خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    إثبات صفة الهرولة موافقة للنصوص

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية إثبات صفة الهرولة موافقة للنصوص

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 27.09.08 17:38

    صفة الهرولة صفة قعلية اختيارية أخطأ بعضهم فأولها لقياسه الخالق بالمخلوق فظن أن ما يلزم المخلوق حال الهرولة يلزم الخالق، والله سبحانه وتعالى لايدرك بقياس ولايقاس بالناس لاإله إلاّ هو. وإنما أتي هؤلاء لتشبيههم ابتداء فجرهم هذا التشبيه إلى التعطيل.

    وليس في إثباتها صفة لله ما يستشنع إذا علم أن الهرولة في اللغة هي ضرب من الإتيان في سرعة، وأهل السنة يثبتون الإتيان والمجيء.

    وقد أثبتها الدارمي في رده على بشر المريسي، وأبو إسحق الحربي في غريب الحديث، وأبو موسى المديني في المجموع المغيث، وممن أثبتها القاضي أبو يعلى حيث قال معلقاً على هذا الحديث: لا يمتنع الاخذ بظاهر الاحاديث في إمرارها على ظواهرها من غير تأويل، وكذلك عبدالله بن محمد الهروي، في كتابه الأربعين في دلائل التوحيد، باب الهرولة لله عزوجل، وهو ظاهر صنيع البخاري رحمه الله حيث أورد الحديث في كتاب التوحيد من صحيحه وهذا الكتاب ذكره مقرراً صفات الباري سبحانه، ويؤكد هذا إيراده له في الرد على أهل التعطيل، وهو ظاهر صنيع ابن حبان في تبويبه على الحديث، وهو قول المباركفوري وغيرهم.

    قال الشيخ عبدالعزيز بن باز في معرض رده على سائل سأله عن الحديث: "ومن تقرب إلى باعا تقربت منه ذراعاً ومن أتاني يبمشي أتيته هرولة" وقد ذكر عبث بعض المحققين بتأويله: "ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعوا هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.

    فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة وإتيانه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده وهكذا استواؤه على العرش، وهكذا نزوله في آخر الليل كل ليلة، كلها صفات تليق بالله جل وعلا، لا يشابه فيها خلقه فكما أن استواءه على العرش، ونزوله في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل، ومجيئه يوم القيامة، لا يشابه استواء خلقه ولا مجيء خلقه ولا نزول خلقه؟ فهكذا تقربه إلى عباده العابدين له والمسارعين لطاعته، وتقربه إليهم لا يشابه تقربهم، وليس قربه منهم كقربهم منه، وليس مشيه كمشيهم، ولا هرولته كهرولتهم (بل هو شيء) يليق بالله لا يشابه فيه خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات، فهو أعلم بالصفات وأعلم بكيفيتها عز وجل. وقد أجمع السلف على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت واعتقاد معناها وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق، كما قال عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ

    وقال عز وجل: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 74] . وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11]. فرد على المشبهة بقوله: "ليس كمثله شيء" وقوله: "فلا تضربوا لله الأمثال" ورد على (المعطلة) بقوله: "وهو السميع البصير" وقوله: "قل هو الله أحد الله الصمد" "إن الله عزيز حكيم" وقوله: "إن الله سميع بصير" وقوله: "إن الله غفور رحيم" "إن الله على كل شيء قدير" إلى غير ذلك.

    ". أهـ المراد.
    http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=4452

    وقد ورد في الفتوى ( رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/142) ما يلي :
    س : هل لله صفة الهرولة ؟
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه …وبعد
    ج: نعم صفة الهرولة على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به قال تعالى : " إذا تقرب إلي العبد شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً وإذا أتاني ماشياً أتيته هرولة " رواه : البخاري ومسلم
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"

    وقال العلامةالألباني في فتاوه: "الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها".

    وقد أثبتها من الثبات المعاصرين العلامة عبدالرزاق عفيفي والشيخ ابن عثيمين وابن غديان وابن قعود وفئام ممن عرفوا طريق أهل الحق والسنة.

    ولم يؤثر عن أحد من السلف في القرون الثلاثة المفضلة تأويل هذه الصفة، وقد حكى الترمذي بعدهم تأويل البعض لها ولم يسمهم ولم يصرح بموافقتهم، فمن تشبث بحرف الإمام الترمذي ورماه بقول لم يقل به ثم ضرب بأقول من سبق من الأئمة عرض الحائط فقد أعظم الفرية وأكبر الجناية.

