خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.02.10 16:49

    القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب
    القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب 470674

    مقدمة

    الحمد لله ، وبعد :
    لقد سمعنا ورأينا عن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة قصة زواج الشابة البحرانبة من ذلك الكافر عابد الصليب ، وقد أصابت الدهشة الناس من هذا الخبر ، وأصبحت القصة فاكهة المجالس ، والعجيب أن وسائل الإعلام الأمريكية - كما هي عادتها - جعلت هذا الموضوع حديث غالب شبكاتها الإعلامية ، وأثارت الموضوع بشكل ملفت للنظر .

    ولست بصدد التحدث عن وقائع تلك القصة فهذا أمر ننزه أسماعنا عنه ، وإنما نريد أن نقف مع حكم شرعي من خلال هذه الحادثة ألا وهو حكم زواج المسلمة من الكافر ، وذلك من خلال نصوص الوحيين ، وكلام العلماء .

    أدلة تحريم زواج المسلمة من الكافر :

    الأدلة من القران الكريم :
    1 - قال تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " [البقرة :221]

    ذكر الله تعالى في هذه الآية حكمين :

    الحكم الأول : زواج المسلم من المشركة ، والمقصود بالمشركة هنا الوثنية التي لم ينزل عليها كتاب من الكتب السماوية .

    روى الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله - في تفسيره (4/363) بإسناد حسن عن قتادة أنه قال في قوله تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " : يعني مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه .

    وقد استثنى الله من هؤلاء المشركات اللاتي ليس لهن دين سماوي نساء أهل الكتاب قال تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " [المائدة :5] .

    قال ابن جرير - رحمه الله – بعد ذكر الأقوال في مسألة نكاح المشركة (4/365) : وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات وأن الآية عام على ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " للمؤمنين من نكاح محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات .ا.هـ.

    وقال ابن كثير في تفسيره (1/474) : هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ " . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب . وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم . وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم .ا.هـ.

    الحكم الثاني : حكم نكاح المسلمة من الكافر – وهو ما يهمنا – فالآية صريحة في تحريم نكاح المسلمة من الكافر سواء كان وثنيا أو يهوديا أو نصرانيا .

    قال أبو جعفر الطبري – رحمه الله - في تفسيره (4/370) : يعني تعالى ذكره بذلك ، أن الله حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك ، ومن أي أصناف الشرك كان ، قلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم ، فإن ذلك حرام عليكم ، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله ، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك ، ولو شرُف نسبه وكرم أصله ، وإن أعجبكم حسبه ونسبه .ا.هـ.

    وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في تيسير الكريم المنان (ص99) : " وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وهذا عام لا تخصيص فيه .ا.هـ.

    2 – قال تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " [ الممتحنة : 11]

    قال ابن كثير في تفسيره (8/93) : وقوله : " لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " هذه الآية حَرّمَت المسلمات على المشركين ، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة .ا.هـ. فهذان دليلان من كتاب الله صريحان في تحريم زواج الكافر من المسلمة .

    الأدلة من السنة :
    أما الأدلة من السنة فلا يكاد يثبت حديث في هذه المسألة ، وإنما الوارد في ذلك أحاديث معلولة وهي :

    1 – عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع ، وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ، ولم يحدث شهادة ولا صداقا .
    رواه الإمام أخمد (1/261) ، وأبو داود (2240) ، والترمذي (1143) ، وابن ماجة (2009) .

    والحديث من رواية داود بن الحصين عن عكرمة ، وقد قال عنها أبو داود : أحاديثه – أي داود بن الحصين – عن عكرمة مناكير ، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة .
    قال الحافظ في التقريب : ثقة إلا في عكرمة .

    2 - روى الإمام مالك في الموطأ (2/543) فقال : حدثني مالك عن بن شهاب انه بلغه ان نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان بن أمية ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وان يقدم عليه فإن رضى أمرا قبله وإلا سيره شهرين فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم انك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل أبا وهب فقال لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لك تسير أربعة أشهر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده فقال صفوان أطوعا أم كرها فقال بل طوعا فأعاره الأداة والسلاح التي عنده ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى اسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح .

    قال ابن عبد البر في التمهيد (12/19) : هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح ، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم وكذلك الشعبي ، وشهرة هذا لحديث أقوى من إسناده إن شاء الله .ا.هـ.

    3 – عن جابر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا .

    وهذا الحديث فيه ثلاث علل :
    - شريك بن عبدالله النخعي قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق ، يخطىء كثيرا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء في الكوفة .
    - أشعث بن سوار الكندي ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : ضعيف .
    - الانقطاع بين الحسن البصري وجابر – رضي الله عنه - . قال علي بن المديني : الحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله شيئا .

    والصحيح أن الحديث موقوف على جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما - ، كما رواه البيهقي في الكبرى (7/172) .

    أما آثار الصحابة :

    1 – روى ابن جرير الطبري في تفسيره (4/366) بإسناده عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال : المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة .

    والأثر في إسناده يزيد بن أبي زياد الهاشمي ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيا .

    الأدلة من الإجماع :

    قال ابن عبد البر في التمهيد (12/21) : ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " إلى قوله : " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر .ا.هـ.

    وقال القرطبي في " جامع أحكام القرآن " (3/72) : الأولى : قوله تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا " أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك ، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام .

    لماذا حلت الكافرة من أهل الكتاب للمسلم ، ولم تحل المسلمة للكافر من أهل الكتاب ؟

    طرح الشيخ عطية محمد سالم في إكماله لأضواء البيان (8/164-165) فقال في جوابه عنه :
    والجواب من جانبين :
    الأول : أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والقوامة في الزواج للزوج قطعا لجانب الرجولة ، وإن تعادلا في الحلية بالعقد ، لأن التعادل لا يلغي الفوارق كما في ملك اليمين ، فإذا امتلك رجل امرأة حلَّ له أن يستمتع منها بملك اليمين ، والمرأة إذا امتلكت عبدا لا يحل لها أن تستمتع منه بملك اليمين ، ولقوامة الرجل على المرأة وعلى أولادها وهو كافر لا يسلم لها دينها ، ولا لأولادها .

    والجانب الثاني : شمول الإسلام وقصور غيره ، وينبني عليه أمر اجتماعي له مساس بكيان الأسرة وحسن العشرة ، وذلك أن المسلم إذا تزوج كتابية ، فهو يؤمن بكتابها ورسولها ، فسيكون معها على مبدأ من يحترم دينها لإيمانه به في الجملة ، فسيكون هناك مجال للتفاهم ، وقد يحصل التوصل إلى إسلامها بموجب كتابها ، أما الكتابي إذا تزوج مسلمة ، فهو لا يؤمن بدينها ، فلا تجد منه احتراما لمبدئها ودينها ، ولا مجال للمفاهمة معه في أمر لا يؤمن به كلية ، وبالتالي فلا مجال للتفاهم ولا للوئام ، وإذا فلا جدوى من هذا الزواج بالكلية ، فمنع منه ابتداءً .ا.هـ.

    وبعد هذا البيان لهذه المسألة يظهر أن زواج الكافر من المسلمة محرم ، ولا يشك في هذا الأمر إلا مكابر معاند .

    فتاوى العلماء في حكم هذا النكاح :

    سئل الشيخ صالح بن فوازان بن عبد الله الفوزان – حفظه الله - : ما موقف الإسلام من امرأة مسلمة تزوجت من رجل غير مسلم حيث إنها كانت في حاجة إلى ذلك ، أي : مجبرة لهذا الزواج ؟

    فأجاب : لا يجوز زواج المسلمة بالكافر ، ولا يصح النكاح .

    قال تعالى :" وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وقال تعالى :" فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " .
    وإجبارها على ذلك لا يسوغ لها الخضوع والاستسلام لهذا التزويج . قال صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . ويعتبر هذا النكاح باطلا ، والوطء به زنى .
    فتوى المرأة المسلمة (2/696) .

    وسئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين – حفظه الله - : ما حكم زواج المسلمة من المسيحي ، وما حجم شرعية أبناء هذا الزواج ، وما الحكم على المأذون الذي قام بإتمام هذا الزواج ، وما حكم الزوجة لو كانت تعلم ببطلان هذا الزواج ، وهل يقام عليها الحد الشرعي أم لا ؟
    وإذا أسلم الزوج فما حكم الزواج الأول وكيف يتم النكاح الجديد ؟

    فأجاب : يحرم على المسلمة نكاح النصراني وغيره من الكفار لقوله تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وقوله : " لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " ومتى عقد له عليها وجب الفسخ فورا فإن علمت بذلك الزوجة وعرفت الحكم استحقت التعزير وكذا يعزر الوالي والشهود والمأذون إذا علموا ذلك ، لإغن ولد لهما أولاد تبعوا أمهم في الإسلام فإن أسلم الزوج بعد العقد جدد له عقد النكاح وذلك بعد التأكد من صحة إسلامه كيلا يكون حيلة فإن ارتد بعد ذلك ضربت عنقه لحديث : من بدل دينه فاقتلوه .
    فتوى المرأة المسلمة (2/697) .

    وسئل أيضا : هل يجوز للفتاة المسلمة أن تتزوج من رجل مسيحي قرر الإسلام لأجلها الإسلامي حيث أنه طلب الزواج منها وأخبره بأنه سوف يترك دينه ويتحول إلى الدين الإسلامي أفيدوني ، فأنا أعلم أنني سبب لإسلام هذا الشخص ؟

    فأجاب : لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بكافر أصلا لقوله تعالى : " لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " وقال تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ "

    فإن أسلم وحسن إسلامه جاز ذلك ولكن لا بد من اختباره قبل النكاح بمحافظته على الصلاة والصوم وسائر العبادات وتعلمه القرآن والأحكام وتركه الشرك والخمر وجميع المحرمات وتبديل الديانة في إقامته وجوازه وهويته الشخصية والانتظار بعد إسلامه مدة يتحقق بها كونه مسلما حقا لئلا يتخذ الإسلام حيلة إلى الزواج ثم يرتد على عقبيه فإن فعل وجب قتله لقوله صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه" فتوى المرأة المسلمة (2/697) .
    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.saaid.net/Doat/Zugail/2.htm
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.02.10 17:05

    زواج المسلمة من الكتابي حرام ومستحله مرتد

    القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب 470674

    عقد الزوجية في الإسلام ليس كعقدها في جميع الديانات الأخرى كتابية أو وثنية أو لادينية، بتميزه عنها جميعها ابتداء واستمرارا وانتهاء.

    ولئن كان هذا العقد في غير الإسلام مجرد اتفاق بين ذكر وأنثى يباركه أو يوثقه بشر سواء كان رجل دين أورجل دولة، فإنه في الإسلام علاقة ربانية ينشئها الله تعالى ويشهد عليها ويأتمن الزوجين عليها ويسألهما ويحاسبهما يوم القيامة بها.

    يقول تعالى:
    ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) 1

    ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )2

    ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )3

    ( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )4

    هذه الوشيجة الربانية والعلاقة الإنسانية أبى الله عز وجل إلا أن يصفها بالميثاق الغليظ5 بقوله:
    ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ) 6

    ومن العجيب أن هذا الوصف " الميثاق الغليظ" لم يطلق في القرآن إلا على معنيين :

    أولهما
    ميثاق الله عز وجل مع النبيئين وأقوامهم على الإيمان والإسلام بقوله تعالى:
    ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً )7

    ( وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً )8

    أما المعنى الثاني
    فخاص بالعلاقة الزوجية كما أسلفنا بقوله تعالى ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظا)9

    ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع
    ( فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله )10


    وقال:
    (وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه وقال: ألا هل بلغت ألا هل بلغت،ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع )11 .
    فكان من مقتضيات هذا الميثاق لقوته ومتانته وعظم مسؤوليته أن يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج وحسن الصحبة والمعاشرة والولاء في الله ما يثقل كاهليهما ويحفظ أسرتهما وذريتهما ويبرئ ذمتهما عند المساءلة بين يدي الله تعالى.

