إشكال في الاجتماع وصنع الطعام للميت
أحبتي تكلم جمع غفير عن حكم الاجتماع للميت فمنهم من أعده من النياحة لحديث جرير عند أحمد وغيره .
لكن اين هم من حديث عائشة عند البخاري؟
أحبتي تكلم جمع غفير عن حكم الاجتماع للميت فمنهم من أعده من النياحة لحديث جرير عند أحمد وغيره .
لكن اين هم من حديث عائشة عند البخاري؟
كم كنت اريد ان اسأل من أخذ بحديث جرير ما يقول في حديث عائشة
أرجو من عنده فائدة فلا يبخل علينا نفعنا الله وإياكم لما فيه خير وصلاح .
===========
عن عائشةَ زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم
" أنها كانت إذا مات المَيْتُ من أهلِها فاجتمعَ لذَلك النساءُ ثمّ تَفَرّقْن - إلا أهلَها وخاصّتَها - أمرَت ببُرْمَةٍ من تَلْبينةٍ فطُبِخَت , ثمّ صُنِعَ ثريدٌ فصُبّتِ التّلْبينَةُ عليها ثم قالت : كلنَ منها , فإِنّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول : التّلبينة مَجمّةٌ لفؤاد المريض , تَذهَبُ ببعضِ الحُزْن " .
وهو لفظ البخاري ) ـ .
==========
حديث عائشة دل على أمور منها :
1-
جواز الاجتماع عند أهل المصيبة.
2-
جواز اجتماع أهل المصيبة وغيرهم من الأصحاب والجيران.
3-
جواز صنع الطعام لأهل المصيبة والاجتماع عليه.
أما حديث جرير :
ففي مسائل الإمام أحمد لأبي داود أن الإمام أحمد قال فيه :ليس له أصل
==========
هذا بحث للمسألة للشيخ أبي معاذ ظافر بن جبعان
هذا رابطه :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24014
===========
كنت قرأت رسالة الأخ ظافر وعلّقتُ عليها
وهذا بعض التعليق:
"... فوجئتُ عندما قرأت رسالة الأخ ظافر فإني وجدته يقول عن التعزية :
ومعلومٌ أن التعزية عبادة من العبادات...
وكذلك يقول : ... وقد جعل الإسلام هذا الأصل من حق المسلم على المسلم، في تشييع جنازته، والصلاة عليه، والمشاركة في دفنه، وتعزية أهله من بعده، ورتب على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل، كل ذلك لأجل التقارب والتراحم والتعاطف، وشرع أيضا مواساة أهله، والوقوف معهم، وتصبيرهم وتذكيرهم بالله، حتى لا يُقَطِّع الحزن جنانهم، ولا يدخل الشيطان عليهم بالوسوسة، وبالتحزين، وحتى لا يجرهم ذلك لفعل البدع والمنكرات.
• ثم قال :
وإذا عُلم أن التعزية سنة مشروعة، فإن البدعة لا تحيي سنة
وقال :
فإن التعزية مقصد، لما ورد من مشروعيتها، وفضلها، ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا باستقبال المعزين، والجلوس...
والذي أريد أن أسأله للأخ ظافر من أين استقيت هذه الأحكام عن التعزية ؟
أعني قولك عنها : سنة مشروعة ، أو مقصد شرعي ، وعبادة من العبادات ، ومن حق المسلم على أخيه المسلم ؟
حبّذا لو تدلني على مراجعك العلمية لأستفيد منها .
• والذي فاجأني أيضاً قوله : وإن من المسائل التي كثر الكلام عليها بين أهل العلم مسألة الجلوس للتعزية، وخاصة في هذا الزمن، بل قد سمعت من بعضهم من يقول بأن الجلوس للتعزية بدعة منكرة"
انتهى
فكلامه يوحي أنها مسألة جديدة في زمننا وأنّ القول ببدعيّتها محدث وجديد .
