خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 12.11.08 7:24

    جنايات على العلم والمنهج (9)
    العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح


    أما اللسان الأول فهو ما عبر به الله ورسوله عن المعاني الدينية..

    وأما : لا مشاحة في الاصطلاح فكلام للناس جميعاً أن يقولوا به في كل شئ وأي شئ =شريطة ألا يقولوا به فيما يُعدل به من الألفاظ والاصطلاحات عن ألفاظ الله ورسوله..

    بل ما عبر به الله ورسوله عن معاني الدين لا يجوز العدول عنه إلى ألفاظ غيرهم تحت دعوى: لا مشاحة في الاصطلاح..
    ولا يجوز نقل هذا اللفظ بعينه إلى معنى غير الذي قصده الله ورسوله..
    فالأول : من التلبيس
    والثاني : من التحريف..

    ولا يكون اللفظ المحدث أبداً مطابقاً للفظ الله ورسوله بل لا يكون إلا أنقص..

    ونظير هذا الباب :
    أن يزعم الرجل لفظاً لمعنى كان موجوداًَ زمن الوحي وله لفظه ثم يجعل الإيمان بهذا اللفظ واجباً والقول به لازماً..
    وإنما الذي يلزم الناس هو الإيمان بالمعنى الحق ، المتضمن للفظ الله ورسوله
    فمن آمن بلفظ الله ورسوله من غير تمام معناه فليس مؤمناً بلفظ الله ورسوله
    وهذا يكفي فلا يُحتاج إلى لفظ محدث يجب الإيمان به .. إلا إن اشتبهت الأمور اشتباهاً عظيماً وأدى إلى الفساد والتباس الحق بالباطل.. واحتاج المجتهد والقاضي إلى هذا .. ويُقدر هذا بقدره

    وأصل دعوى:
    لا مشاحة في الاصطلاح إنما كانت من المعتزلة والأشاعرة ..
    ومبتغي الحق والصدق لا مناص له من أن يرتاب مما كانت هذه سبيله..

    قال أبو بكر الجصاص المعتزلي في (( أصوله )) :
    فمعنى العام والمجمل لا يختلفان في هذا الوجه فجائز أن يعبر عن المجمل بالعام
    وقد ذكر أبو موسى عيسى بن أبان – رحمه الله – العام في مواضع فسماه مجملاً , وهذا كلام العبارة لا يقع في مثله مضايقة ( ). ا هـ ,
    وقال وهو يحتج لقولهم في الاستحسان :
    وليست الأسماء محظورة على احد عند الحاجة إلى الإفهام , بل لا يستغني أهل كل علمٍ وصناعةٍ إذا اختصوا بمعرفة دقيق ذلك العلم ولطيفه وغامضه دون غيرهم , و أرادوا الإبانة عنها , وإفهام السامعين لها أن يشتقوا لها أسماء , ويطلقوها عليها على وجه الإفادة والإفهام
    كما وضع النحويون أسماء لمعان عرفوها , و أرادوا إفهامها غيرهم , فقالوا : الحال , والظرف , والتمييز ونحو ذلك
    وكما قالوا في العروض : البسيط , والمديد , والكامل و والوافر
    وكما أطلق المتكلمون اسم العرض, والجوهر , ونحو ذلك من المعاني التي عرفوها , وأرادوا العبارة عنها
    فلم يكن محصوراً عليهم , إذ كان الغرض فيه الإبانة والإفهام للمعنى بأقرب السماء مشاكلة وأوضحها دلاله عليه
    ثم لا يخلو لغائب الاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ أو في المعنى , فإذا نازعنا في اللفظ و فاللفظ مسلم به , فليعبر هو بما شاء , على أن ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لأن لكل واحد أن يعبر عما عقله الإنسان عن المعنى بالعربية تارة وبالفارسية أخرى , فلا ننكره , وقد يطلق الفقهاء لفظ الاستحسان في كثير من الأشياء ( ). ا هـ



