خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 9:59

    البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين

    أما بعد:

    فهذه وقفة للتبيان ، لمن كان متجرداً للحق ، طالباً إياه ، نازعاً غشاوة الظلمة ، ليرى بصيص النور والهدى ؛ فقد كتب أحد الاخوة هذا الحديث مستدلاً به على الاستغاثات الباطلة ، فرأيت أن أفرد البيان ، ثم أعقب على الآية بالتفسير والإتقان ، ليحييا من حيي على بينه ويهلك من هلك على بينه ، والله نسأل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .

    يستشهد أهل البدع بحديث الأعرابي ، والذي نصه الآتي:


    (روى أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن الكرخي عن علي بن محمد بن علي ثنا أحمد بن محمد بن الهيثم الطائي ثنا أبي عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
    قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام ، فرمى نفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه وقال: يا رسول الله: قلت فسمعنا قولك ، ووعيت من الله عز وجل ما وعينا عنك وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد ظلمت نفسي ، وجيتك لتستغفر لي فنودي من القبر: إنه غفر لك)


    الكلام على سند هذا الحديث

    يقول علامة الهند المحدِّث محمد بشير السهسواني-رحمه الله- تعليقاً على هذا الحديث في "صيانة الإنسان" :
    ( أقول: هذا الخبر ضعيف جداً حتى قيل أنه موضوع.


    قال في "الصارم المنكي":

    فإن قيل أنه روى أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن الكرخي عن علي بن محمد بن علي ثنا أحمد بن محمد بن الهيثم الطائي ثنا أبي عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
    قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام ، فرمى نفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه وقال: يا رسول الله: قلت فسمعنا قولك ، ووعيت من الله عز وجل ما وعينا عنك وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد ظلمت نفسي ، وجيتك لتستغفر لي فنودي من القبر: إنه غفر لك.

    والجواب: أن هذا الخبر منكر موضوع ، وأثر مختلق مصنوع لا يصلح الاعتماد عليه ، ولا يحسن المصير إليه ، وإسناده ظلمات بعضها فوق بعض ، والهيثم جد أحمد بن محمد ابن الهيثم أظنه ابن عدي الطائي فإنه يكنه فهو متروك كذاب ، وإلا فهو مجهول ، وقد ولد الهيثم بن عدي بالكوفة ونشأ بها وأدرك زمان سلمة بن كهيل فيما قيل ، ثم انتقل إلى بغداد فسكنها ، قال عباس الدوري:سمعت يحيى بن معين يقول:الهيثم بن عدي كوفي ليس بثقة ، كان يكذب ، وقال العجلي وأبو داود: كذاب ، وقال أبو حاتم الرازي والنسائي والدولابي والأزدي: متروك الحديث ، وقال السعدي:ساقط قد كشف قناعه. وقال أبو زرعة:ليس بشيء.وقال البخاري:سكتوا عنه،أي اتركوه.وقال ابن عدي:ما أقل ماله من المسند ، وإنما هو صاحب أخبار وأسمار ونسب وشعر.
    وقال ابن حبان: كان من علماء الناس بالسير وأيام الناس وأخبار العرب ؛ إلا أنه روى عن الثقات أشياء كأنها موضوعات ، يسبق إلى القلب أنه كان يدلسها.

    وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث.
    وقال الحاكم أبو عبدالله: الهيثم بن عدي الطائي في علمه ومحله حدث عن جماعة من الثقات أحاديث منكرة.
    وقال العباس بن محمد:سمعت بعض أصحابنا يقول قالت جارية الهيثم:كان مولاي يقم الليل يصلي فإذ أصبح جلس يكذب.أهـ

    قال الذهبي في ترجمة الهيثم بن عدي الطائي: أبو عبدالرحمن المنبجي ثم الكوفي قال البخاري:ليس بثقة، كان يكذب، قال يعقوب بن محمد حدثنا أبو عبدالرحمن من أهل منبج وأُمهُ من سبي منبج،سكتوا عنه. وروى عباس عن يحيى:ليس بثقة،كان يكذب.وقال أبو داود:كذاب.وقال النسائي وغيره:متروك الحديث.

    قلتُ: كان إخبارياً علامة ، روى عن هشام بن عروة وعبدالله بن عياش المشرف ومجالد.وقال ابن عدي: هو أوثق من الواقدي،ولا أرضاه في شيء.قال عباس الأودي:حدثنا بعض أصحابنا قال قالت جارية الهيثم بن عدي:مولاي يقوم عامة الليل يصلي،فإذا أصبح جلس يكذب.انتهى ملخصاً.

    وفي الميزان:الهيثم الطائي الآخر هو أيضاً كذاب،ولفظه هكذا:الهيثم عبدالغفار الطائي بصري مقل تالف.قال أحمد:عرضت على ابن مهدي أحاديث الهيثم بن عبدالغفار عن همام بن يحيى وغيره فقال:هذا يضع الحديث. وسألت الأقرع وكان صاحبنا حديث عن الهيثم فذكر نحوه.

    قال أحمد:وسمعت هشيماً يقول:ادعوا الله لأخينا عباد بن العوام سمعته يقول:كان يقدم علينا من البصرة رجل يقال لهُ الهيثم بن عبدالغفار فحدثنا همام عن قتادة وأبيه وعن رجل يقال له ابن حبيب وعن جماعة،وكنا معجبين به،فحدثنا بشيء أنكرته أو ارتبت به ثم لقيته بعد فقال لي:ذلك الحديث دعه،فقدمت على عبدالرحمن بن مهدي فعرضت عليه بعض حديثه فقال:هذا رجل كذاب، أو قال:غير ثقة.وقال أحمد:ولقيت الأقرع بمكة فذكرت له بعض هذا فقال:هذا حديث البري عن قتادة،يعني أحاديث همام،قال:فخرقت حديثه وتركناه بعد.أهـ ) .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 10:01

    الكلام على متن هذا الحديث

    يقول علامة حلب الشيخ محمد نسيب الرفاعي الشامي رحمه الله في كتابه القيم (التوصل) :
    "إن هذا الحديث ألغامه موجدة في متنه فضلاً عن سنده ، وفيه من الطامات ما لا يشك فيه مسلم أنه موضوع مكذوب وذلك من وجوه:
    1- نحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي دفن في بيت عائشة أم المؤمنين فإذا كان الأعرابي فعل ما فعل … على الشكل الذي يرويه الحديث فلابدَّ أنه دخل بيت عائشة .. وكيف يدخل عليها دونما استئذان … ؟ لأن الحديث خلا من ذكر الاستئذان،وهب أنه استأذن .. فكيف تمكنه عائشة رضي الله عنها،من أن يفعل ما يفعل من الارتماء على القبر،وحثو التراب منه على رأسه؟!

    2- ثم إن الحديث مروي عن علي رضي الله عنه .. وهو الذي يروي عن الأعرابي ما فعل على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،فلابد أن يكون عليٌّ قد رآه فلو أنه سمع فقط دون أن يراه .. فمعنى ذلك أنه سمع من شخص آخر رواية عنه،ولكن لم يذكر هذا الشخص الذي سمع منه ما فعل الأعرابي … فعدم ذكر الشخص الذي سمع منه يدل على أن علياً رآى ما فعل … لا سماعاً من غيره …إذاً ثبت أن علياً رآى ما فعله الأعرابي ما يفعل على القبر .. فكيف لم ينهه عن ذلك؟ لأن الرواية لا تشير أن علياً نهاه .. فعدم النهي عن فعل يفيد الإقرار،فكيف يسكت علي رضي الله عنه عن فعل الأعرابي ولا ينهاه .. وهو يعلم أنه عمِلَ عَمَلَ الجاهلية فهذا لا يعقل صدوره عن علي رضي الله عنه ألبته،لا سيما وإن أبا صادق الذي يروي الحديث عن علي لم يثبت سماعه عن علي رضي الله عنه.

