حديث الضرير
جيلان العروسي
يستدل كثير من المنتسبين للتصوف على جواز التوسل بذوات الصالحين بحديث عثمان بن حنيف المعروف بحديث الضرير وه ،وهنا تجد معالجة جادة لهذا الفهم الصوفية
فحديث الضرير هو ما رواه أبو جعفر عمير بن يزيد عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف: (أن رجلًا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: {ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخرت ذلك فهو خير}، وفي رواية: {وإن شئت صبرت فهو خير لك، فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربك في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فَشَفعْهُ فيَّ وشَفعْنِي فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ}.
قد استدل بهذا الحديث الصوفية الذين ممن أجازوا السؤال بالذوات الفاضلة.
وأجازوا نداء الموتى والاستغاثة بهم، وقالوا: إن فيه نداء النبي صلى الله عليه وسلم وهو غائب، واحتجوا في هذا بقصة تعليم عثمان للرجل، التي في بعض طرق الحديث.
وقد ذكر بعض([1]) هؤلاء المتصوفة الذين استدلوا بهذا الحديث أن هذا الحديث أصرح حديث وأصح حديث في الباب وحجة قاصمة.
ولتشبث هؤلاء بهذا الحديث واعتنائهم به، ظنًّا منهم أنهم وجدوا الدليل القوي فيما ذهبوا إليه، لا بد من دراسة هذا الحديث سندًا ومتنًا ومناقشة ما ادعوه، ليعلم عدم دلالة الحديث على دعواهم بل دلالته على نقيضها.
دراسة الإسناد:
قد اشتهر هذا الحديث عن أبي جعفر.
فقد رواه عنه أربعة: شعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وهشام الدستوائي، وروح بن القاسم.
فهؤلاء الأربعة وإن اتفقوا في الرواية عن أبي جعفر، إلا أنهم اختلفوا في شيخ أبي جعفر، فشعبة وابن سلمة روياه عن أبي جعفر عن عمه عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حُنَيْف.
وأما هشام الدستوائي وروح بن القاسم فروياه عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف، وسيأتي الكلام على هذا الاختلاف في الإسناد والمتن إن شاء الله تعالى.
فأقوى هذه الطرق طريق شعبة؛ لأنه أحفظهم وأتقنهم، وقد رواه عن شعبة ثلاثة: عثمان بن عمر، وروح بن عبادة، وغندر.
فأما رواية عثمان فقد أخرجها الترمذي([2]) والنسائي([3]) كلاهما عن محمود بن غيلان.
وأخرجه أحمد([4]) وعبد بن حميد([5]) وابن ماجه([6]) عن أحمد بن منصور بن يسار. وابن خزيمة([7]) عن محمد بن بشار وأبي موسى. والطبراني عن إدريس بن جعفر العطار([8])، والحاكم من طريق الحسن بن مكرم([9])، ومن طريق العباس بن محمد الدوري([10])، والبيهقي عن الحاكم بطريق الدوري([11]).
وأخرجه البيهقي أيضًا من طريق محمد بن يونس([12])، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير على صورة التعليق عن شيخه علي وهو ابن المديني([13]).
كل هؤلاء -وهم: محمود بن غيلان وأحمد وابن حميد وابن يسار وابن بشار وأبو موسى والعطار وابن مكرم والدوري وابن يونس وابن المديني- عن عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف به.
وأما رواية روح بن عبادة:
فقد أخرجها أحمد، ثنا روح قال: ثنا شعبة به([14]).
والبيهقي في الدعوات من طريق أحمد بن الوليد، ثنا روح([15]).
وقال البيهقي في الدلائل: ورويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عبادة عن شعبة([16]).
وأما رواية غندر محمد بن جعفر، فقد أخرجها الحاكم من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة به([17]).
وأما بالنسبة إلى لفظ الحديث فقد اتفقت رواية شعبة في قوله: [اللهم فشفعه فيّ] ثم اختلفت في قوله: [وشفعني فيه] فبعضهم شك في زيادتها.
وأما طريق حماد بن سلمة، فقد أخرجه الإمام أحمد رحمه الله عن مؤمل وهو ابن إسماعيل قال: ثنا حماد يعني: ابن سلمة، قال: ثنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف به([18])، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير تعليقًا عن شيخه شهاب بن عباد عن حماد([19])، وأخرجه أيضًا النسائي عن محمد بن معمر قال: حدثنا حبان قال: حدثنا حماد به([20])، وأخرجه ابن أبي خيثمة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا حماد بن سلمة به.
