إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا
هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله
عليه وسلم عبده ورسوله .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( سورة آل عمران - الآية 102 )
( يا أيها الناس
اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا
ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )
( سورة النساء - الآية 1 )
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )
( سورة الأحزاب - الآية 70 – 71 )
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإنه مما يندى له الجبين ، ومن المؤسف حقا أن يدعي أناس حب النبي
، ويدعون الانتماء إلى ما كان عليه السلف الصالح في العبادة والسلوك ثم يخالفون ذلك النهج العظيم، ويقعون في شقاق الرسول
والمقصود أناس اتخذوا لأنفسهم ألقابا ومسميات، فمنهم من يسمي نفسه راق
والأخر معزما والآخر معالجا ، وتلبس بعضهم بالهدي الظاهر لأهل السنة وأعفوا
اللحى وأرخوا العمائم ، والشاهد أنهم تصدوا لعلاج المصروعين والمسحورين ،
وزعموا أنهم دعاة للسنة ودعاة للتوحيد ، وأنهم اتخذوا العلاج كوسيلة لدعوة
الغافلين والمنحرفين ، زعموا ، وسموا أنفسهم بالمعالجين الشرعيين ،وتعدى
الأمر استخدام الماء والزيت إلى أمور أخرى فيها من الحرج ما فيها ، ثم
وقعوا في محاذير شرعية ، وشيئا فشيئا جاؤا بالطامة ألا وهي استخدام الجان
في العلاج ،ويقولون بأن هذا من التعامل المباح ، وأنه من قبيل التعاون على
البر والتقوى وأصبح الأمر سائغا عندهم وبكل سهولة ، فهذا معالج يستخدم
الجان في العلاج و يدعي أنه لديه خُدام من الجان ، ومنهم من يخدمه جان واحد
، ومنهم من تخدمه قبيلة من الجان .
وأول ما يتبادر إلى الذهن أن التعامل مع الجان هو من علامات وصفات السحرة الأشرار ،ثم إن هذا التعامل مخالف لهدي النبي
، وهدي صحابته الكرام عليهم من الله الرحمة والرضوان ، ويأتي السؤال:كيف
يتجرأ المسلم الذي يدعي حب الرسول على مخالفة هديه بل يتمادى في شذوذه
وتمضي به جرأته حتى يشابه السحرة الأشرار ، فهذه والله لمصيبة عظيمة وبلية
ما بعدها بلية .
فهؤلاء المساكين زجوا بأنفسهم في هذه المتاهة ، وكانوا كالذي يبيع دينه
بدنيا غيره ، واتخذوا العلاج مهنة وحرفة ، عاشوا لها وتعاطفوا معها ،بل إن
بعضهم من شدة ولعه وشغفه بالعلاج أصبح كالعاشق الذي لا يهدأ له بال ولا
يركن له قرار حتى يلق مصروعا يرقيه أو مسحورا يسعى في فك سحره فعاشوا لهذه
المهنة بحجة مساعدة المسلمين ، وتمادوا حتى وقعوا في مسألة الاستعانة
والتعامل مع الجان ، وقالوا نحن نتعامل معه بطريقة شرعية ولسنا كالسحرة
الأشرار ، وحجتنا كلام شيخ الإسلام الذي يجيز التعامل مع الجان ويقول أن
هذا التعامل من قبيل تعامل سليمان عليه السلام ،الذي كأن يأمر الجن بأعمال
البناء وغيرها.وجهل أولئك أن استخدام الجان كان خصوصية لنبي الله سليمان
عليه الصلاة والسلام ، ولو كان ذلك يجوز لأحد لفعله الرسول الكريم صلى الله
عليه وسلم ، كما في الحديث والذي فيه أن الشيطان عرض له في صلاته فقال فيه
تذكرت دعوة أخي سليمان رب هب لي حكما لا ينبغي لأحد من بعدي .
فقد مرت بالنبي
أزمات وكروب ، ومع ذلك لم يشرع لنا استخدامهم أو التعاون ، معهم فضلا عن
دعاؤهم والاستنجاد بهم ، فهاهو يوم الأحزاب وفيه ما فيه من الكرب ،ومع ذلك
لم يستعن بالحان في الإتيان بخبر القوم وحاشاه أن يفعل ، وقد كان المبرر
والمقتضى لذلك قائما ألا وهو المصلحة الكبرى المسلمين ،وذلك في تحقيق نصرهم
على عدوهم والتمكين لهم في الأرض ، ولكن لما لم يفعل النبي ذلك عُلم عدم
شرعيته ،ثم هو كذلك في باقي الغزوات ، بل كان النبي يوم هجرته في أمس
الحاجة لمن يعينه بعد الله كي يتمكن من هجرته ، وقد اتخذ من الأسباب
الشرعية ما أمكنه من الزاد والراحلة والدليل وغيرها ، ولو كانت الاستعانة
بالجن مشروعة لفعلها ، ثم أنه
قد وضعت له اليهود السم في طعامه ومع ذلك لم يأته جني صالح ليخبره مع أنه
كان يعلمهم الإسلام و إنه قد أرسل إليهم كما أرسل للإنس فهلا أخبرته الجن
يذلك وهللا استعان بالجن عندما سحره لبيد بن الأعصم فلو كان ذلك جائزا
لفعله ، فهذا الأمر قد تركه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله في أمور
هي أعظم بكثير من علاج مصروع أو فك للسحر عن مسحور ، وبهذا يتبين عدم شرعيته بالكلية .
فتملك الجان وتسخيره لأغراض البشر أمر مسدود وباب مقفل ، ولذا نجد أن كل من
أراد الخوض في ذلك انقلب الوضع عليه ويصبح خادما للجان كما هو حال من وضع
نفسه في هذه المتاهة والجزاء من جنس العمل .
والشريعة هي الكتاب والسنة التي أخذناها عن سلف الأمة ، وهؤلاء طبعا لم
يجدوا دليلا من الكتاب والسنة يوافق زعمهم وادعائهم ، فاختاروا بعض الأقوال
والفتاوى لبعض أهل العلم المجتهدين ، وانزلوها في غير منزلها وأعملوها في
غير موضعها ، حتى أصبحنا نسمع عنهم : أن فلانا لديه قبيلة من الجن تخدمه
وتطيعه وهي طوع أمره ورهن إشارته ، وفلانا تخدمه أمة من الجن وهذه الأمة
مملكة من ممالك الجن ولهذه المملكة ملكة تسمى فلانة ،والآخر يستخدم مردة
كبار ، وأصبحوا يتبارون ويتبارزون ،ثم يجتهدون في هذا الباب ويقولون إن
الجن يتطورون في التسلط على الخلق وإغوائهم ، فنخن كذلك علينا بتطوير
أساليب العلاج لمكافحة تسلط الجن على العباد وما إلى ذلك من الادعاءات ..
