قال شيخ الإسلام بن تيمية :
إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول وجزما بالقول في
موضع وجزما بنقيضه وتكفير قائله في موضع آخر وهذا دليل عدم اليقين فإن
الإيمان كما قال فيه قيصر لما سأل أبا سفيان عمن أسلم مع النبي صلى الله
عليه سلم: هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا. قال: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد. ولهذا قال بعض السلف-عمر بن عبد العزيز- أو غيره:" من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل"
وأما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط
عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبرا على ذلك وإن امتحنوا بأنواع المحن
وفتنوا بأنواع الفتن وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين كأهل
الأخدود ونحوهم وكسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة
حتى كان مالك رحمه الله يقول:"لا تغبطوا أحدا لم يصبه في هذا الأمر بلاء
يقول إن الله لا بد أن يبتلي المؤمن فإن صبر رفع درجته كما قال تعالى:(( الم
* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا
يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)). وقال تعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)). وقال تعالى: (( وَالْعَصْرِ
إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِِ)).
ومن صبر من أهل الأهواء على قوله فذاك لما فيه من الحق إذ لا بد في كل
بدعة عليها طائفة كبيرة من الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
ويوافق عليه أهل السنة والحديث ما يوجب قبولها إذ الباطل المحض لا يقبل
بحال.
وبالجملة: فالثبات والاستقرار في أهل الحديث والسنة أضعاف أضعاف أضعاف ما هو عند أهل الكلام والفلسفة ..
( كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 4، صفحة 50 )/منقول من سحاب السلفية
إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالا من قول إلى قول وجزما بالقول في
موضع وجزما بنقيضه وتكفير قائله في موضع آخر وهذا دليل عدم اليقين فإن
الإيمان كما قال فيه قيصر لما سأل أبا سفيان عمن أسلم مع النبي صلى الله
عليه سلم: هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا. قال: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد. ولهذا قال بعض السلف-عمر بن عبد العزيز- أو غيره:" من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل"
وأما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط
عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبرا على ذلك وإن امتحنوا بأنواع المحن
وفتنوا بأنواع الفتن وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين كأهل
الأخدود ونحوهم وكسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة
حتى كان مالك رحمه الله يقول:"لا تغبطوا أحدا لم يصبه في هذا الأمر بلاء
يقول إن الله لا بد أن يبتلي المؤمن فإن صبر رفع درجته كما قال تعالى:(( الم
* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا
يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)). وقال تعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)). وقال تعالى: (( وَالْعَصْرِ
إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِِ)).
ومن صبر من أهل الأهواء على قوله فذاك لما فيه من الحق إذ لا بد في كل
بدعة عليها طائفة كبيرة من الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
ويوافق عليه أهل السنة والحديث ما يوجب قبولها إذ الباطل المحض لا يقبل
بحال.
وبالجملة: فالثبات والاستقرار في أهل الحديث والسنة أضعاف أضعاف أضعاف ما هو عند أهل الكلام والفلسفة ..
( كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 4، صفحة 50 )/منقول من سحاب السلفية