خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:36

    أثر السياق ـ القرائن ـ في توجيه دلالات الالفاظ : الامر والنهي انموذجا

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أثر السياق ـ القرائن ـ في توجيه دلالات الألفاظ :
    الأمر والنهي أنموذجا

    إعداد:
    الدكتورة ريحانة اليندوزي

    1 - مقدمة:
    لقد عني علماء الشريعة باللفظ العربي من حيث معانيه ودلالاته عناية بالغة، لكونه العمدة في عملهم ومناط الحكم الشرعي ودليله، فتتبعوه مفردا ومركبا، حقيقة ومجازا، مطلقا ومقيدا، خاصا وعاما، محكما ومتشابها، أمرا ونهيا، وفصلوا القول في مراتب دلالته على المعنى من حيث الوضوح والخفاء، وذلك وصولا إلى وضع القواعد التي تعين على فهم النص الشرعي فهما صحيحا، وتضبط سبل استنباط الأحكام منه.

    وكان الأصوليون أبرز من أفاض القول في قضايا اللفظ والمعنى، وجعلوا الأخير مقدما في الاعتبار على اللفظ، فالألفاظ كما يقول ابن القيم في إعلام الموقعين " لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم"[1]،"فإرادة المعنى آكد من إرادة اللفظ، فإنه المقصود واللفظ وسيلة، هذا قول أئمة الفتوى من علماء الإسلام"[2] وقال في كتابه الصواعق :"..مما جرت به العادة في كل من خاطب قوما بخطبة أو دارسهم علما أو بلغهم رسالة، فإن حرصه وحرصهم على معرفة مراده أعظم من حرصهم على مجرد حفظ ألفاظه، ولهذا يضبط الناس من معاني المتكلم أكثر مما يضبطونه من لفظه، فان المقتضي لضبط المعنى أقوى من المقتضي لحفظ اللفظ، لأنه هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه، وإن كانا مقصودين فالمعنى أعظم المقصودين والقدرة عليه أقوى، فاجتمع عليه قوة الداعي، وقوة القدرة، وشدة الحاجة"[3] وللشاطبي كلام قريب من هذا في كتابه الموافقات[4].

    ولما كان المعنى هو الغاية والهدف، واللفظ لا يعدو أن يكون خادما له، كانت العناية به أعظم، قال ابن جني:" إن العرب كما تعنى بألفاظها فتصلحها وتهذبها وتراعيها ..فإن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأفخم قدرا في نفوسها"[5] فكان من عرفهم الاعتناء بفهم المعاني المبثوثة في الخطاب باعتباره المقصود الأعظم من الكلام، وأن الكلام إنما يصحح ويعتنى به ليدل على المعنى وليفهم عنه القصد، وربما كانت عنايتهم بالمعنى التركيبي أكثر من عنايتهم بالمعنى الإفرادي ؛ إذ دلالة السياق والتركيب وما فيها من كنايات ومجازات وغير ذلك تؤدي من المعاني ما قد يختلف لو نظر للمعنى الإفرادي فقط.

    من أجل ذلك اتجه علماء الأصول إلى تقعيد القواعد التي يصح بها اعتبار معاني الألفاظ ودلالاتها، ومن الضوابط التي أكدوا على اعتبارها في فهم النص الشرعي وتقرير المعاني: مراعاة السياق.


    2 ـ تعريف السياق:
    ورد تعريف السياق عند العلماء بإزاء معنيين: معنى محدود ومعنى واسع .
    فالسياق بالمعنى المحدود: هو سابق الكلام الذي يراد تفسيره ولاحقه، فالأول يسمى قرينة السباق والثاني قرينة اللحاق والكل هو دليل أو دلالة السياق[6] ، وقد يسمى عند بعض العلماء بسياق النظم
    [7].
    وقد نص الشاطبي على أن مراعاة دليل السياق من أسس التفسير السليم للنصوص الشرعية حيث قال :"فلا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله، وأوله على آخره، وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرق النظر في أجزائه، فلا يتوصل به إلى مراده، ولا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض"[8].

    ومثال اعتبار السياق بهذا المعنى في قوله تعالى :" فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر"[9] فالمراد الزجـر والتوبيخ، وليس حقيقة الأمر والتخيير[10]، يدل عليـه بقية كلامه جل و علا:"إنا أعتدنا للظالمين نارا"[11].

    وسئل طاووس بن كيسان{ت 106} عن المراد بالنفس في قوله تعالى: "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد"[12]، فقال:إنما يراد بهذا الكافر، اقرأ ما بعدها يدلك على ذلك[13].

    فهذا السياق بالمعنى المحدود، هو السياق الداخلي الذي يعنى بالنظم اللفظي للكلمة، وموقعها من ذلك النظم، آخذا بعين الاعتبار ما قبلها وما بعدها في الجملة، وقد تتسع دائرته إذا دعت الحاجة، فيشمل الجمل السابقة واللاحقة، بل والنص كله والكتاب كله.

    ويمثل للتوسع في الاستدلال بالسياق الداخلي من أجل تحديد معنى اللفظ، صنيع الشاطبي في تفسيره لمعنى الظلم الوارد في قوله تعالى"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون"[14]، فقد شق ذلك على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ ـ حيث فهموا من لفظ الظلم المعاصي ـ فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن المراد بالظلم في الآية الشرك، فتلا قوله تعالى "إن الشرك لظلم عظيم"[

    FONT='Times New Roman','serif'][15]
    ، قال الشاطبي:"فأما قوله تعالى "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"..الآية، فإن سياق الكلام يدل على أن المراد بالظلم أنواع الشرك على الخصوص، فإن السورة من أولها إلى آخرها مقررة لقواعد التوحيد، وهادمة لقواعد الشرك وما يليه، والذي تقدم قبل الآية قصة إبراهيم عليه السلام في محاجته لقومه بالأدلة التي أظهرها لهم في الكوكب والقمر والشمس، وكان قد تقدم قبل ذلك قوله" ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته" [16] فبين أنه لا أحد أظلم ممن ارتكب هاتين الخلتين، وظهر أنهما المعنى بهما في سورة الأنعام"[17] . [/font]

    وتتجلى أهمية السياق الداخلي في الفصل بين دلالتين مختلفتين لكلمة واحدة واستبعاد معنى دون آخر، إذ إن للفظ دلالته المعجمية خارج السياق، وعند توظيفه داخل نظم من الكلام يكون له دلالة أخرى، فكلمة "السائل" في عبارة " الدواء السائل أسلم للأطفال " هي غيرها في قوله تعالى" والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"[18] والذي يضبط هذه الدلالات للكلمة الواحدة السياق الذي وردت فيه .

