توبة فنان
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد :
نسمع كثيراً قولهم
( توبة فنان وتوبة مدمن مخدرات وتوبة مفحط وإسلام كافر مشهور )
فيستبشر المسلمون بذلك ويفرحون بتوبة ذلك الفنان أو الفنانة أو المدمن أو إسلام ذلك الكافر ويدعون لهم بالثبات ويسألون الهداية للعاصين .
وهكذا
يمن الله على من يشاء من عباده فيهديهم صراطه المستقيم فضلاً منه وكرماً
فهنيئاً لمن وفقه الله للتوبة
و
هنيئاً لمن أدرك معنى التوبة ففهم أنه زاد المؤمن طول حياته
توبة من الذنوب
و
توبة من التقصير بحقوق الله
و
توبة من التفريط في المندوبات
و
توبة من التفريط في أعمال القلوب من المحبة والخوف والرجاء
قال تعالى :
فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون
ويقول تعالى :
يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير
لكن
لي ـ أيها الإخوة الفضلاء ـ وقفات مع ما ذكرت من توبة المفرطين والمعرضين عن طاعة الله
المنهمكين في معصيته أرجو أن ينفع الله بها وأن يعلم المقصود من ذكرها :
الوقفة الأولى :
وهي تنبيه لما يقع من زلل شرعي وخطأ منهجي كثر في الأمة من غير نكير إلا من شاء الله
وهو
تنصيب حديثي العهد بالتوبة قادةً
يوجهون الأمة ويقررون القواعد ويدرسون الشريعة ويوجهون الناس
ويحملون راية الدعوة ويتصدرون المجالس والدروس والمحاضرات وتقام لهم اللقاءات فينظِّرون ويقعِّدون
مع قلة العلم
فيقع بسبب هذا زلل خطير في المنهج وفي تربية الناس
فالأمة دوماً قادتها العلماء وطلبة العلم الذين قضوا أعمارهم في طلب العلم وثني الركب عند الشيوخ
فقعَّدوا العلم وعرفوا أصول الشريعة وفروعها وحفظوا أدلة الكتاب والسنة وعرفوا الصحيح من السقيم والراجح من المرجوح والصواب من الخطأ والسنة من البدعة
فأصبحوا منارات يقتدى بهم فقولهم يدور بين الأجر والأجرين إن حسن قصدهم .
ولا يحق لغيرهم أن يأخذ مكانهم فيتكلم بغير علم فيَضلّ ويُضلّ
وقد قال النبي كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما :
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
وإن من أخطاء هذا التنصيب
أن يصدم الناس أحياناً بانتكاس هذا التائب وعودته إلى حالته الأولى
فبالأمس
كان يُصدَّر في المجالس جهلاً ممن فعل ذلك
وهو اليوم
يرجع مدمناً مغنياً
وبالأمس
كانت الفنانة محجبة توجه وتعلم عبر القنوات
واليوم
ترجع عارية على شاطيء البحر
هذا خطأ جسيم يقع فيه كثير من المسلمين لا سيما القائمين على هذه الأماكن من قنوات أو مؤسسات أو مكاتب دعوية
بل
وصل الأمر أن يأخذ بعض هؤلاء التائبين مبالغ ضخمة مقابل هذه المحاضرات والدروس واللقاءات
فالمفحط التائب فلان يلقي المحاضرة بعشرين ألف ريال والفنان فلان يلقي المحاضرة بخمسة عشر ألف ريال .
ولا يبعد عن هذا
ما يصنعه البعض الآن من تصدير المنشدين دعاة وموجهين فيخرج المنشد متكسراً حليق اللحية مسبل الثوب قد وضع المساحيق على وجهه ويلبس الجينز الضيق ويفتح أزرار قميصه ويتشبه بالمطربين بتصوير الأناشيد بالفديو كليب كالفنانين
وربما
رافق هذا مشاهد منكرة كوضع الشراب والتدخين وإخراج بعض أجزاء المرأة أو الموسيقى
ثم
بعد هذا كله توضع اللقاءات لمثل هؤلاء كدعاة ومربين يعلمون النشء ويتكلمون عن ألبوماتهم تماماً كما يتحدث المطربون
فسبحان الله
أي نشء سيخرج بهذا المنهج الذي ينسب إلى الإسلام ظلماً وعدواناً ؟!
