القول البتول في فضل الصحابة العدول
رد على رافضي في إثبات عدالة الصحابة وبيان موقف المسلم مما دار بينهم - رضي الله تعالى عنهم
المقدمة، وفيها دفع شبهات المعترض
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" سورة "آل عمران" الآية (102)
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" سورة "النساء" الآية(1)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " سورة "الأحزاب" الآية (70-71)
أما بعد :
لقد فطن المسلمون - قديما وحديثا- لإغواء شياطين التشيع والتصوف وأشياعهما، وأنا هنا لا ألتفت - كثيرا- لشاردة أقوالهم، فضلاً عن بهتانهم؛ وذلك لعلمنا كما علم غيرنا بدائهم - أعني : الحمق .
بيد أني في هذا المقام أتناول موضوع الذَبّ عن الصحابة الكرام - رضي الله تعالى عنه- وإن كنت تناولته في ردي السابق على هذا المأفون الرافضي على وجه إجمالي، أتناوله ها هنا بشيء من التفصيل؛ للتدليل على إثبات عدالتهم، ومن ثم ضلال منهج الرافضة في الباب .
وأراني لزاما قبل البدء أعرج هنا على مظلوميته - وما أكثر دعواهم الظلم!!! - إذ رمى سادته السلفيين - شرفهم الله تعالى ورفع أقدارهم- بأنهم يكفرونهم، وجهل - وهم للجهل أهل- أن سادتهم السلفيين - أو إن شئت قلت الوهابيين أو إن شئت قلت : أهل السنة، أو إن شئت قلت : أهل الدليل (النصيّة) - يفرقون في إطلاق الأحكام الشرعية - من تكفير أو تبديع أو تفسيق أو لعن- بين الإطلاق والتعيين
وهم والحالة هذه أرباب علم ورحمة وهدى، وكذا خلق دمث، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله، هذا أولاً .
ثانياً – إلزامي - إقرار المعترض نفسه : وآية ذلك من قوله هو!!! إذ قال : "ولا بدّ هنا أن نذكر بعض ما يتعلق بهذه المسألة، وفروضها ثلاثة : الأول: إنّ الصحابة كلّهم عدول أجمعين، وما صدر منهم يحتمل لهم، وهم مجتهدون وهذا هو رأي الجمهور من السنّة.
الثاني: إن الصحابة كغيرهم من الرجال وفيهم العدول، وفيهم الفسّاق، فهم يوزنون بأعمالهم، فالمحسن يجازى لإحسانه، والمسيء يؤخذ بإساءته. وهذا رأى الشيعة.
الثالث: إنّ جميع الصحابة كفار ـ والعياذ بالله ـ وهذا رأي الخارجين عن الإسلام ولا يقوله إلاّ كافر، وليس من الإسلام في شيء .
هذه ثلاثة فروض للمسألة وهنا لا بد أن نقف ملياً لنفحص هذه الأقوال :
أما القول الثالث فباطل بالإجماع ولم يقل به إلاّ أعداء الإسلام أو الدخلاء فيه ..." إهـ
فلم التشغيب إذا؟!! أتنكر ما تثبته؟!! أوليس هذا الحمق .
والحق : أنه – وكما أسلفت داخل في باب تقيتهم كـ - مفردة مفردات كثيرة من كذبهم على الله تعالى وعلى رسوله – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وعلى الصحب بل والآل .
برهان ذلك – ومن قوله كذلك : ما ختم به مقاله بقوله : "ونحن لا نتنازل عن بغض من ظلم أهل البيت وعاداهم، وأعلن الحرب عليهم، وآذى رسول الله فيهم، فاُولئك لا نتبرأ من البراءة منهم، ونتقرب إلى الله في معاداتهم، لأنّهم ظالمون...انتهى"إهـ ونستحضر في المقام قول العربي الأول : "بذات فمه يفتضح الكذوب"
ثالثاً : بيان حقيقة من وصفهم، بقوله : " ونشكو إلى الله ما تجنّاه المغرضون، وما يقوله المهرّجون من أنّ الشيعة يطعنون بجميع الصحابة أو يكفرونهم ـ والعياذ بالله "
ذكر الكليني – أخمد الله تعالى ذكره : "عن أبي جعفر - عليه السلام : كان الناس([1]) أهل ردة بعد النبي - صلى الله عليه وآله - إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة ؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي" "فروع الكافي" للكليني، كتاب الروضة، ص(115) .
