وجوب تكريم العلماء أحياءً وأمواتاً
المسألة الأولى : في حياتهم
تقدم معنا بين دفتي هذا البحث المبارك بما حواه ما يدل دلالة ظاهرة على ما ينبغي القيام به تجاه هؤلاء السادة من مظاهر التكريم والتبجيل ما يغني هاهنا عن إعادته وفي ذلك ما يكفي لطالب الحق والهدى .
المسألة الثانية : تكريمهم بعد الممات
في"صحيح البخاري"عن جابر-رضي الله تعالى عنه:" كان النبي–صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب
واحد -يعني في القبر-ثم يقول:"أيهم أكثر أخذاً للقرآن، فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد..."الحديث رواه البخاري (3/209) كتاب
الجنائز باب الصلاة على الشهيد برقم (1343)
قال القاضي عياض-رحمه الله تعالى:"واعلم أن حرمة النبي-صلى الله علية وسلم-بعد موته، وتوقيره وتعظيمه لأزم، كما كان حال حياته؛ وذلك عند ذكره –صلى الله عليه وسلم- وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته ومعاملة آله وعترته عترته- بكسر العين وسكون المثناه- نسله ورهطه وعشيرته الأدنون وتعظيم أهل بيته وصحابته .
قال أبو إبراهيم التجيبي-رحمه الله تعالى:"واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويوقر ويسكن من حركته، ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه ، ويتأدب بما أدبنا الله به" "الشفاء" (2/91-92) الفصل الثالث:حرمته وتوقيره-صلى الله تعالىعليه وآله وسلم-بعد موته.
وعلى هذا ينبغي أيضاً توقير العلماء بعد موتهم ومن ذلك التوقير الترحم عليهم حال ذكرهم .
( فرع ) موت العالم ثلة
يقال: ثلمت الحائط ثلماً وثلمته، وحائط مثلوم وتثلم، وفيه ثلمة وثلم . ومن المجاز: هذا مما يكلم الدين، ويثلم اليقين. وموت فلان ثلمة في الإسلام لا ترد. وقد انثلموا عليه وانثلوا وانثالوا وانهالوا وانهدّوا وانصبوا" "أساس البلاغة" للزمخشري ص (47)
قال العلامة ابن القيم–رحمه الله تعالى-حال ذكره لوصية علي بن أبي طالب –رضي الله تعالى عنه-لكميل بن زياد النخعي –رحمه الله تعالى:"وقوله "كذلك يموت العلم بموت حامليه" هذا من قول النبي في حديث عبد الله بن عمر وعائشة رضى الله عنهم وغيرهما :"إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلّوا"رواه البخاري في "صحيحه" كتاب العلم"باب كيف يقبض العلم"برقم(100) وكذلك"صحيح الإمام مسلم" كتاب العلم"باب رفع العلم وظهور الفتن في آخر الزمان"برقم(2673) فذهاب العلم إنما هو بذهاب العلماء.
قال ابن مسعود-رضي الله تعالى عنه-يوم مات عمر-رضى الله تعالى عنهما:"إني لأحسب تسعة أعشار العلم اليوم قد ذهب"
وقد تقدم قول عمر-رضى الله تعالى عنه:"موت ألف عابد أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه" "مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/449)
وقال الحسن –رحمه الله تعالى:"موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار""جامع بيان العلم" للحافظ ابن عبد البر (1/595)
وقال أيوب –رحمه الله تعالى :" إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي""حلية الأولياء" للحافظ أبي نعيم (3/9) والنقل عن"الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام"ص(194)
المطلب الخامس : العلماء باقون ما بقي الدهر
قال العلامة ابن القيم –رحمه الله تعالى:"وقوله –أي: علي بن أبي طالب-رضي الله تعالى عنه:"اللهم بلى لن تخلو الأرض من مجتهد قائم لله بحجج الله" ويدلّ عليه الحديث الصحيح عن النبي–صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" رواه الإمام البخاري كتاب المناقب من حديث معاوية-رضي الله تعالى-برقم(3641) والإمام مسلم كتاب الإمارة "باب قوله صلىالله تعالى عليه وآله وسلم:"لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق..."من حديث ثوبان برقم (1920)
ويدلّ عليه أيضاً مارواه الترمذي عن أنس قال: قال رسول الله –صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:"مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره" قال هذا حديث حسن غريب وكذا حسنه الحافظ في"الفتح"(7/6) وذكره الشيخ الألباني في "السلسة الصحيحة"(5/355-359) برقم(2286) منحديث أنس وعمار وابن عمر وعلي وابن عمرو .وقال هناك:"بل هو صحيح يقيناً"
وفي الباب عن عمار وعبد الله بن عمرو فلو لم يكن في أواخر الأمة قائم بحجج الله مجتهد لم يكونوا موصوفين بهذه الخيرية .