    3- ثم إن الحديث يروى عن الأعرابي أنه قال: يا رسول الله:قلت:فسمعنا قولك،ووعيت من الله ما وعينا عنك. فيعلم من هذا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يسمع من شخص لابد أنه رآه واجتمع به … ثم إن السماع مع الوعي عنه صلى الله عليه وسلم يفيد أنه سمع فوعى وهذه صفات شخص فاهم بصير مما يدل على أن الأعرابي صحابي فاهم بصير .. فصحابي هذه صفته وهذا شأنه … أيعقل أنه يرتمي على قبر الرسول ويحثو منه التراب على رأسه … وهو يعلم أن هذا من عمل الجاهلية،والذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    4-
    يقول الأعرابي: ووعيتَ من الله ما وعينا عنك،ولكن العكس هو الصحيح.فإن رسول الله لم يعِ من الله ما وعاه منه صحابته ، بل وعى منه صحابته ما وعى هو عن الله ، ولاشك أن الفارق ظاهر بين العبارتين … لأن عبارة الأعرابي أن الصحابة وعوا من رسول الله ما وعوه منه قبل أن يعي رسول الله ما وعاه عن ربه … وشتان بين قول الأعرابي الخاطئ وما بين القول الذي كان يجب أن يقوله ومثل هذا القول لا يقوله أعرابي فصيح ، فضلاً عن أعرابي من أهل البادية بصرف النظر عن كونه صحابياً أيضاً … يعرف جيداً أنه ما وعاه رسول الله عن ربه كان قبل ان يتلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقول الأعرابي يدل على أن القرآن تلقاه الصحابة عن رسول الله قبل أن يتلقاه رسول الله عن ربه.!!!
    وهذا لا يقوله مسلم ما فضلاً عن صحابي فاهم بصير.
    ولعله من الدسائس التي يراد منها:أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم ، والعيــاذ بالله
    .

    5- ثم قال الأعرابي –فيما يرويه هذا الحديث- … وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد ظلمت نفسي ، وجئتك لتستغفر لي … إن هذه الآية الكريمة تتعلق فيمن يأتيه عليه الصلاة والسلام حال حياته ، لا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. نعم حال حياته ليحصل للمستغفر المغفرة من الله تعالى باستجابة استغفار رسول الله له … أما المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم والسؤال أن يستغفر للسائل ، فهذا محال … لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد انقطع عمله بوفاته ، فلم يعد يتحرك أبداً فضلاً عن أن يحرك لسانه بالاستغفار أو غيره فهو على ضجعته من يوم أن دفن إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.

    أما أن يسمع أو يتكلم أو يصدر عنه أي عمل .. فلا.
    وقد انقطع عمله نهائياً كما قال هو عليه الصلوات وأزكى التسليمات: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاَّ من ثلاث:صدقة جارية .. وعلم ينتفع به،وولد صالح)) ولاشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشمله هذا الحديث. لأنه من بني آدم ، وقد قضى الله عليه بالموت والتحقيق بالرفيق الأعلى
    .

    أما الحياة البرزخية فهي حياة لا يعلمها إلا الله تعالى ، وليس لها أية علاقة في الحياة الدنيا وليس لها بها أي صلة … فهي حياة مستقلة نؤمن بها ولا نعلم ما هيتها.
    وان ما بين الأحياء والأموات حاجز يمنع الاتصال فيما بينهم قطعياً وعلى هذا فيستحيل الاتصال بينهم لا ذاتاً ولا صفات والله سبحانه يقول: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} والبرزخ معناه:الحاجز الذي يحول دون اتصال هؤلاء بهؤلاء … لا سيما وأن الله تعالى يقول : {أنك لا تسمع الموتى} ويقول عز وجل: {وما أنت بمسمع من في القبور} والرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن توفاه الله هو من الموتى ، ومن أهل القبورفثبت أنه لا يسمع دعاء أحد من أهل الدنيا ، وإن كان هو والأنبياء لا يبلون لأن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجسـاد الأنبياء كم جاء في الصحيح ولكنهم أجساد بلا أرواح وهم أموات بلا شك.فإن الموت شيء وعدم البلى شيء آخر ، فمن كان ميتاً … لا يمكن أن يسمع هو همزة الوصل لحصول الجواب … وإذا لم يسمع طلب الاستغفار فكيف يستغفر..؟ ثم إذا فهم هذا .. فأي معنى يبقى من طلب الاستغفار؟! الجواب: لا معنى لطلب الاستغفار أبداً.


    وما يضير هذا المستغفر إذا توجه إلى الله وتاب من ذنوبه ، وطلب من الله المغفرة…؟ أو اختار أحد الصالحين الأحياء وكلفه أن يدعو له فلا مانع من ذلك كما طلب عمر من العباس رضي الله عنهما أن يستسقي للمسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يطلب عمر رضي الله عنه من رسول الله بعد وفاته أن يستسقي للمسلمين.
    ولو كان هذا جائزاً لفعله عمر رضي الله عنه ولكن لم يفعل ذلك … لأنه يعلم أن رسول الله التحقيق بالرفيق الأعلى ولم يعد يستطيع الدعاء وما أشبه ذلك
    .

    ثم ما قولك يا أخي المسلم الكريم أن هذه الآية لم تنزل لهذا الغرض مطلقاً ولا علاقة البتة … إنما الآية نزلت في المنافقين الذين كانوا يصدون الناس عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتحاكمون إلى الطاغوت … فهؤلاء إذا جاءوا ومصانعةً ، لا اعتقاداً منا بصحة احتكامنا إلى الطاغوت … فهؤلاء إذا جاءوا النبي واستغفروا الله من نفاقهم في مجلسه ، وسألوه أن يعقب على استغفارهم لأنفسهم … بأن يستغفر الرسول لهم عندها يجدون الله تواباً رحيماً … ولكن لم يجيئوا ولم يستغفروا ، ولم يستغفر لهم الرسول فما علاقة هذا .. بواقع الأعرابي الذي جاء رسول الله بعد وفاته وطلب منه وهو ميت أن يستغفر لهم ..؟!!

    نعم لا علاقة بين الموضوعين ؛ بل ولا قياس بين الواقعين لاختلافهما وتفارقهما.
    على أن واضعي هذا الحديث .. ما كان قصدهم إلا التغرير والإفساد والتضليل فلا يهمهم التوافق بين الواقعين ، حتى يستقيم القياس بينهما … إنما المهم عندهم تشكيك المسلمين بأي ثمن كان ؛ ولكن ردَّ الله كيدهم في نحورهم وأخسرهم وقد بحثنا هذا الموضوع قبل صفحات فليرجع إليه من يشاء[في كتاب الشيخ قبل ص265].


    6- قوله في الحديث … (فنودي من القبر:إنه غفر لك …؟؟!!)
    إن من وطّن نفسه على الكذب … لا يهمه إن كذب على الله وعلى رسوله وعلى الناس فالكل عنده على حدّ سواء!! لا سيما إذا كان مراده التضليل والتشكيك .. فيستحل كل حرام ، في سبيل الوصول إلى ما يبتغي ويريد! وليس للقيم عنده أقل اعتبار .. ما دام أنه يسعى لتحقيق ما خطّطه هو أو ما خُطط له!! وعند هؤلاء قاعدة يعتمدون عليها ، في كل ما يعملون .. ألا وهي (الغاية تبرر الوسيلة) فكل وسيلة مهما كانت ، فهي في نظرهم مشروعة!!! إذا كانت تحقق لهم أغراضهم وتوصلهم إلى أهدافهم ومراميهم.

    فالزنادقة الذين امتلأت قلوبهم بصديد الحقد على الإسلام ، والحنق على المسلمين ما كان باستطاعتهم صدهم عن دينهم بالقوة .. إذا لم يكن ذلك متيسراً لهم .. فلجأوا إلى الدس ،والتغالي ، وبث الأباطيل والترهات .. بوضع الأحاديث والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم إيهاماً للمسلمين وتضليلاً وتشكيكاً بدينهم الحق.
    ولعل هذا الحديث من جملة تلك الأحاديث الموضوعة المصنوعة .. ففي متنه فضلاً عن سنده من الطامات ، كشفنا ما قدرنا الله على كشفه آنفاً على أن هذه الفقرة الأخيرة منه أخطر ما جاء فيه وهي:
    فنودي من القبر:إنه غفر لك!!! أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه من قبره إنه غفر لك .. وذلك تحريضاً لكل من يقرأ هذا الحديث الموضوع من أهل الغفلة أن يصدقه ويفعل ما فعله الأعرابي لينال البشرى بمغفرة الذنب كما نالها الأعرابي.
    فتفشى بين أغرار المسلمين هذه الأكاذيب وعلى توالي الأيام يحتج به كحقائق لا ينازع فيها .. وهذا ما حصل بالفعل .. فقد جاء بهذا الحديث وأمثاله .. لا أغرار المسلمين فحسب ؛ بل وعقلاؤهم وخاصة أهل العلم فيهم مع الأسف الشديد ، اللهم إلا من رحم ربك الذين يجددون للناس أمر دينهم ، ويعصمهم الله من الزلل ، فينصر بهم دينهم ، ويحفظ بهم ما أنزل من البينات فيردون الأباطيل ويكشفون الخفايا والأعصبة عن الأبصار والبصائر ، ولا يخلو أي عصر منهم والحمد لله
    .

