خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 16.08.08 16:43

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Bookmouve


    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى

    لفضيلة الشيخ العلامة
    أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين
    -رحمه الله تعالى-

    التحميل من ها هنــــــــا


    عدل سابقا من قبل الشيخ إبراهيم حسونة في 29.12.08 8:35 عدل 1 مرات
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty ذو صلة

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 16.08.08 16:54

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Bookmouve

    منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات

    للإمام
    محمد بن الأمين الشنقيطي
    -رحمه الله تعالى-

    القراءة من ها هنــــــــا

    التحميل من ها هنــــــــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:36

    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله على ((القواعد المثلى)) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخوتي الاحبة سأقوم بإذن الله بكتابة فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله على القواعد المثلى أسأل الله التوفيق والإخلاص في القول والعمل .

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمة الله:
    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً.
    وبعد: فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى، وهي الإيمان بوجود الله تعالى، والإيمان بربو بيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته.
    وتوحيد الله به أحد أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
    فمنزلته في الدين عالية، وأهميته عظيمة، ولا يمكن أحداً أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته، ليعبده على بصيرة، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (لأعراف: 180). وهذا يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
    فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسباً مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
    ودعاء العبادة: أن تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء، فتقوم بالتوبة إليه؛ لأنه التواب، وتذكره بلسانك لأنه السميع، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير، وهكذا.
    ومن أجل منزلته هذه، ومن أجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل أو التعصب تارة أخرى، أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد، راجياً من الله تعالى أن يجعل عملي خالصاً لوجهه، موافقاً لمرضاته، نافعاً لعباده.
    وسميته: "الواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى".


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:

    [ الكلام على اركان الايمان بالله ]
    الايمان بالله هو الأصل الأول من أصول الايمان الستة , لكن الايمان بالله يشمل معاني, كما سماها الشيخ أركان الايمان بالله , الايملن بأسماء الله وصفاته, بهذا يعرف العبد بها ربه , يعرف انه تعالى هو الاله الحق وأنه رب كل شيء ومليكه.

    [معرفة الله بأسمائة وصفاته بهذا العموم, تشمل كل معاني الايمان بالله]
    بل إن معرفة الله بأسمائه وصفاته بهذا العموم يشمل كل الجوانب الثلاث , لأن ربوبيته وإلاهيته هي من جملة صفاته , فهو الله يعني الإله , وهو رب العالمين , وهو الخالق وهو الرازق وهو المدبر وهو الذي له الملك وله الحمد , فمعرفة أسمائة وصفاته في الحقيقه إذا أخذت بالمفهوم العام, تشمل كل معاني الايمان بالله , لكن أهل العلم درجوا على التقسيم, تقول توحيد الله يعني الايمان بتفرده سبحانه, اعتقاد تفرده ووحدانيته وأنه واحد , هذا له متعلقات , فاعتقاد تفرده بالالهية هذا هو توحيد الالهية وهو يقضي افراده بالعبادة , والايمان بتفرده بالربوبية , معناه الايمان انه الخالق الرزاق وحده المالك وحده, فلا رب غيره ولا خالق سواه , وان له الملك وحده فهو المالك , والثالث من أنواع التوحيد توحيده بأسمائه وصفاته وهو اعتقاد تفرده بما له من الاسماء والصفات , كاسمه الملك القدوس السلام المؤمن.
    فالايمان بالله يشمل كل هذه المعاني.
    وابن القيم يقول ان العلم الشرعي اقسام ثلاثة :
    1/ العلم بالله, باسمائه وصفاته وافعاله .
    2/ العلم بدينه, أمره ونهيه .
    3/ العلم بجزاء العاملين .
    كما قال :
    فالعلم اقسام ثلاث مالها من رابع والحق ذو تبيان
    علم بوصاف الإله وفعله وكذلك الاسماء للرحمن
    والامر والنهي الذي هو دينه وجزاءه يوم المعاد الثاني
    فالإيمان بالله يشمل هذه الأمور.

    [الايمان بوجود الله]
    الشيخ رحمه الله جعل اركان الايمان بالله اربعه , وجعل اولها الايمان بوجوده, وهذا لانحتاج اليه اذا قررنا الثلاثة, لكن لما كان هناك والعياذ بالله من يجحد وجود الله ذكر بعضهم اولا الايمان بوجود الله ثم من آمن بوجود الله عليه ان يؤمن بالجوانب الثلاث , لكن من آمن باسماء الله وصفاته وآمن بربوبيته فهو مؤمن بوجوده , لان هذه المعاني لاتتحقق الا لموجود , فالله تعالى موجود وهو أكمل الموجودات, لانه موصوف بكل كمال ومنزه عن كل نقص ولانه الخالق وكل ما سواه مخلوق وهو الملك المتصرف , وهو الاله المستحق للعباده وحده دون ما سواه.

    [معرفة مذاهب الخلق في الايمان بالله من خلال هذا التقسيم]
    والخلق في الايمان بالله مذاهب وطرق:
    1) فاجهلهم واضلهم واكفرهم الجاحد لوجود الله , وهم قله في العالم, وحتى من يجحد وجود الله الغالب عليهم انهم يفعلون ذلك تلبيسا وتجاهلا وتضليلا , كما صنع فرعون حين قال ((مارب العالمين )) ويقول ((ماعلمت لكم من اله غيري )) وهذا تلبيس ((فاستخف قومه فاطاعوه)) وهو يعرف لكن وجد أقواما يخدعهم ويضللهم, قال الله عن موسى انه قال لفرعون ((لقد علمت ما أنزل هؤلاء الا رب السماوات والارض )) وقال تعالى ((وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كلن عاقبة المفسدين)) وقال في الذين جحدوا الرسالة ((فانهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ))
    2) وهناك من يؤمن بوجود الله لكن لا يؤمن به على الوجه الصحيح الذي دلت عليه العقول والفطر والشرائع , فالفلاسفة يثبتون وجود الله ويسمونه العله الأولى , لكن يقول فيه اقوالا تناقض القول والفطر وما جاءت به الرسل.
    3) ثم آخرون يؤمنون بوجود الله ويؤمنون بصفات الله ويؤمنون بربوبية الله , ولكنهم يعبدون معه غيره , وهذا هو الغالب على الامم انهم يقرون بوجود الله وبربوبيته وبصفاته في الجمله ولكنهم يتخذون معه اندادا يعبدونهم, فيكون اخلالهم في توحيد العبادة حيث جعلوا مع الله آلهه اخرى.
    4) وآخرون لا يشركون هذا الشرك, وهذا مما حدث في الأمة الإسلامية, فيهم الذين يؤمنون بوجود الله وأنه هو الإله وحده وان لم يحققوا هذا التوحيد , ولكنهم يجحدون صفاته كالجهمية .
    فبهذا التقسيم أمكن معرفة واقع الامم واحوالها , بتحديد ما اقروا به وما انكروا به , وتحديد ما معهم من حق وباطل .

    [الجواب عن من زعم ان تقسيم التوحيد بدعة]
    وزعم بعض المتعصبين ان تقسيم التوحيد الى هذا التقسيم بدعة وان هذا من اختراع ابن تيمية ,ولكن هذا الزعم من اقوال اهل الاهواء:
    1) لان هذا التقسيم مستمد من الكتاب والسنه ومن واقع الناس, فالنصوص دلت على انه سبحانه هو الاله الحق وانه رب كل شيء , وانه الموصوف بكل (.. كلمة غير واضحة..), وانه لاشبيه ولا شريك له.
    2) نقول ايضا ان الفقهاء قسموا افعال العبادات الى اركان وواجبات وسنن مع ان هذا غير موجود لا في النصوص ولا في كلام السلف , لكنها تقسيمات صحيحه مستمدة من معاني النصوص. فالأركان واجبات لكن اصطلح الفقهاء على أن الركن هو واجب لكن يختلف عما سموه واجبا من جهة الحكم, فأركان العبادة وجوبها آكد مما يقال فيه انه من قبيل الواجبات ولهذا قالوا ان الركن يلزم من تركه بطلان العبادة بخلاف الواجبات فإنها تنجبر, فمثلا في الصلاة تنجبر بسجود السهو وفي الحج تنجبر بفديه الى آخره.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:38

    [التعبد لله بأسمائه وصفاته]
    إستدل الشيخ على ذكر الاسماء بالآية ((ولله الاسماء الحسنى)) فجميع أسماءه حسنى, بالغة في الحسن غايته, له الاسماء الحسنى جاء هذا في مواضع من القرآن, وقال سبحانه وتعالى ((فاعوه بها)) يالله يا رحمن ((قل ادعو الله أو أدعو الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى)) يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين.
    وكلما كان العبد اعلم بالله باسمائه وصفاته واكمل استشعارا واستحضارا لها كان أكمل عبودية وأكمل عبادة وكان اكمل في الأحول العبادية, خوفا ورجاء وتوكلا. وكل شيء من احوال القلوب له مقتضيات من أسماء الله, فكونه شديد العقاب هذا يقتضي الخوف, وكونه الغفور الرحيم الكريم هذا مما يقتضي رجاءه وحسن الظن به وكونه المالك المتصرف الذي بيده الخير الملك هذا يقتضي صدق التوكل عليه

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
    القاعدة الأولى:
    أسماء الله تعالى كلها حسنى:
    أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى). وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديراً.
    * مثال ذلك: "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.
    * ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى). العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
    * ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضاً للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً).
    والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
    مثال ذلك: "العزيز الحكيم". فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:
    الله تعالى أخبر بأن له الاسماء الحسنى, ((ولله الاسماء الحسنى )), في مواضع من القرآن,

    [في الآية دلالة على أمرين]
    ففيها دلالة على
    1) ان له أسماء.
    2) وأن هذه الأسماء حسنى.

    [معنى قوله حسنى]
    وحسنى أفعل تفضيل , لأن أهل اللغة يقولون حسنى مؤنث أحسن , فأسماءه حسنى , وهذا أكمل من أن يقال ان أسماءه حسنة , لأن هذا لايعطي معنى حسنى , فحسنى تدل على الحسن وكمال الحسن, فأسماءه أحسن الاسماء , فلا بد أن يكون حسنها هو الغاية التي ليس فوقها غاية.

    [في الآية رد على طائفتين]
    وفي هذه الآية رد على:
    1) الجهمية نفاة الأسماء مطلقا.
    2) وعلى المعتزلة نفاة المعاني الذين ينفون معاني الصفات, لأنها إذا كانت لاتدل على صفات لم تكن حسنى , أفتكون حسنى لألفاظها فقط.
    فعند الجهمية هذه الاسماء التي في القرآن وفي السنة ليست أسماء لله, و إضافتها إليه مجاز , والا هي اسماء لبعض المخلوقات.
    وعند المعتزلة يقولون هي اسماء لله, لكن لاتدل على معاني, فعلى مذهبهم لافرق بين عزيز وحكيم ورحيم وقدير , كلها تدل على الذات, ولاتدل على إثبات صفات, ولهذا يقال أنها على مذهبهم أعلام محضة, بمعنى خالصة,
    فإن الاسم:
    1) تارة يكون علما محضا,
    2) وتارة يكون صفة,
    3) وتارة يكون علما وصفة ,

    [مثال القسم الأول وهو العلم المحض]
    فالانسان الذي اسمه صالح وليس فيه من الصلاح شيء , فصالح بالنسبة له علم محض,

    [مثال القسم الثاني وهو ان يكون صفة]
    والرجل الذي اسمه محمد وهو رجل صالح, نقول محمد صالح , فصالح صفة وليس بعلم ,

    [مثال القسم الثالث وهو أن يكون علما وصفة]
    فإذا اجتمع الوصف والعلميه كما في اسم الرسول محمد, فمحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام هو علم وصفه, ليس هو مثل من يسمى من سائر الناس محمد, فمحمد كما يسمى به بعض الناس هذا علم عليه فقط, لكن بالنسبه لنبينا هو علم وصفة , فهو علم دال على شخصه الكريم ويدل على مايتصف به من كثرة المحامد , فمحمد اسم مفعول من حُمِّد , فهو كثيرٌ ما يحمد لكثرة محامده عليه الصلاة والسلام , وضد محمد مذمم كما يفتري المشركون ويسبون الرسول ويقولون عنه مذمم وهو محمد عليه الصلاة والسلام,

    [أسماء الله متحدة من وجه ومختلفة من وجه]
    وفي الدرس القادم توضيح أكثر حول هذه النقطة
    فأسماء الله إذن هي أعلام وصفات ,
    ومثل هذه يقول أهل العلم إنها متحدة من وجه ومختلفة من وجه فيصح أن تقول العزيز هو الحكيم, والحكيم هو الرحيم, ويصح أن تقول أن العزيز غير الحكيم, والحكيم غير الرحيم, فهي متحدة في دلالتها على الذات, المسمى واحد والصفات مختلفات.

    [الكلام على الأمثلة التي ذكرها المؤلف]
    والشيخ أوضح معنى كونها حسنى بما ذكره من الأسماء كالحي والعليم والعزيز والحكيم والرحيم والرحمن, فكل اسم متضمن لصفة وهذه الصفة كاملة في حق الله لكن في حق المخلوق؟, حياة المخلوق نقص مسبوقة بعدم وملحوقة بالموت, وأما حياة الرب فهي حياة كاملة, ولهذا نقول انها واجبة له تعالى, (وتوكل على الحي الذي لا يموت) (لا تأخذه سنة ولا نوم).
    وهو سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم فهو أرحم الراحمين وهو أرحم من الوالدة بولدها.
    وهكذا اسمه العليم فهو يدل على العلم المحيط بكل شيء من صغير وكبير مما كان وما يكون ومالا يكون لو كان كيف يكون

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    القاعدة الثانية:
    أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف:
    أعلام باعتبار دلالتها على الذات،
    وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني،
    وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله – عز وجل –
    وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم". كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
    وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف:
    1)لدلالة القرآن عليه. كما في تقوله تعالى: (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). وقوله: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة). فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة.
    2)ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.
    وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا.. وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها.
    أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ). وقال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى). ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء.
    وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف، حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجود فلابد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود، أو ممكن الوجود، وكونه عيناً قائماً بنفسه أو وصفاً في غيره.
    وبهذا أيضاً علم أن: "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى؛
    1)لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى،
    2)ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) يريدون مرور الليالي والأيام.
    فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله – عز وجل -: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار". فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلب (بكسر اللام) هو المقلب (بفتحها) وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مراداً به الله تعالى.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:
    تقدم الاشارة الى شيء من هذا, وأن أسماء الله متضمنة لصفات, وكون أسماء الله متضمنة لصفات أدلته كثيرة كما قال الشيخ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:39

    [ذكر شيء من الأدلة على أن أسماء الله متضمنة لصفات]
    1) تقدم منها قوله ((حسنى )) فان وصْفها بأنها حسنى يدل على أنها مشتمله على معاني عظيمة, صفات كمال, إذ لو كانت ألفاظاً مجردة لاتدل على معاني لما كانت حسنى ,

    2) الأمر الثاني أن الله تعالى يذكر هذه الأسماء متمدحا بها, والإسم العلم الذي لايدل على معنى لامدح فيه, إنما المدح بما يتضمنه من المعاني,

    3) ثم ذكْر الاسماء تعليلا لاحكامه الكونية والشرعية والجزائية دليل على تضمنها لمعاني, فلو كانت أعلاما لما كان لها مناسبة, وهذا كثير في القرآن, اقرأ:
    أ/ ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )), مناسب لما قبله من الحكم بقطع يد السارق,
    ب/ بعدها ((فمن تاب من بعد ظلمة واصلح فان الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم ))
    ج/ ((الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فاعلمو أن الله غفور رحيم ))
    ولو كانت أعلاما محضة لاتدل على معاني لما كان لهذه الأسماء مناسبة مع ما تذكر معه,
    ولما كان هناك فرق بين أن تقول أن الله يتوب على من تاب لأنه شديد العقاب
    أو بدل (والله عزيز حكيم) تقول (إن الله لطيف خبير) , فالتذييل بهذه الأسماء لِما ذكره الله من أحكامه الشرعية أو الكونية أو الجزائية دليل على تضمنها لمعاني,
    وهو كما قال الشيخ الأمر أوضح وأجلى من أن يحتاج إلى تطويل في البحث عن الدليل,

    [الكلام على القاعدة وهي أن أسماء الله أعلام وأوصاف]
    القاعده التي ذكرها الشيخ راجعة الى قضية تضمن الأسماء للصفات,
    فهي أعلام وأوصاف,
    أعلام لدلالتها على ذات الرب,
    وأوصاف لدلالتها على المعاني,
    فليست أعلاما محضة كما تقوله المعتزلة,
    وليست مجرد صفات, بل هي صفات وأعلام.

    [دلالة الاسم المشتق في اللغة العربية]
    فالاسم المشتق في اللغة العربية يدل على صفة وموصوف

    [مثال ذلك]
    فإذا قلت الكاتب يدل على صفة الكتابة وعلى من اتصف بها فتدل على المعنى وتدل على من قام به ذلك المعنى, فتدل على صفة وموصوف,
    لكن قد يكون هذا الفظ علما عليه او مجرد الإخبار باتصافه بتلك الصفة (راجع فوائد من التعليقات على القاعدة الأولى),

    لكن أسماء الله هي:
    1) أعلام -يعني أسماء له دالة عليه-
    2) وهي صفات.

    يقول الشيخ إنها باعتبار دلالتها على الذات هي مترادفة,

    [معنى المترادف و مثاله]
    المترادف هو ما تعدد لفظه واتحد معناه, كما يذكرون في اللغة ان الأسد له عدد من الأسماء وكلها تدل على هذا الجنس,

    [الترادف المحض الحقيقي لايكاد يوجد في اللغة]
    ولكن في الحقيقة أن الترادف المحض الترادف الحقيقي لايكاد يوجد في اللغة بل الموجود في اللغة هو هذا النوع أسماء متحدة من وجه مختلفة من وجه , فأسماء السيف والأسد و أسماء الخمر عند أهل الجاهليه تدل على صفات ومعاني يقصدونها, فأسماء السيف مثلا متحدة من وجه فيقال للسيف الصارم ومهند وحسام وفيصل وبتار وما إلى ذلك, وكلها باعتبار أشياء تنسب إليها, فمهند نسبة للهند, وحسام باعتبار الحسم,

    هكذا أسماء الله تعالى باعتبار دلالتها على الذات هو مسمى واحد فتقول العزيز هو الرحيم وهو الحكيم وهو السميع وهو البصير,
    وتقول إن السميع غير البصير والحي غير القيوم واللطيف غير الخبير والعزيز غير الحكيم باعتبار المعاني,
    فهي متحدة في الذات مختلفة في الصفات

    [هل يقال أسماء الله مترادفة أو متباينة؟]
    فلا يقال إن أسماء الله متباينة ولايقال إنها مترادفة
    بل لابد من التفصيل فتقول هي مترادفة في دلالتها على الذات متباينة في دلالتها على الصفات وهذا النوع قد يعبر عنه بالأسماء المتكافئة.

    [أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم من الأسماء المتكافئة]
    وذكر شيخ الإسلام أن أسماء الرسول كذلك, فأسماء الرسول محمد وأحمد والماحي والحاشر والبشير النذير صلى الله عليه وسلم هي أسماء لشخصه الكريم وهي صفات أيضا فأسماء الرسول هي أعلام وصفات

    [بيان كون أسماء الرسول أعلام وأوصاف]
    فمحمد علم هو أشهر أسماءه عليه الصلاة والسلام ولكنه علم وصفة, ليس علما محضا كما هي حال من يسمي بهذا الإسم, لأن أصل محمد هو من كثُر حامده وكثُر حمْد الغير له, فمحمد اسم مفعول من حُمِّد, حُمِّد أبلغ من حُمِدَ, فالرسول عليه الصلاة والسلام محمد من حُمِّد يدل على كثرة حامدية وكثرة حمدهم له , لكثرة صفاته ومحامده عليه الصلاة والسلام فهو علم وصفة
    فأسماء الله على هذا المنوال , أعلام وصفات
    هذه هي القاعدة والامر فيها واضح ولله الحمد والمنة.

