لماذا يفعل البعض ذلك؟
لماذا يقيمون السرادقات، ويأتون بمن يقرأ القرآن؛ ليزفوا به الميت، مع أن الله أنزله لينذر من كان حيا؟؟
لقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه ، وزوجته خديجة ، وثلاث من بناته ، ولم يرد أنه قرأ عن واحد منهم القرآن ، أو ضحى أو صام أو صلى عنهم ، ولم ينقل شيء من ذلك عن أحد من الصحابة ، ولو كان مشروعاً لسبقونا إليه .
أما ما دل الدليل على استثنائه ووصول ثوابه إلى الميت فهو : الحج ، والعمرة ، والصوم الواجب ، والصدقة ، والدعاء .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) : " ومن هذه الآية استنبط الشافعي ومن تبعه
أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى ؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه،
ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء ، فأما الدعاء والصدقة ، فذاك مجمع على وصولها ومنصوصٌ من الشارع عليها " ا.هـ ( تفسير ابن كثير 4/ 258 ) .
ثم لو سلمنا بأن ثواب الأعمال الصالحة كلها يصل إلى الميت فإن أفضل ما ينفع الميت هو الدعاء ، فلماذا نترك ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمور أخرى لم يفعلها ، ولم يفعلها أحد من أصحابه ؟! و الخير كل الخير فيهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه لله عن إهداء ثواب قراءة القرآن والصدقة للأم ، سواء كانت حية أم ميتة ، فأجاب :
" أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الميت على قولين لأهل العلم ، والأرجح أنها لا تصل لعدم الدليل ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها لأمواته من المسلمين كبناته اللاتي مُتْن في حياته عليه الصلاة والسلام ، ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيما علمنا ، فالأولى للمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء ولا يصلي لهم ، وهكذا التطوع بالصوم عنهم ؛ لأن ذلك كله لا دليل عليه ، والأصل في العبادات التوقيف إلا ما ثبت عن الله سبحانه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم شرعيته . أما الصدقة فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، وهكذا
الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، فالحي لا شك أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ، فالذي يدعو لوالديه وهم أحياء ينتفعون
بدعائه ، وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم ، وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه ينفعهم ذلك ، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أن امرأة قالت يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: " حجي عنه" وجاءه رجل آخر فقال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ قال : " حج عن أبيك واعتمر" فهذا يدل على أن الحج عن الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ، فالصدقة والدعاء والحج عن الميت أو العمرة عنه، وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم ، وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب سواء كان عن نذر أو كفارة أو عن صوم رمضان لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه" متفق على صحته ، ولأحاديثٍ أخرى في المعنى ، لكن من تأخر في صوم رمضان بعذر شرعي كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا قضاء عنه ولا إطعام ؛ لكونه معذورا اهـ . "مجموع فتاوى ومقالات الشيح ابن باز" (4/348) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن يتصدق الرجل بمال ويشرك معه غيره في الأجر ؟ فأجاب : يجوز أن يتصدق الشخص بالمال وينويها لأبيه وأمه وأخيه ، ومن شاء من المسلمين ، لأن الأجر كثير ، فالصدقة إذا كانت خالصة لله تعالى ومن كسب طيب تضاعف أضعافاً كثيرة ، كما قال اله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/261.
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته " اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/249) .
ولم يكن الشيخ، رحمه الله، يرى إهداء ثواب القراءة لأحد
ونقل العلامة الألباني، رحمه الله، عن الشافعي، رحمه الله، ومن اتبعه:
أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ، ولا حثهم عليه ، ولا أرشدهم إليه بنص ولا ايماء ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الاقيسة والاراء ) وقال العز بن عبد السلام في ( الفتاوى ) ( 24 / 2 - عام 1692 ) : ( ومن فعل طاعة الله تعالى ، ثم أهدى ثوابها إلى حي أو ميت ، لم ينتقل ثوابها إليه ، إذ ( ليس للانسان إلا ما سعى ) ، فإن شرع في الطاعة ناويا أن يقع عن الميت لم يقع عنه ، إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة والصوم والحج ) . وما ذكره ابن كثير عن الشافعي رحمه الله تعالى هو قول أكثر العلماء وجماعة من ، الحنفية كما نقله الزبيدي في ( شرح الاحياء ) (10/ 369 ) . [ قلت : ومما بسق تعلم بطلان الاجماع الذي ذكره ابن قدامة في ( المغني ) ( 2 / 569 ) على وصول ثواب القراءة إلى الموتى ، وكيف لا يكون باطلا ، وفي مقدمة المخالفين الامام الشافعي رحمه الله تعالى .
