خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين.

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 8:49

    خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين. Icon1 خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين.

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين ، أما بعد :
    قمت بتدريس إخواني الكرام بعد صلاة الفجر في مكتبة مسجدي الذي أؤم فيه : " القول المفيد على كتاب التوحيد " ، للشيخ العلامة ابن عثيمين – قدس الله روحه ، وأسكنه الله تعالى الفردوس الأعلى – فكنت إذا مرت بنا الفائدة دونتها على غلاف الكتاب ، حتى تجمعت عندي عشرات الفوائد ، فقيدتها لإخواني ، لعل الله تبارك وتعالى يتقبلها مني ، وليستفيد إخواني طلبة العلم من علم هذا العلم ، والبحر الخضم ، فأسأل الله تعالى أن يدخرها لي في {يوم لا ينفع فيه مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم} .
    وكنت قد رقمت منها مجموعة ، سأعجل بها من باب المبادرة إلى الخير ، وما بقي أسطره تباعا ، وقد سميت هذه الفوائد :
    [ خلاصة المستفيد من القول المفيد شرح كتاب التوحيد ].
    وإلى المقصود :
    الفائدة الأولى:
    في باب : من الشرك الاستعاذة بغير الله :
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ قوله: { برجال من الجن } ، يستفاد منه أن للجن رجالاً، ولهم إناث، وربما يجامع الرجل من الجن الأنثى من بني آدم، وكذلك العكس الرجل من بني آدم قد يجامع الأنثى من الجن، وقد ذكر الفقهاء الخلاف في وجوب الغسل بهذا الإجماع.
    والفقهاء يقولون في باب الغسل، لو قالت : إن بها جنياً يجامعها كالرجل، وجب عليها الغسل، وأما أن الرجل يجامع الأنثى من الجن، فقد قيل ذلك، لكن لم أره في كلام أهل العلم، وإنما أساطير تقال، والله أعلم.
    لكن علينا أن نصدق بوجودهم، وأنهم مكلفون، وبأن منهم الصالحين ومنهم دون ذلك، وبأن منهم المسلمين والقاسطين، وبأن منهم رجالاً ونساء].
    الفائدة الثانية :
    في باب : من الشرك الاستعاذة بغير الله. في حديث " خولة بنت حكيم " [ من نزل منزلا ..]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    قوله: "لم يضره شيء"، نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم من شر كل ذي شر من الجن والإنس وغيرهم والظاهر الخفي حتى يرتحل من منزله، لأن هذا خبر لا يمكن أن يتخلف مُخْبَرُه، لأنه كلام الصادق المصدوق، لكن إن تخلف، فهو لوجود مانع لا لقصور السبب أو تخلف الخبر.
    ونظير ذلك كل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأسباب الشرعية إذا فعلت ولم يحصل المسبب، فليس ذلك لخلل في السبب، ولكن لوجود مانع، مثل: قراءة الفاتحة على المرضى شفاء، ويقرأها بعض الناس ولا يشفى المريض، وليس ذلك قصوراً في السبب، بل لوجود مانع بين السبب وأثره.
    ومنه: التسمية عند الجماع، فإنها تمنع ضرر الشيطان للولد، وقد توجد التسمية ويضر الشيطان الولد لوجود مانع يمنع من حصول أثر هذا السبب، فعليك أن تفتش ما هو المانع حتى تزيله فيحصل لك أثر السبب.
    قال القرطبي: وقد جربت ذلك، حتى إني نسيت ذات يوم، فدخلت منزلي ولم أقل ذلك، فلدغتني عقرب].
    الفائدة الثالثة : هل الاستعاذة بغير الله شرك على الإطلاق؟
    في باب : من الشرك الاستعاذة بغير الله .
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ أما الاستعاذة بالمخلوق، ففيها تفصيل، فإن كان المخلوق لا يقدر عليه، فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة"، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه إلا الله، لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله، سوى الله.
    ومن ذلك أيضاً الاستعاذة بأصحاب القبور، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيداً عنهم.
    أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في "تيسير العزيز الحميد"، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في "صحيح مسلم" لما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتن، قال: "فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به".
    وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة، والغلام الذي عاذ بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة ، وما أشبه ذلك.
    وهذا هو مقتضى النظر، فإذا اعترضني قطاع طريق، فعذت بإنسان يستطيع أن يخلصني منهم، فلا شيء فيه.
    لكن تعليق القلب بالمخلوق لا شك أنه من الشرك، فإذا علقت قلبك ورجاءك وخوفك وجميع أمورك بشخص معين، وجعلته ملجأ، فهذا شرك، لأن هذا لا يكون إلا لله.
    وعلى هذا، فكلام الشيخ رحمه الله في قوله: "إن الأئمة لا يجوزون الاستعاذة بمخلوق" مقيد بما لا يقدر عليه إلا الله، ولولا أن النصوص وردت بالتفصيل لأخذنا الكلام على إطلاقه، وقلنا: لا يجوز الاستعاذة بغير الله مطلقا].
    الفائدة الرابعة : كل قيد يراد به بيان الواقع، فإنه كالتعليل للحكم؛(الصفة الكاشفة).