الوقفة الثانية :
لا ينبغي للمسلمين أن يكونوا ساذجين يتلاعب بهم شياطين الإنس
فاليوم نلمع فنانة تابت وتحجبت وغداً تخرج عارية
لا نجزم بالحكم على صدق توبتها أو كذبها فهذه أمره إلى الله
لكن
لا ينبغي أن يكون المسلمون بهذا المستوى من السذاجة يطبلون بهذا الشكل
فمن تاب له منهج يسير عليه يأتي ذكره
وقد يصنع شياطين الإنس مثل ذلك ليجتذبوا من تاب في ذلك السلك من الفنانين والفنانات
فيقولون :
أنتي تحجبتي وفلانة تحجبت لكنها رجعت ؛ لأنها رأت أنه لا حرج في ذلك
فيثبطون همتها عن التوبة فيغووونها بالرجوع
كما
أنهم بهذه الحيلة يثيرون إشاعة أن هؤلاء التائبات توبة صادقة يأخذن مقابل توبتهن أموالاً ؛ إذ تتحدث هذه الممنتكسة بعد توبتها أنها اخذت أموالاً لتوبتها
وقد أشاعوا مثل ذلك كثيراً كيداً ومكراً والله لهم بالمرصاد ولكل من يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .
نعم
قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن فقد ينتكس العالم أو طالب العلم بعد انتصابه معلماً موجهاً
لكن
هذا ليس خطأ منهجياً شرعياً وإنما هو قدره الذي كُتب له
وأما
تنصيبه فهو موافق للشرع ؛ لأنه أهل لذلك حال تنصيبه .
الوقفة الثالثة :
وهي موجهة للتائب من تلك المعصية
وهي وصية له ، وهي وصية الله للأولين والآخرين وهي أن يتقي الله
و
يكثر من التوبة والاستغفار والعمل الصالح من صلاة وصيام وصدقة
و
يدعو الله بالثبات
و
ينشغل بتهذيب نفسه وتربيتها
و
يرفض كل الإغراءات التي تدعوه إلى الرجوع للمعصية
و
يقطع كل الوسائل التي تربطه بذلك الفعل
وكذا
يبتعد عن الانتصاب للتعليم والتوجيه وهو في حال الجهل
فينبغي له
طلب العلم ومعرفة أحكام دينه
و
أن يجالس أهل العلم ويثني ركبه عندهم
حتى إذا أدرك العلوم بعد سنوات وتأهل للانتصاب فله أن ينتصب وقتها .
وعليه أيضاً
أن يتقي الله ويستر ما ستره الله عليه من معاصيه السابقة فلا يجاهر بها ويخبر بها الخلق بحجة تحذير الناس وتعليمهم
فإنه أولا
لا ينبغي له التصدر كما سبق
وثانياً :
لو تصدر عند تأهله فـ
الموعظة بكتاب الله وسنة رسوله وسير السلف
خير من ذكر سوابقه ومعاصيه
وهو المسلك الشرعي الذي سلكه الصالحون .
قد يقول بعض الناس
إن التائب من معصية كالإدمان والتفحيط ..يكون أقوى تأثيراً في الواقعين فيها !
لكن هذا غير صحيح
بل
الموعظة تكون بتعليم الحلال والحرام
و
بيان الحكم الشرعي
و
زرع الإيمان بالله
و
الخوف منه في قلوب السامعين
و
ذكر الموت والجنة والنار والثواب والعقاب
و
ذكر سير الأنبياء والصالحين
و
ترغيب الناس بفعل الخيرات وترك المنكرات
كما فعل الأنبياء عليهم السلام والصحابة رضي الله عنهم والأئمة المقتدى بهم .
ولو سلم بذلك فيكون كلام مثل هذا عرضاً في حضور أهل العلم لا أنه يتصدر تعليمهم وتوجيههم وهو أحوج ما يكون لذلك .
