خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الرد على من ضعف حديث الصحيحين !!!

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية الرد على من ضعف حديث الصحيحين !!!

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 25.06.08 15:50

    قال الحافظ الذهبي: " وأما جامع البخاري الصحيح ، فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى ، فلو رحل الشخص لسماعه من ألف فرسخ لما ضاعت رحلته ) .



    من هو الإمام البخاري ؟ :

    هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجُعْفِيّ ولاءً.
    ولد سنة 194هـ بخرتنك قرية قرب بخارى، وتوفى فيها سنة 256هـ.



    و البخاري حافظ الإسلام ، وإمام أئمة الأعلام ، توجه إلى طلب العلم منذ نعومة أظفاره ، وبدت عليه علائم الذكاء والبراعة منذ حداثته ، فقد حفظ القرآن وهو صبي ثم استوفى حفظ حديث شيوخه البخاريين ونظر في الرأي وقرأ كتب ابن المبارك حين استكمل ست عشرة سنة ورحل في طلب الحديث إلى جميع محدثي الأمصار ، وكتب بخراسان والعراق والحجاز والشام ومصر وغيرها ، وسمع من العلماء والمحدثين وأكب عليه الناس وتزاحموا عليه ولم تنبت لحيته بعد .



    وقد كان غزير العلم واسع الاطلاع خرج جامعه الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث كان يحفظها ، ولشدّة تحريه لم يكن يضع فيه حديثـًا إلا بعد أن يصلي ركعتين ويستخير الله ، وقد قصد فيه إلى جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحاح المستفيضة المتصلة دون الأحاديث الضعيفة ، ولم يقتصر في جمعه على موضوعات معينة ، بل جمع الأحاديث في جميع الأبواب ، واستنبط منها الفقه والسيرة ، وقد نال من الشهرة والقبول درجة لا يرام فوقها .



    قال شيخه محمد بن بشار الحافظ : " حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة بالري ، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي بسمرقند ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى" ، وقال أيضاً : " ما قدم علينا مثل البخاري" ، وقال الإمام الترمذي : " لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كبير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل " .



    سبب تأليف صحيح البخاري:

    قال البخاري : كنا عند إسحاق بن راهويه فقال : لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح .



    وهذا يدل على همة هذا الإمام حيث أخذت هذه الكلمة منه مأخذها ، وبعثته للعمل على تأليف كتابه ، وسماه كما ذكر ابن الصلاح والنووي الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه سلم وسننه وأيامه .



    ولما أخرجه للناس وأخذ يحدث به ، طار في الآفاق أمره ، فهرع إليه الناس من كل فج يتلقونه عنه حتى بلغ من أخذه نحو من مائة ألف ، وانتشرت نسخه في الأمصار ، وعكف الناس عليه حفظًا ودراسة وشرحًا وتلخيصًا ، وكان فرح أهل العلم به عظيمًا .



    من فقه البخاري في صحيحه :

    قصد البخاري في صحيحة إلى إبراز فقه الحديث الصحيح واستنباط الفوائد منه ، وجعل الفوائد المستنبطة تراجم للكتاب ( أي عناوين له ) ولذلك فإنه يذكر متن الحديث بغير إسناد وقد يحذف من أول الإسناد واحد فأكثر، وهذان النوعان يعرفان بالتعليق ، وقد يكرر الحديث في مواضع كثيرة من كتابه يشير في كل منها إلى فائدة تستنبط من الحديث ، والسبب في ذلك أن الحديث الواحد قد يكون فيه من العلم والفقه ما يوجب وضعه في أكثر من باب ، ولكنه غالبـًا ما يذكر في كل باب الحديث بإسناد غير إسناده في الأبواب السابقة أو اللاحقة ، وقد يختلف سياق الحديث من رواية لأخرى ، وذكر في تراجم الأبواب علماً كثيراً من الآيات والأحاديث وفتاوى الصحابة والتابعين ، ليبين بها فقه الباب والاستدلال له ، حتى اشتهر بين العلماء أن فقه البخاري في تراجمه .



