شذرات لفضيلة الشيخ العلامه ربيع بن هادي بن عمير المدخلي _حفظه الله _ مهم
بسم الله الرحمن الرحيم
لفضيلة الشيخ العلاَّمة
ربيع بن هادي عمير المدخلي (حفظه الله تعالى)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :
ففي مناسبة من المناسبات(1) تكلم الشيخ ربيع عن قضايا التوحيد وعرّج على تفسير سور الفاتحة فقال حفظه الله :
قال الله تعالى لنبيه الكريم : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر 87)
ما هي السبع المثاني ؟ هي سورة الفاتحة ؛أم القرآن ؛فإنها أم القرآن فعلا ؛اشتملت على ما تضمنه القرآن من عقائد وأعمال, ولهذا أخبر الله سبحانه وتعالى أنها السبع المثاني وأخبر رسول الله بذلك كما أخبر بذلك أبا هريرة وأبي بن كعب رضي الله عنهما : أن المراد بالسبع المثاني إنما هي هذه السورة العظيمة الجامعة التي جمعت أنواع التوحيد والأعمال الصالحة والإيمان بالمعاد والإيمان بالنبوة؛ فهي عظيمة جدا, ولهذا سميت أم القرآن, وأم الشيء أصله كما يقال في مكة أم القرى, والفاتحة أم القرآن؛ لأن القرآن يدور عليها؛ معاني القرآن وأنواع التوحيد والأحكام والعبادات تَضَمَّنَتْها هذه السورة العظيمة .
(بسم الله الرحمن الرحيم)
هذا فيه توحيد الأسماء والصفات ثم تشرع فتقول :
{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
هذا يتضمن توحيد الربوبية؛ فالآيات التي وردت في القرآن والأحاديث التي وردت في السنة تنصّ على أن الله رب العالمين وخالق هذا الكون ومدبره ومنظمه تندرج في قوله تعالى{ رَبِّ الْعَالَمِينَ } رب العالمين : سيدهم ومالكهم وخالقهم ,وسيد الكون منظمه ومدبره, المخلوقات كلها تدخل في (العالمين) .
توحيد الربوبية بكل آياته وأحاديثه يتضمنها قول الله تبارك وتعالى)) : الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( فالمحامد كلها لله وحده سبحانه, هو الذي يملكها ويستحقها, لماذا ؟ لأنه رب العالمين؛ سيدهم وخالقهم ومدبرهم ورازقهم, إلى آخر المعاني العظيمة التي تتضمنها هذه الآية .
قوله : ((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ))
تتضمن توحيد الأسماء والصفات؛ لأن الرحمة التي وسعت كل شيء لا يتصف بها إلا من هو كامل من كل الوجوه : من القدرة والإرادة والعلم والكلام وما شاكل ذلك, فكل الأسماء والصفات تضمنها قول الله : ((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ)) .
وقوله : ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ))
هو مالك الدنيا والآخرة, يوم الدين وهو يوم البعث والنشور والحساب والجزاء والعقاب وما شاكل ذلك, وهذا أصل من أصول الإيمان, وتلك من أصول الإيمان أيضا .
هذا الأصل -وهو يوم البعث والجزاء- ركن من أركان الإيمان دلّ عليه وقوله تبارك وتعالى : ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ))؛ لأن الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
ثم قال : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ))
هذه الآية تتضمن توحيد العبادة بكل أنواعها .
((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) هذا التركيب يدلّ على الاختصاص والحصر؛ فالعبادة كلها لله لا يندّ شيء منها أبدا, ولا يجوز صرف مثقال ذرة منها لغير الله؛ لأن العبادة حقّ الله وحده خاصة به فلا يُعبَد إلا هو سبحانه وتعالى .
فقال : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) فلا نستعين إلا به, فمن يعبد غير الله فقد أشرك, ومن يستعين بغير الله فقد أشرك؛ الاستعانة بغير الله بالمخلوقين فيما لا يقدرون عليه هذا من الشرك بالله, لكن الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه؛ المخلوق الحاضر, الموجود عندك تقول له : أعطني شربة ماء, أعطني ثوبي, أعطني كذا, فهذه استعانة جائزة, والتعاون على البر والتقوى بين المؤمنين فيما يقدرون عليه .
