من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 13.11.08 7:14
(37) س: هل يؤمر الصبيان بالصيام دون الخامسة عشرة كما في الصلاة ؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يؤمر الصبيان الذين لم يبلغوا بالصيام إذا أطاقوه، كما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلون ذلك بصبيانهم، وقد نص أهل العلم على أن الولي يأمر من له ولاية عليه من الصغار بالصوم، من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه، وتتطبع أصول الإسلام في نفوسهم حتى تكون كالغريزة لهم.
ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك، وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الاۤباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام على خلاف ما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلون. يدعون أنهم يمنعون هؤلاء الصبيان رحمة بهم وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصبيان أمرهم بشرائع الإسلام، وتعويدهم عليها، وتأليفهم لها فإن هذا بلا شك من حسن التربية وتمام الرعاية. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «إن الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته». والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليهم من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم، وأن يأمروهم بما أمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام.
(45) س: عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر فالراجح أنه لا يلزمه القضاء، لأنه لا يستفيد به شيئاً، إذ أنه لن يقبل منه، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ولأنه من تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ }. ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها أي فعلها قبل دخول الوقت لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً.
(57) س: إذا أفطر الإنسان لعذر وزال العذر في نفس النهار فهل يواصل الفطر أم يمسك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الجواب أنه لا يلزمه الإمساك؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بدليل من الشرع، فحرمة هذا اليوم غير ثابتة في حق هذا الرجل، ولكن عليه أن يقضيه، وإلزامنا إياه أن يمسك بدون فائدة له شرعاً ليس بصحيح. ومثال ذلك: رجل رأى غريقاً في الماء، وقال: إن شربت أمكنني إنقاذه، وإن لم أشرب لم أتمكن من إنقاذه. فنقول: اشرب وانقذه. فإذا شرب وأنقذه فهل يأكل بقية يومه؟ نعم يأكل بقية يومه؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بمقتضى الشرع، فلا يلزمه الإمساك، ولهذا لو كان عندنا إنسان مريض، هل نقول لهذا المريض: لا تأكل إلا إذا جعت ولا تشرب إلا إذا عطشت؟ لا، لأن هذا المريض أبيح له الفطر. فكل من أفطر في رمضان بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يلزمه الإمساك، والعكس بالعكس، لو أن رجلاً أفطر بدون عذر، وجاء يستفتينا: أنا أفطرت وفسد صومي هل يلزمني الإمساك أو لا يلزمني؟ قلنا: يلزمك الإمساك؛ لأنه لا يحل لك أن تفطر، فقد انتهكت حرمة اليوم بدون إذن من الشرع، فنلزمك بالبقاء على الإمساك، وعليك القضاء؛ لأنك أفسدت صوماً واجباً شرعت فيه.
(58) س: إذا قدم المسافر لبلد غير بلده فهل ينقطع سفره؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قدم المسافر لبلد غير بلده لم ينقطع سفره، فيجوز له الفطر في رمضان وإن بقي جميع الشهر، أما إذا قدم إلى بلده وهو مفطر فإنه لا يجب عليه الإمساك، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليه، هذا هو القول الصحيح، وهو مذهب مالك والشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً.
(95) س: عن رجل نوى السفر فأفطر في بيته، لجهله، ثم انطلق هل عليه الكفارة قياساً على الجماع في التعمد كقول المالكية؟
فأجاب فضيلته بقوله: حرام عليه أن يفطر وهو في بيته، ولكن لو أفطر قبل مغادرته بيته فعليه القضاء فقط، وليس عليه الكفارة قياساً على الجماع، لأن الجماع يفارق غيره من المحظورات، ولهذا يفسد النسك في الحج والعمرة، ولا يفسده غيره من المحظورات، فالجماع له شأن أعظم، ولا يقاس الأدنى على الأعلى، ومن قال من العلماء: إن من أفطر بأكل أو شرب أو جماع فعليه الكفارة. فقوله ليس بصواب، لأن الكفارة ليست إلا في الجماع.
