الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد،
ففي هذا اليوم الثلاثاء السادس من شهر ذي القعدة عام 1429 هجرية في مسجد نور بمعبر
نلتقي مع إخواننا في الله نتناصح بما يوافق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وبما أننا مع طلاب علم فالنصيحة لطلاب العلم بالصبر على طلب العلم
فإن الله سبحانه وتعالى يقول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) آل عمران (200)؛
نداء من الله سبحانه وتعالى إلى جميع المؤمنين والمسلمين -وطلاب العلم من باب أولى-
فيقول ((اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))
فعلق الفلاح في الدنيا والآخرة على هذه الخصال الأربع الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى
فالخصلة الأولى (( اصْبِرُوا )) ولم يحدد نوع دون أخر وإنما أطلق ليشمل جميع أنواع الصبر الأربعة
الصبر على فعل الطاعات
والصبر على ترك المعاصي
والصبر على قضاء الله وقدره
والصبر على أذى الناس
وما أطلقه الله لا يقيد وما قيده الله لا يطلق ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا))
يشمل هذه الأنواع الأربعة على فعل الطاعات وطلب العلم من الطاعة
وتحتاج يا طالب العلم إلى الصبر على طلب العلم لأنك في طاعة وفي عبادة وقربى لله سبحانه وتعالى ((اصْبِرُوا وَصَابِرُوا))
وهكذا أيضا الصبر على ترك المعاصي فتحتاج إلى الصبر حتى لا تقع في المعاصي تحبس نفسك فلا تقع في المعصية
وتحبس نفسك فلا تترك الطاعة
والصبر على أقدار الله المؤلمة بأن الله سبحانه وتعالى يقدر الخير والشر فأما تقدير الخير فالنفس ترغب فيه لأنه خير وتفرح به
لكن الصبر على الأقدار المؤلمة التي تمر في حياة الإنسان حتى يتوفاه الله وهي كثيرة ولا ينجوا منها أحد فما من أحد إلا وقدر الله له الأقدار المؤلمة في حياته
من أمراض وأحزان وآلام وكرب إلى غير ذلك إلى سكرات الموت وإلى خروج روحه من جسده فأنت تحتاج إلى الصبر
والصبر مأخوذ من الصَبِرْ لمرارته مع احتساب الأجر إذا أردت أن يعظم الله أجرك فالصبر يكون مع احتساب الأجر تحتسبه عند الله
والصبر على أذى الناس كما أوصى لقمان الحكيم ابنه بقوله
((يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)) لقمان (17)
فإنه قد يؤذى وقد ينال منه فتصبر فأنت مأجور على هذا الصبر الأجر العظيم كما قال الله ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) الزمر(10)
((اصْبِرُوا وَصَابِرُوا))
صابر غيرك وتألف غيرك بالصبر فتكون أكثر صبرا ومصابرة من غيرك
((وَرَابِطُوا))
المرابطة تكون على فعل الطاعات فطلب العلم يحتاج إلى مرابطة والجهاد في سبيل الله كذلك وبر الوالدين والدعوة إلى الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط جميع الأعمال الصالحة تحتاج إلى صبر ومصابرة ومرابطة واستمرار
ثم قال ((وَاتَّقُوا اللَّهَ))
وتقوى الله شامل بجميع ما تقدم وبما ذكر وما لم يذكر لأن تقوى الله سبحانه وتعالى تكون بفعل الطاعات وترك المحرمات وتصديق بما أخبر الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام وتكون أيضا بفعل المستحبات وترك المكروهات فإذا حصل هذا منك فأبشر بالفلاح فأنت من المفلحين الفائزين في الدنيا والآخرة
لأنك مؤمن مسلم ولأنك أيضا صابر ومصابر ومرابط على فعل الطاعات ومتق الله؛ في ما أمرك تأتمر وفي ما نهاك فتنتهي وفي ما اخبر فتصدق
فأنت من المفلحين ودرجة الفلاح متفاوتة بين أهلها كل بحسبه هذا بحسب صبره وبحسب تقواه وبحسب مرابطته وهكذا
لأن الصبر يتفاوت ولأن المصابرة كذلك والمرابطة كذلك والتقوى كذلك
فلما تفاوتت الأعمال تفاوت الجزاء ((وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا)) الأحقاف (19)
هم درجات عند ربهم الجنة درجات والنار دركات والدرجات متفاوتة ودَرَكَات كذلك متفاوتة أهل الجنة بحسب طاعتهم
وأهل النار بحسب عصيانهم ولا يظلم ربك أحد لا من هؤلاء ولا من هؤلاء والله سبحانه وتعالى حكم عدل يجازي عباده بما يستحقون من أنواع الجزاء
ومن كمال عدله أنه خلق الجنة والنار لم يجعلهما دار واحدة جنة فقط ولا نار فقط وإنما خلق الدارين دار لأهل كرامته وهي الجنة لمن أطاعه ووحده واتقاه
والأخرى لأهل معصيته وغضبه فنسأل الله الجنة وما قرب إليها من قول وعمل
