فائدة
في قوله تعالى:
(إنما ذلكم الشيطان يُخوف أولياءه)..
للشيخ
ابن العثيمين
رحمه الله تعالى .
في قوله تعالى:
(إنما ذلكم الشيطان يُخوف أولياءه)..
للشيخ
ابن العثيمين
رحمه الله تعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
قال تعالى :
(إنما ذلكم الشيطان يُخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)
...آل عمران175..
مناسبة الباب لما قبله:
أن المؤلف رحمه الله أعقب باب المحبة بباب الخوف؛لأن العبادة ترتكز على شيئين:
المحبة والخوف..
فالمحبة
يكون امتثال الأمر
وبالخوف
يكون إجتناب النهي، وإن كان تارك المعصية يطلب الوصول ألى الله
ولكن
هذا من لازم ترك المعصية، وليس هو الأساس.
فلو لو سألت من لا يزني لماذا؟
لقال :
خوفاً من الله.
ولو سألت الذي لا يصلي؛
لقال:طمعاً في ثواب الله ومحبة الله.
وكل منهما ملازم للآخر؛ فالخائف والمطيع يريدان النجاة من عذاب الله والوصول لرحمته.
وهل الأفضل للأنسان الخوف؛ليحمله ذلك على إجتناب المعصية ثم فعل الطاعة.
وقبل:
يغلب جانب الرجاء؛ ليكون متفائلاً، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل(1).
وقيل في فعل الطاعة : يغلب جانب الرجاء فالذي منّ عليه بفعل هذه الطاعة سيمن عليه بالقبول
ولهذا قال بعض السلف:
{إذا وفقك الله للدعاء فانتظر الإجابة}.
لأن الله يقول:
(وقال ربكم أدعوني أستجب لكم).
غافر60؛
وفي فعل المعصية يغلب جانب الخوف؛ لأجل أن يمنعه منها ثم إذا خاف من العقوبة تاب.
وهذا أقرب شيء، ولكن ليس بذاك القرب الكامل؛ لأن الله يقول:
(والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون)..
المؤمنون60؛
أي:
يخافون أن لايقبل منهم
لكن
قد يقال بأن هذه الآية يعارضها أحاديث أُخرى؛ كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن ربه:
[أنا عند ظن عبدي بي،وأنا معه حين يذكرنيٍ](2)..
وقيل:
في حال المرض يغلب جانب الرجاء،وفي حال الصحة يغلب جانب الخوف؛
فهذه أربعة أقوال..
وقال الإمام أحمد:
ينبغي أن يكون خوفه ورجاءه واحداً؛ فأيها غلب هلك صاحبه؛
أي: يجعلهما كجناحي طائر،والجناحات للطائر إذا لم يكونا متساويين سقط.
وخوف الله تعالى درجات :
فمن الناس من يغلو في خوفه
و
منهم من يفرط
و
منهم من يعتدل في خوفه.
والخوف العدل هو الذي يَرُدّ عن محارم الله فقط
وإن زدت على هذا؛ فإنه يوصلك إلى اليأس من روح الله.
ومن الناس من يفرط في خوفه بحيث لا يردعه عما نهى الله عنه.
والخوف أقسام:
الأول:
خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع،
وهو ما يسمى بخوف السر.
وهذا لايصلح إلاّ لله- سبحانه- فمن أشرك فيه مع الله غيره؛فهو مشرك شركاً أكبر
وذلك مثل :
من يخاف من الأصنام أوالأموات، أو من يزعمونهم من أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم ؛كما يفعله بعض عبّادُ القبور: يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله..
الثاني:
الخوف الطبيعي والجبلّي؛
فهذا في الأصل مباح؛ لقوله تعالى عن موسى:(فخرج منها خائفاً يترقب )
وقوله عنه أيضاً:
(ربّ إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون)
لكن إن حمل على ترك واجب أوفعل محرم فهو محرم وإن استلزم شيئاً مباحاً كان مباحاً، فمثلاً من خاف من شيءٍ لايؤثر عليه وحمله هذا الخوف على ترك صلاة الجماعة مع وجوبها، فهذا الخوف محرم
والواجب عليه أن لايتأثر به.
وإن هدده إنسان على فعل محرم، فخافه وهو لايستطيع أن ينفذ ماهدده به فهذا خوفٌ محرم لأنه يؤدي إلى فعل محرم بلا عذر، وإن رأى ناراً ثم هرب منها ونجا بنفسه فهذا خوفٌ مباح وقد يكون واجباً إذا كان يتوصلُ به إلى إنقاذ نفسه، وهناك ما يسمى بالوهم وليس بخوف مثل أن يرى ظل شجرة تهتز ، فيظن أن هذا عدو يتهدده؛
فهذا لاينبغي للمؤمن أن يكون كذلك،
بل
يطارد هذه الأوهام لأنه لاحقيقة لها، وإذا لم تطاردها تهلكك.
مناسبة الخوف من التوحيد:
أولها ما جعلها ترجمةً للباب
وهي قوله تعالى :
( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ).
أولها ما جعلها ترجمةً للباب
وهي قوله تعالى :
( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ).
(إنّما ذلكم) :
صيغة حصر وامشار إليه التخويف من المشركين .
(ذلكم)
ذا: مبتدأ،
و(الشيطان):
يحتمل أن يكون خبر المبتدأ
وجملة (يخوف)
حال من الشيطان .
ويحتمل أن يكون (الشيطان) صفة لـ (ذلكم).
أو عطف بيان،
و(يخوف) :
خبر المبتدأ، والمعنى : ما هذا التخويف الذي حصل إلا من شيطان يخوف أولياءه.