    وفي باب : من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره،
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ وقوله: { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك } ، أي: لأنه لا ينفعك ولا يضرك، وهذا القيد ليس شرطاً بحيث يكون له مفهوم، فيكون لك أن تدعو من ينفعك ويضرك، بل هو لبيان الواقع، لأن المدعو من دون الله لا يحصل منه نفع ولا ضرر، قال الله تعالى: { ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين } [الأحقاف: 5 ، 6].
    ومن القيد الذي ليس بشرط، بل هو لبيان الواقع قوله تعالى: { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم } [البقرة: 21].
    فإن قوله: { الذي خلقكم والذين من قبلكم } لبيان الواقع، إذ ليس هناك رب ثان لم يخلقنا والذين من قبلنا.
    ومنه قوله تعالى: { وربائبكم اللاتي في حجوركم } [النساء: 23]، فهذا بيان للواقع الأغلب.
    ومنه قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } [الأنفال: 24]، فهذا بيان للواقع، إذ دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - إيانا كله لما يحيينا.
    وكل قيد يراد به بيان الواقع، فإنه كالتعليل للحكم، فمثلاً قوله تعالى: { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم } [البقرة: 21]، أي اعبدوه لأنه خلقكم.
    وقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } ، أي: لأنه لا يدعوكم إلا لما يحييكم.
    وكذلك قوله تعالى: { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك } ، أي: لأنه لا ينفعك ولا يضرك، فعلى هذا لا يكون هذا القيد شرطاً، وهذه يسميها بعض الناس صفة كاشفة].
    الفائدة الخامسة : الشكر يكون في ثلاثة مواضع.
    في باب : من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره.
    في قوله تعالى [ فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له ] العنكبوت (17).
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ والشكر فسروه بأنه: القيام بطاعة المنعم، وقالوا: إنه يكون في ثلاثة مواضع:
    1- في القلب، وهو أن يعترف بقلبه أن هذه النعمة من الله، فيرى لله فضلاً عليه بها، قال تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله } [النحل: 53]، وأعظم نعمة هي نعمة الإسلام، قال تعالى: { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان } [الحجرات: 17]، وقال تعالى: { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته..... } الآية [آل عمران: 164].
    2- اللسان، وهو أن يتحدث بها على وجه الثناء على الله والاعتراف وعدم الجحود، لا على سبيل الفخر والخيلاء والترفع على عباد الله، فيتحدث بالغنى لا ليكسر خاطر الفقير، بل لأجل الثناء على الله ، وهذا جائز كما في قصة الأعمى من بني إسرائيل لما ذكرهم المَلَك بنعمة الله، قال "نعم، كنت أعمى فرد الله علي بصري، وكنت فقيراً فأعطاني الله المال"، فهذا من باب التحدث بنعمة الله.
    والنبي - صلى الله عليه وسلم - تحدث بنعمة الله عليه بالسيادة المطلقة، فقال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة".
    3- الجوارح، وهو أن يستعملها بطاعة المنعم، وعلى حسب ما يختص بهذه النعمة،
    فمثلاً: شكر الله على نعمة العلم: أن تعمل به، وتعلمه الناس.
    وشكر الله على نعمة المال: أن تصرفه بطاعة الله، وتنفع الناس به.
    وشكر الله على نعمة الطعام: أن تستعمله فيما خلق له، وهو تغذية البدن، فلا تبني من العجين قصراً مثلاً، فهو لم يخلق لهذا الشيء].
    قلت : (علي) قول الشيخ أخيرا : " فلا تبني من العجين قصرا ..." فيه خطأ ما يُفعل في أعياد الميلاد المبتدعة من صنع الفطائر على هيأة منزل أو سفينة أو قصر ، وخطأ ما يفعله أصحاب محلات الكعك والفطائر والحلويات بمثل هذه النعم مما سبق ذكره،وأنه من كفران النعم.
    الفائدة السادسة : الاستفهام المراد به النفي أبلغ من النفي المجرد .
    في باب : من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره.
    في قوله تعالى [ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ والاستفهام يراد به هنا النفي، أي لا أحد أضل.
    و { أضل } : اسم تفضيل، أي: لا أحد أضل من هذا.
    والضلال: أن يتيه الإنسان عن الطريق الصحيح.
    وإذا كان الاستفهام مرادا به النفي كان أبلغ من النفي المجرد، لأنه يحوله من نفي إلى تحد، أي: بين لي عن أحد أضل ممن يدعو من دون الله؟ فهو متضمن للتحدي، وهو أبلغ من قوله: لا أضل ممن يدعو، لأن هذا نفي مجرد، وذاك نفي مشرب معنى التحدي].
    الفائدة السابعة : فرق بين ما يأتي بالشيء ، وما يأتي عند الشيء.
    في باب : من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره.
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [قوله: { من لا يستجيب له إلى يوم القيامة } ، فإذا كان من سوى الله لا يستجيب إلى يوم القيامة، فكيف يليق بك أن تستغيث به دون الله؟! فبطل تعلق هؤلاء العابدين بمعبوداتهم.