(66) س: عن الأعذار المبيحة للفطر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأعذار المبيحة للفطر: المرض والسفر كما جاء في القرآن الكريم، ومن الأعذار أن تكون المرأة حاملاً تخاف على نفسها، أو على جنينها، ومن الأعذار أيضاً أن تكون المرأة مرضعاً تخاف إذا صامت على نفسها، أو على رضيعها، ومن الأعذار أيضاً أن يحتاج الإنسان إلى الفطر لإنقاذ معصوم من هلكة، مثل أن يجد غريقاً في البحر، أو شخصاً بين أماكن محيطة به فيها نار، فيحتاج في إنقاذه إلى الفطر، فله حينئذ أن يفطر وينقذه، ومن ذلك أيضاً إذا احتاج الإنسان إلى الفطر للتقوي على الجهاد في سبيل الله، فإن ذلك من أسباب إباحة الفطر له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في غزوة الفتح: «إنكم ملاقو العدو غداً والفطر أقوى لكم فأفطروا» فإذا وجد السبب المبيح للفطر وأفطر الإنسان به فإنه لا يلزمه الإمساك بقية ذلك اليوم، فإذا قدر أن شخصاً قد أفطر لإنقاذ معصوم من هلكة فإنه يستمر مفطراً ولو بعد إنقاذه، لأنه أفطر بسبب يبيح له الفطر، فلا يلزمه الإمساك حينئذ، لكون حرمة ذلك اليوم قد زالت بالسبب المبيح للفطر، ولهذا نقول بالقول الراجح في هذه المسألة: إن المريض لو برىء في أثناء النهار وكان مفطراً، فإنه لا يلزمه الإمساك، ولو قدم المسافر أثناء النهار إلى بلده وكان مفطراً فإنه لا يلزمه الإمساك، ولو طهرت الحائض في أثناء النهار فإنه لا يلزمها الإمساك، لأن هؤلاء كلهم أفطروا بسبب مبيح للفطر، فكان ذلك اليوم في حقهم ليس له حرمة صيام؛ لإباحة الشرع الإفطار فيه، فلا يلزمهم الإمساك.
(94) س: ما حكم السفر في رمضان من أجل الفطر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصيام في الأصل واجب على الإنسان، بل هو فرض وركن من أركان الإسلام كما هو معلوم، والشيء الواجب في الشرع لا يجوز للإنسان أن يفعل حيلة ليسقطه عن نفسه، فمن سافر من أجل أن يفطر كان السفر حراماً عليه، وكان الفطر كذلك حراماً عليه، فيجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يرجع عن سفره ويصوم، فإن لم يرجع وجب عليه أن يصوم ولو كان مسافراً، وخلاصة الجواب: أنه لا يجوز للإنسان أن يتحيل على الإفطار في رمضان بالسفر؛ لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يسقطه كما أن التحيل على المحرم لا يجعله مباحاً.
(135) س : إذا أصبح الإنسان وعليه جنابة ونوى الصوم وهو بتلك الحال فهل يصح صومه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أصبح الإنسان وعليه الجنابة وأراد الصوم فإنه لا بأس أن يصوم ولا حرج عليه، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع أهله فيصوم، ولقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة، ولكن يجب على الإنسان أن يغتسل، لأجل أن يصلي الفجر، لأنه لا يجوز تأخير صلاة الفجر عن وقتها.
(67) س: رجل مريض مرضاً لا يرجى برؤه، ولا يستطيع الصوم، فما الحكم؟ أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير؟
فأجاب فضيلته بقوله: المريض مرضاً لا يرجى زواله لا يلزمه الصوم؛ لأنه عاجز، ولكن يلزمه بدلاً عن الصوم أن يطعم عن كل يوم مسكيناً هذا إذا كان عاقلاً بالغاً، وللإطعام كيفيتان:
الكيفية الأولى: أن يصنع طعاماً غداءً أو عشاءً ثم يدعو إليه المساكين بقدر الأيام التي عليه كما كان أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يفعل ذلك حين كبر.
والكيفية الثانية: أن يوزع حبًّا من بر، أو أرز، ومقدار هذا الإطعام مد من البر أو من الأرز، والمدّ يعتبر بمد صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ربع الصاع، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم يبلغ كيلوين وأربعين غراماً، فيكون المدّ نصف كيلو وعشرة غرامات، فيطعم الإنسان هذا القدر من الأرز أو من البر، ويجعل معه لحماً يؤدمه.
(98) س: عن حكم صوم المسافر مع أن الصوم لا يشق على الصائم في الوقت الحاضر لتوفر وسائل المواصلات الحديثة؟
فأجاب فضيلته بقوله: المسافر له أن يصوم وله أن يفطر، لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وكان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يسافرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم الصائم ومنهم المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في السفر، قال أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ: «سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حر شديد وما منا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة»، والقاعدة في المسافر أنه يخيز بين الصيام والإفطار، ولكن إن كان الصوم لا يشق عليه فهو أفضل؛ لأن فيه ثلاث فوائد:
الأولى: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثانية: سهولة الصوم على الإنسان؛ لأن الإنسان إذا صام مع الناس كان أسهل عليه.