    قلت:
    والكلام في الدين ليس كالكلام في النحو والعروض وغيرها , فقياس كلام الفقهاء على كلام النحويين والعروضيين وغيرهم قياس باطل , وليس للفقهاء أن يحدثوا في الدين ما لم يكن منه , ولا أن يسموا شيئاً غير ما سماه الله ورسوله
    والنحاة والعروضيون وغيرهم نقلوا كثيراً من ألفاظ العرب إلى غير ما كانت تدل عليه , فاختلفت ألسنتهم عن لسان العرب الذي نزل القرآن به , وما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه بلسان العرب , وليس ما صارت تدل عليه بألسنة النحاة والعروضيين وغيرهم
    ولو فسر أحد لفظاً من كتاب الله أو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل عليه عند النحاة أو غيرهم لكان مخطئاً , فإنما أنزل الله كتابه , وبعث نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان العرب , وليس بألسنة النحاة والعروضيين وغيرهم
    وقوله : ثم لا يخلو لعائب الاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ أو في المعنى فإذا نازعنا في اللفظ , فاللفظ مسلم له , فليعبر هو بما شاء , على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لأن لكل واحدٍ أن يعبر عما عقله من المعنى بما شاء من الألفاظ . ا هـ
    كل ذلك جدل وتلبيس , ولفظ الاستحسان ليس في كتاب الله تعالى , ولا في حديث رسوله صلى الله عليه وسلم
    وما سماه الحنفية استحساناً , إن كان ذكر في كتاب الله أو حديث رسوله صلى الله عليه وسلم بغير ذلك الاسم , فليس لهم ولا لغيرهم أن يسميه غير ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
    وإن كان , لم يذكر في كتاب الله , ولا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة محدثة
    والإنسان قد يعبر بالعربية , والرومية , والفارسية , وغيرها , وليس في ذلك حجة
    على أنه يجوز لأحد أن يسمى شيئاً في الدين غير ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
    ولا أن يحدث ألفاظاً يتكلم بها في الدين ليست في كتاب الله ولا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم
    وقوله : وهذا كلام في العبارة لا يقع في مثله مضايقة
    وقوله : على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه
    لم أجد أحداً قال قبله , أو قال ما يشبهه
    وأبو بكر الجصاص كان أخذ عن الكرخي , وأبي عبد الله البصري المعتزلي , ولم يصل إلينا كثير من كلامهم , فلا أدري لعل الجصاص كان أول من قال ذلك أو لعله كان أخذه عنهم .

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 12.11.08 7:40

    وقال أبو بكر الباقلاني , في كتابه (( التقريب والإرشاد )) : وهذه مناظرة ومشاحة في عبارة وتسمية( ) . اهـ ,

    قالها وهو يتكلم في صيام المسافر أياماً أخر , هل تسمى قضاء

    وقال : ولا طائل في النزاع في العبارات , والأسماء والألفاظ , بعد أن بينا أنه استثناء لما ليس من الجنس ( ) . ا هـ

    قالها في آخر باب الكلام في أقسام الاستثناء وضروبه .



    وقال ابن سينا في كتابه (( الإشارات والتنبيهات )) : والقضايا التي فيها ضرورة بشرط غير الذات , فقد تخص باسم المطلقة , وقد تخص باسم الوجودية , كما خصصناها به , وإن كان لا تشاح في الأسماء ( ) . ا هـ ,

    وقال : فإن لم يسم هذا مفعولاً بسبب أن لم يتقدمه عدم , فلا مضايقة في الأسماء بعد ظهور المعنى ( ) . ا هـ

    وقال في كتابه (( الشفاء )) قسم الإلهيات : ونحن لا نناقش في هذه الأسماء البتة بعد أن تحصل المعاني متميزة ( ) . ا هـ ,

    وقال في قسم السماع الطبيعي : وأنت غير مجبر على اختيار أي الاستعمالات شئت , فإنه ليس إلا مشاجرة في التسمية فقط ( ) . ا هـ

    وقال في (( الإشارات والتبيهات )) : فإن اتفق أن لا يوجد للمعنى لفظ مناسب معتاد فليخترع له لفظ من أشد الألفاظ مناسبة , وليدل على ما أريد به ( ) . ا هـ


    وقال الغزالي في كتابه (( إحياء علوم الدين )) الباب السابع في النوافل من الصلوات :: فلفظ النافلة والسنة , والمستحب , والتطوع , أردنا الاصطلاح عليه لتعريف هذه المقاصد , ولا حرج على من يغير هذا الاصطلاح , فلا مشاحة في الألفاظ بعد فهم المقاصد ( ) . ا هـ



    قلت:

    وتلك الألفاظ : النافلة , والسنة , والمستحب , والتطوع , هي في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تدل عليه تلك الألفاظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بين , وليس لأحد من الناس أن ينقل شيئاً من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى غير ما كان يدل عليه

    ومن نقل شيئاً من كلام الله ورسوله , إلى غير ما كان يدل عليه , فهو محدث في الدين ما لم يكن منه

