30 فائدة من رسالة الأسماء والصفات نقلا وعقلا (للإمام الشنقيطي رحمه الله)
(سلسلة)
لقط الفوائد من كتب الأماجد
30 فائدة من رسالة الأسماء والصفات نقلا وعقلا
(للإمام الشنقيطي رحمه الله)
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأتباعه إلى يوم الدين
وبعد:
(سلسلة)
لقط الفوائد من كتب الأماجد
30 فائدة من رسالة الأسماء والصفات نقلا وعقلا
(للإمام الشنقيطي رحمه الله)
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأتباعه إلى يوم الدين
وبعد:
فهذه فوائد التقطتها رجاء النفع بها سائلا الله جل وعلا الإخلاص في القول والعمل .
أبو جهاد وأبو أسامة سمير الجزائري
1/ مبحث آيات الصفات يتركز على ثلاثة أسس :
1/ تنزيه الله جل وعلا عن أن يشبه شيء من صفاته شيئاً من صفات المخلوقين وهذا الأصل يدل عليه قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
2/ الإيمان بما وصف الله به نفسه {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}, والإيمان بما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
3/ تنزيه الرب جل وعلا عن أن تشبه صفته صفة الخلق .
2/ من نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه فقد جعل نفسه أعلم بالله من الله سبحانك هذا بهتان عظيم.
3/ من ظن أن صفة ربه تشبه شيئاً من صفة الخلق فهذا مجنون ضال ملحد لا عقل له يدخل في قوله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}.
4/ المتكلمون الذين خاضوا في الكلام وجاءوا بأدلة يسمونها أدلة عقلية ركبوها في أقيسة منطقية قسموا صفات الله جل وعلا إلى ستة أقسام قالوا هناك صفة نفسية وصفة معنى وصفة معنوية وصفة فعلية وصفة سلبية وصفة جامعة !!.
5/ لا مناسبة بين صفة الخالق وبين صفة المخلوق فصفة الخالق لائقة بذاته وصفة المخلوق مناسبة لعجزه وافتقاره وبين الصفة والصفة من المخالفة كمثل ما بين الذات والذات .
6/ بعض السلف كره وصف الله بالقدم لأنه قد يطلق مع سبق العدم نحو {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}، {إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ}، {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ} .
7/ الصفات السبع التي يسمونها المعنوية التي هي كونه تعالى قادراً ومريداً وعالماً وحياًّ وسميعاً وبصيراً ومتكلماً لا وجه لها لأنها في الحقيقة إنما هي كيفية الإتصاف بالمعاني السبع ومن عدها من المتكلمين عدوها بناءً على ثبوت ما يسمونه الحال المعنوية التي يزعمون أنها واسطة ثبوتية لا معدومة ولا موجودة والتحقيق أن هذه خرافة وخيال وإن العقل الصحيح لا يجعل بين الشيء ونقيضه واسطة البتة فكل ما ليس بموجود فهو معدوم قطعاً وكل ما ليس بمعدوم فهو موجود قطعاً ولا واسطة البتة كما هو معروف عند العقلاء.
8/ صفة الإستواء تجرأ الآلاف ممن يدّعون الإسلام ونفوهاً عن رب السموات والأرض بأدلة منطقية يركبون فيها قياساً استثنائياً مركبة من شرطية متصلة لزومية واستثنائية يستثنون فيه نقيض التالي ينتجون في زعمهم الباطل نقيض المقدم بناء على أن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم فيقولون مثلاً لو كان مستوياً على عرشه لكان مشابهاً للخلق فينتجون، ليس مستوياً على العرش، وعظم هذا الإفتراء كما ترى.
9/ التأويل الذي فتن به الخلق وضل به الآلاف من هذه الأمة يطلق مشتركاً بين ثلاث معان:
1- يطلق على ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال وهذا هو معناه في القرآن نحو: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاًً}، {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} الآية {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْل} ومعنى التأويل في الآيات المذكورة ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال.
2- ويطلق التأويل بمعنى التفسير وهذا قول معروف كقول ابن جرير:" القول في تأويل قوله تعالى: كذا أي تفسيره ".
3- أمّا في اصطلاح الأصوليين فالتأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح لدليل.
وصرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه له عند علماء الأصول ثلاث حالات:
( أ ) إمّا أن يصرفه عن ظاهره المتبادر منه لدليل صحيح من كتاب أو سنة وهذا النوع من التأويل صحيح مقبول لا نزاع فيه.