وذكر الكشي – أخمد الله تعالى ذكره- قال : قال أبو جعفر- عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبوذر والمقداد، قال : قلت : فعمار؟ قال : قد كان حاص حيصة ثم رجع، ثم قال : إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، وأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض.. وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم فأبى أن يتكلم" "معرفة أخبار الرجال (رجال كشي) ص(8) وص(4)
وذكر القمي – أخمد الله تعالى ذكره- أنه : " لم يبق من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله- إلا نافق، إلا القليل" تفسير القمي، لعلي بن إبراهيم القمي.
وبذا نقف بجلاء ما فيه أدنى خفاء على مهية من وصفهم بـ (المغرضون، وما يقوله المهرّجون)
بل وفي تكفيرهم لعموم مخالفيهم : "يقول رئيس محدثيهم محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق في رسالة الاعتقادات (?103 ? مركز نشر الكتاب إيران 1370) ما نصه: "واعتقادنا فيمن جحد إمامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهم السلام أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله"
ويقول شيخهم ومحدثهم يوسف البحراني في موسوعته المعتمدة عند الشيعة (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة" ?18 ?153 ? دار الأضواء بيروت لبنان : "وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين"
ويقول فيلسوفهم محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني في "منهاج النجاة" (48 ط . دار الإسلامية بيروت 1987) : "ومن جحد إمامه أحدهم - أي الأئمة الاثنى عشر - فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء عليهم السلام"
ويقول الملا محمد باقر المجلسي والذي يلقبونه بالعلم العلامة الحجة فخر الأمة في "بحار الأنوار" (23/390) : " اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضل عليهم غيرهم يدل أنهم مخلدون في النار".
قلت: فالذين تعاطفوا مع الشيعة مخلدون في النار على معتقد من تعاطفوا معهم!! فهل من معتبر؟!!! .
ويقول شيخهم محمد حسن النجفي في "جواهر الكلام" (6/62) دار إحياء التراث العربي بيروت : "والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا "
هذا وقد نقل شيخهم محسن الطبطبائي الملقب بالحكيم كفر من خالفهم بلا خلاف بينهم وذلك في كتابه "مستمسك العروة الوثقى" (1/392 ?3 مطبعة الآداب في النجف 1970
ويقول عبد الله المامقاني الملقب عندهم بالعلامة الثاني في "تنقيح المقال" (1/208) باب الفوائد . النجف 1952 : "وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن اثنى عشري".
ويقول شيخهم يوسف البحراني في "الحدائق الناضرة" (18/53) : " إنك قد عرفت أن المخالف كافر لا حظ له في الإسلام بوجه من الوجوه كما حققنا في كتابنا الشهاب الثاقب".
ويقول علامتهم عبد الله شبر الذي يلقب عندهم بالسيد الأعظم والعماد الأقوم علامة العلماء وتاج الفقهاء رئيس الملة والدين جامع المعقول والمنقول مهذب الفروع والأصول في كتابه "حق اليقين في معرفة أصول الدين"(2/188) طبع بيروت : "وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب فالذي عليه جملة من الإمامية كالسيد المرتضي أنهم كفار في الدنيا والآخرة والذي عليه الأكثر الأشهر أنهم كفار مخلدون في الآخرة".
وقال المفيد في "المسائل" نقلا عن "بحار الأنوار" للمجلسي (23/391) : " اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار". انتهى كلام الموصلي بتصرف
ولم يكن هذا معتقد متقدمهم في الضلال والإضلال فحسب بل أنقل هنا تصريح أكبر مرجع من مراجع الشيعة الإمامية في هذا العصر وهو أبو القاسم الخوئي إذ قال : " ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم واتهامهم، والوقيعة فيهم أي غيبتهم لأنهم من أهل البدع والريب، بل لا شبهة في كفرهم، لأن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية ""مصباح الفقاهة" 1/323)) والنقل بتصرف من "حتى لا ننخدع" الفصل الثاني "عقائد الشيعة في الإسلام والمسلمين"
وعليه .. تفهم حقيقة البراءة المشار إليها من قول المعترض هنا .