    فدلالة اللفظ في كل موضع هي بحسب سياقه، بل إنه يتفاوت في دلالته وأدائه الجمالي تبعا لتغاير السياقات التي استخدم فيها، فالكلمة الواحدة كما قال القاضي عبد الجبار " إذا استعملت في معنى تكون أفصح منها إذا استعملت في غيره"[19].

    ولقد كان لعلماء تفسير القرآن الكريم فضل السبق في الكشف عن أثر السياق وأهميته في تحديد معاني الآيات، خاصة عند الافتقار إلى قرائن أخرى معتبرة في فهم المراد من حديث صحيح أو إجماعا صريح، أو غير ذلك من قرائن السياق الخارجي للنص الشرعي، وكتب التفسير خير مجال استحضر فيه السياق دليلا على تحديد معاني كلمات القرآن وآياته، بل كان له دور حاسم في الفصل بين الكثير من الأقوال المحتملة في التفسير، من ذلك على سبيل التمثيل : إنه قد تأتي في بعض الآيات ضمائر متعددة في سياق واحد، وتحتمل في مرجعها أقوالا متباينة كما في قوله تعالى:" وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين" [20]، فعود الضميرين في الكلمتين "فأنساه" و "ربه" مما اختلف فيه:

    فمن المفسرين[21] من قال: إنهما يعودان إلى يوسف عليه السلام، ويصبح المعنى: أنسى الشيطان يوسف ذكر الله تعالى ، فلبث في السجن بضع سنين عقابا له على سؤاله غير الله سبحانه.

    وقال آخرون[22]: بل يعودان إلى ساقي الملك، ويكون المعنى: أنسى الشيطان الساقي أن يذكر قصة يوسف للملك، ولهذا لبث يوسف في السجن بضع سنين.

    إن سياق الآية يشهد للمعنى الثاني، فالاتفاق قائم على أن الضمير في قوله"عند ربك" يرجع إلى الساقي ، فكان المناسب بدلالة السياق أن يكون ما بعده "فأنساه الشيطان ذكر ربه" عائدا على الساقي، حتى لا تتفرق الضمائر،إذ الأصل عند المحققين عدم تشتيت مرجع الضمائر، و إلا أدى ذلك كما قال الزمخشري إلى تنافر النظم الذي هو أم إعجاز القرآن، والقانون الذي وقع عليه التحدي[23].

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:37

    والشاهد لهذا المعنى أيضا سياق القصة حيث جاء قوله تعالى " وقال الذي نجا منهما و ادكر بعد أمة"[24] مبينا أن الذي نسي ثم تذكر بعد سنين هو الساقي[25].

    وغير هذا كثير مما هو مبسوط في كتب التفسير، ويدل بوضوح ويقين على كون علماء التفسير أول من اعتمد السياق في تحليل الخطاب وفهم النصوص، وليس كما يظن البعض أن ذلك من نتاج ومبتكرات الدراسات اللسانية الحديثة .

    أما السياق بالمعنى الواسع، فيراد به جميع القرائن التي تسهم في فهم النص الشرعي، وهذا النوع برع في بيانه وضبطه علماء الأصول إذ لا تكاد كتبهم تخلو من فصل ي
    بسط فيه القول في تبيين هذه القرائن كسبيل للاستدلال بالخطاب الشرعي على الأحكام.

    وحد القرينة كما قال الامام الباجي :"هي ما يبين اللفظ ويفسره"[26] بأي طريق كان، قال ابن القيم:"..إذا ظهر مراده ـ أي المتكلم ـ ووضح بأي طريق كان، عمل بمقتضاه، سواء كانت بإشارة أو كتابة أو بإيماءة أو دلالة عقلية أو قرينة حالية أو عادة له مطردة لا يخل بها..."
    [27] .

    قال الغزالي مبينا وسائل فهم خطاب الشارع:" طريق فهم المراد تقدم المعرفة بوضع اللغة التي بها المخاطبة .. وإن تطرق إليه الاحتمال، فلا يعرف المراد منه حقيقة إلا بانضمام قرينة إلى اللفظ، والقرينة إما لفظ مكشوف .. وإما إحالة على دليل العقل.. وإما قرائن أحوال من إشارات ورموز وحركات، وسوابق ولواحق، لا تدخل تحت الحصر والتخمين، يختص بدركها المشاهد لها، فينقلها المشاهدون من الصحابة إلى التابعين بألفاظ صريحة، أو مع قرائن من ذلك الجنس، أو من جنس آخر حتى توجب علما ضروريا يفهم المراد، أو توجب ظنا.. وعند منكري صيغة العموم والأمر، يتعين تعريف الأمر والاستغراق بالقرائن"[28].

    فالسياق بهذا المعنى يشمل كل أنواع القرائن التي نص الأصوليون على اعتبارها في فهم خطاب الشارع.
    وتختلف أقسام القرائن باختلاف الاعتبارات المرعية في تقسيمها: فمن الأصوليين من قسمها إلى سمعية وعقلية[29]، ومنهم من قسمها إلى حالية ومقالية
    [30]، وآخرون إلى لفظية وعقلية وحالية[31]..لكن إن كان من حق الأقسام التباين والاختلاف، فإن هذا الأمر منتف هنا، إذ عند التأمل والتدقيق يتضح أن هذه الأقسام وان اختلفت أسماؤها فإن مسمياتها تكاد تكون متحدة بحيث يمكن إلحاق القرائن العقلية بالقرائن الحالية، وإلحاق القرائن السمعية بالمقالية واللفظية، فلا مشاحة في الاصطلاح، إذ العبرة في المضمون .