    إن هذه الخاتمة من هذا الحديث ، أراد بها واضعوه أن يدخلوا في روع المسلمين:

    1-أن رسول الله حي في قبره ويسمع كلام من يكلمه ، ويجيبهم بكلام مسموع من القبر.
    2- تكذيب ما جاء في القرآن الذي ثبت أن الأموات لا يسمعون ولا يجيبون .
    3- التألي على الله بأنه غفر ذنبه مع أن هذا من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله.


    على أن هذه الأمور غير خافية المقاصد ؛ بل هي ظاهرة بينه ، ولا تنطلي إلا على الذين سلموا قيادهم للباطل ، وأننا نرد عليهم بما يلي:
    1- إن الله تعالى أخبرنا أن {كل نفس ذائقة الموت} وقد قال عز وجل: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل} وقال عز من قائل: {إنك ميت وإنهم ميتون} كل هذا يدلنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات كما مات من قبله ومن بعده والذي ينقطع عن الناس بسبب الموت ، ينقطع عمله لأنه بشر مثلهم فلا يتكلم ولا يسمع وليس له من بعد وفاته فداه أبي وأمي ونفسي أي اتصال بالدنيا ولو كان ذلك ممكناً ؛ ولكن لم يتصلوا به لعلمهم الأكيد أنه لا يمكن الاتصال به إلى يوم القيامة ، فكيف بنادي الأعرابيّ من قبره وهو ميت منقطع العمل والحواس إلى يوم يبعثون؟

    2- لقد قرر القرآن أن الأموات لا يسمعون ولا يتكلمون وإنهم في عالم آخر ليس له علاقة بعالمنا هذا: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} .

    3- فما دام رسول الله لا يسمع ولا يتكلم ولا يجيب فكيف يجيب الأعرابي من القبر والقبر والبرزخ من عالم الغيب الذي يجب أن نؤمن به دون أن نراه فإن سمع منه صوت أو كلام أو بشارة صار عالم شهادة ، وهذا لن يكون ، وسيظل من عالم الغيب إلى يوم القيامة فإذا انتفى هذا ، انتفت البشارة بالمغفرة فلو كان في المنام لكان فيه نظر .. فكيف باليقظة؟!!

    فإنه من أكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم ((من كذب عليَّ يلج النار)) ولكن أين الخوف من الله تعالى حتى لا يكذب عليه ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم،اللهم نعوذ بك من الخذلان وسوء المنقلب.

    وهكذا .. فقد اتضح لك يا أخي المسلم ، ما في متن هذا الحديث من الطامات والأباطيل والترهات ، والكذب والافتراء ، مما يدلك دلالة واضحة ، على أن هذا الحديث موضوع ، ومكذوب ومصنوع ، هذا من جهة المتن!! فكيف إذا ثبت لك أيضاً أن سنده موضوع ، فلا شك أنك ستزداد يقيناً بعدم صلاحه للاحتجاج به
    ) .

    قال الرفاعي:
    (
    أرأيت يا أخي المسلم الكريم سند هذا الحديث؟!! وكيف تحفه الظلمات والجهالات .. والكذب والانقطاع،وما شابه؟!
    إن حديثاً له هذا المتن .. وذاك السند البالي المهلهل .. لا تقوم به حجة أو دليل على صحة المدَّعي ؟!)


    ويلخص في رد هذه الحكايات علامة العراق أبو المعالي محمود شكري الألوسي رحمه الله في كتابه (غاية الأماني) :


    ( …
    فإن تلك الحكايات لو سلمت من الكذب والافتراء فلا تدل على المقصود من جواز الاستغاثة بغير الله تعالى ، فإن الاستغاثة كما ذكرنا سابقاً دعاء والدعاء مخ العبادة ، وهي لا تصلح إلا لله ، ومن عبد غيره فقد أشرك.

    ثم إن أصحاب تلك الحكايات ليسوا ممن يحتج بقولهم ، فهم ليسوا بأنبياء ولا صحابة ولا الأئمة المجتهدين المشهورين ، والدين لا يثبت بفعل أمثال من ذكرهم من العوام والجهلة وبعض المتصوفة الغلاة ، وقد ذكرنا سابقاً أن الدليل ينبغي أن يكون من الكتاب والسنة وإجماع المجتهدين والفقهاء
    ) .

    ولعله من المناسب أن نبين تفسير الأعلام للآية الواردة في حديث الأعرابي الذي بان أنه كذب:
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 10:02

    إتحاف أهل السنة والجماعة بالرد على من استدل على هذه الآية بجواز الاستغاثة

    يستدل بعض أهل البدع بتوسلات بدعية ، على فهمٍ غير صائب



    { ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما }

    لو تتبعنا الآيات التي قبل هذه الآية وبعدها ؛ لوجدناها تخاطب المنافقين ، وهذه الآية نزلت في قوم نافقوا بصدهم عن حكم النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وتحاكمهم إلى الطاغوت ؛ فبين الله تعالى أنهم لو اعترفوا بذنوبهم ، وتابوا منه بمجيئهم إلى النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- واستغفروا الله تعالى من هذا الذنب ، ثم استغفر لهم الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- شافعا فيهم لتقبل توبتهم ؛ لكان الجزاء المذكور.

    وكل هذا كان في حياة النبي-صلى الله وعلى آله وسلم-ولم يرد في كتب التفسير ولا غيرها من كتب أهل العلم ، عن أئمة السلف الصالح من أهل التفسير والحديث والفقه أن ذلك حدث بعد وفاته –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

    أما استدلال المخالفين لأهل السنة ؛
    بأن الآية تدل على المجيء إلى قبر النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وطلب الاستغفار والشفاعة منه في مغفرة الذنوب .. ونحوه ؛ فهو استدلال باطل وقول فاسد يدل على سقم في الفهم ، وبعد عن حقيقة التوحيد .

    والصحابة - رضي الله عنهم – لم يفهموا هذا الفهم الخاطئ من هذه الآية ، ولذا لم ينقل عنهم المجيء إلى قبره – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لطلب الاستغفار منه ، وقد وقع منهم ظلم لأنفسهم بعد وفاته –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قطعا ؛ فدل هذا على أن فهم المخالفين لأهل السنة فهم فاسد مردود
    .

    قال الإمام الطبري –رحمه الله- عن تفسير هذه الآية :
    ( يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ولو أن هؤلاء المنافقين الذين وصف صفتهم في هاتين الآيتين ، الذين إذا دُعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صدَّوا صدوداً ، إذ ظلموا أنفسهم باكتسابهم إياهم العظيم من الإثم باحتكامهم إلى الطاغوت وصدودهم عن كتاب الله وسُنَّة رسوله ، إذا دعوا إليها جاؤوك يا محمَّد حين فعلوا ما فعلوا من مصيرهم إلى الطاغوت راضين بحكمه دون حكمك ، جاؤوك تائبين منيبين ؛ فأسالوا الله أن يصفح لهم عن عقوبة ذنبهم بتغطيته عليهم ، وسأل لهم الله رسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مثل ذلك ، وذلك هو معنى قوله: {فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول} )
    "أنظر تفسير الطبري 4/157"

