خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الإسناد خصيصة هذه الأمة والجرح والتعديل قائم في الرواة ما بقي هذا الدين

    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    الملفات الصوتية الإسناد خصيصة هذه الأمة والجرح والتعديل قائم في الرواة ما بقي هذا الدين

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 08.11.08 23:30

    بقلم الشيخ العلامة ربيع بن هادى المدخلى - حفظه الله تعالى -
    " حامل لواء الجرح والتعديل فى هذا العصر"
    قال - رحمه الله تعالى - فى مقاله " الإسناد خصيصة هذه الأمة والجرح والتعديل قائم في الرواة ما بقي هذا الدين " ، والمرفوع على موقع فضيلة الشيخ - :

    (( بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :
    فقد سبق أن كتبت ثلاث مقالات في الجرح والتعديل، وبينت فيها أن أهله القائمين به لحفظ رسالة الإسلام وصونها من الكذابين والمبتدعين هم أئمة الحديث والجرح والتعديل المُسَلَّمْ لهم بهذا الشأن والمُقتدى بهم فيه.
    وأنه أصل مستمرٌ في هذه الأمة ما دام هناك حقّ وباطل، وضلال وهدى وكفر وإيمان، وكل مقتضيات الجرح والتعديل.
    وذلك ردّ على بعض أهل الجهل والأهواء في مقالات لهم نشروها في أحد مواقع الفتن التي أُنشِئت لحرب السنة وأصولها، وحملتها السابقين واللاحقين !! واليوم أضيف مقالة جديدة لعلها تقضي بأذن الله على كلّ أباطيلهم وتقطع ألسنتهم بحول الله الحافظ لدينه والناصر لأنصاره.

    قال أبو محمد ابن حزم :
    " ونحن إن شاء الله تعالى نذكر صفة وجوه النقل الذي عند المسلمين لكتابهم ودينهم ثم لما نقلوه عن أئمتهم حتى يقف عليه المؤمن والكافر والعالم والجاهل عياناً إن شاء الله تعالى فيعرفون أين نقل سائر الأديان من نقلهم فنقول وبالله تعالى التوفيق إن نقل المسلمين لكل ما ذكرنا ينقسم أقساماً ستة :
    أولها: شيء ينقله أهل المشرق والمغرب عن أمثالهم جيلاً جيلاً لا يختلف فيه مؤمن ولا كافر منصف غير معاند للمشاهد وهو القرآن المكتوب في المصاحف في شرق الأرض وغربها لا يشكون ولا يختلفون في أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أتى به وأخبر أن الله عز وجل أوحى به إليه وأن من اتبعه أَخذه عنه كذلك ثم أَخذ عن أولئك حتى بلغ إلينا ومن ذلك الصلوات الخمس فإنه لا يختلف مؤمن ولا كافر ولا يشك أحد أنه صلاها بأصحابه كل يوم وليلة في أوقاتها المعهودة وصلاها كذلك كل من اتبعه على دينه حيث كانوا كل يوم هكذا إلى اليوم لا يشك أحد في أن أهل السند يصلونها كما يصليها أهل الأندلس وأن أهل الأرمينية يصلونها كما يصليها أهل اليمن وكصيام شهر رمضان فإنه لا يختلف كافر ولا مؤمن ولا يشك أحد في أنه صامه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وصامه معه كل من اتبعه في كل بلد كل عام ثم كذلك جيلاً جيلاً إلى يومنا هذا وكالحج فإنه لا يختلف مؤمن ولا كافر ولا يشك أحد في أنه عليه السلام حج مع أصحابه و أقام المناسك ثم حج المسلمون من كل أفق من إلا فاق كل عام في شهر واحد معروف إلى اليوم وكجملة الزكاة وكسائر الشرائع التي في القرآن من تحريم القرائب والميتة والخنـزير وسائر شرائع الإسلام وكآياته من شق القمر ودعاء اليهود التي تمنى الموت وسائر ما هو في نص القرآن مقروء ومنقول.
    وليس عن(1) اليهود ولا عند النصارى في هذا النقل شيء أصلاً لأن نقلهم لشريعة السبت وسائر شرائعهم إنما يرجعون فيها إلى التوراة ويقطع نقل ذلك ونقل التوراة أطباقهم على أن أوائلهم كفروا بأجمعهم وبرؤُا من دين موسى وعبدوا الأوثان علانية دهوراً طوالاً ومن المحال أن يكون ملك كافر عابد أوثان هو وأمته كلها معه كذلك يقتلون الأنبياء ويخنقونهم ويقتلون من دعا إلى الله تعالى يشتغلون بسبب أو بشريعة مضافة إلى الله سبحانه تعالى عن هذا الكذب الذي لا شك فيه.
    ويقطع بالنصارى عن مثل هذا عدم نقلهم إلا عن خمسة رجال فقط وقد وضح الكذب عليهم إلى ما أوضحنا من الكذب الذي في التوراة والإنجيل القاضي بتبديلهما بلا شك.