    وقد بسط القول في أنواع القرينة سعد الدين التفتازاني في كتابه التلويح حيث قال:" اعلم أن القرينة إما خارجة عن المتكلم وَالكلام، أي لا تَكُونُ معنى في المتكلم أي صفة له ولا تكون من جنس الكلام أَوْ تكون معنى في المتكلم أَوْ تكون من جنس الكلام، ثم هَذِهِ القرينة التي هي من جنس الكلام إما لفظ خارج عَنْ هَذَا الْكَلامِ الذي يكون المجاز فيه بَلْ يكون فِي كلام آخر أي يكون ذلك اللفظ الخارج دالا على عدم إرادة الحقيقة أو غير خارج عن هذا الكلام بَلْ عين هذا الكلام أَوْ شيء منه يكون دالا على عدم إرادة الحقيقة، ثم هذا القسم عَلَى نَوْعَيْنِ إمَّا أَنْ يكون بعض الأفراد أولى كَمَا ذَكَرَ فِي التخصيص أن المخصص قد يكون كَوْنَ بَعْضِ الأفراد نَاقِصًا أَوْ زائدا فيكون اللفظ أولى بِالْبَعْضِ الآخر، فَإِذَا قال كل مملوك لي حر لا يقع على المكاتب مَعَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مملوك حقيقة، فيكون هذا اللفظ مجازا مِنْ حَيْثُ إنه مقصور عَلَى بَعْضِ الأفراد، وهـو غيـر الْمُكَاتَبِ أَوْ لم يكن بَعْضُ الأفراد أولى فانحصرت القرينة فِي هذه الأقسام"[32] .

    والحاصل أن قرائن اللفظ أو المقال يراد بها كل ما له أثر في توجيه دلالات الألفاظ :
    من حيث الاستعمال: الحقيقة والمجاز
    من حيث الوضوح والخفاء: النص والظاهر والمجمل والمشترك
    من حيث طرق الاستدلال: المنطوق والمفهوم
    من حيث الشمول والحصر : العموم والخصوص
    من حيث الإطلاق والتقييد: المطلق والمقيد
    من حيث صيغ التكليف: الأمر والنهي

    ويدخل في جملة هذه القرائن قرينتي السباق واللحاق، أي دليل السياق بالمعنى الذي سبق ذكره.

    أما قرائن الحال أو المقام فيراد بها عناصر كثيرة تتصل بالمتكلم والمخاطب، وبالظروف الملابسة للخطاب، أي مجموع الظروف المحيطة بالكلام، وهي تكاد لا تدخل تحت الحصر، بل جزم بذلك الإمام الجويني حيث قال:" أما قرائن الأحوال فلا سبيل إلى ضبطها تجنيسا وتخصيصا"[33]،"ولو رام واجد العلوم ضبط القرائن ووصفها بما تتميز به عن غيرها، لم يجد إلى ذلك سبيلا، فكأنها تدق عن العبارات وتأبى على من يحاول ضبطها بها"[34].

    وعموما، فإن الناظر في كتب أصول الفقه يتبين له مدى تمثل علماء الأصول لعناصر السياق و تقدير أثرها في تحديد المعاني وتوجيه الأحكام.
    و يلاحظ أنه على الرغم من أهمية أمر السياق ـ أو القرائن ـ عند المتقدمين، فلا أحد منهم ـ حسب علمي ـ أفرد الموضوع بالتأليف والتصنيف أو حتى بالتبويب كسبيل منهجي للتعريف به و بمنزلته و بمجالاته وضوابطه ، وكان تناولهم للقرائن، من حيث شروط اعتبارها وأثرها في توجيه الدلالات والأحكام، موزعا على المباحث الأصولية { مبحث الأمر والنهي، مبحث العموم ومخصصاته، مبحث الحقيقة والمجاز....} ومتناثرا في سياقات الأقوال وثنايا الكلام عن وسائل الاستدلال بالخطاب الشرعي.
    إن المجالات التي يستحضر فيها السياق كثيرة، فهو كما قال ابن القيم: "يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظراته، فانظر إلى قولـه تعالى: "ذق إنك أنت العزيز الكريم"[35] كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير"
    [36].

    ولما كان مبحث الأمر والنهي من أهم المباحث الأصولية التي كان للقرائن فيها أثر بارز في توجيه أحكامهما، ارتأيت أن أركز الكلام عنهما و أذكر أهم القضايا التي أفاض العلماء القول فيها من حيث اعتبار القرائن فيها و عدمه، وإن كنت أعتقد أن هذا البحث لن يتسع من ذلك كله إلا إلى إشارات عسى أن تتاح فرص أخرى لبيان أثر القرائن في كل ما ذكره علماء الأصول.
    3


    - أثر القرائن في توجيه دلالتي الأمر والنهي
    إن الأمر والنهي من أهم مباحث أصول الفقه، لأنهما مدار الأحكام ومتعلـق التكليف، وهما المعتبران في بحث إفادة الحكم الشرعي، فبهما يثبت، وبمعرفتهـما يعرف، وبالنظر فيهما يتميز الواجب من المندوب، والحرام من المكروه، ولهذا قال الإمام السرخسي:" أحق ما يبدأ به في البيان: الأمر والنهي، لأن معظم الابتلاء بهما، وبمعرفتهما تـتم معرفة الأحكام ويتميـز الحلال من الحرام "
    [37].

    أ ـ أثر القرائن في توجيه دلالة الأمر
    يطلق الأمر لغة على ضد النهي وهو ظاهر، ويطلق ويراد به المأمور والشأن والحكم والحال والحث على الفعل وغير ذلك[38].

    وفي الاصطلاح تعددت تعريفات الأمر عند الأصوليين ، ساق الآمدي جملة منها معترضا على أكثرها ، وارتضى التعريف الآتي:" الأمر طلب الفعل على جهة الاستعلاء "[39]، وذكر محترزاته.
    ما يقتضيه الأمر من الدلالات: وفيه عدة مسائل.

    المسألة الأولى : هل للأمر صيغة؟
    الصيغة كما عرفها الإمام الجويني هي:" العبارة المصوغة للمعنى القائم في النفس "
    [40]، و حين تطرح المسألة : هل للأمر صيغة؟ معناها هل للأمر عبارة خاصة تدل بمجردها على الأمر؟ أم لا بد من قرائن تصرفها إلى معنى الأمر؟

    اختلف الأصوليون في هذه المسألة، فذهب أبو الحسن الأشعري ومتبعيه إلى نفي وجود صيغة خاصة للأمر، دالة عليه بمجردها[41]، وقال ابن السمعاني:" هذا قول لم يسبقهم إليه أحد من العلماء، وقد ذكر بعض أصحابنا شيئا من ذلك عن ابن سريج ولا يصح "[42].
    أما جمهور العلماء فقالوا :إن للأمر صيغة خاصة دالة عليه بغير قرينة وهي "افعل"[43] .