    كذلك أيضا نجد تعظيما آخر من الله عز وجل لهذه العلاقة في سورة الممتحنة، إذ جعلها أحد مَثَلين للولاء والبراء، مَثَل منها ومَثَل من إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه.

    ذلك أن محور هذه السورة الكريمة هو عقيدة الولاء والبراء، افتتحت بتحريم موالاة أعداء الله ومحبتهم بقوله تعالى:

    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) 12
    وختمت كذلك بتحريم اتخاذ الكافرين أولياء في قوله تعالى:
    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ )13
    وبين دفتي هذه السورة ضرب الله تعالى مَثَلين توضيحيين كاشفين لمدى خطورة هذه العقيدة في أهم مفاصلها، مفصل العلاقة مع الوالدين والقوم، ومفصل العلاقة بين الزوجة وزوجها، داعيا في الحالتين إلى اتخاذ الميثاق مع الله مقدما على أي رابطة أخرى، وحاكما عليها.
    الأول في علاقة إبراهيم بأبيه وقومه إذ يقول تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) 14 ، ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) 15
    أما المَثَل الثاني ففي العلاقة الزوجية، إذ حرم الله عز وجل المرأة المسلمة على الكافر، بحيث لا تقوم هذه الآصرة حق قيامها إلا من خلال الرجل المسلم ذي أهلية تحمل أمانة الوفاء بهذا الميثاق الغليظ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }16
    بهذه الآية الكريمة يكون اشتراط الإسلام في الرجل كي يكون أهلا للزواج من المسلمة ثابتا ثبوتا قطعيا بنص الكتاب. ولئن جادل بعضهم بمحاولة تأويل قوله تعالى( وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) 17 ،
    فلا حجة لهم فيما ذهبوا إليه، لأن هذه الآية نفسها تؤكد حكم تحريم زواج المسلمة من الكافر. وما محاولة ضرب آية سورة الممتحنة بآية سورة البقرة إلا من تلبيس الأهواء والغواية، والقول بأن أهل الكتاب ليسوا مشركين دعوى ساقطة لتعارضها مع النقل الصحيح والعقل السليم، وما الداعي إليها إلا كفر بما جاء عن الله تعالى أو خضوع مذل ومداراة سفيهة ومسايرة وتزلف للتجبر الكتابي المعاصر.
    إن الكفر في الشريعة الإسلامية هو تكذيب ما جاء عنه عز وجل بواسطة نبيه - صلى الله عليه وسلم - سواء كان هذا التكذيب جحودا للأسماء والصفات أو الربوبية والألوهية أو إنكارا للنبوة وما نقل عنها صحيحا، أو رفضا للشريعة وتعاليمها، وهو بذلك متضمن للشرك سواء كان الشرك بعبادة الأهواء أو الأشجار أو الأحجار أو الرهبان والأحبار، ويدخل فيه بهذه المعاني كلها اليهودي والنصراني والمشرك واللاديني، فيحرم لذلك على المسلمة الزواج بأي منهم. لاسيما وقد ورد لفظ " الكفار " في آية التحريم من سورة الممتحنة بصيغة الجمع المعرف ب" أل" وهي تفيد الاستغراق ، أي جميع أصناف الكفرة.
    كما أن صريح الكتاب والسنة قد حسم هذا الأمر حسما قاطعا حين وردت النصوص المبينة أن أهل الكتاب كفار ومشركون. فقد قال تعالى:
    ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) 18
    ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) 19
    ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }20
    هذه الآيات صريحة في أن اليهود والنصارى مشركون، لاسيما عندما عقب على الآية الثالثة بقوله تعالى ( وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )، وعلى الثانية بقوله: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).
    تبين هذه المعاني كلها وتؤكدها سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تواتر عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يسمي كل من كان كافرا بالمشرك وكان الكفار في عهده ما بين يهودي ونصراني وعابد وثن ومستشفع به ومنكر للبعث والتكليف.