وهؤلاء الأدعياء كثر ، لا كثرهم الله تعالى ، وينتشرون في شرق وغرب العالم
الإسلامي ويستغلون جهل الناس من جهة ، ومن جهة أخرى يستغلون خلو الكثير من
البقاع من العلماء الربانيين وبالتالي يكون المرتع خصبا للبدع وأهلها ،
ولهذا تتوارد الأسئلة والاستفسارات تترا على أهل العلم في بلد التوحيد حول
هؤلاء الأدعياء .
ومن زامبيا ورد إلى اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال التالي :
سؤال : أفيدكم علما بأن في زامبيا رجلا مسلما يدعي أن عنده جنا والناس
يأتون إليه ويسألون الدواء لأمراضهم، وهذا الجن يحدد الدواء لهم وهل يجوز
هذا؟ وأنا قلت للناس هذا ما يجوز والناس يغضبون علي فأرجو من سماحتكم
التكرم بإرسال الفتوى في أقرب وقت ؟؟؟
وكان الجواب كما يلي: ( لا يجوز لذلك الرجل أن يستخدم الجن، ولا يجوز للناس
أن يذهبوا إليه طلبا لعلاج الأمراض عن طريق ما يستخدمه من الجن ولا لقضاء
المصالح عن ذلك الطريق، وفي العلاج عن طريق الأطباء من الإنس بالأدوية
المباحة مندوحة وغنية عن ذلك مع السلامة من كهانة الكهان.
وقد صح عن الرسول أنه قال : ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة )
رواه مسلم في صحيحه وخرج أهل السنن الأربعة والحاكم وصححه أن النبي قال: ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) وهذا الرجل وأصحابه من الجن يعتبرون من العرافين والكهنة فلا يجوز سؤالهم ولا
تصديقهم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عضو نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الثلاثون من الفتوى رقم ( 6505 )
ومن هذا القبيل ما ورد في سؤال قدم
للجنة الدائمة للإفتاء عن مشعوذ في الباكستان يدعي معرفة الجن الصالحين
فقدم السؤال إلى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمة الله تعالى:
شيخ في الباكستان ظاهره الصلاح ، والله أعلم يقول إنه يعرف الجن الصالحين
ويكلمهم عن طريق أحد الأشخاص ممن كان بهم مرض الصرع وعولجوا . وهم يساعدون
في إخراج الجن من المصروعين ويقول إنه يملك سجنا ليعاقب الجن المذنبين عن
طريق الجن الصالحين وهم لا يساعدونه في الأعمال الدنيوية الملموسة للإنسان
وقال إنه يملك إجازة لتعليم العرب فمن أراد أن يتعلم يعطيه الأذكار التالية
:{آمنت بالله العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى التي
لا انفصام لها والله سميع عليم}هذا بعد كل صلاة سبع مرات قبل أن يتحرك من
مكانه . وقبل النوم ينفث بيده {الصلاة الإبراهيمية ثلاث مرات وسورة
الكافرون والإخلاص والفلق والناس وأول خمس آيات من سورة البقرة والصلاة
الإبراهيمية ثلاث مرات ويمسح جسمه } وهذا لمدة واحد وأربعين يوما.. وإذا
أخطأ أعاد من البداية ثم بعد أن ينتهي يرجع للشيخ فيطلب له جماعة من الجن
مكونة من عشرة نساء وعشرة رجال يبقون في صحبته وهذه الجماعة يطلبها من مكة
المكرمة وهو لا يراها ولا يسمع صوتها ولكنهم يأتمرون بأمره ولا يطيعونه في
أعمال الإنسان الدنيوية مثل إحضار شيء أو رفعه أو ما شابه ذلك فقط يحرسونه
من الجن وإذا صادف مريضا بالصرع من الجن يقبضون على الجني الذي يصرعه .
ويقول أنه إذا أسلم أحد من السجناء عنده يبعثه إلى مكة المكرمة مع جماعة من
الجن فإذا كان صادقا يدخل مكة وإذا كان كاذبا لا يدخلها لأن هناك ملائكة
تقف عند أبواب مكة تمنع الجن الكفار من دخولها ..
فما هو رأي سماحتكم بهذا بالتفصيل؟. وما هو رأي الدين بالزواج من الجنية
؟.وهل الآية{فانكحوا ما طاب لكم من النساء..} خاصة بنساء الإنس ، لأن الله
سمى رجال الجن رجال فهم داخلون في المعنى فهل تكون كلمة نساء أيضا للجن
والإنس معا؟.وجزاكم الله خيرا ؟؟؟
فكان الجواب: ( وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن هذا الرجل الذي
ذكرتم يعتبر من الكهان والعرافين الذين نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن
إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم وإن أظهر الصلاح والعبادة فالواجب نصيحته وتحذيره
من عمله وأمره بالتوبة إلى الله من ذلك وتحذير الناس من المجيء إليه
وسؤاله وتصديقه عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم {{من أتى عرافا فسأله
عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة}} رواه مسلم في صحيحه وقوله: {{ من أتى
عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد }} رواه الأربعة
والحاكم وقال صحيح على شرطهما وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث
عمران{{ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له
ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه
وسلم}} رواه البزار بإسناد جيد...
( فتاوى اللجنة الدائمة .. فتوى رقم:10774)
.وما هذا الرجل الذي جاء في السؤال وكذلك الذي قبله ، فما هما إلا نموذج من
تلك النماذج التي نصبت نفسها للعلاج واتخذوا بدعة التعامل مع الجن وسيلة
لعلاج المس والسحر وما يتعلق بهما كالإصابة بالعين والحسد ، وانظر لحال هذا
المشعوذ الذي يدعي أنه يقيم السجون ولديه أتباع وخُدام ابتدع لهم أذكارا
وأورادا ويظهر أمام الناس وكأنه من الصالحين ، ولكن العلماء النقاد أهل
العلم والبصيرة الذين أمرنا بالرجوع إليهم وبسؤالهم والأخذ عنهم كما قال
ربنا جل وعلى: ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) قالوا :إنه كاهن عراف.