ومن خلطهم وخبهم : ما نقله المعترض مستوقيا به : "إنّ الصحبة شاملة لكلّ من صحب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أو رآه أو سمع حديثه، فهي تشمل المؤمن والمنافق، والعادل والفاسق، والبر والفاجر ... فالصحبة إذا : لم تكن بمجردها عاصمة تلبس صاحبها أبراد العدالة؛ وإنّما تختلف منازلهم وتتفاوت درجاتهم بالأعمال.
ولنا في كتاب الله وأحاديث رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- كفاية عن التمحّل في الاستدلال على ما نقوله؛ والآثار شاهدة على ما نذهب إليه من شمول الصحبة وأنّ فيهم العدول من الذين صدقوا ما عاهدوا عليه الله، ورسخت أقدامهم في العقيدة، وجرى الإيمان في عروقهم، وأخلصوا لله فكانوا بأعلى درجة من الكمال... كما أنّ الصحبة تشمل من مردوا على النفاق، والذين ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لرسول الله الاُمور، وأظهروا الغدر، حتّى جاء الحقّ وظهر أمر الله وهم كارهون"
وأقول : سبحان الله! انطقه الله الحق، غير أنه لم يتفطن له : لقد سمى الله تعالى أولئك النفر القليل بالمنافقين، للحذر، إذ الناس كان في عهده – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : مسلم ومنافق وكافر. ومن ثم فإثبات الصحبة حقيقة على الأول دون الثاني . هذا أولا .
ثانياً : وأما ما نسب منه – أي النفاق- لصحابي، فهو محمول على العملي لا الاعتقادي منه . ونصوا فينما نصوا عليه : " لا يخشاه إلا مؤمن، ولا يأمنه إلا منافق" .
ثالثاً : وهو مبحث أصولي في تعريفهم للقاعدة : أنها أمر كلي يندرج تحته جزئيات . بيد أنهم اتفقوا على أن هذه الكلية لا يؤثر فيها من شذ عنها .
وعليه .. فوجود النفاق – مع ندرته – لا علاقة له بالصحبة– الاصطلاحية لا اللغوية- ولا يؤثر في إثبات العدالة للصحب الكرام العظام .
رابعاً – إلزامي : أورد أبو النصر محمد بن مسعود المعروف بالعياشي في تفسيره لقوله تعالى { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } رواية تنفي النفاق صراحة عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رواها عن محمد الباقر (وهو خامس الأئمة الاثني عشر المعصومين) عند الرافضة :
فعن سلام قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء - إلى أن قال محمد الباقر - أما إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله تخاف علينا النفاق، قال : فقال لهم : ولم تخافون ذلك؟ قالوا إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا ووجلنا نسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والأولاد والمال يكاد أن نحوّل عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن علـى شـيء أفتخـاف علينـا أن يكون هذا النفاق؟
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا! هذا من خطوات الشيطان ليرغبنكم في الدنيا والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ..." "تفسير العياشي" سورة البقرة آية (222) (1/128) مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، تصحيح: السيد هاشم الهولي المحلاني ط. 1411هـ ـ 1991م.
ومثله في "بحار الانوار"(67) باب (44) القلب وصلاحه وفساده، ومعنى السمع والبصر والنطق والحياة الحقيقيّات [ 55 ][ 66 ]وأوردها الهالك الكلينى فى كافيه "الاصول من الكافي" باب في تنقل أحوال القلب (2/423-424)
خامساًً : استصحاب الأصل : وهو سلامة وعدالة ورضا الرب سبحانه عمن اصطفاهم لصحبة صفوته – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وصيانة أعراضهم من الوقيعة فيهم، فلا تثريب
وإنما التثريب - كما أسلفت- على المتعبدين بالكذب والزنا وأكل أموال الناس بالباطل، المتبجحين بالإشراك، عبدة الرجال .