    ومغير لكلام الله ورسوله

    ومخالف للسان العرب الذي نزل القرآن به

    فكيف يقال : إن ذلك اصطلاح , ولا حرج على من يغير ذلك الاصطلاح

    ولو كان كذلك لصار كل من شاء من الناس , ينقل ما شاء من ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , ولبّس بتلك الألفاظ على الناس , ويدعوهم بها إلى غير ما كانت عليه , ويلبس بتلك الألفاظ على الناس , ويدعوهم بها إلى غير ما دعاهم إليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

    وكذلك فعل المعتزلة والصوفية وغيرهم ممن نقل ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وسمى ذلك اصطلاحاً , وزعم أنه لا مشاحة فيه


    وتلك الكلمة : لا مشاحة في الاصطلاح , أكثر منها الغزالي في كتبه

    وذكرها لألفاظ مختلفة : لا مشاحة في الألقاب , والاصطلاحات , والأسامي , والأسماء , والألفاظ , ولا منازعة ولا حرج

    ولا ريب أخذها الغزالي من كلام الجويني , وابن سينا , والباقلاني , والجصاص , وأصحابهم.



    وقال القرافي في (( نفائس الأصول )) : وقد أجمع قوم من الفقهاء الجهال على ذمه – يعني أصول الفقه – وتحقيره في نفوس الطلبة

    ثم قال رداً عليهم : غاية ما في الباب أن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لم يكونوا يتخاطبون بهذه الاصطلاحات

    أما المعاني فكانت عندهم قطعاً ومن مناقب الشافعي رضي الله عنه انه أول من صنف في أصول الفقه ( ) . ا هـ

    وقوله : أما المعاني فكانت عندهم – يعني الصحابة رضي الله عنهم – قطعاً , خطأ , وكثير مما ملأ الأصوليون به كتبهم من الجدل

    والكلام لم يكن عند اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء , ولا خطر بقلوبهم

    وما كان عندهم فقد بينوه وبلغوه من بعدهم , وبلسانهم نزل القرآن

    فلم تترك ألفاظهم , ويؤخذ بألفاظ أحدثها المتكلمون بعدهم ؟

    والشافعي رحمه الله لم يسمّ رسالته (( أصول الفقه )) ولا كان ذلك الاسم عرف بعد في زمانه .

    ورسالة الشافعي لا تشبه ما أحدثه بعده المتكلمون من المعتزلة , وسموه أصول الفقه

    ولا لسان الشافعي يشبه لسانهم

    وأكثر ما أحدثه أولئك المعتزلة من الألفاظ , وابتدعوه من الأسماء لم يتكلم به الشافعي ولا أحد غيره قبلهم .
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 12.11.08 7:40