ونعوذ به من النار وما قرب إليها من قول وعمل فأنت يا طالب العلم تحتاج إلى أن تصبر على طلب العلم وتصبر على العمل به وتصبر على تبليغه وتعليمه للناس وأنت أيضا محتاج إلى الزهد فإن العبد إذا من الله عليه بالزهد والقناعة والعفة فإن هذا مما يعينه على طلب العلم أما لو كان يطلب العلم ولكن نفسه متعلقة بحب الدنيا فإن هذا قد لا يثبت إلا أن يشاء الله هدايته، الدنيا والتعلق بها هذا من المصائب فكم فتن بالدنيا من الناس وكم هلك بها وزاغ قلبه بها
كما جاء في الحديث عند ابن ماجه بإسناد حسن في أوله ((أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد خرج يوماً على أصحابه وهم يتذاكرون الفقر ويتخوفونه فسألهم عما يتذاكرون فيه ؟ فعرف أنهم يتذاكرون الفقر ويتخوفونه فقال آلفقر تخشون؟ والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إذا غفل إلا هيه وأيم الله! لقد تركتكم على مثل البيضاء))
وقوله "آلفقر تخشون؟"
هل أنتم تخافون من الفقر والرزق مكتوب
والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إذا غفل إلا هيه (الدنيا)
فكم من أناس زاغت قلوبهم بسبب الدنيا
فأنت يا طالب العلم تحتاج إلى
الزهد
والقناعة
والعفة
والرضا بما قسم الله
وأرضى بما قسم الله تكون أغنى الناس
والإيمان بأن المكتوب لا يخطئك
ما كتب الله لك من أمر الرزق لا يمكن أن يخطئك
لا يمكن أن يذهب عنك
وإن الذي لم يكتب لا يمكن أن تتحصل عليه من أمر الدنيا
ومن أمر الرزق فإن الله سبحانه وتعالى قد كتب هذا
كتب رزقك
وأجلك
وعملك
وشقي أو سعيد
ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس هذه من وصايا رسول الله عليه الصلاة والسلام لأمته
ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس
ازهد في الدنيا يحبك الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يحب الدنيا لأنه لعنها كما جاء في الحديث ((الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما)) من حديث أبي هريرة بإسناد حسن عند الترمذي وغيره
فالله سبحانه وتعالى لعن الدنيا
فأنت إذا كنت زاهدا فيها غير متعلق بها أحبك الله
"وازهد فيما عند الناس يحبك الناس"
يحبونك لأنك لم تطالبهم بشيء من أموالهم فيحبونك
كما قال الله ((وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ*إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ)) محمد (36-37 )
فإذا جعلت الدنيا يا طالب العلم وراء ظهرك
وأقبلت على طلب العلم
وصرت تحب طلب العلم
وتعلق به قلبك
فأنت على خير إن شاء الله
لا تفكر في أمر الدنيا (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) الرعد (38)
الزواج
المكتبة
المال
السيارة
إلى غير ذلك
(( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ))
ما تشعر إلا والذي قد كُتِب لك جاءك أو تيسر أمرك
ولأن هذا الذي هو التفكير في أمر الدنيا هو مما يحارب به الشيطان المؤمنين وطلاب العلم بالأخص
التفكير بأمر الدنيا
التفكير بالزواج
والتفكير بالبيت
والتفكير بالأثاث
التفكير في العمل
التفكير في الفلوس
التفكير في أشياء
وأشياء
من أمور الدنيا
الشيطان يريد أن يشغلك بها
لذلك فلا تتعب نفسك (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ))
ما كتبه الله جاء في الوقت المحدد فما تشعر إلا والأمور تتيسر من فضل الله عز وجل
فالله الله على الإقبال على طلب العلم
والاهتمام به
والعناية بالحفظ
تهتم بالحفظ
وتهتم بالكتب أيضا المفيدة والنافعة
من فترة إلى أخرى تقتني كتابا ما بين الفترة
والأخرى تشتري الثاني
وهكذا بعدها الثالث
رويدا ، رويدا
تكون مكتبة لنفسك
رويدا ،رويدا
ما تشعر إلا وأنت ما شاء الله عندك من الكتب الخير الكثير
((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) الطلاق (1-2)
الله يكفيك ما أهمك إذا أنت توكلت على الله
تقوى الله سبحانه وتعالى تعتبر من أسباب الرزق
تجد بعض الناس من أهل الدنيا
يكد فيها ليلا
ونهارا وهو في نكد من أمره
في تعب
وفي ضنك
وطالب العلم
في هناء
وفي عيش رغد
وفي طمأنينة
وفي راحة نفسية
وأموره ميسرة
ونفسه طيبة
ولا يكد الليل والنهار
وما وفى بالمطلوب
وما بين الحين والآخر يحصل شيء من الكوارث
والأمراض يخسر كذا، كذا من المال
وطالب العلم
الله يعافيه
ويستره
ويحفظه
ويكرمه
ويدافع عنه
هب نفسك لله
لطلب العلم
للدعوة إلى الله
وأبشر فالله أكرم منك
الذي وهب نفسه للدين وللعلم معناه كريم
هذا الإنسان جاد بنفسه
والتي هي أعز شيء عليه
جاد بها لله
أنت تجود بنفسك للعلم