قال الطحاوي – رحمه الله تعالى : " كان أبو عبيد يذاكرني بالمسائل، فأجبته يوماً فِي مسألة، فقال لي : ما هذَا قول أبي حنيفة؟!
فقلت لَه : أَيُّها القاضي أو كل ما قاله أبو حنيفة أقول بِهِ .
قال: مَا ظننتك إِلاَّ مقلِّداً .
فقلت لَه : وهل يقلد إِلاَّ عصبي، فقال لي : أَو غبي" "رفع الأصر عن قضاة مصر" (1/120) .
ومما يذكر في الباب : كتب الشاه اسماعيل الصفوي الرافضي للسلطان بايزيد العثماني :
نحن أناس قد غدا طبعنا *** حب علي بن أبي طالبي
عيبنا الناس على حبه *** فلعنة الله على العائب
فأجابه السلطان :
ما عيبكم هذا ولكنه *** بغض الذي لقب بالصاحب
وكذبكم عنه وعن بنته *** فلعنة الله على الكاذب
وأما عن مسألة قدحنا في عدالة أولئك - أعني : الرافضة : فقد اصطلح علماء المصطلح على أن الخبر لا يقبل إلا من ثقة، عدل، مأمون في دينه، فأنى تقبل رواية الباطنية الرافضة .
أين عدالتهم : وهم يعتقدون أن من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع!
وأقبح من ذلك وأشنع ما افتروا عليه e بقوله ( من تمتع مرة أمن من سخط الجبار، ومن تمتع مرتين حشر مع الأبرار، ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان ) إلى غير ذلك مما هو شائع عندهم من إعارة الفروج، واستئجارها، واللواط بالنساء" راجع "الشيعة وأهل البيت" لإحسان إلهي ظهير ص(217) .
أين عدالتهم وأنى تقبل رواياتهم وهو يتعبدون الله تعالى بالكذب - التقية : وفيها : "يقول شيخهم المفيد معرفا للتقية : " التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين" "تصحيح الاعتقاد" ص(115) وانظر كذلك ما ذكره عنها البحراني مبينا في "الكشكول" (1/202) والخميني في "كشف الأسرار" ص(147)
مكانة التقية وفضلها عند الشيعة ( الرافضه ) :قال شيخهم ورئس محدثيهم محمد بن علي الملقب بالصدوق !: "واعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة " "رسالة الاعتقاد" ص(104)
ويقول محدثهم محمد ابن الحسن الحر العاملي، عن أبي عبد الله - عليه السلام- أنه قال : "من تركها قبل خروج قائمنا فليس منا" "اثبات الهداه"(3/477)
يروون عن أبي جعفر أنه قال : " التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له" "أصول الكافي"(2/219) و"المحاسن" للبرقي (255)
وعن أبي عبد الله أنه قال : "ما عبد الله بشيء أحب اليه من الخبء، قلت وما الخبء؟ قال التقية!" "الكافي"(2 (219/
وعنه : "اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية" "أصول الكافي"(2/218)
وعنه أيضا قال : "كان أبي عليه السلام يقول : أي شيء أقر لعيني من التقية ان التقية جنة المؤمن" " الكافي"(2/220)
وعنه أيضا أنه قال : "إنكم على دين من كتمه أعزه الله!!! ومن أذاعه أذله الله" "الكافي"(2/222) و"الرسائل" للخميني(2/185)
ويجوزون الحلف بالله تقية ( كذبا ) !فيرون عن أبي عبد الله أنه قال : "استعمال التقية في دار التقية واجب، ولا حنث ولا كفاره عمن حنث تقيه!! يدفع بذلك ظلما عن نفسه" "الأصول الأصيل" ص(319)
بل إنهم بوبوا لهذه التقية أبوابا في كتبهم !!منها :باب "وجوب الاعتناء والاهتمام بالتقية" "الوسائل"(11 / 472) و باب "باب وجوب عشرة العامه بالتقية" ( يعني بالعامة : أهل السنة )" الوسائل"(11/470) وباب "وجوب طاعة السلطان للتقية" "الوسائل"(11/471) و"باب التقية" "أصول الكافي" (2/217) و"باب الكتمان" "أصول الكافي"(2/221) وغير هذا الكثير والكثير أعرضت عنه : إذاً التقية : هي نفاق خالص ومعناها أن يظهر الشخص عكس ما يبطن وهي من سمات المنافقين !