    المسألة الثانية: مدلول الأمر من حيث الحكم الذي يقتضيه.
    اتفق الأصوليون على أن صيغة الأمر تستعمل في وجوه كثيرة، ذكر منها الآمدي خمسة عشرا وجها متفقا عليها، وهي الوجوب والندب والإرشاد والإباحة والتأديب والامتنان والإكرام والتهديد والتسخير والتعجيز والإهانة والتسوية والدعاء والتمني وكمال القدرة[44].
    كما اتفق الأصوليون أيضا على أن صيغة الأمر ليست حقيقة في جميع هذه الوجوه، لأن معنى التسخير والتعجيز والتسوية مثلا، غير مستفاد من مجرد الصيغة، بل يفهم ذلك من القرائن[45].
    ومحل الخلاف هو في ما يقتضيه الأمر المجرد عن القرائن التي تخلصه لأحد مقتضياته.

    انقسم العلماء في ذلك إلى مذاهب عدة أوصلها الزركشي في كتابه البحر المحيط إلى أحد عشر مذهبا[46]،
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:40

    المـذهـب الأول: يرى أصحابه أن الأمـر لا يحمـل على وجوب ولا غيره إلا بقرينة تدل على المراد منه ، بمعنى أنه يتوقف فيه، قال الآمدي :" وهو مذهب أبي الحسن الأشعري ومن تابعه من أصحابه كالقاضي أبي بكر الباقلاني والغزالي وغيرهما وهو الأصح " ثم قال :" نحن في هذه المسألة… متوقفون"[47] ، قال الإمام الجويني :" والمتكلمون من أصحابنا مجمعون على اتباع أبي الحسن في الوقف "[48].
    المذهب الثاني: يرى أصحابه من جميع المعتزلة وكثير من المتكلمين وبعض الفقهاء أن الأمر المطلق يقتضي الندب[49].
    المذهب الثالث: إن الأمر المطلق العري عن القرائن دال حقيقة على الوجوب، وهو لجمهور الفقهاء من الحنفية[50]والمالكية[51]والحنابلة[52]وجميع فقهاء الظاهرية[53]، وهو قـول الشافعي[54] وبعض أصحابه منهم الشيرازي
    [55] والجويني[56] وابن السمعاني[57] والرازي[58] والقفال الشاشي[59].
    وهذا الخلاف بين العلماء ـ كما سبقت الإشارة إلى ذلك ـ إنما هو عند تجرد الأمر عن القرائن الصارفة إلى معنى آخر ، أما إذا احتفت به قرينة تبين المراد من الطلب، خرجت المسألة عن موضع الاختلاف، وحمل الأمر على ما دلت عليه هذه القرينة.
    وفي نصوص الكتاب والسنة الكثير من الأوامر التي دلت على غير الوجوب، وكانت القرائن صارفة لها عن حقيقتها، وفي ما يلي بعض الأمثلة لذلك:
    ـ قوله تعالى :" اعملوا ما شئتم"[60] حمل المفسرون الأمر هنا على معنى التهديد والوعيد، والقرينة الصارفة سياق الآية، فما قبلها وما بعدها هو حديث عن الكفار، فكان الأمر متوجها لهم بالتهديد والوعيد
    [61].

    ـ قوله تعالى :"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"[62] حمل العلماء الأمر في الآية على الإباحة والإذن، قال الكلبي : كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام إلا قوتاً ولا يأكلون دسماً في أيام حجهم يعظمون بذلك حجهم، فقال المسلمون: يا رسـول الله نحن أحق بذلك فأنزل الله تعالى الآية مبينة إباحة ما حرموا على أنفسهم من اللحم والدسم[63]، وتلك قرينة صرفت الآية عن معنى الوجوب.
    ـ قوله تعالى:" فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله "
    [64]، قال ابن حجر: " الأمر فيه للإباحة لا للوجوب، والصارف عن الوجوب، الإجماع الدال على أن الأمر المذكور للإباحة "[65].
    ـ حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اقرأ القرآن في شهر" ، قلت: إني أجد قوة، حتى قال:" فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك "
    [66]، فالنهي عن الزيادة ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق، وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل[67].
    ـحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسـول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسـه زعفران أوورس"
    [68].
    فقوله صلى الله عليه وسلم "فليلبس" ظاهر الأمر للوجوب، لكنه لما شرع للتسهيل لم يناسب التثقيل، وإنما هو للرخصة[69].
    ـ قول الله تعالى " وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْت مِنْهُمْ بِصَوْتِك"[70] أي استزل أَوْ حرك من استعطت منهم بوسوستك وَدُعَائِك إلَى الشر .
    إنه لما استحال مِنْهُ عز وجل الأمر بالمعصية لأنه سبحانه كريم حكيم لا يليق بكرمه وَحِكْمَتِهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ عدوه إبليس أَنْ يستفز عِبَادَهُ، فإن الأمر في الآية مَحْمُولٌ عَلَى الإقدار والتمكين، فَصَارَ الْمَعْنَى أني أمكنتك وَأَقْدَرْتُك عَلَى تهييجهم ودعائهم إلى الشر[71]، فكانت القرينة هنا اعتبار حال المتكلم وحكمته[72]، أو كما عبر عنها السرخسي: دلالة من وصف المتكلم[73].
    وأكتفي من هذه الأمثلة باليسير عسى أن تكون دليلا على أن ما وراءها كثير.
    إن جمهور العلماء وإن نصوا على أن الأمر حقيقة في الوجوب ولا يصرف عن ذلك إلا بقرينة، فقد اختلفت أنظارهم في وجود القرينة أو عدمه، وفي اعتبار هذه القرينة إن وجدت ومقدار صلاحها لصرف الأمر عن ظاهره وحقيقته ـ الوجوب ـ إلى معنى أو حكم آخر، فقد تصلح القرينة للصرف عند بعضهم ولا تصلح عند آخرين، ومن ثم جاء الاختلاف في مجموعة من النصوص الشرعية حول الأحكام التي تفيدها لأجل الاختلاف في القرائن المعتبرة في فهمها وفي طرق الاستدلال بها، من ذلك ـ على سبيل التمثيل ـ اختلاف العلماء في مدلول الأمر الوارد في حديث الحوالة[74]:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مطل الغني ظلم، فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع"[75]، قال الحافظ ابن حجر:" ومعنى قوله أتبع..فليتبع، أي أحيل فليحتل"[76]، فإذا أحال المدين دائنه على شخص ثالث مليء ليستوفي منه دينه، فهل يجب على هذا المدين قبول الحوالة على المليء أم لا يجب؟ اختلف العلماء في هذا:
    فذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وكثير من العلماء إلى أن الأمر في الحديث مصروف عن الوجوب إلى الاستحباب لاعتبار حال المحيل، فالتخفيف عنه والتيسير عليه بتحويل الحق عنه وترك تكليفه التحصيل بالطلب من الإحسان المستحب[77].
    وذهب آخرون منهم الخطابي إلى أن الأمر في الحديث دال على مطلق الإباحة، قال في معالم السنن:" وقوله "فليتبع" معناه: فليحتل، وهذا ليس على الوجوب وإنما هو على الإذن له والإباحة فيه، إن اختار ذلك وشاءه"[78] وإلى هذا مال ابن الهمام في فتح القدير وأيده واعتبره هو الحق الظاهر[79]، وعقب عليهم الحافظ ابن حجر بأن القول بالإباحة قول شاذ[80].
    وحمل أكثر الحنابلة وأهل الظاهر الأمر في الحديث على ظاهره وحقيقته أي على الوجوب إذ لم يروا قرينة تصرفه عن ذلك، فإذا أحيل الدائن على مليء فواجب أن يحول ما له عليه[81]، ونقل الخطابي عن داود الظاهري أنه يكره على ذلك إن أباه[82].
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:42