( ب ) الثاني هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لشيء يعتقده المجتهد دليلاً وهو في نفس الأمر ليس بدليل فهذا يسمى تأويلاً بعيداً ويقال له فاسد ومثل له بعض العلماء بتأويل الإمام أبي حنيفة رحمه الله لفظ امرأة في قوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل" قالوا: حمل هذا على خصوص المكاتبة تأويل بعيد لأنه صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لأن أيّ في قوله" أيّ امرأة " صيغة عموم وأكدت صيغة العموم بما المزيدة للتوكيد فحمل هذا على صورة نادرة هي المكاتبة حمل للفظ على غير ظاهره لغير دليل جازم يجب الرجوع إليه.
( ج ) أمّا حمل اللفظ على غير ظاهره لا لدليل: فهذا لا يسمى تأويلاً في الإصطلاح بل يسمى لعباً لأنه تلاعب بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن هذا تفسير غلاة الرافضة قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}، قالوا: عائشة ومن هذا النوع صرف آيات الصفات عن ظواهرها إلى محتملات ما أنزل الله بها من سلطان كقولهم استوى بمعنى استولى فهذا لا يدخل في اسم التأويل لأنه لا دليل عليه البتة وإنما سمي في اصطلاح أهل الأصول لعباً.
10/ ذو القلب المتنجس بأقذار التشبيه إذا سمع صفة من صفات الكمال أثنى الله بها على نفسه أول ما يخطر في ذهن المسكين أن هذه الصفة تشبه صفة الخلق فيدعوه شؤم هذا التشبيه إلى أن ينفي صفة الخالق جل وعلا عنه بادعاء أنّها تشبه صفات المخلوقين فيكون فيها أولاً مشبّهاً وثانياً معطّلاً ضالاّ ابتداءً وانتهاءً متهجماً على ربّ العالمين.
11/ اعلموا أنّ هنا قاعدة أصولية أطبق عليها من يعتد به من أهل العلم وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا سيما لو مشينا على فرضهم الباطل أن ظاهر آيات الصفات الكفر فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤول الإستواء ( بالإستيلاء) ولم يؤول شيئاً من هذه التأويلات ولو كان المراد بها هذه التأويلات لبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيانها.
12/ لا بد في هذا المقام من نقاط يتنبه إليها طالب العلم:
1/ أن يعلم طالب العلم أنّ جميع الصفات من باب واحد إذ لا فرق بينها البتة لأن الموصوف بها واحد وهو جل وعلا لا يشبه الخلق في شيء من صفاتهم البتة فكما أنكم أثبتم له سمعاً وبصراً لائقين بجلاله لا يشبهان شيئاً من أسماع الحوادث وأبصارهم فكذلك يلزم أن تجروا هذا بعينه في صفة الإستواء والنزول والمجيء إلى غير ذلك من صفات الجلال والكمال التي أثنى الله بها على نفسه.
2/ ربّ السموات والأرض يستحيل عقلاً أن يصف نفسه بما يلزمه محذور أو يلزمه كحال أو يؤدي إلى نقص. كل ذلك مستحيل عقلاً. فإنّ الله لا يصف نفسه إلاّ بوصف بالغ من الشرف والعلو والكمال ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين على حد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
3/ الصفات والذات من باب واحد فكما أننا نثبت ذات الله جل وعلا إثبات وجود وإيمان لا إثبات كيفية مكيفة فكذلك نثبت لهذه الذات الكريمة المقدسة صفات إثبات وإيمان ووجود لا إثبات كيفية وتحديد.
4/ اعلموا أنّ آيات الصفات كثير من الناس يطلق عليها اسم المشابهة وهذا من جهة غلط ومن جهة قد يسوغ كما يثبته الإمام مالك بن أنس. أمّا المعاني فهي معروفة عند العرب كما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله:" الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول والسؤال عنه بدعة ".
5/ اعلموا أنّ المقرر في الأصول أنّ الكلام إن دلّ على معنى لا يحتمل غيره فهو المسمى نصاً كقوله مثلاً:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَة}، فإذا كان يحتمل معنيين أو أكثر فلا يخلو من حالتين إمّا أن يكون أظهر في أحد الإحتمالين من الآخر وإمّا أن يتساوى بينهما فإن كان الإحتمال يتساوى بينهما فهذا الذي يسمى في الإصطلاح المجمل كما لو قلت: (عدا اللصوص البارحة على عين زيد) فإنه يحتمل أن تكون عينه الباصرة عوروها أو عينه الجارية غوروها أو عين ذهبه وفضته سرقوها فهذا مجمل. وحكم المجمل أن يتوقف عنه إلاّ بدليل على التفصيل. أمّا إذا كان نصاً صريحاً فالنص يعمل به ولا يعدل عنه إلاّ بثبوت النسخ.
