الحكمة في إفراد السلام والرحمة وجمع البركة "عند السلام"
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه والتعابعين
أما بعد:
فهذه فائدة من أحد فضلاء وعلماء الأمة رحمه الله سطرها في كتاب رائع من كتبه هو كتاب ((بدائع الفوائد)) لابن القيم رحمه الله تعالى
قال رحمه الله:
"وأما السؤال الثالث والعشرين وهو ما الحكمة في إفراد السلام والرحمة وجمع البركة
فجوابه
أن السلام إما مصدر محض فهو شيء واحد فلا معنى لجمعه وإما اسم من أسماء الله تعالى فيستحيلأيضا جمعه فعلى التقديرين لا سبيل إلى جمعه
وأما الرحمة فمصدر أيضا بمعنى العطف والحنان فلا تجمع أيضا والتاء فيها بمنزلتها في الخلة والمحبة والرقة، ليست للتحديد بمنزلتها في ضربة وتمرة فكما لا يقال رقات ولا خلات ولا رأفات، لا يقال: رحمات وهنا دخول الجمع يشعر بالتحديد والتقييد بعدد ، وإفراده يشعر بالمسمى مطلقا من غير تحديد ،فالإفراد هنا أكمل وأكثر معنى من الجمع ،وهذا بديع جدا أن يكون مدلول المفرد أكثر من مدلول الجمع.
ولهذا كان قوله تعالى ((قل فلله الحجة البالغة)) [الأنعام 149] أعم وأتم معنى من أن يقال فلله الحجج البوالغ ، وكان قوله (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها))[إبراهيم 34] أتم معنى من أن يقال: وإن تعدوا نعم الله لا تحصوهاوقوله: ((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة))[البقرة 201] أتم معنى من أن يقال: حسنات ،وكذا قوله((يستبشرون بنعمة من الله وفضل ))[آل عمران 171] ...ونظائره كثيرة جدا ، وسنذكر سر هذا فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأما البركة فإنا لما كان مسماها كثرة الخير واستمراره شيئا بعد شيء ،كلما انقضى منه فرد خلفه فرد آخر ،فهو خير مستمر يتعاقب الإفراد على الدوام شيئا بعد شيء، كان لفظ الجمع أولى بها لدلالته على المعنى المقصود بها ،ولهذا جاءت في القرآن كذلك في قوله تعالى :((رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ))[هود 73 ]فأفرد الرحمة وجمع البركة وكذلك في السلام في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"" .
"بدائع الفوائد"
للعلامة شمس الدين ابن القيم
رحمه الله تعالى
للعلامة شمس الدين ابن القيم
رحمه الله تعالى
المجلد الثاني //صفحة (2/407-408)
طبع مكتبة نزار مصطفى الباز
والنقل
لطفـــــاً .. من هنـــــــــــــا