    [الدهر ليس من أسماء الله]
    ختم الشيخ بالتنبيه على شيء وهو ماقيل إن الدهر إسم من أسماء الله وهذا غلط فالصواب أن الدهر ليس من أسماء الله ,
    [قوله في الحديث (( وأنا الدهر )) لا يدل على ذلك]
    و قوله في الحديث (( وأنا الدهر )) لايريد أنه نفسه هو الدهر وأن الدهر إسم من أسماءه بل يفسره قوله ((بيدي الأمر أقلب الليل والنهار )) الله هو المتصرف في الزمان هو خالق الليالي والأيام , وهو المتصرف فيها
    بما شاء فكذب الذين يقولون ((ومايهلكنا الا الدهر )) والله أعلم.

    [نفي الصفات بحجة أن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء شبهة شيطانية]
    هذه شبهة المعتزلة نفوا الصفات يقولون إن إثبات علم قديم وسمع قديم وبصر قديم يستلزم تعدد القدماء وأخص أوصاف الإِله القِدَم فيلزم من ذلك تعدد القدماء,
    ويقولون القديم واحد والإله واحد فلا يوصف بالقدم المطلق إلا واحد فإذا أثبتنا عددا من هذه المعاني فقد أثبتنا قدماء فيلزم من ذلك تعدد الإله,
    شبهة شيطانية,

    [الجواب على هذه الشبهة]
    والجواب مثل ماقال الشيخ إن تعدد الصفات لا تستلزم تعدد الإله لأن الإله بصفاته واحد وقولهم هذا باطل في العقل فهل يقال لمن تعددت صفاته من المخلوقات إنه أشياء كثيرة, فالإنسان الذي له صفات ركبها فيه هل يكون بتلك الصفات أعدادا كثيرة؟ هو واحد بصفاته وأقل ما يقال (يعني أقل ما يقال من صفات الإنسان) شيء موجود, قائم بنفسه, ممكن, وهو بهذه المعاني شيء واحد, فإثبات الصفات وإن كانت قديمة لايلزم منها تعدد الإله لأنها تابعة له قائمة به ليست أشياء مستقلة, ولهذا حرم نداء الصفة, ونص العلماء على أنه لايجوز أن تقول يارحمة الله ياعزة الله ياقدرة الله, لأن هذا يقتضي أن رحمة الله شيء قائم بنفسه يسمع ويخاطَب ويدعا ويرجى , بل يقال يالله اسألك برحمتك , فيجعل الرحمة وسيلة, يتوسل إلى الله بصفته واللــــــــه اعلــــم ...


    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
    القاعدة الثالثة:
    أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور:
    أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
    الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
    الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها. ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)؛ لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم.
    مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
    وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين:
    أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
    الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
    مثال ذلك:"الحي" يتضمن إثبات الحي اسماً لله – عزوجل – وإثبات الحياة صفة له.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:
    الفعل والوصف تارة يتعدى الى مفعول, معمول, إما منصوبا أو مجرورا أيضا,
    وتارة يكون لازما لا يتعدى الى مفعول, قال الشيخ مثل الحي, فالحي ليس فيه الحي على كذا أو الحي في كذا, فالحي إنما يدل على الإسم وصفة الحياة فقط, وهكذا العزيز والحكيم ليس فيه تعدي, ويمكن مثلها القدوس والسلام.

    [المتعدي ومثاله]
    والمتعدي هو الذي يكون له مفعول مثل سميع يدل على مسموع فيدل على:
    1/الإسم
    2/والصفة
    3/وثبوت السمع أي أنه تعالى يسمع أصوات وكلام العباد,

    [مثال آخر للمتعدي]
    وكذلك الغفور يدل على:
    1/الإسم
    2/والوصف
    3/ويدل على حصول المغفرة للمذنبين
    ومثل هذا الخالق أو الخلاق والرازق والرزاق كلها من الأفعال المتعدية,

    [مثال اللازم]
    بخلاف القوي فهو مثل الحي

    يتبع بإذن الله . . . . .
    ................................


    رحم الله الشيخ محمد بن عثيمين وبارك الله لنا في علم الشيخ عبدالرحمن البراك وجزاهما الله عنا خير الجزاء
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:40

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
    القاعدة الرابعة:
    دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
    مثال ذلك:
    "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة،
    ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن،
    ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
    واعلم أن اللازم من قول الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً فهو حق؛ وذلك:
    1/ لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق،
    2/ ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً.
    وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
    الأولى:
    أن يذكر للقائل ويلتزم به، مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله – عز وجل – أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً). وقال: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه.
    الحال الثانية:
    أن يذكر له ويمنع اللازم(قال الشيخ البراك التلازم) بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهاً للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتاً وتمنع أن يكون مشابهاً للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.
    وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
    الحال الثالثة:
    أن يكون اللازم مسكوتاً عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع،
    فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل،
    1/ لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم،
    2/ ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم.
    ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول.
    فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازماً من قوله، لزم أن يكون قولاً له، لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قرب التلازم.
    قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:
    هذه القاعدة مبنية على انواع الدلالة.

    [معنى دلالة المطابقة والتضمن والالتزام]
    وهي تارة تكون بالمطابقة وهي دلالة اللفظ على كل معناه
    ودلالة التضمن هي دلالة اللفظ على بعض معناه
    أما دلالته على أمر خارج عنه فهذه دلالة التزام

    [مثال يوضح أنواع الدلالة]
    مثال ذلك البيت يدل على كل تركيباته دلالة مطابقة
    ويدل على الأبواب دلالة تضمن يعني إذا ذكر البيت نفهم أن فيه أبواب أو نفهم أن فيه حيطان فدلالته على وجود الحيطان والسقف دلالة تضمن
    أما دلالته على أمر خارج عنه فهذه دلالة التزام كدلالته على الباني فنفهم إذا تأملنا نعلم أن هذا البناء لابد له من باني, وهكذا كل فعل فإنه يستلزم فاعلا, و كذلك المفعول يستلزم فاعلا.

    [دلالة أسماء الله على ذاته وصفاته ومثال ذلك]
    فهكذا اسماء الله تدل على ذات الرب وصفاته بالمطابقة وعلى أحدهما بالتضمن وعلى معنى آخر باللزوم ومثل لهذا الشيخ بالخالق يدل على اسمه وعلى صفة الخلق ويدل على صفات أخرى كدلالة الخلق على القدرة والعلم وذكر الآية (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما)

    [هل لازم القول حق وينسب للقائل؟]
    ثم استطرد الشيخ يتكلم عن مسألة اللزوم ومن القواعد أن لازم الحق حق ولازم الباطل باطل
    فما يلزم من كلام الله وكلام رسوله هو حق, يعني لازم, وهو مراد لهما لأن الله عالم بما يلزم من كلامه ومن كلام رسوله.
    أما المخلوق فعلى التفصيل الذي ذكره الشيخ والله اعلم
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:40

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
    القاعدة الخامسة:
    أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:
    وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة،
    فلا يزاد فيها ولا ينقص؛
    1/ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص
    لقوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)
    وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
    2/ ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى،
    فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:

    [معنى كون اسماء الله توقيفية]
    يقول الشيخ ان من القواعد ان أسماء الله توقيفية يعني يجب الوقوف فيها على ما جاء في الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص.

    [وكذلك صفات الله عز وجل توقيفية]
    وهذا يجب أن يكون في الأسماء والصفات فأسماء الله وصفاته توقيفية فلا يسمى ولا يوصف الا بما سمى به نفسه وسماه به رسوله, ووصف به نفسه ووصفه به رسوله فالباب واحد الأسماء والصفات.

    [وصف الله بما لم يصف به نفسه قول على الله بلا علم]
    فمن وصف الله بما لم يصف به نفسه كان ذلك من القول على الله بلا علم,
    فلا يوصف تعالى الا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله لا يتجاوز القران والحديث.

    [لماذ اكتفى المؤلف بقوله أسماء الله توقيفية ولم يذكر الصفات]
    ويعبر عن الأسماء بالصفات أيضا لأن كل اسم متضمن لصفة كما تقدم,
    فتقول أن الله وصف نفسه بأنه غفور و أنه كريم و أنه غني وأنه فتّاح ويجوز ان تقول انه سمى نفسه غفورا رحيما رحمنا ملكا قدوسا وما الى ذلك, لاشتمال اللفظ على الإسم والصفة.

    [أسماء الله تعالى مذكورة في الكتاب والسنة]
    الله تعالى أخبر بأن له الأسماء الحسنى وذكر في القرآن كثيرا مما هو من أسمائه وجاءت السنة بأن لله تسعة وتسعين إسما من أحصاها دخل الجنة ولم تحدد هذه الأسماء في روايات صحيحة ولهذا العلماء كثرة مناهجهم في تعداد الأسماء وتقصيها.

    [كيف نعرف أسماء الله تعالى؟]
    والذي يقتضيه منهج أهل العلم أن كل اسم -والإسم ما يدل على الذات ولكنه في حق الله يدل على الذات والصفات- كل اسم أضيف الى الله فإنه من أسمائه,
    فالسميع اسم والسمع صفة ويصح أن تقول السميع صفة كأن تقول أن الله وصف نفسه بأنه سميع بإعتبار ما يتضمنه من الوصف وهكذا قل في البقية.

    [معنى قوله (فادعوه بها)]
    الله تعالى يقول (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) يعني سموه بها وادعوه متوسلين بأسمائه مثل يا الله يا رحمن يا رحيم فكل لفظ جاء إطلاقه على الله فإنك تدعو به, لكن لكل مقام ما يناسبه فإن نداءه تعالى بأسمائه يتضمن التوسل.

    [أمثلة على التوسل بأسماء الله مع كونها مناسبة للمقام]
    مثل يا حي يا قيوم وهذان الإسمان جامعان, وتقول يا غفور اغفر لي, يا رحمن يا رحيم ارحمني, هذا فيه نوع توسل, أو تقول يالله إنك أنت الرزاق ارزقني كذا وكذا, ومثل استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك, ومثل أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم اخذا من قوله (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).

    [أسماء الله تعالى من حيث إطلاقها على غيره]
    وأسماء الله منها مالا يطلق على غيره البته,

    [أمثلة ذلك]
    مثل الله فهو أعرف المعارف وأخص أسماء الرب تعالى به, وقريب منه الرحمن ولهذا جاء في الحديث (أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبد الرحمن) فهذان الاسمان هما أخص أسمائه تعالى به,
    ومثل رب العامين فلا يطلق هذا الإسم على أحد, ويقال أنه من أخص أسمائه سبحانه خلافا للذين قالوا إن أخص أوصاف الإله القِدَم,
    وهكذا الأسماء الأخرى منها مالا يكاد يطلق على غيره, مثل القدوس ومثل القيوم
    ومثل الألفاظ التي فيها التفضيل المطلق كخير الراحمين والغافرين والرازقين والناصرين فكل هذه مختصة بالله, فتقول يا خير الراحمين وياخير الغافرين تارة كذا, وتارة تقول اللهم أنت خير الراحمين واللهم أنت خير الغافرين (أنت ولينا فاغفرلنا وارحمنا وأنت خير الغافرين).

    [لا يشتق لله من كل صفة أو فعل إسم]
    ومن القواعد أنه لا يشتق لله من كل صفة أو فعل إسم,

    [أمثلة توضح ذلك]
    فلا يقال إنه الغاضب أو الغضبان أو الراضي,
    كما من باب أولى أنه لا يشتق له من فعل المكر ماكر, لكنه خير الماكرين,
    وهكذا مدَمْدِم من (فدمدم عليهم ربهم) و مدمِّر من (فدمرناها تدميرا),
    فلا يشتق لله تعالى من هذه أسماء,

    [بعض الأفعال يمكن أن يشتق منها اسماء ومثال ذلك]
    لكن بعض الأفعال يمكن أن يكون الأمر فيها أوسع مثل المنعم فقد يقال إنه صحيح, لأنه من معنى الرب فالرب هو المنعم ومن معانيه المنعم فيتضمن أنه المنعم مطلقا بجميع النعم,
    والمحسن يذكر أنه ورد, وهو من جنس المنعم, فالمحسن مطلقا هو الله تعالى,
    فهو المنعم بجميع النعم وهو المحسن الى عباده بكل أنواع الإحسان,
    وبهذا الإعتبار تكون الأسماء كثيرة جدا فيدخل في ذلك الرفيق (إن الله رفيق) والجميل والمسعر (إن الله هو المسعر) والقابض والباسط والرازق فهو الرازق وهو الرزّاق وهو أسرع الحاسبين.
    و للعلماء كلام كثير في الأسماء ومصنفات وشروح وتوسعات ومنها تأليف الشيخ لهذا الكتاب فإنه ضمن هذا الكتاب سرد الأسماء الحسنى.

    [مذهب الجهمية والمعتزلة في أسماء الله]
    والجهمية والمعطلة نفوا أسماءه تعالى والمعتزلة نفوا ما تدل عليه من المعاني وكل ذلك تعطيل وهو من جملة الأباطيل والقول المبني على الأوهام والظنون الكاذبة.

    [توضيح لقول المؤلف]
    قول الشيخ (جناية في حقه تعالى) التعبير بجناية عندي منه شيء,
    لكن يمكن أن يقال: الممتنع أن يقال جنى على الله فهذا لا يجوز وهذا مثل أن يقال هذا ظلم لله وإساءة الى الله, لكن قوله (جناية في حقه تعالى) يعني جناية من العبد على نفسه في حق الله, فالعبد العاصي إنما يجني على نفسه (ومن أساء فعليها).
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:41

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

    القاعدة السادسة:
    أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين:
    لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك". الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح.
    وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.
    فأما قولـه صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة"، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: "إن أسماء الله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة" أو نحو ذلك.
    إذن فمعنى الحديث: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله: "من أحصاها دخل الجنة" جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.
    ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.
    قال شيخ الإسلام ابن تيميه في "الفتاوى" ص 383 جـ6 من "مجموع ابن قاسم":
    تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل المعرفة بحديثه، وقال قبل ذلك ص 379: إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسراً في بعض طرق حديثه. أهـ.
    وقال ابن حجر في "فتح الباري" ص215 جـ11 ط السلفية:
    ليست العلة عند الشيخين (البخاري ومسلم)، تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب، وتدليسه واحتمال الإدراج. أهـ.
    ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه، وروي عنهم في ذلك أنواع. وقد جمعت تسعة وتسعين اسماً مما ظهر لي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    فمن كتاب الله تعالى:
    الله الأحد الأعلى الأكرم الإله الأول
    والآخر والظاهر والباطن البارئ البر البصير
    التواب الجبار الحافظ الحسيب الحفيظ الحفي
    الحق المبين الحكيم الحليم الحميد الحي
    القيوم الخبير الخالق الخلاق الرؤوف الرحمن
    الرحيم الرزاق الرقيب السلام السميع الشاكر
    الشكور الشهيد الصمد العالم العزيز العظيم
    العفو العليم العلي الغفار الغفور الغني
    الفتاح القادر القاهر القدوس القدير القريب
    القوي القهار الكبير الكريم اللطيف المؤمن
    المتعالي المتكبر المتين المجيب المجيد المحيط
    المصور المقتدر المقيت الملك المليك المولى
    المهيمن النصير الواحد الوارث الواسع الودود
    الوكيل الولي الوهاب

    ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    الجميل الجواد الحكم الحيي الرب الرفيق السبوح السيد الشافي الطيب القابض الباسط المقدم المؤخر المحسن المعطي المنان الوتر.
    هذا ما اخترناه بالتتبع، واحد وثمانون اسماً في كتاب الله تعالى وثمانية عشر اسماً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان عندنا تردد في إدخال (الحفي)؛ لأنه إنما ورد مقيداً في قوله تعالى عن إبراهيم: (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً)
    وما اخترناه فهو حسب علمنا وفهمنا وفوق كل ذي علم عليم حتى يصل ذلك إلى عالم الغيب والشهادة ومن هو بكل شيء عليم.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    هذه قاعدة يقول فيها الشيخ أن أسماء الله ليست محصورة بعدد, كأن يقال أن أسماء الله مائة أو ألف, لا, فأسماء الله كثيرة, فمنها ما اختص بعلمه وطوى علمه عن العباد, ومنها ما أنزلها في بعض كتبه التي أنزلها على رسله, ومنها ما علمها لبعض عباده من الملائكة وغيرهم والنبيين, وفي كتاب الله من ذلك ما ليس في غيره من أسمائه.
    الله يذكِّر بأسمائه في آيات كثيرة, يختم بها الآيات, مثل (غفور رحيم), (العليم الحكيم), (العزيز الحكيم), (العزيز الرحيم), (اللطيف الخبير), (الغني الحميد), ويذكر في بعض المواضع اسما واحدا وفي مواضع يقرن بين اسمين, وفي بعض الآيات سرد منها كآيات آخر سورة الحشر فقد تضمنت أربعة عشر أسما من أسمائه سبحانه وتعالى, وليس لها نظير في سائر سور القرآن, فالله تعالى يذكر أسمائه متفرقة في نهاية الآيات.

    [حديث إن لله تسعة وتسعين اسما لا يدل على حصرها في التسعة والتسعين]
    ثم يذكر الشيخ ما قد يظنه بعض الناس دليلا على الحصر وهو حديث (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة الا واحد من أحصاها دخل الجنة) فقد يظن بعض الناس أسماء الله تسعة وتسعون وليس بذلك, فهذه الصيغة لا تدل على الحصر, لو قال إن لله تسعة وتسعين اسما وسكت فربما دل على الحصر, ولكن جاءت هذه الأسماء موصوفة بقوله (من أحصاها دخل الجنة),

    [إعراب جملة (من أحصاها دخل الجنة)]
    وجملة (من أحصاها دخل الجنة) إما أن تكون :
    1/ صفة للأسماء وهو أظهر,
    2/ وإما أن تكون خبرا, بمعنى أن لله تسعة وتسعين اسما من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة,

    [مثال يوضح أن الحديث بهذه الصيغة لا يفيد الحصر]
    وضرب الشيخ في هذا المثل, وهو كلام يعقله أهل اللسان فإذا قال قائل عندي مائة فرس أعددتها للجهاد, فلا يدل على أنه ليس عنده سواها, أو عندي مائة درهم جعلتها صدقة لا ينفي أن يكون عنده غيرها,

    [الحديث الوارد في تعيين هذه الأسماء لا يصح]
    ولم يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام تعيين هذه الأسماء أنها كذا وكذا, وجاء في بعض روايات هذا الحديث (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة الا واحد من أحصاها دخل الجنة) سرْد للأسماء الحسنى لكن المحققين من أهل الشأن قالوا إن هذا ليس بصحيح, هذا كلام مدرج, (إن لله تسعة وتسعين أسما من أحصاها دخل الجنة الله لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن . . . .) وسَرَد ما في سورة الحشر وأتبعها بأسماء كثيرة حتى بلغت تسعة وتسعين, وهي مأخوذه من القرآن, وبعضها من الحديث, وبعضها لا إشكال فيه, وبعضها فيه إشكال في عَدِّه من الأسماء,
    وبناء على هذا حاول جمع من أهل العلم جمع أسماء من القرآن والحديث, وعنوا أيضا بشرح الأسماء, و من مقاصد الشيخ في هذه الرسالة أيضا جمع ما ظهر له من القرآن والسنة كما ذكر, ومع ذلك يبقى الأمر كحاله, ومن جمع شيئا منها لا يمكن الجزم بأن هذه هي الأسماء التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم, فهذا لا يجوز.

    [ذكر الأسماء المركبة من التسعة والتسعين]
    والشيخ رحمه الله لم يتوجه الى ذكر الأسماء المركبة مثل أسرع الحاسبين ورب العالمين وخير الرازقين وخير الناصرين وأرحم الراحمين وما أشبه ذلك, والظاهر أنها أظهر في الدلالة على الرب سبحانه وتعالى من بعض الأسماء المفردة, فتجد كثيرا من الأسماء المفردة يسمى بها بعض المخلوقات, لكن أرحم الراحمين ذو الجلال والإكرام خير الغافرين هذه لا تنطلق الإعلى الله وحده.