    فالذي يأتي للبدوي أو للدسوقي في مصر، فيقول: المدد! المدد! أو: أغثني، لا يغني عنه شيئاً، ولكن قد يبتلي فيأتيه المدد عند حصول هذا الشيء لا بهذا الشيء، وفرق بين ما يأتي بالشيء وما يأتي عند الشيء.
    مثال ذلك: امرأة دعت البدوي أن تحمل، فلما جامعها زوجها حملت، وكانت سابقاً لا تحمل، فنقول هنا: إن الحمل لم يحصل بدعاء البدوي، وإنما حصل عنده لقوله تعالى: { من لا يستجيب له إلى يوم القيامة } .
    أو يأتي للجيلاني في العراق، أو ابن عربي في سوريا، فيستغيث به، فإنه لا ينتفع، ولو بقي الواحد منهم إلى يوم القيامة يدعو ما أجابه أحد.
    والعجب أنهم في العراق يقولون: عندنا الحسين، فيطوفون قبره ويسألونه، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول، وضلال في الدين، والعامة لا يلامون في الواقع، لكن الذي يلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء].
    قلت (علي ) : وقول الشيخ : " لكن الذي يلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء " فيه تنبيه لأؤلائكم النفر الذين باعوا الآخرة بالدنيا ، واشتروا به ثمنا قليلا ، فويل لهم مما كتبت أيديهم ، وويل لهم مما يكسبون.
    .....
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 8:49

    الفائدة الثامنة : مشركو هذا الزمان أشد من المشركين الأوائل!
    في باب : من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره.
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [السابعة عشرة: الأمر العجيب، وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله... إلخ، وهو كما قال رحمه الله: وهذا موجود الآن، فمن الناس من يسجد للأصنام التي صنعوها بأنفسهم تعظيماً، فإذا وقعوا في الشدة دعوا الله مخلصين له الدين، وكان عليهم أن يلجؤوا للأصنام لو كانت عبادتها حقاً، إلا أن من المشركين اليوم من هو أشد شركاً من المشركين السابقين، فإذا وقعوا في الشدة دعوا أولياءهم، كعلي والحسين، وإذا كان الأمر سهلاً دعوا الله!!، وإذا حلفوا حلفاً هم فيه صادقون حلفوا بعلي أو غيره من أوليائهم، وإذا حلفوا حلفاً هم فيه كاذبون حلفوا بالله ولم يبالوا!!!].
    الفائدة التاسعة : الفرق بين القطمير ، والنقير ، والفتيل .
    في باب : قول الله تعالى: { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً } الآية [الأعراف: 191،192]
    في قوله تعالى [ والذين من دونه ما يملكون من قطمير]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ وقوله: { من قطمير } ، القطمير: سلب نواة التمرة.
    وفي النواة ثلاثة أشياء ذكرها الله في القرآن لبيان حقارة الشيء:
    القطمير: وهو اللفافة الرقيقة التي على النواة.
    الفتيل: وهو سلك يكون في الشق الذي في النواة.
    النقير: وهي النقرة التي تكون على ظهر النواة].
    الفائدة العاشرة : مسألة سماع الأموات .
    في باب : قول الله تعالى: { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً } الآية [الأعراف: 191،192]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ * مسألة:
    هل يسمع الأموات السلام ويردونه على من سلم عليهم؟
    اختلف في ذلك على قولين:
    القول الأول: أن الأموات لا يسمعون السلام، وأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين زيارة القبور: "السلام عليكم" دعاء لا يقصد به المخاطبة، ثم على فرض أنهم يسمعون كما جاء الحديث الذي صححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم: "بأن الإنسان إذا سلم على شخص يعرفه في الدنيا رد الله عليه روحه فرد السلام"، وعلى تقدير صحة هذا الحديث إذا كانوا يسمعون السلام ويردونه، فلا يلزم أن يسمعوا كل شيء، ثم لو فرض أنهم يسمعون غير السلام، فإن الله صرح بأن المدعوين من دون الله لا يسمعون دعاء من يدعونهم، فلا يمكن أن نقول: إنهم يسمعون دعاء من يدعون، لأن هذا كفر بالقرآن، فتبين هذا أنه لا تعارض بين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين"، وبين هذه الآية.
    وأما قوله: { ولو سمعوا } ، فمعناه، لو سمعوا فرضاً ما استجابوا لكم، لأنهم لا يستطيعون.. القول الثاني: أن الأموات يسمعون.
    واستدلوا على ذلك بالخطاب الواقع في سلام الزائر لهم بالمقبرة.
    وبما ثبت في "الصحيح" من أن المشيعين إذا انصرفوا سمع المشيع قرع نعالهم.
    والجواب عن هذين الدليلين: أما الأول، فإنه لا يلزم من السلام عليهم أن يسمعوا، ولهذا كان المسلمون يسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته في التشهد ، وهو لا يسمعهم قطعاً.
    أما الثاني، فهو وارد في وقت خاص، وهو انصراف المشيعين بعد الدفن، وعلى كل، فالقولان متكافئان، والله أعلم بالحال].
    الفائدة الحادية عشرة : لا يُقال : المدينة المنورة .