ويكمل العلامة الألباني:
وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ( الاختيارات العلمية ) ( ص
54 ) : ( ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا ، أو قروؤا القرآن يهدون ثواب ذلك إلى أموات المسلمين ، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل
ويستدرك الإمام الألباني، فيقول:
وللشيخ ( يقصد ابن تيمية) رحمه الله تعالى قول آخر في المسألة ، خالف فيه ما ذكره آنفا عن السلف ، فذهب إلى أن الميت ينتفع بجميع العبادات من غيره ! . وتبنى هذا القول وانتصر له ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ( الروح )....، وذلك على خلاف ما عهدناه منه رحمه الله من ترك التوسع في القياس في الأمور التعبدية المحضة، لا سيما ما كان عنه على خلاف ما جرى عليه السلف
الصالح رضي الله عنهم.
وقد أورد خلاصة كلامه العلامة السيد محمد رشيد رضا في ( تفسير المنار ) ( 8 / 254 - 270 ) ثم رد عليه ردا قويا ، فليراجعه من شاء أن يتوسع في المسألة . .
وقد استغل هذا القول كثير من المبتدعة ، واتخذوه ذريعة في محاربة السنة ، واحتجوا بالشيخ وتلميذه على أنصار السنة وأتباعها ، وجهل أولئك المبتدعة أو تجاهلوا أن أنصار السنة ، لا يقلدون في دين الله تعالى رجلا بعينه كما يفعل أولئك ! ولا يؤثرون على الحق، الذى تبين لهم، قول أحد من العلماء مهما كان اعتقادهم حسنا في علمه وصلاحه ، وأنهم إنما ينظرون إلى القول لا إلى القائل ، وإلى الدليل ، وليس إلى التقليد ، جاعلين نصب أعينهم قول امام دار الهجرة ( ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر ) ! وقال : ( كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ) . وإذا كان من المسلم به عند أهل العلم أن لكل عقيدة أو رأى يتبناه في هذه الحياة أثرا في سلوكه: إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فإن من المسلم به أيضا ، أن الاثر يدل على المؤثر، وأن أحدهما مرتبط بالاخر ، خيرا أو شرا كما ذكرنا ، وعلى هذا فلسنا نشك أن لهذا القول أثرا سيئا في من يحمله أو يتبناه ، من ذلك مثلا أن صاحبه يتكل في تحصيل الثواب والدرجات العاليات على غيره؛ لعلمه أن الناس يهدون الحسنات مئات المرات في اليوم الواحد إلى جميع المسلمين الأحياء منهم والأموات ، وهو واحد منهم ، فلماذا لا يستغني حينئذ بعمل
غيره عن سعيه وكسبه ؟
هل هذا الفعل يصدر من الصوفية خاصة؟
ولكن انتبه؛ فليس الصوفية وحدهم يقولون بذلك، بل طائفة من طلبة العلم كذلك.
وقد قلدوا في ذلك قول عبد الله بن قدامة المقدسي في عمدة الفقه (1/28):
"وأي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك". وفي الإنصاف للمراداوي (2/560): أي قربة فعلها: الدعاء، والاستغفار، والواجب الذي تدخله النيابة، وصدقة التطوع، والعتق، وحج التطوع، فإذا فعلها المسلم وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إجماعًا، وكذا تصل إليه القراءة والصلاة والصيام.
وفي روضة الطالبين للنووي الشافعي (5/191): وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له (للميت)، فهذا دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينفع الميت.
وقال المليباري الشافعي في فتح المعين (3/221): "وقد نص الشافعي والأصحاب على ندب قراءة ما تيسر عند الميت، والدعاء عقبها؛ أي لأنه حينئذ أرجى للإجابة، ولأن الميت تناله بركة القراءة؛ كالحي الحاضر".