قال تعالى في وصف المنافقين : " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" سورة "البقرة" الآية(14) وقال تعالى : " وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ" سورة "المائدة" الآية(61) وبهذا يتبين أن الشيعي حينما يظهر التقرب والمودة من أهل السنة وانكاره لما في مذهبه من ظلال لا يعدوا على كونه يمارس التقية" "الشبكة العنكبوتية" بتصرف
قلت : وموقفه ها هنا بعد البيان الذي أعجزه فأزعجه من ذا . دليل ذلك من قوله : " انا اقول لك هذه اقوال بخاريكم وصحاحكم لماذا لا تصدق فيها اليس هو اصح كتاب بعد القرأن عندكم يظهر انكم اختلفتم حتى في اصح الكتب لديكم هذا تخبط في الروايات"
ونحن إن نسينا فلن ننسى - إن شاء الله تعالى- القول بتنزيه الآل من هذا الدنس المجوسي، إذ هؤلاء دمى لكل عدو للإسلام والمسلمين، بل هم كما سمَّاهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى "حمير النصارى" يركبونهم للنيل من الإسلام وأهله - كما هو ماثلٌ للعيان في هذا العصر- وأنى لهم ذلك!!! .
ومن غريب صنيع المعترض : أنه أنكر موضوعي السحت والعهر!! ولم يتعرض من قريب أو بعيد لما هو أفحش : الشرك – الولاية التكوينية، وادعاؤهم الكاذب معرفة للغيب- وهذا من ذا – أعني : الجهل والحمق .
وأنا حينما أصف أولئك – بما وصفت- من باب الاعتذار عنهم والتلطف بهم . لا كما زعم المعترض – وقد نبهته ابتداءا([2]) تشغيبا وتحريشا أنه كبر – عياذا بالله تعالى .
ومن أمارات زيغه، وعلامات زيفه : أنه عرّض في معرض كذبه – تقيتهم المزعومة- بسادة الصحب الكرام العمرين وذي النورين– رضي الله تعالى عنهم- وهو الزاعم تقديساً، الرامي تنزيها، إذ قال : "ونصيحتي للاخ الفاضل ان لا يتكبر على الناس كيف تتحدث عن اخلاق ابي بكر وعمر وعثمان وانت بهذه الصفة المغايره لاخلاقهم"
وأقول : يا هذا – وكل هذا- نحن لا نقيس بمن ذكرت أحدا! هؤلاء قوم حطوا رحالهم في أعالي الجنان، هؤلاء قوم سبق لهم من ربهم الرضا، ومن نحن لولاهموا .
وأزيدك لتتضلع أو تتجرع : فقد روى الإمام البخاري – رحمه الله تعالى- عن ابن عمر – رضي الله تعالى عنهما- قال : كنا نقول ورسول الله r بين أظهرنا : " إن خير الناس بعد رسول الله r أبو بكر، وعمر، وعثمان " البخاري "فصائل الصحابة" (7/16)
ونحن إذ نذكر هذا، نستذكر معه قول الأول : " ائتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضيا كبيراً" نسأل الله تعالى لضال المسلمين الهداية .. أمين .
وأما قوله في إبطال عدالة الصحابة – رضي الله تعالى عنهم : "واما القول الأول وهو أشبه شيء بادعاء العصمة للصحابة، أو سقوط التكاليف عنهم، وهذا شيء لا يقرّه الإسلام، ولا تشمله تعاليمه" .