    عدد أحاديث صحيح البخاري :

    وقد بلغت أحاديث البخاري بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات(7593) حديثـًا حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي لأحاديث البخاري ، ويرى الحافظ ابن حجر العسقلاني أن عدد أحاديث البخاري(7397) حديثـًا .
    وفي
    البخاري أحاديث معلقة وجملتها (1341) ، وعدد أحاديث البخاري المتصلة من غيرالمكررات قرابة أربعة آلاف .
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية تتمة الموضوع

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 25.06.08 15:54

    من شروح صحيح البخاري :

    لم يحظ كتاب بعد كتاب الله بعناية العلماء مثل ما حظي كتاب صحيح البخاري ، فقد اعتنى العلماء والمؤلفون به : شرحًا له واستنباطاً للأحكام منه وتكلماً على رجاله وتعاليقه وشرحاً لغريبه وبياناً لمشكلات إعرابه إلى غير ذلك ، وقد تكاثرت شروحه حتى بلغ عدد شروحه والتعليقات عليه أكثر من مائة وثلاثين شرحاً ، وأشهر هذه الشروح :



    (1). " فتح الباري شرح صحيح البخاري :



    وهو للحافظ العلامة شيخ الإسلام أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة ( 852 هـ) ، وشرحه من أعظم شروح البخاري بل هو أمير تلك الشروح كلها فلا يدانيه شرح ولا هجرة بعد الفتح كما قال العلامة الشوكاني ، وقد استغرق تأليفه خمساً وعشرين عاماً إذ بدأ فيه سنة (817هـ) وأكمله سنة (842هـ ) قبل وفاته بعشر سنين ، وأولم وليمة كبرى لما أكمله أنفق فيها خمسمائة دينار ، ولم يتخلف عنها من وجهاء المسلمين إلا اليسير ، وقد لقي هذا الشرح ما يستحق من الشهرة والقبول حتى إنه كان يشترى بنحو ثلاثمائة دينار ، وانتشر في الآفاق حتى غطت شهرته سائر الشروح، وهو يقع في ثلاثة عشر مجلداً ومقدمة في مجلد ضخم مسماة بهدي الساري لمقدمة فتح الباري .



    وقد جاء هذا الشرح مكملاً لأصله ، جمع مؤلفه فيه أقوال أكثر من سبقه ممن تعرض لمسائل من العلم ذات صلة بصحيح البخاري ، وناقشها مناقشة العالم الحاذق الفذ ، فبين رسوخ قدمه في العلم ، واطلاعاً واسعاً منه على كتب من سبقه ، حتى ليظن الناظر في كتابه أنه نشر فيه كتبهم وأقوالهم ، فناقش وقارن ورجح ما صح عنده ، كما امتاز هذا الشرح بجمع طرق الحديث التي تبين لها ترجيح أحد الاحتمالات شرحاً وإعراباً



    (2) عمدة القاري في شرح البخاري :



    وهو للعلامة بدر الدين محمود بن أحمد العينى الحنفي المتوفى سنة ( 855هـ) ، وهو شرح كبير بسط الكلام فيه على الأنساب واللغات والإعراب والمعاني والبيان واستنباط الفوائد من الحديث والأجوبة والأسئلة.



    (3) إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري :



    وهو شرح شهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني القاهري الشافعي المتوفى سنة (923هـ) وهو في الحقيقة تلخيص لشرحي ابن حجر والعيني، وهو متداول مشهور.



    (4) الكواكب الدرارى في شرح صحيح البخاري :



    وهو شرح شمس الدين محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني المتوفى سنة ( 786هـ) وهو شرح مفيد جامع قد أكثر النقل عنه الحافظان ابن حجر والعيني.



    قال الحافظ ابن حجر :هو شرح مفيد على أوهام فيه في النقل لأنه لم يأخذه إلا من الصحف .



    (5) شرح الإمام ناصر الدين على بن محمد بن المنير الإسكندراني : وهو شرح كبير في نحو عشر مجلدات .



    (6) شرح صحيح البخاري : لأبي الحسن على بن خلف بن عبد الملك المشهور بابن بطال القرطبي المالكي المتوفى سنة ( 449هـ) ، إلا أن غالبه في فقه الإمام مالك .



    (7) التوشيح شرح الجامع الصحيح :



    وهو شرح للإمام جلال الدين السيوطي المتوفى سنة ( 911هـ) وكان من المكثرين في التأليف وقد عنى عناية كبيرة بعلم الحديث دراية ورواية في مختلف مجالاته ، وشرحه هذا بمثابة تعليق لطيف على صحيح البخاري ضبط فيه ألفاظ الحديث ، وفسر الغريب ، وبين اختلاف الروايات التي وردت فيه ، مع تسمية المبهم ، وإعراب المشكل إلى غير ذلك ، وقال عنه: أنه لم يفته من الشرح إلا الاستنباط .



    (8) التلويح في شرح الجامع الصحيح :



    وهو شرح الحافظ علاء الدين مغلطاى بن قليج التركي المصري الحنفي المتوفى سنة( 762هـ).