    وقال علامة الشام الشيخ جمال الدين القاسمي-رحمه الله تعالى- في تفسير هذه الآية الكريمة:
    ( {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم} هذا الظلم العظيم غاية العظم ؛ إذْ عرضوها لعذابٍ ، على عذاب ترك النفاق ، بترك طاعتك والتحاكم إلى الطاغوت {جاؤوك} تائبين من النفاق متنصلين عمَّا ارتكبوا {فاستغفروا الله} من ذلك وتابوا إليه تعالى من صنيعهم {واستغفر لهم الرسول} أي ؛ دعا لهم بالمغفرة ، فكان استغفاره شفاعةً لقبول استغفارهم { لوجدوا الله تواباً} أي ؛ قابلاً لتوبتهم {رحيماً} أي ؛ متفضلاً عليهم بالرحمة وراء قبول التوبة) .
    "أنظر تفسير القاسمي محاسن التأويل 5/272"

    وقال العلامة المفسر الفقيه عبدالرحمن بن ناصر السعدي –رحمه الله تعالى- عن تفسير هذه الآية:
    ( {
    فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} أي: لتـاب عليهم بمغفرته ظلمهم ، ورحمهم بقبول التوبة والتوفيق لها ، والثواب عليها.
    وهذا المجيء إلى الرسول –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مختص بحياته ؛ لأنَّ السياق يدلُّ على ذلك ، لكون الاستغفار من الرسول لا يكون إلاَّ في حياته ، وأمَّا بعد موته ، فإنه لا يطلب منه شيء ؛ بل ذلك شرك
    ) .
    أنظر تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الآية 64 من سورة النساء"

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- عن الذين يستدلون بهذه الآية:
    (ويقولون: إذا طلبنا منه الاستغفار بعد موته ، كنا بمنزلة الذين طلبوا الاستغفار من الصَّحابة ؛ ويخالفون بذلك إجماع الصَّحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين ، فإنَّ أحداً منهم لم يطلب من النَّبِيَّ –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئاً ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم … )

    ثم قال بعد سرد بعض أنواع البدع في سؤال غير الله تعالى:
    ( فهذا مَّما علم بالاضطرار من دين الإسلام ، وبالنقل المتواتر ، وإجماع المسلمين ؛ أنَّ النَّبِيَّ –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يشرع هذا لأمته ، وكذلك الأنبياء قبله لم يشرعوا شيئاً من ذلك بل أهل الكتاب ليس عندهم عن الأنبياء نقل بذلك ، ولا فعل هذا أحدٌ من أصحاب نبيهم ، والتابعين لهم بإحسان ، ولا استحب ذلك أحدٌ من أئمة المسلمين ، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ، ولا ذكر أحدٌ من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها ؛ أنَّه يستحب لأحدٍ أن يسأل النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عند قبره أن يشفع له ، أو يدعوا لأمته ، أو يشكوا إليه ما نزل بأُمته من مصائب الدُّنيا والدِّين) .
    "أنظر قاعدة في التوسل والوسيلة 24-28"

    وقال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العُثيمين عن عدم دلالة هذه الآية للسؤال عن قبر النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وذلك لأنَّ الله تعالى يقول:
    ( {ولو أنهم إذ ظلموا} و {إذ} هذه ظرف لما مضى ، وليست ظرفاً للمستقبل ، لم يقل الله: "ولو أنهم إذا ظلموا" بل قال: {إذ ظلموا} فالآيـة تتحدث عن أمرٍ وقع في حياة الرسول –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- …. والآية نزلت في قوم تحاكموا ، أو أرادوا التحاكم إلى غير الله ورسوله ؛ كما يدلُّ على ذلك سياقها السابق واللاحق) .
    "أنظر مجموع فتاوى ورسائل 2/343-345"



    هذا البراهين الجلية في بيان خطأ من قال بهذا القول ، والعمدة عند أهل التحقيق ، والشكر لمن لهُ أصل هذا الجمع والبيان الأئمة الأعلام ، والجامع الفقير إلى عفو ربه ، نزيل اصطنبول عبدالله بن عبدالحميد آل إسماعيل عفا الله عنه.


    ثم يبين الشيخ استدلالات أهل الأهواء في موضوع الاستغاثة خاصة وفي غيره:

    (
    وإنك لترى يا أخي ، أن الأحاديث التي أوردوها .. إما أنها مستشهد بها بغير مناسبة !! أو أنها معلولة بعلل شتى .. أقوى ما فيها الضعف! ناهيك عن المكذوب والموضوع ، والمدلس والمنقطع ، وما لا أصل له.

    فيا سبحان الله !!

    ما بال القوم .. يتمسكون بكل ذي علة من الأحاديث والآثار والأخبار؟! ألا يعلمون أن ما يقدمونه من أدلة وبراهين على زعمهم .. لا يصح أن يقال أنها كذلك .. ما دامت –كما رأيت يا أخي- من الضعف والهلهلة .. والعلل الكاسحة ما يوجب أن يخجل منها مقدمها ، ولا يسمح لنفسه أن يردِّدها على شفتيه .. خشية أن تنبئ عن جهله … أو عن سوء نيته أو عن كليهما معاً!! وعلى كل حال .. فإن الاحتجاج بهذا الحديث ساقط .. لما يحوي من العلل .. وبقيت دعواهم دعوى مجردة .. وكلما أتوا بما يقويها على زعمهم زادوها علة وسقوطاً.

    وهكذا .. فإن بتكرار انهزامهم الذريع أمام حجج الحق ، يزداد هذا الحق قوة وغلبة عليهم ؛ فإنهم إلى الآن لم يستطيعوا أن يقفوا على أرجلهم .. حتى ولو على أرجل مرتجفة متخاذلة ؛ بل ما يزالون قاعدين!! بل مقعدين لا حول لهم ولا قوة على النهوض.وهذا حال من يتقوى بالباطل ؛ فلا يزيده إلا ضعفاً وتخاذلاً وانهزاماً. اللهم زدنا بك قوة وثبتنا على صراطك المستقيم
    . )
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 10:03

    الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي
    أو
    إتمام الكلام على حديث الأعرابي

    قومٌ مفتونون بالحكايات، من قصص موضوعة، ورأيا مقطوعة ، يقيمون الأحكام على مثل هذه التفاهات ، يقيمونها ويصدون بها الآيات ، وما صح من الأحاديث النبوية ، أين هم من قوله تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ، أُناس تخبطوا في مصادر التلقي ؛ فأصبحوا يتلقون دينهم عن المنامات ، وأكاذيب الحكايات ، فقبحاً قبحاً لمن لم يرفع بكلام الله رأساً ، وبسنة الحبيب اقتداءً وتأسياً ..

    وسنقف بإذن الله مع رواية أخرى لحديث الأعرابي الذي تكلمنا عنه قبل ذلك ،واليوم مع رواية أخرى لهُ والذي يسمونه (بحديث العتبي)

    تعدد روايات الحديث

    " لقد ورد حديث توسل الأعرابي هذا في روايات عديدة:
    بعضها بلا إسناد ، والبعض الآخر بأسانيد مظلمة ، كما أن ألفاظها جاءت مختلفة ومضطربة ، مع زيادة ونقصان في جميع ألفاظ متونه ، وفي جميع رواياته وأسانيده ، مما يدل دلالة واضحة صريحة على أن الحديث في جميع رواياته مختلق موضوع ، وخبر مكذوب مصنوع ، وأن صنعة الكذب والوضع ظاهرة عليه وإنها بينة جليلة واضحة فيه ، وضوح الشمس.

    وها أنت يا أخي القارئ ، اطلعت على الحديث في روايته الأولى لفظاً وسنداً وتعليقاً وتحقيقاً ، ولا أخالك إلا مقتنعاً بالنتائج التي تترتب على وضع مثل هذا الحديث ، ولعلك تتوق إلى تفصيل الروايات الأخرى التي ورد فيها على نحو ما تم تفصيله في الرواية الأولى … فأهلاً بك يا أخي على صعيد التحقيق والتدقيق … ثم بعد ذلك ، نترك لك الحكم على هذه الروايات المتعددة ، فيما إذا كانت تصلح للاحتجاج بها ، في خلافنا القائم مع القوم هدانا الله وإياهم سواء السبيل.