    [ترتيب الشيخ رحمه الله للأسماء التي ذكرها على الحروف الهجائية]
    الشيخ رتب ما ذكره من الأسماء على حروف الهجاء فبدأ بالهمزة (الله, الأحد, الأعلى) وهذا المنهج الذي اختاره قد يكون غيره أولى, فجمْع الأسماء المتناسبة كالعلى والأعلى أولى من تفريقها من وجه.

    [الكلام على بعض الأسماء التي ذكرها الشيخ وأولها (الله)]
    أما اسمه الله فهو أخص الأسماء به وأجمع الأسماء,
    والصحيح أنه مشتق أي أن له دلالة, فهو اسم وصفة, فهو ذو الألوهية كما جاء عن بن عباس, ولهذا يقال أن أصل الله الإله حذفت الهمزة وأدغمت اللام في اللام مع التفخيم فصارت الله, وهذا الاسم تنبني عليه كل الأسماء ويخبر بها عنه, فتقول الله الرحمن, الله الرحيم, الله الكريم, وهكذا تأتي الأسماء الأخرى تابعة إما صفة وإما خبر

    [الأحد]
    والأحد لم يرد إلا في سورة الإخلاص (قل هو الله أحد)

    [الحفي]
    الحفي توقف فيه في آخر الكلام وهو ما جاء أسم الحفي صفة لله إلا في كلام إبراهيم (إنه كان بي حفيا) والصحيح أنه ليس اسما.

    [المبين]
    ليس واضحا أن المبين اسم, فهو صفة تابعة للحق.

    [القادر]
    القادر لم يأتي في القرآن هكذا لكن الذي جاء (قل هو القادر على أن يبعث عليكم) فليس واضحا إعتباره اسما

    [القابض الباسط]
    اعتبار القابض الباسط اسمين فيه تأمل فقد تكون هذه من الأسماء المزدوجة مثلما عدوا الخافض الرافع النافع الضار.

    [كيف يكون إحصاء هذه أسماء]
    والإحصاء يقولون بإحصاء ألفاظها ومعانيها والعمل بمقتضاها هذا هو كمال الإحصاء, فالإحصاء مراتب, إحصائها بمعرفة ألفاظها ومعرفة معانيها, ثم لهذه المعرفة أثر فإذا علم الإنسان أن الله سميع بصير فهذا يقتضي أن يراقب ربه في كلامه وفي حركاته لأنه يعلم أن الله سميع يسمعه وبصير يراه فليس المقصود مجرد أن تعرف لكن المقصود من العلم أن تعمل, فلا يكفي حفظها فقط ولكن الحفظ طيب بمعنى أنك تعرف أنه تعالى هو السميع البصير الملك القدوس وهو الغفور الرحيم وهو الغني الحميد وهو اللطيف الخبير, ولا يشرع حفظها بمعنى أنك تحفظها كما يفعل بعض الناس ويتخذها ذكرا لا.

    [إحصاء هذه الأسماء سبب لدخول الجنة]
    فمعرفة هذه الأسماء هي من أسباب دخول الجنة وإذا كان كذلك فهي من جنس أحاديث الوعد (من فعل كذا دخل الجنة) فهي سبب من الأسباب, لكن لا يعني هذا أنه يكفي ويجزء الإقتصار على هذا السبب,

    [ثناء الشيخ البراك على كتاب المجلى شرح القواعد المثلى]
    قال الشيخ عن كتاب المجلى شرح القواعد المثلى أن المؤلفة أجادت وأفادت فيما ذكرت من النقول.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:42

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

    القاعدة السابعة:
    الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها. وهو أنواع:
    الأول: أن ينكر شيئاً منها أو مما دلت عليه من الصفات والأحكام، كما فعل أهل التعطيل من الجهمية وغيرهم. وإنما كان ذلك إلحاداً لوجوب الإيمان بها وبما دلت عليه من الأحكام والصفات اللائقة بالله، فإنكار شيء من ذلك ميل بها عما يجب فيها.

    الثاني: أن يجعلها دالة على صفات تشابه صفات المخلوقين كما فعل أهل التشبيه، وذلك لأن التشبيه معنى باطل لا يمكن أن تدل عليه النصوص، بل هي دالة على بطلانه، فجعلها دالة عليه ميل بها عما يجب فيها.

    الثالث: أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه، كتسمية النصارى له: (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية، فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها، كما أن هذه الأسماء التي سموه بها نفسها باطلة ينزه الله تعالى عنها.

    الرابع: أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام، كما فعل المشركون في اشتقاق العزى من العزيز، واشتقاق اللات من الإله، على أحد القولين، فسموا بها أصنامهم؛ وذلك لأن أسماء الله تعالى مختصة به، لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ). وقوله: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى). وقوله: (لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض). فكما اختص بالعبادة وبالألوهية الحق، وبأنه يسبح له ما في السموات والأرض فهو مختص بالأسماء الحسنى، فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله – عز وجل – ميل بها عما يجب فيها.

    والإلحاد بجميع أنواعه محرم؛ لأن الله تعالى هدد الملحدين بقوله: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
    ومنه ما يكون شركاً أو كفراً حسبما تقتضيه الأدلة الشرعية.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    هذه القاعدة هي تحريم الإلحاد في أسماء الله

    [الإلحاد في أسماء الله يتفاوت]
    فالإلحاد في أسماء الله محرم وهو يتفاوت كما أشار الشيخ في آخر كلامه

    [معنى الإلحاد في اللغة]
    وأصل معنى الإلحاد هو الميل فمادة لحد تدل على الميل, قالوا ومنه سمي اللحد وهو الشق الذي في جانب القبر لأنه مائل عن سمت الحفرة,
    ومنه الملتحد وهو ما يلجأ إليه الهالك والخائف (ولن أجد من دونه ملتحدا)

    [المراد بالإلحاد في أسماء الله]
    وجماع معنى الإلحاد في أسماء الله الميل بها عن الحق الذي يجب إعتقاده

    [الإلحاد في أسماء الله أنواع]
    وهو أنواع وهذا التقسيم موجود في كلام بن القيم في البدائع وغيرها

    [النوع الأول]
    فمن الإلحاد في أسمائه جحدها وإنكارها كإلحاد الجهمية
    ثم إنه يتجزأ:
    1/ فالجهمية نفوا جميع أسماء الله ولاسيما الغلاة فبلغوا الغاية في الإلحاد فجحدوا معانيها وجعلوها أسماء لبعض مخلوقاته, وقالوا إن إطلاقها على الله مجاز وهي أسماء لبعض مخلوقاته,
    2/ وقد يقع هذا النوع من الإلحاد في البعض كما قال الله تعالى عن المشركين (وهم يكفرون بالرحمن).

    [النوع الثاني]
    والنوع الثاني نفي معانيها,
    كإلحاد المعتزلة فهم يثبتون الأسماء أعلاما دالة على ذات الرب لكنهم يجحدون معانيها فيجعلونها ألفاظ مترادفة, فعندهم أن أسماء الله أعلام محضة مترادفة لا تدل على معاني,

    [النوع الثالث]
    ومن الإلحاد إلحاد المشبهه حيث أثبتوا أسماء الله وزعموا أنها تدل على صفات كصفات المخلوقين,
    وهذا باطل فأسماء الله تدل على معان مختصة بالرب لا تماثل صفات المخلوقين

    [النوع الرابع]
    ومن أنواع الإلحاد كما ذكر الشيخ تسميته تعالى بما لم يسمي به نفسه,
    ومن ذلك تسمية النصارى له أبا أبوة ولادة, فسموا المسيح ابنا وسموا الرب تعالى أبا, وجعلوا الكل آلهه الأب والإبن وروح القدس,
    وكذلك الفلاسفة يسمون الله العلة الأولى, يعني التي صدر عنها العالم صدورا ذاتيا لا صدور المفعول عن فاعله, بل صدور المعلول عن علته التامة, ومن أجل ذلك قالوا بقدم العالم, لأن معلول العلة التامة يكون قديما بقدمها,

    [النوع الخامس]
    ومن الإلحاد في أسمائة أن يسمى بها بعض المخلوقات, أو يشتق لبعض المخلوقات منها على الوجه المختص [بالله],
    واللفته الأخيرة في كلام الشيخ جيدة [فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله – عز وجل – ميل بها عما يجب فيها] وإلا فقد جاء لفظ الإشتقاق في قول حسان:
    وشق له من إسمه ليجله *** فذلك محمود وهذا محمد
    ففيه إلتقاء في مطلق المعنى, وهكذا ما جاء في الحديث في شأن الرحم أن الله اشتق لها فهو الرحمن وهي الرحم,
    ومن هذا النوع ما قيل إن المشركين اشتقوا لآلهتهم أسماء من أسماء الله كالعزى من العزيز, العزة المقتضية للإلهية والعبادة.

    فتشعبت وتنوعت طرائق الملحدين في أسماء الله, والله تعالى يقول (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا اللذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) وفي هذا تهديد للملحدين.

    [حكم الإلحاد في أسماء الله]
    والتحريف يكون كفرا ويكون فسقا ومعصية ويكون خطأ فقد يقع بعض الناس في شيء من الإلحاد خطأ وقد يكون ناتج عن شبهة, وإلا فالأصل أن جحد شيء مما أخبر الله به ورسوله هو كفر.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:43

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:


    قواعد في صفات الله تعالى

    القاعدة الأولى:
    صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه،
    كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك.
    وقد دل على هذا السمع، والعقل، والفطرة.
    أما السمع:
    فمنه قوله تعالى: (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
    والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى.
    وأما العقل:
    فوجهه أن كل موجود حقيقة، فلابد أن تكون له صفة. إما صفة كمال، وإما صفة نقص. والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة؛ ولهذا أظهر الله تعالى بطلان ألوهية الأصنام باتصافها بالنقص والعجز.
    فقال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ).
    وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).
    وقال عن إبراهيم وهو يحتج على أبيه: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) ،
    وعلى قومه: (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
    ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال، وهي من الله تعالى، فمعطي الكمال أولى به.
    وأما الفطرة:
    فلأن النفوس السليمة مجبولة مفطورة على محبة الله وتعظيمه وعبادته، وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟
    وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالى كالموت والجهل، والنسيان، والعجز،والعمى،والصمم ونحوها؛
    لقوله تعالى:(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ).
    وقوله عن موسى: (فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى).
    وقوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ).
    وقوله: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال:"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".
    وقال: " أيها الناس، إرْبَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائباً".
    وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص، كما في قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ).
    وقوله: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ).
    ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
    وقال تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ).
    وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصاً في حال، لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له إثباتاً مطلقاً، ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها. فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،كقوله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).
    وقوله: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً).
    وقوله: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ).
    وقوله:(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ).
    وقوله: (قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ).
    ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). فقال: (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ )، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهي صفة ذم مطلقاً.
    وبذا عرف أن قول بعض العوام: "خان الله من يخون" منكر فاحش، يجب النهي عنه.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:


    لما ذكر الشيخ القواعد التعلقة بالأسماء الحسنى وذكر ما رآه من عدِّ الأسماء الحسنى أتبع ذلك بذكر قواعد في الصفات وبين الأسماء والصفات ارتباط ظاهر كما تقدم أن كل اسم متضمن لصفة من صفات الله لكن ليس كل صفة مستلزمة لإثبات اسم, فلا يشتق لله من كل صفة اسم يكون علَما عليه ويدعا به.

    [صفات الله تعالى كلها صفات كمال]
    والشيخ يذكر هنا أن جميع صفات الله صفات كمال وهذا حق, وكما قال الشيخ دل عليه السمع والعقل,

    [معنى الكمال]
    والكمال ضده النقص فجميع أسماء الله حسنى وجميع صفاته صفات كمال فلا يلحقه النقص كما جاء في دعاء الإستفتاح (والشر ليس إليك) يعني أن الشر لا يدخل في أسمائه ولا في صفاته وفي أفعاله.

    [الدليل على أن صفاته تعالى صفات كمال]
    والدليل على ذلك:
    1/ قوله تعالى (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى) والمثل الأعلى أي الوصف الأطيب والأكمل.
    2/ ووصف أسماءه بأنها حسنى (ولله الأسماء الحسنى) ولا تكون كذلك الا إذا تضمنت صفات كمال, ولو كانت ألفاظا لا تدل على معاني لما كانت حسنى ولو دلت على صفات نقص لما كانت حسنى وحسنى أفعل تفضيل,
    فله تعالى الوصف الأكمل وله من كل صفة غايتها, وهو منزه عن كل نقص,
    3/ والله قد أثنى على نفسه بما له من صفات الكمال في آيات كثيرة

    [صفات الكمال معروفة معقولة ]
    ثم إن صفات الكمال معروفة معقولة, فالسمع والبصر والحياة كمال, والصمم والعمى والموت نقص,

    [توضيح الدليل العقلي الثاني]
    وإذا كان المخلوق يتصف بالكمال فالخالق أولى, لأن صفات الكمال للمخلوق جائزة له فيجوز أن يتصف بها أو بضدها, وأما الخالق فهي واجبة له سبحانه وتعالى, فالحياة واجبة بمعنى أنها لا تنفك عن ذاته, وكذلك كل الصفات الذاتية واجبة, وهي في حق المخلوق جائزة, فالمخلوق يجوز عليه الحياة والموت, وتجوز عليه هذه الصفات وأضدادها, السمع والبصر وضدهما, وأما الله تعالى فلا تجوز عليه أضدادها, واتصافه سبحانه وتعالى بصفات الكمال يقتضي تأليهه وحده لا شريك له, فهو الخالق ولا خالق سواه, وهو المالك لكل شيء, وهو القادر على كل شيء, وهو العالي على كل شيء, وهو السميع الذي سمعه وسع الأصوات, وبصره نافذ في جميع المخلوقات, وأما ما سواه فهو مربوب مخلوق مدبر عبد فقير,

    [الله تعالى نزه نفسه عن صفات النقص]
    والله تعالى كما وصف نفسه بصفات الكمال نزه نفسه عن أضدادها, فنزه نفسه عن الموت والسنة والنوم لأنها تضاد كمال حياته, ونزه نفسه عن الصاحبة والولد لأن ذلك ينافي كمال غناه وصمديته وأحديته, ونزه نفسه عن الضلال والنسيان والغفلة لأن ذلك ينافي كمال علمه, ونزه نفسه عن الظلم لأن ذلك ينافي كمال العدل.

    [ما يتضمنه الإثبات والنفي في صفاته سبحانه]
    وكل نفي في صفات الله فإنه يتضمن كمال, وكل إثبات فإنه يتضمن تنزيها,

    [النفي في صفات الله جاء مفصلا ومجملا]
    والنفي والتنزيه جاء مجملا ومفصلا فقوله:(سبحان الله عما يصفون) تنزيه لله عما كل ما يصفه به الجاهلون والمفترون.

    [إذا كانت الصفة كمالا في حال ونقصا في حال]
    أما صفاته التي كما قال الشيخ تكون نقصا وتكون كمالا, فله تعالى من ذلك الكمال فالمكر والخداع يكون كمالا ومحمودا إذا وقع على من يستحقه, يقول تعالى (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا) وقال تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله),

    [الله تعالى يمكر حقيقة]
    والله تعالى يمكر حقيقة ليس كما يقول بعض المفسرين ان هذا على سبيل المشاكلة اللفظية فقط, لا, بل هو حقيقة, يمكر بالكافرين والمنافقين في الدنيا والآخرة كما يمكرون, ويستهزئ بهم ويخدعهم (يخادعون الله وهو خادعهم) فما يكون من الرب من مكر واستهزاء انما هو عقوبة,
    وسنة الله في الجزاء أنه من جنس العمل, فيستهزئ بالمستهزئين ويسخر بالساخرين برسله وأوليائه, ويمكر بالمكرين بأنبيائه ورسله وأوليائه,

    وأما المخلوق فيكون منه المكر المحمود والمذموم, فمنه ما يكون عدلا ومنه ما يكون ظلما وعدوانا والله أعلم.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:44

    قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:

    القاعدة الثانية:
    باب الصفات أوسع من باب الأسماء وذلك:
    1/ لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء،
    2/ ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

    ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تعالى المجيء، والإتيان، والأخذ والإمساك، والبطش، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى,
    كما قال تعالى: (وَجَاءَ رَبُّك).
    وقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ).
    وقال: (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ).
    وقال: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
    وقال: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ).
    وقال: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ).
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا".
    فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها،
    فلا نقول إن من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، والممسك، والباطش، والمريد، والنازل، ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    من قواعد الصفات أنها أوسع من الأسماء فكل اسم متضمن لصفة, فتقول إن عليم وسميع وبصير صفات, وهي أسماء.

    [لا يشتق من كل صفة اسم]
    ولا يشتق له تعالى من كل صفة اسم, كالغضب والرضى والمجيء والنزول والإستواء,

    [بعض الأفعال مشتقة من الأسماء]
    وبعض الأفعال مشتقة من الأسماء مثل الخلق فهو الخالق الخلاق ومثل الرَّزق فهو الرازق والرزّاق وهو خير الرازقين.

    [فباب الصفات أوسع من الأسماء]
    فباب الصفات أوسع, فكل اسم متضمن لصفه, وليس كل صفة تكون اسما لله أو يشتق له تعالى منها اسم, تقول الله مستوٍ على عرشه لكن لا تقول يا مستوي, فلا تدعوه بهذا لكن تخبر فتقول الله مستوٍ على عرشه.

    [أمثلة توضح بعض الأخطاء في هذا الباب]
    والناس عندهم بعض الغلط في هذا:
    1/ فبعضهم يقول الله المُهْدي ويقولون عبد المُهْدي,
    2/ ويقولون عبد العاطي لأنه المعطي,
    3/ وكذلك عدُّ المعز والمذل من الأسماء, وهي ما ثبتت بهذه الصيغة وإنما وردت بالفعل (يعز من يشاء),(يذل من يشاء).

    [هل المنعم والمحسن من الأسماء]
    (
    انظر الفوائد على القاعدة الخامسة من قواعد الأسماء تحت عنوان:
    [بعض الأفعال يمكن أن يشتق منها اسماء ومثال ذلك]
    )
    وبعض الأسماء وردت مثل المحسن, والإحسان المطلق لله تعالى, وكذلك الإنعام ولهذا اشتهر عبدالمحسن وعبدالمنعم فإنه تعالى المنعم بجميع النعم (وما بكم من نعمة فمن الله)

    [أفعاله تعالى لا حد لها]
    أفعاله تعالى لا حد لها لأنه لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد وكذلك كلامه لا نهاية له كما في الآية التي ذكرها الشيخ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:46

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:

    القاعدة الثالثة:
    صفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
    ثبوتية، وسلبية:
    فالثبوتية: ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم،
    وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة والعلم، والقدرة، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والوجه، واليدين، ونحو ذلك.
    فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة على الوجه اللائق به بدليل السمع والعقل.
    أما السمع:
    فمنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً). فالإيمان بالله يتضمن: الإيمان بصفاته. والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله. وكون محمد صلى الله عليه وسلم رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر به عن مرسِله، وهو الله – عز وجل.
    وأما العقل:
    فلأن الله تعالى أخبر بها عن نفسه، وهو أعلم بها من غيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن التردد في الخبر إنما يتأتي حين يكون الخبر صادراً ممن يجوز عليه الجهل، أو الكذب، أو العي بحيث لا يفصح بما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله – عز وجل – فوجب قبول خبره على ما أخبر به.
    وهكذا نقول فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأصدقهم خبراً وأنصحهم إرادة، وأفصحهم بياناً، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه.