وأيضاً فإن هذه الأمّة أكمل الأمم وخير أمّة أخرجت للناس، ونبيها–صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-خاتم النبيين لا نبي بعده، فجعل الله العلماء فيها كلما هلك عالم خلفه عالم؛ لئلا تطمس معالم الدين وتخفى أعلامه، وكان بنو إسرائيل كلما هلك نبي خلفه نبي فكانت تسوسهم الأنّبياء والعلماء لهذه الأمة كالأنّبياء في بني إسرائيل .
وأيضاً ففي الحديث الآخر:"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف، الغالّين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" وهذا يدلّ على أنه لا يزال محمولاً في القرون قرناً بعد قرن .
000وقوله:"لكيلا تبطل حجج الله وبيناته" أي لكيلا تذهب من بين يدي الناس وتبطل من صدورهم، وإلا فالبطلان محال عليها لأنّها ملزوم ما يستحيل عليه البطلان""مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/449-453)
المطلب السادس : جميل الأحدوثة لهم بعد الممات
المتأمل لأحوالهم المتتبع لأخبارهم من خلال آثارهم وما ورّثوه ليعجب ويشتد عجبه! كيف أنهم تحت التراب وهم في العالمين كأنهم أحياء بينهم لم يفقدوا منهم إلا صورهم، وأما رسومهم وذكرهم فهو مزبور بمداد الذهب، منقوش على أركان التأريخ، شاهد على جهد جهيد، وبذل ثمين، وإخلاص مبين.
وفي هذا يقول المتنبي : ذكر الفتى عيشه الثاني وحاجته ما فاته وفضول العيش اشغال
"مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/437)
فهم لهم حظ وافر من الأجر الباقي بعد الممات لبقاء آثارهم العلمية وجهودهم الدعوية "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..." "صحيح مسلم" برقم (1631) كتاب الوصية "باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته" من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه
قال العلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى- في شرحه لوصية علي بن أبي طالب لكميل بن زياد النخعي –رحمه الله تعالى:" قوله "والعلماء باقون ما بقي الدهر" وقوله "أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة" المراد بأمثالهم: صورهم العلمية ووجودهم المثالي أي وإن فقدت ذواتهم فصورهم وأمثالهم في القلوب لا تفارقها، وهذا هو الوجود الذهني العلمي، لأن محبة الناس لهم واقتداءهم بهم وانتفاعهم بعلومهم يوجب أن لا يزالوا نصب عيونهم، وقبلة قلوبهم، فهم موجودون معهم، وحاضرون عندهم وأن غابت عنهم أعيانهم كما قيل : ومن عجـب أني أحنّ إليهـم وأسال عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
وقال آخر : ومن عجب أن يشكو البعد عاشق وهل غاب عن قلب المحب حبيب
خيالك في عيني وذكرك في فمي ومثواك في قلبي فأين تغيب"
"مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/439)
وقال أيضاً –رحمه الله تعالى:"فالعالم بعد وفاته ميت، وهو حي بين الناس، والجاهل في حياته حي وهو ميت بين الناس، كما قيل :
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور
وقال الآخر قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات
وقال آخر وما دام ذكر العبد بالفضل باقيا فذلك حي وهو في الترب هالك
"مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/ 436-437)
قال ابن دريد وإنما المـرء حديـث بعـده فكن حديـثاً حسـناً لـمن وعى
وقال آخر : أخو العلم حي خالد بعد موته وأوصاله تحت التراب رميم
"التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية" للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد ص (352)
المسألة الأولى : في حياتهم
تقدم معنا بين دفتي هذا البحث المبارك بما حواه ما يدل دلالة ظاهرة على ما ينبغي القيام به تجاه هؤلاء السادة من مظاهر التكريم والتبجيل ما يغني هاهنا عن إعادته وفي ذلك ما يكفي لطالب الحق والهدى .