    الروايـة الأولى

    وهي الرواية الأولى المتقدمة عن أبي الحسن الكرخي بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وحاشاه من نسبة هذه الرواية إليه بعد أن تأكدت يا أخي من كذب نسبتها إليه رضي الله عنه وأرضاه.:
    "مقتبس من كلام الرفاعي في (التوصّل) 273"

    وهذا رابط الموضوع السابق والذي بعنوان:

    البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً وتمناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية
    وكذلك علقنا على الآية التي يحرف معناها بعض أهل البدع ومحبي الاستغاثات الشركية بعنوان:
    إتحاف أهل السنة والجماعة بالرد على من استدل على هذه الآية بجواز الاستغاثة

    [الموضوع في الأعلى]

    والله اسأل أن يشرح صدور أصحاب الأهواء للحق ، وأن ينزع من قلوبهم أتباع الأهواء وما عليه الآباء من البدع والانحرافات ، ولا يكونوا ممن قال الله فيهم {إن وجدنا آبائنا على ملة} ، ولا يصدهم الهوى فيكونوا ممن قال الله فيهم: {أفرأيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على قلبه وسمعه ، وعلى بصره غشاوة ، فمن يهديه من بعد الله ، أفلا تذكرون}
    نعم {على علم} يبين له أن ما يستشهد به كذب موضوع ، فتأخذه العزة بالإثم ، وإتباع ما عليه الآباء بأن لا يتزحزح {فمن يهده من بعد الله} لا أحد!{أفلا تذكرون
    }


    الرواية الثـــانية

    أما الرواية الثانية المشهورة (بحديث العتبي) ويحسن بي يا أخي أن أثبت لك نص هذه الرواية كما وردت في كتاب (الشامل) لأبي منصور الصباغ بلا إسناد!!!!إذ لو كان إسنادها جيد لذكره كما سنبين.

    نص رواية حديث العتبي

    ( كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فجـاء أعرابي فقال:السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد جئتك مستغفراً لذنبي ، مستشفعاً بك إلى ربي ، ثم أنشأ يقول:
    يا خير من دفنت بالقاع أعظمه … فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه …. فيه العفاف وفيه الجود والكرم)

    الكلام على متن الرواية

    ( إن متن هذه الرواية "حديث العتبي" عللاً مشتركة مع الرواية الأولى –رواية أبو الحسن الكرخي- وعللاً أخرى مختلفة ، فما توافق منها أحلناك يا أخي على إجابتنا على مثلها في ما سبق من تحقيق الرواية فارجع إليها إن أعوزك ذلك.أما ما اختلف عنها واضطرب ، عالجناه وناقشناه على ضوء الشريعة المطهرة:

    1- تقول الرواية الأولى: "قدم أعرابي بعدما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام ، فرمى نفسه فوق القبر وحثا على رأسه من ترابه"
    بينما تقول "رواية العتبي" : "كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله .. "
    فالعتبي هذا:
    قال عنه المؤرخون أنه توفي سنة 228هجرية فهل يمكن أن يحضر حادثة وقعت بعدما دفن الرسول بثلاثة أيام؟!! .. فهب أنه عاش مائة سنة ، فيبقى بينه وبين الحادثة انقطاع مائة وعشرين سنة فهل يمكن أن يحضر واقعة حدثت قبل أن يخلقه الله بمائة وعشر سنين؟!!
    وهل تصح رواية الواقعة عنه؟!
    وعلى كل سوف نأتي عند البحث في سند هذا الحديث ، على تفصيل تام لترجمة العتبي.

    2- إن الرواية الأولى ورواية العتبي تتفقان في إيراد لفظ تلاوة الأعرابيي للآية الكريمة: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} .
    ولقد أجبنا على استدلالهم بهذه الآية الكريمة على جواز التوسل بذوات المخلوقين من أنه في غير محله ، وأنه لا قياس بين حياة الرسول وموته ، فما يمكن أن يفعله في حياته ، قد انقطع بسبب وفاته.فارجع يا أخي إلى معالجة ذلك فيما ذكرناه وعالجناه في الرواية الأولى ، مع العلم أن هذه الآية الكريمة نزلت في بعض المنافقين ، لا من أجل جواز التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم.

    3- أن رواية العتبي ليس فيها أن الأعرابي رمى نفسه فوق القبر ، وحثا على رأسه من ترابه كما في الرواية الأولى. فهذا اختلاف في اللفظ واضطراب في وصف الحادثة ، فلو كان العتبي حاضراً فيها لوصفها كما وصفت في الرواية الأولى فوقوع هذا الاختلاف والاضطراب بين الروايتين علة طاعنة ومانعة من صحة الحديث والاحتجاج به.

    4- قول الأعرابي في الرواية الأولى: "وقد ظلمت نفسي وجئتك مستغفراً" وقول العتبي أن الأعرابي قال: " وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي" ولم يقل فيها: "وقد ظلمت نفسي" .
    وفي الرواية الأولى يقول الأعرابي: "وجئتك مستغفراً" وفي رواية العتبي "وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي". إنهما قد ترافقا بين العبارتين المتعلقتين بالمجيء من أجل الاستغفار. وجاءت زيادة في رواية العتبي "مستشفعاً بك إلى ربي" .
    وهنا يجــب الوقوف عند قول الروايتين "وجئتك مستغفراً" في الرواية الأولى "وجئتك مستغفراً لذنبي" في رواية العتبي فبصرف النظر عن الاختلاف والاضطراب في لفظ الروايتين ؛ إن خطراً كبيراً يهون بجانبه خطر التوسل بذوات المخلوقين ، قد ذر قرنه من قوله "وجئتك مستغفراً" أو "قد جئتك مستغفراً لذنبي" إن الكلام الوارد في كلا الروايتين يوهم –إن لم نقل يؤكد- أن الأعرابي إنما جاء القبر ليستغفر الرسول من ذنبه! بينما الآية التي يستشهدون بها تقول: {ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله} لا فاستغفروك!!! لأن الاستغفار عبادة له تعالى ، فلا يجوز استغفار أحد من المخلوقين .. حتى ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغفار رسول الله عبادة له ، والعبادة لا تليق إلا بالله تعالى وحده لا شريك له.إذاً فاستغفار الرسول شرك بالله تعالى.
    أما مراد الآية: فهو المجيء إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإشهاده على استغفارهم الله من الذنب ، ثم الطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر الله لهم ، وليس فيها قطعاً ذكر المجيء إليه صلى الله عليه وسلم من أجل أن يستغفره هو من الذنب.

    5- إن الزيادة الواردة في قول العتبي "مستشفعاً بك إلى ربي" ، هذا طلب لا يجوز توجيهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته. إذا كيف يشفع وهو منقطع العمل بسبب وفاته؟ ثم كيف يشفع ولم يصدر الإذن بالشفاعة من الله تعالى ولن يصدر الإذن إلا يوم القيامة لمن يشاء ويرضى .. وهذه ولا شك عقائد ومعلومات بدهية لا يعذر المسلم في الجهل بها .. فضلاً عن وقوع ذلك في زمن الصحابة الذين هم خير أمة أخرجت للناس وخاصة أمام على علم شامخ من أعلامهم وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.

    6- قول الرواية الأولى: "فنودي من القبر [أنه قد غفر له] " بينما يقول العتبي في الرواية الثانية: "ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني .. فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: [ يا عتبي إلحق بالأعرابي فبشره أن الله قد غفر له] " .
    لا شك يا أخي أنك قد أدركت الفارق بين اللفظين رواية تقول: أن الرسول قد ناداه من القبر "إنه قد غفر له" رواية تقول: أن الرسول أتى العتبي في المنام وأمره أن يلحق بالأعرابي ويبشره بأن الله قد غفر له.
    فإذا كان الرسول قد بلغه شفهياً بأن الله قد غفر له فما حاجته بتكليف العتبي أن يبشره مباشرة منه صلى الله عليه وسلم وأما أن يبلغها من العتبي ، أما من الطرفين فيكون من التكرار الذي لا طائل تحته.
    وإذا كان من الممكن نداء الرسول للأعرابي وتبليغه مباشرة فلماذا يستعين بالعتبي ويأتيه بالمنام ويستلحقه بالأعرابي ليبشره؟!
    أرأيت يا أخي هذا الاضطراب العظيم بين الروايتين مما يؤكد ولا شك أن الروايتين غير صحيحتين بالنسبة لعلل كل منهما.
    على أن واضع هذا الحديث في الرواية الأولى يريد أن يوهم المسلمين إمكانية اتصال النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بأحد من أمته ، بينما هذا مستحيل وقوعه ولو أمكن لكان من الأحرى والأجدى أن يتصل بأمته صلى الله عليه وسلم في حوادث هامة ، لم يُعرف فيها الحق أين هو .. ومع من هو ..؟ وكم كانت تلك الوقائع المؤلمة سبباً لقتل آلاف من الصحابة.
    فيا سبحان الله يكلم رسول الله بعد وفاته الأعرابي .. ولا يكلم المسلمين فيما شجر بينهم من المشـاكل؟!!! إن مثل هذه العلل في متن الروايتين كافيـة للحكم على هذا الحديث بالوضع والسقوط.