    والصفات السلبية:
    ما نفاها الله – سبحانه – عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات نقص في حقه كالموت، والنوم، والجهل، والنسيان، والعجز، والتعب.
    فيجب نفيها عن الله تعالى – لما سبق – مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل، وذلك:
    1/ لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه فالمراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده، لا لمجرد نفيه؛ لأن النفي ليس بكمال، إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال، وذلك لأن النفي عدم، والعدم ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون كمالاً،
    2/ ولأن النفي قد يكون:
    أ/ لعدم قابلية المحل له، فلا يكون كمالاً كما لو قلت: الجدار لا يظلم.
    ب/ وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصاً، كما في قول الشاعر:
    قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
    وقول الآخر:
    لكن قومي وإن كانوا ذوى حسب ليسوا من الشر في شيء وإن هانا

    مثال ذلك: قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوت). فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته.
    مثال آخر: قوله تعالى:(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً). نفي الظلم عنه يتضمن كمال عدله.
    مثال ثالث: قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ). فنفي العجز عنه يتضمن كمال علمه وقدرته. ولهذا قال بعده: (إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً). لأن العجز سببه إما الجهل بأسباب الإيجاد، وإما قصور القدرة عنه فلكمال علم الله تعالى وقدرته لم يكن ليعجزه شيء في السموات ولا في الأرض.
    وبهذا المثال علمنا أن الصفة السلبية قد تتضمن أكثر من كمال.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:

    يقول الشيخ إن صفات الله ثبوتية يعني صفات يجب إثباتها له, وسَلبية وهي سلب النقائص والعيوب, وهذا صيحيح,

    وهذه صاغها شيخ الإسلام بعبارة أخرى وهي أن الله موصوف بالإثبات والنفي, بإثبات صفات الكمال من الحياة والعلم والسمع والبصر والعزة والرحمة والقدرة وبنفي النقائص فالله موصوف بالإثبات وموصوف بالنفي ونجد هذا في الآيات:
    فقوله (قل هو الله احد الله الصمد) هذا إثبات
    وقوله (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) هذا نفي,

    [هل النفي يسمى سلب؟]
    والنفي يسمى سلب,
    فالله موصوف بإثبات الكمالات وموصوف بسلب النقائص,

    [النوم والسنه والظلم والولد ليست صفات سلبية]
    فالنوم والسِنَة والولد والظلم ليست هي الصفات السلبية التي نقول إن الله موصوف بصفات سلبية بل الصفات السلبية هي نفيها فالله موصوف بسلب هذه النقائص, فالصفة هي النفي, فنفي النقائص مما يوصف الله به.

    [النفي الذي يوصف الله به هو النفي المتضمن لإثبات كمال ]
    والنفي الذي يوصف الله به هو النفي المتضمن لإثبات كمال كما قال الشيخ,
    أما النفي المحض الذي لا إثبات فيه فهذا ليس بمدح ولا كمال,
    وقد ذكر شيخ الإسلام هذا المعنى في القاعدة الأولى من القواعد التي ذكرها في التدمرية فقال: (واعلم أن النفي لا يكون مدحا ولا كمالا إلا إذا تضمن ثبوت فإن النفي المحض عدم محض والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل ليس بشيء فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا),

    [أمثلة توضح ان النفي المحض ليس كمالا]
    1/ وقالوا تمثيلا لهذا مثل وصف العاجز بأنه لا يظلم, فنفي الظلم عنه لعجزه لا لعدله,
    2/ ومثل كون الشيء لا يُرى مطلقا فهذا ليس بمدح, يقول شيخ الإسلام (لأن المعدوم لا يُرى والمعدوم لا يوصف بمدح ولا كمال).

    فكل نفي في صفات الله فإنه متضمن لإثبات كمال, فنفي الظلم يتضمن إثبات كمال العدل ونفي النوم والسنة والموت يتضمن كمال الحياة ونفي الضلال والنسيان يتضمن كمال العلم, الى آخره.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:47

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:

    القاعدة الرابعة:

    الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر.
    ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات السلبية، كما هو معلوم.
    أما الصفات السلبية فلم تذكر غالباً إلا في الأحوال التالية:
    الأولى:
    بيان عموم كماله كما في قوله تعالى:
    (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).

    الثانية:
    نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون، كما في قوله:
    (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً* وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً).

    الثالثة:
    دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين، كما في قوله:
    (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ).
    وقوله:
    (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ).


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:

    تقدم معنا أن الله موصوف بالإثبات والنفي, أو أن صفاته نوعان ثبوتية وسلبية, والسلبية نسبة الى السَّلب, وهو معنى النفي,
    فقول إن الله موصوف بالإثبات والنفي أو موصوف بصفات ثبوتية وسلبية فالمعنى واحد,

    [وجه كون الصفات السلبية صفات كمال]


    فهو موصوف بإثبات صفات الكمال وكل ماوصف الله به نفسه فهو صفة كمال بما في ذلك الصفات السلبية أيضا, أما الثبوتية فأمرها ظاهر, وأما الصفات السلبية فإنها متضمنة للكمال, لأنها متضمنة لإثبات أضدادها,
    فكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله من النفي فإنه متضمن لإثبات كمال ضد ما نفاه كما تقدم هذا المعنى,

    [الغالب ان الإثبات يكون مفصلا والنفي يكون مجملا]


    لكن الإثبات في الغالب يأتي مفصلا يعني في تعداد وتفصيل في الأسماء الحسنى والصفات لأنه إثبات محامد وكمالات.
    وأما في النفي فالغالب فيه الإجمال كقوله (ليس كمثله شيء),

    [قد يأتي النفي مفصلا وأمثلة ذلك]
    وقد يأتي مفصلا

    1/
    للرد على المفترين كما قال الشيخ,

    2/
    أو يأتي من أجل دفع توهم نقص في مقام من المقامات كقوله:
    (وما مسنا من لغوب) لما ذكر خلقه للسماوات والأرض في ستة أيام, ففي ذلك تأكيد لكمال قدرته سبحانه وتعالى وأنه لا يلحقه كلال ولا إعياء مع عظيم فعله,

    ومثل الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فنفي السنة والنوم تضمن كمال الحياة والقيام.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 8:48

    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:

    القاعدة الخامسة:

    الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين:
    ذاتيةوفعلية.

    فالذاتية:
    هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها، كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، ومنها الصفات الخبرية، كالوجه، واليدين، والعينين.

    والفعلية:
    هي التي تتعلق بمشيئته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.

    وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين، كالكلام، فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً. وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

    وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته. وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نعجزعن إدراكها لكننا نعلم علم اليقين أنه – سبحانـه – لا يشاء شيئاً إلا وهو موافق للحكمة ، كما يشير إليه قوله تعالى : (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشـَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً).


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    [الكلام على تقسيم العلماء الصفات الى ذاتية وفعلية وذاتية فعلية]
    أهل العلم يقسمون الصفات الى ذاتية وفعلية وذاتية فعلية,
    وهذا التقسيم كغيره مما نبه اليه أهل العلم لدعاء الحاجة الى ذلك,
    وإلا فالسلف والصحابة يدركون هذه المعاني دون أن يتكلموا بهذه المصطلحات,
    لكن لما جاءت البدع ووقع الناس في التخبط نبه العلماء الى المسائل, وقسَّموا وفصَّلوا مثل تقسيم التوحيد ومثل تقسيم أفعال العبادات الى اركان وواجبات وسنن.

    [المراد بالصفات الذاتية]
    فهنا قالوا إن الصفات منها صفات ذاتية نسبة إلى ذات الله وهي الصفات الملازمة لذاته التي لا تنفك عنها ذات الرب,

    [الفرق بين الصفات الذاتية والفعلية]
    فيمكن أن تضبط الفرق بين الذاتية والفعلية:
    1/ إما أن تقول الصفات الذاتية هي التي لا تنفك عنها ذات الرب,
    2/ أو تقول إنها الصفات التي لا تتعلق بها المشيئة والفعلية هي التي تتعلق بها المشيئة, أو تكون بمشيئته سبحانه وتعالى,

    [أمثلة تطبيقية على الضابط السابق]
    والفرق ظاهر فالحياة صفة ذاتية لا تتعلق بها المشيئة, ولا تنفك عنها ذات الرب,
    فلا تقول انه حي إذا شاء, هذا لا يجوز, أو عليم أو يعلم إذا شاء, أو ذو عزة إذا شاء, فهذا لا يستقيم, بل هذه صفات لازمة لذاته لا تتعلق بها المشيئة.
    أما الصفات الفعلية وتسمى الصفات الإختيارية أو الأفعال الإختيارية, فهذه تابعة لمشيئته, مثل:
    النزول, فتقول ينزل إذا شاء, ومثل الإستواء على العرش والمجيء يوم القيامة وكذلك الغضب والرضى فهذه الصفات فعلية.

    [ومن الصفات ماتكون ذاتية فعلية]
    يقول الشيخ ومن الصفات ما يصدق عليها أنها ذاتية فعلية باعتبارين, مثل الكلام و الخلق و الرَّزق, فهذه باعتبار ان الله لم يزل موصوفا بها فتقول الله لم يزل فعالا لما يريد, ولم يزل خالقا, ولم يزل غفورا, ولم يزل رحيما, فهذه صفات ذاتية وباعتبار أفراد أو آحاد هذه الأفعال هي تابعة للمشيئة,
    فهو يرحم من شاء إذا شاء, ويرزق من شاء إذا شاء, ويتكلم إذا شاء, فالكلام قديم النوع حادث الآحاد, فالكلام صفة ذاتية, والخلق صفة ذاتية فعلية, والمغفرة وكونه تعالى غفور صفة ذاتية فعلية وما أشبه ذلك.

    [الصفات الخبرية منها ذاتية ومنها فعلية]
    يقول الشيخ ومن الصفات الذاتية الصفات الخبرية,
    والحقيقة أن الصفات الخبرية منها ذاتية ومنها فعلية أيضا, فالصفات الخبرية تقابل بالصفات العقلية,

    [المراد بالصفات الخبرية والصفات العقلية]
    فالصفات الخبرية هي التي طريق العلم بها الخبر والنقل,
    والعقلية هي التي طريق العلم بها السمع والعقل,
    فالعلم والسمع والبصر والحياة صفات خبرية سمعية عقلية,
    والوجه واليدين والقدمين والعينين صفات خبرية,
    والصفات الخبرية منها صفات ذاتية كالوجه واليدين,
    ومنها صفات فعلية كالضحك والفرح والمجيء فهذه صفات خبرية فعلية,
    فالصفات الذاتية يقابلها الفعلية والصفات الخبرية يقابلها العقلية,
    وكلٌ من الخبرية أو العقلية كل منهما ينقسم إلى ذاتية وفعلية, والله أعلم.

    [سؤال وجواب: هل يشكل كون الصفات منها صفات عقلية مع أن الصفات توقيفية؟]
    الصفات العقلية توقيفية, لكن العقل يدركها, فيتظافر ويجتمع فيها دلالتان,
    مثل الحياة صفة كمال وطريق العلم بها السمع والعقل والعلم كذلك, أفيقول قائل لو لم يأتي في النصوص ذكر العلم نقول ما ندري أيوصف بالعلم أو لا يوصف؟!, ولو لم تأتي النصوص بذكر الحياة نقول لا ندري العقل لا يدل على إثبات شيء من ذلك؟!,


    لا نقول هذا,


    بل هذه الصفات تظافرت عليها الدلالات السمع والعقل لأن انتفاءها نقص, ومعلوم بضرورة العقل تنزيه الله عن النقص
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:03

    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:

    القاعدة السادسة:

    يلزم في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين:
    أحدهما: التمثيل.
    والثاني: التكييف.

    فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين، وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.

    أما السمع:
    1/ فمنه قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
    2/ وقوله: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
    3/ وقوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً).
    4/ وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
    وأما العقل فمن وجوه:

    الأول:
    أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبياناً في الذات، وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات؛ لأن صفة كل موصوف تليق به، كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات، فقوة البعير مثلاً غير قوة الذرة، فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع اشتراكها في الإمكان والحدوث، فظهور التباين بينها وبين الخالق أجلى وأقوى.

    الثاني:
    أن يقال: كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه مشابهاً في صفاته للمخلوق المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله، وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟! فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصاً.

    الثالث:
    أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية، فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم، فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما تباين في الكيفية والوصف، فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاقُ في الحقيقة.

    والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في كل الصفات، والتشبيه التسوية في أكثر الصفات، لكن التعبير بنفي التمثيل أولى لموافقة القرآن:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
    وأما التكييف: فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا، من غير أن يقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.

    أما السمع:
    1/ فمنه قوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً).
    2/ وقوله: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).
    ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.

    وأما العقل:
    1/ فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له،أو بالخبر الصادق عنه،وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله – عز وجل – فوجب بطلان تكييفها.
    2/ وأيضاً فإننا نقول: أي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟ إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، فالله أعظم وأجل من ذلك. وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها؛ لأنه لا علم لك بذلك.

    وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان، أو تقديراً باللسان، أو تحريراً بالبنان.
    ولهذا لما سئل مالك – رحمه الله تعالى – عن قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرُحَضاء (العرق) ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" وروى عن شيخه ربيعة أيضاً: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول".

    وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه.
    فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    [مذهب أهل السنة وسط بين المعطلة والمشبهة]
    معلوم ان مذهب أهل السنة وسط بين أهل التشبيه والتعطيل ولهذا يقولون الواجب وصفه تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل.

    [الواجب على المثبت للصفات]
    فالمثبت للصفات يجب عليه الحذر من مذهب أهل التشبيه وأهل التكييف, فالمثبت للصفات يجب أن يكون إثباته بريئا من التشبيه والتكييف.

    [معنى التشبيه]
    والتشبيه هو جعل الشيء إعتقادا أو قولا شبيها للشيء الآخر, هذا مثل هذا , ولأن المشبهه يقولون له سمع كسمعي وبصر كبصري ويد كيدي,

    [لماذا كان المشبه معطلا؟]
    وهؤلاء ومن سلك هذا المسلك لم يكن مثبتا على الحقيقة فإنه لم يثبت لله صفاته التي تليق به, فوقع في الأمري في التعطيل والتشبيه, فعطل الرب عن صفات كماله التي تليق به, ووصفه بما يجب تنزيهه عنه, ولهذا يقول أهل العلم إن كل مشبهه معطل وكل معطل مشبه يعني فيه تلازم بين التشبيه والتعطيل, لكن المشبه أصل مذهبه الإثبات مع التشبيه ولكن لازم قوله التعطيل,

    [معنى التكييف]
    والتكييف هو بيان كيفية الصفة,

    [التكييف يستلزم التشبيه وبيان ذلك]
    وفي الحقيقة ان التكييف يستلزم التشبيه لأن الإنسان لم يكيف شيئا إلا في حدود معلومه يتخيله على نحو ما يَعرف, المشبه يقول سمعه كسمعي وبصره كبصري, لكن المكيف يقول إنه يسمع هكذا وينزل هكذا فيصف الهيئة والكيفية, فالتكييف يستلزم التشبيه,
    ولهذا النصوص الدالة على نفي التشبيه تتضمن نفي التكييف كقوله (ولم يكن له كفوا أحد) وقوله (ليس كمثله شيء)

    [التشبيه نوعان تشبيه الخالق بالمخلوق وتشبيه المخلوق بالخالق]
    والتشبيه الذي هذا محله هو تشبيه الخالق بالمخلوق,

    [حكم التشبيه بنوعيه]
    وكل من التشبيهين باطل فلا يجوز تشبيه الخالق بالمخلوق وذلك بوصف الخالق بصفات وخصائص المخلوق ولا تشبيه المخلوق بصفات الخالق,

    [مثال تشبه الخالق بالمخلوق]
    لكن الكلام الذي ذكره الشيخ منصب على تشبيه الخالق بالمخلوق كقول المشبهة له سمعه كسمعي وبصره كبصري الى آخره, فمن وصف الله بخصائص المخلوق فقد شبه الخالق بالمخلوق

    [تشبيه المخلوق بالخالق أكثر من تشبيه الخالق بالمخلوق]
    ولكن أكثر ما وقعت فيه البشرية هو تشبيه المخلوق بالخالق فالمشركون كلهم مشبهون لآلهتم بالخالق حيث أثبتوا لمعبوداتهم خصائص الإلهية فجعلوها آلهة مع الله, فالمشرك مشبه لمعبوده برب العالمين, ولهذا وردت النصوص في نفي التشبيه على نفي تشبيه المخلوق بالخالق كقوله (ليس كمثله شيء) أي ليس شيء من الموجودات مثلا له, لم يكن أحد كفؤ له, ليس شيء سميا له, (فلا تضربوا لله الأمثال) أي لا تجعلوا له مثلا من خلقه,

    [إبطال تشبيه المخلوق بالخالق يستلزم إبطال تشبيه الخالق بالمخلوق]
    ولا شك أن إبطال هذا النوع يستلزم إبطال الثاني فمن شبه الله بخلقه فقد لزم منه أن يكون المخلوق كالخالق,

    [الأدلة على إبطال التشبيه والتكييف]
    والتشبيه والتكييف كما قال الشيخ باطل شرعا وعقلا أما الشرع فللآيات والنصوص كما أوردها الشيخ,
    وأما دلالة العقل فعلى الوجوه التي ذكرها والكلام فيها لا يتسع له الوقت والله أعلم.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:05

    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:

    القاعدة الثانية:
    الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف لاسيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها.
    ودليل ذلك: السمع، والعقل.
    أما السمع:
    فقوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ).
    وقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
    وقوله: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
    وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي.
    وقد ذم الله تعالى اليهود على تحريفهم، وبين أنهم بتحريفهم من أبعد الناس عن الإيمان. فقال: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). وقال تعالى:( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) الآية.

    وأما العقل:
    فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين فوجب قبوله على ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.



    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    [الأصل في حمل كلام أي متكلم]
    لا شك ان الواجب في كلام الله وكلام رسوله إجرؤه على ظاهره,
    بل هذا هو الأصل في حمل كلام أي مخاطب, ما لم يقم دليل يوجب صرفه عن ظاهره,
    وإلا لما كان الكلام بيانا ولا دالا على مراد المتكلم,
    الأصل أن الكلام يبين به المتكلم مراده, ولا يأتي الخلل إلا إما:
    1/ من نقص بيانه, فصاحته, فقد يتكلم بكلام لا يدل على مراده بسبب عجزه وضعف بيانه وعدم فصاحته,
    2/ أو أن يريد التلبيس على المخاطب, فيخاطبه بخلاف مراده حتى يفهم من ذلك الكلام خلاف المراد,
    ولهذا ذكر شيخ الإسلام أنه إذا توفرت هذه المقومات وهي العلم والبيان والنصح لزم من ذلك أن يتحقق البيان,
    والرسول اعلم الخلق وأفصح الخلق وأنصح الخلق فوجب أن يدل كلامه على مراده أتم دلالة وأكمل بيان.

    [معنى التحريف]
    وخلاف ذلك حمل كلام المتكلم على معان قد يحتملها لكن بغير حجة وهذا هو التحريف,
    التحريف صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة, ويسميه المتأخرون تأويلا, فيقولون التأويل صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح إلى الإحتمال المرجوح لدليل, والشأن في ذلك الدليل,

    [أهل التأويل يصرفون النصوص عن ظاهرها بلا دليل]
    فأهل التأويل من نفاة الصفات ــ لأن نفاة الصفات طائفتان كما تقدم مفوضة ومؤولة ــ يفسرون نصوص الصفات بخلاف ما تدل عليه, ثم يضطربون في هذا التأويل, فيصرفون كلام الله وكلام رسوله عن ظاهره بغير حجة, بل بشبهات يسمونها عقليات, وهي في الحقيقة جهليات وقد عمدوا إلى أفضل أنواع النصوص ــ وهي نصوص الأسماء والصفات ــ عمدوا إليها فصرفوها عن ظواهرها, بناء على ما أصَّلوه بالشبهات الباطلة من أنه تعالى لا تقوم به الصفات, فالجهمية والمعتزلة لما أصلوا نفي الصفات لابد أن يكون لهم موقف من هذه النصوص, كيف يصنعون بها؟ فلجؤا إلى التأويل فصارت النصوص عندهم لا تدل على إثبات الصفات,

    [اللذين لم يفهموا من النصوص إلا التشبيه وقعوا في أربعة محاذير]
    يقول الشيخ في التدمرية إن اللذين لم يفهموا من النصوص إلا التشبيه وقعوا في أربعة محاذير:
    1/ جعلوا النصوص أولا دالة على الباطل وهو التشبيه,
    2/ ثانيا أنهم عطلوها عن مراد الله منها فجعلوها دالة على الباطل, خالية عن الدلالة على الحق,
    3/ وعطلوا الرب تعالى عن صفات كماله,
    4/ وشبهوه بالجمادات والمعدومات والممتنعات,
    يقول فجمعوا في الله وفي كلام الله بين التعطيل والتمثيل.