وغير هذا وذاك كثر ، كالذين يستخدمون الجان في التعرف على مخابئ الكنوز ،
أو التعرف على الأموال المسروقة أو البحث عن شخص غائب ، ومنهم من يتجسس على
عورات المسلمين بحجة العلاج فيتعرف على أسرار خاصة وأمور دقيقة ليس من حقه
التنبيش فيها ، ويتدخل في مسائل قد غيبها الله عليه وعلى البعض من الناس ،
لحكمة لا يعلمها إلا الله وحده ، فيطلعون على عورات المسلمين ، وكثيرا ما
تخبرهم الجان بمعلومات كاذبة ويصدقها المعالج الذي يثق بصاحبه من الجن إلى
حد كبير ، ثم يبني على كذب صاحبه من الجن العلالي والقصور ، وربما أخبر
المصاب أو ذويه بخبر الجان الكاذب أو المبالغ فيه ، فتحدث المشاكل
الاجتماعية وتنشأ العداوات وتنقطع الصلات بسبب هذا التعامل الذي يزعم أصحابه أنه تعامل شرعي .
وبعضهم يدعي أنه يجري عمليات جراحية يعجز عنها الأطباء في أكبر المستشفيات،
ويدعي بعض أولئك المعالجين أن الجان قد بلغوا تقدما باهرا في مجال الطب
وأنهم أرقي علميا وتقنيا من بني آدم ، وطبعا هذا الاعتقاد الخاطئ ناتج عن
فهم سقيم وذلك بسبب تصديقهم للجان والانجراف وراء أكاذيبهم .
والبعض منهم يدخل بيوت المسلمين على أنه ذلك المعالج التقي الورع المتبع
للكتاب والسنة وربما ذكر أهل البيت بالله ورغبهم في الحنة وخوفهم من النار ،
وما هي إلا جلسة أو جلستين إلا وتجد المريضة التي كان يعالجها قد زفت له
عروسا ، وهو أفضل حالا ممن ينتهي به الأمر إلى ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله .
ومنهم من يستخدم الجان في التجسس على مريضه الذي يعالجه ويتعرف على أحواله
المادية ثم يستغله ويرهقه بأخذ الأموال ، مرة باسم القرض والأخرى باسم
الصدقة وهكذا ، والسبب هو العلاج باستخدام الجان الذي مكن له الاطلاع على
العورات بعد أن كسب ثقتهم وخادعهم بورعه الكاذب ، وبعد قليل ينكشف القناع
وتظهر الحقائق المخزية ، و هم مع كل ذلك يدعون مساعدة المسلمين وأنهم
يقدمون لهم النفع ، ويقولون أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد أجاز ذلك ، وهم
يعلمون ابتداء أو انتهاءا أنهم يكذبون على الشيخ ، وهل يقبل الشيخ أو حتى
من دونه بمراحل كثيرة في العلم والفضل هذه الأباطيل ، والله حسيبهم وهو
الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى ينص أن هذه الأعمال من الاستمتاع المنهي عنه ،
والذي استحق أصحابه به العذاب ، كما قال تعالى {ويوم نحشرهم جميعا يا معشر
الجن قد استكترثم من الإنس و قال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا
ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء
الله إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون }
وذلك كما جاء في مجموع الفتاوى من
قوله رحمه الله تعالى : [ ومن استمتاع الأنس بالجن استخدامهم في الأخبار
بالأمور الغائبة كما يخبر الكهان ، فإن في الإنس من له غرض في هذا ، لما
يحصل به من الرياسة وامال وغيره ، فإن كان القوم كفارا كما كانت العرب لم
تبال بأن يقال إنه كاهن كما كان بعض العرب كهانا ، وقدم النبي صلى الله
عليه وسلم المدينة وفيها كهان ، وكان المنافقون يطلبون التحاكم إلى الكهان ،
وكان أبو أبرق الأسلمي أحد الكهان قبل أن يسلم ، وإن كان القوم مسلمين لم
يظهر أنه كاهن ، بل يجعل ذلك من باب الكرامات وهو من جنس الكهانة فإنه لا
يخدم الإنسي بهذه الأخبار إلا لما يستمتع به من الإنسي ، بأن يطيعه الإنسي
في بعض ما يريده إما في شرك وإما في فاحشة وإما في أكل حرام وإما في قتل نفس بغير حق ] .أ.هـ.
ومن المعالجين من يدعي كذبا أنه يستخدم الجان ليلبس على الناس كي يخوفهم أو
يبتز أموالهم، ويكشفه أخر من ذوي هذه الصنعة ويحكم عليه بأنه كاذب ويأتي
بالبراهين على كذبه.ولهم أحوال عجيبة من تتبعها علم قدر تعاستهم وكساد
بضاعتهم .
ومن خلال تتبع واقع أولئك المعالجين نجدهم يعيشون في واقع تعيس وأليم ،مليء
بالحزن والأسى والكثير منهم يتجرع ويلات العجز والفقر إضافة إلى مشاكلهم
الأسرية وتقطع صلاتهم العائلية ، وربما تعرض بعضهم هو نفسه أو زوجته أو بعض
أهل بيته للسحر أو المس فلم يحرك ساكنا وذهب يبحث عمن يرقيه ،ويخلصه مما
ألم به ، وهو المعالج القدير الذي يشار أليه بالبنان ، وذلك رغم ما يدعون
من أنهم يملكون الممالك والجيوش من الجن المعالجين.