وأما طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي فأخرجه النسائي عن محمد بن المثنى قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه به([21])، وأخرجه البخاري في التاريخ تعليقًا عن شيخه محمد بن المثنى به([22]).
ولفظ هشام الدستوائي: [فشفعه فيّ وشفعني في نفسي]، ولفظ حماد بن سلمة عند النسائي: [اللهم شفع فيَّ نبيي وشفعني في نفسي].
وأما طريق روح بن القاسم فقد روى عنه راويان: شبيب بن سعيد الحبطي، وعون بن عمارة البصري.
رواية شبيب بن سعيد:
فقد روى عنه ثلاثة: ولداه أحمد وإسماعيل ابنا شبيب، وعبد الله بن وهب.
وأما رواية أحمد بن شبيب:
فلها أربعة طرق، وقد أخرجها ابن السني من طريق العباس بن فرح الرياشي، والحسين بن يحيى الثوري([23]).
والحاكم من طريق أبي عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ([24]).
ومن طريق الحاكم البيهقي([25]).
ثلاثتهم -العباس الرياشي، والحسين الثوري، والصائغ- عن أحمد بن شبيب بن سعيد به، بدون ذكر القصة في أول الحديث.
وخالف هؤلاء الثلاثة يعقوب الفسوي، فزاد في أول الحديث قصة أخرجها في تاريخه فقال: ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، ثنا أبي عن روح بن القاسم... إلخ، وذكر القصة([26]).
ومن طريقه البيهقي في الدلائل([27])، ومن طريقه أيضًا عبد الغني المقدسي في كتاب الترغيب في الدعاء([28]).
وأما رواية إسماعيل بن شبيب:
فقد أخرجها البيهقي من طريق أبي عروبة عن العباس بن الفرج ثنا إسماعيل بن شبيب وذكر القصة([29]).
ولكن هذه الرواية فيها احتمال خطأ أحد الرواة؛ لأن ابن السني أخرجها من هذه الطريقة فجعلها من رواية أحمد لا إسماعيل وليس فيها القصة كما تقدم.
أما رواية عبد الله بن وهب:
فقد أخرجها البخاري في تاريخه عن شيخه عبد المتعال بن طالب، حدثنا ابن وهب عن أبي سعيد وهو شبيب عن روح بن القاسم به ولم يسق لفظه([30]).
وأخرجها الطبراني في كتبه: الدعاء([31])، والمعجم الصغير([32])، والمعجم الكبير([33]) عن طاهر بن عيسى عن أصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن أبي سعيد المكي وهو شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف، وزاد قصة في أوله وهي: (إن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، وكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف، فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائتي الميضأة فتوضأ، ثم ائتي المسجد فصلِّ فيه ركعتين، وقل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك، فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه معه على الطنفسة فقال: حاجتك، فذكر حاجته، وقضاها له، وقال له: ما فهمت حاجتك حتى كان الساعة، وقال له: ما كان لك من حاجة فسل، ثم إن الرجل خرج من عند عثمان فأتى عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيرًا ما كان ينظر إلي في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: ما كلمته فيك، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فذكر الحديث وفي آخره، قال ابن حنيف: والله ما تفرقنا حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط).
رواية عون بن عمارة البصري:
أخرجه الحاكم من طريق العباس الدوري ثنا عون بن عمارة البصري ثنا روح بن القاسم به بدون القصة([34]).
فتكون رواية عون بن عمارة المجردة عن القصة راجحة على رواية شبيب بن سعيد التي فيها القصة، لموافقتها لرواية الجماعة، وإن كان ضعيفًا، ولأنه قد اختلف على شبيب في زيادة القصة، وقد يقال: إن عونًا قد اختلف عليه فقد أخرج الطبراني في الدعاء هذا الحديث من طريقه عن روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه فذكر القصة، وقال الطبراني: (وَهِمَ عونٌ في الحديث وهمًا فاحشًا) وأبدى محقق كتاب الدعاء احتمال كون الوهم من شيخ الطبراني وليس من عون، بدليل رواية الحاكم السابقة([35]).