    في باب : قول الله تعالى: { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً } الآية [الأعراف: 191،192]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ قوله: "أحد"، جبل معروف شمالي المدينة، ولا يقال: المنورة، لأن كل بلد دخله الإسلام فهو منور بالإسلام، ولأن ذلك لم يكن معروفاً عند السلف، وكذلك جاء اسمها في القرآن بالمدينة فقط، لكن لو قيل: المدنية النبوية لحاجة تمييزها، فلا بأس].
    الفائدة الثانية عشرة : قول : " هُزم المسلمون " .
    في باب : قول الله تعالى: { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً } الآية [الأعراف: 191،192]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ وهذا الجبل – أي أحد - حصلت فيه وقعة في السنة الثالثة من الهجرة في شوال هزم فيها المسلمون بسبب ما حصل منهم من مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما أشار الله إلى ذلك بقوله: { حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون } [آل عمران: 152]، وجواب الشرط محذوف تقديره: حصل لكم ما تكرهون.
    وقد حصلت هزيمة المسلمين لمعصية واحدة، ونحن الآن نريد الانتصار والمعاصي كثيرة عندنا، ولهذا لا يمكن أن نفرح بنصرٍ ما دمنا على هذه الحال، إلا أن يرفق الله بنا ويصلحنا جميعاً].
    الفائدة الثالثة عشرة : تحريم التوسل بجاه النبي.
    في باب : قول الله تعالى: { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً } الآية [الأعراف: 191،192]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ قوله: "يا فاطمة بنت محمد! سليني من مالي ما شئت"، أي: اطلبي من مالي ما شئت، فلن أمنعك لأنه - صلى الله عليه وسلم - مالك لماله، ولكن بالنسبة لحق الله قال: "لا أغني عنك من الله شيئاً".
    فهذا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأقاربه الأقربين: عمه، وعمته، وابنته، فما بالك بمن هم أبعد؟! فعدم إغنائه عنهم شيئاً من باب أولى، فهؤلاء الذين يتعلقون بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ويلوذون به ويستجيرون به الموجودون في هذا الزمن وقبله قد غرهم الشيطان واجتالهم عن طريق الحق، لأنهم تعلقوا بما ليس بمتعلق، إذ الذي ينفع بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الإيمان به واتباعه.
    أما دعاؤه والتعلق به ورجاؤه فيما يؤمل، وخشيته فيما يخاف منه، فهذا شرك بالله، وهو مما يبعد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعن النجاة من عذاب الله.
    ففي الحديث امتثال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمر ربه في قوله تعالى: { وأنذر عشيرتك الأقربين } [الشعراء: 214]، فإنه قام بهذا الأمر أتم القيام، فدعا وعم وخصص، وبيَّن أنه لا ينجي أحداً من عذاب الله بأي وسيلة، بل الذي ينجي هو الإيمان به واتباع ما جاء به.
    وإذا كان القرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغني عن القريب شيئاً، دل ذلك على منع التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن جاه النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينتفع به إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا كان أصح قولي أهل العلم تحريم التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -].
    الفائدة الرابعة عشرة والخامسة عشر والسادسة عشر :1- يستثنى من قنوت النوازل الطاعون لأنه شهادة.
    2- القنوت في النوازل إنما في النوازل التي تكون من غير الله.
    3- القنوت لكل مصل ، وقيل الإمام الأعظم ، وقيل إمام كل مسجد.
    في باب : قول الله تعالى:{ أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً }
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ الثامنة: القنوت في النوازل، وهذه هي المسألة الفقهية، فإذا نزل بالمسلمين نازلة، فإنه ينبغي أن يدعى لهم حتى تنكشف.
    وهذا القنوت مشروع في كل الصلوات، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أحمد وغيره، إلا أن الفقهاء رحمهم الله استثنوا الطاعون، وقالوا: لا يقنت له لعدم ورود ذلك، وقد وقع في عهد عمر رضي الله عنه ولم يقنت ، ولأنه شهادة، فلا ينبغي الدعاء برفع سبب الشهادة.
    وظاهر السنة أن القنوت إنما يشرع في النوازل التي تكون من غير الله، مثل: إيذاء المسلمين والتضييق عليهم، أما ما كان من فعل الله، فإنه يشرع له ما جاءت به السنة، مثل الكسوف، فيشرع له صلاة الكسوف، والزلازل شرع لها صلاة الكسوف كما فعل ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: هذه صلاة الآيات، والجدب يشرع له الاستسقاء، وهكذا.
    وما علمت لساعتي هذه أن القنوت شرع لأمر نزل من الله، بل يدعى له بالأدعية الواردة الخاصة، لكن إذا ضيق على المسلمين وأوذوا وما أشبه ذلك، فإنه يقنت اتباعاً للسنة في هذا الأمر.
    ثم من الذي يقنت، الإمام الأعظم، أو إمام كل مسجد، أو كل مصل؟
    المذهب: أن الذي يقنت هو الإمام الأعظم فقط الذي هو الرئيس الأعلى للدولة.
    وقيل: يقنت كل إمام مسجد.