    [التحريف سبيل اليهود وسبيل كل مبطل]
    وقال الشيخ عندك أن التحريف سبيل اليهود, فاليهود نعتهم الله بالتحريف, فهؤلاء الجهمية والمعتزلة ومن شابههم كل بحسبه, قد شابهوا اليهود في تحريف كلام الله كما قال تعالى (يحرفون الكلم عن مواضعه) وقال(يحرفون الكلم من بعد مواضعه)
    وهذا سبيل كل مبطل, فكل مبطل تعارض النصوص مذهبه فإنه يقف منها هذا الموقف, يلتمس لها التأويلات ليتخلص منها هذا فيما لم يقدر على رده,
    أما ما قدر على رده دفعه, وقال هذا كذب هذا ما صحَّ, هذا خبر آحاد وما أشبه ذلك,
    فإن لم يقدر على الرد بطريق من الطرق ذهب إلى التحريف, وحقيقة التحريف صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره بغير حجة توجب ذلك,

    [دليل هذه القاعدة]
    والشيخ محمد رحمه الله إستدل على هذه القاعدة بأن الله أخبر أنه خاطب عباده بلسان عربي مبين, فوجب حمل كلام الله على ما يقتضيه اللسان العربي, وإلا لما كان بيانا ولهذا الذين حرفوا النصوص أو فوضوا فيها لزم من قولهم أن القرآن ليس هدى ولا بيانا ولا شفاء, فالهدى والبيان والشفاء يكون بالكلام البين الذي يدل على معان بحسب ظاهره, أما إذا قيل إن هذا الكلام لايدل على شيء ولا يفهم منه شيء لم يكن هدى ولا بيانا ولا شفاء, أو قيل إنه يدل على معان هي خلاف الظاهر فكذلك يكون المتكلم ملغز بكلامه لا مبين,

    وإجراء النصوص على ظاهرها هو موجب الشرع كما قال الشيخ للأدلة التي ذكرها,

    وهو موجب العقل كما قلنا إن الواجب حمل كلام المتكلم على ظاهره دائما, سواء كان كلام الله أو كلام الرسول أو كلام سائر المخاطِبين إلا أن يدل دليل على وجوب حمله على خلافه,
    هذا هو الأصل وهذا هو المعروف في عرف العقلاء والله أعلم.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:06

    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:

    القاعدة الثالثة:
    ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر،
    فباعتبار المعنى هي معلومة،
    وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة.
    وقد دل على ذلك: السمع والعقل.
    أما السمع:
    فمنه قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).
    وقوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكـُمْ تَعْقِلُونَ).
    وقـوله –جـل ذكره– (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
    والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه، ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.
    وكون القرآن عربياً ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
    وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.
    وأما العقل:
    فلأن من المحال أن ينزل الله تعالى كتاباً أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلام يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق، ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة مجهول المعنى، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها شيء؛ لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى عن كتابه: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
    هذه دلالة السمع والعقل على علمنا بمعاني نصوص الصفات.

    وأما دلالتهما على جهلنا لها باعتبار الكيفية،فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.

    وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف. والسلف بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً وتفصيلاً أحياناً، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله عز وجل.
    قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه المعروف بـ "العقل والنقل" ص116 جـ1 المطبوع على هامش (منهاج السنة): "وأما التفويض فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه، فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله – إلى أن قال ص118 -: وحينئذٍ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه. بل يقولون كلاماً لا يعقلون معناه، قال: ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدىً وبياناً للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نزل إليهم وأمر بتدبر القرآن وعقله ومع هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته... لا يعلم أحد معناه فلا يعقل ولا يتدبر، ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين، وعلى هذا التقدير فيقول كل ملحد ومبتدع الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي، وليس في النصوص ما يناقض ذلك؛ لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة، ولا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدل به، فيبقى هذا الكلام سداً لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء، وفتحاً لباب من يعارضهم ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء؛ لأننا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية، والأنبياء لم يعلموا ما يقولون فضلاً عن أن يبينوا مرادهم، فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد. أهـ. كلام الشيخ وهو كلام سديد من ذي رأي رشيد، وما عليه مزيد – رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجمعنا به في جنات النعيم.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    هذه القاعدة هي مضمون القاعدة الخامسة في التدمرية يقول شيخ الإسلام: إنا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه, يعني الأخبار التي أخبرنا الله بها من الغيوب عن نفسه وعن اليوم الآخر, فهذه نعلمها من وجه دون وجه,

    [لا يلزم من العلم بمعنى الشيء إجمالا الإحاطة به وبيان ذلك بالمثال]
    والوجهان كما ذكرهما الشيخ محمد رحمه الله نعلمهما من جهة المعنى, فنعلم معانيها ونفهمها ونتدبرها ونعرف ربنا بها ونعرف مراده من هذه الأخبار, ونعرف مراده من الإخبار عن اليوم الآخر, ولكن لا نعلمها من جهة حقائقها وكيفياتها, فلا يلزم من العلم بمعنى الشيء إجمالا الإحاطة به,

    [المثال الأول]
    وهذا كثير, ولعله يكون حتى في المحسوسات فالشمس نعلمها ونعرفها ويراها الناس, لكن هل يحيط الناس بها؟ وهل يحيط الناس بحقيقتها وما هي عليه كما خلقها الله؟ قد يعرفون أشياء لكن هل يعرفون حقيقة الشمس على ما هي عليه كما خلقها الله سبحانه وتعالى؟

    [مثال ثان ذكره شيخ الإسلام في التدمرية]
    والشيخ رحمه الله في التدمرية ضرب مثلا للعجز عن معرفة الكيفية بالروح, فهذه الروح التي في الناس وبها حياتهم ولها شأن وصفات وهي معروفة, ومع ذلك لا يدرك الناس كنهها أبدا, فيقول الشيخ هناك العقول عاجزة عن تكييف الروح, فإذا كانت العقول عاجزة عن تكييف الروح فهي عن تكييف ذات الرب وصفاته أعجز.

    [الأدلة على أن الأخبار التي أخبرنا الله بها من الغيوب عن نفسه واليوم الآخر معلومة المعنى]
    وذكر شيخ الإسلام في القاعدة الخامسة الدليل على الوجه الأول, وهو نفس ما ذكره الشيخ محمد فذكر آيات التدبر:
    (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
    (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا)
    (أفلم يدبروا القول)
    (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته)
    ثم قال: فأمر الله بتدبر القرآن كله فعلم أن القرآن كله محل للتدبر, إذن فالقرآن كله يمكن فهمه, وأعظم ذلك وأوله وأولاه نصوص الصفات, فهي أشرف كلام الله, وأشرف آي القرآن, لأن أشرف العلوم الشرعية هي العلم بالله بأسمائه وصفاته,

    [الأدلة على أنها غير معلومة لنا باعتبار الكيفية والحقيقة]
    وأما الوجه الثاني الذي لا نعلمه فاستدل له بقوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله) والتأويل في هذه الآية ولاسيما على قرآءة الجمهور هو الحقيقة التي يؤول إليها الشيء, فلا يعلم تأويل ما تشابه من القرآن, يعني لا يعلم حقيقته وما يؤول إليه إلا الله, فلا يعلم كنه ذات الرب وصفاته ولا كنه ما أخبر به عن اليوم الآخر إلا الله, حتى إنه سبحانه في الحديث القدسي قال (أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت)

    [المقصود من هذه القاعدة]
    وفي آيات الأمر بالتدبر وذم المعرضين عن تدبر القرآن الرد على أهل التفويض وهذا هو المقصود من تقرير هذه القاعدة,

    [من هم أهل التفويض]
    وأهل التفويض هم الذين يقولون إن نصوص الصفات لا يعلم أحد معناها ولا الرسول صلى الله عليه وسلم, فلا يعلم معناها إلا الله ولهذا سماهم الشيخ في الحموية أهل التجهيل,

    [أهل التفويض هم أهل التجهيل]
    لأنهم بزعمهم هذا يجهلون الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في معاني كلام الله, بل على قولهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم بما لا يعلم معناه من حديثه, فأحاديث الصفات أيضا لا يعلم معناها إلا الله, فقولهم يتضمن إن الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم بما لا يعلم ويعقل معناه, وكفى بهذا فسادا, وكفى بهذا طعنا في كلام الله, وفي حكمة الله وفي كلام الرسول وقدره صلى الله عليه وسلم,
    سبحان الله ما أقبح هذا الكلام وهذا المذهب,

    [بعض الناس يظن أن مذهب أهل التفويض زين]
    مع أن كلمة التفويض يستروح لها بعض الناس ويظنون أن مذهب التفويض زين, فيه تفويض إلى الله,
    لا,
    هذا يستلزم أمور باطلة, يستلزم:
    أن القرآن ليس هدى ولا شفاء ولا بيان ولا فيه تعريف بالله بما يجب له وما يجوزعليه وما يمتنع عليه,

    [المعطلة بين التفويض والتأويل]
    فأهل التفويض معطلة نفاة لصفات الله,
    فالمعطلة لاسيما من الأشاعرة ونحوهم من الماتردية:
    1/ منهم من ينحو الى التفويض,
    2/ ومنهم من ينحو الى التأويل,
    أما الجهمية والمعتزلة الغالب عليهم والأصل فيهم هو التأويل.
    ولهذا يقول الشيخ رحمه الله في التدمرية ينعت هؤلاء الذين يفرقون بين الصفات يقول: الذين يوجبون فيما نفوه إما التفويض وإما التأويل, يعني بعضهم يقول فيها التفويض وبعضهم يوجب فيها التأويل والكل ينفي,

    [مثال يوضح ما سبق]
    فمثلا من الصفات التي ينفيها الأشاعرة الإستواء على العرش, فكلهم يتفقون على نفي حقيقة الإستواء على العرش والعلو والإرتفاع على العرش, فينفون العلو,
    لكن ماذا يعتذرون عن الآية؟
    أهل التأويل يقولون استوى بمعنى استولى هذا نموذج من تأويلاتهم,
    وأهل التفويض يقولون الله أعلم بمراده لا ندري ما معنى الرحمن على العرش استوى,
    فاتفقوا على نفي الإستواء على العرش, واختلفوا في موقفهم من الآية
    وقل مثل ذلك في سائر نصوص الصفات التي ينفونها, مثل النزول وكذلك الغضب والرضا وغير ذلك,

    [مثال آخر]
    فمثلا في آيات المحبة والرضا والغضب والسخط,
    أهل التأويل منهم من يفسر المحبة بالإرادة أو ببعض المخلوقات,
    وأهل التفويض يقولون الله أعلم بمراده, لا ندري ما معنى يحبهم, ولا ندري ما معنى يحب الذين يقاتلون, ولا ندري ما معنى غضب الله عليهم,

    فكما قال شيخ الإسلام في آخر الكلام الذي نقله الشيخ محمد: هؤلاء جعلوا أشرف ما في القرآن وهي نصوص الصفات غير معلومة ولا ينتفع بها, ويلزم على قول هؤلاء إن الكتاب والسنة ليسا طريقا لمعرفة الله وإنما يعرف الله بالعقول, وعلى هذا فكل صاحب فكر يدعي أن ما أدركه بعقله هو الواقع وهو الحق, ولهذا يقول شيخ الإسلام في الحموية إنه يلزم على قول أهل التفويض وأهل التأويل أن ترك الناس بلا رسالة أهدى لهم, لأن هذه النصوص على زعمهم ما دلت على الحق في باب معرفة الله, وما دلت على الحق المطابق للواقع, فأهل التأويل والتفويض كلهم يتفقون على أن هذه النصوص لا تدل على إثبات صفات قائمة بالرب سبحانه, لا صفات ذاتية ولا فعلية تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا والله أعلم.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:07

    قال الشيخ محمد بن عثيمين:

    القاعدة الرابعة:

    ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني،
    وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام،
    فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق. وتركيب الكلام يفيد معنى على وجه ومعنى آخر على وجه.
    فلفظ (القرية)، مثلاً يراد به القوم تارة، ومساكن القوم تارة أخرى.
    فمن الأول
    قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً ).
    ومن الثاني
    قوله تعالى عن الملائكة ضيف إبراهيم: (إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَة).

    وتقول: صنعت هذا بيدي، فلا تكون اليد كاليد في قوله تعالى: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ) ؛
    لأن اليد في المثال أضيفت إلى المخلوق فتكون مناسبة له، وفي الآية أضيفت إلى الخالق فتكون لائقة به، فلا أحد سليم الفطرة صريح العقل يعتقد أن يد الخالق كيد المخلوق أو بالعكس.

    ونقول: ما عندك إلا زيد، وما زيد إلا عندك، فتفيد الجملة الثانية معنى غير ما تفيده الأولى مع اتحاد الكلمات، لكن اختلف التركيب فغير المعنى به.
    إذا تقرر هذا فظاهر نصوص الصفات ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني.

    وقد انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
    القسم الأول:
    من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقاً يليق بالله – عز وجل – وأبقوا دلالتها على ذلك،
    وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
    وقد أجمعوا على ذلك كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن الكريم والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" أهـ.
    وقال القاضي أبو يعلى في كتاب "إبطال التأويل": "لا يجوز رد هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله، لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يعتقد التشبيه فيها، لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة" أهـ. نقل ذلك عن ابن عبد البر والقاضي شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص87-89 جـ5 من مجموع الفتاوى لابن القاسم.
    وهذا هو المذهب الصحيح، والطريق القويم الحكيم، وذلك لوجهين:
    الأول:
    أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف.
    الثاني:
    أن يقال: إن الحق إما أن يكون فيما قاله السلف أو فيما قاله غيرهم، والثاني باطل لأنه يلزم منه أن يكون السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان تكلموا بالباطل تصريحاً أو ظاهراً، ولم يتكلموا مرة واحدة لا تصريحاً ولا ظاهراً بالحق الذي يجب اعتقاده. وهذا يستلزم أن يكونوا إما جاهلين بالحق وإما عالمين به لكن كتموه، وكلاهما باطل، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، فتعين أن يكون الحق فيما قاله السلف دون غيرهم.

    القسم الثاني:
    من جعلوا الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً لا يليق بالله وهو: التشبيه، وأبقوا دلالتها على ذلك. وهؤلاء هم المشبهة ومذهبهم باطل محرم من عدة أوجه:
    الأول:
    أنه جناية على النصوص وتعطيل لها عن المراد بها، فكيف يكون المراد بها التشبيه وقد قال الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)
    الثاني:
    أن العقل دل على مباينة الخالق للمخلوق في الذات والصفات، فكيف يحكم بدلالة النصوص على التشابه بينهما؟
    الثالث:
    أن هذا المفهوم الذي فهمه المشبه من النصوص مخالف لما فهمه السلف منها فيكون باطلاً.

    فإن قال المشبه: أنا لا أعقل من نزول الله ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك، والله تعالى لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله فجوابه من ثلاثة أوجه:
    أحدها:
    أن الذي خاطبنا بذلك هو الذي قال عن نفسه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). ونهى عباده أن يضربوا له الأمثال، أو يجعلوا له أنداداً فقال: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقال: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وكلامه – تعالى – كله حق يصدق بعضه بعضاً، ولا يتناقض.
    ثانيها:
    أن يقال له: ألست تعقل لله ذاتاً لا تشبه الذوات؟
    فسيقول: بلى! فيقال له: فلتعقل له صفات لا تشبه الصفات، فإن القول في الصفات كالقول في الذات، ومن فرق بينهما فقد تناقض!.
    ثالثها:
    أن يقال: ألست تشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية؟ فسيقول: بلى! فيقال له: إذا عقلت التباين بين المخلوقات في هذا، فلماذا لا تعقله بين الخالق والمخلوق، مع أن التباين بين الخالق والمخلوق أظهر وأعظم، بل التماثل مستحيل بين الخالق والمخلوق كما سبق في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.

    القسم الثالث:
    من جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً، لا يليق بالله وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله، وهم أهل التعطيل سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات، أم خاصاً فيهما، أو في أحدهما، فهؤلاء صرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معاني عينوها بعقولهم,
    واضطربوا في تعيينها اضطراباً كثيراً، وسموا ذلك تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.


    فائدة من شرح الشيخ عبدالرحمن البراك:

    [لماذا كان تأويل المعطلة تحريفا؟]
    لأن التأويل في اصطلاح التأخرين هو صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح الى الإحتمال المرجوح لدليل,
    فهذا إن كان الدليل الموجب لصرف اللفظ عن ظاهره صحيح صح التأويل,
    وإن لم يكن صحيحا فهو التحريف,
    فالتحريف اذن هو صرف اللفظ عن معناه الى معنى آخر لغير دليل يوجب ذلك,
    له دليل عندهم لكنه غير صحيح,
    فالمعطلة قالوا إن الدليل إن إثبات الصفات تشبيه, وإن إثبات الصفات يستلزم التركيب,
    فهذا هو عمدتهم في صرف النصوص فجمعوا بين تعطيل الرب عن صفات كماله وتحريف النصوص عن مواضعها.

    قال الشيخ محمد بن عثيمين:

    ومذهبهم باطل من وجوه:
    أحدها: أنه جناية على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له.


    فائدة من شرح الشيخ عبدالرحمن البراك:

    يعني جعلوها دالة على إثبات الصفات وإثبات الصفات تشبيه [عندهم], فجعلوها دالة على الكفر لأن تشبيه الله بخلقه كفر, فيقولون إن ظاهرها معنى باطل وهو كفر فيجب تأويلها فلا يجوز اعتقاد ظاهرها.