    الكـلام على سند هذا الحديث


    ليس لرواية حديث العتبي أي سند يستأنس به للحكم بصحة الرواية ، أو اعتلالها ؛ ولكن رأينا بصيصاً من الضوء على ذلك ، وهو:
    إنه وإن كان العقد منفرطاً إلى العتبي ، وغير معروف من رواه عنه ، إنما نكتفي بالاستدلال على كذب الحديث ، أو على الأقل على علة الانقطاع فيه ، أن العتبي الذي يروي هذه الرواية عن الأعرابي كشاهد عيان!!! أن بينه وبين الأعرابي انقطاعاً يربو على مائتي سنة تقريباً وإليك البيان:

    1- قال زين الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر أبو الفخر المراغي المتوفي سنة 816 هجرية في كتابه "تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة" ص 111 في /ترجمة العتبي/ قال: "أسمه محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين" .

    2- وقال ابن الأثير في كتابه "اللباب في تهذيب الأنساب" 1/119:
    " والعتبي وهي نسبة إلى عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبدشمس أخي معاوية بن أبي سفيان. وينسب إليه جماعة ، منهم محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عتبة بي أبي سفيان العتبي البصري يكنى أبا عبدالرحمن صاحب أخبار وآداب ، حدث عن أبيه وابن عيينة وروى عنه أبو حاتم السجستاني" .

    3- وقال ابن خلكان في "وفيـات الأعيان" 1/522-523:
    "أبو عبدالرحمن محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبدالشمس القريشي الأموي المعروف بالعتبي الشاعر البصروي المشهور كان أديباً فاضلاً ، وشاعراً مجيداً وكان يروي الأخبار وأيام العرب … إلى أن قال:روى عن أبيه وعن سفيان بن عيينة ، ولط بن مخنف وروى عنه أبو حاتم السجستاني وأبو الفضل الرياشي وإسحاق بن محمد النعنعي وغيرهم وقدم بغداد وحدث بها أخذ عنه أهلها … إلى أن قال: وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى" .

    4- ولعل أحداً من القوم يقول: وما يدريك أن هذا هو العتبي ، المعنى بالرواية عن الأعرابي فأقول:
    وإنني أؤكد أنه هو نفسه الذي تزعمون أنه رأى الأعرابي صاحب القصة ودليلنا على ذلك ما حكى عنه المؤرخون وخاصة اعتراف رجل منكم ممن يجوزون التوسل بذوات المخلوقين وهو: الشيخ السبكي مؤلف كتاب "شفاء السقام" الذي رد عليه ابن عبدالهادي في كتابه "الصارم المنكي في الرد على السبكي" قال في ص 136 منه:
    " قال السبكي في كتابه /شفاء السقام في زيارة خير الأنام/ العتبي ، وأسمه محمد بن عبدالله بن عمر بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب كان من أفصح الناس رواية للأدب وحدث عن أبيه ، وسفيان بن عيينة توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين يكنّى أبا عبدالرحمن"أهـ .كلام السبكي. وذلك طبعاً بعد أن ذكر حكاية العتبي وروايته عن الأعرابي مستدلاً بها في كتابه على جواز التوسل بذوات المخلوقين.

    إذاً فالعتبي الذي تزعمون أنه صاحب الرواية عن الأعرابي ، هو نفسه المترجم له في الكتب المذكورة بشهادة شيخكم السبكي في كتابه /شفاء السقام في زيارة خير الأنام/ [وشهد شـاهــد من أهلها] بينما في الحقيقة أن العتبي هذا ، تأخر عن العتبي الذي يردون إقحامه في الرواية عن الأعرابي ، بما يربو على المائتي سنة تقريباً ؛ فتأمل!

    قال ابن عبدالهادي في كتابه [ الصــارم المنكي في الرد على السبكي] :
    "وأما حكاية العتبي التي أشار إليها –أي السبكي- حكاية ذكرها بعض الفقهاء والمحدثين ، وليست بصحيحة ولا ثابتة إلى العتبي ..!!

    وقد رويت عن غيره بإسناد مظلم ، وهي في الجملة حكاية لا يثبت بها حكم شرعي ، لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعاً مندوباً ، لكان الصحابة والتابعون أعلمَ به وأعملَ به من غيرهم وبالله التوفيق" أهـ
    ) .
    "أنظر "التوصّل" للرفاعي محمد نسيب ص274-279"


    وقال المُحدِّث العلامة محمد بشير السهسواني الهندي في "صيـانة الإنسـان من وسوسة الشيخ دحلان" رداً على استدلال دحلان بحديث العتبي قائلاً:


    (
    أقول: ليست هذه الحكاية مما تقوم به الحجة.
    قال في الصارم المنكي: وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي بلا إسناد ، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي ، وقد ذكرها البيهقي في كتاب شعب الإيمان بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد البصري حدثني أبو حرب الهلالي قال: حج أعرابي ، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ، ثم ذكر نحو ما تقدم.وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما سيأتي ذكره [أتى ذكره في الرابط السابق] .

    وفي الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما تقوم به حجة ، وإسنادها مظلم مختلف ، ولفظها مختلف أيضاً ، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض ، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم ، وبالله التوفيق
    ) .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 10:04

    سؤال يفرض نفسـه

    وأثناء نقاشنا وبياننا الواضح هناك سؤال يفرض نفسه هل خرجت هذه الحكاية المكذوبة في كتب الحديث المحترمة؟
    وهل حين يذكرها هو يحتج بها؟وهل هو يصححها؟
    وسؤال آخر هل إذا ذكرت القصة في كتب بعض أهل العلم يعتبر حجة؟

    هذه أسئلة كثيرة .. وللإجابة عليها ..
    أقول:
    يقول عبدالله بن علي في "الصراع" بعد أن ذكر الخلاف في الراوي:
    ( ..
    ولكن لا يوجد شيء من ذلك إسناد ينظر إليه ، ولم تخرج كتب الحديث المحترمة ، ولم يصححها أو يحسنها أحد من أهل العلم والدراية.
    وإنما يذكرها بصيغة التمريض ، فيقولون:يروى عن العتبي كذا.
    ومثل هذا لا يقول أحد من أهل العلم:إنه يجوز للاحتجاج به.
    فالحكـــــــاية باطلة من الأساس.

    ولو فرض أنها صحيحة الإسناد لما دلت على شيء مما يذهبون إليه.
    وذلك أن هذا فعل أعرابي من نكرات الأعراب ، والأعراب ليسوا حججاً في دين الله.
    ولو أن العتبي نفسه الذي شهرت عنه الحكاية فعل ذلك لما كان فعله حجة ولا مقبولاً ، فكيف بفعل أعرابي يروي عن العتبي والعتبي ليس معروفاً بالحديث ولا بالدين. وقد ذكر الخطيب البغدادي في التاريخ وقال عنه: "كان صاحب أخبار ورواية للآداب ، وكان من أفصح الناس .." ولم يذكره بتزكية ولا بتوثيق ولا بحديث ، وإنما ذكره بالشعر وروايته.وقال بلغني أنه مات سنة 228."



