خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.08.08 20:35

    الحمد لله ، والصلاة ، والسلام على رسول الله e :


    وبعد،،،


    فهذه رسالة وجيزة مبنية على النصوص الشرعية، ومؤيدة بالآثار السلفية، تشرح شيئاَ مما ينبغي أن يعرفه المسلم عن أحكام معاملة ولاة أمر المسلمين في كل زمان ومكان.
    كتبتها براءة للذمة، ونصحاً للأمة، إذ قد رأيت حاجة الناس في هذه الأزمان إلي معرفة تلك الأحكام والإطلاع عليها إما للتذكير بها، أو لتعليمها، فإن نسيانها – أو الجهل بها – من أعظم الأبواب التي تلج الشرور إلي المسلمين منها، يعرف هذا من نظر في
    كتب التواريخ والسير واعتبر بما جاء فيها من العبر.



    وعلموا أنه قد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة. ([1]) .
    يقول الحسن البصري - رحمه الله تعالي – في الأمراء : (( هم يلون من أمورنا خمساً : الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود . والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم – والله – لغبطة وأن فرقتهم لكفر ([2]) )) ا.هـ ([3]) .



    لذا نحن في حاجة بل عظيم الحاجة إلي كبح جماح العواطف العواصف وطرح الإيحاءات الشيطانية والنفثات البدعية وضرورة شيوع الودّ بين الحاكم والمحكومين ورد القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه؛ لما في ذلك من تحقيق مصالح الأمة، وانتظام أمور الملة، وفق الضوابط الشرعية والآداب المرعية ، وإليكموها :


    (1) توقيرهم واحترامهم :عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍt ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:(خَمْسٌ مَنْ فَعَلَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللَّهِ: مَنْ عَادَ مَرِيضًا، أَوْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ، أَوْ خَرَجَ غَازِيًا، أَوْ دَخَلَ عَلَى إِمَامِهِ يُرِيدُ تَعْزِيزَهُ وَتَوْقِيرَهُ، أَوْ قَعَدَ فِي بَيْتِهِ فَسَلِمَ النَّاسُ مِنْهُ وَسَلِمَ مِنَ النَّاسِ). ([4]) .



    قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ(كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم وتعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .

    فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسد الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى أنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد)([5]).

    قلت : قال e:(مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ)([6]) وإهانة السلطان لها عدة صور:

    منها: أن يسخر بأوامر السلطان، فإذا أمر بشيء قال: انظروا ماذا يقول ؟

    ومنها: إذا فعل السلطان شيئاً لا يراه هذا الإنسان . قال : انظروا ، انظروا ماذا يفعل؟ يريد أن يهون أمر السلطان على الناس؛ لأنه إذا هون أمر السلطان على الناس استهانوا به، ولم يمتثلوا أمره، ولم يجتنبوا نهيه.

    ولهذا فإن الذي يهين السلطان بنشر معايبه بين الناس وذمه والتشنيع عليه والتشهير به يكون عرضة لأن يهينه الله عزّ وجلّ؛ لأنه إذا أهان السلطان بمثل هذه الأمور ؛ تمرد الناس عليه فعصوه، وحينئذٍ يكون هذا سبب شر فيهينه الله عزّ وجلّ.

    فإن أهانه في الدنيا فقد أدرك عقوبته، وإن لم يهنه في الدنيا فإنه يستحق أن يهان في الآخرة -والعياذ بالله- ؛ لأن كلام الرسول eحق:(من أهان السلطان أهانه الله)، ومن أعان السلطان أعانه الله؛ لأنه أعان على خير وعلى بر، فإذا بينت للناس ما يجب عليهم للسلطان وأعنتهم على طاعته في غير معصية فهذا خيرٌ كثيرٌ، بشرط أن يكون إعانة على البر والتقوى وعلى الخير،-نسأل الله لنا ولكم الحماية عما يغضبه، والتوفيق لما يحبه ويرضاه-.([7]) .





    [1])) جاء نحو ذلك عن عمر رضي الله عنه -، أخرجه الدرامي ( 1/69).


    ([2]) قلت : قوله : (( لكفر )) يعني به : كفر دون كفر .