    قال الشيخ محمد بن عثيمين:

    الثاني:
    أنه صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره، والله – تعالى – خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر؛ فوجب حمل كلام الله ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي؛ غير أنه يجب أن يصان عن التكييف والتمثيل في حق الله – عز وجل.
    الثالث:
    أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم وهو محرم ؛ لقوله – تعالى - : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ). ولقوله – سبحانه -: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).
    فالصارف لكلام الله – تعالى – ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له به علم. وقال على الله ما لا يعلم من وجهين:
    الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله – تعالى – ورسوله كذا، مع أنه ظاهر الكلام.
    الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا لمعنى آخر لا يدل عليه ظاهر الكلام.
    وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قول بلا علم؛ فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟!
    مثال ذلك: قوله – تعالى – لإبليس (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي). فإذا صرف الكلام عن ظاهره، وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين وإنما أراد كذا وكذا. قلنا له: ما دليلك على ما نفيت؟! وما دليلك على ما أثبت؟! فإن أتى بدليل – وأنى له ذلك – وإلا كان قائلاً على الله بلا علم في نفيه وإثباته.
    الوجه الرابع في إبطال مذهب أهل التعطيل:
    أن صرف نصوص الصفات عن ظاهرها مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، فيكون باطلاً، لأن الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسلف الأمة وأئمتها.
    الوجه الخامس:
    أن يقال للمعطل:
    هل أنت أعلم بالله من نفسه؟ فسيقول: لا.
    ثم يقال له: هل ما أخبر الله به عن نفسه صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
    ثم يقال له: هل تعلم كلاماً أفصح وأبين من كلام الله – تعالى؟ فسيقول: لا.
    ثم يقال له: هل تظن أن الله – سبحانه وتعالى – أراد أن يعمي الحق على الخلق في هذه النصوص ليستخرجوه بعقولهم؟ فسيقول: لا.
    هذا ما يقال له باعتبار ما جاء في القرآن.
    أما باعتبار ما جاء في السنة فيقال له:
    هل أنت أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا.
    ثم يقال له: هل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحق صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
    ثم يقال له: هل تعلم أن أحداً من الناس أفصح كلاماً، وأبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول لا ثم يقال له هل تعلم أن أحداً من الناس أنصح لعباد الله من رسول الله ؟ فسيقول : لا
    فيقال له: إذا كنت تقر بذلك فلماذا لا يكون عندك الإقدام والشجاعة في إثبات ما أثبته الله – تعالى – لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقته وظاهره اللائق بالله؟ وكيف يكون عندك الإقدام والشجاعة في نفي حقيقته تلك، وصرفه إلى معنى يخالف ظاهره بغير علم؟
    وماذا يضيرك إذا أثبت لله – تعالى – ما أثبته لنفسه في كتابه، أو سنة نبيه على الوجه اللائق به، فأخذت بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً ونفياً؟
    أليس هذا أسلم لك وأقوم لجوابك إذا سئلت يوم القيامة: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ).
    أوليس صرفك لهذه النصوص عن ظاهرها، وتعيين معنى آخر مخاطرة منك؟! فلعل المراد يكون – على تقدير جواز صرفها – غير ما صرفتها إليه.
    الوجه السادس في إبطال مذهب أهل التعطيل:
    أنه يلزم عليه لوازم باطلة؛ وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم.
    فمن هذه اللوازم:
    أولاً: أن أهل التعطيل لم يصرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها إلا حيث اعتقدوا أنه مستلزم أو موهم لتشبيه الله – تعالى – بخلقه، وتشبيه الله – تعالى – بخلقه كفر؛ لأنه تكذيب لقوله – تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). قال نعيم بن حماد الخزاعي أحد مشايخ البخاري – رحمهما الله -: من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً. أهـ.
    ومن المعلوم أن من أبطل الباطل أن يجعل ظاهر كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيهاً وكفراً أو موهماً لذلك.
    ثانياً: أن كتاب الله – تعالى – الذي أنزله تبياناً لكل شيء، وهدى للناس، وشفاءً لما في الصدور، ونوراً مبيناً، وفرقاناً بين الحق والباطل لم يبين الله – تعالى – فيه ما يجب على العباد اعتقاده في أسمائه وصفاته، وإنما جعل ذلك موكلاً إلى عقولهم، يثبتون لله ما يشاءون، وينكرون ما لا يريدون. وهذا ظاهر البطلان.
    ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، كانوا قاصرين أو مقصرين في معرفة وتبيين ما يجب لله تعالى من الصفات أو يمتنع عليه أو يجوز؛ إذ لم يرد عنهم حرف واحد فيما ذهب إليه أهل التعطيل في صفات الله – تعالى – وسموه تأويلاً.
    وحينئذ إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وسلف الأمة وأئمتها قاصرين لجهلهم بذلك وعجزهم عن معرفته، أو مقصرين لعدم بيانهم للأمة، وكلا الأمرين باطل!!
    رابعاً: أن كلام الله ورسوله ليس مرجعاً للناس فيما يعتقدونه في ربهم وإلاههم الذي معرفتهم به من أهم ما جاءت به الشرائع بل هو زبدة الرسالات، وإنما المرجع تلك العقول المضطربة المتناقضة وما خالفها، فسبيله التكذيب إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً، أو التحريف الذي يسمونه تأويلاً، إن لم يتمكنوا من تكذيبه.
    خامساً: أنه يلزم منه جواز نفي ما أثبته الله ورسوله، فيقال في قوله – تعالى -: (وَجَاءَ رَبُّكَ).إنه لا يجيء،وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" إنه لا ينزل لأن إسناد المجيء والنزول إلى الله مجاز عندهم، وأظهر علامات المجاز عند القائلين به صحة نفيه، ونفي ما أثبته الله ورسوله من أبطل الباطل، ولا يمكن الانفكاك عنه بتأويله إلى أمره؛ لأنه ليس في السياق ما يدل عليه.


    فوائد من شرح الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:

    لاشك ان المذاهب الباطلة تستلزم أمورا باطلة في العقل,
    قال الشيخ قاعدة وهي (ان بطلان اللازم يستلزم بطلان الملزوم)

    [ما يلزم على القول بنفي الصفات]
    فنفي الصفات عن الله وتحريف النصوص يستلزم هذه اللوازم الباطلة:
    1/ يستلزم تجهيل الرسول والصحابة والأئمة, أو كتمانهم للحق.
    2/ ويستلزم الطعن في حكمة الله سبحانه وتعالى والطعن في كلامه.
    فكل هذه معاني باطلة فإذا بطل اللازم بطل الملزوم,
    3/ ويستلزم ان ترك الناس بلا رسالة أهدى لهم,

    وما ذكره الشيخ من هذه اللوازم ذكرها شيخ الإسلام في العقيدة الحموية, فقد ذكر الأدلة العقلية على أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد بين للناس وبلغ ما يجب عليهم اعتقاده في ربهم, مما مما يجب له أو يجوز عليه أو يمتنع عليه, وبين ما يستلزمه قول المعطلة النفاة من اللوازم الباطلة,

    [مستند اهل التعطيل في تعطيلهم]
    وما مستند مذاهب المعطلة؟! لا مستند لهم من شرع,
    إنما يعولون على ما يزعمونه من قولهم: أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه ويستلزم التجسيم والتركيب,
    فكأنهم يعترضون على الله ورسوله, فالله يخبر بهذه الصفات ثم يقولون لا,

    [مذهب أهل التعطيل مستمد من أمم الكفر والإلحاد ]
    وهذا المذهب كما ذكر شيخ الإسلام في العقيدة الحموية أن أصله مستمد من اليهود والصابئة والمجوس,
    فهذا المذهب مستمد من أمم الكفر والإلحاد, وليس لهم أي مستند من الشرع,
    فما ذكره الشيخ هنا من هذا التفصيل وهذا البيان كثير منه معناه مبين في الفتوى الحموية للإمام ابن تيمية, والشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قد كان له عناية بالحموية حيث لخصها من قديم في فتح رب البرية في تلخيص الحموية.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:10

    تتمة القاعدة الأخيرة من قواعد أدلة الأسماء والصفات

    قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:

    ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات،
    أو تعدى إلى الأسماء – أيضاً –
    ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض، كالأشعرية والماتريدية: أثبتوا ما أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه، ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه أو لا يدل عليه.
    فنقول لهم: نفيكم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه يمكن إثباته بالطريق العقلي الذي أثبتم به ما أثبتموه كما هو ثابت بالدليل السمعي.
    مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة، ونفوا صفة الرحمة.
    أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها.
    أما السمع:
    فمنه قوله تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ).
    وأما العقل:
    فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو وصف دليل على الإرادة.
    ونفوا الرحمة؛ لأنها تستلزم لين الراحم ورقته للمرحوم، وهذا محال في حق الله تعالى.
    وأولوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة إلى الفعل أو إرادة الفعل ففسروا الرحيم بالمنعم أو مريد الإنعام.
    فنقول لهم: الرحمة ثابتة لله تعالى بالأدلة السمعية، وأدلة ثبوتها أكثر عدداً وتنوعاً من أدلة الإرادة.
    فقد وردت بالاسم مثل: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
    والصفة مثل: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ).
    والفعل مثل: (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ).
    ويمكن إثباتها بالعقل فإن النعم التي تترى على العباد من كل وجه، والنقم التي تدفع عنهم في كل حين دالة على ثبوت الرحمة لله – عز وجل – ودلالتها على ذلك أبين وأجلى من دلالة التخصيص على الإرادة، لظهور ذلك للخاصة والعامة، بخلاف دلالة التخصيص على الإرادة، فإنه لا يظهر إلا لأفراد من الناس.
    وأما نفيها بحجة أنها تستلزم اللين والرقة؛
    فجوابه: أن هذه الحجة لو كانت مستقيمة لأمكن نفي الإرادة بمثلها فيقال: الإرادة ميل المريد إلى ما يرجو به حصول منفعة أو دفع مضرة، وهذا يستلزم الحاجة، والله تعالى منزه عن ذلك.
    فإن أجيب: بأن هذه إرادة المخلوق أمكن الجواب بمثله في الرحمة بأن الرحمة المستلزمة للنقص هي رحمة المخلوق.
    وبهذا تبين بطلان مذهب أهل التعطيل سواء كانت تعطيلاً عاماً أو خاصاً.
    وبه علم أن طريق الأشاعرة والماتريدية في أسماء الله وصفاته وما احتجوا به لذلك لا تندفع به شبه المعتزلة والجهمية وذلك من وجهين:
    أحدهما:
    أنه طريق مبتدع لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا سلف الأمة وأئمتها، والبدعة لا تدفع بالبدعة وإنما تدفع بالسنة.
    الثاني:
    أن المعتزلة والجهمية يمكنهم أن يحتجوا لما نفوه على الأشاعرة والماتريدية بمثل ما احتج به الأشاعرة والماتريدية لما نفوه على أهل السنة، فيقولون: لقد أبحتم لأنفسكم نفي ما نفيتم من الصفات بما زعمتموه دليلاً عقلياً وأولتم دليله السمعي، فلماذا تحرمون علينا نفي ما نفيناه بما نراه دليلاً عقلياً، ونأول دليله السمعي، فلنا عقول كما أن لكم عقولاً، فإن كانت عقولنا خاطئة فكيف كانت عقولكم صائبة، وإن كانت عقولكم صائبة فكيف كانت عقولنا خاطئة، وليس لكم حجة في الإنكار علينا سوى مجرد التحكم واتباع الهوى.
    وهذه حجة دامغة وإلزام صحيح من الجهمية والمعتزلة للأشعرية والماتريدية، ولا مدفع لذلك ولا محيص عنه إلا بالرجوع لمذهب السلف الذين يطردون هذا الباب، ويثبتون لله تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً لا تمثيل فيه ولا تكييف، وتنزيهاً لا تعطيل فيه ولا تحريف، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).
    (تنبيه) علم مما سبق أن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل.
    أما تعطيل المعطل فظاهر، وأما تمثيله فلأنه إنما عطل لاعتقاده أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه فمثل أولاً، وعطل ثانياً، كما أنه بتعطيله مثله بالناقص.
    وأما تمثيل الممثل فظاهر، وأما تعطيله فمن ثلاثة أوجه:
    الأول: أنه عطل نفس النص الذي أثبت به الصفة، حيث جعله دالاً على التمثيل مع أنه لا دلالة فيه عليه وإنما يدل على صفة تليق بالله عز وجل.
    الثاني: أنه عطل كل نص يدل على نفي مماثلة الله لخلقه.
    الثالث: أنه عطل الله تعالى عن كماله الواجب حيث مثله بالمخلوق الناقص.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:

    هذه الجملة فيها بيان أن المعطلة طوائف وفرق متفاوتون في التعطيل, فبعضهم أشد مبالغة في التعطيل, ففيهم الغلاة وغلاة الغلاة,

    [الطائفة الأولى]
    فالمعطلة المحضة هم الذين ينفون الأسماء والصفات مطلقا وهذا مذهب الجهمية, فالجهمية هم الأصل في هذا الباب, فإنهم ينفون الأسماء والصفات ويقولون عما جاء في النصوص كلها مجاز, فالأسماء أسماء لبعض مخلوقاته والصفات يتأولونها بشتى المعاني التي تخرجها عن مراد الله ورسوله,

    [الطائفة الثانية]
    وشر من الجهمية الباطنية فهم غلاة الغلاة, فإنهم ينفون النقيضين, ينفون الصفات ونقائضها, يقولون ليس بسميع ولا أصم, ولا بصير ولا أعمى, ولا موجود ولا معدوم, ذكر هذا شيخ الإسلام في مواضع ومنها في التدمرية ذكرها في مواضع منها,

    [الطائفة الثالثة وهي دون من تقدم]
    ودون هؤلاء وأولائك المعتزلة فإن المشهور من مذهبهم أنهم يثبتون الأسماء, لكنهم يجعلونها أسماء محضة, لا تدل على معاني, إنما هي أعلام فهي أعلام محضة, وينفون سائر الصفات, ولا يثبتون هم والجهمية إلا ذات مجردة عن جميع الصفات,

    [الطائفة الرابعة]
    ودون هؤلاء مثل الأشاعرة والماتردية, فهم أقرب إلى أهل السنة حيث يثبتون بعض الصفات على ما في إثباتهم من انحراف ومن فساد, كما أنهم يثبتون مثلا صفة الكلام لكنه ليس على الوجه المعقول والمشروع,

    [كل من نفى شيئا يسمي من أثبته مشبها]
    وتقدم أن كل من نفى شيئا يسمي من أثبته مشبها, فالغلاة يسمون الجهمية مشبهة, والجهمية يسمون المعتزلة مشبهة لإثباتهم الأسماء, المعتزلة يجعلون الأشاعرة على مذهبهم مشبهة لأنهم يثبتون بعض الصفات, الجميع يجعلون أهل السنة, ويزعمون أن أهل السنة مشبهة,

    [تناقض أهل التعطيل]
    وبهذا يتبين أن فرق التعطيل متناقضون, ومن طريقة شيخ الإسلام رحمه الله أن يضرب بعضهم ببعض,
    وهذا هو المعنى الذي نقله الشيخ بعباراته لكن مضمونه قد قرره شيخ الإسلام ابن تيمية, فالأشاعرة قد فرقوا بين المتماثلات, حيث أثبتوا بعض الصفات زاعمين أن العقل يدل عليها, ونفوا بعض الصفات زاعمين أن العقل دل على نفيها أو لم يدل عليها, والحق أنه لا فرق فالقول في بعض الصفات كالقول في بعض, لا فرق بين الصفات, فإما إثبات الجميع أو نفي الجميع,
    وبسبب هذا التناقض كل طائفة ترد على الأخرى,

    [يمكن الرد على الأشاعرة بردهم على المعتزلة]
    فالأشاعرة والمعتزلة يمكن الرد على الأشاعرة فيما نفوه بما يردون به هم على المعتزلة فيما أثبتوه, فما يحتجون به على المعتزلة يحتج به أهل السنة عليهم,

    [يمكن الرد على المعتزلة بردهم على الجهمية]
    وكذلك المعتزلة مع الجهمية فما يرد به المعتزلة على الجهمية يرد به الأشاعرة وأهل السنة على المعتزلة,

    [هذا الأسلوب من الإحتجاج ذكره شيخ الإسلام في التدمرية فليراجع]
    وهذا الأسلوب من الاحتجاج والرد قرره شيخ الإسلام في التدمرية في تقريره الأصل الأول, في قوله (القول في بعض الصفات كالقول في بعض, وذكر الأشاعرة لا باسمهم لكن بمذهبهم, وأتبعهم بذكر المعتزلة ثم الجهمية, ثم الجهمية مع من بعدهم من الغلاة, وذكر هذا المعنى الذي ذكره الشيخ هنا في الرد على الأشاعرة ونحوهم في التناقض, حيث لا فرق بين ما نفوا وبين ما أثبتوا, فالصفات التي يثبتونها زاعمين أن العقل يدل عليها, من الأجوبة التي ذكرها الشيخ هناك هو ما نقله الشيخ هنا, من الأجوبة أن يقال يمكن إثبات ما نفيتم بمثل ما أثبتم به تلك الصفات, الشيخ هناك طبقها على الصفات السبع, والشيخ محمد هنا طبقها على واحدة من الصفات السبع وهي الإرادة, فمن الصفات التي يثبتونها الإرادة ومن الصفات التي ينفونها الرحمة, فيقال لا فرق بين إثبات الإرادة والرحمة, فإذا قلتم إن الإرادة دل العقل عليها, قلنا يمكن إثبات الرحمة بالعقل فإنعام الله على العباد ونفعهم بالإحسان يدل على الرحمة, كدلالة التخصيص على الإرادة, فيحسن أن ترجع إلى هذا في التدمرية فإنه هو الأصل في تقرير هذا الاحتجاج,

    [كل معطل ممثل وكل ممثل معطل وبيان ذلك]
    والشيخ محمد هنا أخيرا ينبه إلى أن المعطلة مشبهة, والمشبهة معطلة فكل معطل مشبه وكل مشبه معطل,
    وبينه فالمعطل شبه أولا ثم عطل ثانيا ثم شبه ثالثا, فلم يفهم من النصوص إلا التشبيه, ثم إنه نفى ما تدل عليه النصوص ولزم من ذلك تشبيهه تعالى بالجمادات والناقصات والمعدومات,
    المشبه كذلك حيث لم يثبت لله إلا ما يماثل صفات المخلوقين, وهذا يتضمن تعطيل الرب عن صفاته التي يستحقها


    والله أعلم.
    ..................................................
    ....................................
    .............. ......
    .......
    ...
    .
    وبهذا ولله الحمد تم الانتهاء من الجزء الأول من الكتاب وهو القواعد وبقي القسم الثاني وهو الشبه والرد عليها والقسم الثالث وهو الخاتمة
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:12

    جزاكم ربي خيرا اخانا ابا محمد على هذه التحفة المباركة و إنه ليجدر بي إن كانت كما وصفت أن أقدمها لإخواننا الذين طلبوها على ملف وورد ليستفيدوا منها : وقد أجبتهم إلى طلبهم و كذا عملت على توفيرها بصيغة الأكروبات . و الله أسأل لهم التوفيق و السداد و الإعانة و الرشاد
    و قد وسمت ما جمعته بـ " القدح المعلى في التعليق على القواعد المثلى " و هذا مما لم يثبته الناقل - أبو محمد - و إنما هو إضافة مني

    الملفات المرفقة
    : القــــدح المعلى.doc‏ : 304.0 كيلوبايت : doc القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Doc : 100 : اضغط هنا : al9idhe almo3ala ...pdf‏ : 334.5 كيلوبايت : pdf القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Pdf : 48
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:13

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:

    فصـل
    اعلم أن بعض أهل التأويل أورد على أهل السنة شبهة في نصوص من الكتاب والسنة في الصفات، أدعى أن أهل السنة صرفوها عن ظاهرها؛
    1/ ليلزم أهل السنة بالموافقة على التأويل
    2/ أو المداهنة فيه،
    وقال: كيف تنكرون علينا تأويل ما أولناه مع ارتكابكم لمثله فيما أولتموه؟
    ونحن نجيب – بعون الله – عن هذه الشبهة بجوابين مجمل، ومفصل.
    أما المجمل فيتلخص في شيئين:
    أحدهما:
    أن لا نسلم أن تفسير السلف لها صرف عن ظاهرها، فإن ظاهر الكلام ما يتبادر منه من المعنى، وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فإن الكلمات يختلف معناها بحسب تركيب الكلام، والكلام مركب من كلمات وجمل، يظهر معناها ويتعين بضم بعضها إلى بعض.
    ثانيهما:
    أننا لو سلمنا أن تفسيرهم صرف لها عن ظاهرها، فإن لهم في ذلك دليلاً من الكتاب والسنة، إما متصلاً وإما منفصلاً، وليس لمجرد شبهات يزعمها الصارف براهين وقطعيات يتوصل بها إلى نفي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وأما المفصل فعلى كل نص أدعى أن السلف صرفوه عن ظاهره.
    ولنمثل بالأمثلة التالية فنبدأ بما حكاه أبو حامد الغزالي عن بعض الحنبلية أنه قال: إن أحمد لم يتأول إلا في ثلاثة أشياء: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض". و "قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن". و "إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن". نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيميه ص398 جـ5 من مجموع الفتاوى. وقال: هذه الحكاية كذب على أحمد.
    [يعني نقله عن الغزالي فشيخ الاسلام نقل عن الغزالي هذه الدعوى أن الإمام أحمد تأول في هذه الأحاديث]


    المثال الأول: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض".
    والجواب عنه: أنه حديث باطل، لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح. وقال ابن العربي: حديث باطل فلا يلتفت إليه، وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت أهـ. وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه.