    والحاصل أن اختلاف العلماء في اعتبار القرائن التي توجه دلالة الأمر في بعض نصوص الشرع، كان له أثره في اختلاف الحكم المترتب عليه .
    المسألة الثالثة: مقتضى الأمر المطلق من حيث التكرار وعدمه :

    اختلف العلماء في الأمر المطلق العري عن القرائن في اقتضائه تكرار الفعل المأمور به المرة بعد المرة أم يكتفى فيه بالمرة الواحدة ؟
    ويمكن حصر أقوالهم في المسألة، في قولين أساسين مع اختلاف في تفصيل ذلك بينهم:
    القول الأول: إن الأمر المطلق يقتضي التكرار المستوعب لزمان العمر مع الإمكان، والاكتفاء بالمرة في إيقاع المطلوب يستفاد من القرائن إن وجدت،وهذاالقول هو لأبي إسحاق الاسفرايني وجماعة من الفقهاء والمتكلمين، حكاه الآمدي[83] والزركشي
    [84].
    القـول الثاني: إنه يقتضي فعله مرة واحدة، لأنه من المعلوم قطعا أن المرة الواحدة لابد منها في الامتثال، وأن التكرار يستفاد من قرائن خارجيةلا من مطلق الأمر.
    وهذا قـول الكثير من محققي أئمة الأصول كإمام الحرمين الجويني[85] والرازي
    [86] ابن السمعاني[87] والشيرازي[88] والآمدي[89] والقفـال الشاشي[90] والغزالي[91]وابن قدامة[92]، وهو مذهب عامة المالكية حكاه أبو الوليد الباجي[93] وهو أيضا ظاهر مذهب الحنفية [94]ومذهب الظاهرية[95].
    المسـألة الرابعة: دلالة الأمر المطلق على الفور أم لا؟
    إذا كان الأمر مقيدا بوقت، وجب البدار إلى الامتثال بفعله في وقته المعين، لكن إذا ورد الأمر مطلقا عريا عن القرائن، اختلف الأصوليون على مذاهب في إفادته الفور أو التراخي[96].
    المذهب الأول : إن الأمر المطلق يقتضي الفور، بهذا قال المالكية والحنابلة كما يدل عليه ظاهر مذهبهم[97]، وحكى الشيرازي[98] وابن السمعاني
    [99]على أنه اختيار أبي بكر الصيرفي، وهو مذهب عامة الظاهرية قال ابن حـزم:"وهذا الـذي لايجوز غيره "[100]، ونسب القول بالفور إلى الحنفية من قبل أصوليي الشافعية[101]والباجي من المالكية[102]، مع أن المحققين من أصوليي الحنفية لم يقولوا بالفور بل بالتراخي، وشذ عنهم الكرخي كما يدل على ذلك كتبهم[103].
    المذهب الثاني : إن دلالة الأمر المطلق على التراخي، فيجوز تأخير فعل المأمور به عن أول وقت الإمكان، و هو مذهب معظم الشافعية كالآمدي[104]وابن السمعاني[105] والشيرازي[106]والغزالي[107]، وقال الزنجاني:" وذهب كثير من أصحاب أبي حنيفة وطائفة من علماء الأصول إلى أنه على التراخي "[108]وهو الصحيح من مذهب الحنفية كما يدل على ذلك أقوال أصولييهم .
    قال البزدوي:" والذي عليه عامة مشايخنا أن الأمر المطلق لا يوجـب الفور بلا خلاف "
    [109]، وقال أيضا:" وأما الأمر المطلق عن الوقت ، فعلى التراخي خلافا للكرخي "[110]، وعلى هذا نص السرخسي حيثقال:" الذي يصح عندي فيه من مذهب علمائنا رحمهم الله أنه على التراخي، فلا يثبت حكم وجوب الأداء على الفور بمطلق الأمر"[111].
    المذهب الثالث: لإمام الحرمين الجويني وبعض من سماهم بالواقفية حيثرأوا التوقف في الأمر العري عن القرائن من حيث اقتضاؤه الفور أو التراخي[112]، والحجة في ذلك أن لفظ الأمر وضع لمجرد الطلب، فالفور والتراخي موقوفان على القرائن الخارجة عنه، حالية كانت أم مقالية، لأنه ليس في لفظ الأمر مع تجرده عن القرائن ما يقتضي وجوب التعجيل، ولا ما يقتضي جواز التأخير، فوجب أن يعتمد في ذلك على القرائن، فيختلف الحال بحسبها
    [113].
    المسألة الخامسة: الأمر بالأمر بالشيء أمر أم لا؟
    ذهب جمهور العلماء إلى أن الأمر بالأمـر بالشيء، ليس أمرا بـذلك الشيء ما لم يدل عليه دليل[114]، واختاره الغزالي[115]والآمدي[116] والرازي
    [117] وابن قدامة[118] وصاحب فواتح الرحموت[119] وغيرهم ، قال الزركشي:"وفصل بعض المتأخرين، فقال: إن قامت قرينة تقتضي أن المراد بالأمر الأول التبليغ، كان ذلك أمرا للثاني وإلا فلا، وهو حسن "[120].
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:45