وللدين
ومن أجل الدعوة
أتظن أن الله ما يكرمك
الله أكرم منك سبحانه فهو أكرم الكريمين
تحظى بمحبة الله
وبمكانة عالية عند الله
وبدرجة رفيعة عند الله
والله سبحانه وتعالى هو أكرم منك
فسيعطيك من فضله
وكم من طلاب العلم ما شاء الله
ما يشعر إلا وزواج يعرض عليه
وهو ينظر المصلحة هل يقدمه أو يؤجله
بعضهم يرى أن المصلحة أن يؤجل فيؤجله
ويدعوا لمن أراد أن يزوجه
فيقول جزاك الله خيرا ووفقك الله
وأنا أرى أنني أؤجله بعض الوقت حتى أتمكن من طلب العلم
ويأتي الثاني ويعرض عليه
ويأتي الثالث ويعرض عليه
هذا من الرزق وكونه ينظر في المصلحة لا حرج
إذا رأى أن يقدمه قدمه
وإذا رأى أن يؤجله أجله
لا حرج ينظر إلى ما هو أصلح له
لكن يرى أنه عنده حب للعلم
ويرى أن يقدم العلم عن الزواج لفترة فلا بأس
المهم موضوع الرزق لا تأخذ همه فإنه قد فرغ منه
وأنت في الأصل مكفول
هل تعرف ما معنى مكفول؟
تُكِفل برزقك
ومن هو الذي تَكفل برزقك؟
الغني الكريم الجواد الرحمن الرحيم هو الذي تكفل برزقك
فبعض الناس يكد كداً عظيماً في شيء قد ضمن له
وهو في الأصل مكفول
ولا يكد في أعمال الخير
وأعمال الصلاح
وأعمال الآخرة إلا من رحم الله،
الشيطان يجعلهم يكرون ويكدون في الذي قد فرغ منه
ويجعلهم يهملون ويضيعون ما هو مطلوب منهم
وهو العلم الديني والعمل الصالح
عليكم أن تحمدوا الله أن هيأ لكم هذا الجو
وهذا المناخ
وهذه الفرصة
هذه نعمة عظيمة
والله مرت فترة من الفترات
ما كان الناس يجدون مأوى لطلب العلم
واجتماع وحضور الزملاء يشجع بعضهم بعضا على طلب العلم
ومكتبة
وتغذية
وشيخ
وسكن
لكن أنت الآن الجو
هيأ الله الذي هيأه لك
فأنت تجد أمامك زملاء لست وحدك
وجود زملاء مما يعين ويشجع على طلب العلم
وأيضا تجد الدروس المفتوحة والميسرة وهذا أيضا مما يعين على طلب العلم
وأيضا المكتبة التي تحتوي على جملة كبيرة ضخمة من الكتب المفيدة وهذا أيضا مما يساعد
والتغذية وهذا أيضا مما يساعد
ومعنى هذا أن اليمني الذي أتيحت له فرصة لطلب العلم في هذا الوقت
ثم يضيع هذه الفرصة
هذا غير شخص آخر يعيش في بلد آخر
هذه الفرصة لم توفر له
هذا وجد الفرصة لكنه لم يستغلها،
ضيعها
هذا آثم
إثمه أعظم من ذاك الذي في البلد الآخر الذي لم يتهيأ له مثل ما تهيأ لكم
فاحمدوا الله على هذا الخير
جزاكم الله خيرا
احمدوا الله واشكروه
فإن الله يقول ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) إبراهيم (7)
فهناك ناس كفروا بهذه النعمة،
كانوا زملاء لكم
ثم ما بالوا بهذه النعمة
وراحوا وراء الدنيا يلهثون
فلم يجدوا إلا النكد والعذاب
((إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ))
ورجعوا نادمين
ضيعوا العلم
وضيعوا الوقت
وضيعوا ما عندهم
ولم يتحصلوا على الدنيا إلا ما كتب له
ومنهم من تخبط في الأهواء
وراح في البدع
والمعاصي
فالحمد لله على هذا الخير العظيم
وعلى هذه النعم
على وجود المراكز مراكز أهل السنة في اليمن
هذا خير عظيم
والله نعمة عظيمة
مراكز
ومساجد يدرس فيها العلم النافع للرجال وللنساء،
النساء في قسم النساء
والرجال في قسم الرجال
دروس تعليم
وكتب
فأنظر إلى معارض الكتب كيف تتوالى
هذا أيضا من النعم
أنه ما من فترة وأخرى يأتي معرض
حتى لو كان في المكلا فهو في بلدك
يمكنك أن تذهب أو ترسل من يذهب يأتي لك بالكتب ولغيرك من المعرض
الحمد لله الخير مهيأ
ما علينا إلا أن نجتهد في طلب العلم
ونحمد الله سبحانه وتعالى
وتطلب العلم بإخلاص
وتبتغي به وجه الله
لأن الذي لا يكون مخلصا في طلب العلم فإنه قد لا يوفق
لا بد من الإخلاص
لا من أجل أن يقال أنك عالم
أو حافظ
أو خطيب
أو محاضر
أو قارئ
وإنما من أجل الله
ما الذي ينفعك من قول الناس؟
الجنة بيد الله
ما هي بيد الناس
والرفعة بيد الله
والعزة بيد الله
إنما تبتغي طلبك للعلم وجه الله سبحانه وتعالى
وتوطن نفسك على الإخلاص لله في أول اليوم
وتعاهد نفسك على الإخلاص بالدعاء والتضرع إلى الله
أن يمن عليك بالإخلاص
وأن يجعل أعمالك خالصة لوجهه الكريم
كما قال الله ((وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) البينة (5)
ما أمروا إلا بهذا مخلصين
أعمالهم
ودينهم
وعبادتهم
لله سبحانه وتعالى
والشيطان سيحاربك يا طالب العلم
وكلما جاءك من باب فوجده مصدودا عليه
تحول من باب آخر
أنت عدوه وهو عدوك
وهو يريد أن ينتصر عليك
وأن يضلك
فالعداوة قديمة بيننا وبين الشياطين،
شياطين الجن
وأيضا شياطين الإنس