مع أننا نعلم أن العلماء من لدن الصحابة إلى زمننا يصفون التصدي للعزاء بأنه بدعة منكرة
وقد ذكر الأخ ظافر بعض كلامهم في رسالته ، فلماذا نسيه ؟
ثمّ عاد ففاجأني بقوله : اختلف العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في مسألة الجلوس للتعزية على قولين : ..."
انتهى
فأوحى للقارئ أنّ المسألة فيها خلاف بين العلماء أو المذاهب قديماً .
واستدلّ لكلامه فقال :
1ـ
نُقل عن الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ الرخصة في ذلك، فقد نَقل ابن مفلح(ت 884هـ)، والمرداوي (ت885هـ) ـ رحمهما الله تعالى ـ عنه (الرخصة لأهل الميت، نقله حنبل واختاره المجد؛ وورد عنه أيضاً الرخصة لأهل الميت ولغيرهم، وقال بكراهته إذا كان فيه تهيج للحزن)(2).
2ـ
وقال ابن قدامة(ت620هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ:( وجملته أنه يستحب إصلاح طعام لأهل الميت، يبعث به إليهم، إعانة لهم، وجبرا لقلوبهم؛ فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم).
فقول ابن قدامة:(وبمن يأتي إليهم) فيه دليل على أن الاجتماع للعزاء هو قوله. اهـ
والكلام الذي نقله عن الإمام أحمد غير واضح و لا مفهوم والمعروف عنه خلافه
وهو المنصوص عليه في كل كتب الحنابلة .
قال المرداوي الحنبلي :( ويكره الجلوس لها، هذا المذهب وعليه أكثر أصحابنا ونص عليه، قال في الفروع: اختاره الأكثر، قال في مجمع البحرين: هذا اختيار أصحابنا
والذي أريد أن أسأله للأخ ظافر : إذا كان ابن قدامة الحنبلي في كتابه المغني يفتي بكراهة الجلوس للعزاء ولم ينقل قولاً مخالفاً لا في مذهبه ولا في غيره
فكيف يصح أن تنسب إليه القول بالجواز ؟!
والواضح في النص الذي نقلته عن ابن قدامة أنه يتكلّم عن صنع الطعام لأهل الميت وأنه مستحب
ولكنكَ فهمت من قوله : فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم)
أنه يقول بالجواز
وهذا الفهم بعيد ، لأنّك حمّلت الكلام أكثر مما يحتمل ونسبتَ للرجل خلاف قوله ثم قلتَ : اختلف العلماء ؟
• حبذا يا أخ ظافر أن تدلنا على أسماء العلماء الأوائل الذين صرّحوا بجواز الجلوس للعزاء ، لكي نضعهم في مقابلة العلماء الآخرين وننظر في أدلة كل طرف .
ـ ثمّ يتابع الأخ ظافر فيقول واستدلّوا لهذا القول بأدلة منها :
الدليل الأول:
حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ في الصحيحين: (أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن ـ إلا أهلها وخاصتها ـ أمرت ببُرْمَةٍ من تَلبينة فطبِخَت, ثمّ صنع ثريدٌ فصُبّتِ التّلْبينَةُ عليها
ثم قالت: كلنَ منها, فإِنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التّلبينة مَجمّةٌ لفؤاد المريض, تَذهبُ ببعضِ الحُزْن"(1).
فهذا الحديث فيه الدلالة على أنهم كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً، لا اجتماع أهل الميت، ولا اجتماع غيرهم معهم، ففي الحديث "أنها كانت إذا مات الميت "
فهذا يدل على أنها كانت عادة عندهم، إذا مات الميت اجتمع لذلك أهل الميت، وفي الحديث "ثم يتفرقون" ولا يتفرقون إلا بعد اجتماع، ويبقى أهلها وخاصتها
مما يدلّ على أن غيرهم كان معهم ثم ذهب، كما أن أهل الميت يصنعون لأنفسهم طعاماً، فهو من صنعة الطعام .
انتهى
• وهنا أعود فأسأل الأخ ظافر من هو الإمام الذي استدل بهذا الحديث ؟
أمّا البخاري فقد استدل به في باب الأطعمة وفي باب الطب ، ولم يستدل به في باب العزاء !!
