أحدث الصور
الرئيسية
من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 11.07.08 2:15بعد كل فتنة .... هذه قَافِلَةُ أَهْلِ التوحيد و السُّنَّةِ تواصل مَسِيرَتِهَا..
بــــــــــــــــسم الله الرحمن الرحــــــــــيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
{ يا أَيُها الذَّينَ آمَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأنْتُمْ مُسْلِمُون}[ آل عمران : 102 ].
{ياأَيُها النَّاسُ اتَّقُوا ربَكُمُ الذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُوَنَ بِهِ وَالأرَحَامَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبَاً }[النساء : 01].
{يَاأيُهَا الذَّينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيْداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوْبَكُمْ وَمَنْ يُطِعَ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فُوْزَاً عَظِيْمَاً} [الأحزاب 71 - 72 ].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد :
فقد قال عليه الصلاة و السلام : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ؛ فضلوا و أضلوا "، حيث صحيح.
و من فضل الله عز و جل على أهل التوحيد والسنة أتباع السلف الصالح أن أنعم عليهم بعلماء جهابذة كبار يبينون لهم أيام الفتن مفاسدها و مخاطر التدافع أثناء تأججها و التصدر لها ، و يحذِّرونهم من صبِّ زيت التفرق و التطاحن على لهيبها ، و معاندة سدنتها .. إلا أن القلَّة هُم أولئك الذين يأخذون بنصائحهم و يقفون عند حدودهم ، و يعرفون قدرهم و منزلتهم ، لا يجازفون بأنفسهم أو غيرهم ، و لا يتطاولون على توجيهات أكابر علماء السنَّة ، و في هذا الإطار قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله تعالى : " فلا تهمل كلام العلماء ، و لا تغفل عنه ؛ لأن العلماء أشد رسوخا منك في العلم ، و عندهم من قواعد الشريعة و أسرارها و ضوابطها ما ليس عندك"[كتاب العلم ص 33].
نعم! قليل من يلتزم سمت أهل التوحيد السنَّة عند نشوب الفتنة ، و خاصة عندما تندفع باتجاه تحقيق أهدافها المعلنة و الخفية ، لا يدركون أنها تبقى في البداية حبيسة أفكار محدَّدة ـ عند أصحابها ـ غير واضحة إلا عندهم و بينهم ، فإذا اندفعت الفتنة سارت بقوة ـ في كل الاتجاهات ـ ، و بعد نشوبها تنطلق لإنجاز جميع الأهداف المتوخاة و المنتظرة و المسطرة لها.
و بعد ظهور النتائج الأولى لهذه الفتنة ـ التي هي مكاسب عند أصحابها ! ـ تبدأ الأفواج تلو الأفواج من طابور أهل الشغب لتنظمَّ علانية و بكل جرأة إلى قاطرة الفتنة لتحقيق ما بقي من الأهداف و المصالح المشتركة ، و معظم الوافدون الجدد إلى قاطرة الفتنة هم من أهل العواطف الذين وجدوا أنفسهم منساقة إلى الانحياز لسماسرة الفتنة ، نتيجة ظروف موضوعية و زمنية و نفسية تفرض عليهم الانضمام المتدرج ـ على الأقل في البداية ـ ، ثم العلني الصـارخ ـ بعد ذلك ـ من أجل قيادتها و إيصال قاطرة الفتنة إلى حيث يُرَادُ لها من قبل من حرَّكها أول مرة ! و غير مستبعد أن ينضم ـ إليهم ـ بعدها أهل الصيد في الماء العكر و الحقد و المكر ، أو يُفْتَحُ لهم الباب على مصرعيه ، و يُطلَبُ منهم النصرة و التأييد ، و المشورة و الترشيد!
و مع كل ذلك فإن بقاء أهل الفتن و الكيد ضمن صفوف أهل السنة المحضة يعني استمرار التعثيرات و الانشقاقات و الانحرافات ؛ و اندساسهم في صفوف أهل السنة لمدة أطول يمنحهم فرص إضافية للتنظير لهذه التعثيرات و الانشقاقات و الانحرافات ، يغلِّفُونها بالتسويغ المناسب ، و تلفيق الأقوال و النصوص خدمة لأهدافهم ، على اعتبار أن أنْفَاسَهُم هي الأصيلة و غيرها هي الدخيلة ، و أن مواقفهم ضرورية لإفرازات جديدة ، و آفاق متجددة !