فإذا كان أظهر في أحد الإحتمالين فهو المسمّى بالظاهر، ومقابله يسمّى(محتملاً مرجوحاً) والظاهر يجب الحمل عليه إلاّ لدليل صارف عنه كما لو قلت: رأيت أسداً فهذا مثلاً ظاهر في الحيوان المفترس، محتمل في الرجل الشجاع، وإذاً فنقول: فالظاهر المتبادر من آيات الصفات من نحو قوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم}. وما جرى مجرى ذلك، هل نقول الظاهر المتبادر من هذه الصفة هو مشابهة الخلق حتى يجب علينا أن نقول ونصرف اللفظ عن ظاهره أو ظاهرها المتبادر منها تنزيه ربّ السموات والأرض حتى يجب علينا أن نقره على الظاهر من التنزيه.
الجواب: أن كل وصف أسند إلى ربّ السموات والأرض فظاهره المتبادر منه عند كل مسلم هو التنزيه الكامل عن مشابهة الخلق فإقراره عن ظاهره هو الحق وهو تنزيه ربّ السموات والأرض عن مشابهة الخلق في شيء من صفاته فهل ينكر عاقل أن المتبادر للأذهان السليمة أنّ الخالق ينافي المخلوق في ذاته وسائر صفاته
لا والله لا يعارض في هذا إلاّ مكابر.
6/ جماعة قرءوا في المنطق والكلام وظنوا نفي بعض الصفات من أدلة كلامية كالذي يقول مثلاً: لو كان مستوياً على العرش لكان مشابهاً للحوادث لكنه غير مشابه للحوادث ينتج فهو غير مستوٍ على العرش هذه النتيجة الباطلة تضاد سبع آيات من المحكم المنزل ولكننا الآن نقول في مثل هذا على طريق المناظرة والجدل المعروف عند المتكلمين.
نقول:
هذا قياس استثنى فيه نقيض التالي فأنتج منه نقيض المقدم حسب ما يراه مقيم هذا الدليل ونحن نقول: إنه تقرر عند عامة النظار أن القياس الإستثنائي المركب من شرطية متصلة لزومية يتوجه عليه القدح من ثلاث جهات:
1- يتوجه عليه من جهة استثنائيته.
2- ويتوجه عليه من جهة شرطيته إذا كان الربط بين المقدم والتالي ليس بصحيح.
3- ويتوجه عليه القدح من جهتهما معاً.
وهذه القضية كاذبة الشرطية فالربط بين مقدمها وتاليها كاذب كذباً بحتاً ولذا جاءت نتيجتها مخالفة لسبع آيات.
وإيضاحه أن نقول:
قولكم لو كان مستوياً على العرش لكان مشابهاً للحوادث هذا الربط بين لو واللام كاذب كاذب كاذب هو مستوٍ على عرشه كما قال من غير مشابهة للحوادث كما أن سائر صفاته واقعة كما قال من غير مشابهة للخلق ولا يلزم من استوائه على عرشه كما قال أن يشبه شيئاً من المخلوقين في صفاتهم البتة بل استواؤه صفة من صفاته وجميع صفاته منّزهة عن مشابهة الخلق كما أن ذاته منزهة عن مشابهة ذوات الخلق ويطرد هذا في مثل هذا.
7/ ما نختم به هذه المقالة أنّا نوصيكم بتقوى الله وأن تلتزموا بثلاث آيات من كتاب الله.
الأولى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فتنزهوا ربّ السموات والأرض عن مشابهة الخلق.
الثانية: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فتؤمنوا بصفات الجلال والكمال الثابتة بالكتاب والسنة على أساس التنزيه كما جاء {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
الثالثة: أن تقطعوا أطماعكم عن إدراك حقيقة الكيفية لأن إدراك حقيقة الكيفية مستحيل وهذا نصّ الله عليه في سورة (طه) حيث قال: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً }.
والحمد لله رب العالمين
جمعها الفقير إلى عفو ربه
أبو جهاد الجزائري
والنقل
لطفا من هنا
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=13118