“إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت”
تهتم اللغة العربية بمخارج الحروف عند النطق لتميز بين حرف وآخر حتى لا يقع لبس في ادراك المعنى وفهمه. والتراث العربي تراث سمعي يعتمد على الأذن في تمييز معاني الكلمات، خصوصاً تلك التي تختلف معانيها باختلاف نطقها.
ومن المعروف ان العالم اللغوي (قطرب) ألف ثلاثيته المشهورة في اختلاف معنى الكلمة الواحدة عند نطقها اوفتحها او كسرها، فمثلاً كلمة “الجنة” اذا فتحت الجيم فهي دار النعيم بالآخرة، وان ضممت الجيم كان معناها السترة اي ما يستتر به، والعرب تقول:أجننت الشيء في الصدر اي سترته اما اذا كسرت الجيم فمدلول الكلمة”الجِن” والله عز وجل يقول في سورة الناس “من الجِنة والناس”.
قلت ما قلت تدليلاً على اختلاف المعاني باختلاف حركة الحرف، فكيف اذا كان التغيير في مخارج الحروف..لقد استمرأنا مع الأسف التغيير نتيجة للتلقين الاعمى فالثاء اصبحت “س” وبعضهم ينطقها “ت” وحرف الـ “ظ” اصبح “ز” وحرف “ذ” اصبح “ز”، حتى حرف “ض” دخله عن النطق اعوجاج فيقال “الزابط ويقصدون به “الضابط”، كل ذلك استحداث وافد قلده البعض ظناً انه من مقومات التحضر، وهو اعتياد سيئ يجب ان نجابهه وان نعود انفسنا على تقويم مخارج حروفنا العربية التي نزل بها القرآن الكريم.
يروى ان أحد علماء اللغة كان لا يرى بأساً في نطق حرف الصاد سيناً لتشابه مخرج الحرفين، فجوبه برأي معارض دلل على فساد ذلك فقيل له: كيف تقرأ الآية الكريمة؟: “ ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم..الآية” فخجل صاحب ذلك الرأي وتراجع عن رأيه.
ان التعود على حفظ اللسان وتقويمه في اخراج الحروف من مخارجها الطبيعية مهم وضروري، ومن الخطأ ان نحرف كلمة “ثبت” الى “سبت” وكلمة “كثير” الى “كسير” وكلمة “ثرى” الى “سرى” فالفرق شاسع في المعنى بين هذه وتلك ولغتنا الجميلة لا تحتاج الى هذا التبديل المشوه الذي يخرج كلماتها من معانيها الاصلية الى معان لا نريدها بل ان بعض هذا التحريف لا يليق ذكره.. ولقد سبقني في الاشارة اليه معالي الشيخ حسن بن عبدالله ال الشيخ رحمه الله في خاطرة من خواطره.
ولئن عتبت فانما اعتب على جريدة عكاظ التي ترجمت اسمها بالاحرف اللاتينية “okaz” وكان الاولى ان تكون “okad” فذلك اقرب مخرجاً من حرف “z”.
ان من واجب المدارس تعويد الطلبة على النطق السليم وتقويم مخارج الحروف عند نطق الطلبة وان تحرص على تصحيح ذلك وتلقينهم وتعويدهم على التمسك بلغتنا الجميلة لانها هويتنا.
واحسب انه من المهم والضروري ان يحرص الاباء والامهات على ناشئتهم فيقومون السنتهم وهم صغار قبل ان تستعصي عليهم وهم كبار ويصدق فينا قول الشاعر:
“ان الغصون اذا عدلتها اعتدلت
ولا تلين اذا كانت من الخشب”
عبدالقادر بن عبدالحي كمال
نقلاً عن
http://www.al-maqha.com./showthread.php?t=698