عقيدة السلف الصالح
للشيخ المحدث محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد . . فإني أعتقد أن الله إله واحد لا إله إلا هو فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . وأنه لا يستحق شيئاً من أنواع العبادة غيره ، وأن من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغيره فهو مشرك كافر ، والعبادة هي : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال كأركان الإسلام الخمسة ، الدعاء والرجاء ، والخوف والتوكل والرغبة والرهبة ، والاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة ، وأنه سبحانه موصوف ومسمى بجميع ما وصف به نفسه وسماه به ، وما وصفه وسماه به رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا وصفاً حقيقياً لا مجازاً ، ومنه استواؤه على عرشه أي علوه عليه بذاته بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل كما قال تعالي الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وأنه متكلم بكلام قديم النوع حادث الآحاد كما نقل عن السلف أنهم يقولون لم يزل متكلماً ويتكلم إذا شاء ، ومن كلامه القرآن ، وهو اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للتعبد به والإعجاز ، الذي سمعه جبريل عليه السلام من الله تعالى بلا واسطة وأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحروفه ومعانيه كما سمعه من ربه عز وجل ، وليس هو بعبارة من جبريل ولا محمد صلى الله عليه وسلم وكيفما تصرف فهو كلام الله وأنه سبحانه يتكلم بحرف وصوت كما نادى موسى لما أتى الشجرة إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى وينادي عباده يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب " أنا الملك أنا الديان " وأن مثل هذا مما يخاطب به رسله وملائكته ومن شاء من عباده أو ينزل عليهم من كتبه من آحاد كلامه غير الأزلي ، ولكنه غير مخلوق لأنه من صفاته وصفاته كلها غير مخلوقة ، وأنه سبحانه يحب ويرضى ويكره وينزل ، ويحيي ويميت ويسخط ويفرح بتوبة عبده أشد فرح ، وأنه سبحانه يراه المؤمنون يوم القيامة بأبصارهم دلت عليه الآيات والأحاديث الصحيحة ، وكل هذا وما أشبهه صفات له حقيقية لا مجازية - كما أثبتها الكتاب والسنة . كما قَال تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
فهذا ما نعتقده وندين الله في أسمائه وصفاته بلا تكييف ، ولا تشبيه ولا تمثيل ولاتعطيل كما قال تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ونشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى جميع الثقلين الجن والِإنس ، وأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، ولم يزل مجاهداً في سبيل الله حتى كمل الله به الدين كما قال تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ثم استأثر به ربه وألحقه بالرفيق الأعلى ، وفارق الدنيا وأهلها وأنه لا يؤمن أحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به ، وحتى يكون هو أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين ، وأن معنى محبته صلى الله عليه وسلم طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ، لا إطراؤه والغلو فيه ورفعه عن منزلته التي أنزله الله عز وجل بدعائه والاستغاثة به فقد قال صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة وقال عليه الصلاة والسلام إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله عز وجل وأن الاستغاثة به - فضلا عن غيره من الأولياء وأصحاب المشاهد - شرك بالله تعالى ، والتعلق بغير الله تعالى في جلب خير أو دفع شر ، استقلالاً أو توسيطاً : شرك [ أي وأن تعلق القلب بالأولياء أو الجن بالتوكل عليهم والالتجاء إليهم ومراقبة روحانياتهم بأنواع من النسك في قضاء الحاجات وتفريج الكربات شرك بالله تعالى سواء كان ذلك باسم الطلسمات أو التوسلات كل ذلك شرك وضلال ما أنزل الله الكتاب ولا أرسل الرسول إلا لإبطالها وإبادة جذورها وتطهير القلوب منها فلا حول ولا قوة إلا بالله ] ونعتقد أن الملائكة وكتب الله حق ، والنبيين حق ، والبعث بعد الموت حق ، والجنة حق ، والنار حق ، ونؤمن أن الميزان حق ، وأن حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حق ، لا يظمأ من شرب منه ، ويذاد عنه من بدل وغير ، ونؤمن بالقدر خيره وشره ، ونعتقد أن شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين حق لكن بعد إذن الله للشافع . ورضاه عن المشفوع له قال تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وقال تعالى وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وأن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أول شافع وأول مشفع وأنه قد خص بشفاعات لا يشاركه فيها غيره : أولها الشفاعة في فصل القضاء وهو المقام المحمود الذي يغبطه به الأنبياء والمرسلون .
ومنها الشفاعة في إخراج من أدخل النار ومنها الشفاعة في تسريحهم إلى الجنة بعدما نقوا وهذبوا .
ونعتقد أن خير القرون القرن الذين اجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنين به وهم أصحابه ، ثم الذين اتبعوهم بإحسان كما قال صلى الله عليه وسلم : خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .
ونعتقد أن أحسن الكلام كلام الله تعالى وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة . هذا ولولا خشية الِإطالة لأتينا بدليل كل مسألة من هذه المسائل من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإجماع السلف الصالح .
ونسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم في جميع الأقوال والأعمال ويعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ويثبتنا ويتوفانا على الإسلام .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
هذه العقيدة السلفية التي كتبها الشيخ محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري بالمدينة المنورة سنة 1358 ه المتوفى بها في 7/ 6/ 1363 ه نصيحة وذكرى لنفسه ولإخوانه المسلمين رحمه الله تعالى .
منقول عن موقع
وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف ببلاد الحرمين الشريفين
للشيخ المحدث محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد . . فإني أعتقد أن الله إله واحد لا إله إلا هو فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . وأنه لا يستحق شيئاً من أنواع العبادة غيره ، وأن من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغيره فهو مشرك كافر ، والعبادة هي : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال كأركان الإسلام الخمسة ، الدعاء والرجاء ، والخوف والتوكل والرغبة والرهبة ، والاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة ، وأنه سبحانه موصوف ومسمى بجميع ما وصف به نفسه وسماه به ، وما وصفه وسماه به رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا وصفاً حقيقياً لا مجازاً ، ومنه استواؤه على عرشه أي علوه عليه بذاته بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل كما قال تعالي الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وأنه متكلم بكلام قديم النوع حادث الآحاد كما نقل عن السلف أنهم يقولون لم يزل متكلماً ويتكلم إذا شاء ، ومن كلامه القرآن ، وهو اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للتعبد به والإعجاز ، الذي سمعه جبريل عليه السلام من الله تعالى بلا واسطة وأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحروفه ومعانيه كما سمعه من ربه عز وجل ، وليس هو بعبارة من جبريل ولا محمد صلى الله عليه وسلم وكيفما تصرف فهو كلام الله وأنه سبحانه يتكلم بحرف وصوت كما نادى موسى لما أتى الشجرة إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى وينادي عباده يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب " أنا الملك أنا الديان " وأن مثل هذا مما يخاطب به رسله وملائكته ومن شاء من عباده أو ينزل عليهم من كتبه من آحاد كلامه غير الأزلي ، ولكنه غير مخلوق لأنه من صفاته وصفاته كلها غير مخلوقة ، وأنه سبحانه يحب ويرضى ويكره وينزل ، ويحيي ويميت ويسخط ويفرح بتوبة عبده أشد فرح ، وأنه سبحانه يراه المؤمنون يوم القيامة بأبصارهم دلت عليه الآيات والأحاديث الصحيحة ، وكل هذا وما أشبهه صفات له حقيقية لا مجازية - كما أثبتها الكتاب والسنة . كما قَال تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
فهذا ما نعتقده وندين الله في أسمائه وصفاته بلا تكييف ، ولا تشبيه ولا تمثيل ولاتعطيل كما قال تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ونشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى جميع الثقلين الجن والِإنس ، وأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، ولم يزل مجاهداً في سبيل الله حتى كمل الله به الدين كما قال تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ثم استأثر به ربه وألحقه بالرفيق الأعلى ، وفارق الدنيا وأهلها وأنه لا يؤمن أحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به ، وحتى يكون هو أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين ، وأن معنى محبته صلى الله عليه وسلم طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ، لا إطراؤه والغلو فيه ورفعه عن منزلته التي أنزله الله عز وجل بدعائه والاستغاثة به فقد قال صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة وقال عليه الصلاة والسلام إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله عز وجل وأن الاستغاثة به - فضلا عن غيره من الأولياء وأصحاب المشاهد - شرك بالله تعالى ، والتعلق بغير الله تعالى في جلب خير أو دفع شر ، استقلالاً أو توسيطاً : شرك [ أي وأن تعلق القلب بالأولياء أو الجن بالتوكل عليهم والالتجاء إليهم ومراقبة روحانياتهم بأنواع من النسك في قضاء الحاجات وتفريج الكربات شرك بالله تعالى سواء كان ذلك باسم الطلسمات أو التوسلات كل ذلك شرك وضلال ما أنزل الله الكتاب ولا أرسل الرسول إلا لإبطالها وإبادة جذورها وتطهير القلوب منها فلا حول ولا قوة إلا بالله ] ونعتقد أن الملائكة وكتب الله حق ، والنبيين حق ، والبعث بعد الموت حق ، والجنة حق ، والنار حق ، ونؤمن أن الميزان حق ، وأن حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حق ، لا يظمأ من شرب منه ، ويذاد عنه من بدل وغير ، ونؤمن بالقدر خيره وشره ، ونعتقد أن شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين حق لكن بعد إذن الله للشافع . ورضاه عن المشفوع له قال تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وقال تعالى وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وأن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أول شافع وأول مشفع وأنه قد خص بشفاعات لا يشاركه فيها غيره : أولها الشفاعة في فصل القضاء وهو المقام المحمود الذي يغبطه به الأنبياء والمرسلون .
ومنها الشفاعة في إخراج من أدخل النار ومنها الشفاعة في تسريحهم إلى الجنة بعدما نقوا وهذبوا .
ونعتقد أن خير القرون القرن الذين اجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنين به وهم أصحابه ، ثم الذين اتبعوهم بإحسان كما قال صلى الله عليه وسلم : خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .
ونعتقد أن أحسن الكلام كلام الله تعالى وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة . هذا ولولا خشية الِإطالة لأتينا بدليل كل مسألة من هذه المسائل من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإجماع السلف الصالح .
ونسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم في جميع الأقوال والأعمال ويعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ويثبتنا ويتوفانا على الإسلام .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
هذه العقيدة السلفية التي كتبها الشيخ محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري بالمدينة المنورة سنة 1358 ه المتوفى بها في 7/ 6/ 1363 ه نصيحة وذكرى لنفسه ولإخوانه المسلمين رحمه الله تعالى .
وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف ببلاد الحرمين الشريفين