و (يخوف)
تنصب مفعولين :
الأول:
محذوف تقديره: يخوفكم .
والمفعول الثاني:
(أولياءه) والمنكر؛لأن الشيطان يأمر بذلك؛ فكل من نصر الفحشاء والمنكر؛ فهو من أولياء الشيطان
ثم قد يكون النصر بالشرك وما ينافي التوحيد؛ فيكون عظيماً وقد يكون دون ذلك.
وقوله:
(يُخوف أولياءه)
من ذلك ما وقع في الآية التي قبلها،
حيث قالوا:
(إنَّ الناس قدْ جمعوا لكم فاخشوهم).
آل عمران173،
وذلك ليصدوهم عن واجب من واجبات الدّين ، وهو الجهاد، فيخوفهم بذلك، وكذلك ما يحصل للنفس من أراد أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، فيخوّفه الشيطان ليصده عن هذا العمل، وكذلك ما يقع في قلب الداعية .
والحاصل
أن الشيطان يخوف كل من أراد أن يقوم بواجب، فإذا ألقى الشيطانُ في نفسك الخوف؛
فالواجب عليك
أن تعلم أن أن الأقدام على كلمة الحق ليس هو الذي يدني من الأجل،
وليس السكوت والجبن هو الذي يبعد الأجل؛
فكم من داعية صدع بالحق ومات على فراشه؟!
وكم من جبانٍ قُتل في بيته؟!
وانظر إلى خالد بن الوليد،كان شجاعاً مقداماً ومات على فراشه،ومادام الإنسانَ قائماً بأمر الله؛فليثق بأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون،وحزب الله هم الغالبون.
قوله : (فلا تخافوهم) لا، ناهية، والهاء ضميريعود على أولياء الشيطان، وهذا النهي للتحريم بلا شك؛أي: بل امضوا فيما أمرتكم به وفيما أوجبته عليكم من الجهاد،ولاتخافوا هؤلاء،وإذا كان الله مع الإنسانَ ،فإنهُ لايغلبُه أحد،
لكن نحتاج في الحقيقة إلى صدق النية والإخلاص والتوكل التام ،ولهذا قال تعالى:(إن كنتم مؤمنين)
وعُلم من هذه الآية أن للشيطان وساوس يلقيها في قلب ابن آدم منها التخويف من أعدائه،وهذا ماوقع فيه كثيرٌ من الناس،وهو الخوف من أعداء الله فكانوا فريسة لهم،وإلا لو توكلوا على الله وخافوه قبل كل شيء لخافهم الناس،
ولهذا قيل في المثل:
{من خاف الله خافه كل شيء، ومن اتقى الله اتقاه كل شيء،ومن خاف من غير الله خاف من كل شيء}..
(يُخوف أولياءه)
من ذلك ما وقع في الآية التي قبلها،
حيث قالوا:
(إنَّ الناس قدْ جمعوا لكم فاخشوهم).
آل عمران173،
وذلك ليصدوهم عن واجب من واجبات الدّين ، وهو الجهاد، فيخوفهم بذلك، وكذلك ما يحصل للنفس من أراد أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، فيخوّفه الشيطان ليصده عن هذا العمل، وكذلك ما يقع في قلب الداعية .
والحاصل
أن الشيطان يخوف كل من أراد أن يقوم بواجب، فإذا ألقى الشيطانُ في نفسك الخوف؛
فالواجب عليك
أن تعلم أن أن الأقدام على كلمة الحق ليس هو الذي يدني من الأجل،
وليس السكوت والجبن هو الذي يبعد الأجل؛
فكم من داعية صدع بالحق ومات على فراشه؟!
وكم من جبانٍ قُتل في بيته؟!
وانظر إلى خالد بن الوليد،كان شجاعاً مقداماً ومات على فراشه،ومادام الإنسانَ قائماً بأمر الله؛فليثق بأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون،وحزب الله هم الغالبون.
قوله : (فلا تخافوهم) لا، ناهية، والهاء ضميريعود على أولياء الشيطان، وهذا النهي للتحريم بلا شك؛أي: بل امضوا فيما أمرتكم به وفيما أوجبته عليكم من الجهاد،ولاتخافوا هؤلاء،وإذا كان الله مع الإنسانَ ،فإنهُ لايغلبُه أحد،
لكن نحتاج في الحقيقة إلى صدق النية والإخلاص والتوكل التام ،ولهذا قال تعالى:(إن كنتم مؤمنين)
وعُلم من هذه الآية أن للشيطان وساوس يلقيها في قلب ابن آدم منها التخويف من أعدائه،وهذا ماوقع فيه كثيرٌ من الناس،وهو الخوف من أعداء الله فكانوا فريسة لهم،وإلا لو توكلوا على الله وخافوه قبل كل شيء لخافهم الناس،
ولهذا قيل في المثل:
{من خاف الله خافه كل شيء، ومن اتقى الله اتقاه كل شيء،ومن خاف من غير الله خاف من كل شيء}..
ويفهم من الآية
أن الخوف من الشيطان وأولياءه منافٍ للإيمان، فإن كان الخوفُ يُؤدي إلى الشرك؛ فهو منافٍ لأصله، وإلاّ ؛ هو منافٍ لكماله" انتهى .
***********************
*****************
***********
(1)..أخرجه البخاري في (الطب/5756/فتح)،مسلم في (السلام/2224/عبدالباقي)..
(2)..أخرجه البخاري في (التوحيد/7405/فتح)،مسلم في (الذكر/2675)..
من كتاب
القول المفيد على كتاب التوحيد
شرح الشيخ
إبن عثيمين رحمه الله
كتبه:
أم بكر الأثرية..
والنقل
لطفا من هنا
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=9371