    وما استحسنه الزركشي هو ما أيده الحافظ ابن حجر، حيث قال:" والحاصل أن النفي (أي أن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا) إنما هو حيث تجرد الأمر، وأما إذا وجدت قرينة تدل على أن الآمر الأول أمر المأمور الأول أن يبلغ المأمور الثاني فلا، وينبغي أن ينزل كلام الفريقين على هذا التفصيل فيرتفع الخلاف"[121].
    ب ـ أثر القرائن في توجيه دلالة النهي
    نص كثير من الأصوليين على أن القول في النهي يقارب القول في الأمر في أكثر المسائل، فكل ما ذكر في الأمر تتضح به أحكام النهي، إذ كما قال ابن قدامة:" لكل مسألة من الأول وزان من النواهي وعلى العكس "
    [122]، إلا في اليسير من المسائل التي اختص بها النهي عن الأمر عند معظم الأصوليين.
    النهي لغة خلاف الأمر نهاه نهيا فانتهى أي كف، يقال: ما ينهاه عنا ناهيا أي ما يكفه عنا كافة، وسمي العقل نهية لأنه ينتهى إلى ما أمر به و يكف، فلا يعدى أمره
    [123].
    أما حده في الاصطلاح ، فقد نص الأصوليون على أنه يقابل حد الأمر عندهم، ولذلك لم يذكر الكثير منهم تعريفا له في مباحث النهي[124].
    قال ابن السمعاني:" النهي هو استدعاء ترك الفعل بالقول ممن هو دونه"
    [125]
    1- هل للنهي صيغة خاصة به ؟
    ورد الخلاف في هذه المسألة على وزان ما سبق في الأمر، فنفى أبو الحسن الأشعري ومن تبعه أن يكون للنهي صيغة خاصة تدل عليه بمجردها، مخالفين ما عليه جمهور العلماء إذ أثبـتوا أن صيغة "لا تفعـل" في اللغة دالة على النهي، خاصة به[126].
    2- الحكم الذي تقتضيه صيغة النهي.
    ذكر الآمدي أن صيغة "لا تفعل" استعملت مترددة بين سبعة محامل[127]، وهي: التحريم كقوله تعالى:" ولا تقربوا الزنا"[128]، والكراهة كقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا.."[129] والتحقير كقوله تعالى: "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به"[130] وبيان العاقبة كقوله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا"[131] والدعاء كقولنا: لا تكلنا إلى أنفسنا، واليأس كقوله تعالى:" لا تعتذروا اليوم"[132]والإرشاد كقوله تعالى: "لا تسألوا عن أشياء"[133]، وذكر الزركشي معاني أخرى للنهي غير هذه[134].
    وقد اتفق العلماء على أن النهي ليس حقيقة في جميع هذه الوجوه، واختلفوا في الحكم الذي تقتضيه صيغة النهي المجردة عن القرائن على وزان الخلاف في مقابلتها من الأمر، ومذاهبهم هناك هي نفسها هنا على التقابل، ومأخذها كمأخذها، فعلى الناظر بالنقل والاعتبار.
    فقال أبو الحسن الأشعري ومن تبعه: لا يدل النهي المجرد عن القرائن على التحريم ولا على غيره إلا بدليل واختاره الآمدي[135]، و نص جمهور الأصوليين على أن صيغة النهي المطلقة تقتضي التحريم حقيقة فيه[136]، ولا تدل على غير ذلك إلا بقرينة، وعكس آخرون المسألة وقالوا بل تقتضي الكراهة على وجه الحقيقة، ولا تدل على التحريم إلا بقرينة.
    أما من حيث اقتضاء صيغة النهي المطلقة الترك على الفور وعلى الدوام، فمما اختلف فيه الأصوليون أيضا، لكن أكثرهم نص على أن النهي يفارق الأمر في الدوام والتكرار، فقد جزم أبو إسحاق الشيرازي وابن السمعاني وابن السبكي وغيرهم بأن النهي يقتضي ترك المنهي عنه على الفور وعلى الدوام ولا يصرف عن ذلك إلا بقرينة [137] وحكى الآمدي اتفاق العقلاء على ذلك[138]،.
    3- اقتضاء النهي الفساد؟
    نهى الشارع المكلف عن إتيان مجموعة من الأعمال، وقد يكون بعضها مشروعا في أصله كالصلاة والصيام والبيع ...لكن صاحبتها قرينة أشعرت بعلة النهي، فهل للنهي هنا أثر في المنهي عنه أم لا؟ بمعنى هل في ذلك دلالة على فساد المنهي عنه بعدم اعتداد الشارع به، وبالتالي الحكم ببطلانه عند إيقاعه؟
    اختلف الأصوليون في هذه المسألة اختلافا كثيرا، حتى داخل المذهب الواحد ولذلك يصعب نسب قول ما، لهذا المذهب أو ذاك وحصره عليه.
    وعموما يمكن تصور المسألة كما يلي:
    إن مقتضى النهي قبح المنهي عنه شرعا، والمنهي عنه في صفة القبح قسمان: قسم منه ما هو قبيح لعينه ، وقسم منه ما هو قبيح لغيره[139].
    القسم الأول : أن يرد النهي مقترنا بما يدل على أنه لعين المنهي عنه، كالنهي عن الكفر والكذب والزنا، والنهي في العقود عن بيع الملاقيح والمضامين[140].
    وهذا القسم يدل النهي فيه على الفساد الذي يقتضي البطلان مطـلقاسواء كان المنهي عنه عبادة أو عقودا، ولا يحمل على الصحة مع التحريم إلا بدليل، وهو قول الجمهور من أصحاب الشافعي ومالك وأبي حنيفة والحنابلة وجميع أهل الظاهر[141].
    القسم الثاني: أن يرد النهي مقترنا بما يدل على أنه لغير المنهي عنه، وهو نوعان:
    النوع الأول: أن يكون منهيا عنه لمعنى في غيره اقترن به وصفا، وذلك كالنهي عن صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، فالنهي ورد لمعنى اقترن بالوقت - وهو ظرف أداء الصوم- وصفا- وهو أنهما يوم عيد وضيافة-،وهذا النوع من النهي اختلف فيه العلماء:
    فمنهم من نص علىأنه يفيد الفساد الذي يـرادف البطلان كالمنهي عنه لعينه، وهوقول أكثر أصحاب الشافعي[142] والحنابلة[143] والمالكية
    [144].
    ونص عامة الحنفية أن النهي يدل على فساد ذلك الوصف لا فساد المنهي عنه، لأنه الأصـل وهو مشروع بدون الوصف، وبنـوا على هذا ما لو باع درهما بدرهمين ثم طرحت الزيادة، أنه يصح العقد[145].
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:46