و يستمر أهل المكر ليحرفوا قافلة أهل السنة عن سبيل أهل السنة و الجماعة باتجاه الضياع و التلاشي حتى لا نقول الانفجار و التشتت !
و أثبتت الأحداث المتلاحقة و الفتن المتوالية أن الحاقد كلما اندس لمدة طويلة بين صفوف أهل السنة انغمس في مستنقع الكيد و المكر و الخيانة ، و زادت مطامحه و أطماعه و اشتدت انتهازيته ، و تراجعت مستويات الصلابة و الوضوح و صفاء السلفية لديه ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : "و ذلك أنَّ النفس الصافية التي فيها رقة الرياضة و لم تنجذب إلى محبة الله و عبادته انجذابًا تامًا، و لا قامَ بهاَ من خشيَة الله التامة ما يصرفها عن هَوَاهَا، حتى صارت تحت صورة من الصور استولت تلك الصورة عليها ، كما يستولي السَّبع على ما يفترسه ، فالسبع يأخذ فريسته بالقهر ، و لا تقدر الفريسة على الامتناع منه ، كذلك ما يمثله الإنسان في قلبه من الصور المحبوبة تبتلع قلبه و تقهره ، فلا يقدر قلبه على الامتناع منه ، فيبقى قلبه مستغرقا في تلك الصورة أعظم من استغراق الفريسة في جوف الأسد ؛ لأن المحبوب المراد هو غاية النفس ، له عليها سلطان قاهر "[مجموع الفتاوى10/595].
و هؤلاء الصنف الماكر الذين يدخلون في قافلة التفتيت و التفريق من أجل الحصول على بعض المكاسب الذاتية على حساب صفاء المنهج السلفي و اجتماع الكلمة و توحد الصف السلفي ، و على حساب آلام أهل السنة و الجماعة و جراحهم يبقون أوفيـاء لمنهجهم الانتهازي و يسيرون بلهف نحو جني مكاسب شخصية آنية ، و الظفر بمواقع متصدرة .. و بعد كل تفجير داخلي تظهر زُمر الكيد من جديد لتسويغ ضربةٍ جديدةٍ لأهل السنة و الجماعة و منهجهم الرباني ، و منهم من أصبح التشتيت و التفتيت عنده وجهة رأي و نظر !
و دائما يجدون الكلمات المناسبة لخيانتهم ـ من قاموسهم المفصَّل على مقاسهم و حاجتهم ـ من أجل تأكيد مواقفهم المعادية لأهل الحق و الصدق و إن أظهروا خلاف ما يبطنون ، و يعلنون خلاف ما يسترون !
فهناك من كان ـ منهم ـ تكفيريا أو إخوانيا أو تبليغيا أو عقلانيا إلى غير ذلك من الانتماءات الضالة .. فتحوَّل إلى سلفي .. عندما تلاشى بريق تلك الفرق الضالة ، و جد نفسه في صفوف السلفيين يدافع عنهم و يتبنى مواقفهم و يتظاهر بالسير على منهجهم.. لينقلب إلى هادم من الداخل لصالح مَنْ سَيَكُون صاحب المرحلة القادمة !!
أهل الشغب ـ الانتهازيون ـ .. أو ـ عفواً ـ المشتتون أصحاب الحسابات النفعية و المصالح الشخصية .. أو أصحاب المنهج الانتهازي الفوضوي يجدون في كل فتنة أتباعاً يَنْسَاقُون خلفهم ، و يبهرهم تلاعب هؤلاء بالكلمات و القفز على الأخلاق الشرعية ، و الانسياق خلف التكتلات الوهمية و الوعود الشخصية و الأحلام الصبيانية على حسـاب المنهج السلفي الذي كانوا يتظاهرون في فترة سابقة بالانضواء تحت لوائه و التعاون مع دعاته و حماته و أهله!
