خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الإسناد من الدين

    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 48
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    الملفات الصوتية الإسناد من الدين

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 03.12.08 21:01

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتلقون أمور دينهم كلها من رسول الله صلى الله
    عليه وسلم ، مباشرة أو بواسطة من شهد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
    من قول أو فعل أو تقرير، والذي تدل عليه الآيات القرآنية والأحاديث
    النبوية الشريفة الثابتة أن الصحابة -رضي الله عنهم- كلهم عدول بتعديل
    الله تبارك وتعالى لهم خلافًاً لبعض أهل الأهواء ،الطاعنين الحاقدين على
    صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولهذا ولغيره لا يتصور أبدًا احتمال الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من
    ذلكم الرعيل الذي قدم الغالي والنفيس في الدعوة إلى الله ونشر للدين
    الحنيف والذب عن الشريعة السمحة ،لأنهم حملتها ونقلتها إلينا جزاهم الله
    خيراً .

    أقول: ولا يجرؤ مسلم عنده تقىً في عصرنا على التقول على أحد بغير علم فكيف يجرؤ
    على التقول على الله أو على رسوله ؟ بل كيف يخطر ببال ذي مسكة عقل إمكانية
    وقوع ذلك من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم الله لذلك وهم
    يسمعون ويعلمون قوله تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر
    والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) وبقوله صلى الله عليه وسلم : " من كذب
    علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وبقوله صلى الله عليه وسلم : "من
    حدث عني حديثاً يُرَى أنه كَذِبٌ فهو أحد الكاذبين".

    ولقد كان التحري والتثبت موجوداً في الرواية لدى الصحابة رضي الله عنهم، وكان
    خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الأمة بعده أبو بكر الصديق أول
    من احتاط في قبول الأخبار، وقد قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما: إن
    هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم.

    وإن العناية بالإسناد من حفظ الله تبارك وتعالى لدينه حيث يقول تعالى: ( إنا
    نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ،ولا شك أن الحديث النبوي داخل ضمن
    قوله تعالى:( الذكر ) ،ولهذا لما سئل الإمام عبد الله بن المبارك عن
    الأحاديث الموضوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
    لحافظون).
    وقد قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: ( وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) وقال تعالى: (لتبيِّن للناس ما نزَّل إليهم).

    وإن الإسناد من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك لأمة غيرها ،وقد
    قال الإمام ابن حزم رحمه الله: " نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى
    الله عليه وسلم مع الاتصال، خص الله به المسلمين دون سائر الملل، وأما مع
    الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود ولكن لا يقربون فيه من موسى
    قربنا من محمد صلى الله عليه وسلم ، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى
    أكثر من ثلاثين عصراً، وإنما يبلغون إلى شمعون نحوه ". ثم
    قال رحمه الله: " وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم
    الطلاق فقط وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في
    اليهود والنصارى". ثم
    قال: " وأما أقوال الصحابة والتابعين فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب
    نبي أصلاً ، ولا إلى تابع له ،ولا يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من
    شمعون وبولص" .
    ولقد جاءت أقوال عديدة عن أئمتنا الأعلام في الإسناد وأهميته لا تكاد تحصى وذكروا أن الإسناد من الدين ، ولولاه قال من شاء ما شاء
    وأنه سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل وأن الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرقى السطح بغير سلم
    وأن كل شيء ليس في الحديث سمعت فهو خل أو بقل.
    وأنه رأس مال طالب الحديث .
    وأن الذي يطلب الحديث بلا إسناد فهو كطالب ليل يحمل حزمة حطب فيها أفعى وهو لا يدري.
    وغير ذلك كثير.
    ولهذا لم يكن شيء أثقل على البدع والأهواء من الإسناد لأن به تظهر عيوبهم وتنهدم ركائزهم الواهية.

    ولقد سطر التاريخ صورا رائعة لعلمائنا في التثبت والإنصاف والعدالة حيث لم
    يكن أحد منهم يحابي في دين الله أحدا ، كل ذلك ذبا عن سنة رسول الله صلى
    الله عليه وسلم.
    وقال الحسن بن صالح: كنا إذا أردنا أن نكتب عن رجل سألنا عنه حتى يقال لنا أتريدون أن تزوجوه .
    ولهذا أيضا قال زيد ابن أبي أنيسة في أخيه يحيى: إنه يكذب. ولما سئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس قال: قد سمع من هشام بن عروة ولكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه. وقال ابن المديني عن والده في حديث الشيخ ما فيه وأشار إلى تضعيفهوقال أبو داود السجستاني في ابنه عبد الله :إنه يكذب .
    وغير ذلك كثير .

    ولا غرابة في هذا وغيره لأنهم يؤمنون بقوله تعالى: ( قل إن كان آباؤكم
    وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن
    ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله
    بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ).
    فرحم الله أسلافنا ما أعدلهم وأنصفهم وأدقهم في دين الله عز وجل
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
    الكاتب/ الدكتور عاصم القريوتي

    الإسناد من الدين Logo




      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:45