جيلان العروسي
يستدل كثير من المنتسبين للتصوف على جواز التوسل بذوات الصالحين بحديث عثمان بن حنيف المعروف بحديث الضرير وه ،وهنا تجد معالجة جادة لهذا الفهم الصوفية
فحديث الضرير هو ما رواه أبو جعفر عمير بن يزيد عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف: (أن رجلًا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: {ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخرت ذلك فهو خير}، وفي رواية: {وإن شئت صبرت فهو خير لك، فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربك في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فَشَفعْهُ فيَّ وشَفعْنِي فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ}.
قد استدل بهذا الحديث الصوفية الذين ممن أجازوا السؤال بالذوات الفاضلة.
وأجازوا نداء الموتى والاستغاثة بهم، وقالوا: إن فيه نداء النبي صلى الله عليه وسلم وهو غائب، واحتجوا في هذا بقصة تعليم عثمان للرجل، التي في بعض طرق الحديث.
وقد ذكر بعض([1]) هؤلاء المتصوفة الذين استدلوا بهذا الحديث أن هذا الحديث أصرح حديث وأصح حديث في الباب وحجة قاصمة.
ولتشبث هؤلاء بهذا الحديث واعتنائهم به، ظنًّا منهم أنهم وجدوا الدليل القوي فيما ذهبوا إليه، لا بد من دراسة هذا الحديث سندًا ومتنًا ومناقشة ما ادعوه، ليعلم عدم دلالة الحديث على دعواهم بل دلالته على نقيضها.
دراسة الإسناد:
قد اشتهر هذا الحديث عن أبي جعفر.
فقد رواه عنه أربعة: شعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وهشام الدستوائي، وروح بن القاسم.
فهؤلاء الأربعة وإن اتفقوا في الرواية عن أبي جعفر، إلا أنهم اختلفوا في شيخ أبي جعفر، فشعبة وابن سلمة روياه عن أبي جعفر عن عمه عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حُنَيْف.
وأما هشام الدستوائي وروح بن القاسم فروياه عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف، وسيأتي الكلام على هذا الاختلاف في الإسناد والمتن إن شاء الله تعالى.
فأقوى هذه الطرق طريق شعبة؛ لأنه أحفظهم وأتقنهم، وقد رواه عن شعبة ثلاثة: عثمان بن عمر، وروح بن عبادة، وغندر.
فأما رواية عثمان فقد أخرجها الترمذي([2]) والنسائي([3]) كلاهما عن محمود بن غيلان.
وأخرجه أحمد([4]) وعبد بن حميد([5]) وابن ماجه([6]) عن أحمد بن منصور بن يسار. وابن خزيمة([7]) عن محمد بن بشار وأبي موسى. والطبراني عن إدريس بن جعفر العطار([8])، والحاكم من طريق الحسن بن مكرم([9])، ومن طريق العباس بن محمد الدوري([10])، والبيهقي عن الحاكم بطريق الدوري([11]).
وأخرجه البيهقي أيضًا من طريق محمد بن يونس([12])، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير على صورة التعليق عن شيخه علي وهو ابن المديني([13]).
كل هؤلاء -وهم: محمود بن غيلان وأحمد وابن حميد وابن يسار وابن بشار وأبو موسى والعطار وابن مكرم والدوري وابن يونس وابن المديني- عن عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف به.
وأما رواية روح بن عبادة:
فقد أخرجها أحمد، ثنا روح قال: ثنا شعبة به([14]).
والبيهقي في الدعوات من طريق أحمد بن الوليد، ثنا روح([15]).
وقال البيهقي في الدلائل: ورويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عبادة عن شعبة([16]).
وأما رواية غندر محمد بن جعفر، فقد أخرجها الحاكم من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة به([17]).
وأما بالنسبة إلى لفظ الحديث فقد اتفقت رواية شعبة في قوله: [اللهم فشفعه فيّ] ثم اختلفت في قوله: [وشفعني فيه] فبعضهم شك في زيادتها.
وأما طريق حماد بن سلمة، فقد أخرجه الإمام أحمد رحمه الله عن مؤمل وهو ابن إسماعيل قال: ثنا حماد يعني: ابن سلمة، قال: ثنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف به([18])، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير تعليقًا عن شيخه شهاب بن عباد عن حماد([19])، وأخرجه أيضًا النسائي عن محمد بن معمر قال: حدثنا حبان قال: حدثنا حماد به([20])، وأخرجه ابن أبي خيثمة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا حماد بن سلمة به.