    وهناك شروح كثيرة لصحيح البخاري غير هذه الشروح ، منها شروح لم تتم كشرح الحافظ ابن كثير ، وابن رجب الحنبلي ، والنووي وغيرهم .
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: الرد على من ضعف حديث الصحيحين !!!

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 25.06.08 15:55

    من هو الإمام مسلم :

    هو أبوالحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ولد بمدينة نيسابور سنة 206هـ وتوفى بها سنة 261 هـ . رحل إلى الحجازومصر والشام والعراق في طلب الحديث ، وكان أحد أئمة الحديث وحفاظه ، اعترف علماء عصره ومن بعدهم له بالتقدم والإتقان في هذا العلم ، من شيوخه الكبار إسحاق بن راهويه ، وأحمد بن حنبل ، وسعيد بن منصور ، وغيرهم ، ومن الذين رووا عنه الترمذي وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة .

    و كان إماماً جليلاً مهاباً ، غيوراً على السنة ذابَّاً عنها ، تتلمذ على البخاري وأفاد منه ولازمه ، وهجر من أجله من خالفه ، وكان في غاية الأدب مع إمامه البخاري حتى قال له يوماً : دعني أقبل رجلك يا إمام المحدثين وطبيب الحديث وعلله .



    ثناء العلماء عليه :

    أثنى أئمة العلم على الإمام مسلم ، وقدمه أبو زرعة و أبو حاتم على أئمة عصره . وقال شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء : كان مسلم من علماء الناس وأوعية العلم ، ما علمته إلا خيراً ، وقال مسلمة بن قاسم : ثقة جليل القدر من الأئمة ، و قال النووي: أجمعوا على جلالته وإمامته ، وعلو مرتبته وحذقه في الصنعة وتقدمه فيها .



    كتابه الصحيح :

    صنَّف الإمام مسلم كتبـًا كثيرة ، وأشهرها صحيحه الذي صنفه في خمس عشرة سنة ، وقد تأسى في تدوينه بالبخاري رحمه الله فلم يضع فيه إلا ما صح عنده .
    وقد جمع
    مسلم في صحيحه روايات الحديث الواحد في مكان واحد لا براز الفوائد الاسنادية في كتابه ، ولذلك فإنه يروي الحديث في أنسب المواضع به ويجمع طرقه وأسانيده في ذلك الموضع، بخلاف البخاري فإنه فرق الروايات في مواضع مختلفة ، فصنيع مسلم يجعل كتابه أسهل تناولاً ، حيث تجد جميع طرق الحديث ومتونه في موضع واحد ، وصنيع البخاري أكثر فقهـًا ؛ لأنه عنى ببيان الأحكام ، واستنباط الفوائد والنكات ، مما جعله يذكر كل رواية في الباب الذي يناسبها ، ففرق روايات الحديث ، ويرويه في كل موطن بإسناد جديد أيضا.
    وكتاب
    صحيح مسلم مقسم إلى كتب ، وكل كتاب يقسم إلى أبواب ، وعدد كتبه 54 كتابـًا ، أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير .
    وعدد أحاديثه بدون المكرر نحو 4000 حديث ، وبالمكرر نحو 7275 حديثًا .




    من شروح صحيح الإمام مسلم :

    (1) المنهاج في شرح الجامع الصحيح للحسين بن الحجاج:
    وهو شرح
    للإمام النووي الشافعي المتوفى سنة ( 676هـ) ، وهو شرح وسط جمع عدة شروح سبقته ، ومن أشهر شروح صحيح مسلم.

    (2) المعلم بفوائد كتاب صحيح مسلم:وهو شرح المازري أبي عبد الله محمد بن علي المتوفى سنة 536 هـ .

    (3) إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم : وهو شرح للقاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي إمام المغرب المالكي المتوفى سنة ( 544هـ).

    (4) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: شرح أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي المتوفى سنة ( 611هـ) .

    (5) إكمال إكمال المعلم : وهو شرح الأبي المالكي وهو أبو عبد الله محمد بن خليفة من أهل تونس ـ والأبي نسبة إلى " أبة " من قرى تونس ـ المتوفى سنة ( 728هـ) ، جمع في شرحه بين المازري وعياض والقرطبي والنووي .

    (7) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج :وهو شرح جلال الدين السيوطي المتوفى عام (911هـ).

    (6) شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي المتوفى (926هـ).