    فائدة من تعليق اليخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:

    لكنه قال مع أنه إنما يعرف عن ابن عباس, كأن ابن تيمية يصحح الموقوف, وعلى كل حال, سهل , وإن صح موقوفا عن ابن عباس فيمكن أن يقال له حكم الرفع, شيخ الاسلام ذكر هذا في التدمرية بهذه الصيغة (أنه يروى) ولما ذكر الجواب قال مع أنه إنما يعرف عن ابن عباس, أو يعرف من قول ابن عباس, وأجاب عن الحديث بجوابين -وهذا على فرض صحته-:
    أولا/ إنه قال (يمين الله في الأرض) فلم يقل الحجر الأسود يمين الله, بل قال (في الأرض).
    ثانيا/ أنه قال (من استلمه وقبله فكأنما) والمشبه غير المشبه به, لم يقل من استلمه وقبله فقد صافح الله وقبله, بل قال (فكأنما) والمشبه غير المشبه به فعلم أن مستلم الحجر ليس مصافحا لله ولا مقبلا ليمينه.

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    لكن قال شيخ الإسلام ابن تيميه: والمشهور – يعني في هذا الأثر – إنما هو عن ابن عباس قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله، فكأنما صافح الله وقبل يمينه". ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه، فإنه قال: "يمين الله في الأرض" ولم يطلق فيقول: يمين الله. وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم المطلق، ثم قال: "فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً، ولكن شبه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله تعالى كما هو معلوم لكل عاقل. أهـ. ص398جـ6 مجموع الفتاوى.
    المثال الثاني: "قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن".
    والجواب: أن هذا الحديث صحيح رواه مسلم في الباب الثاني من كتاب القدر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك".
    وقد أخذ السلف أهل السنة بظاهر الحديث وقالوا: إن لله تعالى أصابع حقيقة نثبتها له كما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من كون قلوب بني آدم بين إصبعين منها أن تكون مماسة لها حتى يقال: إن الحديث موهم للحلول فيجب صرفه عن ظاهره. فهذا السحاب مسخر بين السماء والأرض وهو لا يمس السماء ولا الأرض. ويقال: بدر بين مكة والمدينة مع تباعد ما بينها وبينهما، فقلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن حقيقة ولا يلزم من ذلك مماسة ولا حلول.


    المثال الثالث: "إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن".
    والجواب: أن هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن". قال في مجمع الزوائد "رجاله رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة". قلت: وكذا قال في التقريب عن شبيب ثقة من الثالثة، وقد روى البخاري نحوه في التاريخ الكبير.
    وهذا الحديث على ظاهره والنفس فيه اسم مصدر نفس ينفس تنفسياً، مثل فرج يفرج تفريجاً وفرجاً، هكذا قال أهل اللغة كما في النهاية والقاموس ومقاييس اللغة. قال في مقاييس اللغة: النفس كل شيء يفرج به عن مكروب. فيكون معنى الحديث: أن تنفيس الله – تعالى – عن المؤمنين يكون من أهل اليمن.
    قال شيخ الإسلام ابن تيميه: "وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفس الرحمن عن المؤمنين الكربات". أهـ. ص398جـ6 مجموع فتاوى شيخ الإسلام لابن قاسم.
    المثال الرابع: قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ).
    والجواب: أن لأهل السنة في تفسيرها قولين:
    أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء، وهو الذي رجحه ابن جرير، قال في تفسيره بعد أن ذكر الخلاف: "وأولى المعاني بقول الله – جل ثناؤه -: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُن). علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سموات". أهـ. وذكره البغوي في تفسيره: قول ابن عباس وأكثر مفسري السلف. وذلك تمسكاً بظاهر لفظ (اسْتَوَى). وتفويضاً لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله – عز وجل.
    القول الثاني: إن الاستواء هنا بمعنى القصد التام؛ وإلى هذا القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة البقرة، والبغوي في تفسير سورة فصلت. قال ابن كثير: "أي قصد إلى السماء، والاستواء هاهنا ضمن معنى القصد والإقبال، لأنه عدي بإلى".
    [فائدة من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله: وهذا كأنه أوجه حتى يظهر الفرق بين استوى إلى السماء واستوى على العرش]
    وقال البغوي: "أي عمد إلى خلق السماء".
    وهذا القول ليس صرفاً للكلام عن ظاهره، وذلك لأن الفعل (اسْتَوَى) اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء. فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به، ألا ترى إلى قوله – تعالى – (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً). حيث كان معناها يروى بها عباد الله لأن الفعل (يَشْرَبُ) اقترن بالباء فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يروى، فالفعل يضمن معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:

    [أهل التأويل يتتبعون الشبه والمتشابه]
    اهل التأويل يتتبعون الشبه بل يتتبعون المتشابه من كلام الله وكلام رسوله وكلام العلماء,كثير من الكلام تجد لهم فيه شبهة,

    [ما ادعوه على الإمام أحمد قسمان]
    وهم ينسبون للإمام أحمد وغيره أنه تأول بعض النصوص وإذا تأول بعض النصوص جاز لنا أن نتأول ما سواها, والشيخ أجاب بما أجاب به ابن تيمية رحمه الله, فهذا الجواب مستمد من كلام شيخ الإسلام رحمه الله, فما ادعوه على الإمام أحمد:
    1/ منه ما لم يصح,
    2/ ومنه مالا يصح أن يسمى تأويلا, لأن التأويل الصحيح هو صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره بدليل, فإذا كان التأويل مبنيا على حجة لم يكن مذموما ولا ممنوعا, كحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد,

    [الدليل الذي يصرف به الظاهر قد يكون متصلا]
    قد يكون الدليل كما قال الشيخ قد يكون متصل في نفس الكلام,

    [مثاله]
    مثل ما أوضح في الأثر الحجر الأسود يمين الله,

    [مثال آخر على الدليل المتصل ذكره شيخ الإسلام في التدمرية]
    وذكر ابن تيمية حديثا آخر في التدمرية وهو قوله في الحديث الصحيح أن الله يقول يوم القيامة (عبدي مرضت فلم تعدني عبدي جعت فلن تطعمني)
    يقول بعض الغالطين إن هذا الحديث يجب تأويله لأن الله يمتنع أن يحتاج إلى الإطعام ويمتنع أن يمرض,
    فالحديث لابد من تأويله, فظاهر الحديث معنى باطل,

    [جواب شيخ الإسلام عن قول هؤلاء الغالطين]
    أجاب شيخ الإسلام عن هذا بأنه غير صحيح, لأن الحديث ليس هكذا مبتور, الحديث مفسر واضح ما فيه أي إشكال,
    فإن الحديث فيه (عبدي مرضت فلم تعدني فيقول كيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول الله مرض عبدي فلان فلو عدته لوجدتني عنده) فجعل مرض العبد مرض لله تعظيما لشأن ذلك العبد وتأكيدا لحقه وعيادته,
    وهكذا الثاني ( عبدي جعت فلم تطعمني فيقول كيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول بل جاع عبدي فلان فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي) الحديث,
    يقول الشيخ فلم يبق في الحديث ما يحتاج إلى تأويل, بل الحديث مفسر واضح, ومن زعم أن ظاهر الحديث أن الله يجوع ويمرض فهو مبطل, كمن قال إن ظاهر قوله تعالى (فويل للمصلين) وعيد للمصلين, يقول هذه الآية ظاهرها تهديد ووعيد للمصلين, والآية ليست هكذا, الآية موصولة (الذين هم عن صلاتهم ساهون) فصل الآية وترتفع الشبهة ويزول الإشكال.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:15

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    المثال الخامس، والسادس:
    قوله – تعالى – في سورة الحديد (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم).
    وقوله في سورة المجادلة: (وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا).
    والجواب: أن الكلام في هاتين الآيتين حق على حقيقته وظاهره. ولكن ما حقيقته وظاهره؟
    هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله – تعالى – مع خلقه معية تقتضي أن يكون مختلطاً بهم، أو حالاً في أمكنتهم؟
    أو يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله – تعالى – مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم: علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً، وتدبيراً، وسلطاناً، وغير ذلك من معاني ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه؟
    ولا ريب أن القول الأول لا يقتضيه السياق، ولا يدل عليه بوجه من الوجوه، وذلك لأن المعية هنا أضيفت إلى الله – عز وجل – وهو أعظم واجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته! ولأن المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان، وإنما تدل على مطلق مصاحبة، ثم تفسر في كل موضع بحسبه.
    وتفسير معية الله – تعالى – لخلقه بما يقتضي الحلول والاختلاط باطل من وجوه:
    الأول: أنه مخالف لإجماع السلف، فما فسرها أحد منهم بذلك؛ بل كانوا مجمعين على إنكاره.
    الثاني: أنه مناف لعلو الله – تعالى – الثابت بالكتاب، والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف، وما كان منافياً لما ثبت بدليل كان باطلاً بما ثبت به ذلك المنافي، وعلى هذا فيكون تفسير معية الله لخلقه بالحلو والاختلاط باطلاً بالكتاب والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف!!
    الثالث: أنه مستلزم للوازم باطلة لا تليق بالله – سبحانه وتعالى.
    ولا يمكن لمن عرف الله – تعالى – وقدره حق قدره، وعرف مدلول المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن أن يقول: إن حقيقة معية الله لخلقه تقتضي أن يكون مختلطاً بهم أو حالاً في أمكنتهم، فضلاً عن أن تستلزم ذلك، ولا يقول ذلك إلا جاهل باللغة، جاهل بعظمة الرب – جل وعلا.
    فإذا تبين بطلان هذا القول تعين أن يكون الحق هو القول الثاني، وهو أن الله – تعالى – مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم، علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً، وتدبيراً وسلطاناً، وغير ذلك مما تقتضيه ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:
    الأئمة كانوا يكتفون بقولهم معهم بعلمه, أخذا من الآية, فإن الآية بدأت بالعلم وختمت بالعلم, وهذا لا ينافي أن نقول إنه معهم بعلمه وبسمعه لأنه يسمع أصواتهم (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) فهو معهم بعلمه يسمعهم يعلم حالهم ما يسرون ما يعلنون, ويرى مكانهم ويسمع كلامهم, هو معهم وهو فوق سماواته محيط بهم علما وسمعا وبصرا كما قال الشيخ, لكن الأئمة تجد المأثور عنهم الإقتصار على العلم, ولا يريدون أن هذا المعنى مقصور على العلم, لا, الله مع عباده وهو فوق سماواته معهم يراهم, ولهذا جاء في الحديث (لا يخفى عليه شيء من أعمالكم) يراهم يسمعهم يعلمهم ومشيئته نافذة فيهم وقدرته شاملة لهم,

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    وهذا هو ظاهر الآيتين بلا ريب، لأنهما حق، ولا يكون ظاهر الحق إلا حقاً، ولا يمكن أن يكون الباطل ظاهر القرآن أبداً.
    قال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص103 جـ5 من مجموع الفتاوى لابن قاسم: "ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا) إلى قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ). دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، هذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه. وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته. وكذلك في قوله: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ). إلى قوله: (هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ). الآية.
    ((ثم ينبؤهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) بدأت بالعلم وختمت بالعلم.)

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ). كان هذا – أيضاً – حقاً على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الإطلاع والنصر والتأييد.
    ثم قال: فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أموراً لا يقتضيها في الموضع الآخر. فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها، وإن امتاز كل موضع بخاصية، فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب – عز وجل – مختلطة بالخلق حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها. أهـ.
    ويدل على أنه ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب – عز وجل – مختلطة بالخلق أن الله – تعالى – ذكرها في آية المجادلة بين ذكر عموم علمه في أول الآية وآخرها فقال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
    فيكون ظاهر الآية أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده، وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم لا أنه – سبحانه – مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض.
    أما في آية الحديد فقد ذكرها الله – تعالى – مسبوقة بذكر استوائه على عرشه وعموم علمه متلوة ببيان أنه بصير بما يعمل العباد فقال: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
    فيكون ظاهر الآية أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده وبصره بأعمالهم مع علوه عليهم واستوائه على عرشه؛ لا أنه – سبحانه – مختلط بهم ولا أنه معهم في الأرض وإلا لكان آخر الآية مناقضاً لأولها الدال على علوه واستوائه على عرشه.
    فإذا تبين ذلك علمنا أن مقتضى كونه – تعالى – مع عباده أنه يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبر شئونهم، فيحيي ويميت، ويغني ويفقر، ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء إلى غير ذلك مما تقتضيه ربوبيته وكمال سلطانه لا يحجبه عن خلقه شيء، ومن كان هذا شأنه فهو مع خلقه حقيقة، ولو كان فوقهم على عرشه حقيقة.
    قال شيخ الإسلام ابن تيميه في "العقيدة الواسطية" ص142 جـ3 من مجموع الفتاوى لابن قاسم في فصل الكلام على المعية قال: "وكل هذا الكلام الذي ذكره الله – سبحانه – من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة". أهـ.
    وقال في "الفتوى الحموية" ص102، 103 جـ5 من المجموع المذكور: وجماع الأمر في ذلك أن الكتاب والسنة يحصل منها كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه، وقصد اتباع الحق، وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وآياته.
    ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك يناقض بعضه بعضاً البته مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ). وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه" ونحو ذلك فإن هذا غلط.
    وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة، كما جمع الله بينهما في قوله – سبحانه وتعالى -: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
    فأخبر أنه فوق العرش، يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: "والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه". أهـ.
    واعلم أن تفسير المعية بظاهرها على الحقيقة اللائقة بالله – تعالى – لا يناقض ما ثبت من علو الله تعالى بذاته على عرشه وذلك من وجوه ثلاثة:
    الأول: أن الله – تعالى – جمع بينهما لنفسه في كتابه المبين المنزه عن التناقض، وما جمع الله بينهما في كتابه فلا تناقض بينهما.
    وكل شيء في القرآن تظن فيه التناقض فيما يبدو لك فتدبره حتى يتبين لك، قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً). فإن لم يتبين لك فعليك بطريق الراسخين في العلم الذين يقولون: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا). وكل الأمر إلى منزله الذي يعلمه، واعلم أن القصور في علمك أو في فهمك، وأن القرآن لا تناقض فيه.
    وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام في قوله فيما سبق: "كما جمع الله بينهما".
    وكذلك ابن القيم كما في "مختصر الصواعق" لابن الموصلي ص410 ط الإمام في سياق كلامه على المثال التاسع مما قيل إنه مجاز قال: "وقد أخبر الله أنه مع خلقه مع كونه مستوياً على عرشه، وقرن بين الأمرين كما قال تعالى: - وذكر آية سورة الحديد – ثم قال: فأخبر أنه خلق السموات والأرض، وأنه استوى على عرشه وأنه مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه كما في حديث الأوعال: "والله فوق العرش يرى ما أنتم عليه" فعلوه لا يناقض معينه، ومعيته لا تبطل علوه بل كلاهما حق". أهـ.
    الوجه الثاني: أن حقيقة معنى المعية لا يناقض العلو، فالاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا. ولا يعد ذلك تناقضاً ولا يفهم منه أحد أن القمر نزل في الأرض، فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق، ففي حق الخالق المحيط بكل شيء مع علوه سبحانه من باب أولى، وذلك لأن حقيقة المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان.
    وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتوى الحموية" ص103 المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم حيث قال: "وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك، فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة". أهـ.
    وصدق – رحمه الله تعالى – فإن من كان عالماً بك مطلعاً عليك، مهيمناً عليك، يسمع ما تقول، ويرى ما تفعل، ويدبر جميع أمورك، فهو معك حقيقة، وإن كان فوق عرشه حقيقة؛ لأن المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان.
    الوجه الثالث: أنه لو فرض امتناع اجتماع المعية والعلو في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ذلك ممتنعاً في حق الخالق الذي جمع لنفسه بينهما؛ لأن الله تعالى لا يماثله شي من مخلوقاته كما قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
    وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية" ص143 جـ3 من مجموع الفتاوى حيث قال: "وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه – سبحانه – ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو عليّ في دنوه قريب في علوه". أهـ.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:
    الحمد لله الحق ولله الحمد واضح سهل ميسر, ولكن الذي صعبه هو بدع المبتدعين وفهم الجاهلين وتحريف المبطلين, وإلا ولله الحمد من تكون عنده الفطرة السليمة لا يشكل عليه, فمن حيث العقل ومن حيث اللغة لا تنافي بين العلو والمعية, ولكن إنما أُتِيَ المعطلة من تأصيلهم الباطل, لما أصلوا نفي العلو استدلوا بنصوص المعية لتصحيح مذهبهم, لأن المذهب الذي توصلوا إليه بشبهاتهم هو نفي العلو وإثبات أنه تعالى في كل مكان, فراحوا يصححون ما قالوه محتجين بنصوص المعية, فنصوص المعية ليست هي الدليل عندهم, لكن أهل الزيغ وأهل الأهواء يتبعون المتشابه, ويأخذون من الأدلة ما يوافق أهواءهم وأصولهم ومذاهبهم, وإلا فلماذا تأولون نصوص العلو وتتعلقون بنصوص المعية زاعمين أنها تدل على الحلول وأنه تعالى في كل مكان, لماذا؟ لماذا لم يكن التأويل لنصوص المعية؟ لماذا لم تقولوا إن نصوص العلو على ظاهرها وأنه تعالى في العلو ونصوص المعية لا تدل على الحلول؟,

    وهذا الإشكال والاشتباه ما جاء للمسلمين إلا لما أحدث المبتدعون مذهب التعطيل, نفي صفات الرب ونفي علو الرب تعالى وقالوا بالحلول, فهنالك جاء الاضطراب والتحريف لكلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام, وإلا فكل من العلو والمعية كما قال أهل العلم حق على حقيقته, فالله فوق عرشه عال على خلقه, حق, وهو مع عباده, حق, كل منهما حق على حقيقته, لا تناقض, وكما سمعنا في هذه الوجوه إنه لا تناقض بين العلو والمعية في حق المخلوقين, فالمخلوق يكون عاليا على غيره, ويقال إنه مع غيره, كما ضُرِبَ المثل بالقمر, فالقمر في مداره وفي مساره ويقول القائل سرنا والقمر معنا, مقارن نمشي والقمر معنا, بل مثَّل العلماء بقول الرجل مثلا وهو يقول لولده ويطلع عليه من علو ويقول لا تخف أنا معك, وهو بعيد عنه, ويقول الأمير للجيش سيروا وأنا معكم, أسير معكم, بإحاطته بمتابعة أمورهم وتدبير أمورهم,

    فالحق ولله الحمد مشرق وسهل وواضح ما فيه هذا التعقيد, والمعية في اللغة العربية لا تستلزم مماسة فضلا أن تستلزم اختلاطا, فهي في كل مقام بحسبه, إذا قيل الرجل معه امرأته, أحيانا سافر بها معه في صحبته, وأحيانا معه يعني أنه لم يطلقها, معية الاقتران الحكمي, أنها زوجته, يقال فلان زوجته معه أو طلقها؟ فيقال زوجته معه, وإن كان هو في المشرق وهي في المغرب, هي معه, وتقول سافرت مع فلان يمكن تكون في سيارة وهو في سيارة لكن يجمعكما السفر والاتفاق على أنكم مسافرون مع بعضكم, ولا يلزم من ذلك أن تكونوا في سيارة واحدة وما إلى ذلك, فتقول سافرنا مع فلان وإن كان كل واحد في سيارة, لكن معية الاقتران في هذا الوجه وفي هذا السفر, فيه اتفاق على الصحبة في السفر, هذه معيه خاصة بين المتصاحبين, لكن اللي رايح كل واحد في طريقه, ما فيه علاقة, ما تقول أنا سافرت مع فلان من أجل أنه ماشي في الخط, ويسمونه عندنا خوي الجادة, هو مثل اللي يمشون في الخطوط, هؤلاء ليسوا خويا لك هؤلاء خويا للجادة,

    والحمد لله رب العالمين وما ذكره الشيخ ونقله فيه الوفاء والغناء وفيه ما يبرهن على الحق وبطلان ما يزعمه الجهمية ومن سلك سبيلهم, فإن القول بالحلول هذا قول الجهمية خصوصا قدماء الجهمية -لأنه هو المشهور في أيام الإمام أحمد- والمعتزلة, وبه يقول الأشاعرة, لأن الأشاعرة -سبحان الله- هم ممن يقول بنفي العلو, والذين ينفون العلو فريق منهم يقول إنه تعالى حال في كل مكان, سبحانك هذا بهتان عظيم, ومنهم من يقول إنه لا داخل العالم ولا خارجه, وهذا أبعد في الفطر والعقول, ما الشيء الذي لا داخل العالم ولا خارجه إلا المعدوم, فإذا زعموا أن الله موجود وأنه لا داخل العالم ولا خارجه فقد جمعوا بين النقيضين, فكأنهم قالوا إنه تعالى موجود معدوم, والحمد لله على ما أنعم وتفضل, الحمد لله الذي عافانا من هذه العقول وهذه الفهوم الفاسدة والعقول المظلمه
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:17

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    المثال السابع والثامن:
    قوله تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ،
    وقوله: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ).
    حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة.
    والجواب: أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفاً للكلام عن ظاهره لمن تدبره.
    أما الآية الأولى:
    فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ* إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). ففي قوله: (إِذْ يَتَلَقَّى) دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين.
    وأما الآية الثانية:
    1/ فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ).
    2/ ثم إن في قوله: (وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ). دليلاً بيناً على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة لاستحالة ذلك في حق الله – تعالى.
    بقى أن يقال: فلماذا أضاف الله القرب إليه، وهل جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة؟


    فوائد من تعليقات الشيخ البراك حفظه الله:
    حيث قال (ونحن), أضاف القرب إليه قال (ونحن أقرب) فالقريب من المحتضر هم الملائكة, ومع ذلك قال سبحانه (ونحن), فأضاف القرب إليه.

