خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ( المؤامرة على الصحيحين ) للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    ( المؤامرة على الصحيحين ) للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله  Empty ( المؤامرة على الصحيحين ) للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 07.08.10 11:36

    ( المؤامرة على الصحيحين ) للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله

    ( المؤامرة على الصحيحين ) للشيخ الفاضل علي الحذيفي حفظه الله  470674

    المؤامرة
    على الصحيحين:


    كتبه:

    أبو عمار علي الحذيفي


    1- قال سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز:
    (والخلاصة: أن ما رواه الشيخان قد تلقته الأمة بالقبول، فلا يسمع كلام أحد في الطعن عليهما رحمة الله عليهما سوى ما أوضحه أهل العلم كما تقدم، والله ولي التوفيق) أ.هـ
    2- وقال ولي الله الدهلوي في "الحجة البالغة":
    (أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين).


    مـقدمـــــــة:


    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
    فهذا تحذير لعوام المسلمين مما يكتبه بعض الناس حول أحاديث "الصحيحين" وهما: "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم"، سواء من الصحف أو من غيرها، فقد رأينا تطاولاً عجيباً في الآونة الأخيرة على أحاديث هذين الكتابين الجليلين، ورأينا حرصاً كبيراً على تشكيك الناس بهذين الكتابين فإنا لله وإنا إليه راجعون.


    الفصل الأول: مكانة "الصحيحين" ولاسيما "صحيح البخاري":

    المبحث الأول: الإجماع على صحة ما في الصحيحين:

    وقد نقل الإجماع جماعة كبيرة من العلماء، منهم إمام الحرمين الجويني والحافظ بن طاهر المقدسي وغيرهما.
    قال الحافظ بن حجر في "النكت على ابن الصلاح": (وقد سبق ابن طاهر جماعة من المحدثين كأبي بكر الجوزقي وأبي عبيد الله الحميدي بل نقله ابن تيمية عن أهل الحديث قاطبة) أ.هـ بتصرف.
    1- قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (18/17): (ومن الصحيح ما تلقاه بالقبول والتصديق أهل العلم بالحديث كجمهور أحاديث البخاري ومسلم فإن جميع أهل العلم بالحديث يجزمون بصحة جمهور أحاديث الكتابين، وسائر الناس تبع لهم في معرفة الحديث، فإجماع أهل العلم بالحديث على أن هذا الخبر صدق كإجماع الفقهاء على أن هذا الفعل حلال أو حرام أو واجب، وإذا أجمع أهل العلم على شيء فسائر الأمة تبع لهم فإجماعهم معصوم لا يجوز أن يجمعوا على خطأ).
    2- وقال الحافظ أبو نصر السجزي: (أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلاً لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته).
    3- وقال أبو إسحاق الأسفراييني كما في "فتح المغيث" للسخاوي: (وأهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها الصحيحان مقطوع بصحة أصولها ومتونها).
    4- وقال النووي في "شرح مسلم": (اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصحَّ الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول).
    وقال النووي رحمه الله "شرح صحيح البخاري": (واعلم أن الأمة اجتمعت على صحة هذين الكتابين) أ.هـ

    5- وقال ابن القيسراني: (أجمع المسلمون على قبول ما أخرج في "الصحيحين" لأبي عبد الله البخاري، ولأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، أو ما كان على شرطهما ولم يخرجاه).


    المبحث الثاني: ثناء آخر عاطر على الصحيحين:


