--------------------------------------------------------------------------------
الشيخ البشير الإبراهيمي الجزائري ومقاومته للصوفية
بقلم الشيخ مشهور حسن آل سلمان
ترتبط مقاومة الصُّوفيَّة المبتدعة بإصلاح العقيدة ارتباطاً وثيقاً، وقدَ كشفَ الإبراهيميُّ رحمه اللَّه عن مخازي هؤلاء وحاربهم بشدَّة، وعاملهم بما يستحقُّون لأَّنهم تاجروا باسم الدِّين، وزجَّت بهم فرنسا في أتون المعركة، فَأَصغِ إليه وهو يقول :
"في أيَّام الحملة الكبرى على الحكومة الفرنسيَّة ظهرَ هؤلاء بمظهر مناقض للدِّين، فكشفوا السِّترَ عن حقيقتهم المستوردة، ووقفوا في صفِّ الحكومة مؤيِّدين لها، خاذلين لدينهم وللمدافعين عن حريَّته مطالبين بتأييد استعباده، عاملين بكُلّ جهدهم على بقائه بيد حكومة مستحيِّة تخرِّبه بأيديهم، وتشوِّه حقائقه بألسنتهم، وتلوِّثُ محاربيه ومنابره بضلالتهم"
ويقول :
"وقد أخَذوا في الزَّمن الأخير ببعض مظاهر العصر، وتسلَّموا بعضَ أسلحتهم بإملاء من الحكومة للدِّفاع عن الباطل، فكوَّنوا جمعيَّة، وأنشأوا مجلَّة، وجهَّزوا كتيبة من الكُتَّاب يقودها أعمى - ليشترك عاقلهم وسفيههم في هذه المخزيَات، وبحكم العموميَّة في الجمعيَّة، والاشتراك في المجلة، ولو في دائرته الضيِّقَة ومن أهله وجيرانه… دافعناهم - عندما ظهروا بذلك المظهر- بالحق فركبوا رؤوسهم، فتسامحنا قليلاً إبقاءً على حرمة (المحراب) و(المنبر) التي انتهكوها، فشدَّدوا إبقاءً على حرمة (الخبزة) !! فكشفنا عن بعض الحقائق المستوردة فلجُّوا وخاضوا، وثاروا وخاروا، فلمَّا عَتَوْا من أمر ربِّهم رميناهم بالآبدَة… وهي أنَّ الصَّلاة خلفهم باطلة، لأنَّ إمامتهم باطلة… لأنَّهم جواسيس" !!
وقد عد الشيخ الإبراهيمي الصُّوفيَّةَ داءً عُضالاً يحب التَّخلُّصُ منه، لِتُحَرّر عقيدة المسلم من التَّشويش، وتطلق لعقله العنان في التَّشبُّع وفهم الشريعة، فتراه يصرِّح بقوله:
"إننا علمنا حقَّ العلم بعد التَّروِّي والتَّثبُّت ودراسة أحوال الأُمَّة ومناشئ أمراضها أنَّ هذه الطُّرق المبتدعة في الإسلام هي سببُ تفرُّق المسلمين ، ونعلم أنَّنا حين نقاومها نقاوم كلَّ شر، إنَّ هذه الطُّرق لم تسلم منها بقعة من بقاع الإسلام، وإنَّها تختلف في التَّعاليم والرُّسوم الظاهر كثيراً، ولا تختلف في الآثار النَّفسيَّة إلاّ قليلاً، وتجتمعُ كلها في نقطة واحدة وهي التَّحذير والإلهاء عن الدِّين والدُّنيا"
ويتابعُ شارحاً مخاطرَ الطرقيَّة وبدعها، حيث تعلَّقَ كثيرٌ من المسلمين بطقوس طريقتهم، وبطروحات مشايخهم، ولم يعودوا على اتِّصال مباشر مع الكتاب وصحيح السُّنَّة ، بل أصبحت هذه الطُّرقُ حاجزاً بينهم وبين مصادر الشريعة، وكأنَّها دين جديد، لقد أصبحت بعض الطُّرق - كما يرى الإبراهيمي- في بلاد العرب والمسلمين، وفي الجزائر بخاصَّة، إضافة جديدة إلى محاولات الدَّس التي قام بها أعداء كثيرون للإسلام، إن كان بنحل الأحاديث، أو بالتَّأويلات المزِّورة للحقيقة، أو ما شاع عند العديد من الحركات الباطنيَّة، ولكن يعود ليؤكِّد أن هذا كان خطره أقل بكثير من خطر هذه الطَّريقة، فيقول :
"أما والله ما بلغَ الوضَّاعون للحديث، ولا بلغت الجمعيَّات السريَّة والعلنيَّة الكائدة للإسلام من هذا الدِّين عشر معشار ما بلغتهُ من هذه الطُّرق المشؤومة… إنَّ هذه الهَّوة العميقة التي أصبحت حاجزة بين الأمَّة وقرآنها هي من صنع أيدي الطرقيِّين" .
