[ذكر شيء من الأدلة على أن أسماء الله متضمنة لصفات]
1) تقدم منها قوله ((حسنى )) فان وصْفها بأنها حسنى يدل على أنها مشتمله على معاني عظيمة, صفات كمال, إذ لو كانت ألفاظاً مجردة لاتدل على معاني لما كانت حسنى ,
2) الأمر الثاني أن الله تعالى يذكر هذه الأسماء متمدحا بها, والإسم العلم الذي لايدل على معنى لامدح فيه, إنما المدح بما يتضمنه من المعاني,
3) ثم ذكْر الاسماء تعليلا لاحكامه الكونية والشرعية والجزائية دليل على تضمنها لمعاني, فلو كانت أعلاما لما كان لها مناسبة, وهذا كثير في القرآن, اقرأ:
أ/ ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )), مناسب لما قبله من الحكم بقطع يد السارق,
ب/ بعدها ((فمن تاب من بعد ظلمة واصلح فان الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم ))
ج/ ((الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فاعلمو أن الله غفور رحيم ))
ولو كانت أعلاما محضة لاتدل على معاني لما كان لهذه الأسماء مناسبة مع ما تذكر معه,
ولما كان هناك فرق بين أن تقول أن الله يتوب على من تاب لأنه شديد العقاب
أو بدل (والله عزيز حكيم) تقول (إن الله لطيف خبير) , فالتذييل بهذه الأسماء لِما ذكره الله من أحكامه الشرعية أو الكونية أو الجزائية دليل على تضمنها لمعاني,
وهو كما قال الشيخ الأمر أوضح وأجلى من أن يحتاج إلى تطويل في البحث عن الدليل,
[الكلام على القاعدة وهي أن أسماء الله أعلام وأوصاف]
القاعده التي ذكرها الشيخ راجعة الى قضية تضمن الأسماء للصفات,
فهي أعلام وأوصاف,
أعلام لدلالتها على ذات الرب,
وأوصاف لدلالتها على المعاني,
فليست أعلاما محضة كما تقوله المعتزلة,
وليست مجرد صفات, بل هي صفات وأعلام.
[دلالة الاسم المشتق في اللغة العربية]
فالاسم المشتق في اللغة العربية يدل على صفة وموصوف
[مثال ذلك]
فإذا قلت الكاتب يدل على صفة الكتابة وعلى من اتصف بها فتدل على المعنى وتدل على من قام به ذلك المعنى, فتدل على صفة وموصوف,
لكن قد يكون هذا الفظ علما عليه او مجرد الإخبار باتصافه بتلك الصفة (راجع فوائد من التعليقات على القاعدة الأولى),
لكن أسماء الله هي:
1) أعلام -يعني أسماء له دالة عليه-
2) وهي صفات.
يقول الشيخ إنها باعتبار دلالتها على الذات هي مترادفة,
[معنى المترادف و مثاله]
المترادف هو ما تعدد لفظه واتحد معناه, كما يذكرون في اللغة ان الأسد له عدد من الأسماء وكلها تدل على هذا الجنس,
[الترادف المحض الحقيقي لايكاد يوجد في اللغة]
ولكن في الحقيقة أن الترادف المحض الترادف الحقيقي لايكاد يوجد في اللغة بل الموجود في اللغة هو هذا النوع أسماء متحدة من وجه مختلفة من وجه , فأسماء السيف والأسد و أسماء الخمر عند أهل الجاهليه تدل على صفات ومعاني يقصدونها, فأسماء السيف مثلا متحدة من وجه فيقال للسيف الصارم ومهند وحسام وفيصل وبتار وما إلى ذلك, وكلها باعتبار أشياء تنسب إليها, فمهند نسبة للهند, وحسام باعتبار الحسم,
هكذا أسماء الله تعالى باعتبار دلالتها على الذات هو مسمى واحد فتقول العزيز هو الرحيم وهو الحكيم وهو السميع وهو البصير,
وتقول إن السميع غير البصير والحي غير القيوم واللطيف غير الخبير والعزيز غير الحكيم باعتبار المعاني,
فهي متحدة في الذات مختلفة في الصفات
[هل يقال أسماء الله مترادفة أو متباينة؟]
فلا يقال إن أسماء الله متباينة ولايقال إنها مترادفة
بل لابد من التفصيل فتقول هي مترادفة في دلالتها على الذات متباينة في دلالتها على الصفات وهذا النوع قد يعبر عنه بالأسماء المتكافئة.
[أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم من الأسماء المتكافئة]
وذكر شيخ الإسلام أن أسماء الرسول كذلك, فأسماء الرسول محمد وأحمد والماحي والحاشر والبشير النذير صلى الله عليه وسلم هي أسماء لشخصه الكريم وهي صفات أيضا فأسماء الرسول هي أعلام وصفات
[بيان كون أسماء الرسول أعلام وأوصاف]
فمحمد علم هو أشهر أسماءه عليه الصلاة والسلام ولكنه علم وصفة, ليس علما محضا كما هي حال من يسمي بهذا الإسم, لأن أصل محمد هو من كثُر حامده وكثُر حمْد الغير له, فمحمد اسم مفعول من حُمِّد, حُمِّد أبلغ من حُمِدَ, فالرسول عليه الصلاة والسلام محمد من حُمِّد يدل على كثرة حامدية وكثرة حمدهم له , لكثرة صفاته ومحامده عليه الصلاة والسلام فهو علم وصفة
فأسماء الله على هذا المنوال , أعلام وصفات
هذه هي القاعدة والامر فيها واضح ولله الحمد والمنة.
[الدهر ليس من أسماء الله]
ختم الشيخ بالتنبيه على شيء وهو ماقيل إن الدهر إسم من أسماء الله وهذا غلط فالصواب أن الدهر ليس من أسماء الله ,
[قوله في الحديث (( وأنا الدهر )) لا يدل على ذلك]
و قوله في الحديث (( وأنا الدهر )) لايريد أنه نفسه هو الدهر وأن الدهر إسم من أسماءه بل يفسره قوله ((بيدي الأمر أقلب الليل والنهار )) الله هو المتصرف في الزمان هو خالق الليالي والأيام , وهو المتصرف فيها
بما شاء فكذب الذين يقولون ((ومايهلكنا الا الدهر )) والله أعلم.
[نفي الصفات بحجة أن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء شبهة شيطانية]
هذه شبهة المعتزلة نفوا الصفات يقولون إن إثبات علم قديم وسمع قديم وبصر قديم يستلزم تعدد القدماء وأخص أوصاف الإِله القِدَم فيلزم من ذلك تعدد القدماء,
ويقولون القديم واحد والإله واحد فلا يوصف بالقدم المطلق إلا واحد فإذا أثبتنا عددا من هذه المعاني فقد أثبتنا قدماء فيلزم من ذلك تعدد الإله,
شبهة شيطانية,
[الجواب على هذه الشبهة]
والجواب مثل ماقال الشيخ إن تعدد الصفات لا تستلزم تعدد الإله لأن الإله بصفاته واحد وقولهم هذا باطل في العقل فهل يقال لمن تعددت صفاته من المخلوقات إنه أشياء كثيرة, فالإنسان الذي له صفات ركبها فيه هل يكون بتلك الصفات أعدادا كثيرة؟ هو واحد بصفاته وأقل ما يقال (يعني أقل ما يقال من صفات الإنسان) شيء موجود, قائم بنفسه, ممكن, وهو بهذه المعاني شيء واحد, فإثبات الصفات وإن كانت قديمة لايلزم منها تعدد الإله لأنها تابعة له قائمة به ليست أشياء مستقلة, ولهذا حرم نداء الصفة, ونص العلماء على أنه لايجوز أن تقول يارحمة الله ياعزة الله ياقدرة الله, لأن هذا يقتضي أن رحمة الله شيء قائم بنفسه يسمع ويخاطَب ويدعا ويرجى , بل يقال يالله اسألك برحمتك , فيجعل الرحمة وسيلة, يتوسل إلى الله بصفته واللــــــــه اعلــــم ...
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
القاعدة الثالثة:
أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور:
أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها. ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)؛ لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم.
مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
مثال ذلك:"الحي" يتضمن إثبات الحي اسماً لله – عزوجل – وإثبات الحياة صفة له.
فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:
الفعل والوصف تارة يتعدى الى مفعول, معمول, إما منصوبا أو مجرورا أيضا,
وتارة يكون لازما لا يتعدى الى مفعول, قال الشيخ مثل الحي, فالحي ليس فيه الحي على كذا أو الحي في كذا, فالحي إنما يدل على الإسم وصفة الحياة فقط, وهكذا العزيز والحكيم ليس فيه تعدي, ويمكن مثلها القدوس والسلام.
[المتعدي ومثاله]
والمتعدي هو الذي يكون له مفعول مثل سميع يدل على مسموع فيدل على:
1/الإسم
2/والصفة
3/وثبوت السمع أي أنه تعالى يسمع أصوات وكلام العباد,
[مثال آخر للمتعدي]
وكذلك الغفور يدل على:
1/الإسم
2/والوصف
3/ويدل على حصول المغفرة للمذنبين
ومثل هذا الخالق أو الخلاق والرازق والرزاق كلها من الأفعال المتعدية,
[مثال اللازم]
بخلاف القوي فهو مثل الحي
يتبع بإذن الله . . . . .
................................
رحم الله الشيخ محمد بن عثيمين وبارك الله لنا في علم الشيخ عبدالرحمن البراك وجزاهما الله عنا خير الجزاء