والجواب عن هذا الشيء الذي وصفه – هو- بأنه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه)
جاء في "عقائد الإمامية" : "ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل ما ظهر منها وما بطن، كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان؛ لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي" "عقائد الإمامية" ص(51)
قلت : وفي هذا النقل : خلط وخبط وخطل عرف به أولئك، مع كونه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه) وسيأتي .
وفي "بحار الأنوار" نقل الإجماع على هذا الشرك – والشرك عظيم- فقال المجلسي : " إن أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأئمة – صلوات الله عليهم – من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمداً وخطأً ونسياناً من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله عز وجل" "بحار الأنوار" (25/350-351)
قلت : وهذا شيء تأباه العقول، مع كونه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه)
يقرر ابن بابويه المتوفى سنة 381هـ عقيدة الشيعة في العصمة في كتابه "الاعتقادات" الذي يسمى دين الشيعة الإمامية فيقول في تكفير جاهلها لا منكرها فحسب : "اعتقادنا في الأئمة أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم، ومن جهلهم فهو كافر، واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها، لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل"" الاعتقادات" ص(108-109)
قلت : والعجب من وصفه لشياطينه بالملائكية! وليته توارى، بل وليتهم وقفوا وكفوا، غير أنها سنة البدع : تبدوا صغيرة ثم إن لم تنكر تصير عظيمة . هذا مع كونه (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه)
وكان من أثر هذا الغلو أنه رتبوا رفعة شياطينهم – أئمتهم- عن مقام النبوة إلى مقام الإلهية، فيفترون أن علياً قال : "أُعطيت خصالاً لم يعطهنّ أحد قبلي : علّمت علم المنايا والبلايا ... فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي" "أصول الكافي"(1/197)
وانظر في نقل القول الكبار بألوهية أمير المؤمنين : "مقالات الإسلاميين" (1/86) و"التنبيه والرد" ص(18) و"الفرق بين الفرق" ص(21) و"الملل والنحل" (1/174)
وانظر من كتب الشيعة : "رجال الكشي" ص(106-107) والرازي/ الزينة" ص(305) و "تنقيح المقال"(2/183)
قلت : نعوذ بالله من الغلو وأهله، وهذا (شيء لا يقره الإسلام، ولا تشمله تعاليمه) بل ولا التعاليم السماوية، ولا العقول السوية، والفطر السنية!!! هديتم وكفيتم .
ونذكر مذكّرين قول العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى : « فلا تجد مشركاً قط إلا وهو متنقص لله سبحانه، وإن زعم أنه معظم له بذلك . كما أنك لا تجد مبتدعاً إلا وهو متنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم- وإن زعم أنه معظم له بتلك البدعة فإنه يزعم أنها خير من السنة وأولى بالصواب، أو يزعم أنها من السنة» "إغاثة اللهفان"ص 131))
الموضوع :
والآن نأتي لمسألة الصحبة ومعدن الأصحاب - رضي الله تعالى عنهم أجمعين- وما آل بيت نبينا- صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- إلا داخل في هذا المقام السامي، فأقول :
أولاً : مسألة الصحبة .
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى : "وأصح ما وقفت عليه من ذلك، أن الصحابي من لقي النبي مؤمنـاً به، ومات على الإسلام" "الإصابة في تمييز الصحابة" (1/10).
قال : فيدخل فيه من لقيه ممن طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روي عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أولم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمي .
ويخرج بقيد " الإيمان " من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك؛ إذا لم يجتمع به مرة أخرى.
وقولنا "به" يخرج من لقيه مؤمنا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة.
ويدخل في قولنا "مؤمناً به" كل مكلف من الجن والإنس .
وهل تدخل الملائكة ؟ محل نظر .
وخرج بقولنا
: "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ومات على ردته – والعياذ بالله – قال : ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد" باختصار "الصحيح المسند من فضائل الصحابة" ص(6)
في " الاستيعاب" لأبي عمرو ابن عبد البر (1/10) قال ابن الصلاح حكاية عن أبي المظفر السمعاني أنه قال : " أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه r حديثاً ، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منـزلة النبي r أعطوا كل من رآه حكم الصحابة" "مقدمة ابن الصلاح" ص(118) و"فتح المغيث" للعراقي (4/30)
إذا علمت هذا – أعني شرف الصحبة- فقهت ما بعده، وانقشعت سحائب الظلمة عن قلبك تجاه المسلمين المؤمنين :
ثانياً : معدن الأصحاب – رضي الله تعالى عنهم أجمعين النفيس .