العداوة قديمة والحقد دفين وقديم
وتعرفون ما فعل إبليس أب الجن لآدم عليه السلام أب البشر
من هناك بدأت العداوة
هذا أبو الجن وهذا أبو البشر
فأبو الجن أخذ يخطط
ويكيد
ويلف
ويدور
ويمكر لأب البشر
وأب الإنس آدم عليه السلام
وأيضا أم الإنس حواء عليها السلام
وقدر الله وما شاء فعل
ولله الحكمة البالغة
وأقسم لهم الأيمان المغلظة أنه لهما من الناصحين
فصدقا وأكلا من تلك الشجرة
وكان الذي كان
فهو يقسم الأيمان المغلظة أنه سيضل ذريته كما أضله
وأنه سيآتيهم من كل جانب
الشيطان ما هو راض عنك أن تكون بمكان علم
وفي مكان توحيد
وسنة
وعبادة
لأنك ستكون حربا عليه
وهو لا يريد هذا فانتبه جزاك الله خيرا
لا تتبع نفسك هواها
كلما هزك شوق الذهاب إلى القرية الفلانية
والمكان الفلاني مشيته
فكر
وشاور
واستخر
كما قال الله تعالى ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) آل عمران (159)
وقال ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) الشورى (38)
وكذلك الاستخارة
والتفكير
بعض الناس إذا هزه الشوق على أن يفتح بوفية قام
وإلا بِقَالة
وإلا أي حاجة
فأنت فكر في أمرك
لأن هذه قد تكون من جنس وساوس الشيطان لآدم
الشيطان وسوس لآدم فيما يتعلق بتلك الشجرة
وأنت وسوس لك بشجرة من نوع آخر
اسمها البوفيه
أو مطعم
أو بقالة
شجرة
ومن مات
وأنك تجمع بين العلم وما بين العمل
وستكون عندك فلوس
وتدعوا إلى الله
وتنفق على طلاب العلم
وتفعل
وتفعل
وهي مكيدة
فكم من أناس ذهبوا في هذا وضاعوا
فإذا أردت أن ينفع الله بك فجزاك الله خيرا
اجتهد على طلب العلم
واجتهد بالحفظ
ولا تنشغل بالدنيا
ولا بهذه الفتن
أيضا الفتن التي تحصل بين بعض الدعاة،
بعض العلماء
أنت ابتعد عنها لا تنشغل بها
فقد كُفيتَ يا طالب العلم
الله كفاك بغيرك
بالعلماء جزاهم الله خيرا
يحلون الفتن
العلماء يحلون الفتن
ويحلون المشاكل
بحلول طيبة إن شاء الله
أنت طالب علم
لا تنجرف
ولا تنجر
ولا تركض مع هذا ولا مع هذا،
هذه نصيحة من أب لأبنائه
ومن أخ لإخوانه طلاب العلم أنهم يُقْدِمُون على طلب العلم
ولا يخوضون في هذه الفتنة
لا من قريب ولا من بعيد
لماذا؟
لأن الله قد عفاك من هذه الفتنة
ولأن الله قد هيأ لها من يقوم بحلها وغيرها
وهم أهل العلم
أما أنت فمشغول
والمشغول لا يشغل
أنت مشغول بطلب العلم
وطلب العلم ليس بالأمر الهين
طلب العلم شيء عظيم كما قال الله ((إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا)) المزمل (5)
((يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)) مريم (12)
هذا العلم يحتاج إلى قوة لأنه جهد كبير
ومجهود كبير يتعلق
بعقلك
وبقلبك
وبفكرك
الحفظ ما هو سهل
وهضم المسائل
وفهم المسائل
وبعضها دقيقة
وليست بالأمر الهين
فكونك تخوض مع الخائضين
الكلام سهل
والقلقلة سهلة
يقدر الإنسان يقلقل لأنه سهل ما في تعب
يفتح لسانه ويقلقل
كيف ما كانت القلقلة،
لا أنت مهمتك أكبر من هذا،
المشاكل العظام لها رجال عظام عظماء يحلونها
وأنت إن شاء الله سيأتي وقتك لحل مشاكل الأمة
فلا تستعجل
أنت الآن في طلب العلم
فستمر عليه
وإذا وجدت من زملائك من يخوض تذكره بنصائح العلماء
تقول يا أخي أقبل على طلب العلم، وهذه المسائل لها أهلها،
لها أهل العلم
ويذكر بعضكم بعضا بهذا
بعدم الخوض سواء في هذه الفتنة
أو في غيرها من الفتن
لأن الله سبحانه وتعالى جعل للعباد لكل شيء علاج
فقال ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا)) النساء (83)
تعيد المسألة إلى أهلها
إذا كان أولئك صحابة رضي الله عليهم صحابة ومع ذلك يقول الله لهم ((وَلَوْ رَدُّوهُ))
كيف يخوضون فيه ((أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ)) يعني إلى أهله
فأنتم من باب أولى رُدْ المسألة إلى أهلها
وتشتغل بما هو أنفع لك بالعلم
حفظا
وفهما
وقراءة
وكتابةً
وتدويناً
وأمامك فنون وعلوم كثيرة
ما هو علم واحد ولا فن واحد وأنت محتاج إليها
والناس منتظرون لك
الناس
أهلك
أقاربك
جماعتك
منتظرون لك تكون مبرزا في هذه العلوم
لا الشغل بالقيل والقيل بالقلقة
وقال فلان
وقال فلان
هذا ما هو علم
فإن شاء الله تكونوا عند حسن ظن المشايخ بكم
فتقبلون على طلب العلم
أسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لي ولكم ولجميع المسلمين
إلى هنا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
http://www.olamayemen.com/show_sound1913.html