    وقيل: يقنت كل مصل، وهو الصحيح، لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وهذا يتناول قنوته - صلى الله عليه وسلم - عند النوازل].
    الفائدة السابعة عشرة : مسألة الدعاء على جميع الكفار بالهلاك.
    في باب : قول الله تعالى:{ أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً }
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [أما الدعاء بالهلاك لعموم الكفار، فإنه محل نظر، ولهذا لم يدع النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش بالهلاك، بل قال: "اللهم! عليك بهم، اللهم! اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" ، وهذا دعاء عليهم بالتضييق، والتضييق قد يكون من مصلحة الظالم بحيث يرجع إلى الله عن ظلمه.
    فالمهم أن الدعاء بالهلاك لجميع الكفار عندي تردد فيه.
    وقد يستدل بدعاء خبيب حيث قال: "اللهم أحصهم عدداً، ولا تبق منهم أحداً" على جواز ذلك، لأنه وقع في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
    ولأن الأمر وقع كما دعا، فإنه ما بقي منهم أحد على رأس الحول، ولم ينكر الله تعالى ذلك، ولا أنكره النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل إن إجابة الله دعاءه يدل على رضاه به وإقراره عليه.
    فهذا قد يستدل به على جواز الدعاء على الكفار بالهلاك، لكن يحتاج أن ينظر في القصة، فقد يكون لها أسباب خاصة لا تتأتى في كل شيء.
    ثم إن خبيباً دعا بالهلاك لفئة محصورة من الكفار لا لجميع الكفار.
    وفيه أيضاً إن صح الحديث: دعاؤه على عتبة بن أبي لهب: "اللهم! سلط عليه كلباً من كلابك"، فيه دليل على الدعاء بالهلاك، لكن هذا على شخص معين لا على جميع الكفار].
    الفائدة الثامنة عشرة : الفزع هو الخوف المفاجئ.
    في باب قول الله تعالى:
    { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [والفزع: الخوف المفاجئ، لأن الخوف المستمر لا يسمى فزعاً.
    وأصله: النهوض من الخوف].
    الفائدة التاسعة عشرة : معنى قوله في الحديث " كأنه سلسلة على صفوان " .
    في باب قول الله تعالى:
    { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23]
    في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، ينفذهم ذلك، { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23].
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [وليس المراد تشبيه صوت الله تعالى بهذا، لأن الله { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى: 11]، بل المراد تشبيه ما يحصل لهم من الفزع عندما يسمعون كلامه بفزع من يسمع سلسلة على صفوان].
    قلت (علي) : وذكر بعض شراح كتاب " التوحيد " أن الضمير في قوله " كأنه .... " يحتمل أن يعود على :
    1- صوت الرب ، فتكون الكاف للتشبيه.
    2- ضرب الملائكة ، فيكون صوت ضرب الملائكة أجنحتها مثل صوت السلسلة .
    3- الفزع الذي يحصل في قلوب الملائكة ، مثل الفزع الذي يحصل حين جر السلسلة على حصاة ملساء.
    4- السماع ، أي كأن السماع ، فيكون تشبيها للسماع بالسماع.
    أما المعنى الأول فهو مشكل ، لأن الله تعالى {{ ليس كمثله شيء..} فصوت الله تعالى لا يشبه صوت المخلوقين.
    وأما المعنى الثاني والثالث فمحتمل ، لأن الضمير – عادة – يعود إلى أقرب مذكور .
    وهذا الثالث اختاره الشيخ ابن عثيمين هنا.
    وممن اختار المعنى الرابع العلامة حافظ الحكمي :
    قال العلامة الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله تعالى - : [ ....وهذا تشبيه للسماع بالسماع ، لا للمسموع بالمسموع ، تعالى الله أن يشبهه في ذاته أو صفاته شيء من خلقه ، وتنزه النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحمل شيء من كلامه على التشبيه وهو أعلم الخلق بالله عز وجل]." أعلام السنة المنشورة ".
    وهذا القول يعضده ما جاء في سنن أبي داود:
    [ إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم قال فيقولون يا جبريل ماذا قال ربك فيقول الحق فيقولون الحق الحق].
    يتبع
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 8:57

    الفائدة العشرون : من هو الكاهن ؟ التفصيل فيه ، وبيان غلط بعض الطلبة في حدّه.
    في باب قول الله تعالى:
    { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.
    وقد التبس على بعض طلبة العلم، فظنوا أنه كل من يخبر عن الغيب ولو فيما مضى، فهو كاهن، لكن ما مضى مما يقع في الأرض ليس غيباً مطلقاً، بل هو غيب نسبي، مثل ما يقع في المسجد يعد غيباً بالنسبة لمن في الشارع، وليس غيباً بالنسبة لمن في المسجد.
    وقد يتصل الإنسان بجني، فيخبره عما حدث في الأرض ولو كان بعيداً، فيستخدم الجن، لكن ليس على وجه محرم، فلا يسمى كاهناً، لأن الكاهن من خيبر عن المغيبات في المستقبل.
    وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وهو نوع من الكهانة في الواقع، إذا لم يستند إلى فراسة ثاقبة، أما إذا كان يخبر عما في الضمير استناداً إلى فراسة، فإنه ليس من الكهانة في شيء، لأن بعض الناس قد يفهم ما في الإنسان اعتماداً على أسارير وجهه ولمحاته، وإن كان لا يعلمه على وجه التفصيل، لكن يعلمه على سبيل الإجمال.
    فمن يخبر عما وقع في الأرض ليس من الكهان، ولكن ينظر في حاله، فإذا كان غير موثوق في دينه، فإننا لا نصدقه، لأن الله تعالى يقول: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } [الحجرات: 6].
    وإن كان موثوقاً في دينه، ونعلم أنه لا يتوصل إلى ذلك بمحرم من شرك أو غيره، فإننا لا ندخله في الكهان الذين يحرم الرجوع إلى قولهم، ومن يخبر بأشياء وقعت في مكان ولم يطلع عليها أحد دون أن يكون موجوداً فيه، فلا يسمى كاهناً، لأنه لم يخبر عن مغيب مستقبل يمكن أن يكون عنده جني يخبره، والجني قد يخدم بني آدم بغير المحرم، إما محبة لله - عز وجل ـ، أو لعلم يحصله منه، أو لغير ذلك من الأغراض المباحة.].
    الفائدة الحادية والعشرون : استخدام السحرة للمكانس! ومرورهم بالميقات جوا دون إحرام!!
    في باب قول الله تعالى:
    { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23]
    في فوائد حديث : الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، ينفذهم ذلك، { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23]. فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، وصفه سفيان بكفه، فحرفها وبدد بين أصابعه، فيسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مئة كَذْبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء"
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [كثرة الجن، لأنه يترادفون إلى السماء، ومعنى ذلك أنهم كثيرون جداً، وأجسامهم خفيفة يطيرون طيراناً.
    وذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في السحرة الذين يستخدمون الجن وتطير بهم: أنهم يصبحون يوم عرفة في بلادهم ويقفون مع الناس في عرفة، وهذا ممكن الآن في الطائرات، لكن في ذلك الوقت ليس هناك طائرات، فتحملهم الشياطين، ويجعلون للناس المكانس التي تكنس بها البيوت، ويقول: أن أركب المكنسة وأطير بها إلى مكة !!، فيفعلون هذا، وشيخ الإسلام يقول: إن هؤلاء كذبة ومستخدمون للشياطين، ويسيئون حتى من الناحية العملية، لأنهم يمرون الميقات ولا يحرمون منه ].
    الفائدة الثانية والعشرون : الرافضة الكفرة الذين يقولون : خان الأمين !
    في باب قول الله تعالى:
    { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [سبأ: 23]
    قال – رحمه الله تعالى - :
    في فوائد حديث النواس بن سمعان مرفوعا : [ إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر......."إلى قوله " فينتهى جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ] :
    [أمانة جبريل عليه السلام، حيث ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله - عز وجل ـ، فيكون فيه رد على الرافضة الكفرة الذين يقولون: بأن جبريل أمُر أن يوحي إلى علي فأوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: خان الأمين فصدها عن حيدرة، وحيدرة لقب لعلي بن أبي طالب، لأنه كان يقول في غزوة خيبر، أنا الذي سمتني أمي حيدرة.
    وفي هذا تناقض منهم، لأن وصفه بالأمانة يقتضي عدم الخيانة ].
    الفائدة الثالثة والعشرون : تعريف الشفاعة .
    في باب : الشفاعة.
    قال - رحمه الله تعالى - :
    [والشفاعة لغة: اسم من شفع يشفع، إذا جعل الشيء اثنين، والشفع ضد الوتر، قال تعالى: { والشفع والوتر } [الفجر: 3].
    واصطلاحاً: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.
    مثال جلب المنفعة: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الجنة بدخولها.
    مثال دفعة المضرة: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن استحق النار أن لا يدخلها ].

    الفائدة الرابعة والعشرون : أقسام الشفاعة وأنواعها .
    في باب : الشفاعة .
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [وقد قسم أهل العلم رحمه الله الشفاعة إلى قسمين رئيسيين، هما:
    القسم الأول: الشفاعة الخاصة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي أنواع:
    النوع الأول: الشفاعة العظمى، وهي من المقام المحمود الذي وعده الله، فإن الناس يلحقهم يوم القيامة في ذلك الموقف العظيم من الغم والكرب ما لا يطيقونه، فيقول بعضهم لبعض: اطلبوا من يشفع لنا عند الله، فيذهبون إلى آدم أبي البشر، فيذكرون من أوصافه التي ميزه الله بها: أن الله خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيقولون: اشفع لنا عند ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فيعتذر لأنه عصى الله بأكله من الشجرة، ومعلوم أن الشافع إذا كان عنده شيء يخدش كرامته عند المشفوع إليه، فإنه لا يشفع لخجله من ذلك، مع أن آدم عليه السلام قد تاب الله عليه واجتباه وهداه، قال تعالى: { وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى } [طه: 121،122]، لكن لقوة حيائه من الله اعتذر.