    والثاني: شيء نقلته الكافة عن مثلها حتى يبلغ الأمر كذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ككثير من آياته ومعجزاته التي ظهرت يوم الخندق وفي تبوك بحضرة الجيش وككثير من مناسك الحج وكزكاة التمر والبر والشعير والورق والإبل والذهب والبقر والغنم ومعاملته أهل خيبر وغير ذلك مما يخفى على العامة وإنما يعرفه كواف أهل العلم فقط وليس عند اليهود والنصارى من هذا لنقل شيء أصلا لأنه يقطع بهم دونه ما قطع بهم دون النقل الذي ذكرنا قبل من إطباقهم على الكفر الدهور الطوال وعدم ايصال الكافة إلى عيسى عليه السلام.

    والثالث: ما نقله الثقة عن الثقة كذلك حتى يبلغ إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يخبر كل واحد منهم بإسم الذي أخبره ونسبه وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان على أن أكثر ما جاء هذا المجيء فإنه منقول نقل الكواف إما إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من طرق جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وإما إلى الصاحب وأما إلى التابع وإما إلى إمام أخذ عن التابع يعرف ذلك من كان من أهل المعرفة بهذا الشأن والحمد لله رب العالمين وهذا نقل خص الله تعالى به المسملين دون سائر أهل الملل كلها وبناه عندهم غضاً جديداً على قديم الدهور مد أربعمائة عام وخمسين عاماً في المشرق والمغرب والجنوب والشمال يرحل في طلبه من لا يحصى عددهم إلا خالقهم إلى الآفاق البعيدة ويواظب على تقييده من كان الناقد قريباً منه قد تولى الله تعالى حفظه عليهم والحمد لله رب العالمين فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شيءٍ من النقل إن وقعت لأحدهم ولا يمكن فاسق أن يقحم فيه كلمة موضوعة ولله تعالى الشكر وهذه الأقسام الثلاثة التي نأخذ ديننا منها ولا نتعداها إلى غيرها والحمد لله رب العالمين "([1]). وذكر بقية الأقسام فلا نطيل بذكرها.

    وقال أبو بكر الخطيب البغدادي :
    " أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز البزاز بهمذان قال حدثنا صالح ابن أحمد الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن أحمد يقول بلغني أن الله خص هذه الأمة بثلاث أشياء لم يعطها من قبلها الإسناد والأنساب والإعراب
    أخبرني أبو بكر محمد بن المظفر بن علي الدينوري المقرىء قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال سمعت أبا العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي السرخسي يقول سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول : إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد وليس لأحد من الأمم كلها، قديمهم وحديثهم، إسناد وإنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، وليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل مما جاءهم به أنبياؤهم، وتمييز بين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوا عن غير الثقات.
    وهذه الأمة إنما تَنُصّ الحديث من الثقة المعروف في زمانه، المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأضبط فالأضبط، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة.
    ثم يكتبون الحديث من عشرين وجهاً وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عداً فهذا من أعظم نعم الله تعالى على هذه الأمة.
    نستوزع الله شكر هذه النعمة، ونسأله التثبيت والتوفيق لما يقرب منه ويزلف لديه ويمسكنا بطاعته إنه وَليّ حميد"([2]).

    قال الشيخ عبدالحي الكتاني :
    "وفي شرح الاسم الثاني عشر ومائة من سراج المريدين للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري ما نصه : والله أكرم هذه الأمة بالإسناد،لم يعطه أحد غيرها، فاحذروا أن تسكلوا مسلك اليهود والنصارى فتحدثوا بغير إسناد فتكونوا سالبين نعمة الله عن أنفسكم، مطرّقين للتهمة إليكم وخافضين لمنـزلتكم، ومشتركين مع قوم لعنهم الله وغضب عليهم، وراكبين لسنتهم. اهـ ، ومن نسخة عليها خطه نقلت.
    وأورد أيضاً في شرح الاسم الحادي والعشرين والمائة "من سراج المريدين" قصة تضمنت كرامة لحافظ الإسلام بقي بن مخلد اتصل به من طريق أهل العراق فقال: أما غرابة سندها فرجل -يعني نفسه- رحل من إشبيلية فلقي بمدينة السلام رجلا حدثه عن رجل من أهل تيناعورا أخبره عن رجل كان بالأندلس، وهذا من مفاخر هذه الأمة، فالعلم حدثنا وأخبرنا وما سوى ذلك وسواس الشيطان اهـ.