    كما روى الأعمش وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري قال: سئل حذيفة عن قول الله عز وجل: ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )، هل عبدوهم؟ فقال : لا ، ولكن أحلوا لهم الحرام فاستحلّوه ، وحرموا عليهم الحلال فحرموه .21
    وروى الترمذي عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "ما هذا يا عدي ؟ اطرح عنك هذا الوثن" ، وسمعته يقرأ من سورة براءة :  اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ، ثم قال: " أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلّوه ، وإذا حرّموا عليهم شيئاً حرموه " 22.
    وفي رواية البيهقي: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فسمعته يقول اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، قال: قلت يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم، قال: أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم ) 23
    وتقتضي هذه النصوص القطعية من الكتاب والسنة أن الكفر يتضمن الشرك مبنى ومعنى وشرعا، إذ لو كان غير ذلك لوجب أن يغفر الله عز وجل لأهل الكتاب بمقتضى قوله : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً } 24. وهذا المعنى باطل بطلانا بينا.
    كما أن قوله تعالى{ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }25 يهدم ما ذهب إليه المبطلون لاسيما بتعقيب الله في نهاية الآية بقوله (أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) لأن علة التحريم في المشركين وهي الدعوة إلى النار قائمة في أهل الكتاب أيضا.
    هذه المعاني كلها بينتها السنة النبوية المطهرة ولخصتها قولا وعملا، فقد أخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا "26 وعند عبد الرزاق وابن جرير عن عمر بن الخطاب قال " المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة "27 وعند عبد بن حميد عن قتادة قال " أحل الله لنا محصنتين محصنة مؤمنة ومحصنة من أهل الكتاب نساؤنا عليهم حرام ونساؤهم لنا حلال " 28 .
    إن تحريم زواج المسلمة بغير المسلم يعد من المسائل التي لم يختلف عليها المسلمون ، والتي تواتر إجماعهم عليها منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فرق بين بنته زينب وزوجها المشرك ثم ردها إليه بعد إسلامه 29، إلى يومنا هذا، وما ذلك إلا لما فهموه من الكتاب والسنة قطعيا، ولم يشذ عن هذا الحكم إلا شرذمة من ذوي الأهواء والضلال، قدامى ومعاصرين ممن باعوا أنفسهم لغير الله تعالى.
    إن زواج المسلمة بغير المسلم ولو كان جهلا منها لا استحلالا، يؤدي بها إلى الكفر مهما حاذرت وحرصت، لأن مآل هذا الزواج أن يخل بعقيدتها ولاء وبراء.
    ذلك أن الولاء شرعا هو محبة الله ورسوله وطاعتهما ومحبة المسلمين في الله ونصرتهم، والبراء هو بغض من كفر بالله ورسوله وشريعة الإسلام، أو أنكر الرسالة ومرسلها والمرسل بها، أو حارب أهلها، بدليل قوله تعالى ( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) 30.
    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) 31.
    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ) 32.
    ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) 33
    وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله 34
    وعن عمرو بن الجموح أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يحق العبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله تعالى ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله تبارك وتعالى فقد استحق الولاء من الله وإن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم35
    وعن عمرو بن الجموح أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحق العبد صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله فقد استحق الولاية من الله 36
    وعن معاذ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان قال أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله قال وماذا يا رسول الله قال وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك 37
    وعن البراء بن عازب قال كنا جلوسا عند النبي صلى اللهم عليه وسلم فقال أي عرى الإسلام أوسط قالوا الصلاة قال حسنة وما هي بها قالوا الزكاة قال حسنة وما هي بها قالوا صيام رمضان قال حسن وما هو به قالوا الحج قال حسن وما هو به قالوا الجهاد قال حسن وما هو به قال إن أوسط عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله 38
    وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون أي عرى الإيمان أوثق؟ قلنا الصلاة، قال: الصلاة حسنة وليست بذلك، قلنا الصيام، فقال مثل ذلك، حتى ذكرنا الجهاد فقال مثل ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله عز وجل والبغض في الله 39
    وبما أن الزوجة المسلمة في الأصل بفطرتها ومقتضيات دينها تحب زوجها وتواليه وتطيعه وتنصره، فإن كان زوجها كافرا كان ولاؤها ومحبتُها له ونصرتهُا إياه محبةً ضمنيةً للكفر ونصرةً وطاعةً لأعداء ربها ورسوله ومبغضيهما، وهذا يتعارض مع العقيدة السليمة ويهدمها.
    خلاصة ما نصل إليه في هذا المبحث
    أن زواج المسلمة من غير المسلم، الكتابي40 يهوديا كان أو نصرانيا، والمشرك واللاديني، لا يجوز شرعا، ومحرم بإجماع كل المذاهب الإسلامية على اختلافها، ولا يوجد رأي فقهي واحد يؤيد هذه المسألة، لا في كتب المتأخرين ولا المتقدمين ولا في أقوالهم
    وأن إنكار حكم التحريم هذا يوجب ردة القائل به، لأنه معلوم من الدين بالضرورة، وغير خفي على عامة المسلمين وسوقتهم بله علمائهم وسراتهم، وغني عن البيان التذكير بحكمة هذا التحريم وضرورته لحفظ الأعراض دينا ونسلا ومجتمعا سويا وأمة قوية رائدة، وإن كانت النصوص المحرمة لزواج المسلمة من غير المسلم متضمنة كل هذه المعاني.

