خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    العبد الفقير

    avatar
    خالد بن إبراهيم الشرقاوي
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 77
    العمر : 55
    البلد : مصر
    العمل : مصر
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 16/07/2009

    الملفات الصوتية العبد الفقير

    مُساهمة من طرف خالد بن إبراهيم الشرقاوي 24.09.10 18:48

    [b]بسم الله،
    و الصلاة و السلام على رسول الله،
    و بعد،


    "الفقير هو الذي يجرد رؤية الملك لمالكه الحق، فيرى نفسه مملوكة للَّه لا يرى نفسه مالكاً بوجه من الوجوه، و يرى أَعماله مستحقة عليه بمقتضى كونه مملوكاً عبداً مستعملاً فيما أَمره به سيده، فنفسه مملوكة، و أَعماله مستحقة بموجب العبودية، فليس مالكاً لنفسه و لا لشيء من ذراته و لا لشيء من أَعماله. بل كل ذلك مملوك عليه مستحق عليه، كرجل اشترى عبداً بخالص ماله ثم علّمه بعض الصنائع، فلما تعلمها قال له: اعمل وَ أَدّ إِليَّ فليس لك في نفسك و لا في كسبك شيء، فلو حصل بيد هذا العبد من الأَموال و الأَسباب ما حصل لم ير له فيها شيئاً، بل يراه كالوديعة في يده، و أَنها أَموال أُستاذه و خزائنه و نعمه بيد عبده، مستودعاً متصرفاً فيها لسيده لا لنفسه، كما قال عبد الله و رسوله و خيرته من خلقه: "و الله إِني لا أَعطي أحداً و لا أَمنع أَحداً، و إِنما أَنا قاسم أَضع حيث أُمرت" ، فهو متصرف في تلك الخزائن الأَمر المحض تصرف العبد المحض الذي وظيفته تنفيذ أَوامر سيده، فالله هو المالك الحق، و كل ما بيد خلقه هو من أَمواله و أَملاكه و خزائنه أَفاضها عليهم ليمتحنهم في البذل و الإِمساك، و هل يكون ذلك منهم على شاهد العبودية لله عَزَّ وجلَّ، فيبذل أَحدهم الشيء رغبة في ثواب الله و رهبة من عقابه و تقرباً إِليه و طلباً لمرضاته؟ أَم يكون البذل و الإِمساك منهم صادراً عن مراد النفس و غلبة الهوى و موجب الطبع فيعطي لهواه و يمنع لهواه؟ فيكون متصرفاً تصرف المالك لا المملوك، فيكون مصدر تصرفه الهوى و مراد النفس، و غايته الرغبة فيما عند الخلق من جاه أَو رفعة أو منزلة أَو مدح أَو حظ من الحظوظ، أَو الرهبة من فوت شيء من هذه الأَشياء، و إِذا كان مصدر تصرفه و غايته هو هذه الرغبة و الرهبة رأَى نفسه لا محالة مالكاً، فادعى الملك و خرج عن حد العبودية و نسى فقره، و لو عرف نفسه حق المعرفة لعلم أَنما هو مملوك ممتحن في صورة ملك متصرف كما قال تعالى: {ثُمّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14]".

    طريق الهجرتين للعلامة ابن القيم – رحمه الله – تعالى 11-12.
    [/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو 23.11.24 3:48