    والله أعلم.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: إثبات صفة الهرولة موافقة للنصوص

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.09.08 11:12

    صحيح ابن حبان ج3/ص94
    قال أبو حاتم رضي الله عنه الله أجل وأعلى من أن ينسب إليه شيء من صفات المخلوق إذ ليس كمثله شيء وهذه ألفاظ خرجت من ألفاظ التعارف على حسب ما يتعارفه الناس مما بينهم ومن ذكر ربه جل وعلا في نفسه بنطق أو عمل يتقرب به إلى ربه ذكره الله في ملكوته بالمغفرة له تفضلا وجودا ومن ذكر ربه في ملأ من عباده ذكره الله في ملائكته المقربين بالمغفرة له وقبول ما أتى عبده من ذكره ومن تقرب إلى الباري جل وعلا بقدر شبر من الطاعات كان وجود الرأفة والرحمة من الرب منه له أقرب بذراع ومن تقرب إلى مولاه جل وعلا بقدر ذراع من الطاعات كانت المغفرة منه له أقرب بباع ومن أتى في أنواع الطاعات بالسرعة كالمشي أتته أنواع الوسائل ووجود الرأفة والرحمة والمغفرة بالسرعة كالهرولة والله أعلى وأجل))


    تحفة الأحوذي ج10/ص47
    قال النووي هذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهرة ومعناه من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة أو إن زاد زدت فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه انتهى

    وكذا قال الطيبي والحافظ والعيني وبن بطال وبن التين وصاحب المشارق والراغب وغيرهم من العلماء ))

    طرح التثريب في شرح التقريب ج8/ص222
    قال الخطابي هذا مثل ومعناه حسن القبول ومضاعفة الثواب على قدر العمل الذي يتقرب به العبد إلى ربه حتى يكون ذلك ممثلا بفعل من أقبل نحو صاحبه قدر شبر فاستقبله صاحبه ذراعا وكمن مشى إليه فهرول إليه صاحبه قبولا له وزيادة في إكرامه وقد يكون معناه التوفيق له والتيسير للعمل الذي يقربه منه وقال القاضي عياض قيل يجوز أن يكون معنى من تقرب إلي شبرا أي بالقصد والنية قربته توفيقا وتيسيرا ذراعا وإن تقرب إلي بالعزم والاجتهاد ذراعا قربته بالهداية والرعاية باعا وإن أتاني معرضا عمن سواي مقبلا إلي أدنيته وحلت بينه وبين كل قاطع وسبقت به كل صانع وهو معنى الهرولة وقال النووي هذا من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره ومعناه من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة وإن زاد زدت وإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه ))

    تأويل مختلف الحديث ج1/ص224
    ومن أتاني يمشي أتيته هرولة

    قال أبو محمد ونحن نقول إن هذا تمثيل وتشبيه وإنما أراد من أتاني مسرعا بالطاعة أتيته بالثواب أسرع من إتيانه فكنى عن ذلك بالمشي وبالهرولة كما يقال فلان موضع في الضلال والإيضاع سير سريع لا يراد به أنه يسير ذلك السير وإنما يراد أنه يسرع إلى الضلال فكنى بالوضع عن الإسراع وكذلك قوله والذين سعوا في آياتنا معاجزين والسعي الإسراع في المشي وليس يراد أنهم مشوا دائما وإنما يراد أنهم أسرعوا بنياتهم وأعمالهم والله أعلم))

    الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ج3/ص337

    حدثنا القافلائي قال ثنا الصاغاني قال ثنا علي بن بحر بن بري قال ثنا جرير وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله........... وإن أتاني يمشي أتيته هرولة صحيح متفق عليه

    268 قال ابن نمير فقلت للأعمش من يستشنع هذا الحديث فقال إنما أراد في الإجابة أثر الأعمش لم أقف على إسناده ))



    ايضاح الدليل ج1/ص99 بن جماعة:
    ومنها كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وإن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة

    وكذلك قوله مرضت فلم تعدني واستطعمتك فلم تطعمني واستكسوتك فلم تكسني أنا جلس من ذكرني الكبرياء ردائي والعظمة إزاري

    كل ذلك لا يشك عاقل لا يرتاب أن ظاهر ذلك غير مراد ومن خالجه عقله بخلاف ما قلناه فغير مستحق لخطاب أورد جواب ))
    ايضاح الدليل ج1/ص169
    كقوله فإن أتاني يمشي أتيته هرولة تمثيل للمبالغة في إسراع المجازاة والإقبال ومن حمل الضحك على ظاهره فمبتدع مجسم وأما رواية من روى عجب ربكما فالمراد))