وذلك لأن حقيقة حالهم وما آلوا إليه من صنيع أعمالهم جعلتهم ألعوبة في أيدي
الشياطين ، وبدلا من أن يستخدموا الجان ويسخروهم لخدمتهم كما يدعون بحجة
العلاج ومساعدة المسلمين في تعاونهم المزعوم على البر والتقوى ، أصبحت
الجان تملكهم وتتلاعب بهم كما يتلاعب الصبية بألعابهم ،وإذا ساعدتهم الجان
في بعض المسائل العلاجية من فك السحر وغيره ، فما هي إلا وسيلة لهدف
الشيطان الأكبر وغايته المنشودة ألا وهي إيقاع الناس في الشرك بالله العظيم
وإفساد معتقداتهم ليكونوا معه من أصحاب السعير ، ويكون ذلك المعالج
المسكين هو المطية التي يمتطيها الشيطان لتحقيق أغراضه الخبيثة والمسكين
يعتقد في نفسه أنه داعية إلى الخير وأنه ممن بساعد الناس ويهديهم إلى البر ،
والواقع خلاف ذلك تماما، ولله ذر العلماء ، وكيف لا وهم ورثته الأنبياء
الذين يحذرون من أساليب الغواية والتي منها التعامل مع الشياطين باسم الدين
فقد جاء في كلام للشيخ صالح آل الشيخ هذه العبارة التي ينبغي العض عليها بالنواجذ وهي قوله في هؤلاء :
( وحكم من يستخدم الجان ويعلن ذلك ويطلب خدمتهم لمعرفة الأخبار فهذا جاهل بحقيقة الشرع وجاهل بوسائل الشرك وما يصلح المجتمعات وما يفسدها والله المستعان).أ.هـ
.* خطورة التعامل مع الجان :
أما عن خطورة التعامل مع الجان بحجة العلاج فانظر رعاك الله وتأمل في هذه الفتوى والتي تليها الصادرة عن اللجنة الدائمة للإفتاء :
( 1 ) يقول السائل : أن أخاه قد تعرض
له جسما على هيئة القطة وبدأ يلاحقه إلى المنزل ثم جاءه بعد فترة وصرعه..
وأنه أخذ أخاه إلى طبيب عربي يعالج من أمراض الجن وأن ذلك المعالج كان يصلي
على النبي بصوت مرتفع ثم يتمتم بكلمات لا يعلمها وأعطاهم لبان وقال تبخر بهذا ؟؟؟
فكان الجواب: ( إذا كان الواقع كما ذكرت فالذي بأخيك مس من الجن وعلاجه
بالرقى الشرعية ..وذكرت له بعض الأوراد المأثورة .. ثم نصح بالرجوع إلى
كتاب الكلم الطيب والوابل الصيب والأذكار النووية ثم قال: وننصحك ألا تعوذ
إلى ذلك الرجل أو مثله لعلاج أخيك أو غيره ، فإنه وإن أصاب بقراءة الفاتحة
إلا أنه تكلم معها بكلمات أسرها إخفاء لها على ماء في الفنجان وسقاه الماء
فقد يكون ما تكلم به سرا تعويذات شيطانية واستعانة بالجن وهذا من الكهانة
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان وفي الرقية الشرعية غنى
عن الإتيان إلى الكهان شفا الله أخاك وثبتنا وإياكم على الحق.
{فتاوى اللجنة الدائمة. فتوى رقم:6913}
( 2 ) وفي سؤال: ما حكم المناذير وهو دعاء الجن والشياطين على شخص ما
ليعملا به عملا مكروها كأن يقال اذهبوا به ، انفروا به بقصد أو بدون قصد
وما حكم من دعا بهذا القول ؟؟؟
فكان الجواب: ( الاستعانة بالجن واللجوء إليهم في قضاء الحاجات من الإضرار
بأحد أو نفعه شرك في العبادة لأنه نوع من الاستمتاع بالجني بإجابته سؤاله
وقضاء حوائجه في نظير استمتاع الجني بتعظيم الإنسي له ولجوئه إليه
واستعانته به في تحقيق رغبته قال تعالى: {ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن
قد استكثرتم من الأنس وقال أولياؤهم من الأنس ربنا استمتع بعضنا ببعض
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله
إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون}..
الأنعام:128..129
وقال تعالى:{ وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا }..الجن:6..
فاستعانة الإنسي بالجني في إنزال ضرر بغيره واستعاذته به في حفظه من شر من
يخاف شره كله شرك. ومن كان هذا شأنه فلا صلاة له ولا صيام لقوله تعالى:
{لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} الزمر:..
ومن عرف عنه ذلك لا يصلى عليه إذا مات ولا تتبع جنازته ولا يدفن في مقابر المسلمين.
{فتاوى اللجنة الدائمة. فتوى رقم:432}
..فتأمل رحمك الله تعالى :
{ومن كان هذا شأنه فلا صلاة له ولا صيام لقوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}.. الزمر:..
ومن عرف عنه ذلك لا يصلى عليه إذا مات ولا تتبع جنازته ولا يدفن في مقابر المسلمين.
{فتاوى اللجنة الدائمة. فتوى رقم:432}..
( 3 ) تأمل هذا السؤال والإجابة عليه وما هو حكم المتعامل مع الجان على هذا النحو الذي يدعون أنه من العلاج ففي
السؤال الأول من الفتوى رقم (10626):
يوجد عندنا بقريتنا بعض الناس يأخذون علاجا من عند طبيب ويسألونه عن سبب
هذا المرض الذي أصيب الشخص به ويقول لهم سببه كذا وكذا، فهل ذلك شرك بالله
أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله ؟؟؟
وكانت الإجابة بما يلي ( مراجعة الطبيب الذي يعالج بالأدوية العربية جائز
إلا إذا كان كاهنا فلا يجوز الذهاب إليه ولا العلاج عنده، وهو الذي يدعي
علم الغيب أو الاستعانة بالجن. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فهنا يحكم أهل العلم عليه بالكهانة، وفي التي قبلها لا يدفن في مقابر
المسلمين، وقد جاء التشديد والنكير على هؤلاء ، وأنه أي من يتعاطاه يعزر
تعزيرا شديدا بل قيل يبلغ بتعزيره القتل فماذا يقول هؤلاء وبماذا يجيبون ؟
فهذه فتاوى اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء ، تصف التعامل مع الجن
بالكهانة والشعوذة ، وتصدر أحكاما على من يفعل ذلك هي واضحة ولا تحتاج إلى
تعليق ، ولكنها البدعة ، ومن شؤم البدع أن صاحبها يعيش بل ربما يموت وهو
مصر عليها وذلك لاعتقاده الخاطئ بشرعيتها . فإذا كان حكم من يتعامل مع
الجان بهذه الخطورة ، فهل لعاقل أن يعاند بعد كل ذلك ،نسأل الله السلامة ، ونعوذ بالله من حال أهل النار
* أهل السنة لا ينكرون السحر ولا ينكرون وجود الجان
وأهل السنة لا ينكرون أبدا وجود الجن، أو ينكرون تلبس الجني بالإنسي فهذا
مقرر في شريعتنا فإنه من أصول عقيدة السلف : الإيمان بوجود الجن لأن الله
تبارك وتعالى أنزل سورة كاملة عن الجن وقد تكرر ذكر الجن مرارا في القرآن
الكريم وذكر سبحانه أنه سخرهم لنبيه سليمان عليه السلام
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى : في كتابه إيضاح الدلالة في عموم الرسالة الموجود في مجموع
الفتاوى {ج:19} ما نصه : [ ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر
الرازي وغيرهما دخول الجني في بدن المصروع ولم ينكروا وجود الجن إذا لم
يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم كظهور هذا وإن كانوا
مخطئين في ذلك ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة إنهم
يقولون إن الجني يدخل في بدن المصروع كما قال تعالى : { الذين يأكلون الربا
لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس....الآية} .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل :قلت لأبي : إن أقواما يزعمون :إن
الجني لا يدخل بدن الإنسي؟ فقال: يا يني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه .
وقال أيضا رحمه الله في [ج24] من الفتاوى ص:276] ما نصه : وجود الجن ثابت
بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق سلف الأمة وأئمتها كذلك
دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أهل السنة والجماعة قال تعالى:
{الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من
المس..الآية} وقال صلى الله عليه وسلم في الصحيح :{إن الشيطان يجري من ابن آدم الدم مجرى } .انتهى.
* بل قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر :
فقد أخرج البخاري ومسلم حديث أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها :
{ كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم سُحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن .. [قال
سفيان بن عيينة : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا .]. فقال: يا
عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد
أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل ؟.
قال : مطبوب. يعني مسحور قال : ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم رجل من بني
زريق حليف ليهود كان منافقا . قال: وفيما ؟ قال: في مشط ومشاطة . قال:
وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان . قالت : فأتى النبي صلى
الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه فقال: هذه البئر التي رأيتها وكأن ماءها
الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قال : فاستخرج قالت فقلت : أفلا تنشرت؟
فقال: أما والله فقد شفاني وأكره أن اثبر على أحد من الناس شرا ، فأمر بها فدفنت .}. أ.هـ.
( متفق عليه )
صلى الله عليه وسلم سُحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن .. [قال
سفيان بن عيينة : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا .]. فقال: يا
عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد
أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل ؟.
قال : مطبوب. يعني مسحور قال : ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم رجل من بني
زريق حليف ليهود كان منافقا . قال: وفيما ؟ قال: في مشط ومشاطة . قال:
وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان . قالت : فأتى النبي صلى
الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه فقال: هذه البئر التي رأيتها وكأن ماءها
الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قال : فاستخرج قالت فقلت : أفلا تنشرت؟
فقال: أما والله فقد شفاني وأكره أن اثبر على أحد من الناس شرا ، فأمر بها فدفنت .}. أ.هـ.
( متفق عليه )
وقد يستنكر البعض من أولئك الذين لا يعتبرون منهج السلف قدوة لهم ، وحتى
إنهم لا يعنيهم إن وافقوا ذلك المنهج الرباني أو خالفوه ، بل عمدتهم عقولهم
وما يستوردون من أفكار دخيلة على الإسلام وبالتالي يشككون في صحة هذه
الآثار ويردون صحيح السنة بما نشأ في عقولهم القاصرة من أفكار وأوهام.
والشاهد فقد وُجه سؤال إلى اللجنة
الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ونص السؤال: هل سُحر النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
فكان الجواب: ( الرسول صلى الله عليه وسلم من البشر فيجوز أن يصيبه ما يصيب
البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر إلى
أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت
الرسالة أنت من أجلها فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر أو
نحوه يخيل إليه بسبب من أمور الدنيا ما لا حقيقة له ، كأن يخيل إليه أنه
وطئ زوجاته وهو لم يطأهن أو أنه يقوى على وطئهن حتى إذا جاء إحداهن فتر ولم يقو على ذلك .
لكن الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك إلى تلقي الوحي عن الله تعالى
ولا إلى البلاغ عن ربه إلى العالمين لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع
سلف الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم في تلقي الوحي وبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤن الدين .
والسحر نوع من الأمراض التي أصيب بها النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن
عائشة رضي الله عنها ..} ..[ وساق حديث لبيد بن الأعصم السالف الذكر الذي رواه البخاري ومسلم ].
ثم كان تمام الفتوى ما يلي: {ومن أنكر وقوع ذلك فقد خالف الأدلة وإجماع
الصحابة وسلف الأمة، متشبها بشبه وأوهام لا أساس لها من الصحة فلا يعول
عليها، وقد بسط القول في ذلك العلامة بن القيم في كتاب زاد المعاد ، والحافظ بن حجر في فتح الباري }. انتهى.
[اللجنة الدائمة فتوى رقم 4015]
..* التعامل مع الجن بدعة ضلالة :
وأما عن وصف ذلك الفعل بالبدعة ،
فإنه قد صدر عن إمام السنة الشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني نور الله
قبره وجعله روضة من رياض الجنة ، في نصيحة له ردا على سؤال : ما حكم
التعامل مع الجن؟. فأجاب بهذه النصيحة و نصها :
[[ التعامل مع الجن ضلالة عصرية]]
فلم نكن نسمع من قبل ‘ قبل هذا الزمان ‘ تعامل الإنس مع الجن ، ذلك أمر
طبيعي جدا إذ لا يمكن تعامل الإنس مع الجن لاختلاف الطبيعتين، قال عليه
الصلاة والسلام تأكيدا لما جاء في القرآن : { خلق الجان من مارج من نار
}وزيادة على ما في القرآن قال عليه الصلاة والسلام: {خُلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم} .
فإذا البشر خلقوا من طين والجان خلقوا من نار ، أنا أعتقد أن من يقول
بإمكان التعامل مع الجن مع هذا التفاوت في أصل الخلقة مثله عندي كمثل من قد
يقول وما سمعنا بعد من يقول ، ماذا؟. تعامل الإنس مع الملائكة، هل يمكن أن
نقول أن الإنس بإمكانهم التعامل مع الملائكة ؟. الجواب:لا.لماذا؟. نفس
الجواب : خلقت الملائكة من نور ،وخلق آدم مما وصف لكم.أي من تراب فهذا الذي
خلق من تراب لا يمكنه أن يتعامل مع الذي خلق من نور ، كذلك أنا أقول لا
يمكن للإنسي أن يتعامل مع الجني ، بمعنى التعامل المعهود بيننا نحن البشر ،
نعم يمكن أن يكون هناك نوع من التعامل بين الإنسي والجني كما يمكن أن يكون
هناك نوع من التعامل بين الإنسي والملائكة أيضا لكن هذا نادر ، نادر جدا
جدا ولا يمكن ذلك مع الندرة إلا إذا شاء الملك وشاء الجان ، أما أن يشاء
الإنس أن يتعامل معاملة ما مع ملك ما فهذا مستحيل ، وأما أن يشاء الإنس أن يتعامل مع الجن رغم أنف الجن فهذا مستحيل.