    1- وقال ابن الصلاح في "مقدمته": (أول من صنف في الصحيح، البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز).
    2- ونقل السيوطي في "تدريب الراوي" وغيرُه عن إمام الحرمين أنه قال: (لو حلف بطلاق زوجته أن ما في "الصحيحين" من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته بالطلاق).
    3- قال النووي في "مقدمة شرح البخاري" (ص18): (ثم إن أصح مصنف في الحديث بل في العلم مطلقاً الصحيحان للإمامين القدوتين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري رضي الله عنهما فليس لهما نظير في المصنفات) أ.هـ
    وقال في "رياض الصالحين" عند حديث: (الأعمال بالنيات): (رواه إماما المحدثين ... أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة).
    وقال الحافظ في "النكت على ابن الصلاح": (وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز، قال النووي باتفاق العلماء).
    والأمة قد اجتمعت على صحة هذين الكتابين كما قال النووي رحمه الله، ولكن لم يجتمعوا على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله، فهناك من يقول: بأنه موطأ مالك أصح منهما، ومنهم من سوّاه بهما ومنهم من أخره عنهما وهو الصحيح، ولعل الإجماع على أنهما أصح الكتب قد حصل بعد الخلاف، ولعل هذا هو الذي قصده النووي كما تقدم كلامه الذي نقله الحافظ.
    4- ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى" (18/74): (فليس تحت أديم السماء كتاب أصح من البخاري و مسلم بعد القرآن).
    ويقول رحمه الله في "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة": (جمهور متون الصحيحين متفق عليها بين أئمة الحديث تلقوها بالقبول، وأجمعوا عليها، وهم يعلمون علماً قطعياً أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قالها).

    5- وقال ابن القيم في "النونية":
    ولقد أتانا في الصحيحين اللذيـ ـن هما أصح الكتب بعد قرآن
    6- قال ابن حجر في "الصواعق المحرقة": (روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به ...).
    7- وقد نقل السخاوي في" فتح المغيث" حكاية الجزم بكل خبر متلقى بالقبول عن جمهور المحدِّثين وعامة السلف.
    8- ونقل السيوطي في" التدريب" عن الحافظ السجزي إجماع الفقهاء أن من حلف على صحة ما في البخاري لم يحنث.
    9- وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": (واعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو أحدهما جاز الاحتجاج به من دون بحث، لأنهما التزما الصحة وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول).
    10- وقال ولي الله الدهلوي في "الحجة البالغة":
    (أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين).
    11- ويقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: (وهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم، وهما اللذان لا مطعن في صحة حديث من أحاديثهما عند العارفين من أهل العلم).
    وقال في "الباعث الحثيث": (الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه. وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها. فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل).
    12- وقال الشيخ الألباني رحمه الله في مقدمة "تحقيق شرح العقيدة الطحاوية": (كيف والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم، فقد امتازا على غيرهما من كتب السنة بتفردهما بجمع أصح الأحاديث الصحيحة وطرح الأحاديث الضعيفة والمتون المنكرة على قواعد متينة وشروط دقيقة وقد وفقوا في ذلك توفيقاً بالغاً لم يوفق إليه من بعدهم ممن نحا نحوهم في جمع الصحيح، كابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، حتى صار عرفاً عاماً أن الحديث إذا أخرجه الشيخان أو أحدهما فقد جاوز القنطرة ودخل في طريق الصحة والسلامة، ولا ريب في ذلك وأنه هو الأصل عندنا).
    قلت: وللشيخ الألباني كلام كثير مفرق في كتبه تدل على تعظيم أحاديث الصحيحين.
    ولقد أتى على هذين الصحيحين أكثر من أحد عشر قرناً انتشر فيها ذكرهما في أقطار البلاد، وبين طبقات المسلمين، في شرق البلاد وغربها، وما زال علماء المسلمين ينقلون منهما، ويستدلون بأحاديثهما، ويرجعون إليهما عند التنازع، وقل أن يوجد مؤلف في العبادات أو الاعتقادات لعالم معتبر إلا وفيه ذكر الصحيحين أو مؤلفيهما، أو النقل منهما أو من أحدهما، ولم يذكر عن أحد من العلماء المعتبرين طوال هذه القرون الطعن على الشيخين بعدم الحفظ، أو أن ما في الكتابين غير ثابت أو نحو ذلك.