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد،
ففي هذا اليوم الثلاثاء السادس من شهر ذي القعدة عام 1429 هجرية في مسجد نور بمعبر
نلتقي مع إخواننا في الله نتناصح بما يوافق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وبما أننا مع طلاب علم فالنصيحة لطلاب العلم بالصبر على طلب العلم
فإن الله سبحانه وتعالى يقول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) آل عمران (200)؛
نداء من الله سبحانه وتعالى إلى جميع المؤمنين والمسلمين -وطلاب العلم من باب أولى-
فيقول ((اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))
فعلق الفلاح في الدنيا والآخرة على هذه الخصال الأربع الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى
فالخصلة الأولى (( اصْبِرُوا )) ولم يحدد نوع دون أخر وإنما أطلق ليشمل جميع أنواع الصبر الأربعة
الصبر على فعل الطاعات
والصبر على ترك المعاصي
والصبر على قضاء الله وقدره
والصبر على أذى الناس
وما أطلقه الله لا يقيد وما قيده الله لا يطلق ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا))
يشمل هذه الأنواع الأربعة على فعل الطاعات وطلب العلم من الطاعة
وتحتاج يا طالب العلم إلى الصبر على طلب العلم لأنك في طاعة وفي عبادة وقربى لله سبحانه وتعالى ((اصْبِرُوا وَصَابِرُوا))
وهكذا أيضا الصبر على ترك المعاصي فتحتاج إلى الصبر حتى لا تقع في المعاصي تحبس نفسك فلا تقع في المعصية
وتحبس نفسك فلا تترك الطاعة
والصبر على أقدار الله المؤلمة بأن الله سبحانه وتعالى يقدر الخير والشر فأما تقدير الخير فالنفس ترغب فيه لأنه خير وتفرح به
لكن الصبر على الأقدار المؤلمة التي تمر في حياة الإنسان حتى يتوفاه الله وهي كثيرة ولا ينجوا منها أحد فما من أحد إلا وقدر الله له الأقدار المؤلمة في حياته
من أمراض وأحزان وآلام وكرب إلى غير ذلك إلى سكرات الموت وإلى خروج روحه من جسده فأنت تحتاج إلى الصبر
والصبر مأخوذ من الصَبِرْ لمرارته مع احتساب الأجر إذا أردت أن يعظم الله أجرك فالصبر يكون مع احتساب الأجر تحتسبه عند الله
والصبر على أذى الناس كما أوصى لقمان الحكيم ابنه بقوله
((يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)) لقمان (17)
فإنه قد يؤذى وقد ينال منه فتصبر فأنت مأجور على هذا الصبر الأجر العظيم كما قال الله ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) الزمر(10)
((اصْبِرُوا وَصَابِرُوا))
صابر غيرك وتألف غيرك بالصبر فتكون أكثر صبرا ومصابرة من غيرك
((وَرَابِطُوا))
المرابطة تكون على فعل الطاعات فطلب العلم يحتاج إلى مرابطة والجهاد في سبيل الله كذلك وبر الوالدين والدعوة إلى الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط جميع الأعمال الصالحة تحتاج إلى صبر ومصابرة ومرابطة واستمرار
ثم قال ((وَاتَّقُوا اللَّهَ))
وتقوى الله شامل بجميع ما تقدم وبما ذكر وما لم يذكر لأن تقوى الله سبحانه وتعالى تكون بفعل الطاعات وترك المحرمات وتصديق بما أخبر الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام وتكون أيضا بفعل المستحبات وترك المكروهات فإذا حصل هذا منك فأبشر بالفلاح فأنت من المفلحين الفائزين في الدنيا والآخرة
لأنك مؤمن مسلم ولأنك أيضا صابر ومصابر ومرابط على فعل الطاعات ومتق الله؛ في ما أمرك تأتمر وفي ما نهاك فتنتهي وفي ما اخبر فتصدق
فأنت من المفلحين ودرجة الفلاح متفاوتة بين أهلها كل بحسبه هذا بحسب صبره وبحسب تقواه وبحسب مرابطته وهكذا
لأن الصبر يتفاوت ولأن المصابرة كذلك والمرابطة كذلك والتقوى كذلك
فلما تفاوتت الأعمال تفاوت الجزاء ((وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا)) الأحقاف (19)
هم درجات عند ربهم الجنة درجات والنار دركات والدرجات متفاوتة ودَرَكَات كذلك متفاوتة أهل الجنة بحسب طاعتهم
وأهل النار بحسب عصيانهم ولا يظلم ربك أحد لا من هؤلاء ولا من هؤلاء والله سبحانه وتعالى حكم عدل يجازي عباده بما يستحقون من أنواع الجزاء
ومن كمال عدله أنه خلق الجنة والنار لم يجعلهما دار واحدة جنة فقط ولا نار فقط وإنما خلق الدارين دار لأهل كرامته وهي الجنة لمن أطاعه ووحده واتقاه
والأخرى لأهل معصيته وغضبه فنسأل الله الجنة وما قرب إليها من قول وعمل
