسلامية )0
وبناءً على هذه التقارير الفنية والدينية ، أصدرت وزارة الداخلية قراراً :
بمصادرة الكتاب ، وحظر نشره وحظر نشاط الطريقة 0
وقد شارك في عضوية لجنة الأوقاف فى ذلك الوقت الشيخ ابراهيم الدسوقى وزير الأوقاف الأسبـق ، كما شارك فى توضيح أخطائهم الشيخ أحمد حسن الباقورى ، والشيخ محمدـ حسنين مخلوف ، العالمـان المعروفان 0
وقد أشار الشيخ مخلوف في تقرير خاص عن الكتاب إلى خطئه في تأويل الآيات ، ونسبة أحاديث إلى رسول الله ليست صحيحة وانتهى التقرير إلى القول بأن
: (( كل ما فى الكتاب يحمل البرهان على كذبه ، ووجوب مصادرته ، وأن التصوف والصوفية تبرآن من هذا العبث )) 0
الضلال فى (( الأسرار ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظلت أطروحات هذه الطريقة العلنية والسرية مأخوذة فى إطار فساد العقيدة الذى وقعت فيه ، إلى أن حدث فى عام 1983 حدث آخر ، جعل الطريقة تأخذ منحى أكثر خطورة نحو الضلال والإضلال 0
والسبب أن مؤسس الطريقة محمد عبده البرهانى قد توفى ، وبعد وفاته ترك العهد لابنه ليقود الطريقة ، وكان ابنه قليل العلم والحيلة ، والقدرة على ملء عقول المريدين بأى شىء ، كما كان يفعل والده 0
وهنا تفتقت عبقرية أحد المريدين عن حيلة جهنمية مفادها : أن (( الوالد )) أتى فى المنام ، وأملى عليه وعلى الابن قصائد من البرزخ ، توضح المنهج والطريقة والتعاليم إلى الأتباع 0
ورغم تفاهة الفكرة ، وعدم قبولها شرعا وعقلا ومنطقا ، فإن عدداً من الأتباع صدقها ، وعـدداً آخر كذبها ، وحدث انشقاق كبير فى الطريقة 0
وبعيداً عن الصراعات الإدارية التى حدثت حول رئاسة الطريقة ، فإن الخطورة تجسدت مرةً أخرى في القصائد التى جمعها الابن ، وأحد المريدين ، وقال : إن الشيخ أوحى إليهم بها من البرزخ ووضعوها هذه المرة في ديوان ( بطائن الأسرار ) ، وفي هذا الديوان الذى بين أيدينا عشرات ، بل مئات الأخطاء الدينية ، في الشكل والمضمون والكتابة والتناول 0
ولو وقف الأمر عند (( أكذوبة )) أن أحداً أوحى إلى أحد من (( البرزخ )) لهان الأمر ، ولكن المصيبة فى الإسقاطات العقدية والأخلاقية فى الديوان ، وهى سقطات تجعل القارىء يعيش فى وهم كبير ، وتضع الشيخ في مصاف الأنبياء بل في صف الله ، والعياذ بالله 0
إن الأخطاء الدينية أكبر من أن تذكر فى هذا المقام ، ويكفى من ناحية (( الشـكل )) أن نقول : إن الذين كتبوا وجمعوا هذا الديوان وضعوه مثل وضع القرآن ، من ناحية ترتيب (( النزول )) ، ووضع آيات وفواصل ، وفهرس لكل جزء ، وترتيب القصائد - حوالى مائة - التى (( نزلت )) حتى الآن ! ، فضلا عن اجتماع المريدين لدراسة القصائد بيتا بيتا فى طقوس مريبة 0
النهـاية 00!
ــــــــــــــــــــ
ولعل آخر المواقف التى تؤكد وقوف كل المؤسسات الدينية فى وجه انحراف الطريقة البرهـانية ، ما حدث فى أواخر عام 1988 ، ففى أعقاب سلسلة من التحقيقات الصحفيـة التى نشـرتها (( اللـواء الاسلامى )) فى شهرى سبتمبر وأكتوبر، وشاركت فيها بعض الصحف الأخرى ، اجتمع المجلـس الأعلى للطرق الصوفية ، وجدد القرارات السـالفة من الأزهر والطرق الصوفية ، وقرر دمج الطريقة البرهانية فى الطريقة البرهامية الأولى ، حتى تكون تحت رعاية الطرق الصوفية ، ووضع الأفكار البرهانية تحت الملاحظة.
وقد اكد الدكتور التفتازانى ، أنه عند موقفه وموقف المؤسسات الدينية الذى سبق التأكيد عليه فى كل المناسبات
لماذا ؟0 وكيف ؟0 !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه ، هى قصة الكتابات البرهانية ، وبعض الأفكار التى يرددها قادتهم 00
فكيف يعيد البعض إصدار هذه الكتب ، بعد قرارات المصادرة والحظر منذ زمن بعيد ؟
بل ، لماذا يبقى مسمى (( البرهانية )) أصلا فى الأذهان ، خاصة أن الجهة الوحيدة التى تعطى تصريح ممارسة الطرق الصوفية ، وهى المجلس الأعلى ، عند مواقفه السالفة بحظر نشاط هذه الطريقة ؟
جريدة اللواء الإسلامي
والنقل من هنا http://www.islamweb.net.qa/aqeda/alsofiya/16.htm