والله أعلم
والنقل
لطفــــــــاً .. من هنـــــــــــــــــا
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد :
نسمع كثيراً قولهم
( توبة فنان وتوبة مدمن مخدرات وتوبة مفحط وإسلام كافر مشهور )
فيستبشر المسلمون بذلك ويفرحون بتوبة ذلك الفنان أو الفنانة أو المدمن أو إسلام ذلك الكافر ويدعون لهم بالثبات ويسألون الهداية للعاصين .
وهكذا
يمن الله على من يشاء من عباده فيهديهم صراطه المستقيم فضلاً منه وكرماً
فهنيئاً لمن وفقه الله للتوبة
و
هنيئاً لمن أدرك معنى التوبة ففهم أنه زاد المؤمن طول حياته
توبة من الذنوب
و
توبة من التقصير بحقوق الله
و
توبة من التفريط في المندوبات
و
توبة من التفريط في أعمال القلوب من المحبة والخوف والرجاء
قال تعالى :
فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون
ويقول تعالى :
يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير
لكن
لي ـ أيها الإخوة الفضلاء ـ وقفات مع ما ذكرت من توبة المفرطين والمعرضين عن طاعة الله
المنهمكين في معصيته أرجو أن ينفع الله بها وأن يعلم المقصود من ذكرها :
الوقفة الأولى :
وهي تنبيه لما يقع من زلل شرعي وخطأ منهجي كثر في الأمة من غير نكير إلا من شاء الله
وهو
تنصيب حديثي العهد بالتوبة قادةً
يوجهون الأمة ويقررون القواعد ويدرسون الشريعة ويوجهون الناس
ويحملون راية الدعوة ويتصدرون المجالس والدروس والمحاضرات وتقام لهم اللقاءات فينظِّرون ويقعِّدون
مع قلة العلم
فيقع بسبب هذا زلل خطير في المنهج وفي تربية الناس
فالأمة دوماً قادتها العلماء وطلبة العلم الذين قضوا أعمارهم في طلب العلم وثني الركب عند الشيوخ
فقعَّدوا العلم وعرفوا أصول الشريعة وفروعها وحفظوا أدلة الكتاب والسنة وعرفوا الصحيح من السقيم والراجح من المرجوح والصواب من الخطأ والسنة من البدعة
فأصبحوا منارات يقتدى بهم فقولهم يدور بين الأجر والأجرين إن حسن قصدهم .
ولا يحق لغيرهم أن يأخذ مكانهم فيتكلم بغير علم فيَضلّ ويُضلّ
وقد قال النبي كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما :
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
وإن من أخطاء هذا التنصيب
أن يصدم الناس أحياناً بانتكاس هذا التائب وعودته إلى حالته الأولى
فبالأمس
كان يُصدَّر في المجالس جهلاً ممن فعل ذلك
وهو اليوم
يرجع مدمناً مغنياً
وبالأمس
كانت الفنانة محجبة توجه وتعلم عبر القنوات
واليوم
ترجع عارية على شاطيء البحر
هذا خطأ جسيم يقع فيه كثير من المسلمين لا سيما القائمين على هذه الأماكن من قنوات أو مؤسسات أو مكاتب دعوية
بل
وصل الأمر أن يأخذ بعض هؤلاء التائبين مبالغ ضخمة مقابل هذه المحاضرات والدروس واللقاءات
فالمفحط التائب فلان يلقي المحاضرة بعشرين ألف ريال والفنان فلان يلقي المحاضرة بخمسة عشر ألف ريال .
ولا يبعد عن هذا
ما يصنعه البعض الآن من تصدير المنشدين دعاة وموجهين فيخرج المنشد متكسراً حليق اللحية مسبل الثوب قد وضع المساحيق على وجهه ويلبس الجينز الضيق ويفتح أزرار قميصه ويتشبه بالمطربين بتصوير الأناشيد بالفديو كليب كالفنانين
وربما
رافق هذا مشاهد منكرة كوضع الشراب والتدخين وإخراج بعض أجزاء المرأة أو الموسيقى
ثم
بعد هذا كله توضع اللقاءات لمثل هؤلاء كدعاة ومربين يعلمون النشء ويتكلمون عن ألبوماتهم تماماً كما يتحدث المطربون
فسبحان الله
أي نشء سيخرج بهذا المنهج الذي ينسب إلى الإسلام ظلماً وعدواناً ؟!