لأن هذا كان معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام ولذلك جاء في الحديث الصحيح
في البخاري أو مسلم أو في كليهما معا أن النبي صلى الله عليه وسلم قام
يصلي يوما بالناس إماما وإذا هم يرونه كأنه يهجم على شيء ويقبض عليه ، ولما
سلم قالوا له يا رسول الله رأيناك فعلت كذا وكذا ؟. قال : {نعم ذاك
الشيطان هجم أو قال عليه السلام هذا المعنى وفي يده شعلة من نار يريد أن
يقطع علي صلاتي فأخذت بعنقه حتى وجدت برد لعابه في يدي ولولا دعوة أخي
سليمان عليه السلام : {رب هب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي}لولا هذه الدعوة
لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربطه ، لكنه لم يفعل ، وأطلق سبيله
بالرغم أنه أراد أن يقطع عليه صلاته.
فالآن ما يشاع هذا الزمان من تخاطب الأنس مع الجن أو الإنسي المتخصص في هذه
المهنة.. زعم.. أن يتخاطب مع الجني أو يتفاهم معه وأن يسأله عن داء هذا
المصاب وهذا المريض وعلاجه، فهذا في حدود معينة يمكن ، يمكن واقعيا ، لكن
لا يمكن شرعا، لأن ليس ما هو يمكن واقعا يمكن أو يجوز شرعا ، فيمكن للمسلم
أن ينال رزقه بالحرام كما ابتلي المسلمون اليوم بالتعامل بالربا ، معاملات
كثيرة وكثيرة جدا يمكن هذا ، ولكن لايمكن شرعا فهذا لا يجوز شرعا ، فما كل ما يجوز واقعا يجوز شرعا.
لذلك نحن ننصح الذين ابتلوا بإرقاء المصروعين: من الإنس بالجن أن لا يحيدوا
أو أن لا يزيدوا على تلاوة القرآن على هذا المصروع أو ذاك في سبيل تخليص
هذا الأنس الصريع من ذاك الجن الصريع {الصريع اسم مفعول واسم فاعل}ففي هذه
الحدود فقط يجوز ، وما سوى ذلك فيه تنبيه لنا في القرآن الكريم على أنه لا
يجوز بشهادة الجن الذين آمنوا بالله ورسوله وقالوا كما حكا ربنا عز وجل في
القرآن{وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا}وكانت
الاستعاذة على أنواع والآن ما في حاجة للتعرض لها، المهم أن الاستعانة
بالجن سبب من الأسباب لإضلال الأنس ، لأن الجن ما يخدم الإنسي لوجه الله
وإنما ليتمكن منه لقضاء وطره منه بطريقة أو بأخرى.
لقد كنا في زمن مضى ابتلينا بضلالة لم تكن معروفة من قبل وهي ضلالة التنويم
المغناطيسي فكانوا يضللون الناس بشيء اسمه التنويم المغناطيسي ، يسلطون
بصر شخص معين على شخص عنده استعداد لينام ثم يتكلم بأمور غيبية .زعم. ومضى
على هذه الضلالة ما شاء الله عز وجل من السنين تقديرا ثم حل محلها ضلالة
جديدة وهي استحضار الأرواح ولا نزال نسمع إلى الآن شيئا عنها ولكن ليس كما
كنا نسمع من قبل ذلك لأنه حل محلها الآن الاتصال بالجن مباشرة ، لكن من
طائفة معينين وهم الذين دخلوا في باب الاتصال بالجن بسم الدين ، وهذا أخطر
من الذي قبل ، التنويم المغناطيسي لم يكن بسم الدين وإنما كان بسم العلم
واستحضار الأرواح لم يكن بسم الدين وإنما كان بسم العلم أيضا ، أما الآن
فبعض المسلمين وقعوا في ضلالة الاستعانة بالجن بسم الدين ، وأن الرسول صلى
الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قرأ بعض الآيات على بعض الناس الذين كانوا
يصرعون من الجن فشفاهم الله فهذا صحيح .. لكن هؤلاء ؟. بدأوا من هذه النقطة
ثم وسعوا الدائرة إلى الكلام : هل أنت مسلم؟. لا ماني مسلم . شو دينك؟.
نصراني ، يهودي ، بوذي. وبعدين بيتكلموا معه: أسلم تسلم ..كلام. بيقول:
أشهد أن لا إله إلا اله وأن محمدا رسول الله .. وآمنوا الإنس بكلام الجني وهم لا يرونه ولا يحسون به إطلاقا .
نحن نعيش اليوم سنين طويلة ونتعامل مع بني جنسنا ، إنس مع إنس ، سنين ،
وبعد كل هذه السنين يتبين أن هذا كان غاشا لك ، فكيف بدك تتعامل مع رجل من
الجن لا تعرف حقيقته ، هو بيقول لك أسلمت . يقول لك سلفا أنا مؤمن ، أنا
ترى في خدمتك ، شو بدك مني أنا حاضر .فهذا نسمعه كثيرا ، سبحان الله .. من
هنا يدخل الضلال على المسلمين وكما يقال وما معظم النار إلا من مستصغر
الشرر ، بدأنا مهنة نتعاطاها باستخراج الجن من الإنس وتوسعنا فيها حتى صارت علاقات ، وأخيرا جاء هذا
السؤال :هل يمكن التعامل مع الجن؟؟.
والجواب:لا ، لا يمكن إلا بما ذكرته من آنفا من التفصيل
والنصيحة: {كما قلت آنفا أنه لا يجوز للمسلم أن يزيد على الرقية في معالجة
الإنسي الذي صرعه الجني فيقرأ عليه ما شاء الله من كتاب الله ومن أدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة وكفى .}.