روي الإمام أحمد في مسنده عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود t قال : " أن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد e خير قلوب العبادفاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد e فوجد قلوب أصحابه - رضوان الله عليهم - خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيء" صحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، انظر "المسند" برقم (3600) .
قال عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما : " إن الله - جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه - خص نبيه محمد r بصحابة آثروه على الأنفس، والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتابه فقال تعالى : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ… " سـورة "الفتح" الآيـة(29)
قاموا بمعالم الدين، وناصحوا الاجتهاد للمسلمين، حتى تهذبت طرقه، وقويت أسبابه، وظهرت آلاء الله، واستقر دينه، ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه، ومحا دعائمه وصارت كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكية، والأرواح الطاهرة العلية، فقد كانوا في الحياة لله أولياء، وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها" "مروج الذهب ومعادن الجواهر" (3/75) .
روى أبو نعيم : بإسناده إلى أبي أراكة قال : "صلى علي الغداة ، ثم لبس في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح، كأن عليه كآبة، ثم قال : " لقد رأيت أثراً من أصحابr فما أرى أحداً يشبههم، والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً، بين أعينهم مثل ركب المعزى، قد باتوا يتلون كتاب الله، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله، مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين" .
وقال أيضا - رضي الله تعالى عنه : " أولئك مصابيح الهدى، يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذايع [3] ولا الجفاة المرآئين " "حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/76 ) و"البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (8/7 ) .
وعن الحسن البصري - رحمه الله تعالى - لما سأله بعض القوم فقالوا : أخبرنا عن صفة أصحاب رسول الله r ؟ فبكى وقال : "ظهرت منهم علامات الخير، في السيماء، والسمت، والهدى، والصدق، وخشونة ملابسهم بالاقتصاد، وممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل، ومطعمهم ومشربهم بالطيب من الرزق، وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى، واستقادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا وإعطائهم الحق من أنفسهم، ظمئت هواجرهم، ونحلت أجسامهم، واستخفوا بسخط المخلوقين في رضا الخالق، لم يفرطوا في غضب، ولم يحيفوا ولم يجاوزوا حكم الله تعالى في القرآن ، شغلوا الألسن بالذكر، وبذلوا دمائهم حين استنصرهم، وبذلوا أموالهم حين استقرضهم، ولم يمنعهم خوفاً من المخلوقين، حسنت أخلاقهم، وهانت مؤنتهم، وكفاهم اليسير من دنياهم إلى أخرتهم" "حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/76 ) و"البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (8/7 )
ويقول العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى - عن الصحابة - رضي الله عنهم : " إن أحداً ممن بعدهم لا يساويهم في رأيهم وكيف يساويهم؟ وقد كان أحدهم يرى الرأى فينـزل القرآن بموافقته ... وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنـزلة أن يكون رأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا، كيف لا وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نوراً وإيماناً، وحكمةً وعلماً، ومعرفةً، وفهماً عن الله ورسوله ونصيحة للأمة، وقلوبهم على قلب نبيهم، ولا وساطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة، غضاً طرياً " .
وجاء في "لوامع الأنوار البهية" : " ليس في الأمة كالصحابة الكرام، ولا يرتاب أحد من ذوي الألباب، أن الصحابة الكرام، هم الذين حازوا قصبات السبق، واستولوا على معالي الأمور، من الفضل والمعروف، والصدق، فالسعيد من اتبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهجهم القويم، والتعيس من عدل عن طريقهم، ولم يتحقق بتحقيقهم، فأي خطة رشد لم يستولوا عليها، وأي خصلة خير لم يسبقوا إليها .