    لا نوافقه على هذا الكلام ونبرأ منه


    مدارج السالكين ج3/ص272
    أسرع المشي حينئذ إلى ربه فيذوق حلاوة إتيانه إليه هرولة وههنا منتهى الحديث منبها على أنه إذا هرول عبده إليه كان قرب حبيبه منه فوق هرولة العبد إليه فإما أن يكون قد أمسك عن ذلك لعظيم شاهد الجزاء أو لأنه يدخل في الجزاء الذي لم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر أو إحالة له على المراتب المتقدمة فكأنه قيل له وقس على هذا فعلى قدر ما تبذل منك متقربا إلى ربك يتقرب إليك بأكثر منه وعلى هذا فلازم هذا التقرب المذكور في مراتبه أي من تقرب إلى حبيبه بروحه وجميع قواه وإرادته وأقواله وأعماله تقرب الرب منه سبحانه بنفسه في مقابلة تقرب عبده إليه

    وليس القرب في هذه المراتب كلها قرب مسافة حسية ولا مماسة بل هو قرب حقيقي والرب تعالى فوق سماواته على عرشه والعبد في الأرض

    وهذا الموضع هو سر السلوك وحقيقة العبودية وهو معنى الوصول الذي يدندن حوله القوم

    وملاك هذا الأمر هو قصد التقرب أولا ثم التقرب ثانيا ثم حال القرب ثالثا وهو الانبعاث بالكلية إلى الحبيب

    وحقيقة هذا الانبعاث أن تفنى بمراده عن هواك وبما منه عن حظك بل يصير ذلك هو مجموع حظك ومرادك وقد عرفت أن من تقرب إلى حبيبه بشيء من الأشياء جوزي على ذلك بقرب هو أضعافه وعرفت أن أعلى أنواع التقرب تقرب العبد بجملته بظاهره وباطنه وبوجوده إلى حبيبه فمن فعل ذلك فقد تقرب بكله ولم تبق منه بقية لغير حبيبه كما قيل

    لا كان من لسواك فيه بقية يجد السبيل بها إليه العذل


    وإذا كان المتقرب إليه بالأعمال يعطي أضعاف أضعاف ما تقرب به فما الظن بمن أعطي حال التقرب وذوقه ووجده فما الظن بمن تقرب إليه بروحه وجميع إرادته وهمته وأقواله وأعماله ))


    جامع العلوم والحكم ج1/ص37
    وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ومن فهم شيئا من هذه النصوص تشبيها أو حلولا أو اتحادا فإنما أتى من جهله وسوء فهمه عن الله عز وجل وعن رسوله والله ورسوله بريئان من ذلك كله))



    والنقل
    لطفـــــــــــــاً .. من هنـــــــــــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: إثبات صفة الهرولة موافقة للنصوص

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.09.08 11:22

    سئل الشيخ ناصر العقل حفظه الله عن صفة الهرولة في شرح لمعة الاعتقاد:فقال:

    القاعدة الأولى: أن أي نص يأتي مقابل أفعال العباد بشكل صريح فإنه لابد أن يذكر لازمه، بمعنى أنه جاء ذكر المهرولة هنا مقابل المشي من العباد، ونحن نعلم أن هذا لم يعد تصويرا لعالم الغيب، بل فيه جزء من عالم الشهادة، ما هو عالم الشهادة الذي نعلمه؟ الذي نعلمه أن العباد حينما يعبدون الله -عز وجل- يعبدونه بالصلاة والصيام والحج وسائر العبادات، هذه تسمى مشيا إلى الله -عز وجل- يعني سيرا في طريق العبادة، ليس المشي بمعناه الكيفي الذي هو المشي بالأرجل فقط، فمن هنا أيضًا النص الذي جاء يقابله عرفنا أن من لوازمه أن هذا جاء من باب الجزاء، فيجازيه الله -عز وجل- بأعظم مما فعل، لكن كلمة هرولة أيضًا لها قاعدة ثانية، وهي أن مثل هذه الألفاظ هي حقائق عن الله -عز وجل- لا نثبتها لله على نحو ما هو معهود عند البشر؛ لأن الله -عز وجل- ليس كمثله شيء، لكن نثبت أنها حقيقة على ما يليق بجلال الله، إذن عندنا اللفظ وحقيقته، وعندنا لازم اللفظ، فلازم اللفظ معلوم؛ لأنه ربط العمل بالجزاء، فالعمل هو مشي العباد إليه -عز وجل- بالعبادات، والجزاء هو يعني أن الله -عز وجل- يضاعف لهم الجزاء.