وأما طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي فأخرجه النسائي عن محمد بن المثنى قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه به([21])، وأخرجه البخاري في التاريخ تعليقًا عن شيخه محمد بن المثنى به([22]).
ولفظ هشام الدستوائي: [فشفعه فيّ وشفعني في نفسي]، ولفظ حماد بن سلمة عند النسائي: [اللهم شفع فيَّ نبيي وشفعني في نفسي].
وأما طريق روح بن القاسم فقد روى عنه راويان: شبيب بن سعيد الحبطي، وعون بن عمارة البصري.
رواية شبيب بن سعيد:
فقد روى عنه ثلاثة: ولداه أحمد وإسماعيل ابنا شبيب، وعبد الله بن وهب.
وأما رواية أحمد بن شبيب:
فلها أربعة طرق، وقد أخرجها ابن السني من طريق العباس بن فرح الرياشي، والحسين بن يحيى الثوري([23]).
والحاكم من طريق أبي عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ([24]).
ومن طريق الحاكم البيهقي([25]).
ثلاثتهم -العباس الرياشي، والحسين الثوري، والصائغ- عن أحمد بن شبيب بن سعيد به، بدون ذكر القصة في أول الحديث.
وخالف هؤلاء الثلاثة يعقوب الفسوي، فزاد في أول الحديث قصة أخرجها في تاريخه فقال: ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، ثنا أبي عن روح بن القاسم... إلخ، وذكر القصة([26]).
ومن طريقه البيهقي في الدلائل([27])، ومن طريقه أيضًا عبد الغني المقدسي في كتاب الترغيب في الدعاء([28]).
وأما رواية إسماعيل بن شبيب:
فقد أخرجها البيهقي من طريق أبي عروبة عن العباس بن الفرج ثنا إسماعيل بن شبيب وذكر القصة([29]).
ولكن هذه الرواية فيها احتمال خطأ أحد الرواة؛ لأن ابن السني أخرجها من هذه الطريقة فجعلها من رواية أحمد لا إسماعيل وليس فيها القصة كما تقدم.
أما رواية عبد الله بن وهب:
فقد أخرجها البخاري في تاريخه عن شيخه عبد المتعال بن طالب، حدثنا ابن وهب عن أبي سعيد وهو شبيب عن روح بن القاسم به ولم يسق لفظه([30]).
وأخرجها الطبراني في كتبه: الدعاء([31])، والمعجم الصغير([32])، والمعجم الكبير([33]) عن طاهر بن عيسى عن أصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن أبي سعيد المكي وهو شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف، وزاد قصة في أوله وهي: (إن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، وكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف، فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائتي الميضأة فتوضأ، ثم ائتي المسجد فصلِّ فيه ركعتين، وقل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك، فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه معه على الطنفسة فقال: حاجتك، فذكر حاجته، وقضاها له، وقال له: ما فهمت حاجتك حتى كان الساعة، وقال له: ما كان لك من حاجة فسل، ثم إن الرجل خرج من عند عثمان فأتى عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيرًا ما كان ينظر إلي في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: ما كلمته فيك، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فذكر الحديث وفي آخره، قال ابن حنيف: والله ما تفرقنا حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط).
رواية عون بن عمارة البصري:
أخرجه الحاكم من طريق العباس الدوري ثنا عون بن عمارة البصري ثنا روح بن القاسم به بدون القصة([34]).
فتكون رواية عون بن عمارة المجردة عن القصة راجحة على رواية شبيب بن سعيد التي فيها القصة، لموافقتها لرواية الجماعة، وإن كان ضعيفًا، ولأنه قد اختلف على شبيب في زيادة القصة، وقد يقال: إن عونًا قد اختلف عليه فقد أخرج الطبراني في الدعاء هذا الحديث من طريقه عن روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه فذكر القصة، وقال الطبراني: (وَهِمَ عونٌ في الحديث وهمًا فاحشًا) وأبدى محقق كتاب الدعاء احتمال كون الوهم من شيخ الطبراني وليس من عون، بدليل رواية الحاكم السابقة([35]).