و هذا الصنف من الجُند ينطبق عليهم قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : " و الإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه يشتهي ما يضره و يلتذ به ، بل يعشق عشقًا يُفْسِدُ عقله و دينه و خلقه و بدنه و ماله " [مجموع الفتاوى 19/34]
و لكن دائما إذا كانت الفتن تأكل مَن أجَّجها .. فإنها لا تأكل إلا هذا الصنف المفتون ، و تلفظهم إلى مزبلة التاريخ ، و تستمر قافلة أهل السنة و الجماعة حيثُ يُريِدُ الله سبحانه و تعالى لها ، قال الله تعالى : { و لا تتبعوا السُّبل فتفرق بكم عن سبيله }[الأنعام :153]. و قافلة أهل السنَّة لا تقِف عند تخذيل خّاذِل أو خلاف مخالف أو فتنة متطرف أو فتنة مفتون أو كيد كائد .. ينبغي لها أن تستمر في سيرها رغم كل الفخاخ التي ينصبها الخصوم و الأعداء ـ من الداخل و الخارج ـ ، ففي نهاية كل فتنة يسقط أهل المكر و الخيانة و أعوانهم و ينطلق أهل السنة و الجماعة بعزم أكبر و حرص أشد على نصرة التوحيد و السنة يسيرون خلف أكابر علمائهم لا يسابقونهم في شيء و لا يتطاولون عليهم أو يسفهون مواقفهم و اجتهاداتهم ؛ قال الله سبحانه و تعالى : {و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت:69] . قال ابن القيم : " علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، و أفرض الجهاد جهاد النفس و جهاد الهوى و جهاد الشيطان و جهاد الدنيا... و لا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا، فمن نُصر عليها نُصر على عدوه، و من نُصرت عليه نُصر عليه عدوُّه".[الفوائد:95].
قال سبحانه و تعالى ـ أيضا ـ :{ و إن تَتولوا يستبدل قومًا غَيرَكم ثم لا يَكُونُوا أمـثَالكم } [محمد: 38].
و بالله التوفيق ، و صلى الله على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلم.
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
{ يا أَيُها الذَّينَ آمَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأنْتُمْ مُسْلِمُون}[ آل عمران : 102 ].
{ياأَيُها النَّاسُ اتَّقُوا ربَكُمُ الذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُوَنَ بِهِ وَالأرَحَامَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبَاً }[النساء : 01].
{يَاأيُهَا الذَّينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيْداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوْبَكُمْ وَمَنْ يُطِعَ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فُوْزَاً عَظِيْمَاً} [الأحزاب 71 - 72 ].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد :
فقد قال عليه الصلاة و السلام : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ؛ فضلوا و أضلوا "، حيث صحيح.
و من فضل الله عز و جل على أهل التوحيد والسنة أتباع السلف الصالح أن أنعم عليهم بعلماء جهابذة كبار يبينون لهم أيام الفتن مفاسدها و مخاطر التدافع أثناء تأججها و التصدر لها ، و يحذِّرونهم من صبِّ زيت التفرق و التطاحن على لهيبها ، و معاندة سدنتها .. إلا أن القلَّة هُم أولئك الذين يأخذون بنصائحهم و يقفون عند حدودهم ، و يعرفون قدرهم و منزلتهم ، لا يجازفون بأنفسهم أو غيرهم ، و لا يتطاولون على توجيهات أكابر علماء السنَّة ، و في هذا الإطار قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله تعالى : " فلا تهمل كلام العلماء ، و لا تغفل عنه ؛ لأن العلماء أشد رسوخا منك في العلم ، و عندهم من قواعد الشريعة و أسرارها و ضوابطها ما ليس عندك"[كتاب العلم ص 33].
نعم! قليل من يلتزم سمت أهل التوحيد السنَّة عند نشوب الفتنة ، و خاصة عندما تندفع باتجاه تحقيق أهدافها المعلنة و الخفية ، لا يدركون أنها تبقى في البداية حبيسة أفكار محدَّدة ـ عند أصحابها ـ غير واضحة إلا عندهم و بينهم ، فإذا اندفعت الفتنة سارت بقوة ـ في كل الاتجاهات ـ ، و بعد نشوبها تنطلق لإنجاز جميع الأهداف المتوخاة و المنتظرة و المسطرة لها.