    وذكر الزركشي أن الخلاف بين الجمهور والحنفية في هذا النوع، فرع لمسألة أخرى، وهي أن الشارع إذا أمر بشيء مطلقا ثم نهى عنه في بعض أحواله، هل يقتضي ذلك إلحاق شرط المأمور به، حتى يقال: إنه لا يصحبدون ذلك الشرط، ويصير الفعل الواقع بدونه كالعدم، كما في الفعل الذي اختل منه شرطه الثابث بشرطيته بدليل آخر، أم لا يكون كذلك؟
    مثاله الأمر بالصوم والنهي عن إيقاعه يوم النحر، والأمر بالطواف والنهي عن إيقاعه في حال الحيض وغيره، فالشافعي والجمهور قالوا: النهي على هذا الوجه يقتضي الفساد، وإلحاق شرط بالمأمور به لا يثبت صحته بدونه.
    وذهب الحنفية إلى تخصيص الفساد بالوصف المنهي عنه دون الأصل المتصف به، حتى لو أتى به المكلف على الوجه المنهي عنه، يكون صحيحا بحسب الأصل، فاسدا بحسب الوصف، والفساد عندهم لا يقتضي البطلان[146].
    قال ابن حجر:" قاعدة الحنفية أن ما لم يشرع بأصله باطل، وما شرع بأصله دون وصفه فاسد "
    [147]، بمعنى أن الشرعية مانعة عندهم عن الفساد الذي يرادف البطلان[148]، ولذلك قال الحنفية بصحة انعقاد نذر من نذر صوم يوم العيد ، ويجب عليه إيقاعه في غير يوم العيد، فإن أوقعه فيه كان آثما، وبرئت ذمته من النذر، وعللوا هذا بأن الصوم في أصله مشروع لكونه قربة وطاعة لله تعالى فمن نذر فعله نذر بالطاعة، لكنه لما اتصل به وصف هو معصية، أي الإعراض عن ضيافة الله يوم العيد، صار الصوم فاسدا من جهة وصفه وبقي مشروعا بأصله، وهذا معنى قولهم: صحيح بأصله فاسد بوصفه[149].
    أما الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وغيرهم، فذهبوا إلى بطلان هذا النـذر لكون أيام العيد ليـست محلا للصيام في الشـرع، والمنهي عنه شرعا لا يكون فعله مشروعا .
    النوع الثاني: أن يكون منهيا عنه لمعنى جاوره جمعا غير متصل به وصفا، وذلك كالنهي عن البيع وقت النداء لصلاة الجمعة للاشتغلال عن السعي إليها بالبيع، فالنهي ليس راجعا إلى ذات البيع ولا إلى صفة لازمة له ، بل هو راجع إلى سبب خارج عن البيع جاوره ومنفك عنه وهو تفويت صلاة الجمعة، وأيضا كالنهي عن الصلاة في الدار المغصوبة وفي الأماكن المكروهة، أو كالنهي عن بيع الحاضر للبادي وغيره .
    فهذا النوع من النهي لا يقتضي البطلان عند جمهور أهل العلم لأن جهة المشروعية تخالف جهة النهي ولا تلازم بينهما، فيبقى المنهي عنه صحيحا تترتب عليه آثاره المقصودة، إلا أن فاعله يلحقه الإثم، قال الآمدي:" ولا نعرف خلافا في أن ما نهي عنه لغيره أنه لا يفسد، كالنهي عن البيع في وقت النداء يوم الجمعة، إلا ما نقل عن مذهب مالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه"
    [150].
    وقد احتج الجمهور بإجماع السلف، فإنهم ما أمروا الظلمة بقضاء الصلاة المؤداة في الدور المغصوبة مع كثرة وقوعها، ولا نهوا الظالمين عن الصلاة في الأرض المغصوبة، إذ لو أمروا به ونهوا عنها لانتشر[151]. ثم إن المنهي عنه غير الصلاة، وهو الإقامة في المكان المغصوب، فالنهي متعلق بما ليس بوصف للصلاة وهو شغل المكان، وهذا أمر منفك عن الصلاة، لكنه لما كان مجاورا لها ثبتت فيها الكراهة دون الفساد .
    4- خاتمة :
    يقول أبو الحسين البصري في كتابه المعتمد:" إن الاستدلال بالأدلة يختلف بحسب تجردها عن قرينة، وبحسب اقتران القرائن بها، والخطاب من الأدلة....والقرائن قد تعدل بالخطاب عن ظاهره، وقد تكون مكملة لظاهره[152] ...والشرط في الاستدلال بخطاب الله أن نعلم ما يفيده الخطاب بمجرده، وما يفيده مع قرينة، وأن الله تعالى لا يجرد خطابا يفيد في المواضعة شيئا ما، إلا وقد علم أن فائدته على ما أفاده الخطاب إما بمجرده وإما مع قرينة"
    [153].
    يوضح هذا القول وكل ما سبق ذكره وتحريره أهمية السياق والقرائن في تحديد مراد الشرع وصولا إلى صحة الاستدلال بخطابه في استنباط الأحكام، وتنزيلها على الواقع تنزيلا صحيحا يحقق مقاصد الشرع، فكما قال ابن القيم:" إن شريعة الله كاملة، مطابقة للعقل والحق والعدل، فإذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلته وأسفر صبحه بأي طريق كان، فذلك من شرع الله ودينه، والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته في نوع واحد، ولكن بين أن مقصوده إقامة الحق والعدل بأي طريق كان ".
    ومن ثم كاناعتبار القرائن التي تعين على فهم النصوص وفقهها موازيا في الاعتبار لفقه مقاصد الشريعة ومآلات الأحكام ، إذ بدون إدراك للأمارات والقرائن التي نصبها الشرع دليلا على مراده وبدون إدراك لواقع التطبيـق من تقدير الزمان والمكان وأحوال الناس وأعرافهم ، سوف يستمر العبث بالنصوص الشرعية ولوعن حسـن نية، فالفقيه ليس من يحفظ النصوص،بل من له قدرة جليلة على الكشف عن معانيها، وإدراك مقاصدها واستنباط فوائدها والجمع بين مختلفها، بما يخدم النصوص الشرعية ويحقق مصالح المكلفين، فهو الموقع عن رب العالمين.