    ([3]) ((آداب الحسن البصري )) لابن الجوزي : (ص121 ) .

    ([4])حديث صحيح بطرقه، أخرجه الحافظ ابن أبي عاصم ـ رحمه الله ـ في كتابه (( السنة )) (2/490-492 ) وقد أخرجه أيضاً – الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في (( المسند ))( 5/241)، انظر (( ظلال الجنة في تخريج السنة )) للعلامة الألباني ـ رحمه الله ـ : ( 2/490-491 ) .






    ([5]) " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/110) ط ( دار الآثار ) .


    [6])) صحيح : رواه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلفاء، رقم (2224)، وقال الترمذي: حسنٌ غريبٌ ، وصححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في " صحيح رياض الصالحين " ( ص 290/ ح 678) .


    [7])) نقلاً عن " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/330) ط ( دار الآثار ) .
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.08.08 20:37

    (2) وجوب السمع والطاعة لهم في غير معصية :عَنْ ابْنِ عُمَرَt عَنْ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ:(عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ)([1]).

    قلت:قال حرب- رحمه الله - في"العقيدة" التي نقلها عن جميع السلف:(وإن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه) أهـ . ([2]) .

    وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في"الأصول الستة":( الأصل الثالث: إن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً فبين النبيe هذا بياناً شائعاً ذائعاً بكل وجه من أنواع البيان شرعاً وقدراً، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم ، فكيف العمل به؟!) اهـ. ([3])

    وقال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ(وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتوا ، ولو ظلموا .
    وقد قال e:(تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)([4]) ، وقال لأصحابه e فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال:(اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ)([5]) .



    أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى y ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة .

    أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطيع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملنا)أهـ.([6]) .





    وقال e:(عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ).([7]) .

    قلت:قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ تحت شرح هذا الحديث(قولهe:"عَلَى الْمَرْءِ"هذه كلمة تدل على الوجوب ، وأنه يجب على المرء المسلم بمقتضى إسلامه أن يسمع ويطيع لولاة الأمور فيما أحب وفيما كره، حتى لو أمر بشيء يكرهه"جبلة لا شرعا" ؛ فإنه يجب عليه أن يقوم به ولو كان يرى خلافه، ولو كان يكره أن ينفذه. فالواجب عليه أن ينفذ، إلا إذا أمر بمعصية الله ، فإذا أمر بمعصية الله فطاعة الله تعالى فوق كل طاعة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

    وفي هذا دليلٌ على بطلان مسلك من يقول: لا نطيع ولاة الأمور إلا فيما أمرنا الله به، يعني إذا أمرونا أن نصلي صلينا، إذا أمرونا أن نزكي زكينا. أما إذا أمرونا بشيء ليس فيه أمر شرعي؛ فإنه لا يجب علينا طاعتهم؛ لأننا لو وجبت علينا طاعتهم لكانوا مشرعين، فإن هذه نظرة باطلة مخالفة للقرآن والسنة؛ لأننا لو قلنا: إننا لا نطيعهم إلا فيما أمرنا الله به لم يكن بينهم وبين غيرهم فرق، كل إنسان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فإنه يطاع.

    ثم نقول:بل نحن قد أمرنا بطاعتهم فيما لم يأمرنا الله عز وجلّ ؛ إذا لم يكن ذلك منهياً عنه أو محرماً، فإننا نطيعهم حتى في التنظيم إذا نظموا شيئاً من الأعمال، يجب علينا أن نطيعهم؛ وذلك أن بطاعتهم يكون امتثال أمر الله عزّ وجلّ، وامتثال أمر رسول الله e ، وحفظ الأمن، والبعد عن التمرد على ولاة الأمور، وعن التفرق، فإذا قلنا لا نطيعهم إلا في شيء أمرنا به؛ فهذا معناه أنه لا طاعة لهم.

    تأتي بعض الأنظمة:مثلاً تنظم فيها الحكومة شيئاً نظاماً لا يخالف الشرع، لكن لم يأتِ به الشرع بعينه، فيأتي بعض الناس ويقول:لا نطيع في هذا، فيقال : بل يجب عليك أن تطيع، فإن عصيت فإنك آثم مستحق لعقوبة الله، ومستحق لعقوبة ولاة الأمور.