    قال بعض الأعلام في صدر ثبت له: وكفى الراوي المنتظم في هذه السلسلة شرفاً وفضلاً وجلالةً ونبلاً أن يكون اسمه منتظماً مع اسم المصطفى في سطر واحد، على رغم أنف الحاسد المعاند، وبقاء سلسلة الإسناد من شرف هذه الأمة المحمدية، واتصالها بنبيها خصوصية لها بين البرية.

    وقال الأستاذ أبو سعيد ابن لب: وحسبك بها شرفاً تتعلق به لذوي الآمال، وتبذل في تعاطيه مع الأموال. ثم قال: والعجب بن مسلم ينكر الرواية وهي نور الإسلام، ثم أنشد:
    وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ------ إذا استوت عنده الأنوار والظلم

    وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر : الإجازة في العلم رأس مال كبير أو كثير . اهـ

    وقال ابن حجر الهيثمي: لكون الإسناد يعلم به الموضوع من غيره كانت معرفته من فروض الكفاية اهـ.

    وقال ابن رحمون في "الدر والعقيان": كان من سنة علماء الحديث، طلب الإجازة في القديم والحديث، حرصاً على بقاء الإسناد، ومحافظة على الشريعة الغراء إلى يوم التناد، وهي التي نسيت في مغربنا بهذه الأعصر، واكتفى أهله عن البسط بالحصر، وأهملوا السند والإجازة، وحسبوا أن العلم بمجرد التدريس والحيازة اهـ.

    ونقل ابن حجر الهيثمي في فتاويه الحديثية عن الحافظ العراقي قال: نقل الإنسان ما ليس لديه به رواية غير سائغ بإجماع أهل الدراية.

    وعن الحافظ ابن خير الإشبيلي قال: أجمع العلماء على أنه لا يصح لمسلم أن يقول: قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كذا، حتى يكون عنده ذلك القول مروياً ولو على أقل وجوه الرواية. وتعرض للجمع بين الأقوال بحمل الجواز على ما إذا كان لمجرد االاستنباط وعدمه على ما إذا كان للرواية عن القائل اهـ.

    قلت- الشيخ ربيع حفظه الله تعالى - : ولنا في المعنى رسالة اسمها "رفع الضير عن إجماع الحافظ ابن خير" انظر فيها بسط ماله وعليه.

    وفي مقدمة "فتح الباري" عن بعض مشايخ الحافظ: الأسانيد أنساب الكتب.

    وقال الحافظ أبو الفضل مرتضى الزبيدي في إجازته لأهل قسمطينة: ثبت عند أهل هذا الفن أنه لا يتصدى لاقراء كتب السنة والحديث قراءةَ دراية أو تبرك ورواية إلا من أخذ أسانيد تلك الكتب عن أهلها ممن أتقن درايتها وروايتها، ورحل إلى البلدان فظفر بعوالي المرويات، وباحث الأقران فأحاط بمدارك الدرايات، وجلس في مجالس الإملاءات على الركب، وتردد إلى المشايخ بالخضوع والأدب، وهذا الآن أقل من قليل، فحسبنا الله ونعم الوكيل، اهـ ونحوه لصاحب بذل النحلة (انظر صحيفة: (138) من عقد اليواقيت الجوهرية وانظر كتابنا "الإجازة إلى معرفة أحكام الإجازة" ورسالتنا المسماة "بالردع الوجيز لمن أبى أن يجيز ترَ عجباً"([3]).

    قال ابن الصلاح في مقدمته لعلوم الحديث:
    " أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم، وكان عليه من تقدم.
    ووجه ذلك: ما قدمناه في أول كتابنا هذا من كون المقصود المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد والمحاذرة من انقطاع سلسلتها، فَليعتَبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده، وليُكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلماً، بالغاً، عاقلاً، غير متظاهر بالفسق والسخف، وفي ضبطه بوجود سماعه مثبَتاً بخط غيِر مُتَّهم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه.
    وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي -رحمه الله- فإنه ذكر فيما روينا عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم.
    ووُجّهَ ذلك: بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقعت بين الصحة والسقم قد دُوِنت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث، ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم، وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها.

    قال: البيهقي فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه. ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره. والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلاً "بحدثنا وأخبرنا" وتبقى هذه الكرامة التي خُصت بها هذه الأمة شرفاً لنبينا المصطفى صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم،والله أعلم"([4]).