    أما الإجابة على السؤال الثاني فيقول عبدالله بن علي في "الصراع":
    (
    وذكرها شيخ الإسلام [كما سيأتي في الإجابة على السؤال الثالث] ابن تيمية في مواضع من كتبه ، وقال:إنها لا تعرف إلا عن هذا الأعرابي.
    قال:وبها احتج من احتج من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأصحاب أحمد.
    وهذا صحيح فإن صاحب "المغني" وصاحب "الشرح الكبير" الحنبليين ، وهما من كبار الفقهاء ، حينما ذكرا هذا ذكراه عن العتبي عن الأعرابي. ولم يذكرا شيئاً عن ذلك عن مالك رضي الله عنه [وقد بينا كذب القصة على الإمام مالك رحمه الله مع أبي جعفر المنصور رحمه الله] ولو كانت الرواية محفوظة عندهما عن مالك لأسنداها إليه واحتجا بها ، ولكان هذا أفضل من الاحتجاج بفعل ذلك الأعرابي المجهول.ولكن هذا يدل على أنهم ما كانوا يعرفون شيئاً من هذا النوع عن أمثال مالك ثم هم يذكرون الرواية على وجه التوهين ، لا يذكرون لها سنداً ولا يصححونها ، ولا يقولون فيها غير: " يروى عن العتبي" مثلاً فهم لا يعرفون لها سنداً ، ولا يعرفون لها صحة أو ثبوتاً ، وإنما يسوقونها معللة موهنة مرسلة
    ) .


    وللإجابة على السؤال الثالث وهو هل حين يذكرها أحد أهل العلم تكون بذكره حجة؟!
    فندع الإجابة الشافية لشيخ الإسلام في مصنف "قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق"
    تحقيق سليمان الغصن ص 111-114:
    (
    وهكذا أهل الزيارات البدعية ، منهم من يطلب من المزور دعاءه وسؤاله لربه ، واستغفاره واستنصاره ،ودعاءه له بالرزق ، وشفاعته ، ونحو ذلك ، وهذا وإن كان قد ذكر بعضه طائفة من العلماء ، وجعلوا قوله: {ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفروا لهمُ الرسولُ لوجدوا الله تواباً رحيماً} يتناول من يأتيه بعد الموت ، فيطلب منه الاستغفار له ، كما كان أصحابه يطلبون منه الاستغفار في حياته ، وذكروا في ذلك حكاية لبعض الأعراب ، ومناماً رآه العتبي ، وقيل:بل رآه محمد بن حرب الهلالي ، وهم مختلفون في الشعر المذكور فيها ، فجمهور الأئمة لم يستحبوا ذلك ، وإنما ذكره بعض أصحابهم ، ولم يكن الصحابة يفعلون مثل هذا ، ولا هو أيضاً معروف عن التابعين ، ومعلوم أن كل واحد من المسلمين يطلب من مغفرة الله ، وهو مأمور بالاستغفار ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا الله ، قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}

    وفي حديث الاستفتاح الذي في الصحيح عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أنت ربي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق ، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها ، فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت)) رواه مسلم .

    وفي حديث ركوب الدابة الذي رواه أهل السنن عن علي بن أبي طالب أيضاً ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أُتي بدابة ليركبها إذا وضع رجله في الركاب قال: ((بسم الله)) ثم إذا استوى على ظهرها قال: ((الحمد لله)) ثلاثاً.ثم قال {سبحان الذي سخر لنا هذا وما ما كنا له مقرنين ، وإنَّا إلى ربنا لمنقلبون} ثم يكبر ثلاثاً ، ويحمد ثلاثاً ، ثم يقول: (( لا إله إلا أنت)) ثم يضحك ويقول: ((ألا تسألوني مم ضحكت؟ إن الرب ليعجب إذا قال عبده اغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا)) رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

    وكان أصحابه في حياته يأتيه أحدهم فيطلب منه أن يستغفر له كثيراً ، وقد قال تعالى في المنافقين: {وإذا قيلَ لهم تَعَالَوْا يستغفرْ لكم رسول الله لَوَّوْا رؤوسهم ورأيتهم يصدُّون وهم مستكبرون ، سواء عليهم أستغفرتَ لهم أم لم تستغفرْ لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين} .

    وقد قال تعالى في حق غير المنافقين: {فاعف عنهم واستغفرْ لهم وشاورهم في الأمر} .

    وقال تعالى: {واستغفرْ لذنبكَ وللمؤمنينَ والمؤمنات} ، وقال: {ولو أنهم إذْ ظلموا أنفسَهُم جاؤوك فاستغفروا اللهَ واستغفر لهم الرسولُ لوجدوا الله تواباً رحيماً} .

    والمؤمنون شرع لهم أن يستغفر بعضهم لبعض ، وكان الصحابة أيضاً يستغفرون للرسول ، ففي الحديث الصحيح أن الأنصـار قالوا: يغفر الله لرسول الله ، يعطى صناديد نجد ويدعنا.[رواه بنحوه البخاري في كتاب المغازي] .
    وفي الحديث الآخر ، أن عبدالله سرجس قال غفر الله لك يا رسول الله .فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولك)) فقالوا:استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ((ولكم)) ثم قرأ قوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}

    فلما مات لم يكن أصحابه يأتون قبره فيقولون:استغفر لنا. كما كانوا يأتونه في حياته ، وكذلك لما أجدبوا لم يأتوا إلى قبره فقالوا ادع الله لنا. كما كانوا في حياته إذا أجدبوا أتوا إليه فقالوا:ادع الله لنا ؛ بل كانوا هم يدعون الله ، ويستسقون تارة بالعباس ، وتارة بيزيد بن الأسود الجرشي ، فيقولون له: ادع لنا،ويقولون: اللهم إنا نتوسل إليك به ، أي بدعائه وشفاعته ، وكثيراً من الأوقات لا يستسقون الله بأحد ؛ بل يدعون الله تعالى.

    وكذلك الاستنصار ، كانوا في حياته يقولون: يا رسول الله ، ألا تدعوا لنا ، ألا تستنصر لنا؟ وأما بعد وفاته فلم يكونوا يفعلون ذلك ؛ بل كانوا هم يدعون الله تعالى ، ويستنصرونه ، يعتدّون به ، وكان عمر لما غزا النصارى يقنت عليهم في الصلاة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت على الكفار ، وكان عمر يدعو بدعاء يناسب ذلك فيقول: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ، الذين يصدون عن سبيلك ، ويبدلون دينك ، ويكذبون رسلك .[رواه أحمد مرفوعاً،وقال الهيثمي:رجال أحمد رجال الصحيح]
    ونحو ذلك ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت يدعو للمؤمنين ، ويلعن الكفار ، ويدعو بدعاء يناسب ذلك مثل قوله: ((اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين)) رواه البخاري،ومسلم واللفظ لمسلم.

    وكذلك لما استسقى عمر بالعباس قال:اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون.رواه البخاري في صحيحه.

    وكان توسلهم في حياته توسلاً بدعائه ، وشفاعته ، واستسقائه لهم ، فلما مات لم يطلبوا ذلك منه بعد موته ، ولا قالوا: ادع لنا ؛ بل توسلوا بدعاء العباس
    ) .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً ومتناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 12.10.08 10:06

    إتمام الكلام المحتوي بيان ضعف بقية روايات الأعرابي

    قد بينا على حلقتين الكلام على رواية الأعرابي المكذوبة على لسان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والرواية الثانية المكذوبة المنقطعة عن العتبي ، وبقي بعض روايات هي أوهى وأضعف ، ولكن لإقامة الحجة ، وبيان كذب أدعياء المحبة ، وسلوكهم القبيح بتتبع الحكايات والمنامات والأحاديث الموضوعة ، ورميهم لإتباع محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء بالأمر باتباع السنة ، فإلى بقية الروايات الواهية .
    والعجب رميهم للآيات وصحيح الآثار ، بقبيح الأعمال أعرابي أو منام أو وحي من شيطان ، وهو الغالب على من خذل ، فإن الإمام الزاهد الحنبلي عبدالقادر الجيلاني ظهر له الشيطان يحدثه من الغيب فيقول أنا ربك وقد أسقطت عنك التكاليف ، فقام العارف (حقاً) بالله ، فقال أخسأ فما أنت إلا الشيطان ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فالله لا يرى في الحياة الدنيا ، كما جاء في الآي والحديث ، فخرس الصوت .. هذه حقائق العارفين ، وكنز العالمين ، بمصدر تلقي هذا الدين ، لا الأغبياء الأشقياء الكذابين ، الأدعياء فعلى المدعي البينة ، ولا نرى بينة أبداً إلا تدينهم!!