    وعلى ولاة الأمور أن يعزروا مثل هؤلاء الذين يعصون أوامرهم التي يلزمهم أن يقوموا بها؛ لأنهم إذا عصوا أوامر ولاة الأمور - وقد أمر الله تعالى بطاعتهم فيها- فهذا معصية لله. وكل إنسان يعص الله فإنه مستحق التعزيز -يعني التأديب بما يراه ولي الأمر-.



    ([1]) البخاري : ( 13/121 )، ومسلم : ( 3/1469 ).


    [2]) ) ينظر (( حادي الأرواح )) لابن القيم ( ص 401 ).




    ([3]) [ من كتاب الجامع الفريد من كتب ورسائل لأئمة الدعوة الإسلامية:281].


    [4])) رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين . . ، رقم ( 1847 ) .


    [5])) رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق ، رقم ( 1846 ) .




    [6]) ) " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/110) ط ( دار الآثار ) .


    [7]) ) متفق عليه : رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ..، رقم (7144)، ومسلم ، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء..، رقم (1839).
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.08.08 20:40

    ومن ذلك مثلاً:أنظمة المرور؛ أنظمة المرور هذه مما نظمه ولي الأمر، وليس فيها معصية، فإذا خالفها الإنسان فهو عاصٍ وآثم، مثلاً السير على اليسار، والسير على اليمين، والسير في الاتجاه الفلاني، وفي السير يجب أن يقف إذا كانت الإشارة حمراء وما أشبه ذلك، كل هذا يجب أن ينفذ وجوباً، فمثلاً إذا كانت الإشارة حمراء؛ وجب عليك الوقوف. لا تقل : ما أمرنا الله بذلك، ولاة الأمور نظموا لك هذا التنظيم وقالوا التزم به، فإذا تجاوزت فإنك عاص آثم؛ لأنك قلت لربك لا سمع ولا طاعة -والعياذ بالله-.

    فإن الله يقول:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ{ كذلك أيضاً في التقاطع، معروف أن الذي في الخط العام هو الذي له الحق أن يتجاوز، إذا كنت أنت في خط فرعي ووجدت إنساناً مقبلاً من الخط العام فلا تتجاوز ؛ لأن النظام يقتضي منع ذلك.

    وهكذا أيضاً الأنظمة في الإمارة، والأنظمة في القضاء، وكل الأنظمة التي لا تخالف الشرع؛ فإنه يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيها، وإلا أصبحت المسألة فوضى، وكل إنسان له رأي، وكل إنسان يحكم بما يريد، وأصبح ولاة الأمور لا قيمة لهم، بل هم أمراء بلا أمر، وقضاة بلا قضاء)أهـ.([1]) .
    شبهة والرد عليها


    ثم قال ـ رحمه الله ـ:( ثم أشد من ذلك من لا يعتقد للإمام بيعة؛ من يقول : أنا ما بايعت الإمام، ولا له بيعة علىّ؛ لأن مضمون هذا الكلام أنه لا سمع له ولا طاعة له ولا ولاية، وهذا أيضاً من الأمر المنكر العظيم؛

    فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن من مات من غير بيعة وليس له إمام؛ فإنه يموت ميتة جاهلية([2]) ،

    يعني ليست ميتة إسلامية؛ بل ميتة أهل الجهل والعياذ بالله ، وسيجد جزاءه عند الله عزّ وجل.

    فالواجب أن يعتقد الإنسان أن له إماماً ، وأن له أميراً يدين له بالطاعة في غير معصية الله، فإذا قال مثلاً: أنا لن أبايع، قلنا:البيعة لا تكون في رعاع الناس وعوام الناس، إنما تكون لأهل الحل والعقد.

    ولهذا نقول:هل بايع كل الناس أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً y ؟ هل بايعهم كل الناس حتى الأطفال والعجوز والمرأة في خدرها ؟ أبداً لم يبايعوهم. ولم يأت أهل مكة يبايعون أبا بكر، ولا أهل الطائف ولا غيرهم ، إنما بايعه أهل الحل والعقد في المدينة ، وتمت البيعة بذلك.

    وليست البيعة لازمة لكل واحد من الناس أن يجيء يبايع ، ولا يمكن لعوام الناس ، ورعاع الناس.

    بل هم تابعون لأهل الحل والعقد، فإذا تمت البيعة من أهل الحل والعقد؛ صار المُبايع إماماً، وصار ولي أمر تجب طاعته في غير معصية

    الله، فمن مات وهو يعتقد أنه ليس له ولي أمر، وأنه ليست له بيعة، فإنه يموت ميتة جاهلية.-نسأل الله العافية والحماية ، والله الموفق -)أهـ.([3]) .

    وقال e :(عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ)([4]) .



    قلت:قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ تحت شرح هذا الحديث:(السمع والطاعة لولاة الأمور في المنشط والمكره)،في المنشط:يعني في الأمر الذي إذا أمروك به نشطت عليه، لأنه يوافق هواك، وفي المكره:في الأمر الذي أمروك به لم تكن نشيطاً فيه؟؛ لأنك تكرهه، اسمع في هذا وهذا، وفي العسر واليسر، حتى إن كنت غنياً فأمروك فاسمع ولا تستكبر لأنك غني، وإذا كنت فقيراً فاسمع ولا تقل لا أسمع وهم أغنياء وأنا فقير)([5]).

    شبهة والرد عليها


    ثم قال ـ رحمه الله ـ :(اسمع وأطع في أي حال من الأحوال ، حتى في الأثرة؛ يعني إذا استأثر ولاة الأمور على الشعب، فعليهم أيضاً السمع والطاعة في غير معصية الله U.

    فلو أن ولاة الأمور سكنوا القصور الفخمة،وركبوا السيارات المريحة، ولبسوا أحسن الثياب، وتزوجوا وصار عندهم الإماء، وتنعموا في الدنيا أكبر تنعم، والناس سواهم في بؤس وشقاء وجوع، فعليهم السمع والطاعة ؛ لأننا لنا شيء والولاة لهم شيء آخر.



    فنحن علينا السمع والطاعة ، وعلى الولاة النصح لنا، وأن يسيروا بنا على هدي رسول e ، لكن لا نقول إذا استأثروا علينا وكانت لهم القصور الفخمة، والسيارات المريحة، والثياب الجميلة، وما أشبه ذلك، لا نقول : والله لا يمكن أن نسمع وهم في قصورهم وسياراتهم ونحن في بؤس وحاجة، والواحد منا لا يجد السكن وما أشبه ذلك. هذا حرامٌ علينا، يجب أن نسمع ونطيع حتى في حال الأثرة.وقد قال النبي e لأصحابه الأنصار y:(إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ)([6]). يقول للأنصار ذلك منذ ألف وأربعمائة سنة: ستلقون بعدي أثرة من ذاك الوقت والولاة يستأثرون على



    [1])) " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/321 ، 322) ط ( دار الآثار ) .


    [2])) قلت : قال e ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين . . ، رقم ( 1851 ) .


    [3])) " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/ 322 ، 323) ط ( دار الآثار ) .


    ([4]) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية....، رقم (1836).


    ([5]) " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/ 324) ط ( دار الآثار ) .


    [6])) متفق عليه : رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال..، رقم (4330) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام ، رقم (1061).
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.08.08 20:41

    الرعية، ومع هذا يقول:(فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ).فليس استئثار ولاة الأمور بما يستأثرون به مانعاً من السمع والطاعة لهم، الواجب السمع والطاعة في كل ما أمروا به ما لم يأمروا بمعصية وقد سبق لنا أن طاعة ولاة الأمور فيما أمروا تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    الأول : ما أمر الله به فهذا يجب طاعتهم فيه لوجهين: لأمر الله به، ولأمرهم به.

    والثاني :ما حرم الله فلا يجوز السمع والطاعة لهم حتى لو أمروا به.

    والثالث: ما ليس فيه أمر ولا نهي من الله فتجب علينا طاعتهم فيه؛ لأن الرسول eلم يمنع من طاعتهم إلا إذا أمروا المعصية.

    -نسأل الله أن يصلحنا جميعاً رعية ورعاة وأن يهب لنا منه رحمه إنه هو الوهاب- )) ([1]).



    (3) الصبر على جورهم " إن وجد "وعدم الخروج عليهم : قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ:(اعلم – عافاك الله – أن جور الملوك نقمة من نقم الله – تعالي -، ونقم الله لا تلاقي بالسيوف، وإنما تتقي وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب .


    إن نقم الله متي لقيت بالسيوف كانت هي أقطع . ولقد حدثني مالك بن دينار –رحمه الله-أن الحجاج كان يقول:"اعلموا أنكم كلما أحدثتم ذنباً أحدث الله في سلطانكم عقوبة".([2]) .





    وعن سويد بن غفلة –رحمه الله-قال: قال لي عمرt يا أبا أمية، إني لا أدري لعلي لا ألقاك بعد عامي هذا، فإن أمر عليك عبد حبشي مجدع، فاسمع له وأطع، وإن ضربك فاصبر، وإن حرقك فاصبر، وإن أراد أمراً ينقص دينك فقل: سمع وطاعة، دمي دون ديني ، ولا تفارق الجماعة)([3]) .

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في " منهاج السنة ":( ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج عن الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبيe لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة. فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته)أهـ ([4]).

    قلت:إن أهل السنة والجماعة يرون أن ولي الأمر له الولاية حتى مع هذه الأمور كلها، وأن له السمع والطاعة، وأنه لا تجوز منابذته ولا إيغار الصدور عليه، ولا غير ذلك مما يكون فساده أعظم وأعظم.

    والشر ليس يُدفع بالشر؛ ادفع الشر بالخير ، أما أن تدفع الشر بشر، فإن كان مثله فلا فائدة، وإن كان أشر منه كما هو الغالب في مثل هذه الأمور، فإن ذلك مفسدة كبيرة. نسأل الله أن يهدي ولاة أمورنا وأن يهدي رعيتنا لما يلزمها، وأن يوفق كلاًّ منهم لقيام بما يجب عليه.



    وقال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله-:( فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان ، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور ؛ فهذا عين المفسدة ، وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس.

    كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى ، وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها.

    فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر؛ ضاع الشرع والأمن؛ لأن الناس إن تكلم العلماء؛ لم يثقوا بكلامهم ، وإن تكلم الأمراء؛ تمردوا على كلامهم ، وحصل الشر والفساد.

    فالواجب أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان ، وأن يضبط الإنسان نفسه ، وأن يعرف العواقب.

    وليعلم أن من يثور إنما يخدم أعداء الإسلام؛فليست العبرة بالثورة ولا بالانفعال ، بل العبرة بالحكمة، ولست أريد بالحكمة السكوت عن الخطاء ، بل معالجة الخطأ ؛ لنصلح الأوضاع؛ لا لنغير الأوضاع؛ فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها). اهـ. ([5]) .
    شبهة والرد عليها


    ورد سؤال إلى العلاّمة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ مفاده : سمعت بعض طلاب العلم يقول أنه يجوز الخروج على ولي الأمر الفاسق ولكن بشرطين :

    1-أن يكون عندنا القدرة على الخروج عليه.

    2-أن نتأكد أن المفسدة أقل من المصلحة.

    وقال هذا منهج السلف . !



    [1])) " شرح رياض الصالحين " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( 2/ 324) ط ( دار الآثار ) .




    [2])) من كتاب (( آداب الحسن البصري )) لابن الجوزي : ( ص 119 – 120 ) .


    ([3]) "مصنف ابن أبي شيبة"(12/544) و"السنة"للخلال"ص(111) .


    ([4]) [ منهاج السنة النبوية: 3/390].


    ([5]) [ نقلاً عن رسالة حقوق الراعي والرعية]، مجموع خطب للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله .
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.08.08 20:42

    فأجاب-رحمه الله-: نقول – بارك الله فيك – إن هذا الرجل لا يعرف من مذهب السلف شيئاً ، والسلف متفقون على أنه لا يجوز الخروج على الأئمة أبراراً كانوا أو فجاراً وأنه يجب الجهاد معهم ، وأنه يجب حضور الأعياد والجمع التي يصلونها هم بالناس – كانوا في الأول يصلون بالناس – وإذا أرادوا معرفة شيء من هذا فليرجعوا إلى العقيدة الواسطية حيث ذكر أن أهل السنة والجماعة يرون إقامة الحج والجهاد والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً – هذه عباراته رحمه الله - .

    يقول له إنما ذكره هو منهج السلف ! نقول هو بين أمرين إما كاذب على السلف أو جاهل بمذهبهم .
    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ***وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم


    وقلت إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:(إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان) فكيف يقول هذا الأخ أن منهج السلف الخروج على الفاسق ؟!

    يعني أنهم خالفوا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام صراحةً.

    ثم إن هذا الأخ في الواقع ما يعرف الواقع .

    إن الذين خرجوا على الملوك سواء بأمر ديني أو أمر دنيوي هل تحولت الحال من سيء إلى أحسن ، نعم ، أبداً.

    بل من سيء إلى أسوء بعيداً ، وانظر الآن الدول كلها تحولت إلى شيء آخر.

    أما من لم يحكم بما أنزل الله:فهذا أيضاً ليس بصحيح ، ليس أكثر السلف على أنه يكفر مطلقاً ، بل المشهور عن ابن عباسtأنه (كفر دون كفر) ، والآيات كلها في نسق واحد{الكافرون}،{الظالمون}،{الفاسقون}، وكلام الله لا يبطل بعضه بعضاً ؛ فيحمل كل آية منها على حالٍ يكون فيها في هذا الوصف ؛ تحمل آية التكفير على حال يكفر بها ، وآية الظلم على حال يظلم فيها ، وآية الفسق على حال يفسق بها . عرفت .

    وأنا أنصح هؤلاء الإخوان:قل له أن يتقي الله في نفسه ، لا يغر المسلمين ، غداً تخرج هذه الطائفة ثم تُحطّم ، أو يتصورون الإخوة الملتزمين تصوراً غير صحيح ، كله بسبب هذه الفتاوى الغير صحيحة.([1]) .





    (4)النهي عن سبهم:عن أنس بن مالك t ، قال:نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله e:(أن لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تعصوهم ،واصبروا ،واتقوا الله U، فإن الأمر قريب) . ([2]).

    قلت:وهذا النهي منهم y لمكانتهم ولعلو قدرهم ولعظم المسئولية التي وكلت إليهم في الشرع.

    (5)بيان حكم وكيفية مناصحتهم:قال حافظ المغرب ابن عبد البر-رحمه الله تعالى-:(وأما مناصحة ولاة الأمر، فلم يختلف العلماء في وجوبها ) ([3]).

    قلت:قال شيخي الحبيب فضيلة الشيخ / أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد ـ حفظه الله ـ:(واجبة بحسب الاستطاعة لخواص أهل العلم الراسخين فيه على أن يصحبها الحلم والرفق، وبما يناسب مقام الولاية العامة، وبما يحفظ هيبة السلطان، وذلك لعموم الأدلة القاضية).

    وأما كيفيتها:فتكون سراً، يخلوا به، فإن قبل، فذاك، كما نطق بذلك الخبر الصادق من الصادق، وهو نص صحيح صريح في الباب، لا ينبغي العدول عنه إلى قول قائل أو احتجاج بفعل فاعل، كائناً من كان .لما روى الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في " مسنده " ح (14792) قال:حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ وَغَيْرُهُ ـ رحمهم الله تعالى ـ قَالَ:(جَلَدَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبَ دَارِيَا حِينَ فُتِحَتْ فَأَغْلَظَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ الْقَوْلَ حَتَّى غَضِبَ عِيَاضٌ ثُمَّ مَكَثَ لَيَالِيَ فَأَتَاهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ لِعِيَاضٍ أَلَمْ تَسْمَعْ النَّبِيَّ e يَقُولُ : " إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا أَشَدَّهُمْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا لِلنَّاسِ " فَقَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ (وهو ممن بايع بيعة الرضوان) يَا هِشَامُ بْنَ حَكِيمٍ قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ وَرَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ أَوَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ eيَقُولُ : " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ ". وَإِنَّكَ يَا هِشَامُ لَأَنْتَ الْجَرِيءُ إِذْ تَجْتَرِئُ عَلَى سُلْطَانِ اللَّهِ فَهَلَّا خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ السُّلْطَانُ فَتَكُونَ قَتِيلَ سُلْطَانِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى).([4]) .

    وقال العلامة ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ:"في جامعه" عندما شرح حديث تميم الداريt (الدين النصيحة)قال:(وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الأمة عليهم وكراهة افتراق الأمة عليهم والتدين بطاعتهم في طاعة الله U والبغض لمن رأى الخروج عليهم وحب إعزازهم في طاعة الله U) إلى أن قال -رحمه الله-:(معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق

    ولطف ومجانبة الوثوب عليهم والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك) أهـ.([5]).



    (6)الدعاء لهم بالصلاح:أخرج الإمام البيهقي في:" شعب الإيمان "ح (7148) عن أبي عثمان سعيد ابن إسماعيل الواعظ الزاهد-رحمه الله- أنه قال - بعد روايته لحديث تميم الداري t-مرفوعاً-:(الدين النصيحة)، قال:(فانصح للسلطان، وأكثر له من الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل والحكم ، فإنهم إذا صلحوا، صلح العباد بصلاحهم.وإياك أن تدعوا عليهم باللعنة، فيزدادوا شراً ويزداد البلاء علي المسلمين ،ولكن أدعو لهم بالتوبة، فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين ...)أهـ.



    ([1]) مفرغ من شريط " الرد على من يجيز الخروج على الحاكم الفاسق و من زعم التكفير بإطلاق في مسألة الحكم" للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله .


    ([2]) ((السنة " لابن أبي عاصم – رحمه الله ")) (2/488).قال العلامة الألباني إسناده جيد : ( ظلال الجنة ) ح ( 1015 ) .


    ([3]) "الاستذكار" للحافظ ابن عبد البر (27/361) .


    ([4])"والحديث صححه العلامة الألباني، انظر"ظلال الجنة في تخريج السنة"(2/521-522) .


    ([5]) [ جامع العلوم والحكم: 1/222].
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.08.08 20:44

    وما جاء في كتاب "السنة" للإمام الحسن بن على البربهاري – رحمه الله تعالي – حيث قال:(إذا رأيت الرجل يدعوا على سلطان: فاعلم أنه صاحب هوى . وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة -إن شاء الله تعالي: ـ يقول الفضيل بن عياض:" لو كان لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان".

    فأمرنا أن ندعوا لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعوا عليهم-وإن جاروا وظلموا -، لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وعلى المسلمين)أهـ ([1]) .



    (7)بيان عقوبة التثبيط([2])عنهم والإثارة عليهم:قال الإمام الشوكاني -رحمه الله-:في:" السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار "( 4/514 )(ويؤدب من يثبط عنه، فالواجب دفعه عن هذا التثبيط، فإن كف، وإلا كان مستحقاً لتغليظ العقوبة، والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبس أو غيره، لأنه مرتكب لمحرم عظيم ، وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء، وتهتك عندها الحرم ،وفي هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام.

    وقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال :" من نزع يداً من طاعة الإمام، فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة، فإنه يموت موتة جاهلية ")أهـ ([3]).

    قلت:لا يجوز لنا أن نتكلم فيما يثير الضغائن على ولاة الأمور، وفيما يسبب البغضاء لهم؛ لأن في هذا مفسدة كبيرة. قد يتراءى للإنسان أن هذه غيرة، وأن هذا صدع بالحق؛ والصدع بالحق لا يكون من وراء حجاب، الصدع بالحق أن يكون ولي الأمر أمامك ([4]) وتقول له : أنت فعلت كذا وهذا لا يجوز، تركت هذا ، وهذا واجب.([5]).

    أما أن تتحدث من وراء حجاب في سب ولي الأمر والتشهير به، فهذا ليس من الصدع بالحق ؛ بل هذا من الفساد، هذا مما يوجب إيغار الصدور وكراهة ولاة الأمور والتمرد عليهم، وربما يفضي إلى ما هو أكبر إلى الخروج عليهم ونبذ بيعتهم -والعياذ بالله-.