    الجانب الآخر أعود مرة ثانية للفظ هرولة: هذا من الألفاظ الغيبية، لا نخوض فيها، وهذا هو الذي ينطبق عليها قول الصحابة: «أمِرُّوها كما جاءت» ينطبق على مثل هذه الألفاظ المجملة المحتملة لمعانٍ، فهي حقيقة على ما يليق بجلال الله، والتشبيه الذي يتوهمه المئولة ممنوع قطعًا فمن هنا لا نزيد عن أن نقول: الله أعلم بمراده، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- حق على حقيقته.

    http://www.islamacademy.net/Index.as...d=3527&lang=Ar

    ========

    سئل شيخنا الفاضل ناصر العقل -حفظه الله-هذا السؤال:

    السائل :: حقيقة التفويض وهل له وجود في العصر الحاضر؟.

    نعم، التفويض موجود أولاً والأمر الآخر حقيقته هي التخلي عن الإثبات، التنصل من الإثبات، وهذا لا شك أنه يعتبر نوع من الإلحاد غير الظاهر، يعني يعتبر نوعًا من الإنكار التعطيل على لغة السلف، التعطيل هو إفراغ ألفاظ الأسماء والصفات عن معانيها، إفراغها من حقيقة، إذن فالتفويض هو الهروب من إثبات الحقيقة، الهروب من إثبات الحق والحقيقة، أحيانًا يكون عن عجز وعن جهل، فهذا لعل صاحبه معذور حتى يتعلم، لكن يشكل أنه في بعض الأحيان الأخرى يكون عن منهجية بدعية، التي هي قصد عدم الإثبات، قصد النفور من التشبيه بطريقة خاطئة، واعتقاد أن إثبات الأسماء والصفات تشبيه أو تجسيد فهذا الاعتقاد الباطل أحيانًا يجر إلى التفويض، بمعنى أن بعض الناس قد لا يجرؤ أن يؤول أو ينكر فيقف موقف سلبي يقول: أنا لا أثبت ولا أؤول ولا أنكر فهذا كأنه تنصل من إثبات الحقيقة، وهذا أيضًا عين الباطل، إذن فأقول: نعم التفويض أحيانًا يكون منهج، وهو هروب من الإثبات، وأحيانًا يكون التفويض عن جهل وعجز، فهذا لعل صاحبه معذور حتى يتعلم.

    http://www.islamacademy.net/Index.as...d=3524&lang=Ar
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: إثبات صفة الهرولة موافقة للنصوص

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.09.08 11:36

    تخطّي العرقلة بتثبيت قيد الهرولة : [size=21]

    " سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر" ، لا يضرّك بأيّهنّ بدأتَ ، وبعد :
    فقد بدأ الكلام في فعل الهرولة يطول ، وأخذت الردود تصول وتجول ، حتّى وصل الأمر إلى ذكر القيد والإطلاق ، وانقسم الفريق إلى مثبت للقيد ومتمسّك بالمطلق وثالث في حيرة وشقاق ، فأردت المشاركة في الردّ ، واللّه من وراء القصد ، وهو يهدي السبيل ، فأقول ، ومن اللّه أستمدّ على حصول المأمول :


    1- الحديث عن الإطلاق والتقييد في باب أفعال الرّبّ وصفاته يشوبه الإجمال ولذا لزم البيان ، لكن الكلام هنا متّجه إلى فعل الهرولة لأنّه سبب النّقاش فليعلم :

    (أ) فإن كان المراد منه هنا الفعل الإختياري فهو مطلق لا مقيّد ، والمقصود بالمطلق أنّ الفعل وهو المجيء والإتيان هرولة من فعل الذات فاللّه هو الذي يأتي ويجيء يهرول لا شيئا آخر غيره ، وأمّا المخالف فعنده مقيّد ومقصوده إتيان ومجيء الرحمة والخير وسرعة الإستجابة وغير ذلك من الصفات والكنايات والمجازات وليس عنده ربّ يهرول لنفيه قيام الذات بالأفعال الإختياريّة ، وإن كان التحقيق في مقام التوفيق أنّ اللّه يأتي ويجيء يهرول ويأتي ويجيء بالخير والرحمة والرّضا أيضا لأنّ هذه الصفات لا تنفكّ عن الذات العليّة والممتنع من يثبت إتيان الصفات دون الذات لأنّ الصفات والأفعال الإلهيّة ليست مخلوقة أو منفصلة عنه حتّى يكون ذلك التأويل الفاسد ، فالإتيان من فعله تعالى لا من فعل غيره .

    (ب) وإن كان المراد منه الأثر في الخلق فهو مقيّد مخصوص لا مطلق ، والمقصود بالمقيّد المخصوص الإختصاص الجزائي وهو لفئة خاصّة مقيّدة بفعل الشرط ، والجزاء بعد الشرط والوفاء ، فمن العبد الوفاء بالشرط ومن اللّه الوفاء بالوعد ، ومن المألوه القرب بالمشي ومن الإله القرب بالهرولة ، قال شيخ الإسلام رحمه اللّه :" ففي الجملة ما نطق به الكتاب والسنة من قرب الرّب من عابديه وداعيه هو مقيد مخصوص لا مطلق عام لجميع الخلق ".( مجموع الفتاوى ج5 ص247). وقال أيضا رحمه اللّه :" وليس في الكتاب
    والسنّة قطّ قرب ذاته من جميع المخلوقات في كلّ حال فعلم بذلك بطلان قول الحلوليّة فإنّهم عمدوا إلى الخاص المقيد فجعلوه عاما مطلقا ".(مجموع الفتاوى ج5 ص130و240)

    2- النصّ الوارد فيه فعل الهرولة الإختياري من الربّ جلّ وعلا ، فيه الهدى والشفاء والذي بلّغه بلاغا مبينا هو أعلم الخلق بربّه وأنصحهم لخلقه وأحسنهم بيانا وأعظمهم بلاغا ، فلا يمكن أحد أن يعلم ويقول مثل ما علِمه الرّسول وقاله ، وكلّ من منّ الله عليه ببصيرة في قلبه تكون معه معرفة بهذا ، قال تعالى : )وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( [سبأ : 6] وقال في ضدّهم :)وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ( [الأنعام : 39] ( أنظر مجموع الفتاوى ج5 ص244 ).

    3- المخاطَب لا يفهم من سياق الكلام المسموع من النصّ إلاّ ما إلتصق بالذهن وما تبادر إلى الفهم الأوّلي من معنى صافٍ قبل أن تدوسه أقدام التّأويل الغارقة في الوحل .


    4- لا نعرف ما غاب عنّا إلاّ بمعرفة ما شهدناه ، وقد عرفنا أنّ الجزاء على الخير وبالفعل العظيم لا يترتّب إلاّ على فعل من العبد فيه خير عظيم ، فالخير بالخير عدل ، وزيادة الخير على الخير فضل .

    5- نثبت للباري فعل الهرولة الإختياري كفعل قائم به وهو يستلزم القدرة والإرادة والعلم والحفظ والإحاطة ، فما شاء قاله وتكلّم به وما شاء فعَله في الحال والماضي والمستقبل ، وما خصّه لأهل الفضل فهو منه عدل وزيادة في الفضل ، كما أنّ هذا الفعل لا يكون بدون قيام الذات به ، لأنّه ليس فعلا مخلوقا ولا منفصلا عن الذات حتّى يكون ذلك التّأويل المبتدع ، فالإتيان والمجيء هرولة هو من فعله تعالى لا من فعل غيره .

    6- إنّ هذه الهرولة المقدّسة المباركة لو كانت مطلقة لما اختصّت بالعبد الذي يأتي مشيا في طاعة مولاه ، ففي هذا الإختصاص وفي هذه الشرطيّة وبمثل هذه الحيثيّة في السّياق دلالة على أنّ هذا الفعل في مقابل ذاك الفعل ، والحديث ناطق بذلك .

    7- النصّ صريح في أنّ هذا الفعل الإختياري من الرّبّ جلّ وعلا يقع على فعل العبد الإختياري فضلا وكرامة ، فهو من الفضل لا العدل ، وهو صريح لا يحتاج لدلالته على مذهب المبتدعة الباطل أن يخرج عن ظاهره ويُزاد فيه أو يُنقص منه ، فإنّ الزيادة والنقصان لا يرتضيه من في قلبه ذرّة من إيمان لأنّه دلالة على التحريف والتغيير وهذا مذهب أهل البدع .

    8- هناك أفعال إختيارية من المخلوق دلّت نصوص شرعيّة على الجزاء الإلهي فيها باختصاصها دون غيرها لأفعال إختياريّة من الخالق جلّ وعلا عدلا أو فضلا ، وهدفه الإجرائي في هذا المقام فعل الهرولة ، وإلاّ فلو قدر أنّ أحدا لم يأته يمشي لم يحصل منه سبحانه ذلك الدنو إليه بالهرولة واللّه أعلم .

    9- إنّ هذا الفعل الإختياري لا بدّ له من وجود متعلّق من المخلوق ، ولذا خلق اللّه في العبد الطّائع فعل المشي إليه سبحانه وتعالى ليظهر أثر هذا الفعل ، فما أعظم إحسان الرّبّ الذي وفّقنا للمشي قربة منه ثمّ أكرمنا بقربٍ منه .

    10- الهرولة من الربّ قرب خاص من العابد ، وهناك قرب خاص من السّائل والدّاعي )وَإِذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ( [البقرة : 186]، وأمّا قربه تبارك وتعالى من محبّه فنوع آخر وبناء آخر وشأن آخر:" فَإِذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا " أخرجه البخاري ، وقد ضعف تمييز خلائق في هذا المقام وساء تعبيرهم .(أنظر بدائع الفوائد ج3 ص519)

    11- الأفعال التي حدثت بعد أن لم تكن لم يكن وجودها قبل وجودها كمالا ولا عدمها نقصا فإن النقص إنما يكون إذا عدم ما يصلح وجوده وما به يحصل الكمال وما ينبغي وجوده ونحو ذلك ، والرب تعالى حكيم في أفعاله وهو المقدِّم والمؤخِّر فما قدّمه كان الكمال في تقديمه وما أخّره كان الكمال في تأخيره كما أنّ ما خصّصه بما خصّصه به من الصّفات فقد فعله على وجه الحكمة وإن لم نعلم نحن تفاصيل ذلك واعتبر ذلك بما يحدِثه من المحدثات .( أنظر درء التعارض ج4 ص10).

    12- لو لم يكن في ثواب القرب بالمشي في طاعة اللّه إلاّ الفوز بقرب اللّه وما أراده اللّه وشاءه من ذلك الفعل الرّبّاني الإختياري ، لكان في العقل أمر بها أو متوقّع لذلك ، ولكن لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع ولا مقرّب لمن باعد ولا مبعّد لمن قرّب ،) وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ( [الحج : 18] ( أنظر الجواب الكافي ج1 ص54).


    13- لحديث الهرولة دلالة بمنطوقه ودلالة بإيمائه وتعليله ودلالة بمفهومه ، فدلالته بمنطوقه على هرولة الرّبّ سبحانه بما يليق به ، ودلالته بإيمائه وتعليله على أنّ الهرولة جزاء ووعد مستحق بفعل الشرط من مشي العبد في الطاعة بإخلاص ومتابعة وهو السّبب في ذلك ، ودلالته بمفهومه على بعد اللّه من غير المطيعين وحرمانهم فعل اللّه الإختياري وما تضمّنه من فضل ، فهذه ثلاث دلالات لهذه الجملة ، والعلم للّه اللّطيف الخبير .

    14- من العدل التفريق بين الجهمي وبين من وقع تفسيره يضاهي الجهميّة وهو ليس بالجهمي فالأوّل خطأه في الأصل والثاني في الفرع وكلاهما قالا: أنّ الهرولة أوالقرب في النص يعني الإثابة وسرعة المغفرة أو كناية عن كذا ، لكن مراد الجهميّ غير مراد غيره ممّن ضاهاه في اللّفظ فإنّ الأوّل ليس عنده قرب ولا تقريب أصلا ولا يثبث فعلا إختياريّا بالمرّة بخلاف الثاني فإنّه يثبت لكن رأى للنصّ منحى آخر فتأوّله ، ) رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ( [غافر : 7] .

    15- الجزاء يكون بعد القيام بفعل الشرط ، وقد دلّ الحديث على تحقّق فعل الهرولة من الربّ جلّ وعلا بعد تحقّق الشرط من فعل العبد ، وهذا كمثل قول المصلّي سمع اللّه لمن حمده ، فالسّماع والذي هو بمعنى الإستجابة يكون بعد الحمد من العبد والذي هو استجابة للعبوديّة ، فمن قال إنّ الإستجابة لا تزال تحصل للعبد حمد أم لم يحمد ، فقد أخطأ كمثل من زعم أنّ اللّه يأتي هرولة للعبد أطاع أم لم يطع ، ومشى في ذلك أم لم يمش .

    16- في حديث الهرولة دلالة على إثبات الرّبّ بصفاته لاستحالة صدور الفعل الإختياري من معدوم أو موجود لا قدرة له ولا حياة ولا علم ولا إرادة ، كما فيه دلالة على وجود المربوب وحصول الطاعة وترتيب الثواب ، والذي يجب إعتقاده أيضا أنّ الهرولة من أفعاله تعالى الإختياريّة قديمة النوع حادثة الآحاد ، والفعل لا يفارق فاعله ، فلا فعل بدون فاعل ولا فاعل بدون فعل ، كما أنّ هذا الفعل دلالة على قربه تعالى من عبده قربا خاصّا لا عامّا وهو يستلزم قرب الرحمة وقرب الإحسان وقرب الإجابة وقرب المحبّة لأنّ هذه الصفات قائمة بالموصوف لا تفارقه .