    أحبتي الأفاضل ..
    هذا رابط للمقال السابق والذي بعنوان:
    البروق السنية في كشف أباطيل حديث الأعرابي سنداً وتمناً وقمع أصحاب الاستغاثات الشركية
    وكذلك علقنا على الآية التي يحرف معناها بعض أهل البدع ومحبي الاستغاثات الشركية بعنوان:
    إتحاف أهل السنة والجماعة بالرد على من استدل على هذه الآية بجواز الاستغاثة


    وكانت الحلقة الثانية بهذا العنوان ويليها رابطها:
    الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي : أو إتمام الكلام على حديث الأعرابي

    [كلها في الأعلى]


    الروايات الأخرى

    وحيث أن القصة كذب في كذب ، ورويت بأسانيد منقطعة ، عن أشخاص عدة ، وبروايات متضاربة مختلفة ، فهذا يبطل الاستشهاد بمثلها ..

    (
    وقد رويت هذه القصة، لا عن العتبي ، إنما رويت أيضاً عن محمد بن حرب الهلالي عن الأعرابي وتارة عن محمد بن حرب الهلالي عن أبي محمد الحسن الزعفراني عن الأعرابي.

    والزعفراني هذا من أجلة أصحاب الشافعي وأعيانهم توفي سنة 249 رحمه الله ؛ فكيف يمكنه الرواية عن الأعرابي الذي تقدمه كل هذا الزمن.؟؟!!

    وإنك يا أخي لترى هذا الاضطراب البالغ فتارة يروون هذه القصة عن علي ، وتارة عن العتبي الذي كلفه الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام أن يلحق بالأعرابي ويبشره بالمغفرة ، وتارة أخرى يقولون أن محمد بن حرب الهلالي هو الذي رأى الأعرابي وهو الذي رأى الرسول في المنام وكلفه أن يبشره بالمغفرة ، وطوراً يقولون بل الحسن الزعفراني هو الذي رأى الأعرابي ورأى المنام .

    ثم اضطرب في اسم محمد بن حرب الهلالي ، فتارة يقولون هو محمد بن حرب الهلالي ، وتارة يذكره الزبيدي في كتابه أحياء علوم الدين أنه محمد بن كعب الهلالي.

    ثم إن الهلالي تأخر والله أعلم في الوفاة عن شيخه الزعفراني الذي توفي سنة 249 فكيف يمكنه الرواية عن الأعرابي الذي يعزون زمن قصته إلى ثلاثة أيام خلت من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!!!!!!!!
    )أهـ
    "التوصّل للرفاعي"

    قال ابن عبدالهادي رحمه الله في الصارم المنكي:
    (
    هذه الحكاية التي ذكرها السبكي ، بعضهم يرويها عن العتبي لبلا إسناد!!!
    وبعضهم يرويها عن محمد حرب الهلالي عن الأعرابي.
    وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن الحسن الزعفراني عن الأعرابي.
    وقد ذكرها البيهقي في كتاب "شعب الإيمان" بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد البصري حدثني أبو حرب الهلالي [ويورويها بنحو ما تقدم بالرابط]
    وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    وفي الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما تقوم به حجة على مطلوب المعترض ، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ، ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم وبالله التوفيق
    ) أهـ

    قال محمد نسيب الرفاعي في بيانه الفريد "التوصّل إلى حقيقة التوسل" :
    ( قلتُ: ولا ندري من هو هذا الأعرابي الذي أقاموا الدنيا وأقعدوها بقصته إنهم لا يسمونه ولا في رواية من جميع رواياتهم فيكون الأعرابي أخيراً مجهولاً غير معروف )



    هب أن الروايات صحيحة فهل هي حجة؟!


    سؤال يفرض نفسه هل مثل هذه الحكايات حجة؟!هل يثبت بها حكم شرعي؟!


    يقول عبدالله بن علي في "الصراع" بعد أن ذكر الخلاف في الراوي:
    ( ..
    ولكن لا يوجد شيء من ذلك إسناد ينظر إليه ، ولم تخرج كتب الحديث المحترمة ، ولم يصححها أو يحسنها أحد من أهل العلم والدراية.
    وإنما يذكرها بصيغة التمريض ، فيقولون:يروى عن العتبي كذا.
    ومثل هذا لا يقول أحد من أهل العلم:إنه يجوز للاحتجاج به.
    فالحكـــــــاية باطلة من الأساس.

    ولو فرض أنها صحيحة الإسناد لما دلت على شيء مما يذهبون إليه.
    وذلك أن هذا فعل أعرابي من نكرات الأعراب ، والأعراب ليسوا حججاً في دين الله.
    ولو أن العتبي نفسه الذي شهرت عنه الحكاية فعل ذلك لما كان فعله حجة ولا مقبولاً ، فكيف بفعل أعرابي يروي عن العتبي والعتبي ليس معروفاً بالحديث ولا بالدين. وقد ذكر الخطيب البغدادي في التاريخ وقال عنه: "كان صاحب أخبار ورواية للآداب ، وكان من أفصح الناس .." ولم يذكره بتزكية ولا بتوثيق ولا بحديث ، وإنما ذكره بالشعر وروايته.وقال بلغني أنه مات سنة 228."


    ويقول محمد نسيب الرفاعي في كتابه القيم "التوصّل" :
    (
    وعلى فرض صحة الروايات ، وأنها قصة واقعة فأي احتجاج ينهض من عمل هذا الأعرابي المجهول؟ ومتى كان الأعراب يؤخذ عنهم العلم؟ اللهم إلا إذا كان الأعرابي صحابياً ، فعلى الرأس الأعرابي الصحابي نأخذ عنه ولو كان مجهول الاسم فهذا لا يضر الصحابي في شيء ، وأروني صحابياً واحداً ثبت أنه فعل فعلَ ذلك الأعرابي المزعوم ، ثم وعلى فرض أن الحادثة واقعية ، أي حجة للقوم على جواز ما يزعمون من التوسل بذوات المخلوقين ، إن عمل الأعرابي من أوله إلى آخره صحيحاً كان أو موضوعاً ليس فيه أي دليل على جواز التوسل بالمخلوقين وإن عمله لم يكن قط توسلاً بالرسول صلى الله عليه وسلم.
    وكل ما في الأمر أنه أتى متأولاً للآية {ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاؤوك ..ْ ظاناً أنه يمكن أن يستغفر له الرسول بعد وفاته ، وأن يشفع له ، في الوقت الذي لمّا يحن بعد زمن الشفاعة ، وما وقتها وزمنها إلا بعد يوم القيامة وبعد الإذن منه تعالى لمن يشاء ويرضى.


    وحتى أن في بعض الروايات عن الأعرابي زيادة بيت على البيتين اللذين أنشدهما أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.ففي الرواية ينشد الأعرابي ثلاثة أبيات:
    يا خير من دفنت في القاع أعظمهُ .. فطاب من طيبهن القاع والأكم
    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه … فيه العفـاف وفيه الجود والكرم
    أنت النبي الذي ترجى شفاعته … عند الصراط إذا ما زلت القدم


    وهكذا ترى يا أخي أن الأعرابي هذا يروون عنه أنه أنشد الأبيات الثلاثة وفي آخرها كما ترى:
    أنت النبي الذي ترجى شفاعته … عند الصراط إذا ما زلت القدم
    فإن الأعرابي يقر بأن الشفاعة لا ترجى من الرسول إلا عند الصراط وذلك يوم القيامة فكيف يطلبها في الدنيا؟؟!!
    هذا تنــــــــــــــــــــاقض واضح!!! واضطـــــراب في الروايات بالغ!!!
    يدل كما قلنا على عدم صحة الرواية عن الأعرابي
    .

    والحقيقـــــــــــة:
    إنه ليس هناك أعرابي ولا غيره ولا وقعت الحادثة أصلاً إنما هي موجودة في مخيلات من اخترعوها ووضعوها وكذبـــــوا بها على الله وعلى رسوله وعلى الناس أجمعين .
    فإن كانوا قد تـــابوا إلى الله مما فعلوا .. وإلا فندعو الله تعالى أن يعاملهم بما يستحقون من عدله جزاء ما اقترفوا من الأثام فضلوا وأضلوا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
    )



    والنقل
    لطفــــــاً .. من هنـــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 15:41