مهمات أحكام المولود
أحكام المولود
نعمة الأولاد نعمة عظيمة تحتاج إلى شكر، ومن شكر النعمة اتباع الأحكام الشرعية للمولود، وفي هذا المقال تلخيص لتلك الأحكام تفيد القارئ وتذكر العالم، أسأل الله أن يوفقنا لصواب القول والعمل. والذي يشرع عند قدوم المولود عدة أمور ورد بها الشرع نذكرها بعون الله تعالى.
التهنئة بالمولود
يستحب بشارة من ولد له ولد وتهنئته: قال تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ﴾(الصافات:101).
ومن المستحب أن يدعى للمولود عند التهنئه بما يسر الوالد وينفع المولود، فقد قال رجل عند الحسن البصري لآخر: ليهنك الفارس. فقال: الحسن: لعله لا يكون فارسا، لعله يكون بقالا أو جمالا، ولكن قل: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب ، بلغ أشده ورزقت بره .
وكان أيوب إذا هنأ بمولود قال: جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
الأذان في أذنه
من السنة أن يؤذن في أذن المولود لحديث أبي رافع قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة" .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ورد في سنن الترمذي حديث صححه بعض العلماء وعمل به البعض أنه يؤذن في أذن المولود اليمنى. وأما الإقامة فورد فيها حديث ضعيف وعمل به جمع من السلف مثل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله .
تحنيك المولود والدعاء له:
من الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحنك مواليد الصحابة إذا أحضروهم له، فقد روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم" .
وفي حديث أسماء أنها ولدت عبدالله بن الزبير فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنكه بالتمرة ثم دعا له وبرك عليه" . وحنك أيضا عبدالله بن أبي طلحة كما في الصحيحين من حديث أنس .
والتفسير العلمي لهذا الحديث أن مستوى السكر " الجلوكوز" في الدم بالنسبة للمولودين حديثاً يكون منخفضاً ، و كلما كان وزن المولود أقل كلما كان مستوى السكر منخفضاً .
وبالتالي فإن المواليد الخداج [وزنهم أقل من 5,2 كجم] يكون منخفضاً جداً بحيث يكون في كثير من الأحيان أقل من 20 ملليجرام لكل 100 ملليلتر من الدم .
و أما المواليد أكثر من 5,2 كجم فإن مستوى السكر لديهم يكون عادة فوق 30 ملليجرام .
و يعتبر هذا المستوى ( 20 أو 30 ملليجرام ) هبوطاً شديداً في مستوى سكر الدم
و يؤدي ذلك إلى الأعراض الآتية :
1. أن يرفض المولود الرضاعة.
2. ارتخاء العضلات.
3. توقف متكرر في عملية التنفس و حصول ازرقاق الجسم.
4. اختلاجات و نوبات من التشنج.
و قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة مزمنة ، و هي :
1. تأخر في النمو .
2. تخلف عقلي .
3. الشلل الدماغي .
4. إصابة السمع أو البصر أو كليهما .
5. نوبات صرع متكررة ( تشنجات ) .
و إذا لم يتم علاج هذه الحالة في حينها قد تنتهي بالوفاة ، رغم أن علاجها سهل ميسور و هو إعطاء السكر الجلوكوز مذاباً في الماء إما بالفم أو بواسطة الوريد .
إن قيام الرسول صلى الله عليه و سلم بتحنيك الأطفال المواليد بالتمر بعد أن يأخذ التمرة في فيه ثم يحنكه بما ذاب من هذه التمرة بريقه الشريف فيه حكمة بالغة . فالتمر يحتوي على السكر " الجلوكوز " بكميات وافرة وخاصة بعد إذابته بالريق الذي يحتوي على أنزيمات خاصة تحول السكر الثنائي " السكروز " إلى سكر أحادي ، كما أن الريق ييسر إذابة هذه السكريات ، و بالتالي يمكن للطفل المولود أن يستفيد منها .
و بما أن معظم أو كل المواليد يحتاجون للسكر الجلوكوز بعد ولادتهم مباشرة ، فإن إعطاء المولود التمر المذاب يقي الطفل بإذن الله من مضاعفات نقص السكر الخطيرة التي ألمحنا إليها .
إن استحباب تحنيك المولود بالتمر هو علاج وقائي ذو أهمية بالغة و هو إعجاز طبي لم تكن البشرية تعرفه و تعرف مخاطر نقص السكر " الجلوكوز " في دم المولود .