المسألة الثانية : تكريمهم بعد الممات
في"صحيح البخاري"عن جابر-رضي الله تعالى عنه:" كان النبي–صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب
واحد -يعني في القبر-ثم يقول:"أيهم أكثر أخذاً للقرآن، فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد..."الحديث رواه البخاري (3/209) كتاب
الجنائز باب الصلاة على الشهيد برقم (1343)
قال القاضي عياض-رحمه الله تعالى:"واعلم أن حرمة النبي-صلى الله علية وسلم-بعد موته، وتوقيره وتعظيمه لأزم، كما كان حال حياته؛ وذلك عند ذكره –صلى الله عليه وسلم- وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته ومعاملة آله وعترته عترته- بكسر العين وسكون المثناه- نسله ورهطه وعشيرته الأدنون وتعظيم أهل بيته وصحابته .
قال أبو إبراهيم التجيبي-رحمه الله تعالى:"واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويوقر ويسكن من حركته، ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه ، ويتأدب بما أدبنا الله به" "الشفاء" (2/91-92) الفصل الثالث:حرمته وتوقيره-صلى الله تعالىعليه وآله وسلم-بعد موته.
وعلى هذا ينبغي أيضاً توقير العلماء بعد موتهم ومن ذلك التوقير الترحم عليهم حال ذكرهم .
( فرع ) موت العالم ثلة
يقال: ثلمت الحائط ثلماً وثلمته، وحائط مثلوم وتثلم، وفيه ثلمة وثلم . ومن المجاز: هذا مما يكلم الدين، ويثلم اليقين. وموت فلان ثلمة في الإسلام لا ترد. وقد انثلموا عليه وانثلوا وانثالوا وانهالوا وانهدّوا وانصبوا" "أساس البلاغة" للزمخشري ص (47)
قال العلامة ابن القيم–رحمه الله تعالى-حال ذكره لوصية علي بن أبي طالب –رضي الله تعالى عنه-لكميل بن زياد النخعي –رحمه الله تعالى:"وقوله "كذلك يموت العلم بموت حامليه" هذا من قول النبي في حديث عبد الله بن عمر وعائشة رضى الله عنهم وغيرهما :"إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلّوا"رواه البخاري في "صحيحه" كتاب العلم"باب كيف يقبض العلم"برقم(100) وكذلك"صحيح الإمام مسلم" كتاب العلم"باب رفع العلم وظهور الفتن في آخر الزمان"برقم(2673) فذهاب العلم إنما هو بذهاب العلماء.
قال ابن مسعود-رضي الله تعالى عنه-يوم مات عمر-رضى الله تعالى عنهما:"إني لأحسب تسعة أعشار العلم اليوم قد ذهب"
وقد تقدم قول عمر-رضى الله تعالى عنه:"موت ألف عابد أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه" "مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/449)
وقال الحسن –رحمه الله تعالى:"موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار""جامع بيان العلم" للحافظ ابن عبد البر (1/595)
وقال أيوب –رحمه الله تعالى :" إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي""حلية الأولياء" للحافظ أبي نعيم (3/9) والنقل عن"الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام"ص(194)
المطلب الخامس : العلماء باقون ما بقي الدهر
قال العلامة ابن القيم –رحمه الله تعالى:"وقوله –أي: علي بن أبي طالب-رضي الله تعالى عنه:"اللهم بلى لن تخلو الأرض من مجتهد قائم لله بحجج الله" ويدلّ عليه الحديث الصحيح عن النبي–صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" رواه الإمام البخاري كتاب المناقب من حديث معاوية-رضي الله تعالى-برقم(3641) والإمام مسلم كتاب الإمارة "باب قوله صلىالله تعالى عليه وآله وسلم:"لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق..."من حديث ثوبان برقم (1920)
ويدلّ عليه أيضاً مارواه الترمذي عن أنس قال: قال رسول الله –صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:"مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره" قال هذا حديث حسن غريب وكذا حسنه الحافظ في"الفتح"(7/6) وذكره الشيخ الألباني في "السلسة الصحيحة"(5/355-359) برقم(2286) منحديث أنس وعمار وابن عمر وعلي وابن عمرو .وقال هناك:"بل هو صحيح يقيناً"
وفي الباب عن عمار وعبد الله بن عمرو فلو لم يكن في أواخر الأمة قائم بحجج الله مجتهد لم يكونوا موصوفين بهذه الخيرية .
وأيضاً فإن هذه الأمّة أكمل الأمم وخير أمّة أخرجت للناس، ونبيها–صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-خاتم النبيين لا نبي بعده، فجعل الله العلماء فيها كلما هلك عالم خلفه عالم؛ لئلا تطمس معالم الدين وتخفى أعلامه، وكان بنو إسرائيل كلما هلك نبي خلفه نبي فكانت تسوسهم الأنّبياء والعلماء لهذه الأمة كالأنّبياء في بني إسرائيل .
وأيضاً ففي الحديث الآخر:"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف، الغالّين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" وهذا يدلّ على أنه لا يزال محمولاً في القرون قرناً بعد قرن .
000وقوله:"لكيلا تبطل حجج الله وبيناته" أي لكيلا تذهب من بين يدي الناس وتبطل من صدورهم، وإلا فالبطلان محال عليها لأنّها ملزوم ما يستحيل عليه البطلان""مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/449-453)
المطلب السادس : جميل الأحدوثة لهم بعد الممات
المتأمل لأحوالهم المتتبع لأخبارهم من خلال آثارهم وما ورّثوه ليعجب ويشتد عجبه! كيف أنهم تحت التراب وهم في العالمين كأنهم أحياء بينهم لم يفقدوا منهم إلا صورهم، وأما رسومهم وذكرهم فهو مزبور بمداد الذهب، منقوش على أركان التأريخ، شاهد على جهد جهيد، وبذل ثمين، وإخلاص مبين.
وفي هذا يقول المتنبي : ذكر الفتى عيشه الثاني وحاجته ما فاته وفضول العيش اشغال
"مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/437)
فهم لهم حظ وافر من الأجر الباقي بعد الممات لبقاء آثارهم العلمية وجهودهم الدعوية "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..." "صحيح مسلم" برقم (1631) كتاب الوصية "باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته" من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه
قال العلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى- في شرحه لوصية علي بن أبي طالب لكميل بن زياد النخعي –رحمه الله تعالى:" قوله "والعلماء باقون ما بقي الدهر" وقوله "أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة" المراد بأمثالهم: صورهم العلمية ووجودهم المثالي أي وإن فقدت ذواتهم فصورهم وأمثالهم في القلوب لا تفارقها، وهذا هو الوجود الذهني العلمي، لأن محبة الناس لهم واقتداءهم بهم وانتفاعهم بعلومهم يوجب أن لا يزالوا نصب عيونهم، وقبلة قلوبهم، فهم موجودون معهم، وحاضرون عندهم وأن غابت عنهم أعيانهم كما قيل : ومن عجـب أني أحنّ إليهـم وأسال عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
وقال آخر : ومن عجب أن يشكو البعد عاشق وهل غاب عن قلب المحب حبيب
خيالك في عيني وذكرك في فمي ومثواك في قلبي فأين تغيب"
"مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/439)
وقال أيضاً –رحمه الله تعالى:"فالعالم بعد وفاته ميت، وهو حي بين الناس، والجاهل في حياته حي وهو ميت بين الناس، كما قيل :
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور
وقال الآخر قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات
وقال آخر وما دام ذكر العبد بالفضل باقيا فذلك حي وهو في الترب هالك
"مفتاح دار السعادة" للعلامة ابن القيم (1/ 436-437)
قال ابن دريد وإنما المـرء حديـث بعـده فكن حديـثاً حسـناً لـمن وعى
وقال آخر : أخو العلم حي خالد بعد موته وأوصاله تحت التراب رميم
"التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية" للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد ص (352)
نقلا عن كتاب
"بيان الشريعة الغراء لفضل العلم والعلماء..."
"بيان الشريعة الغراء لفضل العلم والعلماء..."