و بعد ظهور النتائج الأولى لهذه الفتنة ـ التي هي مكاسب عند أصحابها ! ـ تبدأ الأفواج تلو الأفواج من طابور أهل الشغب لتنظمَّ علانية و بكل جرأة إلى قاطرة الفتنة لتحقيق ما بقي من الأهداف و المصالح المشتركة ، و معظم الوافدون الجدد إلى قاطرة الفتنة هم من أهل العواطف الذين وجدوا أنفسهم منساقة إلى الانحياز لسماسرة الفتنة ، نتيجة ظروف موضوعية و زمنية و نفسية تفرض عليهم الانضمام المتدرج ـ على الأقل في البداية ـ ، ثم العلني الصـارخ ـ بعد ذلك ـ من أجل قيادتها و إيصال قاطرة الفتنة إلى حيث يُرَادُ لها من قبل من حرَّكها أول مرة ! و غير مستبعد أن ينضم ـ إليهم ـ بعدها أهل الصيد في الماء العكر و الحقد و المكر ، أو يُفْتَحُ لهم الباب على مصرعيه ، و يُطلَبُ منهم النصرة و التأييد ، و المشورة و الترشيد!
و مع كل ذلك فإن بقاء أهل الفتن و الكيد ضمن صفوف أهل السنة المحضة يعني استمرار التعثيرات و الانشقاقات و الانحرافات ؛ و اندساسهم في صفوف أهل السنة لمدة أطول يمنحهم فرص إضافية للتنظير لهذه التعثيرات و الانشقاقات و الانحرافات ، يغلِّفُونها بالتسويغ المناسب ، و تلفيق الأقوال و النصوص خدمة لأهدافهم ، على اعتبار أن أنْفَاسَهُم هي الأصيلة و غيرها هي الدخيلة ، و أن مواقفهم ضرورية لإفرازات جديدة ، و آفاق متجددة !
و يستمر أهل المكر ليحرفوا قافلة أهل السنة عن سبيل أهل السنة و الجماعة باتجاه الضياع و التلاشي حتى لا نقول الانفجار و التشتت !
و أثبتت الأحداث المتلاحقة و الفتن المتوالية أن الحاقد كلما اندس لمدة طويلة بين صفوف أهل السنة انغمس في مستنقع الكيد و المكر و الخيانة ، و زادت مطامحه و أطماعه و اشتدت انتهازيته ، و تراجعت مستويات الصلابة و الوضوح و صفاء السلفية لديه ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : "و ذلك أنَّ النفس الصافية التي فيها رقة الرياضة و لم تنجذب إلى محبة الله و عبادته انجذابًا تامًا، و لا قامَ بهاَ من خشيَة الله التامة ما يصرفها عن هَوَاهَا، حتى صارت تحت صورة من الصور استولت تلك الصورة عليها ، كما يستولي السَّبع على ما يفترسه ، فالسبع يأخذ فريسته بالقهر ، و لا تقدر الفريسة على الامتناع منه ، كذلك ما يمثله الإنسان في قلبه من الصور المحبوبة تبتلع قلبه و تقهره ، فلا يقدر قلبه على الامتناع منه ، فيبقى قلبه مستغرقا في تلك الصورة أعظم من استغراق الفريسة في جوف الأسد ؛ لأن المحبوب المراد هو غاية النفس ، له عليها سلطان قاهر "[مجموع الفتاوى10/595].
و هؤلاء الصنف الماكر الذين يدخلون في قافلة التفتيت و التفريق من أجل الحصول على بعض المكاسب الذاتية على حساب صفاء المنهج السلفي و اجتماع الكلمة و توحد الصف السلفي ، و على حساب آلام أهل السنة و الجماعة و جراحهم يبقون أوفيـاء لمنهجهم الانتهازي و يسيرون بلهف نحو جني مكاسب شخصية آنية ، و الظفر بمواقع متصدرة .. و بعد كل تفجير داخلي تظهر زُمر الكيد من جديد لتسويغ ضربةٍ جديدةٍ لأهل السنة و الجماعة و منهجهم الرباني ، و منهم من أصبح التشتيت و التفتيت عنده وجهة رأي و نظر !