ويقول مقرِّعاً والطَّرقيَّة وفَهْمَهم الخاطئ للإسلام:
".. فكل راقصٍ صوفي ، وكل ضاربٍ بالطَّبل صوفي، وكل عابثٍ بأحكام الله صوفي، وكل ماجنٍ خليعٍ صوفي ، وكل مسلوب العَقل صوفي، وكل آكل للدُّنيا بالدين صوفي، وكل ملحدٍ بآيات الله صوفي ، وهَلُّم سحباً ، أَفيَجْمُلُ بجنودِ الإصلاح أن يَدَعُوا هذه القلعة تحمي الضَّلال وتُؤْويه، أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملةً صادقَةً شعارهم: (لا صوفيَّــة في الإســلام) حتى يدكُّوها دكَّاً، وينسفوها نسفاً، ويذروها خاويةً على عروشها" .
وقد كان رحمه الله تعالى في محاربتهِ للصُّوفيَّة وخرافاتها وتُرّهاتهم متأثِّراً بتعاليم حركة الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب الإصلاحيَّة، ويتَّضحُ ذلك عندما نراه يُعَلّل هجوم المتاجرين بالدَّين على هذه الدَّعوةِ السُّنِّيَّة الإصلاحيَّـة في البلاد الحجازيَّة التي سَّماها خصومُها بِـ(ـالوهَّابيَّـة) - تنفيراً وتَشويهاً- لأنَّها قضت على بدعهم، وحاربت خرافاتهم ، فيقول:
"إنَّهم موتورون لهذه الوهَّابيَّة التي هدمت أنصابهم، ومحت بدعهم فيما وقعَ تحتَ سلطانهم من أرضِ الله ، وقَد ضجَّ مبتدعة الحجاز فضجَّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة، فليس ما نسمعهُ هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحقِّ إلاّ نواحاً مردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهَّابيَّة".
* مقالة نشرت بمجلة الأصالة العدد (1) بعنوان "الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي"
الشيخ البشير الإبراهيمي الجزائري ومقاومته للصوفية
بقلم الشيخ مشهور حسن آل سلمان
ترتبط مقاومة الصُّوفيَّة المبتدعة بإصلاح العقيدة ارتباطاً وثيقاً، وقدَ كشفَ الإبراهيميُّ رحمه اللَّه عن مخازي هؤلاء وحاربهم بشدَّة، وعاملهم بما يستحقُّون لأَّنهم تاجروا باسم الدِّين، وزجَّت بهم فرنسا في أتون المعركة، فَأَصغِ إليه وهو يقول :
"في أيَّام الحملة الكبرى على الحكومة الفرنسيَّة ظهرَ هؤلاء بمظهر مناقض للدِّين، فكشفوا السِّترَ عن حقيقتهم المستوردة، ووقفوا في صفِّ الحكومة مؤيِّدين لها، خاذلين لدينهم وللمدافعين عن حريَّته مطالبين بتأييد استعباده، عاملين بكُلّ جهدهم على بقائه بيد حكومة مستحيِّة تخرِّبه بأيديهم، وتشوِّه حقائقه بألسنتهم، وتلوِّثُ محاربيه ومنابره بضلالتهم"
ويقول :
"وقد أخَذوا في الزَّمن الأخير ببعض مظاهر العصر، وتسلَّموا بعضَ أسلحتهم بإملاء من الحكومة للدِّفاع عن الباطل، فكوَّنوا جمعيَّة، وأنشأوا مجلَّة، وجهَّزوا كتيبة من الكُتَّاب يقودها أعمى - ليشترك عاقلهم وسفيههم في هذه المخزيَات، وبحكم العموميَّة في الجمعيَّة، والاشتراك في المجلة، ولو في دائرته الضيِّقَة ومن أهله وجيرانه… دافعناهم - عندما ظهروا بذلك المظهر- بالحق فركبوا رؤوسهم، فتسامحنا قليلاً إبقاءً على حرمة (المحراب) و(المنبر) التي انتهكوها، فشدَّدوا إبقاءً على حرمة (الخبزة) !! فكشفنا عن بعض الحقائق المستوردة فلجُّوا وخاضوا، وثاروا وخاروا، فلمَّا عَتَوْا من أمر ربِّهم رميناهم بالآبدَة… وهي أنَّ الصَّلاة خلفهم باطلة، لأنَّ إمامتهم باطلة… لأنَّهم جواسيس" !!