فقل لهم: أقوال العلماء يُستدل لها، لا بها. هاتوا دليلا من فعل سلفنا الصالح نقول به.
أما إن قالوا لك: كيف تقول ما تقول وعندنا ما يلي ما يلي من الأحاديث:
1. عن علي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "مَن مَرَّ على المقابر وقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة
مرة ثم وَهَبَ أَجْرَها للأموات أُعْطِيَ من الأجر بعدد الأموات".
2. وفي سنن البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أستحسن أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها.
3. وحديث: "قَلْبُ القُرآن يس، لا يقرؤها رَجل يريدُ الله والدار الآخرة إلا غَفَرَ الله له، اقرؤوها على موتاكم".
4. وحديث :" ما مِن مَيّت يموت فتُقرَأ عنده يس إلا هوَّن الله عليه".
فقل لهم، مترفقا ناصحا: هذه أحاديث وآثار غير صحيحة، لا يُستدل بها في أمور تعبدية، ولا في غيرها.
هل يحق لطلبة العلم تقليد ابن قدامة المقدسي فيما قال . علما بأنه إن أصاب فله أجران وإن أخطأ له أجر واحد !!!!!!
لا يجوز لطلاب العلم تقليد أحد من العلماء، كائنا من كان، إلا بدليل شرعي صحيح.
العبرة بالدليل ، لا بغيره.
أقوال العلماء يُستدل لها، لا بها.
ومما يحتجون به:
ما رواه البيهقي عن عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:ما الميت في القبر إلا كالغريق المتغوث ينتظر دعوة تلحقه من أب أو أم أو أخ أو صديق ، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها ، وإن الله عز وجل ليدخل على أهل القبور من دعاء أهل الأرض أمثال الجبال ،
وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار لهم". شعب الإيمان، رقم 6/2688
فقل لهم: 1. هذا لا أصل له.
قال العلامة الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح ، رقم: 2294 في إسناده رجل مجهول والمتن منكر جدا.
2. لا دليل فيه على اهداء ثواب قراءة القرآن
هدانا الله وإياكم
د. طلعت زهران
منقول من سحاب السلفية
لماذا يقيمون السرادقات، ويأتون بمن يقرأ القرآن؛ ليزفوا به الميت، مع أن الله أنزله لينذر من كان حيا؟؟
لقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه ، وزوجته خديجة ، وثلاث من بناته ، ولم يرد أنه قرأ عن واحد منهم القرآن ، أو ضحى أو صام أو صلى عنهم ، ولم ينقل شيء من ذلك عن أحد من الصحابة ، ولو كان مشروعاً لسبقونا إليه .
أما ما دل الدليل على استثنائه ووصول ثوابه إلى الميت فهو : الحج ، والعمرة ، والصوم الواجب ، والصدقة ، والدعاء .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) : " ومن هذه الآية استنبط الشافعي ومن تبعه
أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى ؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه،
ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء ، فأما الدعاء والصدقة ، فذاك مجمع على وصولها ومنصوصٌ من الشارع عليها " ا.هـ ( تفسير ابن كثير 4/ 258 ) .
ثم لو سلمنا بأن ثواب الأعمال الصالحة كلها يصل إلى الميت فإن أفضل ما ينفع الميت هو الدعاء ، فلماذا نترك ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمور أخرى لم يفعلها ، ولم يفعلها أحد من أصحابه ؟! و الخير كل الخير فيهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه لله عن إهداء ثواب قراءة القرآن والصدقة للأم ، سواء كانت حية أم ميتة ، فأجاب :
" أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الميت على قولين لأهل العلم ، والأرجح أنها لا تصل لعدم الدليل ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها لأمواته من المسلمين كبناته اللاتي مُتْن في حياته عليه الصلاة والسلام ، ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيما علمنا ، فالأولى للمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء ولا يصلي لهم ، وهكذا التطوع بالصوم عنهم ؛ لأن ذلك كله لا دليل عليه ، والأصل في العبادات التوقيف إلا ما ثبت عن الله سبحانه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم شرعيته . أما الصدقة فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، وهكذا
الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، فالحي لا شك أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ، فالذي يدعو لوالديه وهم أحياء ينتفعون
بدعائه ، وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم ، وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه ينفعهم ذلك ، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أن امرأة قالت يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: " حجي عنه" وجاءه رجل آخر فقال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ قال : " حج عن أبيك واعتمر" فهذا يدل على أن الحج عن الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ، فالصدقة والدعاء والحج عن الميت أو العمرة عنه، وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم ، وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب سواء كان عن نذر أو كفارة أو عن صوم رمضان لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه" متفق على صحته ، ولأحاديثٍ أخرى في المعنى ، لكن من تأخر في صوم رمضان بعذر شرعي كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا قضاء عنه ولا إطعام ؛ لكونه معذورا اهـ . "مجموع فتاوى ومقالات الشيح ابن باز" (4/348) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن يتصدق الرجل بمال ويشرك معه غيره في الأجر ؟ فأجاب : يجوز أن يتصدق الشخص بالمال وينويها لأبيه وأمه وأخيه ، ومن شاء من المسلمين ، لأن الأجر كثير ، فالصدقة إذا كانت خالصة لله تعالى ومن كسب طيب تضاعف أضعافاً كثيرة ، كما قال اله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/261.
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته " اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/249) .
ولم يكن الشيخ، رحمه الله، يرى إهداء ثواب القراءة لأحد
ونقل العلامة الألباني، رحمه الله، عن الشافعي، رحمه الله، ومن اتبعه:
أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ، ولا حثهم عليه ، ولا أرشدهم إليه بنص ولا ايماء ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الاقيسة والاراء ) وقال العز بن عبد السلام في ( الفتاوى ) ( 24 / 2 - عام 1692 ) : ( ومن فعل طاعة الله تعالى ، ثم أهدى ثوابها إلى حي أو ميت ، لم ينتقل ثوابها إليه ، إذ ( ليس للانسان إلا ما سعى ) ، فإن شرع في الطاعة ناويا أن يقع عن الميت لم يقع عنه ، إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة والصوم والحج ) . وما ذكره ابن كثير عن الشافعي رحمه الله تعالى هو قول أكثر العلماء وجماعة من ، الحنفية كما نقله الزبيدي في ( شرح الاحياء ) (10/ 369 ) . [ قلت : ومما بسق تعلم بطلان الاجماع الذي ذكره ابن قدامة في ( المغني ) ( 2 / 569 ) على وصول ثواب القراءة إلى الموتى ، وكيف لا يكون باطلا ، وفي مقدمة المخالفين الامام الشافعي رحمه الله تعالى .
ويكمل العلامة الألباني:
وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ( الاختيارات العلمية ) ( ص
54 ) : ( ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا ، أو قروؤا القرآن يهدون ثواب ذلك إلى أموات المسلمين ، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل
ويستدرك الإمام الألباني، فيقول:
وللشيخ ( يقصد ابن تيمية) رحمه الله تعالى قول آخر في المسألة ، خالف فيه ما ذكره آنفا عن السلف ، فذهب إلى أن الميت ينتفع بجميع العبادات من غيره ! . وتبنى هذا القول وانتصر له ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ( الروح )....، وذلك على خلاف ما عهدناه منه رحمه الله من ترك التوسع في القياس في الأمور التعبدية المحضة، لا سيما ما كان عنه على خلاف ما جرى عليه السلف
الصالح رضي الله عنهم.
وقد أورد خلاصة كلامه العلامة السيد محمد رشيد رضا في ( تفسير المنار ) ( 8 / 254 - 270 ) ثم رد عليه ردا قويا ، فليراجعه من شاء أن يتوسع في المسألة . .