ونعوذ به من النار وما قرب إليها من قول وعمل فأنت يا طالب العلم تحتاج إلى أن تصبر على طلب العلم وتصبر على العمل به وتصبر على تبليغه وتعليمه للناس وأنت أيضا محتاج إلى الزهد فإن العبد إذا من الله عليه بالزهد والقناعة والعفة فإن هذا مما يعينه على طلب العلم أما لو كان يطلب العلم ولكن نفسه متعلقة بحب الدنيا فإن هذا قد لا يثبت إلا أن يشاء الله هدايته، الدنيا والتعلق بها هذا من المصائب فكم فتن بالدنيا من الناس وكم هلك بها وزاغ قلبه بها
كما جاء في الحديث عند ابن ماجه بإسناد حسن في أوله ((أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد خرج يوماً على أصحابه وهم يتذاكرون الفقر ويتخوفونه فسألهم عما يتذاكرون فيه ؟ فعرف أنهم يتذاكرون الفقر ويتخوفونه فقال آلفقر تخشون؟ والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إذا غفل إلا هيه وأيم الله! لقد تركتكم على مثل البيضاء))
وقوله "آلفقر تخشون؟"
هل أنتم تخافون من الفقر والرزق مكتوب
والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إذا غفل إلا هيه (الدنيا)
فكم من أناس زاغت قلوبهم بسبب الدنيا
فأنت يا طالب العلم تحتاج إلى
الزهد
والقناعة
والعفة
والرضا بما قسم الله
وأرضى بما قسم الله تكون أغنى الناس
والإيمان بأن المكتوب لا يخطئك
ما كتب الله لك من أمر الرزق لا يمكن أن يخطئك
لا يمكن أن يذهب عنك
وإن الذي لم يكتب لا يمكن أن تتحصل عليه من أمر الدنيا
ومن أمر الرزق فإن الله سبحانه وتعالى قد كتب هذا
كتب رزقك
وأجلك
وعملك
وشقي أو سعيد
ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس هذه من وصايا رسول الله عليه الصلاة والسلام لأمته
ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس
ازهد في الدنيا يحبك الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يحب الدنيا لأنه لعنها كما جاء في الحديث ((الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما)) من حديث أبي هريرة بإسناد حسن عند الترمذي وغيره
فالله سبحانه وتعالى لعن الدنيا
فأنت إذا كنت زاهدا فيها غير متعلق بها أحبك الله
"وازهد فيما عند الناس يحبك الناس"
يحبونك لأنك لم تطالبهم بشيء من أموالهم فيحبونك
كما قال الله ((وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ*إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ)) محمد (36-37 )
فإذا جعلت الدنيا يا طالب العلم وراء ظهرك
وأقبلت على طلب العلم
وصرت تحب طلب العلم
وتعلق به قلبك
فأنت على خير إن شاء الله
لا تفكر في أمر الدنيا (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) الرعد (38)
الزواج
المكتبة
المال
السيارة
إلى غير ذلك
(( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ))
ما تشعر إلا والذي قد كُتِب لك جاءك أو تيسر أمرك
ولأن هذا الذي هو التفكير في أمر الدنيا هو مما يحارب به الشيطان المؤمنين وطلاب العلم بالأخص
التفكير بأمر الدنيا
التفكير بالزواج
والتفكير بالبيت
والتفكير بالأثاث
التفكير في العمل
التفكير في الفلوس
التفكير في أشياء
وأشياء
من أمور الدنيا
الشيطان يريد أن يشغلك بها
لذلك فلا تتعب نفسك (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ))
ما كتبه الله جاء في الوقت المحدد فما تشعر إلا والأمور تتيسر من فضل الله عز وجل
فالله الله على الإقبال على طلب العلم
والاهتمام به
والعناية بالحفظ
تهتم بالحفظ
وتهتم بالكتب أيضا المفيدة والنافعة
من فترة إلى أخرى تقتني كتابا ما بين الفترة
والأخرى تشتري الثاني
وهكذا بعدها الثالث
رويدا ، رويدا
تكون مكتبة لنفسك
رويدا ،رويدا
ما تشعر إلا وأنت ما شاء الله عندك من الكتب الخير الكثير
((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) الطلاق (1-2)
الله يكفيك ما أهمك إذا أنت توكلت على الله
تقوى الله سبحانه وتعالى تعتبر من أسباب الرزق
تجد بعض الناس من أهل الدنيا
يكد فيها ليلا
ونهارا وهو في نكد من أمره
في تعب
وفي ضنك
وطالب العلم
في هناء
وفي عيش رغد
وفي طمأنينة
وفي راحة نفسية
وأموره ميسرة
ونفسه طيبة
ولا يكد الليل والنهار
وما وفى بالمطلوب
وما بين الحين والآخر يحصل شيء من الكوارث
والأمراض يخسر كذا، كذا من المال
وطالب العلم
الله يعافيه
ويستره
ويحفظه
ويكرمه
ويدافع عنه
هب نفسك لله
لطلب العلم
للدعوة إلى الله
وأبشر فالله أكرم منك
الذي وهب نفسه للدين وللعلم معناه كريم
هذا الإنسان جاد بنفسه
والتي هي أعز شيء عليه
جاد بها لله
أنت تجود بنفسك للعلم