    يقول شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى :
    ((وَلِهَذَا كَرِهَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ - كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ - أَنْ تُرَدَّ الْبِدْعَةُ بِالْبِدْعَةِ
    فَكَانَ أَحْمَد فِي مُنَاظَرَتِهِ للجهمية لَمَّا نَاظَرُوهُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَلْزَمَهُ " أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بُرْغُوثٌ " أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جِسْمًا وَهَذَا مُنْتَفٍ
    فَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحْمَد : لَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ وَلَا عَلَى إثْبَاتِهِ ؛ بَلْ قَالَ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } { اللَّهُ الصَّمَدُ } { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
    وَنَبَّهَ أَحْمَد عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُدْرَى مَا يُرِيدُونَ بِهِ . وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ لَمْ يُوَافِقْهُ ؛ لَا عَلَى إثْبَاتِهِ وَلَا عَلَى نَفْيِهِ .
    فَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَثْبَتْنَاهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَفَيْنَاهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ
    وَلَمْ نَحْتَجْ إلَى أَلْفَاظٍ مُبْتَدَعَةٍ فِي الشَّرْعِ مُحَرَّفَةٍ فِي اللُّغَةِ وَمَعَانِيهَا مُتَنَاقِضَةٌ فِي الْعَقْلِ ؛ فَيَفْسُدُ الشَّرْعُ وَاللُّغَةُ وَالْعَقْلُ ؛ كَمَا فَعَلَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ الْمُخَالِفِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
    وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَفْظُ " الْجَبْرِ " كَرِهَ السَّلَفُ أَنْ يُقَالَ جَبَرَ وَأَنْ يُقَالَ : مَا جَبَرَ ؛ فَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ " عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الفزاري - الْإِمَامِ - قَالَ :
    قَالَ الأوزاعي : أَتَانِي رَجُلَانِ فَسَأَلَانِي عَنْ الْقَدَرِ فَأَحْبَبْت أَنْ آتِيَك بِهِمَا تَسْمَعُ كَلَامَهُمَا وَتُجِيبُهُمَا .
    قُلْت : رَحِمَك اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ .
    قَالَ : فَأَتَانِي الأوزاعي وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ
    فَقَالَ : تَكَلَّمَا فَقَالَا : قَدِمَ عَلَيْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ فَنَازَعُونَا فِي الْقَدَرِ - وَنَازَعْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغَ بِنَا وَبِهِمْ الْجَوَابُ ؛ إلَى أَنْ قُلْنَا :
    إنَّ اللَّهَ قَدْ جَبَرَنَا عَلَى مَا نَهَانَا عَنْهُ وَحَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَا أَمَرَنَا بِهِ وَرَزَقَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا
    فَقَالَ : أَجِبْهُمَا يَا أَبَا إسْحَاقَ
    قُلْت رَحِمَك اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ فَقَالَ أَجِبْهُمَا ؛ فَكَرِهْت أَنْ أُخَالِفَهُ
    فَقُلْت : يَا هَؤُلَاءِ إنَّ الَّذِينَ آتَوْكُمْ بِمَا أَتَوْكُمْ بِهِ قَدْ ابْتَدَعُوا بِدْعَةً وَأَحْدَثُوا حَدَثًا وَإِنِّي أَرَاكُمْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ الْبِدْعَةِ إلَى مِثْلِ مَا خَرَجُوا إلَيْهِ
    فَقَالَ أَجَبْت وَأَحْسَنْت يَا أَبَا إسْحَاقَ .
    وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ : سَأَلْت الزُّبَيْدِيَّ والأوزاعي عَنْ الْجَبْرِ
    فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ : أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُجْبِرَ أَوْ يُعْضِلَ وَلَكِنْ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّ .
    وَقَالَ الأوزاعي : مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ؛ فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا وُضِعَتْ هَذَا مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَابَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ .
    وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ المروذي قَالَ : قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : تَقُولُ إنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ ؟
    فَقَالَ : هَكَذَا لَا تَقُولُ وَأَنْكَرَ هَذَا
    وَقَالَ : يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .
    وَقَالَ المروذي : كُتِبَ إلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي أَمْرِ حُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ العكبري وَقَالَ : إنَّهُ تَنَزَّهَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ . فَقَالَ رَجُلٌ قَدَرِيٌّ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يُجْبِرْ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي
    فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحْمَد بْنُ رَجَاءٍ فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ - أَرَادَ بِذَلِكَ إثْبَاتَ الْقَدَرِ
    فَوَضَعَ أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا يُحْتَجُّ فِيهِ .
    فَأَدْخَلْته عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْبَرْته بِالْقِصَّةِ