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    فالجواب: أضاف الله تعالى قرب الملائكة إليه؛ لأن قربهم بأمره، وهم جنوده ورسله.
    وقد جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة:
    1/ كقوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ). فإن المراد به قراءة جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن الله تعالى أضاف القراءة إليه، لكن لما كان جبريل يقرؤه على النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى صحت إضافة القراءة إليه تعالى.
    2/ وكذلك جاء في قوله تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ). وإبراهيم إنما كان يجادل الملائكة الذين هم رسل الله تعالى.


    فوائد من تعليقات الشيخ البراك حفظه الله:
    على كل حال هذا واضح بين, يعني هذه الآيتان مما زعم الغالطون والمغالطون أن تفسير القرب بقرب الملائكة أن هذا تأويل, فهذا من الشبهات التي يحتج بها بعض المعطلة على أهل السنة, وأنكم بهذا قد صرفتم هذه الآيات عن ظاهرها,

    [هناك من أجرى الآيتين على ظاهرهما في الجملة وأثبت القرب العام, والتحقيق في ذلك]
    والجواب كما ذكر الشيخ, علما أن هناك من أجراهما على ظاهرهما في الجملة وأثبت القرب العام, ولكن التحقيق أن القرب إنما جاء خاصا ولم يأتي عاما, وأما الآيتان فالمراد بالقرب فيهما قرب الملائكة, لِما ذُكِرَ,

    [بيان انه سبحانه كثيرا ما يضيف إلى نفسه ما فعله بملائكته]
    وكثيرا ما يذكر الله ما يفعله بملائكته, يضيفه إلى نفسه بصيغة الجمع, مثل الآيتين التي ذكر الشيخ (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) فالمراد قراءة جبريل القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله (يجادلنا في قوم لوط) فالملائكة رسل الله والمجادِل للرسول مجادِل لمن أرسله, فالله تعالى يضيف إلى نفسه ما يفعله بملائكته, وشواهد هذا في القرآن كثير,

    [هذا الأسلوب معروف في خطاب الناس]
    وهو أمر معروف في خطاب الناس بعضهم لبعض, المرسَل يقوم مقام من أرسله, ولهذا يقول مثلا قلنا لك وفعلنا لك وإنما قال أو فعل بواسطة الرسول, يقول القائل كتبت, كتبنا, كتبت إلى فلان كتاب, وقد لا يكون خطه بيده, كتبه الكاتب, بخلاف ما لو قال كتبت بيدي, إذا قال كتبت بيدي تعين أنه كتبه بيده, لكن مجرد أن يقول كتبت أو كتبنا قد يكون بواسطة كاتب,

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    المثال التاسع والعاشر:
    قوله تعالى عن سفينة نوح: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا).
    وقوله لموسى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي).

    والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته، لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟
    هل يقال:
    إن ظاهره وحقيقته أن السفينة تجري في عين الله؛ أو أن موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله تعالى؟!!
    أو يقال:
    إن ظاهره أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله تعالى يرعاه ويكلؤه بها.
    ولا ريب أن القول الأول باطل من وجهين:
    الأول:
    أنه لا يقتضيه الكلام بمقتضى الخطاب العربي، والقرآن إنما نزل بلغة العرب، قال الله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). وقال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ). ولا أحد يفهم من قول القائل: فلان يسير بعيني أن المعنى أنه يسير داخل عينه. ولا من قول القائل: فلان تخرج على عيني، أن تخرجه كان وهو راكب على عينه، ولو أدعى مدع أن هذا ظاهر اللفظ في هذا الخطاب لضحك منه السفهاء فضلاً عن العقلاء.
    الثاني:
    أن هذا ممتنع غاية الامتناع، ولا يمكن لمن عرف الله وقدره حق قدره أن يفهمه في حق الله تعالى؛ لأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه لا يحل فيه شيء من مخلوقاته، ولا هو حال في شيء من مخلوقاته - سبحانه وتعالى - عن ذلك علواً كبيراً.
    فإذا تبين بطلان هذا من الناحية اللفظية والمعنوية تعين أن يكون ظاهر الكلام هو القول الثاني أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها. وهذا معنى قول بعض السلف بمرأى مني، فإن الله تعالى إذا كان يكلؤه بعينه لزم من ذلك أن يراه، ولازم المعنى الصحيح جزء منه كما هو معلوم من دلالة اللفظ حيث تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام.

    فوائد من تعليقات الشيخ البراك حفظه الله:
    على كل حال هذا أشد وضوحا من الأول,
    ولولا تلبيس المبطلين وتشويش أصحاب الأهواء ما كان هناك موجب للإحتراز وأن هذه الآية لا تحتمل, أبدا,

    [المعنى الذي قاله أهل الباطل لا يخطر ببال عاقل]
    هذا معنى منتفي ولا يخطر ببال عاقل كما قال الشيخ,
    (تجري بأعيننا) لا يفهم عاقل أبدا أن المعنى أنها تجري في عينه سبحانه وتعالى عما يظن ويقول الجاهلون علوا كبيرا,

    [معنى الآية]
    (تجري بأعيننا) يعني تجري بمرأى منا وبكلأتنا وحفظنا يراها سبحانه وتعالى,

    [الآية فيها إثبات الرؤية والعينين]
    ففيها إثبات الرؤية ولكن أيضا فيها إثبات العينين لله, فإذا قال المفسرون من أهل السنة تجري بأعيننا يعني بمرأى منا, تجرى والله يراها, مثل (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) يعني وأنت بمرأى منا, كقوله(وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين),

    فالآية لا تحتمل,
    يعني لا نقول إنها تحتمل,
    لا,
    لا تحتمل إلا هذا,
    أما المعنى الآخر فليس محتملا أبدا,
    فلا يصح أن يقال إن ظاهرها كذا, وإن تفسيرها بهذا المعنى إنه تأويل وإخراج للفظ عن ظاهره,
    كلا أبدا,
    اللفظ لا يحتمل إلا هذا,

    [هل قول السلف في معنى الآية (بمرأى منا) يعتبر تأويلا, ومعنى الباء في الآية]


    ولكن كما قلت إن فيها هذا المعنى وفيها إثبات العين, وإذا قال مفسروا أهل السنة (تجري بأعيننا) يعني بكلأتنا وبمرأى منا فليس هذا تفسير للعين, هذا تفسير للجملة وبيان لمضمون الكلام, ففيها إثبات العينين لله وإثبات الرؤية,


    والباء في قوله (تجري بأعيننا) للمصاحبة أي بمرأى منا, ما هي تجري بالرؤية, الباء ما هي سببية, فالباء للمصاحبة يعني تجري والله يراها,
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى /  لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين Empty رد: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 29.12.08 9:20

    قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
    المثال الحادي عشر:
    قوله تعالى في الحديث القدسي: "وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه".
    والجواب:
    أن هذا الحديث صحيح رواه البخاري في باب التواضع الثامن والثلاثين من كتاب الرقاق.
    وقد أخذ السلف أهل السنة والجماعة بظاهر الحديث وأقروه على حقيقته.
    ولكن ما ظاهر هذا الحديث؟
    هل يقال:
    إن ظاهره أن الله تعالى يكون سمع الولي وبصره ويده ورجله؟
    أو يقال:
    إن ظاهره أن الله تعالى يسدد الولي في سمعه وبصره ويده ورجله بحيث يكون إدراكه وعمله لله وبالله وفي الله؟
    ولا ريب أن القول الأول ليس ظاهر الكلام، بل ولا يقتضيه الكلام لمن تدبر الحديث، فإن في الحديث ما يمنعه من وجهين:
    الوجه الأول:
    أن الله تعالى قال: "وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه"، وقال: "ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه". فأثبت عبداً ومعبوداً ومتقرباً ومتقرباً إليه، ومحباً ومحبوباً، وسائلاً ومسئولاً، ومعطياً ومعطى، ومستعيذاً ومستعاذاً به، ومعيذاً ومعاذاً. فسياق الحديث يدل على اثنين متباينين كل واحد منهما غير الآخر، وهذا يمنع أن يكون أحدهما وصفاً في الآخر أو جزءاً من أجزائه.
    الوجه الثاني:
    أن سمع الولي وبصره ويده ورجله كلها أوصاف أو أجزاء في مخلوق حادث بعد أن لم يكن، ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن الخالق الأول الذي قبله شيء يكون سمعاً وبصراً ويداً ورجلاً لمخلوق، بل إن هذا المعنى تشمئز منه النفس أن تتصوره، ويحسر اللسان أن ينطق به ولو على سبيل الفرض والتقدير، فكيف يسوغ أن يقال: إنه ظاهر الحديث القدسي وأنه قد صرف عن هذا الظاهر، سبحانك اللهم وبحمدك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
    وإذا تبين بطلان القول الأول وامتناعه تعين القول الثاني وهو أن الله تعالى يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصاً، وبالله تعالى استعانة، وفي الله تعالى شرعاً واتباعاً، فيتم له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة وهذا غاية التوفيق، وهذا ما فسره به السلف، وهو تفسير مطابق لظاهر اللفظ موافق لحقيقته متعين بسياقه، وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره، ولله الحمد والمنة.

    المثال الثاني عشر:
    قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى أنه قال: "من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت من باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".
    وهذا الحديث صحيح رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وروى نحوه من حديث أبي هريرة أيضاً، وكذلك روى البخاري نحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب التوحيد الباب الخامس عشر.
    وهذا الحديث كغيره من النصوص الدالة على قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى، وأنه - سبحانه - فعال لما يريد كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى:(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).وقوله:(وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) .وقوله:(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ). وقوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى). وقوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر". وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه". إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على قيام الأفعال الاختيارية به تعالى.
    فقوله في هذا الحديث: تقربت منه وأتيته هرولة من هذا الباب.
    والسلف "أهل السنة والجماعة" يجرون هذه النصوص على ظاهرها وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح حديث النزول ص466 جـ5 من مجموع الفتاوى: "وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر". أهـ.
    فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟
    وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟
    وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالاً لما يريد على الوجه الذي يليق به؟
    وذهب بعض الناس إلى أن قوله تعالى في هذا الحديث القدسي: "أتيته هرولة". يراد به سرعة قبول الله تعالى وإقباله على عبده المتقرب إليه المتوجه بقلبه وجوارحه، وأن مجازاة الله للعامل له أكمل من عمل العامل. وعلل ما ذهب إليه بأن الله تعالى قال في الحديث: "ومن أتاني يمشي" ومن المعلوم أن المتقرب إلى الله - عز وجل - الطالب للوصول إليه لا يتقرب ويطلب الوصول إلى الله تعالى بالمشي فقط، بل تارة يكون بالمشي كالسير إلى المساجد ومشاعر الحج والجهاد في سبيل الله ونحوها، وتارة بالركوع والسجود ونحوهما، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، بل قد يكون التقرب إلى الله تعالى وطلب الوصول إليه والعبد مضطجع على جنبه كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب".
    قال: فإذا كان كذلك صار المراد بالحديث بيان مجازاة الله تعالى العبد على عمله، وأن من صدق في الإقبال على ربه وإن كان بطيئاً جازاه الله تعالى بأكمل من عمله وأفضل. وصار هذا هو ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية المفهومة من سياقه.
    وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية، لم يكن تفسيره به خروجاً به عن ظاهره ولا تأويلاً كتأويل أهل التعطيل، فلا يكون حجة لهم على أهل السنة ولله الحمد.
    وما ذهب إليه هذا القائل له حظ من النظر لكن القول الأول أظهر وأسلم وأليق بمذهب السلف.
    ويجاب عما جعله قرينة من كون التقرب إلى الله تعالى وطلب الوصول إليه لا يختص بالمشي بأن الحديث خرج مخرج المثال لا الحصر فيكون المعنى: من أتاني يمشي في عبادة تفتقر إلى المشي لتوقفها عليه بكونه وسيلة لها كالمشي إلى المساجد للصلاة أو من ماهيتها كالطواف والسعي. والله تعالى أعلم.


    فوائد من تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله:

    الحمد لله, الرسول عليه الصلاة والسلام حدث أصحابه بهذا ولم يكن ولله الحمد عندهم فيه أخذ ولا رد, لأنهم:
    1/ يفهمون عن الله وعن رسوله مراده,
    2/ ويفهمون دلالات الكلام,
    إنما جاء الاضطراب لما ظهرت البدع وغلب على أصحاب هذه البدع الهوى, فصاروا يتبعون المتشابه كما قال الله (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه),

    فهذه الأحاديث إنما يفهمها على غير وجهها:
    1/ إما جاهل لا يفهم دلالات السياق أصلا لقصور فهمه,
    2/ أو أنه يكون صاحب بدعة يحمله ما يذهب إليه إلى أن يحمِّل النصوص ما لا تحتمل ويدعي فيها ما ليس هي دالة عليه والحمد لله رب العالمين.

    [التعليق على حديث الولي]
    حديث الولي قوله (كنت سمعه . . . بصره) كما قال الشيخ ليس ظاهره أن الله يصير عينا للإنسان أو يدا أو رجلا أو أذنا, وأن يصير متحدا بالمخلوق أو حالا فيه,
    هذا معنى باطل لا يسبق إلى أذهان ذوي الفطر السليمة,
    (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره) يعني أصبح لا ينظر إلا بالله, لا ينظر إلا ما يحب الله منه النظر إليه, إلا ما أمره الله بالنظر إليه,
    ولا يسمع إلا ما أمر الله باستماعه, ولا يبطش ولا يأخذ...
    فهو مطيع لربه جوارحه كلها خاضعة لله لا يتصرف في جوارحه إلا بأمر الله إستعانة وعبادة,
    مستعينا بالله عابدا لله بسمعه وبصره ويده ورجله,

    [التعليق على الحديث الثاني]
    وهكذا الحديث الثاني ولله الحمد, (من تقرب إلي شبرا) تقرب إلي بالعبادة, العبد يتقرب إلى ربه, ويَقْرُب من ربه, لكن ليس هو القرب قرب الجسم للجسم وقرب يستلزم قطع المسافة, الأمر واضح,
    (من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا) فالله يَقْرُب من عبده كيف شاء,
    والعبد يقرب من ربه, قرب معنوي قرب روحي وسمو روحي, هو في مضجعه في منامه في مكانه لكن روحه عند ربه, بتوجهه إلى ربه كما قال سبحانه (واسجد واقترب), (أقرب ما يكون العبد من ربه ساجد)
    والله يقرب من عباده كيف شاء, ولهذ التحقيق إن القرب من الله قرب خاص, يعني ليس هناك قرب عام, فلا نقول إن الله قريب من جميع العباد كما نقول إنه معهم مع جميع العباد,
    الأظهر أن القرب لم يأت إلا خاصا كما في هذا الحديث وفي قوله (إني قريب أجيب) فهو قريب من الداعين ومن العابدين,

    [قوله هرولة]
    وأما قوله (هرولة) جاءت في مقابل (أتاني يمشي)
    فقوله (أتاني يمشي) لا تعني العبادة التي فيها المشي, هذه جاءت زيادة, (تقرب إلي شبرا) (تقرب إلي ذراعا) (ومن أتاني يمشي) يعني معناه أنه تقرب أكثر وأكثر, مسرع, يعني أتاني يمشي, عندي أنا أنه لا يختص بالعبادات التي تقتضي مشيا, بل تعم, العبرة بسير القلوب.
    (أتيته هرولة) يعني مِثْلا بمثل, كما أنه ازداد تقربه إلى ربه فالله تعالى يزيده يعني أن يَقْرُب منه,
    ولابد من مراعاة السياق, فلا يقال إن معنى أنه يأتي هرولة إن الله يركض, لا, هذا جاء في سياق معين يدل على أنه تعالى يقرب منه أكثر وأكثر,

    (من تقرب إليي شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) أقول إن السلف الصحابة والتابعين ما كان يشكل عليهم شيء من ذلك ولله الحمد, يعرفون دلالات الكلام ودلالات السياق ولا يتوهمون بهذه النصوص ما لا يليق به سبحانه, مثل (عبدي مرضت . . . عبدي جعت) جاء الحديث مفسر (قال كيف أعودك وأنت رب العلمين قال مرض عبدي فلان فلو عدته لوجدتني عنده) فجعل مرض عبده مرضه, أضاف المرض إلى نفسه, وفي هذا دلالة على عنايته تعالى بعبده الصالح وعلى فضيلته, فجعل مرضه مرضه وجعل جوعه جوعه, مفسرا ذلك (بأنك لو عدته لوجدتني عنده ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي), والله أعلم.

    [هل الأفعال الإختيارية في الصفات الفعلية]
    الأفعال الاختيارية هي التي تكون بمشيئته كل فعل تقول إن الله يقول كذا إذا شاء فهو فعل اختياري, وهي الصفات الفعلية, فالعلم ما يصح فيه أن تقول إن الله يعلم إذا شاء, أو إنه يكون حيا إذا شاء, أو أن له يدا إذا شاء, لكن تقول إنه ينزل إذا شاء واستوى على العرش حين شاء ويتكلم إذا شاء إلى آخره,

    [هل يوصف الله بالملل]
    وحديث ( اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ) ليس هو الملل الذي هو السآمة وكذا,

    [الملل من الشيء يتضمن كراهته]
    لكن نعلم إن الملل يدل على الكراهة, فالله تعالى يحب من عباده العمل الصالح إلا أن يشقوا على أنفسهم, فإذا شقوا على أنفسهم وكلَّفوا أنفسهم مالا يطيقون ( اكلفوا من العمل ما تطيقون ) فإذا شقوا على أنفسهم فإن الله يكره منهم ذلك, يكره العمل, فالملل من الشيء يتضمن كراهته, الله تعالى يحب من عباده ما لم يشقوا على أنفسهم, فإذا شقوا على أنفسهم وتسببوا في الملل من العمل, فإن الله يمل ولا يحب منهم ذلك العمل بل يكره منهم ذلك العمل, ( اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ) فإذا مل العبد فالله تعالى لا يحب عمله الذي يجهد به نفسه ويشق به على نفسه ويتجاوز فيه الحدود الشرعية, فإنسان يضع له حبل يتعلق فيه من أجل القيام كما مر النبي ورأى حبلا معلقا قيل هذا لفلانة تستعين به على القيام, فأمر بنقض هذا الحبل وقال ( اكلفوا من العمل ما تطيقون).


    هذا النقل وعاليه من بداية شرح الشيخ البراك - حفظه الله تعالى
    لطفــــــــاً .. من هنـــــــــــــــــا

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 18:36