وقد عد الشيخ الإبراهيمي الصُّوفيَّةَ داءً عُضالاً يحب التَّخلُّصُ منه، لِتُحَرّر عقيدة المسلم من التَّشويش، وتطلق لعقله العنان في التَّشبُّع وفهم الشريعة، فتراه يصرِّح بقوله:
"إننا علمنا حقَّ العلم بعد التَّروِّي والتَّثبُّت ودراسة أحوال الأُمَّة ومناشئ أمراضها أنَّ هذه الطُّرق المبتدعة في الإسلام هي سببُ تفرُّق المسلمين ، ونعلم أنَّنا حين نقاومها نقاوم كلَّ شر، إنَّ هذه الطُّرق لم تسلم منها بقعة من بقاع الإسلام، وإنَّها تختلف في التَّعاليم والرُّسوم الظاهر كثيراً، ولا تختلف في الآثار النَّفسيَّة إلاّ قليلاً، وتجتمعُ كلها في نقطة واحدة وهي التَّحذير والإلهاء عن الدِّين والدُّنيا"
ويتابعُ شارحاً مخاطرَ الطرقيَّة وبدعها، حيث تعلَّقَ كثيرٌ من المسلمين بطقوس طريقتهم، وبطروحات مشايخهم، ولم يعودوا على اتِّصال مباشر مع الكتاب وصحيح السُّنَّة ، بل أصبحت هذه الطُّرقُ حاجزاً بينهم وبين مصادر الشريعة، وكأنَّها دين جديد، لقد أصبحت بعض الطُّرق - كما يرى الإبراهيمي- في بلاد العرب والمسلمين، وفي الجزائر بخاصَّة، إضافة جديدة إلى محاولات الدَّس التي قام بها أعداء كثيرون للإسلام، إن كان بنحل الأحاديث، أو بالتَّأويلات المزِّورة للحقيقة، أو ما شاع عند العديد من الحركات الباطنيَّة، ولكن يعود ليؤكِّد أن هذا كان خطره أقل بكثير من خطر هذه الطَّريقة، فيقول :
"أما والله ما بلغَ الوضَّاعون للحديث، ولا بلغت الجمعيَّات السريَّة والعلنيَّة الكائدة للإسلام من هذا الدِّين عشر معشار ما بلغتهُ من هذه الطُّرق المشؤومة… إنَّ هذه الهَّوة العميقة التي أصبحت حاجزة بين الأمَّة وقرآنها هي من صنع أيدي الطرقيِّين" .
ويقول مقرِّعاً والطَّرقيَّة وفَهْمَهم الخاطئ للإسلام:
".. فكل راقصٍ صوفي ، وكل ضاربٍ بالطَّبل صوفي، وكل عابثٍ بأحكام الله صوفي، وكل ماجنٍ خليعٍ صوفي ، وكل مسلوب العَقل صوفي، وكل آكل للدُّنيا بالدين صوفي، وكل ملحدٍ بآيات الله صوفي ، وهَلُّم سحباً ، أَفيَجْمُلُ بجنودِ الإصلاح أن يَدَعُوا هذه القلعة تحمي الضَّلال وتُؤْويه، أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملةً صادقَةً شعارهم: (لا صوفيَّــة في الإســلام) حتى يدكُّوها دكَّاً، وينسفوها نسفاً، ويذروها خاويةً على عروشها" .
وقد كان رحمه الله تعالى في محاربتهِ للصُّوفيَّة وخرافاتها وتُرّهاتهم متأثِّراً بتعاليم حركة الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب الإصلاحيَّة، ويتَّضحُ ذلك عندما نراه يُعَلّل هجوم المتاجرين بالدَّين على هذه الدَّعوةِ السُّنِّيَّة الإصلاحيَّـة في البلاد الحجازيَّة التي سَّماها خصومُها بِـ(ـالوهَّابيَّـة) - تنفيراً وتَشويهاً- لأنَّها قضت على بدعهم، وحاربت خرافاتهم ، فيقول:
"إنَّهم موتورون لهذه الوهَّابيَّة التي هدمت أنصابهم، ومحت بدعهم فيما وقعَ تحتَ سلطانهم من أرضِ الله ، وقَد ضجَّ مبتدعة الحجاز فضجَّ هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة، فليس ما نسمعهُ هنا من ترديد كلمة (وهابي) تُقذف في وجه كل داعٍ إلى الحقِّ إلاّ نواحاً مردَّداً على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهَّابيَّة".
* مقالة نشرت بمجلة الأصالة العدد (1) بعنوان "الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي"