الحث والتحريض
على تعلم أحكام المريض
تأليف:
فضيلة الشيخ
أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، أما بعد:
فأصل هذه الرسالة خطبة جمعة لنا، فرّغت من شريط، فهذبتها، وأضفت إليها بعض المسائل من بابها، راجيًا من المولى الكريم عزوجل أن ينفعني وإخواني المسلمين بها.
مع العلم: أن هذا الموضوع المهم تكتب فيه بعض الباحثات في دار الحديث بدماج؛ كتابة موسعة، نسأل الله أن يعينها على ذلك.
أبو عبد الرحمن: يحيى بن علي الحجوري
(5/شعبان 1426ﻫ)
* * *
على تعلم أحكام المريض
تأليف:
فضيلة الشيخ
أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، أما بعد:
فأصل هذه الرسالة خطبة جمعة لنا، فرّغت من شريط، فهذبتها، وأضفت إليها بعض المسائل من بابها، راجيًا من المولى الكريم عزوجل أن ينفعني وإخواني المسلمين بها.
مع العلم: أن هذا الموضوع المهم تكتب فيه بعض الباحثات في دار الحديث بدماج؛ كتابة موسعة، نسأل الله أن يعينها على ذلك.
أبو عبد الرحمن: يحيى بن علي الحجوري
(5/شعبان 1426ﻫ)
* * *
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
»إن أصدق الحديث كتاب، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار«.
أيها الناس، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾[البلد: 1-4]، ويقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً﴾[الحج:5].
ويقول الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾[الروم:54].
هذه الآيات العظيمة، فيها بيان ما يتقلب فيه الإنسان في حياته، من صحة ومرض، وعافية وسقم، وبؤس وسرور، ويسر وعسر، لا بد أن تمر على الحي أمور كثيرة يتقلب فيها، ومن تلك الأمور الأسقام، والأمراض، والابتلاءات، لا يمكن أن ينجو عبد في هذه الدنيا من البلاء، براً كان أو فاجراً، قال الله سبحانه: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ﴾[النساء:104]، وقال سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً﴾[الفرقان:20]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ﴾[الانشقاق:6].
وقال سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾[الانبياء:35]، وإنها تعرض هذه الأمور، فكان لا بد أن يعلم حكمها، ويعرف عظمها وشأنها، فيا أيها الناس، إن هذه الابتلاءات التي تحصل على بني آدم ليست على حد سواء، فيما يتعلق بأصحابها، فمن الناس من يكون البلاء عليه يرفع الله به من درجاته يوم القيامة، فبعد أن ذكر الله سبحانه، ما جرى لنبيه يوسف عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾[يوسف:76].
وفي »الصحيحين« من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: »أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ« قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: »أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ«.
وهذا دليل أن رسل الله عليهم الصلاة والسلام تضاعف لهم الأجور، قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾[الانبياء: 83-84].
وهكذا ما يصابون به من الابتلاء، من الأمراض وغيرها، كل ذلك لرفع درجتهم عند الله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: »إن العبد تكون له المنزلة عند الله، لا ينالها بعمل، فلا يزال الله سبحانه وتعالى يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها«، أخرجه أحمد، من حديث أبي هريرة، وهو حديث حسن.
وتكون البلوى في حق المؤمنين، أصحاب اللمم، تكفيراً لذنوبهم، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي ﷺ قال: »ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه«.
فشأن المؤمن أنه إذا ابتلي صبر، وكان ذلك خيرًا له، عند الله سبحانه وتعالى، روى الإمام مسلم في »صحيحه«، من حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: »عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن«.
وقال ﷺ: »ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر«، متفق عليه، من حديث أبي سعيد الخدري.