الثالثة: سرعة إبراء ذمته، هذا إذا كان الصوم لا يشق عليه.
فإن كان يشق عليه فإنه لا يصوم، وليس من البر الصيام في السفر في مثل هذه الحال، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً قد ظلل عليه وحوله زحام فقال: «ما هذا؟» قالوا: صائم، فقال: «ليس من البر الصيام في السفر» فينزل هذا العموم على من كان في مثل حال هذا الرجل يشق عليه الصوم، وعلى هذا نقول: السفر في الوقت الحاضر سهل كما قال السائل: لا يشق الصوم فيه غالباً فإذا كان لا يشق الصوم فيه فإن الأفضل أن يصوم.
(174) س: ما حكم استعمال الصائم الروائح العطرية في نهار رمضان؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان، وأن يستنشقها، إلا البخور لا يستنشقه، لأن له جرماً يصل إلى المعدة وهو الدخان.
(127) س : كثير من الناس في رمضان أصبح همهم الوحيد هو جلب الطعام والنوم، فأصبح رمضان شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في الليل وينام في النهار، فما توجيهكم لهؤلاء؟
فأجاب فضيلته بقوله: أرى أن هذا في الحقيقة يتضمن إضاعة الوقت، وإضاعة المال إذا كان الناس ليس لهم هم إلا تنويع الطعام والنوم في النهار والسهر على أمور لا تنفعهم في الليل، فإن هذا لا شك إضاعة فرصة ثمينة ربما لا تعود إلى الإنسان في حياته، فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول الليل، والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر، وكذلك لا يسرف في المآكل والمشارب، وينبغي لمن عندهم القدرة أن يحرص على تفطير الصوام: إما في المساجد، أو في أماكن أخرى، لأن من فطر صائماً له مثل أجره، فإذا فطر الإنسان إخوانه الصائمين فإن له مثل أجورهم، فينبغي أن ينتهز الفرصة من أغناه الله تعالى حتى ينال أجراً كثيراً.
(102) س: المسافر إذا وصل مكة صائماً فهل يفطر ليتقوى على أداء العمرة ؟
فأجاب فضيلته بقوله: النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح في اليوم العشرين من رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم مفطراً، وكان يصلي ركعتين في أهل مكة، ويقول لهم: «يا أهل مكة أتموا فإنا قوم سفر»، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير ـ رحمهما الله ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً في ذلك العام، أي أنه أفطر عشرة أيام في مكة في غزوة الفتح، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «لم يزل مفطراً حتى انسلخ الشهر» كما أنه بلا شك كان يصلي ركعتين في هذه المدة؛ لأنه كان مسافراً، فلا ينقطع سفر المعتمر بوصوله إلى مكة، فلا يلزمه الإمساك إذا قدم مفطراً، بل قد نقول له: الأفضل إذا كان ذلك أقوى على أداء العمرة أن لا تصوم، مادمت إذا أديت العمرة تعبت، وقد يكون بعض الناس مستمرًّا على صيامه حتى في السفر، نظراً لأن الصيام في السفر في الوقت الحاضر ليس به مشقة، فيستمر في سفره صائماً، ثم يقدم مكة ويكون متعباً، فيقول في نفسه: هل أستمر على صيام، أو أؤجل أداء العمرة إلى ما بعد الفطر؟ أي إلى الليل، أو الأفضل أن أفطر لأجل أن أؤدي العمرة فور وصولي إلى مكة؟ نقول له في هذه الحال: الأفضل أن تفطر حتى لو كنت صائماً فأفطر لأجل أن تؤدي العمرة فور وصولك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة وهو في النسك بادر إلى المسجد، حتى كان ينيخ راحلته صلى الله عليه وسلم عند المسجد، ويدخله حتى يؤدي النسك الذي كان متلبساً به صلى الله عليه وسلم، فكونك تفطر لتؤدي العمرة بنشاط في النهار أفضل من كونك تبقى صائماً، ثم إذا أفطرت في الليل قضيت عمرتك، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائماً في سفره لغزوة الفتح، فجاء إليه أناس فقالوا: يا رسول الله إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنهم ينتظرون ماذا تفعل؟ وكان هذا بعد العصر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فشرب، والناس ينظرون، فأفطر صلى الله عليه وسلم في أثناء السفر، بل أفطر في آخر اليوم، كل هذا من أجل أن لا يشق الإنسان على نفسه بالصيام، وتكلف بعض الناس في الصوم في السفر مع المشقة لا شك أنه خلاف السنة، وإنه ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم «ليس من البر الصيام في السفر».