    17- وفيه دلالة على أنّ العبد غير المعبود وأنّ الرّبّ غير المربوب ، فليس شيئا من ذاته في أوليائه وليس شيئا من أوليائه في ذاته ، فالرّبّ ربّ والعبد عبد ، وما التّباين بين الفعليْن (المشي والهرولة) إلاّ دلالة على تباين الفاعلَيْن (الخالق والمخلوق) وفيه بطلان قول أهل الحلول والإتّحاد .

    18- ومن زعم أنّ هرولة الرّبّ من جنس الهرولة المعروفة والتي إذا قام بها فاعلها مال إلى الماشي إليه وانصرف عن غيره فقد غلط غلطا بيّنا لقياسه الخالق بالمخلوق والرّبّ بالمربوب ، ) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً( [فاطر : 44]

    19- وهل إذا هرول العبد يتغيّر الجزاء؟ الأولى في مثل هذه المضايق الإعتصام بالنّقول


    وإلاّ فالقاعدة : أنّ القرب بأقرب منه فضلا من اللّه ونعمة ، والعبد لا يزال رابحا على ربّه أفضل ممّا قدّم له ، كما أنّ البعد بالبعد لا بأبعد منه وذلك للعدل الإلهي

    وأمّا ابن القيّم رحمه اللّه فقد سال قلمه فقال :" وههنا منتهى الحديث منبّها على أنّه إذا هرول عبده إليه كان قرب حبيبه منه فوق هرولة العبد إليه فإمّا أن يكون قد أمسك عن ذلك لعظيم شاهد الجزاء أو لأنّه يدخل في الجزاء الذي لم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر أو إحالة له على المراتب المتقدمة فكأنّه قيل له وقس على هذا فعلى قدر ما تبذل منك متقربا إلى ربك يتقرب إليك بأكثر منه وعلى هذا فلازم هذا التقرب المذكور في مراتبه أي من تقرّب إلى حبيبه بروحه وجميع قواه وإرادته وأقواله وأعماله تقرّب الرب منه سبحانه بنفسه في مقابلة تقرّب عبده إليه وليس القرب في هذه المراتب كلّها قرب مسافة حسّية ولا مماسة بل هو قرب حقيقي والرب تعالى فوق سماواته على عرشه والعبد في الأرض وهذا الموضع هو سرّ السّلوك وحقيقة العبودية وهو معنى الوصول الذي يدندن حوله القوم ".

    (مدارج السالكين ج3 ص272) ،

    سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلاّ أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .


    ============
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: إثبات صفة الهرولة موافقة للنصوص

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 28.09.08 11:37

    الواجب في الكلام عن الحركة أو غيرها من الأفعال الإختياريّة بل في باب الأسماء والصفات عموما نفيا وإثباتا الرجوع إلى ما قاله اللّه ورسوله ، فليس أعلم باللّه من اللّه وليس أعلم باللّه من الخلق من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأن لا يترك ذلك إلى قول من يفترون الكذب على اللّه ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ويقولون على اللّه ما لا يعلمون

    ووجه ذلك أنّ الكلام إنّما تقصر دلالته على المعاني المرادة منه ويحدث فيه الإضطراب لأحد ثلاثة أمور :

    1) إمّا لجهل المتكلّم وعدم علمه بما يتكلّم به .


    2) وإمّا لعدم فصاحته وقدرته على البيان .


    3) وإمّا لكذبه وغشه وتدليسه .


    ونصوص الكتاب والسنة بريئة من هذه الأمور من كلّ وجه ، فكلام اللّه وكلام رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم في غاية الوضوح والبيان كما أنّها - أي النصوص - المثل الأعلى في الصدق والمطابقة للواقع .


    وبناء على ذلك فإنّ النصوص لم تثبت الحركة للّه كحركة في الوصف والفعل فلم يأت أثر ضعيف فضلا عن صحيح ينسب للّه الحركة أو النقلة ، أو فيه أنّ اللّه يتحرّك أو يتنقّل ، والمتعارف أنّ اللّه لا يثبت له إلاّ أكمل الأفعال فاستدللنا به على أنّ هذا الفعل غير كامل المعنى ، لأنّه لو كان كذلك لأثبته اللّه لنفسه ووصف ذاته به فعُلِم بذاك أنّه ليس كاملا بل إنّه على الأقلّ يحتمل معنى باطلا وآخر حقّا إن لم يكن باطلا من أساسه .