    -----------------------------------

    [1] - النساء 1
    [2] - الأعراف 189
    [3] - الروم 21
    [4] - الزمر 6
    [5] - الواو والثاء والقاف كلمة تدل على عقد وإحكام، والفعل : وثق به على وزن "ورث" ثقة وموثقا ووثاقة ووثوقا: ائتمنه، والميثاق هو العهد المحكم، والمواثقة المعاهدة، ، وأخذ الله ميثاق النبيئين أخذ العهد عليهم.
    [6] - النساء 21
    [7] - الأحزاب 7
    [8] - النساء 154
    [9] - النساء 21
    [10] - صحيح مسلم رقم 2137 – ابن ماجه 3065 – الدارمي 1778
    - [11] مجمع الزوائد
    [12] - الممتحنة 1
    [13] - الممتحنة 13
    [14] - الممتحنة 4
    [15] - الممتحنة 6
    [16] الممتحنة 10
    [17] - البقرة 221
    [18] - المائدة 73
    [19] - المائدة 72
    [20] - التوبة30 – 31
    [21] - تفسير القرطبي 8/120
    [22] - سنن الترمذي رقم 3020
    [23] - السنن الكبري للبيهقي 10/116
    [24] - النساء 48
    [25] - البقرة 221
    [26] - حدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحاق الأزرقي عن شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا ثم قال وهذا الخبر وإن كان في إسناده مافيه فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه كذا قال ابن جرير رحمه الله . تفسير ابن كثير 1/258 ، أقول وصحة معنى هذا الحديث تأتي من موافقته للقرآن عند عرضه عليه كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
    [27] - تفسير الطبري 2/278 ، تفسير ابن كثير 1/258
    [28] - عون المعبود 8/9، تفسير الطبري 6/108
    [29] - المستدرك على الصحيحين 3/25.
    [30] - المجادلة 22
    [31] - المائدة 51
    [32] - آل عمران149
    [33] - هود 113
    [34] - مصنف ابن أبي شيبة 6/172
    [35] - أحمد مسند المكيين 14998- ج 3/430، فتح الباري 1/47، الفردوس بمأثور الخطاب 5/152
    [36] - مجمع الزوائد 1/89، رواه أحمد وفيه رشدين بن سعد وهو منقطع ضعيف.
    [37] - أحمد مسند الأنصار 21113، مجمع الزوائد 1/61
    [38] - أحمد مسند الكوفيين 17793
    [39] - مسند الطيالسي1/101، شعب الإيمان 1/46
    [40] - أطلق لفظ" كتابي" على اليهود والنصارى لكونهم كانوا أصحاب كتاب منزل، ولكنهم حرفوه وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وهو ما أشارت إليه الآيتان 30- 31 من سورة التوبة. وإلا فهم في الشرك مع المشركين سواء
    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.almeshkat.net/index.php?pg=stud&ref=136

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 18:18