وإن المولود ، و خاصة إذا كان خداجاً ، يحتاج دون ريب بعد ولادته مباشرة إلى أن يعطى محلولاً سكرياً . و قد دأبت مستشفيات الولادة و الأطفال على إعطاء المولودين محلول الجلوكوز ليرضعه المولود بعد ولادته مباشرة ، ثم بعد ذلك تبدأ أمه بإرضاعه .
وهذه الأحاديث الشريفة الواردة في تحنيك المولود تفتح آفاقاً مهمة جداً في و قاية الأطفال ، وخاصة الخداج " المبتسرين " من أمراض خطيرة جداً بسبب إصابتهم بنقص مستوى سكر الجلوكوز في دمائهم .
و إن إعطاء المولود مادة سكرية مهضومة جاهزة هو الحل السليم و الأمثل في مثل هذه الحالات .
كما أنها توضح إعجازاً طبياً لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه و سلم و لا في الأزمنة التي تلته حتى اتضحت الحكمة من ذلك الإجراء في القرن العشرين .
تسمية المولود:
من حق الطفل أن يسمى باسم حسن، لما صح من طريق الحسن عن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى) . واستدل به جمع من أهل العلم على استحباب التسمية في اليوم السابع ليكون هناك مهلة من التفكير والمشاورة.
والظاهر من الأدلة أن الاستحباب يبدأ من اليوم الأول إلى اليوم السابع لحديث أنس قال قال رسول الله صلى عليه وسلم : (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم .
وتكون العقيقة بعد التسمية لاستحباب أن يذكر الاسم عند العقيقة لحديث عائشة قالت:" عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى. قالت: فقال رسول الله صلى عليه وسلم : اذبحوا على اسمه وقولوا: بسم الله اللهم منك وإليك ، هذه عقيقة فلان" .
وتحسين الاسم قدر زائد على مشروعية التسمية، وهو حق من حقوق المولود، قال ابن عباس رضي الله عنهما: من رزقه الله ولدا فليحسن اسمه وتأديبه فإذا بلغ فليزوجه . وقال سفيان الثوري: كان يقال: حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأن يزوجه إذا بلغ وأن يحججه وأن يحسن أدبه .
وقد جاءت السنة باستحباب بعض الأسماء مثل:
1- عبدالله وعبدالرحمن، وحارث وهمام لحديث:"أفضل الأسماء عبدالله وعبدالرحمن وأصدقها حارث وهمام".
2- ومحمد لحديث:"تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي".
3- التسمية باسم الأب الصالح لحديث أنس قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم : (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم .
4- التسمية بأسماء الصالحين فقد روى مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: لما قدمت نجران سألوني: إنكم تقرؤون:"يا أخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا. فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال:" إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم".
وعلى القول بأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت شرعنا بخلافه، فإنه يشرع الاقتداء بهم وقد ورد حديث ضعيف أصرح من هذا وهو:" تسموا بأسماء الأنبياء".
حلق رأس المولود والتصدق بوزن شعره فضة
يستحب حلق رأس الغلام لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:" عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى" .
وفي حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى) .
وفي حديث الحسن عن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى) .
وأما حكم حلق رأس المولود فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يستحب حلق رأس المولود في اليوم السابع ويتصدق بوزنه ورِقا لحديث أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة لما ولدت الحسن : ( احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين والأوفاض)
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنه:" يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة" .
واختلف أهل العلم في حلق رأس المولودة الأنثى إلى أقوال:
الأول: ذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، لما روي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضة .
ولأن الحلق فيه مصلحة من حيث انتفاع الفقراء بالصدقة ومن حيث تحسين الشعر، وليس في حلق رأس المولودة تشويه.
الثاني: قال الحنابلة بعدم مشروعية حلق رأس المولودة لحديث سمرة مرفوعا: كل غلام...) فخصه بالغلام .
الثالث: قول الحنفية بإباحة ذلك كله .
وسئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن حلق رأس البنت حتى يقوى الشعر ويكثر؟
فقال: الله أعلم .
والظاهر أن حلق الرأس يكون قبل العقيقة لما سيأتي من استحباب تطييب الرأس المحلوق بعد العقيق.
العقيقة عن المولود
العقيقة عن المولود ثابتة في صحيح البخاري من طريق سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى" . وعن سمرة مرفوعا:" كل غلام رهينة رعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه" .
والمجزئ شاة عن كل مولود، لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بكبش .
والأفضل أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحدة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعق عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة) ، وقالت:" عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى. قالت: فقال رسول الله صلى عليه وسلم : اذبحوا على اسمه وقولوا: بسم الله اللهم منك وإليك ، هذه عقيقة فلان. قالت: وكانوا في الحاهلية يخضبون قطنة بدم يوم العقيقة فإذا حلقوا الصبي وضعوها على رأسه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا " .
ودل هذا الحديث على استحباب أن تكون العقيقة في اليوم السابع، وأن تذبح العقيقة على اسمه بأن يقال: بسم الله اللهم منك وإليك ، هذه عقيقة فلان. وهو دال على سبق التسمية للعقيقة.
وقال عطاء أيضا عن العقيقة :" عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة تذبح يوم السابع إن تيسر وإلا فأربع عشرة وإلا فإحدى وعشرين. قال الترمذي: وأهل العلم يستحبون ذلك .
وأما الحكمة من تحديد اليوم السابع فقال الدهلوي رحمه الله : وأما تخصيص اليوم السابع فلأنه لا بد من فصل بين الولادة والعقيقة فإن أهله مشغولون بإصلاح الوالدة والولد في أول الأمر فلا يكلفون حينئذ بما يضاعف شغلهم، وأيضا فرب إنسان لا يملك شاة إلا بسعي فلو سن كون العقيقة في أول يوم الولادة لضاق الأمر عليهم. والسبعة أيام مدة صالحة للفصل المعتد به .
ويستحب أن تقطع العقيقة أعضاء ولا تكسر أعضاؤها، وأن تطبخ وتوزع على الجيران ويقال: هذه عقيقة فلان ،لما ثبت عن جابر رضي الله عنه قال: وفي العقيقة تقطع أعضاءً ويطبخ بماء وملح ثم يبعث به إلى الجيران فيقال: هذه عقيقة فلان. قال أبو الزبير: فقلت لجابر: أيضع فيه خلا؟ قال: نعم هو أطيب له .
وقال عطاء في لحم العقيقة: تقطع أعضاء. قال الإمام أحمد: يعني لا يكسر لها عظم. قال : وهذا أعجب إلي .
وله أن يصنع بلحم العقيقة ما شاء، فقد سئل الإمام أحمد عن العقيقة فقال : قال ابن سيرين: اصنع بلحم العقيقة كيف شئت. قيل : كيف؟ يأكلها كلها؟ قال: يأكل ويطعم . أي يتصدق بجزء منها.
وأما كونها ذكرا أم أنثى فإن الحديث صريح في التسوية بينهما وذلك فيما روته أم كرز الكعبية أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال:" نعم عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة لا يضركم ذكرانا كن أم إناثا" .
تلطيخ رأس الصبي بعد حلقه:
يستحب أن يطيب رأس المولود بالطيب، لما تقدم عن عائشة رضي الله عنها قالت: وكانوا في الحاهلية يخضبون قطنة بدم يوم العقيقة فإذا حلقوا الصبي وضعوها على رأسه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا " .
وقال بريدة الأسلمي رضي الله عنه: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران" .
الختان
الختان من شعار الإسلام، وهو من الفطرة كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:" الفطرة خمس الختان..." . ولذا شرع لمن يسلم أن يختتن فقد ثبت عن قتادة الرهاوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر من أسلم أن يختتن..." .
وأما ختان البنات فالأحاديث الواردة فيها لا تخلو من مقال . إلا أنه معروف عند العرب ولم ينكره الإسلام كما في حديث:" إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".
ومن هدي السلف أن يقيموا احتفالا بعد الختان، لأنهم كانوا يختنون أبناءهم قبل البلوغ، فقد قال عبدالله بن يزيد: رأيت واثلة بن الأسقع دعا الناس إلى ختان ابنه .
وقال نافع: كان ابن عمر يطعم على الختان .
وكانوا يتوسعون في وليمة الختان في استعمال الدف وإنشاد الأشعار، وإحضار من يدخل السرور على الأطفال عن محمد بن سيرين أن عمر كان إذا سمع صوت دف أنكر ، فإن قالوا: عرس أو ختان سكت . وعن عكرمة قال: ختن ابن عباس بنيه فأرسلني فجئته بلعابين فلعبوا وأعطاهم أربعة دراهم .
ومن هديهم قبول دعوة الختان، فقد قال مكحول لنافع: كان ابن عمر يجيب دعوة صاحب الختان إلى طعامه ؟ قال: نعم .
كما أن من المستحب عندهم إعانة صاحب الدعوة بالمال ليقوم بتجهيزها، فقد ورد عن القاسم قال: أرسلت إلي عائشة بمائة درهم فقالت: أطعم بها على ختان ابنك .
والنقل
لطفـــــــاً .. من هنـــــــا