    لكن دلّت نصوص على أفعال إختياريّة يصنّفها العقل كحركة في الفعل مثل المجيء والإتيان والنزول والإستواء وهي دلالة على الحياة وإذا كانت كذلك واحتملت معنى حقّا صحيحا في نفسه وأثبتناه للّه على وجه الكمال فلا مانع منه ، لكن شريطة أن يكون في مقام الردّ والإلزام للخصم لا في مجال تقرير الأصول لأنّ هذا الوصف وببساطة لا يأخذ صفة الكمال وإن كمّلناه ، قال تعالى :) أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ ( الرعد33.


    فالكلام إذاً في الحركة من قبيل الكلام عن المجمل ، والسكوت عن النفي أو الإثبات هو الصّواب إن شاء اللّه ، حتّى يتبيّن المعنى المراد فنثبت المعنى الصحيح وننفي المعنى الباطل والإلتزام بالمعنى الشرعي العتيق هو الأولى في مقام التحقيق، قال تعالى :) هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( [آل عمران : 66].

    وعليه فإن أراد السّائل إطلاق الحركة على النزول أو المجيء أو الإتيان وكلّها ممّا يثبت للّه تعالى فقوله صحيح لصحّة المعنى في نفسه لكن الأكمل والأصحّ إثبات النّزول كنزول والمجيء كمجيء والإتيان كإتيان وهكذا...


    فنخبر عن اللّه كما أخبر عن نفسه فنقول: ينزل ويجيء ويأتي لا أن نقول يتحرّك أو يتنقّل ، وكذلك من نفى الحركة أو النقلة على الإطلاق وأراد بالنفي هنا حاجة اللّه إلى الحركة أو النقلة كحاجة البشر لها في دفع ضرّ أو جلب نفع وصلاح فنفيه صحيح ولا يبدّع في هذا بل تبديعه من البدع إذ يتعالى الربّ أن ينتفع بشيء أو يضرّه شيء ، وإن كان ينفي الحركة عن اللّه ومراده نفي النزول والمجيء والإتيان بما يليق باللّه على وجه الكمال فهو ضال مبتدع

    ومثله من أثبت النزول والمجيء والإتيان مفرَغا من المعنى نافيا الحدوث في الفعل بحيث صار عنده ينزل اللّه وكأنّه لا ينزل ويجيء وكأنّه لا يجيء ويأتي وكأنّه لا يأتي فليس هناك حركة كما هي في الذهن الخارجي فهذا أضلّ وأعرق في الضلالة

    لأنّه يعبد جمادا فعله وعدم فعله سواء ، ولأنّه يظنّ أنّ اللّه يخبر بما ليس يقع وليست أخباره من قبيل الصّدق ،) فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ( [الأنبياء : 22] ، واللّه يحدث من أمره ما يشاء ،)يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ( [الرحمن : 29] .


    وأخيرا بقي أن يقال ما المراد بقول الدارمي رحمه اللّه حين قال :" كلّها أفعال في الذات للذات وهي قديمة ". وقد مرّ هذا النقل أعلاه ، و أراد السائل كشفه وفِطام غموضه ، والجواب بعون الملك الوهّاب : أنّ مراده ـ واللّه أعلم ـ من قوله :" كلّها أفعال في الذات ". أي أنّ هذه الأفعال يقوم بها الربّ في ذاته لا في غيره ويوصف بها هو سبحانه وتعالى فهي أفعال تقوم به فلا هي من غيره ولا غيره قام بها ولا هي ممّا قامت بغير فاعل ، فاللّه سبحانه وتعالى يجيء وينزل ويأتي ويقترب ويهرول حقيقة ، أمّا قوله رحمه اللّه :" للذات وهي قديمة "


    فمقصوده ـ واللّه أعلم ـ أنّ هذه الأفعال الإختياريّة له سبحانه وهو الذي يتصف بها فليست غيره ولا هي مخلوقة فنسلبه صفاته ولا هي هو بل هي له وهي ممّا يستدلّ بها عن ذاته ، وإذا كان سبحانه يحدث من أفعاله في وقت ما لا يحدثه في وقت آخر ، فهو سبحانه لم يزل فعّالا يجيء ويهرول وينزل ويحدث من أفعاله ما يشاء فجنس الأفعال قديمة قدم ذاته تعالى

    وأمّا أفراد هذه الأفعال فحادثة لتعلّقها بالمشيئة وكمال القدرة ، ولا يعتقد أنّ اللّه قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفا بالنقص فهو سبحانه بصفات كمال الذات وصفات كمال الفعل كان في الأزل ولا يزال عليها للأبد وهو سبحانه وتعالى وإن لم يكن فاعلا في شأن ما ، لا يخرج عن كونه فاعلا لقدرته على الفعل ولاستحالة وصفه بضدّ القدرة


    ) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( [يس : 83] .


    [/size]

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 3:57