أما الزيادة على ذلك فبعضهم يستخدم أشياء عجيبة جدا فهذا كله توهيم على
الناس ومحاولة الانفراد بهذه المهنة عن كل الناس لأنه لو بقيت القضية على
تلاوة آيات من القرآن فكل أحد يتسنى له أن يقرأ بعض آيات وإذا بالجني يخرج
ولكنهم يحيطونها بشيء من التمويه والسرية زعموا حتى تكون مخصصة في طائفة
دون طائفة ، وأذكر بقول الله تعالى:{وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا}.
نسأل الله عز وجل أن يحفضنا عن أن يصرفنا إلى الاستعانة بالجن . انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
مفرغ من شريط حكم التعامل مع الجن - للعلامة الألباني - رحمه الله -
وكما أن أهل العلم يثبتون وجود الجن وذلك لأن هذا ما جاء به الشرع وثبت به
الدليل ، فكذلك هم يثبتون العلاج وفق ما حاء به الدليل ، وينكرون ما خالف
الدليل ،كما جاء في الفتاوى الأنفة الذكر وكما سيأتي من تفصيل أهل العلم ،
وقد صدق رب العزة في كتابه بقوله : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
لحافظون}، ومن حفظه لدينه سبحانه ، أمرنا بسؤال أهل الذكر فقال: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
{ وعندما سئل الإمام أحمد رحمه
الله تعالى : عن الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم ،
أو يزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم ومنهم من يخدمه ؟. قال رحمه الله تعالى :
[ما أحب لأحد أن يفعله ، تركه أحب إلي ] ويراد بهذا التحريم كما هو معلوم
من نصوص الإمام أحمد وألفاظه ، ومثله قوله أكره ذبائح الجن، ومراده التحريم}أ.ه.
وقد جاء الأمر صريحا من الرب جل وعلا بإتباع منهج السلف وتوعد من خالفه
بقوله : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصير}.
* فهل أثر عن السلف علاج المسحورين :
وقد سُئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى: هل أثر عن السلف علاج المسحورين؟؟؟
قال السائل :أناس يعالجون بالقرآن وقد وجد بعض الناس نتائج مرضية عند هؤلاء
فهل في عمل هؤلاء محذور شرعي ؟وهل يأثم من ذهب إليهم؟ وما الشروط التي
ترون أنها ينبغي أنها تكون موجودة فيمن يعالج بالقرآن ؟ وهل أثر عن بعض
السلف علاج المسحورين و المصروعين وغيرهم بالقرآن؟؟؟
فأجاب - حفظه الله - بما يلي : ( لا بأس بالعلاج بالقرآن وذلك ما يسمى
بالرقية بأن يقرأ القارئ وينفث على المصاب فإن الرقية بالقرآن وبالأدعية
المشروعة جائزة ، وإنما الممنوع الرقية الشركية : {وهي التي فيها دعاء لغير
الله واستعانة بالجن والشياطين كعمل المشعوذين والدجالين أو بأسماء مجهولة}.
أما الرقية بالقرآن والأدعية الواردة فهي مشروعة وقد جعل الله القرآن شفاء
للأمراض الحسية والمعنوية من أمراض القلوب وأمراض الأبدان لكن بشرط إخلاص
النية من الراقي والمرقي وأن يعتقد كل منهما أن الشفاء من عند الله وأن
الرقية بكلام الله سبب من الأسباب النافعة ولا بأس بالذهاب إلى الذين
يعالجون بالقرآن إذا عرفوا بالاستقامة وسلامة العقيدة وعرف عنهم أنهم يعملون بالرقية الشرعية.
والعلاج بالرقية القرآنية من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل السلف فقد
كانوا يعالجون بها المصاب بالعين والصرع والسحر وسائر الأمراض ويعتقدون
أنها من الأسباب النافعة المباحة وأن الشافي هو الله وحده.
ولابد من التنبيه :على أن بعض المشعوذين والسحرة قد يذكرون شيئا من القرآن
أو الأدعية لكنهم يخلطون ذلك بالشرك والاستعانة بالجن والشياطين ، فيسمعهم
بعض الجهال ويظن أنهم يعالجون بالقرآن وهذا من الخداع الذي يجب التنبه له والحذر منه .
{المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان}..
فتأمل أخي هداني الله وإياك إلى الحق ووفقنا إلى طاعته قول الشيخ، بل وتأكيده بقوله:
(( ولابد من
التنبيه :على أن بعض المشعوذين والسحرة قد يذكرون شيئا من القرآن أو
الأدعية لكنهم يخلطون ذلك بالشرك والاستعانة بالجن والشياطين ، فيسمعهم بعض
الجهال ويظن أنهم يعالجون بالقرآن وهذا من الخداع الذي يجب التنبه له والحذر منه .)).
التنبيه :على أن بعض المشعوذين والسحرة قد يذكرون شيئا من القرآن أو
الأدعية لكنهم يخلطون ذلك بالشرك والاستعانة بالجن والشياطين ، فيسمعهم بعض
الجهال ويظن أنهم يعالجون بالقرآن وهذا من الخداع الذي يجب التنبه له والحذر منه .)).
فقد ساوى الشيخ في التحذير من الشرك وفي التحذير من الاستعانة بالجن ، بل
إن الشيح لا يفرق حسب ما يظهر من قوله بين الجان إن كان مسلما ، أو كان
كافرا شيطانا مريدا ، وحذر من الجميع ووصفه بأنه من أعمال السحرة
والمشعوذين ، فماذا يقول من يتعامل مع الجان بعد كل هذا ؟؟؟
* الاستعانة بالجن دجل و كذب :
وأيضا: وفي شريط الرقية الشرعية سُئل فضيلته عن الذين يستخدمون الجان المسلمين في العلاج وهل يجوز هذا العمل؟؟؟
فأجاب بما يلي: ( الاستعانة بالجن لا تجوز ولو أدعى أنهم مسلمون وما الذي
يدريه أنهم مسلمون ، هذا من التدجيل والكذب فلا يجوز الاستعانة بالجن ،فقد
نص الله سبحانه وتعالى في القرآن على تحريم هذا:{وأنه كان رجال من الإنس
يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. .}. فقال من الجن مطلقة ، لا كفار الجن
،بل قال من الجن وقال سبحانه وتعالى : {ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد
استكترثم من الإنس و قال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا
أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك
حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون } .
لا تجوز الاستعانة بالجن ولو أدعى أنهم مسلمون،وما الذي يدرينا أنهم مسلمون
؟. و حتى لو كانوا مسلمون ما الدليل على أنه يُستعان بالجن والقرآن أطلق
الإنكار في هذا والجن من عالم الغيب لا نراهم...) انتهى..