وللدين
ومن أجل الدعوة
أتظن أن الله ما يكرمك
الله أكرم منك سبحانه فهو أكرم الكريمين
تحظى بمحبة الله
وبمكانة عالية عند الله
وبدرجة رفيعة عند الله
والله سبحانه وتعالى هو أكرم منك
فسيعطيك من فضله
وكم من طلاب العلم ما شاء الله
ما يشعر إلا وزواج يعرض عليه
وهو ينظر المصلحة هل يقدمه أو يؤجله
بعضهم يرى أن المصلحة أن يؤجل فيؤجله
ويدعوا لمن أراد أن يزوجه
فيقول جزاك الله خيرا ووفقك الله
وأنا أرى أنني أؤجله بعض الوقت حتى أتمكن من طلب العلم
ويأتي الثاني ويعرض عليه
ويأتي الثالث ويعرض عليه
هذا من الرزق وكونه ينظر في المصلحة لا حرج
إذا رأى أن يقدمه قدمه
وإذا رأى أن يؤجله أجله
لا حرج ينظر إلى ما هو أصلح له
لكن يرى أنه عنده حب للعلم
ويرى أن يقدم العلم عن الزواج لفترة فلا بأس
المهم موضوع الرزق لا تأخذ همه فإنه قد فرغ منه
وأنت في الأصل مكفول
هل تعرف ما معنى مكفول؟
تُكِفل برزقك
ومن هو الذي تَكفل برزقك؟
الغني الكريم الجواد الرحمن الرحيم هو الذي تكفل برزقك
فبعض الناس يكد كداً عظيماً في شيء قد ضمن له
وهو في الأصل مكفول
ولا يكد في أعمال الخير
وأعمال الصلاح
وأعمال الآخرة إلا من رحم الله،
الشيطان يجعلهم يكرون ويكدون في الذي قد فرغ منه
ويجعلهم يهملون ويضيعون ما هو مطلوب منهم
وهو العلم الديني والعمل الصالح
عليكم أن تحمدوا الله أن هيأ لكم هذا الجو
وهذا المناخ
وهذه الفرصة
هذه نعمة عظيمة
والله مرت فترة من الفترات
ما كان الناس يجدون مأوى لطلب العلم
واجتماع وحضور الزملاء يشجع بعضهم بعضا على طلب العلم
ومكتبة
وتغذية
وشيخ
وسكن
لكن أنت الآن الجو
هيأ الله الذي هيأه لك
فأنت تجد أمامك زملاء لست وحدك
وجود زملاء مما يعين ويشجع على طلب العلم
وأيضا تجد الدروس المفتوحة والميسرة وهذا أيضا مما يعين على طلب العلم
وأيضا المكتبة التي تحتوي على جملة كبيرة ضخمة من الكتب المفيدة وهذا أيضا مما يساعد
والتغذية وهذا أيضا مما يساعد
ومعنى هذا أن اليمني الذي أتيحت له فرصة لطلب العلم في هذا الوقت
ثم يضيع هذه الفرصة
هذا غير شخص آخر يعيش في بلد آخر
هذه الفرصة لم توفر له
هذا وجد الفرصة لكنه لم يستغلها،
ضيعها
هذا آثم
إثمه أعظم من ذاك الذي في البلد الآخر الذي لم يتهيأ له مثل ما تهيأ لكم
فاحمدوا الله على هذا الخير
جزاكم الله خيرا
احمدوا الله واشكروه
فإن الله يقول ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) إبراهيم (7)
فهناك ناس كفروا بهذه النعمة،
كانوا زملاء لكم
ثم ما بالوا بهذه النعمة
وراحوا وراء الدنيا يلهثون
فلم يجدوا إلا النكد والعذاب
((إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ))
ورجعوا نادمين
ضيعوا العلم
وضيعوا الوقت
وضيعوا ما عندهم
ولم يتحصلوا على الدنيا إلا ما كتب له
ومنهم من تخبط في الأهواء
وراح في البدع
والمعاصي
فالحمد لله على هذا الخير العظيم
وعلى هذه النعم
على وجود المراكز مراكز أهل السنة في اليمن
هذا خير عظيم
والله نعمة عظيمة
مراكز
ومساجد يدرس فيها العلم النافع للرجال وللنساء،
النساء في قسم النساء
والرجال في قسم الرجال
دروس تعليم
وكتب
فأنظر إلى معارض الكتب كيف تتوالى
هذا أيضا من النعم
أنه ما من فترة وأخرى يأتي معرض
حتى لو كان في المكلا فهو في بلدك
يمكنك أن تذهب أو ترسل من يذهب يأتي لك بالكتب ولغيرك من المعرض
الحمد لله الخير مهيأ
ما علينا إلا أن نجتهد في طلب العلم
ونحمد الله سبحانه وتعالى
وتطلب العلم بإخلاص
وتبتغي به وجه الله
لأن الذي لا يكون مخلصا في طلب العلم فإنه قد لا يوفق
لا بد من الإخلاص
لا من أجل أن يقال أنك عالم
أو حافظ
أو خطيب
أو محاضر
أو قارئ
وإنما من أجل الله
ما الذي ينفعك من قول الناس؟
الجنة بيد الله
ما هي بيد الناس
والرفعة بيد الله
والعزة بيد الله
إنما تبتغي طلبك للعلم وجه الله سبحانه وتعالى
وتوطن نفسك على الإخلاص لله في أول اليوم
وتعاهد نفسك على الإخلاص بالدعاء والتضرع إلى الله
أن يمن عليك بالإخلاص
وأن يجعل أعمالك خالصة لوجهه الكريم
كما قال الله ((وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) البينة (5)
ما أمروا إلا بهذا مخلصين
أعمالهم
ودينهم
وعبادتهم
لله سبحانه وتعالى
والشيطان سيحاربك يا طالب العلم
وكلما جاءك من باب فوجده مصدودا عليه
تحول من باب آخر
أنت عدوه وهو عدوك
وهو يريد أن ينتصر عليك
وأن يضلك
فالعداوة قديمة بيننا وبين الشياطين،
شياطين الجن
وأيضا شياطين الإنس