    المبحث الثالث: ما في الصحيحين يفيد القطع بثبوته:


    قال أبو عمرو ابن الصلاح في "علوم الحديث": (إن ما انفرد به البخاري ومسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته، لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول، على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق، سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد الحفاظ، كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن).
    ومعنى هذا أن عامة ما في صحيح البخاري صحيح مقطوع به، ليس لأنه من تأليف الإمام البخاري، بل لأن البخاري قد تحرى في كتابه هذا ما لم يكن في كتاب آخر، ولأن علماء السنة قد درسوا هذا الكتاب دراسة وافية على مر العصور، وتتبعوا أحاديثه فأيدوا البخاري ووافقوه على هذه الأحاديث بل وشدوا له بالحفظ والإتقان، فحسب بدليل أن هذه الخصوصية لم تجعل لكتبه الأخرى.
    وليعلم أن القول بأن أحاديث الصحيحين تفيد القطع هو القول الصحيح من أقوال العلماء وهو الصواب وهو اختيار شيخ الإسلام، على أن بعضهم نقل الإجماع فقد ذكر الإسفرائيني كما في "فتح المغيث" للسخاوي أن إجماع أهل الصنعة على القطع بصحة ما في الصحيحين وأن من حكم بخلاف ما فيهما بغير تأويل سائغ نقض حكمه.
    قال ابن كثير: (ثم حكى ابن الصلاح: إن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول ، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به، لا بد وأن يكون صحيحا في نفس الأمر، وهذا جيد.
    وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي وقال: لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك.
    قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه).
    وللشيخ حافظ ثناء الله الزاهدي رسالة: "أحاديث الصحيحين بين الظن واليقين"، ذكر القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين للقطع، وذكر مقالاتهم وقد زادوا على ستة عشر عالماً ثم ذكر أدلتهم، ثم ذكر القائلين بإفادتها الظن وهما النووي وآخر ثم عقب ذلك بذكر أدلتهما، ثم ناقش الموضوع مناقشة علمية، واختتم بحثه بالقول بأن أحاديث الصحيحين تفيد القطع لقوة أدلة القائلين بذلك.


    الفصل الثاني: مكانة "صحيح البخاري":
    المبحث الأول: المفاضلة بين الصحيحين:


    وبعد تقديم الصحيحين على غيرهما، اختلف العلماء في أيهما يقدم على أقوال، فذهب أبو علي النيسابوري وآخرون إلى تقديم صحيح مسلم، وذهب آخرون إلى التسوية بينهما، وذهب الجمهور إلى أن البخاري أولى بالتقديم، وذكر السخاوي في "فتح المغيث" قولاً رابعاً وهو التوقف، والصحيح هو أن صحيح البخاري أصح كتب الأئمة إذا نظرنا إليها إجمالاً، أما عند التفصيل فلكل واحد منهما مزايا ليست موجودة في الآخر، فمن مزايا صحيحي البخاري علو الإسناد وصحته، مع ما فيه من الفوائد الفقهية، وما يتمتع به صحيحه من القوة النابعة من قوة مؤلفه ورسوخه في فن العلل ومن دقته رحمه الله في هذا الباب، ومن مزايا صحيح مسلم حسن الترتيب وجودته وإيراد كل الأدلة على المسألة في باب واحد، وعدم إضافة شيء من آرائه واجتهاداته.
    قال أحدهم:
    تشاجر قوم في البخاري ومسلم لـدي وقالـوا: أي ذين تقدم ؟!
    فقلت: لقد فاق البخاري صحة كما فاق في حسن الصناعة مسلم.
    لكن الذي يهمنا هنا ما نذكره من ثناء عاطر على "صحيح البخاري".


    المبحث الثاني: رجحان صحيح البخاري على صحيح مسلم:

    1- منزلة صحيح البخاري:

    1- قال الإمام النسائي: (ما في هذه الكتب المصنفة أجود من كتاب محمد بن إسماعيل).
    2- وقال الدارقطني: (لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء).
    3- وقال النووي في مقدمة "شرح مسلم": (وصحيح البخاري أَصَحُّهُما، وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صحَّ أن مسلماً كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث).
    وقال في "التقريب والتيسير": (أول مصنف في الصحيح المجرد، صحيح البخاري، ثم مسلم، وهما أصح الكتب بعد القرآن، والبخاري أصحهما وأكثرهما فوائد، وقيل مسلم أصح، والصواب الأول).
    4- وقال الذهبي كما في "الحطة في ذكر الكتب الصحاح الستة": (وأما جامع البخاري الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى).
    5- وقال ابن القيم في "زاد المعاد" عن الإمام البخاري: (أجل من صنف في الحديث الصحيح).
    6- وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: (وأجمع العلماء على قبوله - يعني صحيح البخاري - وصحة ما فيه وكذلك سائر أهل الإسلام).
    7- وقال ابن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى": (وأما كتابه "الجامع الصحيح" فأجل كتب الإسلام بعد كتاب الله).