    (5 ) شرح الشيخ علي القاري الحنفي نزيل مكة المتوفى سنة (1016هـ) وشرحه في أربع مجلدات .
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: الرد على من ضعف حديث الصحيحين !!!

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 25.06.08 15:57

    الرد على من قال بضعف أحاديث في البخاري ومسلم
    خالد السبع العلمي

    الحمد لله باسط الأرض ورافع السماء، والصلاة والسلام على رسوله محمد والمتبعين له أهل الولاء،
    وبعد ، فقد جاءني أخ كريم يسال عن لغط يحدث في تضعيف بعض الأحاديث في كتاب شيخ المحدثين الإمام محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله.
    جاءني يريد الرد مستعجلاً، والحق أنه جاء في وقت ازدحمت فيه عليَّ الأمور وكثرت فيه عليَّ الواجبات.
    ولكن وجدت أن الأمر جد خطير فأحببت أ، أدلو بدلوي في هذا الشأن لعل الله أن ينفع بذلك، ويرشد ويهدي به، وهو نعم المولى ونعم النصير.

    فأقول على عجالة من الأمر:
    إن ما يذكر أو يتداول من ضعف بعض الأحاديث في صحيح الإمام البخاري وفي صحيح مسلم رحمهما الله، ينبغي أن ينظر فيه من عدة أوجه.
    أما الوجه الأول: فهو لماذا يُثار هذا الأمر، وما الغرض الدافع إليه؟ هل هو محبة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنها ؟ أم الانتقاص والتشكيك في أصح الكتب بعد كتاب الله ؟!!
    كما قال ابن الصلاح رحمه الله : "وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز".
    أم هو محبة المراء والجدال التي استشرت هذه الأيام بين المسلمين، وكان في ذلك مدخلاً عظيماً من مداخل الشيطان. يضيِّع فيها أعمارهم ، وينزغ بينهم ، ويزرع العداوة والبغضاء فيهم؟!!

    والوجه الثاني: إطلاق القول بضعف أحاديث في صحيح البخاري ومسلم إلى ماذا يؤدي؟
    يؤدي على فرض ثبوت ذلك إلى زعزعة الثقة بهذين الكتابين العظيمين الجليلين، واللذان هما عمدة المسلمين في الرجوع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمفسرة لشرع الله، فكأن المنتقص المُطلِق لكلامه، المعمِّم له يريد الانتقاص من هذا الشرع الحنيف.
    ولكن إن أراد منتقد أن ينتقد ، فليقل : ضعّف بعض العلماء الحديث الفلاني والفلاني و ... من صحيح البخاري والحديث الفلاني والفلاني و ... من صحيح مسلم.
    وذلك ليكون كلامه أدق، وتضعيفه وطعنه مُنصبٌ على أحاديث معينة مذكورة، لا طعناً عاماً.
    أذكر هذا ليس من باب التسليم بوجود أحاديث ضعيفة في الصحيحين بل من باب ذكر كيف ينتقد الناقد، وكيف يكون كلامه دقيقاً حتى لا يكون فيه تجنِّي و ...

    أما الوجه الثالث: فإنه صحيح قد قام البعض في هذا العصر بتضعيف بعض الأحاديث في الصحيحين، وتناقل ذلك بعض طلبة العلم، ولكن كل بني آدم خطاء، وكل الناس يؤخذ منه ويُرد عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً. فكان الأولى ترك ذلك – وليس فيه إثم – لما فيه من المصلحة بتمسك طلبة العلم بهذين الكتابين تمسكاً قوياً خالياً من الشعور بعدم صحة الحديث أو التشكك بما فيها أو ...