    قَالَ : وَيَضَعُ كِتَابًا وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا : عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ حِينَ قَالَ : جَبَرَ الْعِبَادَ وَعَلَى الْقَدَرِيِّ الَّذِي قَالَ : لَمْ يَجْبُرْ وَأَنْكَرَ عَلَى أَحْمَد بْنِ عَلِيٍّ وَضْعَهُ الْكِتَابَ وَاحْتِجَاجَهُ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ لِوَضْعِهِ الْكِتَابَ .
    وَقَالَ لِي : يَجِبُ عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ لَمَّا قَالَ : جَبَرَ الْعِبَادَ .
    فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : فَمَا الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ فَقَالَ : يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .
    قَالَ الْخَلَّالُ : وَأَخْبَرَنَا المروذي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي قَالَ : لَمْ يَجْبُرْ وَعَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ جَبَرَ
    فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كُلَّمَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً اتسعوا فِي جَوَابِهَا .
    وَقَالَ : يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُحْدَثَةٍ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَدَّ شَيْئًا مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ إمَامٌ تَقَدَّمَ .
    قَالَ المروذي : فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ قَدِمَ أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عكبرا وَمَعَهُ نُسْخَةٌ وَكِتَابٌ مِنْ أَهْلِ عكبرا فَأَدْخَلْت أَحْمَد بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ؛ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْكِتَابُ ادْفَعْهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى يَقْطَعَهُ وَأَنَا أَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ عكبرا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
    فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِي : يَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلُوا مِنْهُ وَارْجِعُوا إلَيْهِ .
    قَالَ المروزي : سَمِعْت بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ : سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ : أَنْكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ جَبَرَ
    وَقَالَ : اللَّهُ تَعَالَى جَبَلَ الْعِبَادَ .
    قَالَ المروذي : أَظُنُّهُ أَرَادَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ .
    قُلْت :
    هَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
    وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ
    التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُرَاعُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فِيمَا يُثْبِتُونَهُ وَيَنْفُونَهُ عَنْ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ
    فَلَا يَأْتُونَ بِلَفْظِ مُحْدَثٍ مُبْتَدَعٍ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ
    بَلْ كُلُّ مَعْنًى صَحِيحٍ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
    وَالْأَلْفَاظُ الْمُبْتَدَعَةُ لَيْسَ لَهَا ضَابِطٌ بَلْ كُلُّ قَوْمٍ يُرِيدُونَ بِهَا مَعْنًى غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ أُولَئِكَ كَلَفْظِ الْجِسْمِ وَالْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ وَالْجَبْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
    بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الرَّسُولِ فَإِنَّ مُرَادَهُ بِهَا يُعْلَمُ كَمَا يُعْلَمُ مُرَادُهُ بِسَائِرِ أَلْفَاظِهِ
    وَلَوْ يَعْلَمُ الرَّجُلُ مُرَادَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِمَا قَالَهُ مُجْمَلًا .
    وَلَوْ قُدِّرَ مَعْنًى صَحِيحٌ - وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ - لَمْ يَحُلَّ لِأَحَدِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ بِهِ وَاجِبٌ .
    وَالْأَقْوَالُ الْمُبْتَدَعَةُ تَضَمَّنَتْ تَكْذِيبَ كَثِيرٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ مُرَادَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُرَادَ أَصْحَابِ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمُبْتَدَعَةِ .
    وَلَمَّا انْتَشَرَ الْكَلَامُ الْمُحْدَثُ وَدَخَلَ فِيهِ مَا يُنَاقِضُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَصَارُوا يُعَارِضُونَ بِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ ؛ صَارَ بَيَانُ مُرَادِهِمْ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَمَا احْتَجُّوا بِهِ لِذَلِكَ مِنْ لُغَةٍ وَعَقْلٍ يُبَيِّنُ لِلْمُؤْمِنِ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَقَعَ فِي الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالِ أَوْ يَخْلُصَ مِنْهَا - إنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ - وَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ مَا يُعَارِضُ إيمَانَهُ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ)).
    وقال ابن الوزير في كتابه (( إيثار الحق على الخلق )) : فاعلم أن ابتداع المبتدعين من أهل الإسلام راجع إلى هذين الأمرين الباطلين
    وهما :
    الزيادة في الدين
    و
    النقص منه
    ثم يلحق بهما التصرف فيه بالعبارات المبتدعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وليس بأمر ثالث , لأنه من الزيادة في الدين
    لكنه يفرد بالكلام وحده لطول القول فيه , وعظم المفسدة المتولدة عنه ( ) .