العداوة قديمة والحقد دفين وقديم
وتعرفون ما فعل إبليس أب الجن لآدم عليه السلام أب البشر
من هناك بدأت العداوة
هذا أبو الجن وهذا أبو البشر
فأبو الجن أخذ يخطط
ويكيد
ويلف
ويدور
ويمكر لأب البشر
وأب الإنس آدم عليه السلام
وأيضا أم الإنس حواء عليها السلام
وقدر الله وما شاء فعل
ولله الحكمة البالغة
وأقسم لهم الأيمان المغلظة أنه لهما من الناصحين
فصدقا وأكلا من تلك الشجرة
وكان الذي كان
فهو يقسم الأيمان المغلظة أنه سيضل ذريته كما أضله
وأنه سيآتيهم من كل جانب
الشيطان ما هو راض عنك أن تكون بمكان علم
وفي مكان توحيد
وسنة
وعبادة
لأنك ستكون حربا عليه
وهو لا يريد هذا فانتبه جزاك الله خيرا
لا تتبع نفسك هواها
كلما هزك شوق الذهاب إلى القرية الفلانية
والمكان الفلاني مشيته
فكر
وشاور
واستخر
كما قال الله تعالى ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) آل عمران (159)
وقال ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) الشورى (38)
وكذلك الاستخارة
والتفكير
بعض الناس إذا هزه الشوق على أن يفتح بوفية قام
وإلا بِقَالة
وإلا أي حاجة
فأنت فكر في أمرك
لأن هذه قد تكون من جنس وساوس الشيطان لآدم
الشيطان وسوس لآدم فيما يتعلق بتلك الشجرة
وأنت وسوس لك بشجرة من نوع آخر
اسمها البوفيه
أو مطعم
أو بقالة
شجرة
ومن مات
وأنك تجمع بين العلم وما بين العمل
وستكون عندك فلوس
وتدعوا إلى الله
وتنفق على طلاب العلم
وتفعل
وتفعل
وهي مكيدة
فكم من أناس ذهبوا في هذا وضاعوا
فإذا أردت أن ينفع الله بك فجزاك الله خيرا
اجتهد على طلب العلم
واجتهد بالحفظ
ولا تنشغل بالدنيا
ولا بهذه الفتن
أيضا الفتن التي تحصل بين بعض الدعاة،
بعض العلماء
أنت ابتعد عنها لا تنشغل بها
فقد كُفيتَ يا طالب العلم
الله كفاك بغيرك
بالعلماء جزاهم الله خيرا
يحلون الفتن
العلماء يحلون الفتن
ويحلون المشاكل
بحلول طيبة إن شاء الله
أنت طالب علم
لا تنجرف
ولا تنجر
ولا تركض مع هذا ولا مع هذا،
هذه نصيحة من أب لأبنائه
ومن أخ لإخوانه طلاب العلم أنهم يُقْدِمُون على طلب العلم
ولا يخوضون في هذه الفتنة
لا من قريب ولا من بعيد
لماذا؟
لأن الله قد عفاك من هذه الفتنة
ولأن الله قد هيأ لها من يقوم بحلها وغيرها
وهم أهل العلم
أما أنت فمشغول
والمشغول لا يشغل
أنت مشغول بطلب العلم
وطلب العلم ليس بالأمر الهين
طلب العلم شيء عظيم كما قال الله ((إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا)) المزمل (5)
((يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)) مريم (12)
هذا العلم يحتاج إلى قوة لأنه جهد كبير
ومجهود كبير يتعلق
بعقلك
وبقلبك
وبفكرك
الحفظ ما هو سهل
وهضم المسائل
وفهم المسائل
وبعضها دقيقة
وليست بالأمر الهين
فكونك تخوض مع الخائضين
الكلام سهل
والقلقلة سهلة
يقدر الإنسان يقلقل لأنه سهل ما في تعب
يفتح لسانه ويقلقل
كيف ما كانت القلقلة،
لا أنت مهمتك أكبر من هذا،
المشاكل العظام لها رجال عظام عظماء يحلونها
وأنت إن شاء الله سيأتي وقتك لحل مشاكل الأمة
فلا تستعجل
أنت الآن في طلب العلم
فستمر عليه
وإذا وجدت من زملائك من يخوض تذكره بنصائح العلماء
تقول يا أخي أقبل على طلب العلم، وهذه المسائل لها أهلها،
لها أهل العلم
ويذكر بعضكم بعضا بهذا
بعدم الخوض سواء في هذه الفتنة
أو في غيرها من الفتن
لأن الله سبحانه وتعالى جعل للعباد لكل شيء علاج
فقال ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا)) النساء (83)
تعيد المسألة إلى أهلها
إذا كان أولئك صحابة رضي الله عليهم صحابة ومع ذلك يقول الله لهم ((وَلَوْ رَدُّوهُ))
كيف يخوضون فيه ((أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ)) يعني إلى أهله
فأنتم من باب أولى رُدْ المسألة إلى أهلها
وتشتغل بما هو أنفع لك بالعلم
حفظا
وفهما
وقراءة
وكتابةً
وتدويناً
وأمامك فنون وعلوم كثيرة
ما هو علم واحد ولا فن واحد وأنت محتاج إليها
والناس منتظرون لك
الناس
أهلك
أقاربك
جماعتك
منتظرون لك تكون مبرزا في هذه العلوم
لا الشغل بالقيل والقيل بالقلقة
وقال فلان
وقال فلان
هذا ما هو علم
فإن شاء الله تكونوا عند حسن ظن المشايخ بكم
فتقبلون على طلب العلم
أسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لي ولكم ولجميع المسلمين
إلى هنا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
http://www.olamayemen.com/show_sound1913.html