    ثم يذهبون إلى نوح، ويذكرون من أوصافه التي امتاز بها بأنه أول رسول أرسله الله إلى الأرض، فيعتذر بأنه سأل الله ما ليس له به علم حين قال: { رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين } [هود: 45].
    ثم يذهبون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، فيذكرون من أوصافه ما يقتضي أن يشفع، فلا يعتذر بشيء، لكن يحيل إلى من هو أعلى مقاماً، فيقول: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيحيلهم إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - دون أن يذكر عذراً يحول بينه وبين الشفاعة، فيأتون محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فيشفع إلى الله ليريح أهل الموقف.
    الثاني: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوها، لأنهم إذا عبروا الصراط ووصلوا إليها وجدوها مغلقة، فيطلبون من يشفع له، فيشفع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله في فتح أبواب الجنة لأهلها، ويشير إلى ذلك قوله تعالى: { حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } [الزمر: 73]، فقال: { وفتحت } ، فهناك شيء محذوف، أي: وحصل ما حصل من الشفاعة، وفتحت الأبواب، أما النار، فقال فيها: { حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها... } الآية.
    الثالث: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب ، وهذه مستثناة من قوله تعالى: { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } [المدثر: 48]، وقوله تعالى: { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً } [طه: 109]، وذلك لما كان لأبي طالب من نصرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ودفاع عنه، وهو لم يخرج من النار، لكن خفف عنه حتى صار - والعياذ بالله - في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وهذه الشفاعة خاصة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا أحد يشفع في كافر أبداً إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك لم تقبل الشفاعة كاملة، وإنما هي تخفيف فقط.
    القسم الثاني: الشفاعة العامة له - صلى الله عليه وسلم - ولجميع المؤمنين.
    وهي أنواع:
    النوع الأول: الشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وهذه قد يستدل لها بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه" ، فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك.
    النوع الثاني: الشفاعة فيمن دخل النار أن يخرج منها، وقد تواترت بها الأحاديث وأجمع عليها الصحابة، واتفق عليها أهل الملة ما عدا طائفتين، وهما: المعتزلة والخوارج، فإنهم ينكرون الشفاعة في أهل المعاصي مطلقاً لأنهم يرون أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، ومن استحق الخلود، فلا تنفع فيه الشفاعة، فهم ينكرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره يشفع في أهل الكبائر أن لا يدخلوا النار، أو إذا دخولها أن يخرجوا منها، لكن قولهم هذا باطل بالنص والإجماع.
    النوع الثالث: الشفاعة في رفع درجات المؤمنين، وهذه تؤخذ من دعاء المؤمنين بعضهم لبعض كما قال - صلى الله عليه وسلم - في أبي سلمة: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وأفسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه" ، والدعاء شفاعة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه"].
    * إشكال في الشفاعة وجوابه :
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [فإن قيل: إن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه سبحانه، فكيف يسمى دعاء الإنسان لأخيه شفاعة وهو لم يستأذن من ربه؟
    والجواب: إن الله أمر بأن يدعو الإنسان لأخيه الميت، وأمره بالدعاء إذن وزيادة.
    وأما الشفاعة الموهومة التي يظنها عباد الأصنام من معبوديهم ، فهي شفاعة باطلة لأن الله لا يأذن لأحد بالشفاعة إلا من ارتضاه من الشفعاء والمشفوع لهم ].
    الفائدة الخامسة والعشرون : النفي إذا جاء في سياق الاستفهام فإنه يتضمن معنى التحدي.
    في باب : الشفاعة . في قوله تعالى : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } :
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ فالمعنى: إنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذن الله.
    وسبق أن النفي إذا جاء في سياق الاستفهام، فإنه يكون مضمناً معنى التحدي، أي إذا كان أحد يشفع بغير إذن الله فأت به ].
    الفائدة السادسة والعشرون : إذا قصد المبالغة بالشيء قلة أو كثرة ، فلا مفهوم له ، وإنما المراد الحكم العام .
    في باب : الشفاعة . في قوله تعالى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ } سبأ(22) :
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ قوله: { مثقال ذرة } ، وكذلك ما دون الذرة لا يملكونه، والمقصود بذكر الذرة المبالغة، وإذا قصد المبالغة بالشيء قله أو كثرة، فلا مفهوم له، فالمراد الحكم العام، فمثلاً قوله تعالى: { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } [التوبة: 80]، أي: مهما بالغت في الاستغفار ].
    الفائدة السابعة والعشرون : ...هؤلاء يقدسون زعماءهم أكثر من تقديس الله إن أقروا به!!
    في باب : الشفاعة .
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [واعلم أن شرك المشركين في السابق كان في عبادة الأصنام، أما الآن، فهو في طاعة المخلوق في المعصية، فإن هؤلاء يقدسون زعماءهم أكثر من تقديس الله إن أقروا به، فيقال لهم: إنهم بشر مثلكم، خرجوا من مخرج البول والحيض، وليس لهم شرك في السماوات ولا في الأرض، ولا يملكون الشفاعة لكم عند الله، إذاً، فكيف تتعلقون بهم؟! حتى إن الواحد منهم يركع لرئيسه أو يسجد له كما يسجد لرب العالمين!!.