    ثم قال :
    الأمر الثالث : التصرف في عبارات الكتاب والسنة والرواية بظن الترادف في الألفاظ , واعتقاد الترادف من غير يقين
    وقد تفاحش الأمر في ذلك , ونص القرآن على النهي عن التفرق , فوجب تحريم ما أدى إليه , والاختلاف في معاني كتاب الله تعالى , ورواية ما قال الله ورسوله بالمعنى قد أدى إلى الحرام المنصوص
    ولم يكن من الإنصاف أن نقول : الحق متعين منحصر في عبارات بعض فرق الإسلام دون بعض غير ما ثبت في إجماع الأمة والعترة
    فوجب أن يعدل إلى أمر عدلٍ بين الجميع فتترك كل عبارة مبتدعةٍ من عبارات فرق الإسلام كلها)).
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 12.11.08 7:49

    فما سماه المتكلمون اصطلاحات ومصطلحات , هي ألفاظ محدثة , وألسنة محدثة مخالفة للسان العرب الذي نزل القرآن به
    وتلك الألسنة والألفاظ المحدثة
    منها : ما أحدثته العامة من الناس
    ومنها : ما أحدثه المتكلمون والصوفية والفقهاء والمحدثون والنحاة والأطباء وغيرهم .
    وليس الكلام في الدين كالكلام في النحو والطب وغيره
    وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة
    وكان السلف ينكرون كل لفظةٍ محدثةٍ في الدين , ليست في كتاب الله , ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا تكلم بها أحد يؤخذ عنه العلم قبلهم
    وكان المعتزلة والصوفية وغيرهم من المبتدعة هم أول من أحدث تلك الألفاظ في الدين
    وأكثر المتكلمون منهم من تلك الألفاظ في المائة الرابعة وبعدها
    وسموها اصطلاحات , وزعموا أن لا مشاحة فيها , واتبعهم على ذلك الأشعرية , وطوائف من المتفقهين
    وشاعت تلك الكلمة على ألسنتهم , وأحدثوا ألفاظاً كثيرة يتكلمون بها في الدين , ليست في كتاب الله , ولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكلم بها أحد قبلهم
    ونقلوا كثيراً من ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه
    ... ودعا ابن الوزير الصنعاني إلى هجر كل عبارة مبتدعة في الدين من عبارات فرق الإسلام كلها , ولكنه تكلم بتلك العبارات والألفاظ , واعتذر بقوله إنه لم يمنع منها مطلقاً , فحل بذلك ما أبرم , ونقض ما غزل , وأفسد صواب رأيه ب ...
    فشاعت تلك الألفاظ المحدثة وكثرت في المتأخرين , وصارت ألسنة الفقهاء والمتفقهين على غير ما كانت عليه في كلام الله ورسوله
    فخفي على أكثر المتفقهين ما كانت تدل عليه تلك الألفاظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتبس عليهم الحق بالباطل , والسنة بالبدعة , وضلوا عن لسان العرب الذي نزل القرآن به
    وأكثر اختلاف الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من اختلاف الألسنة ونقل ألفاظ العرب على غير ما كانت تدل عليه , وحفظ لسان العرب الذي نزل القرآن به , والتفريق بينه وبين تلك الألسنة المحدثة هو حفظ الدين كله .

    الخلاصة:

    كل من سمى شيئاً من الدين غير ما سماه الله تعالى ورسوله به -ولو كان المعنى واحداً مترادفاً فمجرد الإحداث بدعة-
    أو نقل لفظه من كلام الله ورسوله إلى غير ما تدل عليه
    أو اخترع لفظاً فجعل الإيمان به واجب والعدول عنه بدعة
    فهو يضل عن الحق , ويلبسه بالباطل
    و لا حرج على الناس أن يحدثوا ألفاظاً يتكلمون بها في أمر دنياهم
    أو اصطلاحات علومهم ما لم يغيروا بذلك شيئاً من أمر دينهم .
    أو يضعوا اللفظ المصطلح عليه في العلم محل اللفظ الشرعي
    أو يحملوا اللفظ الشرعي على معنى اللفظ الذي اصطلحوا عليه في علومهم
    وكذلك ما يدور في مجالس المناظرة ومجاري الردود من استعمال تلك الألفاظ البدعية لبيان ما فيها من باطل وكشف ما قد تتضمنه من الحق الذي لا يجوز التعبير عنه إلا باللفظ الشرعي = جائز لا بأس به ما لم يتعدى إلى غيره
    وإن كان المشاهد أن استعمال تلك الألفاظ يقود إلى غلبتها على الألسنة وقل من يسلم من هذا..
    النقل
    لطفــــــاً .. من هنــــــــــــــا
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 12.11.08 8:04

    جزاك الله خيراً ...

    هل تعني أن تسمية: (جلسة الاستراحة)، أو (تحية المسجد): بدعة ؟.



    =====


    ليس في كلام الله ولا كلام رسوله تسمية هذين الفعلين باسم معين...

    وإذاً: فليس من سمى هذين الفعلين بهذا الاسم بالذي عدل عن اسم سماه الله ورسوله إلى اسم من عنده..

    طيب: هل هذين الاسمين استعملهما الشرع للدلالة على معنى معين ثم نقلهما الفقهاء فأطلقوهما على هذين الفعلين(؟؟)

    لا بالطبع..

    الآن ننظر: هل الفقهاء جعلا الإيمان بهذين الاسمين واجب والعدول عنهما بدعة(؟؟)

    لا بالطبع..

    طيب: هل لهذين الاسمين أحكام وآثار شرعية بناء على مجرد الاسم فحسب أم إن الأحكام متعلقة بالمعنى ومساوية له (؟؟)

    بل هي متعلقة بالمعنى..