    2- المجهود الذي بذله الإمام البخاري في "صحيحه":

    1- قال أبو جعفر محمود بن عمر العقيلي: (لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحي بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة).
    2- وروى الفر بري عن الأمام البخاري أنه قال: (ما كتبت في كتاب الصحيح حديثاً إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين).
    3- ومما يدل كذلك على ما بذله البخاري رحمه الله من جهد وتنقيح قوله: (جمعت كتابي هذا من ستمائة ألف حديث).
    4- وذكر الحافظ في "التهذيب" في ترجمته عن سمعت عبد القدوس بن همام يقول: (سمعت عدة من المشايخ يقولون: حول محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعة بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره، و كان يصلى لكل ترجمة ركعتين).
    وينظر كتاب "الإمام البخاري وصحيحه" للشيخ الدكتور عبد الغني بن عبد الخالق.


    المبحث الثالث: نماذج من تطاول الصحافة على أحاديث الصحيحين:


    تقدم معنا كلام أئمة الدنيا، وجهابذة المحدثين في زمنهم الذين اشتغلوا بالصحيحين، وسبروا أحاديثهما ورجالهما، وأفنوا فيهما أعمارهم وأوقاتهم ورحلاتهم، فهل بعد كلام الأئمة يقبل قول لقائل أو متخرص، يأتي في آخر الزمن ليطلق الأحكام جزافاً، وليتهم جميع هذه الأمة التي أجمعت على تلقي هذين الكتابين بالقبول، وجلالة المصنفين في هذا الشأن بالتقصير، في الوقت الذي يقول لسان حاله: (لآت بما لم تستطعه الأوائل).
    وهناك من الصحف من تعتدي على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلد دينه الإسلام وشعبه مسلم، وهو بلدنا اليمن الحبيب، وإليك بعض الأمثلة:
    الأول: فقد نشرت صحيفة من الصحف مقالاً لكاتب مصري تطاول فيها هذا الكاتب على حديث في "صحيح البخاري"، وهو حديث عائشة: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين) وقد انتهى فيه فضيلته إلى تضعيف الحديث.
    الثاني: ونشر فيها أيضاً مقالاً للكاتب نفسه تطاول على حديث في "صحيح مسلم" في الكلام على أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأنهما في النار بكلام ضعيف.
    الثالث: تطاولت بعض الصحف على حديث في "صحيح مسلم" وهو حديث عائشة في رضاع الكبير وأورده الكاتب مستهزئا وساخرا ممن نقله.
    الرابع: ونشر أيضاً مقالاً تطاول على حديث في "الصحيحين" وهو حديث: (يكون اثنا عشر أميرا كلهم من قريش)، بل تكلم الكاتب في الإمام البخاري نفسه بكلام لم نسمعه إلا من مثل الشيعة، حيث قال: (إن البخاري في نفسه شيء على جعفر الصادق)، وقد صرح هذا الكاتب لي بهذا في حوار جرى بيني وبينه في إدارة (الأوقاف/ المعلا).
    الخامس: واليوم اطلعت على مقال كتبته إحدى الصحف عندنا وعنونت عليه في واجهة الصحيفة بالعنوان العريض: (ليس كل ما في البخاري صحيحاً)، بل رد كاتبه هداه الله حديثاً أجمعوا عليه وهو حديث: (من بدل دينه فاقتلوه) والذي رواه البخاري عن ابن عباس، والكاتب لم يذكر من سبقه بهذا الرد الصريح.
    وعلماء الأمة قاطبة - ومن وراءهم عوام الناس - أجمعوا على صحة (صحيح البخاري)، وتلقيه بالقبول الحسن، ومنها هذه الأحاديث فقد أجمعوا على قبولها وكتابتها في دواوين الاسلام، ولا يعرف عن أحد أنه غمز فيها، فضلاً عن أن يتجرأ أحد على هذا الرد الصريح.