    والواجب علينا نحو ولاة الأمور طاعتهم، وطاعتهم من طاعة الله، وليس استقلالاً، أما عبادتهم كعبادة الله ، فهذه جاهلية وكفر ].
    الفائدة الثامنة والعشرون : السؤال من وسائل تحصيل العلم .
    في باب : الشفاعة . في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – في الصحيح.
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [قوله: "وقال أبو هريرة له - صلى الله عليه وسلم -: من أسعد الناس بشفاعتك؟" هذا السؤال من أبي هريرة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لقد كنت أظن أن لا يسألني أحد غيرك عنه ، لما أرى من حرصك على العلم "، وفي هذا دليل على أن من وسائل تحصيل العلم السؤال ] .
    يتبع ...
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: خلاصة المستفيد من القول المفيد . الشيخ العلامة ابن عثيمين.

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.06.08 8:59

    الفائدة التاسعة والعشرون : قول : وقال الله تعالى حكاية عن كذا ...
    في باب : الشفاعة:
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [وقال تعالى حكاية عنهم: { أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب } [ص: 5]....]
    الفائدة الثلاثون : العقل في القلب ، وله اتصال في الدماغ.
    في باب : الشفاعة . في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – في الصحيح : [.... أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه .....] :
    قال – رحمه الله تعالى – :
    [ قوله: "من قلبه"، لأن المدار على القلب، وهو ليس معنى من المعاني، بل هو مضغة في صدور الناس، قال الله تعالى: { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [الحج: 46]، وقال تعالى: { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها } ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله".
    وبهذا يبطل قول من قال: إن العقل في الدماغ، ولا ينكر أن للدماغ تأثيراً في الفهم والعقل، لكن العقل في القلب، ولهذا قال الإمام أحمد: "العقل في القلب، وله اتصال في الدماغ"] .
    الفائدة الحادية والثلاثون : إشكال في قوله تعالى { إنك لا تهدي من أحببت }. كيف يحب مشركا؟!!
    في باب : إنك لا تهدي من أحببت.
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [وقوله: { إنك لا تهدي من أحببت } ظاهره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أبا طالب، فكيف يؤول ذلك؟
    والجواب: إما أن يقال: إنه على تقدير أن المفعول محذوف، والتقدير: من أحببت هدايته لا من أحببته هو.
    أو يقال: إنه أحب عمه محبة طبيعية كمحبة الابن أباه ولو كان كافراً.
    أو يقال: إن ذلك قبل النهي عن محبة المشركين.
    والأول أقرب، أي: من أحببت هدايته لا عينه، وهذا عام لأبي طالب وغيره.
    ويجوز أن يحبه محبة قرابة، لا ينافي هذه المحبة الشرعية، وقد أحب أن يهتدي هذا الإنسان، وإن كنت أبغضه شخصياً لكفره، ولكن لأني أحب أن الناس يسلكون دين الله ].
    الفائدة الثانية والثلاثون : معنى ما ينبغي ، وما كان في الكتاب والسنة .
    في باب : إنك لا تهدي من أحببت.
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [ واعلم أن ما كان أو ما ينبغي أو لا ينبغي ونحوها إذا جاءت في القرآن والحديث، فالمراد أن ذلك ممتنع غاية الامتناع، كقوله تعالى: { ما كان لله أن يتخذ من ولد } [مريم: 35]، وقوله: { وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً } [مريم: 92]، وقوله: { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } [يس: 40]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام"].
    الفائدة الثالثة والثلاثون : كل فعل يضاف إلى مشيئة الله فهو مقرون بالحكمة .
    في باب : إنك لا تهدي من أحببت. في حديث الصحيح : " يا عم ، قل : لا إله إلا الله ...." ... وأنزل الله في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء } .
    قال – رحمه الله تعالى - :
    [قوله: { ولكن الله يهدي من يشاء } ، أي يهدي هداية التوفيق من يشاء. واعلم أن كل فعل يضاف إلى مشيئة الله تعالى، فهو مقرون بالحكمة، أي: من اقتضت حكمته أن يهديه فإنه يهتدي، ومن اقتضت حكمته أن يضله أضله ].
    الفائدة الرابعة والثلاثون : هذا الحديث يقطع وسائل الشرك بالرسول وغيره.
    في باب : إنك لا تهدي من أحببت. في حديث الصحيح عن ابن المسيب، عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهلٍ، فقال له: "يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله".
    فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ ، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعادا ! .
    فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله !!
    فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ".
    فأنزل الله عز وجل: { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } [التوبة: 113]. وأنزل الله في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء }
    .
    قال - رحمه الله تعالى –
    [ وهذا الحديث يقطع وسائل الشرك بالرسول وغيره، فالذين يلجئون إليه - صلى الله عليه وسلم - ويستنجدون به مشركون، فلا ينفعهم ذلك لأنه لم يؤذن له أن يستغفر لعمه، مع أنه قد قام معه قياماً عظيماً، ناصره وآزره في دعوته، فكيف بغيره ممن يشركون بالله؟! ] .
    له صلة ....

    منقول
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10405

      الوقت/التاريخ الآن هو 26.11.24 4:22