    فنتيجة ماتقدم: أن هذين الإسمين هما من لسان الفقهاء يميزون به بين الأبواب والمسائل للمتعلمين مما أُذن لهم فيه مما لم يسمه الشرع.. وهما وإلى لسان أرباب الفنون والصناعات أشبه وأقرب ..فسبيلهما سبيل الفاعل والمفعول عند النحاة ..

    مثال مضاد: تسأل الرجل كيف أنتَ اليوم =فيعدل عن قوله: صائم..إلى قوله ممسك..فهذا -فيما نرى- بدعة لا يجوز..

    مثال(2): باب المكروه وتعريفه بأنه: مالايعاقب فاعله ويثاب تاركه

    مثال (3): إطلاق لفظ السنة على المندوبات..



    ====


    ما قلتَه أنت الآن هو نفس ما يعنيه الفقهاء من " لا مشاحة في الاصطلاح " ...

    فلأنهم يقولون أن الأسماء لا تترتب عليها أحكام شرعية و إنما العبرة بالمعاني قالوا أن لا مشاحة في الاسم أو الاصطلاح ...

    و هو نفس ما تفضلتم بذكره في الجزء المقتبس من كلامكم . و إن كنت أسأت الفهم فوضحوا لي .



    ==========


    بارك الله فيكم ..

    هذا الضابط: ((طيب: هل لهذين الاسمين أحكام وآثار شرعية بناء على مجرد الاسم فحسب أم إن الأحكام متعلقة بالمعنى ومساوية له (؟؟)

    بل هي متعلقة بالمعنى..))

    يتم استيفاءه بعد الضوابط السابقة..والذين قالوا: لا مشاحة في الاصطلاح قالوها من غير اعتبار الضوابط الأولى..



    =====


    حسناً: المعنى الذي قررتَه جيد، وإن كان في كلامك شيء من التعميم، يوهم تضييق ما وسعه الله...

    أخي الحبيب: الأصل في اللغات الاصطلاح، ومأخذه العرف، فما تعارف الناس عليه من الاصطلاحات لا مشاحة فيه، إذا ظهر وانضبط، ولم يتضمن مفسدة، والله تعالى ورسوله جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح Sallah لا ينهيان الناس عن التخاطب بما يتعارفون، مالم يتضمن هذا التخاطب مفسدة فيمنع ما يفضي إلى تلك المفسدة، كما في قوله تعالى: { لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْ } [(104) سورة البقرة].
    فيتعين حينئذ اجتناب اللفظ الممنوع، كتخصيص الكرم للعنب، والعتمة للعشاء ...


    ومن المفاسد أيضاً استبدال الألفاظ المحدثة بالتوقيفية، وهي الألفاظ المقصودة للشارع، كألفاظ القرآن العزيز، والأذكار الواجبة ونحو ذلك.

    فإذا انتفت المفسدة لم يمنع الناس من التفاهم بما يشاءون، بل لو أطلقوا لفظ المسكين على الفقير الذي يطوف طلباً للمال، والمفلس على المدين غير الواجد، والرقوب على من لا يولد له، وهكذا، لأن المقصود من نفي هذه الألفاظ التنبيه إلى أن المعاني الأخروية أولى، لا المنع بإطلاق.

    ولم يتفرد المعتزلة بهذه القاعدة، بل الناس جميعهم متواضعون على تناول المعاني الذهنية بالألفاظ الاصطلاحية، لكنهم يتفاوتون في المقاصد والأغراض، والمعتزلة وظفوا الاصطلاحات توظيفاً يتضمن مفسدة، فينهى عما هو من جنس تصرفهم لا غير.

    والله أعلم



    =========


    بارك الله فيكم..

    ليس في التزام الشرع في الأسماء والأحكام والأفعال ضيق ؛بل كل السعة والهدى..

    وإذا كنت تدير الأمر مع المفسدة=فعندنا أن مجرد العدول عن اللسان الأول مفسدة وأي مفسدة..

    وعندنا أن العدول عن اللسان الأول نظير العدول عن الهدي الأول ولا فرق...

    وأمثلة الرقوب والمفلس خارجة عن مبحثنا ..ولعلك تجد جوابها في موضوعي : ((جنايات على العلم والمنهج (...) دعوى أن لسان النبي جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح Sallah يخالف لسان قومه على جهة النقل والتغير الدلالي..)). يسر الله إتمامه



    ========


    لا داعي أيضاً للتفريق بين الواجب والمسنون؛ لأن الصدر الأول لم يأتوا به؟!

    وكذلك: كل رأي يقابله رأي آخر يجب أن لا يُرَد؟!