وأما الإمام مسلم فقد استدل به في باب السلام .
وقال شارحه : وإنما كانت عائشة رضي الله عنها تصنع ذلك لأهل الميت لأنهم شغلهم الحزن عن الغذاء فيشتد عليهم حرارة الجوع والحزن فإذا أكلوا ذلك سكنت عنهم تلك الحرارة
انتهى
وأمّا أنا فيدفعني الفضول لمعرفة من الذي استدل بهذا الحديث من العلماء في جواز الجلوس للعزاء ؟
وأمّا بخصوص ما فهمه الأخ ظافر من الحديث فإني أرى أنه قد تكلّف جداً حتى خرج بهذا المعنى ، وأظن أنه لم يُسبق إليه .
يا أخ ظافر إن علماء هذه الأمة لم يمنع واحد منهم الاجتماع عند أهل الميت عند مصيبة الموت لكي يعينوهم ويقفوا معهم في مصيبتهم ويؤدوا إليهم حقوقهم
وهذا الأمر معروفٌ قديماً وحديثاً
فبمجرّد وصول نبأ الوفاة يهرع الأقارب والجيران والأصدقاء إلى بيت الميت ليقدّموا العون الممكن وليصبّروا أهل الميت ويساعدوهم في أمور التغسيل والتكفين والصلاة والدفن
ثم بعد ذلك ينصرفون إلى حوائجهم
ويبقى المقرّبون من أهل الميت من أقاربه وذويه
ثم بعد ذلك ينصرفون هم أيضاً
وهذا المفهوم من حديث عائشة
ولكن هذا لا علاقة له بمجلس العزاء الذي يقام في الأيام التالية وعلى الهيئة المعروفة !
وأما الدليل الثاني الذي ساقه الأخ ظافر فهو :
الدليل الثاني:
استدلوا بما روته عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:( لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتلُ ابن حارثة و جعفر وابن رواحة جلسَ يُعرفُ فيه الحُزنُ، وأنا أنظرُ من صائر الباب شق الباب
فأتاه رجلٌ فقال: إن نساء جعفر ـ وذكر بكاءهن
فأمره أن ينهاهن فذهب، ثم أتاه الثانية لم يطعنه
فقال: إنهَهُن، فأتاه الثالثة قال: والله غلبننا يا رسول الله، فزعمت أنه قال:"فاحثُ في أفواههـن التراب"
فقـلت: أرغم الله أنفك، لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العَنَاء).
انتهى
وأنا أسأل الأخ ظافر : مَنْ استدل بهذا الحديث على جواز مجالس العزاء ؟
فقد رواه البخاري واستدل به في باب الجلوس عند المصيبة يُعرف فيه الحزن .
قال شارحه : أي جلس حزيناً ، وعدل إلى قوله : يُعرف ، ليدل على أنه صلى الله عليه وسلم كظم الحزن كظماً .
وكان ذلك القدر الذي ظهر فيه من جِبِلَّة البشرية .
وهذا موضع الترجمة ، وهو يدل على الإباحة لأن إظهاره يدل عليها .
نعم
إذا كان معه شيء من اللسان أو اليد حرم .
انتهى
وكذلك فعل أبو داود ، أما الإمام مسلم فقد استدل به في التشديد في النياحة وأما النسائي ففي النهي عن البكاء على الميت .
والواضح في الحديث يا أخ ظافر أن الرجل الذي دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزّه بل جاءه ليخبره ببكاء نساء جعفر عليه فأمره أن ينهاهن عن البكاء .
فما وجه الاستدلال ؟
ثم إنّ كلامنا في مجالس التعزية خاصّة وليس في كل جلوسٍ يجلسه المرء ويمكن أن يُعزّى فيه !
فهذا في علمي لم يمنعه أحد .
وأما الأدلة الأخرى التي ساقها الأخ ظافر فهي كما قال : كلها ضعيفة لا تثبت ولا يحتج بها
ومع ذلك فإنه أيضاً تكلّف في تحميلها المعنى الذي يريده وهي لا تحتمله .