    أقول - الشيخ ربيع حفظه الله تعالى -:
    لقبول الرواية والتحديث شروط معروفة أشار إليها ابن الصلاح هنا وهي :
    1- أن يكون الراوي مسلماً بالغاً عاقلاً سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة متيقظاً غير مغفل حافظاً إن حدث من حفظه ضابطاً لكتابه إن حدث من كتابه وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالماً بما يحيل المعاني.
    2- هذه الشروط قد كانت ضرورية كلها في الرواة في عهد السلف فلا يحتج برواية أي راو اختلت فيه هذه الشروط أو بعضها إلى أن دونت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدواوين المعروفة المشهورة من الصحاح والسنن والمسانيد والمصنفات والمعاجم.
    ثم بعد هذه المرحلة أصبح هم الأمة الحفاظ على ما حوته تلكم الدواوين من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ودراسة ما فيها وروايتها وتداولها بالأسانيد من شيخ إلى شيخ ومن جيل إلى جيل إلى يومنا هذا والعمل بما فيها.
    ومن ضمن من تصدى لرواية هذه الدواوين علماء لا تتوفر فيهم كمال الحفظ والضبط فلجأ العلماء إلى التسامح بالتخفيف من تلك الشروط لا إلغائها واكتفوا بما يليق بهذا الغرض منها وسبب هذا التخفيف هو ما يرمون إليه من الحفاظ على خصيصة هذه الأمة وهو الإسناد والحرص على بقائه واستمرار سلسلته والمحاذرة من انقطاعها ما بقيت أمة الإسلام.
    من أجل ذلك اكتفى العلماء في أهلية الشيخ المحدث بأن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً غير متظاهر بالفسق والسخف.
    وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتاً بخط ثقة(1) غير متهم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه لأن القصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلاً (بحدثنا وأخبرنا) وتبقى هذه الكرامة التي خُصت بها هذه الأمة شرفاً لنبينا المصطفى صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم.

    أقول تعليقاً على كلام البيهقي: ويالها من خصيصة وياله من شرف تبذل لهما النفوس والمُهج ويبذل للحفاظ عليهما كل الأسباب الكفيلة بحفظهما بعد حفظ الله لهما.
    واختلال هذه الشروط أو بعضها يعتبر جرحاً في أهلية من يتصدى للرواية والتحديث.
    فمن توفرت فيه هذه الشروط فهو أهل لرواية سنة رسول الله ما سمعه منها من شيوخه وما أجيز فيها وأهل للتحديث بها.
    ومن اختل فيه شرط أو شروط فهو مجروح فاقد لأهلية الرواية والتحديث بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وروايتها.

    ولخص الحافظ ابن كثير كلام ابن الصلاح السابق في مختصره، وعلق عليه أحمد محمد شاكر في الباعث الحثيث (1/321-322) فقال :
    " الشروط السابقة في عدالة الراوي إنما تُراعى بالدقة في المتقدمين، وأما المتأخرون – بعد سنة ثلاثمائة تقريباً (1)– فيكفي أن يكون الراوي مسلماً بالغاً عاقلاً، غير متظاهر بفسق أو بما يخل بمروءته، وأن يكون سماعه ثابتاً بخط ثقة غير متهم وبرواية من أصل صحيح موافق شيخه،لأن المقصود بقاء سلسلة الإسناد، وإلا فإن الروايات استقرت في الكتب المعروفة وصارت الرواية في الحقيقة رواية للكتب فقط".

    وعلق الحافظ السخاوي على كلام الحافظ البيهقي السابق فقال : " وقد سبق البيهقي إلى قوله شيخُه الحاكمُ ونحوه عن السلفي، وهو الذي استقر عليه العمل، بل حصل التوسع فيه أيضاً إلى ما وراء هذا.. " فتح المغيث ( 2/108).

    وانظر هذا الموضوع في التقريب للنواوي مع تدريب الراوي للسيوطي (ص228) وانتبه لتسمية السيوطي المتوفى في أوائل القرن العاشر كتابه بتدريب الراوي أي لمن سيأتي بعده ممن يشتغل بسنة رسول الله وعلومها.

    وإذن فهذا الأصل الأصيل الجرح والتعديل قائم ومستمر ما بقي هذا الدين.

    وفي هذا رد حاسم على من يقول إنه قد انقطعت الرواية وبانقطاعها انقطع الجرح والتعديل، فالرواية مستمرة ما بقي هذا الدين ولله الحمد))
    انتهى الجزء الاول من المقال نقلا عن www.rabee.net/show_book.aspx?

      الوقت/التاريخ الآن هو 23.11.24 9:30