    الفصل الثالث: حقيقة الانتقادات على الصحيحين:
    المبحث الأول:حقيقة الانتقادات:


    ونحن لا ننكر أن بعض أحاديث الصحيحين – وهي قليلة جداً – كانت محل انتقاد من قبل بعض المحدثين والحفاظ كالدارقطني وغيره، وقد أجاب جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين على هذه الانتقادات من مثل الحافظ ابن حجر والحافظ النووي وفي عصرنا الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله وشيخنا الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وغيرهم.
    وعلى كل حال فلا يحق لأحد أن يجعل من هذا الانتقاد ذريعة للطعن في أحاديثهما جملة، على أننا يمكن أن نبين الجواب عن هذا الانتقاد فنقول وبالله التوفيق إن هذه الانتقادات محمولة على ما يلي:
    الأول: أن بعض الانتقادات إنما هو لسند بعينه، لا للحديث كله، فالمحدثون يفرقون بين نقد الإسناد ونقد الحديث كله فنقد الإسناد لا يلزم منه نقد الحديث وتضعيفه كما لا يخفى على من له أدنى إلمام بعلم الحديث.
    الثاني: أن بعض الانتقادات ناشئة من مخالفة صاحبي الصحيح شرطهما الذي شرطاه على أنفسهما فقط، دون التعرض للحديث بالصحة أو الضعف.
    يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (1/27): (قد استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلاَّ بشرطهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه) أ.هـ
    الثالث: أن انتقاد من انتقدهما معارض بتصحيحهما، وقد قال الحافظ ابن حجر الكلام على الأحاديث المنتقدة على "صحيح البخاري" في الفصل الثامن من مقدمته لـ"فتح الباري" والمسماة "هدي الساري" حيث ذكر الأحاديث المنتقدة وأجاب عليها بجوابين: أحدهما: جواباً إجمالياً، والثاني: جواباً مفصلاً فقال في الجواب الإجمالي:
    (والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل … فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة).
    ثم ذكر الجواب التفصيلي عن كل حديث انتقد على البخاري.
    الرابع:أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه.
    قال العلامة أحمد محمد شاكر في "الباعث الحثيث": (أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل).
    الخامس: أن هذه الانتقادات هي في الحقيقة استشكالات ولاسيما من المتأخرين، وليس طعناً صريحاً في الحديث ولا رداً له جملة وتفصيلاً.
    السادس: أن هناك انتقادات كانت في محلها الصحيح وكان الحق فيها مع من انتقد الصحيحين أو أحدهما، وهذا قليل بالنسبة إلى غيره حتى قال بعض المعاصرين: (ولو قيست هذه الأحاديث التي أصاب فيها الدارقطني فإنها لا تتجاوز نسبة 1%).
    وإنني على ثقة أن هؤلاء الذين يتكلمون في الصحيحين لا يعرفون ما هي هذه الأحاديث التي انتقدها هؤلاء الأئمة.