    هل ترى هذا صوابا اخي الكريم الفاضل؟



    =======


    إنما قصدتُ بعبارة (رأي يقابله رأي) أن قولك برد كلام ابن الوزير وحمل كلام شيخ الإسلام على سد الذرائع رأي له وجه ..

    يُقابله من يرى صحة كلام ابن الوزير وأن كلام شيخ الإسلام على الظاهر .. وباب الحجج في ترجيح أحد الرأيين هنا ضيق فلم أحب النقاش فيه .. فأنا سأتمسك بكون كلام الشيخ على الظاهر وأنت ستجعله من سد الذرائع وتقف الحمر في العقبة...

    هذا ما قصدتُ..

    =========

    المسنون في اللسان الأول هو ما أُثر عن الشارع من هدي وسيرة فيه ما هو حتم لازم وفيه ماهو دون ذلك..وليس مراداً بالمسنون هنا حكماً شرعياً على قسمة المتأخرين..

    وفي لسان بعض المتأخرين إطلاق لفظ السنة في موضع المندوب..وهذا تغيير دلالي ونقل عن اللسان الأول ..

    ودعوتنا : إعادة كتابة هذه الأبواب جميعاً بما يتسق مع اللسان الأول ويوافقه لا يُخرج عنه إلا بمثل الضوابط التي أشرتُ إليها..



    ========

    فلتبدأ -أخي الكريم- بما دعوت إليه، حتى إذا استكملته وأتممته فلتعمد به إلى تنور فلتحرقه حتى لا تكون فتنة. ولتعلم أننا لسنا بحاجة إلى تجديد في هذا الباب وإلا لاتسع الخرق على الراقع في زمن الفوضى العلمية والثورة على تراث السلف الصالح. أرجو أن لا تفهم من كلامي انتقاصاً أو تسفيهاً ولكنها نصيحة محب.

    المصدر السابق

    إدارة منتدى ( الربانيون )
    إدارة منتدى ( الربانيون )
    رزقه الله تعالى من الطيبات
    رزقه الله تعالى من الطيبات


    ذكر عدد الرسائل : 20
    البلد : منتدى الربانيون
    العمل : إدارة المنتدى
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 31/05/2008

    الملفات الصوتية رد: جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح

    مُساهمة من طرف إدارة منتدى ( الربانيون ) 12.11.08 8:28

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

    - صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله ومن ولاه

    ،، أما بعد ...

    لقد حجّر الكاتب واساعا، وانطلق من منطلق صحيح انطلاقا عليلا

    نعم

    نحن ندعو الناس إلى اتباع الرعيل الأول

    لكن

    هذا لا يدعونا إلى إهدار جهود الأعلام، وتجهيلهم .

    لأجل ذلك حذفنا تعريض الكاتب بشيخي الإسلام - رحمهما الله تعالى- وبعض عبارة في حق العلامة ابن الوزير- رحمه الله تعالى .

    لقد تقرر

    أن الألفاظ قوالب المعاني

    و

    أن الأحكام تبعاً للمقاصد

    وعليه .. يظهر تضييق الكاتب

    كيف ! وقد قسّم العلماء - وفي مقدمتهم شيخي الإسلام- حال حديثهم عن المصطلحات قسّموها إلى قسمين

    وبيّنوا المقبول منه والممجوج

    وجعلوا التعويل إلى إصابة الحق .

    مع تأكيدهم أن التمسك باللفظ الشرعي هو الأولى والأدل .


    إن إخراس شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- للمناطقة

    و

    إفلاسه للفلاسفة

    و

    إقباره للقبوريين

    و

    إشعاله الأشاعرة

    و

    كبته لأهل الكتاب

    و

    شنقه للمشركين

    و

    تشريده للشانئين

    و

    ردّه للآبقين


    بالأدلة الواضحات والبيّنات الناطقات ، ثم إردافها بمنطوق لسانهم، مما إذهلهم فأذهبهم

    أمر حمده عليه العلماء الربانيون سلفا وخلفا

    فلا ينبغي لغرّ أن يلبس لمة حق، يجاهد بها أهل الحق

    ولا سيما أنه بعلومهم وفهومهم نطق

    ولا أزيد


    الحاصل :

    العودة إلى نهج السلف في كل الأبواب التعبدية أوجب بل هي الواجب المتعين

    غير أن هذه الدعوة يجب أن تنطلق من منطلق منضبط لا غلو فيه ولا شطط

    هذا ..

    والله تعالى الموفق، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل

    والحمد لله رب العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:14