ثم ختم الأدلة بقوله : الدليل السادس:
ومما يدل على جواز الاجتماع للتعزية
أن الاجتماع للعزاء من العادات، وليس من العبادات
بناء على الأصل، والأصل في الأشياء الإباحة
وهذا ظاهر من حديث أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها : ( أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن ... الحديث).
فقول : (أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك )
أنه كان عادة عندهم، ولم أرَ أحداً من العلماء ـ مع بحثي القاصر ـ
قال: إن الاجتماع للعزاء عبادة
ومعلوم أن البدع لا تكون في العادات المحضة، إلا إذا اعتقد بها التقرب إلى الله تعالى ، وليس لها أصل في الشرع
فهذه العادة تصبح بدعة.
انتهى
ثم استشهدَ بقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
(ت728هـ) ـ رحمه الله تعالى :
( فهذا أصل عظيم تجب معرفته والاعتناء به، وهو أن المباحات إنما تكون مباحة إذا جعلت مباحات، فأما إذا اتخذت واجبات أو مستحبات كان ذلك ديناً لم يشرعه الله).
وأقول :
يا أخ ظافر ألا ترى معي أن كلام شيخ الإسلام واضح في حسم المسألة ، لأنه كما تعلم أن مجالس العزاء صارت عند الناس من الواجبات والمستحبّات
ولذلك قال العلماء عنها : إنها بدعة منكرة .
وكذلك
قولك في العادات المحضة ، فهل هذه المجالس عادات محضة ؟
وأنت الذي قلتَ إن التعزية عبادة وسنة ومقصد ، وهذه المجالس وسيلة إليها
فكيف تجعلها عادات محضة !
فإذا أتاك من يقول إن الاحتفال بالمولد النبوي هو من العادات المحضة وهو مباح
فهل سترضى بذلك ؟
ثم إن المباحات ليست بإطلاق
كما قال الإمام الشاطبي :
" إن كل مباح ليس بمباح بإطلاق ، وإنما هو مباح بالجزء خاصة ( أي بالنظر إليه في ذاته )
وأما بالكل ( أي بالنظر فيما يتعلّق به من الأفعال ) فهو إما مطلوب الفعل ، أو مطلوب الترك "
انتهى
فإذا تجاوزنا معك وقلنا إن الجلوس للعزاء بحد ذاته مباح
ونظرنا فيما يتعلّق به من الأفعال
لوجدنا أنه يتعلّق به الكثير من البدع والمنكرات والتكاليف والإزعاجات والإرهاق والإثقال
وتضيع لبعض المصالح كما هو مشاهد ، وكما أشرتَ إليه في رسالتك
ومن ثمَّ
فإنه مطلوب الترك ولم يعد مباحاً .
فكيف و في الأصل لم نسلم لك بأنه مباح ؟
ثم
أسألك يا أخ ظافر لماذا كل هذا التضخيم في كلامك حين تقول :
1ـ
فدلت الأحاديث والآثار على أن السلف كانوا لا يرون بأساً في الاجتماع...
2ـ
أما الجلوس للتعزية فقط فهذا لا يُعلم أن أحداً من السلف قال: إنه من النياحة وحده، أو أنه نهي عنه، بل حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ حديث التلبينة ـ الذي استدل به أصحاب القول الأول يرده.
3ـ
ومما يدل على اجتماع السلف ما ذكره ابن حجر
4ـ
فهذا أبو النضر يذكر أنهم كانوا عند المسعودي وهو يُعزى في ابن له، مما يدل أن السلف كانوا يجتمعون، وليس فيه بأس.
5ـ
قلت: أما قوله ـ رحمه الله تعالى ـ:( التصدي للعزاء بدعةٌ ومكروه) فيُرد على هذا القول بالأدلة والآثار الصحيحة التي استدل بها أصحاب القول الأول. انتهى
والسؤال :
]
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 26.11.08 10:37 عدل 1 مرات