    والوجه الأخير: هو حقيقة الصحيحين وما ذكر فيهما من الأحاديث. وفي هذا الوجه سأذكر بعض الأقوال التي تُبين وتُوضح حال الصحيحين وما ذُكر فيها من أحاديث، وأنه صحيح أنه قد انتُقِد عليها بعض الأحاديث إلا أن أغلب ذلك مردود والقادح فيها ضعيف.
    قال الحافظ بن حجر في هدي الساري (ص 383) بعدما ذكر عدد الأحاديث المنتقدة على الصحيحين : "وليست كلها قادحة، بل أكثرها الجواب عنه ظاهر والقدح فيه مُندَفع، وبعضها الجواب عنه محتمل، واليسر منه في الجواب عنه تعسّف".
    يقصد في رد وجه الضعف تكلّف، أي أن الأظهر أنها ضعيفة لعدم إمكانية رد سبب الضعف الموجه لهذا الحديث بوجه قوي.
    وقال (ص348) عن الأحاديث المنتَقَدَة :"وقد حررتها وحققتها وقسمتها وفصلتها، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر".
    وهذا يعني أنها قليلة وقليلة جداً لذا عبّر عنها بالنادر، وإذا كان الحال هكذا فلا يطلق تضعيف الأحاديث لصحيح البخاري لاسيما أن أكثر الطاعنين الآن إنما هم من أصحاب الأهواء وأهل البدع، فمن يريد أن يُنكر بعض الأحاديث التي تخالف مذهبهم ، سواء كان المذهب العقلي الذي يريد أن يحكم على الأحاديث صحةً وضعفاً وفقاً لما وافق عقولهم المريضة، ووفقاً لما فهموه، فإن وافق عقولهم صححوه وإلا ضعّفوه، بل تجرّأ بعضهم على القرآن الكريم، ولكن لم يستطع القول بالتضعيف، لذا أوَّلَ الآية أو الآيات وأخرجها عن مرادها لتوافق عقله و ...، كمن فسر الطير الأبابيل بالطاعون أو نحو ذلك من الأمراض السارية المهلكة. نسأل الله العِصمة، وما هذا إلا تحكيم للعقل بالقرآن، أما السنة فاستطاعوا أن يقولوا بضعف الحديث، وإن لم يكونوا أهلاً لذلك، ولكنه الهوى والشيطان.
    ولا يفهم القارئ لهذا الكلام أنه طعن في كل من ضعَّف حديثاً في الصحيحين أو أحدهما ، فالبعض يقصد رضوان الله تعالى بذلك ، وإن كنت أرى أنه جانبَ الصواب في ذلك.
    ولذا قال الحافظ (ص246) قبل سرد الأحاديث المنتقدة على البخاري رحمه الله :" وقبل الخوض فيه ينبغي لكل منصفٍ أن يعلم أن هذه الأحاديث وإن كان أكثرها لا يقدح في أصل موضوع الكتاب فإن جميعها وارد من جهة أخرى ..."
    ثم ذكر كلام ابن الصلاح رحمه الله في تلقي الأمة لكتابيهما بالقبول إلا أحاديث يسيرة :" فهو مستشن مما ذكرناه لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول". قال الحافظ :"وهذا احتراز حسن".
    وقد يفهم البعض تضعيف الأحاديث من هذه الجملة وليس كذلك، وجلُّ ما فيها نفي إجماع الأمة تلقيها بالقبول.
    ولذا قال الإمام العُقَيلي :" لما ألف البخاري كتاب الصحيح، عَرَضَه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعليّ بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث".
    قال العقيلي :"والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة".
    ولا أريد أن أطيل أكثر ويكفي أخيراً أن أنقل وأذكر هنا الجواب العام الذي ذكره الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ص246-247) على من انتقد أحاديث في الصحيحين، وأنا أرجو أن تقرأ هذه الفقرة بتؤدة وبعين بصيرة غايتها الوصل للحق.
    قال رحمه الله :" والجواب عنه على سبيل الإجمال ، أن نقول : لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمُعلَّل،
    فإنهم لا يختلفون في أن عليّ بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث وعنه أخذ البخاري ذلك ، حتى كان يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ بن المديني، ومع ذلك فكان عليّ بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه.
    وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري، وقد استفاء منه ذلك الشيخان جميعاً.
    وروى الفربري عن البخاري قال :" ما أدخلتُ في الصحيح حديثاً إلا بعد أن استخرتُ الله تعالى وتيقنت صحّته.
    وقال مكي بن عبدالله سمعت مسلم بن الحجاج يقول : عرضتُ كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته.
    فإذا عُرِف وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما.
    فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما ، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة.

    وأخيراً أقول ما قاله الحافظ (ص383) :" فإذا تأمل المنصف ما حررته من ذلك عَظُم مقدار هذا المُصنِّف – يقصد الإمام البخاري رحمه الله – في نفسه، وجل تصنيفه في عينه، وعَذَر الأئمة من أهل العلم في تلقّيه بالقبول والتسليم ، وتقديمهم له على كل مُصنّف في الحديث والقديم.
    وليسا سواء من يدفع بالصدر فلا يأمن دعوى العصبية ومن يدفع بيد الإنصاف على القواعد المرضية والضوابط المرعية.
    فلله الحمد الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، والله المستعان وعليه التكلان.
    حرره خالد السبع العلمي
    منتصف ليل الأحد
    الموافق 18/1/2004 م
    طرابلس الفيحاء
    لبنان الشام

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 1:07