وقد استغل هذا القول كثير من المبتدعة ، واتخذوه ذريعة في محاربة السنة ، واحتجوا بالشيخ وتلميذه على أنصار السنة وأتباعها ، وجهل أولئك المبتدعة أو تجاهلوا أن أنصار السنة ، لا يقلدون في دين الله تعالى رجلا بعينه كما يفعل أولئك ! ولا يؤثرون على الحق، الذى تبين لهم، قول أحد من العلماء مهما كان اعتقادهم حسنا في علمه وصلاحه ، وأنهم إنما ينظرون إلى القول لا إلى القائل ، وإلى الدليل ، وليس إلى التقليد ، جاعلين نصب أعينهم قول امام دار الهجرة ( ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر ) ! وقال : ( كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ) . وإذا كان من المسلم به عند أهل العلم أن لكل عقيدة أو رأى يتبناه في هذه الحياة أثرا في سلوكه: إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فإن من المسلم به أيضا ، أن الاثر يدل على المؤثر، وأن أحدهما مرتبط بالاخر ، خيرا أو شرا كما ذكرنا ، وعلى هذا فلسنا نشك أن لهذا القول أثرا سيئا في من يحمله أو يتبناه ، من ذلك مثلا أن صاحبه يتكل في تحصيل الثواب والدرجات العاليات على غيره؛ لعلمه أن الناس يهدون الحسنات مئات المرات في اليوم الواحد إلى جميع المسلمين الأحياء منهم والأموات ، وهو واحد منهم ، فلماذا لا يستغني حينئذ بعمل
غيره عن سعيه وكسبه ؟
هل هذا الفعل يصدر من الصوفية خاصة؟
ولكن انتبه؛ فليس الصوفية وحدهم يقولون بذلك، بل طائفة من طلبة العلم كذلك.
وقد قلدوا في ذلك قول عبد الله بن قدامة المقدسي في عمدة الفقه (1/28):
"وأي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك". وفي الإنصاف للمراداوي (2/560): أي قربة فعلها: الدعاء، والاستغفار، والواجب الذي تدخله النيابة، وصدقة التطوع، والعتق، وحج التطوع، فإذا فعلها المسلم وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إجماعًا، وكذا تصل إليه القراءة والصلاة والصيام.
وفي روضة الطالبين للنووي الشافعي (5/191): وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له (للميت)، فهذا دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينفع الميت.
وقال المليباري الشافعي في فتح المعين (3/221): "وقد نص الشافعي والأصحاب على ندب قراءة ما تيسر عند الميت، والدعاء عقبها؛ أي لأنه حينئذ أرجى للإجابة، ولأن الميت تناله بركة القراءة؛ كالحي الحاضر".
فقل لهم: أقوال العلماء يُستدل لها، لا بها. هاتوا دليلا من فعل سلفنا الصالح نقول به.
أما إن قالوا لك: كيف تقول ما تقول وعندنا ما يلي ما يلي من الأحاديث:
1. عن علي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "مَن مَرَّ على المقابر وقرأ (قل هو الله أحد) إحدى عشرة
مرة ثم وَهَبَ أَجْرَها للأموات أُعْطِيَ من الأجر بعدد الأموات".
2. وفي سنن البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أستحسن أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها.
3. وحديث: "قَلْبُ القُرآن يس، لا يقرؤها رَجل يريدُ الله والدار الآخرة إلا غَفَرَ الله له، اقرؤوها على موتاكم".
4. وحديث :" ما مِن مَيّت يموت فتُقرَأ عنده يس إلا هوَّن الله عليه".
فقل لهم، مترفقا ناصحا: هذه أحاديث وآثار غير صحيحة، لا يُستدل بها في أمور تعبدية، ولا في غيرها.
هل يحق لطلبة العلم تقليد ابن قدامة المقدسي فيما قال . علما بأنه إن أصاب فله أجران وإن أخطأ له أجر واحد !!!!!!
لا يجوز لطلاب العلم تقليد أحد من العلماء، كائنا من كان، إلا بدليل شرعي صحيح.
العبرة بالدليل ، لا بغيره.
أقوال العلماء يُستدل لها، لا بها.
ومما يحتجون به:
ما رواه البيهقي عن عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:ما الميت في القبر إلا كالغريق المتغوث ينتظر دعوة تلحقه من أب أو أم أو أخ أو صديق ، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها ، وإن الله عز وجل ليدخل على أهل القبور من دعاء أهل الأرض أمثال الجبال ،
وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار لهم". شعب الإيمان، رقم 6/2688
فقل لهم: 1. هذا لا أصل له.
قال العلامة الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح ، رقم: 2294 في إسناده رجل مجهول والمتن منكر جدا.
2. لا دليل فيه على اهداء ثواب قراءة القرآن
هدانا الله وإياكم
د. طلعت زهران
منقول من سحاب السلفية