الوقفة الثانية :
لا ينبغي للمسلمين أن يكونوا ساذجين يتلاعب بهم شياطين الإنس
فاليوم نلمع فنانة تابت وتحجبت وغداً تخرج عارية
لا نجزم بالحكم على صدق توبتها أو كذبها فهذه أمره إلى الله
لكن
لا ينبغي أن يكون المسلمون بهذا المستوى من السذاجة يطبلون بهذا الشكل
فمن تاب له منهج يسير عليه يأتي ذكره
وقد يصنع شياطين الإنس مثل ذلك ليجتذبوا من تاب في ذلك السلك من الفنانين والفنانات
فيقولون :
أنتي تحجبتي وفلانة تحجبت لكنها رجعت ؛ لأنها رأت أنه لا حرج في ذلك
فيثبطون همتها عن التوبة فيغووونها بالرجوع
كما
أنهم بهذه الحيلة يثيرون إشاعة أن هؤلاء التائبات توبة صادقة يأخذن مقابل توبتهن أموالاً ؛ إذ تتحدث هذه الممنتكسة بعد توبتها أنها اخذت أموالاً لتوبتها
وقد أشاعوا مثل ذلك كثيراً كيداً ومكراً والله لهم بالمرصاد ولكل من يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .
نعم
قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن فقد ينتكس العالم أو طالب العلم بعد انتصابه معلماً موجهاً
لكن
هذا ليس خطأ منهجياً شرعياً وإنما هو قدره الذي كُتب له
وأما
تنصيبه فهو موافق للشرع ؛ لأنه أهل لذلك حال تنصيبه .
الوقفة الثالثة :
وهي موجهة للتائب من تلك المعصية
وهي وصية له ، وهي وصية الله للأولين والآخرين وهي أن يتقي الله
و
يكثر من التوبة والاستغفار والعمل الصالح من صلاة وصيام وصدقة
و
يدعو الله بالثبات
و
ينشغل بتهذيب نفسه وتربيتها
و
يرفض كل الإغراءات التي تدعوه إلى الرجوع للمعصية
و
يقطع كل الوسائل التي تربطه بذلك الفعل
وكذا
يبتعد عن الانتصاب للتعليم والتوجيه وهو في حال الجهل
فينبغي له
طلب العلم ومعرفة أحكام دينه
و
أن يجالس أهل العلم ويثني ركبه عندهم
حتى إذا أدرك العلوم بعد سنوات وتأهل للانتصاب فله أن ينتصب وقتها .
وعليه أيضاً
أن يتقي الله ويستر ما ستره الله عليه من معاصيه السابقة فلا يجاهر بها ويخبر بها الخلق بحجة تحذير الناس وتعليمهم
فإنه أولا
لا ينبغي له التصدر كما سبق
وثانياً :
لو تصدر عند تأهله فـ
الموعظة بكتاب الله وسنة رسوله وسير السلف
خير من ذكر سوابقه ومعاصيه
وهو المسلك الشرعي الذي سلكه الصالحون .
قد يقول بعض الناس
إن التائب من معصية كالإدمان والتفحيط ..يكون أقوى تأثيراً في الواقعين فيها !
لكن هذا غير صحيح
بل
الموعظة تكون بتعليم الحلال والحرام
و
بيان الحكم الشرعي
و
زرع الإيمان بالله
و
الخوف منه في قلوب السامعين
و
ذكر الموت والجنة والنار والثواب والعقاب
و
ذكر سير الأنبياء والصالحين
و
ترغيب الناس بفعل الخيرات وترك المنكرات
كما فعل الأنبياء عليهم السلام والصحابة رضي الله عنهم والأئمة المقتدى بهم .
ولو سلم بذلك فيكون كلام مثل هذا عرضاً في حضور أهل العلم لا أنه يتصدر تعليمهم وتوجيههم وهو أحوج ما يكون لذلك .
والله أعلم
والنقل
لطفــــــــاً .. من هنـــــــــــــــــا