    (8) التماس العذر لهم:"كان العلماء يقولون: إذا استقامت لكم أمور السلطان، فأكثروا حمد الله – تعالى– وشكره . وإن جاءكم منه ما تكرهون، وجهوه إلي ما تستوجبونه بذنوبكم وتستحقونه بآثامكم . وأقيموا عذر السلطان، لانتشار الأمور عليه، وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة، واستئلاف الأعداء وإرضاء الأولياء ، وقلة الناصح وكثرة التدليس والطمع " أهـ .([6]).

    (9) عدم الحرص وسؤال ما في أيديهم من ولاية الأمر:عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ e أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي ، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ:أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَهُ ، فَقَالَ:(إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ

    سَأَلَهُ وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ)([7]).وذَكَرَ الْمُهَلَّب ـرحمه الله ـ:" الْحِرْص عَلَى الْوِلَايَة هُوَ السَّبَب فِي اِقْتِتَال النَّاس عَلَيْهَا حَتَّى سُفِكَتْ الدِّمَاء وَاسْتُبِيحَتْ الْأَمْوَال وَالْفُرُوج وَعَظُمَ الْفَسَاد فِي الْأَرْض بِذَلِكَ "أهـ([8]).




    هذا ما أعتقده وأدين إلي الله به والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل

    انتهاء في ليلة الاثنين الموافق 10/ من شوال / 1428هـ

    22/من أكتوبر / 2007

    ملحوظة : هذه الرسالة كثيرو ها مجموعة من رسالتين عظيمتين يعدان مرجعا في الباب

    الأولى : معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة

    لفضيلة الشيخ/ عبد السلام بن برجس ـ رحمه الله وطيب ثراه .

    والثانية : عظيم الحاجة إلي كبح جماح العواطف العواصف وطرح الإيحاءات الشيطانية والنفثات البدعية
    لشيخي الحبيب فضيلة الشيخ / أبو عبد الله / محمد بن عبد الحميد ـ حفظه الله ورفع قدره




    [1])) (( طبقات الحنابلة )) (2/36) ومقولة الفضيل بن عياض، وأخرجها أبو نعيم في (( الحلية ))( 8/91-92 ) وفي (( فضيلة العادلين من الولاة )) ( ص 171-172 ) .



    ([2])يقال: ثبطه عن الشيء تثبيطاً: إذا شغله عنه...التثبيط: هو التعويق والشغل عن المراد"انظر"لسان العرب"(2/83)، "والنهاية في غريب الحديث"لابن الأثير ص(120) .



    [3]) )صحيح : صححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في "ظلال الجنة في تخريج السنة"(2/ح 1081) .



    [4])) قلت: لقوله e(أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ) صحيح : صححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في "صحيح الترغيب والترهيب"(2/ح 2305).



    [5])) قلت: قال شيخي الحبيب فضيلة الشيخ / أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد ـ حفظه الله ـ" وهذه ليست لأي أحد بل لخواص أهل العلم الراسخين فيه على أن يصحبها الحلم والرفق، وبما يناسب مقام الولاية العامة، وبما يحفظ هيبة السلطان، وذلك لعموم الأدلة القاضية بذلك ".



    ([6]) من كتاب (( سراج الملوك )) للطرطوشي ( ص 43 ) .



    [7])) صحيح الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح ( 7149) .



    ([8]) فتح الباري ( 13/ 126 ) .
    avatar
    أبو خديجة عصام الدين
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : دراسات عليا
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 23/06/2008

    الملفات الصوتية رد: منهج السلف القويم في العلاقة بين الحكام والمحكومين

    مُساهمة من طرف أبو خديجة عصام الدين 19.08.08 18:03


    بسم الله الكريم الجواد ،والحمد لله ملك يوم التناد ، والصلاة السلام على المبعوث رحمة لجميع العباد ،وعلى اله وصحبه الاخيار الامجاد ،وبعد
    لقد أجاد الشيخ المبارك وافاد ، جزاه الله الخير والسداد ، واعانه على هذا الدرب من انواع الجهاد ، الذى ضل عنه كثير من العباد ، وخربت من جهله الدور والبلاد ، ونامل منه الكثير من الخير والازدياد .
    وهدى الله اخواننا من المخالفين الى الحق والسداد .



    واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


    Cool Cool
    [/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 5:32