و دائما يجدون الكلمات المناسبة لخيانتهم ـ من قاموسهم المفصَّل على مقاسهم و حاجتهم ـ من أجل تأكيد مواقفهم المعادية لأهل الحق و الصدق و إن أظهروا خلاف ما يبطنون ، و يعلنون خلاف ما يسترون !
فهناك من كان ـ منهم ـ تكفيريا أو إخوانيا أو تبليغيا أو عقلانيا إلى غير ذلك من الانتماءات الضالة .. فتحوَّل إلى سلفي .. عندما تلاشى بريق تلك الفرق الضالة ، و جد نفسه في صفوف السلفيين يدافع عنهم و يتبنى مواقفهم و يتظاهر بالسير على منهجهم.. لينقلب إلى هادم من الداخل لصالح مَنْ سَيَكُون صاحب المرحلة القادمة !!
أهل الشغب ـ الانتهازيون ـ .. أو ـ عفواً ـ المشتتون أصحاب الحسابات النفعية و المصالح الشخصية .. أو أصحاب المنهج الانتهازي الفوضوي يجدون في كل فتنة أتباعاً يَنْسَاقُون خلفهم ، و يبهرهم تلاعب هؤلاء بالكلمات و القفز على الأخلاق الشرعية ، و الانسياق خلف التكتلات الوهمية و الوعود الشخصية و الأحلام الصبيانية على حسـاب المنهج السلفي الذي كانوا يتظاهرون في فترة سابقة بالانضواء تحت لوائه و التعاون مع دعاته و حماته و أهله!
و هذا الصنف من الجُند ينطبق عليهم قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : " و الإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه يشتهي ما يضره و يلتذ به ، بل يعشق عشقًا يُفْسِدُ عقله و دينه و خلقه و بدنه و ماله " [مجموع الفتاوى 19/34]
و لكن دائما إذا كانت الفتن تأكل مَن أجَّجها .. فإنها لا تأكل إلا هذا الصنف المفتون ، و تلفظهم إلى مزبلة التاريخ ، و تستمر قافلة أهل السنة و الجماعة حيثُ يُريِدُ الله سبحانه و تعالى لها ، قال الله تعالى : { و لا تتبعوا السُّبل فتفرق بكم عن سبيله }[الأنعام :153]. و قافلة أهل السنَّة لا تقِف عند تخذيل خّاذِل أو خلاف مخالف أو فتنة متطرف أو فتنة مفتون أو كيد كائد .. ينبغي لها أن تستمر في سيرها رغم كل الفخاخ التي ينصبها الخصوم و الأعداء ـ من الداخل و الخارج ـ ، ففي نهاية كل فتنة يسقط أهل المكر و الخيانة و أعوانهم و ينطلق أهل السنة و الجماعة بعزم أكبر و حرص أشد على نصرة التوحيد و السنة يسيرون خلف أكابر علمائهم لا يسابقونهم في شيء و لا يتطاولون عليهم أو يسفهون مواقفهم و اجتهاداتهم ؛ قال الله سبحانه و تعالى : {و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت:69] . قال ابن القيم : " علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، و أفرض الجهاد جهاد النفس و جهاد الهوى و جهاد الشيطان و جهاد الدنيا... و لا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا، فمن نُصر عليها نُصر على عدوه، و من نُصرت عليه نُصر عليه عدوُّه".[الفوائد:95].
قال سبحانه و تعالى ـ أيضا ـ :{ و إن تَتولوا يستبدل قومًا غَيرَكم ثم لا يَكُونُوا أمـثَالكم } [محمد: 38].
و بالله التوفيق ، و صلى الله على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلم.
كتبه أبوالوليد عبد الهادي التلمساني
ـ عفا الله تعالى عنه بمنه و كرمه ـ
تلمسان 27 محرم 1428هـ
نقلا عن
ـ عفا الله تعالى عنه بمنه و كرمه ـ
تلمسان 27 محرم 1428هـ
نقلا عن