    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:48

    [1] ـ إعلام الموقعين1/218

    [2] ـ إعلام الموقعين3/62

    [3] ـ الصواعق المرسلة 2/637

    [4] ـ2/87

    [5] ـ الخصائص1/215

    [6] ـ ينظر مقدمة حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع1/89

    [7] ـ ينظر أصول السرخسي1/193 و كشف الأسرار3/124

    [8] ـ الموافقات3/413

    [9] ـ سورة الكهف الآية 29

    [10] ـ ينظر أصول السرخسي1/193 وكشف الأسرار3/141 وشرح التلويح على التوضيح1/342و346

    [11] ـ سورة الكهف الآية 29

    [12] ـ سورة ق الآية21

    [13] ـ ينظر تفسير الطبري22/349

    [14] ـ سورة الأنعام الآية82

    [15] ـ سورة لقمان الآية 13 وأصل الحديث في الصحيحين ، عند البخاري برقم4403 وعند مسلم برقم187

    [16] ـ سورة الأنعام الآية 31

    [17] ـ الموافقات 3/276

    [18] ـ سورة المعارج الآية 25

    [19] ـ المغني في أبواب التوحيد16/200

    [20] ـ سورة يوسف الآية 45

    [21] ـ الطبري في تفسيره16/111والجزائري في أيسر التفاسير2/212

    [22] ـ كابن كثير في تفسيره4/391 وأبي حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط 7/22 والقرطبي في تفسيره 9/195

    [23] ـ الكشاف 4/141

    [24] ـ سورة يوسف الآية 45

    [25] ـ ينظر تفصيل هذه المسألة في تفسير القرطبي 9/195

    [26] ـ إحكام الفصول ص 88

    [27] ـ إعلام الموقعين 1/218

    [28] ـ المستصفى1/339ـ 340

    [29] ـ كالقاضي عبد الجبار في الأصول الخمسة صً:600

    [30] ـ كالإمام الجويني في كتابه البرهان في أصول الفقه1/185

    [31] ـ كابن بدران الدمشقي في كتابه المدخل إلى مذهب الإمام ابن حنبل ص:404 وصاحب شرح الكوكب المنير2/442

    [32] ـ التلويح شرح التوضيح1/343

    [33] ـ البرهان في أصول الفقه1/186

    [34] ـ البرهان في أصول الفقه1/373

    [35] ـ سورة الدخان الآية 49

    [36] ـ بدائع الفوائد4/9 ـ10

    [37] - أصول السرخسي 1/11.

    [38] - فتح الباري 6/289.

    [39] - الإحكام 2/204.

    [40] - البرهان في أصول الفقه1/156.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 16:48

    [41] - ينظر البرهان 1/157 واللمع ص: 13 وقواطع الأدلة 1/49.

    [42] - قواطع الأدلة 1/49.

    [43] - إحكام الفصول ص: 73.

    [44] - ينظر الإحكام 2/207.

    [45] - ينظر المحصول للرازي 2/61 و كشف الأسرار 1/255 والإحكام للآمدي 2/208 والبحر المحيط 3/285.

    [46] - ينظر 3/286 منه.

    [47] - الإحكام 2/210-211.

    [48] - البرهان في أصول الفقه 1/159.

    [49] - ينظر الإحكام للآمدي 2/210 والبحر المحيط 3/289 والتبصرة ص: 27

    [50] - ينظر الفصول في الأصول2/85 وكشف الأسرار 1/262 وأصول السرخسي1/15.

    [51] - ينظر إحكام الفصول ص: 79.

    [52] - ينظر روضة الناظر 2/606.

    [53] - ينظر الإحكام لابن حزم المجلد الأول الجزء3 ص: 269.

    [54] - ينظر الإحكام للآمدي 2/210 والبرهان 1/159.

    [55] - ينظر التبصرة ص: 26 واللمع ص: 13.

    [56] - ينظر البرهان في أصول الفقه 1/163.

    [57] - ينظر قواطع الأدلة 1/ 54.

    [58]- المحصول للرازي2/69.

    [59] - أصول الشاشي ص120.

    [60] ـ سورة فصلت الآية 40

    [61] ـ ينظر التحرير والتنوير لابن عاشور13/51

    [62] ـ سورة الأعراف الآية 31

    [63] ـ ينظر روح المعاني للآلوسي6/155 و التحرير والتنوير5/276ـ277

    [64] - سورة الجمعة الآية 10

    [65] - فتح الباري 2/427.

    [66] -أخرجه البخاري في صحيحه كتاب فضائل القرآن.4/1927 والترمذي 5/196 وابو داود 2/54

    [67] - فتح الباري 9/97.

    [68] -أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحج2/477 رقم1542 ومسلم2/834 والترمذي 3/288

    [69] - فتح الباري 3/403.

    [70] ـ سورة الإسراء الآية 64

    [71] ـ كشف الأسرار3/143

    [72] ـ ينظر الفصول في الأصول 1/7

    [73] ـ ينظر أصول السرخسي 1/190

    [74] ـ الحوالة بفتح الحاء عند الفقهاء هي نقل دين من ذمة المديون إلى ذمة الملتزم، ينظر فتح القدير لابن الهمام16/274

    [75] ـ أخرجه البخاري في صحيحه برقم 2287

    [76] ـ فتح الباري4/465

    [77] ـ ينظر فتح الباري4/465 وفتح القدير لابن الهمام16/277

    [78] ـ معالم السنن للخطابي بهامش مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري 5/18 .

    [79] ـ فتح القدير 16/277

    [80] ـ ينظر فتح الباري4/465

    [81] ـ ينظر فتح الباري4/465

    [82] ـ ينظر معالم السنن للخطابي بهامش مختصر سنن أبي داود5/18

    [83] - في الإحكام 2/225.

    [84] - في البحر المحيط 3/312-313.

    [85] - ينظر البرهان 1/166-167.

    [86] - ينظر المحصول 2/162-163.

    [87] - ينظر قواطع الأدلة 1/ 66.

    [88] - ينظر اللمع ص: 14 والتبصرة ص:41- 42.

    [89] - ينظر الإحكام 2/225

    [90] - أصول الشاشي ص: 123.

    [91] - ينظر المستصفى مع فواتح الرحموت 2/6-7.

    [92] - روضة الناظر 2/618.

    [93] - ينظر إحكام الفصول ص: 89.

    [94] - ينظر كشف الأسرار 1/283 والفصول في الأصول للجصاص 2/133 وأصول السرخسي 1/20.

    [95] - ينظر الإحكام لابن حزم المجلد 1 ج3 ص331.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: أثر السياق - القرائن - في توجيه دلالات الألفاظ

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.10.08 17:04

    ينظر تتمة المراجع، ملتقى أهل الحديث منتدى أصول الفقه

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:21