* كثيرا ما يخدعون الناس بالتظاهر بالصلاح :
قد تقدم من نقل فتوى اللجنة الدائمة والحكم على المشعوذ الباكستاني بأنه
كاهن ، كذلك قد نصت الفتوى على التحذير منه ومن أعماله الشيطانية ونصيحته
بالتوبة إلى الله من ذلك المنكر الذي هو عليه وأنه يلبس على الناس وغرهم
بما هو عليه من الادعاء الكاذب ، وكذلك انظر إلى هذه المسألة حتى لا يغرك حال هؤلاء الأدعياء: ـ
ففي الفتوى رقم ( 6505 ) قدم سؤال إلى اللجنة الدائمة ونصه :
أحيانا نفقد بعض المال أو الذهب من المنزل ونعتقد أنه سرق ونذهب لأحد
الأشخاص ويعرف بالمخبر نشرح له ذلك ويوعدنا خيرا وأحيانا تسترجع المفقود
وأحيانا لا، فما حكم ذهابنا لهؤلاء الأشخاص؟؟؟
فكانت الإجابة : ( لا يجوز ذهابكم إليه؛ لأنه كاهن، وقد صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم النهي عن إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم. وبالله
التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عضو عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
انظر رجمني الله وإياك فرغم إجابة السؤال الواضحة إلا أن السائل لا يزال
شاكا والسبب هو تظاهر هؤلاء بالنسك وكثرة العبادة وقراءة القرآن :
فأعاد السائل السؤال على اللجنة الدائمة كما سيأتي من السؤال التاسع عشر من الفتوى رقم (6914) :
س 19 : قلتم في سؤال سابق لي وجوابه رقم (30) في الفتوى رقم 6505 وتاريخ
19/12/1403هـ صفحة (4): إن الذهاب إلى المخبر لا يجوز؛ لأنه كاهن .
أود أن أشير هنا أن الأشخاص الذين نذهب لهم معروفون بتمسكهم بتعاليم الدين
الحنيف ولا يقرءون غير القرآن والأحاديث الشريفة في مثل تلك المسائل التي
ذكرتها في سؤالي، فما حكم ذهابنا لهم ؟؟؟
فكانت الإجابة كما يلي: ج 19: ( مجرد قراءة القرآن والأحاديث لا يعرف به
مكان المفقود ولا يسترجع به، ومن ذهب إلى من يدعي معرفة مكان المفقود بمجرد
قراءة القرآن والأحاديث فهو ملتجئ إلى كاهن دجال ولو ادعى أنه صالح متمسك
بالدين، وقد يتظاهرون بقراءة القرآن والحديث الشريف للتضليل والتلبيس وهم
في الباطن من الكهنة والعرافين .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز- الفتوى رقم (6914)
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز- الفتوى رقم (6914)
* أما المقصود من كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة :
من المعلوم في شريعة الإسلام أن العبرة بالدليل ، ولا عبرة لقول أحد كائنا
من كان إذا خالف قوله نصوص الكتاب والسنة ، أو خالف ما كان عليه سلف الأمة
،وهؤلاء المعالجين إذا طُولب أحدهم بالدليل يقول : هناك كلام لشيخ الإسلام
ابن تيمية ، وهو ربما لم يطلع عليه ، وإن كان قد اضطلع عليه تجده لم يفهمه
ويعيه ، ورغم كل ذلك فالعبرة بالدليل ولا دليل يقدمونه سوى أنهم يبررون
أعمالهم بكلام تناقلوه بدون فهم عن شيخ الإسلام رحمه الله ، ولكن ما ينسب
إلي شيخ الإسلام لا يخلو من الزيادة أو الخطأ أو كليهما معا ، فيأتي أحدهم
بفهمه الخاطئ ، لينصبه ميزانا يزن به كلام أهل العلم ، وقد تقدم من كلام
شيخ الإسلام ما يرد ادعاءهم الكاذب ، ولكننا لا نخوض مع هؤلاء إلا بما
تعلمنا من علمائنا ، وهو أننا نقدم أفهام العلماء ، على أفهامنا، وذلك
لأننا أمرنا بالرجوع إليهم وإن كان في ما سبق كفاية . ولكن دأب آهل البدع
المراوغة، ولذلك لا بأس من الإطالة ما دمنا نسوق كلام أهل السنة، فكلامهم
بفضل الله يصدق بعضه بعضا.، وإليك أخي بعض كلام أهل العلم حول مراد شيخ
الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة من جهة وإتماما لمادة البحث من جهة أخرى
وسترى أن كلام أهل العلم يسير في خط واحد وأنه يفسر بعضه بعضا وبه يزول
اللبس والإشكال لمن أراد الحق إن شاء الله.
- الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله :
في محاضرة بعنوان (احفظ الله يحفظك)
وقد كان تعرض بالشرح لحديث ابن عباس والذي فيه قول النبي صلى الله عليه
وسلم يا غلام : (احفظ الله يحفظك) فقال في معرض حديثه ما نصه:
( والاستعانة: طلب هذه الإعانة عند الحاجة إليها (وإذا استعنت فاستعن
بالله) نسأل كثيرا عن الاستعانة بما يُدعي أنهم من صالحي الجن ؟. فبعض من
يرقي الناس إذا تكلم الجني سأله عن بعض أشياء ويُكثر السؤال عنها ويخبره
ويحضر له بعض الأمور، ويُفهم من بعض كلام شيخ الإسلام على عير وجهه أنه يدل
على هذا....
والصواب{ المنع } لأن:
• الإفادة منهم من خواص سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والنبي
عليه الصلاة والسلام لما أراد أن يربط الجني لكي يراه صبيان المدينة قال
تذكرت دعوة أخي سليمان... فهي من خواص سليمان عليه السلام.
• وأيضا فإن فتح هذا الباب بفتح شرا عظيما وبابا كبيرا من أبواب الشرك بحيث
لا يُستطاع سده فيما بعد، وسد الذريعة الموصلة إلى مثل هذا أمر مطلوب شرعا.
• والأمر الثالث أنهم من يصدقهم أنهم صالحون؟ هؤلاء غيب ، وكثير منهم يكذب
أنت لا تراه ولا يمكن أن تستدل على صلاحه إلا بدلائل وقرائن ، ومجرد كونه
يدعي الصلاح ، لو كان صالحا م