تالله، لقد وردوا ينبوع الحياة عذباً صافياً زلالاً، ووطدوا قواعد الدين والمعروف، فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالا، فتحوا القلوب بالقرآن، والذكر، والإيمان، والقرى بالسيف، والسنان ، وبذل النفوس النفيسة في مرضاة الرحيم الرحمن، فلا معروف إلا ما عنهم عرف، ولا برهان إلا ما بعلومهم كشف، ولا سبيل نجاة إلا ما سلكوه، ولا خير وسعادة إلا ما حققوه وحكوه، فرضوان الله عليهم ما تحلت المجالس بنشر ذكرهم، وما تنصقت الطروسبعرف مدحهم وشكرهم، فلا مطمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق بهم، فهم أسعد الأمة بإصابة الصواب، وأجدر الأئمة بعلم فقه السنة والكتاب؛ لفوزهم بصحبة النبي r ومشاهدة نـزول الوحي، ومعرفة الأسباب، فلا يجاروا في علمهم، ولا يباروا في فهمهم، فكل علم وفهم ، وخير، عنهم وصل، وكل سعادة، وسيادة وفقه، من علمهم، وبسببهم حصل، فرضوان الله عليهم، ما زين ذكرهم الدفاتر، وشرف نشرهم المنابر، وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وبذلوا نفوسهم النفيسة في مرضاة الله
فلا ريب إنهم أئمة الصادقين، وكل صادق بعدهم ، فبهم يأتم في صدقه، بل حقيقة صدقه اتباعه لهم، وكونه معهم فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم، فهم شهداؤه؛ ولهذا نوه بهم، ورفع ذكرهم، وأثنى عليهم 000 فلا مقام بعد مقام النبوة، أعظم من مقام قوم، ارتضاهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه r ونصرة دينه القويم، وصراطه المستقيم
فمن تأمل فيما ذكرناه حق التأمل، وأعطى المقام حقه، نجا، فالحذر الحذر، من أدنى شائبة، تزري بتلك المناصب الشامخة . ولهذا نقول :
واحذر من الخوض الذي قد يزري *** بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنـه عن اجتهـاد قـد صـدر *** فاسلم أذل الله من لهم هجر
وقال أيضا :
وليـس في الأمـة كالصحابة *** في الفضل والمعروف والإصابة
فإنهم قد شـاهدوا المختـارا *** وعاينـوا الأسـرار والأنوارا
وجاهـدوا في الله حتى بانـا *** دين الهـدى وقد سمى الأديانا
وقد أتى في محكـم التنـزيـل *** من فضـلهم ما يشفي للغليل
وفي الأحاديث وفي الآثــار *** وفي كلام القـوم والأشعـار
ما قد وفى من أن يحيط نظمي *** عن بعضه فاقتنع وخذ من علم" " لوامع
"الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المعنية في عقيدة الفرقة المرضية" للعلامة محمد بن أحمد السفاريني (2/379)
قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله تعالى - وغيره : " قد أثنى الله - تبارك وتعالى -على أصحاب رسول الله r في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله rمن الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله، وهنأهم بما آتاهم من ذلك، ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدوا إلينا سنة رسول الله r عاماً وخاصاً، وعزماً وإرشاداً، وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل " " أعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (1/80)
وقال ابن أبي حاتم - رحمهما الله : " فأما أصحاب رسول الله r فهم الذين شهدوا الوحي والتنـزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه r ونصرته، وإقامة دينه، وإظهار حقه، فرضيهم له صحابة، وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة، فحفظوا عنه r ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر، ونهى وحظر وأدب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده، بمعاينة رسول الله r ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما من عليهم، وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب، والغلط والريبة والغمز، وسماهم عدول الأمة فقال - عز وجل " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ..." سـورة " البقـرة " الآيـة ( 143)
قال "عدلا" فكانوا عدول الأمة، وأئمة الهدى، وحجج الدين، ونقلة الكتاب والسنة . وندب الله - عز وجل - إلى التمسك بهديهم، والجري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بهم، فقال تعالى " وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " سـورة " النسـاء " الآيـة ( 115)
عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 04.10.10 9:51 عدل 4 مرات