    المبحث الثاني: ما هو المطلوب ؟

    فإذا قال قائل: أليس الصحيحان من وضع البشر، ألا يحتمل عليهما الخطأ، وهل سويتم ما أنزله الله رب العالمين على رسوله صلى الله عليه وسلم، بما يضعه البشر من الكتب ؟!
    قلنا: لم يدع أحد أن الصحيحين كالقرآن الكريم الذي تعهد الله بحفظ ألفاظه ومعانيه، ولم نقل إنههما يساويان القرآن، وإنما نقول: إن على "الصحيحين" ملاحظات قليلة على بعض الأحاديث، وهذه الملاحظات قد وضعها الناقدون المتبصرون بأحاديث الصحيحين والعارفون بعللهما، والذين هم من أهل هذا الشأن والمشتغلون بفن الحديث، والذين فيه أعمارهم، فليس لأحد أن يزاحمهم في فنهم، ولا يتقدم عليهم، وبنقدهم يكون الباب قد أغلق وعادت مكانة الصحيحين إلى ما هي عليه من قبل النقد، وتعود الحصانة على ما كانت عليه.
    فإذا جاء من ليس من أهل الفن وأراد أن يلحق بهذا الركب كبعض الصحفيين الذين يريدون أن يفتحوا الباب على مصراعيه لكل من هب ودب، ولكل كاتب يحمل قلماً فهذه لعمري المصيبة، وانظروا هل يسمح الأطباء لأحد ليس منهم أن يدخل بينهم ويقوم بأعمالهم، ويكشف عن الأمراض ويصف الأدوية ويعمل العمليات الجراحية للمرضى كما يفعلون هم ؟!
    وانظروا هل يسمح الصيادلة لأحد ليس منهم أن يدخل بينهم ويفتح صيدلية بين الناس يصف الدواء الذي أراده الطبيب وينصح المرضى، ويرشد إلى الأطباء دون معرفة ؟!
    فالذي ننكره هو فتح الباب للكلام على أحاديث الصحيحين عموماً، وإن أهل العلم دائماً ما ينصحون طلبة العلم بعدم التعرض لأحاديث الصحيحين، وإن سلك بعض الأفاضل هذا المسلك فهو مجانب للصواب غفر الله وله.
    قال العلامة ابن باز رحمه الله في "مجموع فتاوى ورسائل متنوعة" في شأن نقد أحاديث "الصحيحين":
    (إن هذا شذوذ عن العلماء لا يعول عليه إلا في أشياء يسيرة عند مسلم - رحمه الله - نبه عليها الدارقطني وغيره، والذي عليه أهل العلم هو تلقي أحاديث الصحيحين بالقبول والاحتجاج بها كما صرح بذلك الحافظ ابن حجر والحافظ ابن الصلاح وغيرهما، وإذا كان في بعض الرجال المخرج لهم في الصحيحين ضعف، فإن صاحبي الصحيح قد انتقيا من أحاديثهم ما لا بأس به، مثل: إسماعيل بن أبي أويس، ومثل عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجماعات فيهم ضعف لكن صاحبي الصحيح انتقيا من أحاديثهم ما لا علة فيه، لأن الرجل قد يكون عنده أحاديث كثيرة فيكون غلط في بعضها أو رواها بعد الاختلاط إن كان ممن اختلط ، فتنبه صاحبا الصحيحين لذلك فلم يرويا عنه إلا ما صح عندهما سلامته.
    والخلاصة: أن ما رواه الشيخان قد تلقته الأمة بالقبول، فلا يسمع كلام أحد في الطعن عليهما رحمة الله عليهما سوى ما أوضحه أهل العلم كما تقدم، والله ولي التوفيق) أ.هـ
    فإذا كان نقد الأحاديث من الأفاضل غير مقبول فكيف يسمح لأي شخص من الكتّاب ولو لم يكن لهم علم بهذا الفن، ثم فتح الباب لنقد كل حديث ولو لم ينتقده النقاد من أئمة العلم والحفظ، بل ولو أجمعوا على أنه صحيح، ثم كتابة هذه الكتابات في الصحف، والتي من أقل أضرارها هز الثقة التي في قلوب الناس لهذين الكتابين، وتشكيكهم بهما.
    إن مما يؤسف له أن تكون أحاديث الصحيحين عرضة للنقد أكثر من غيرهما من أمثال السنن والمعاجم والمسانيد والأجزاء، حتى تطاولت الأقلام على هذين الكتابين من جهة الصحافة بأضعاف ما كتبوه على غيرهما إن كان هناك من يكتب على غيرهما.
    بل والأدهى والأمر أن الصحفيين لا يسمحون لأحد أن يقترب من الصحافة ولو بأدنى نقد، ويسمونها بألفاظ لا تستحقها كـ"صاحبة الجلالة" و"السلطة الرابعة"، في الوقت الذي يسمحون لأنفسهم بنقد أحاديث الصحيحين لأنها خالفت أمزجتهم الفاسدة.

    هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


    كتبه: أبو عمار علي الحذيفي.
    عدن/ اليمن.

    alialhothyfe2009@hotmail.com

    والنقل
    لطفا من هنا
    http://noor-elislam.net/vb/showthread.php?t=4805

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 18:33