أما الاستعانة بالمخلوقين فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك بالله تبارك وتعالى, فلا نستعين إلا به, كما في حديث ابن عباس)) : يا غلام إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)) 2.
((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لكم)) } غافر 60 { ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ))البقرة 186 .
فلا نعبد إلا الله ولا نستعين إلا به في الأمور العظيمة وغيرها التي لا يقدر عليها الإنسان والبشر جميعا أو من في الأرض جميعا, ليس لها إلا الله تبارك وتعالى يُستَعان به فيها عز وجل, وهذا معنى )) لا حول ولا قوة إلا بالله (( فلا حول للعباد ولا قوة لهم على شيء إلا بإذن الله وعونه سبحانه وتعالى
فلولا عون الله لنا في أمور ديننا ودنيانا لا نستطيع أن نفعل شيئا ولا نستطيع أن نقوم بشيء لهذا فنحن في أمسّ الحاجة بل الضرورة إلى أن نطلب منه العون سبحانه وتعالى؛ فإنا ضعفاء وفقراء وعاجزون, فلا حول ولا قوة لنا على شيء من أمور ديننا ودنيانا إلا بالله العليّ العظيم, هكذا يجب أن يكون قلب المؤمن في مراقبته لله تبارك وتعالى وفي صلته بربّ العالمين؛ أن يستشعر أنه عبد ضعيف, فقير, وأن العباد كلهم ضعفاء, وأنهم لو اجتمعوا على أن يقدموا له شيئا لا يستطيعون إلا بشيء قد كتبه الله, لن يستطيعوا أن ينفعوه بشيء إلا إذا كان الله قد أراده وكتبه في الأزل ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)) ,سبحانه وتعالى .
المؤمن في الأحداث المدلهمة والمشاكل يلجأ إلى الله تبارك وتعالى ويؤمن بالقدر؛ فثمرة الإيمان بالقدر تكون عند الأحداث وعند المصائب وما شاكل ذلك .
ولا يبرز الإيمان الصحيح؛ الإيمان بالله والإيمان بعلم الله الواسع وتقديره للأشياء كلها سبحانه وتعالى وأنه لا ينزل بالإنسان شيء من الخير أو الضرّ -مصائب أو غيرها- إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى, ويوقن بأن الله قد كتب هذا الشيء الذي نزل به أو أراده, قال تعالى)) : مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (( الحديد : 22- 23
يتبع بعون الله وفضله
بسم الله الرحمن الرحيم
لفضيلة الشيخ العلاَّمة
ربيع بن هادي عمير المدخلي (حفظه الله تعالى)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :
ففي مناسبة من المناسبات(1) تكلم الشيخ ربيع عن قضايا التوحيد وعرّج على تفسير سور الفاتحة فقال حفظه الله :
قال الله تعالى لنبيه الكريم : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر 87)
ما هي السبع المثاني ؟ هي سورة الفاتحة ؛أم القرآن ؛فإنها أم القرآن فعلا ؛اشتملت على ما تضمنه القرآن من عقائد وأعمال, ولهذا أخبر الله سبحانه وتعالى أنها السبع المثاني وأخبر رسول الله بذلك كما أخبر بذلك أبا هريرة وأبي بن كعب رضي الله عنهما : أن المراد بالسبع المثاني إنما هي هذه السورة العظيمة الجامعة التي جمعت أنواع التوحيد والأعمال الصالحة والإيمان بالمعاد والإيمان بالنبوة؛ فهي عظيمة جدا, ولهذا سميت أم القرآن, وأم الشيء أصله كما يقال في مكة أم القرى, والفاتحة أم القرآن؛ لأن القرآن يدور عليها؛ معاني القرآن وأنواع التوحيد والأحكام والعبادات تَضَمَّنَتْها هذه السورة العظيمة .
(بسم الله الرحمن الرحيم)
هذا فيه توحيد الأسماء والصفات ثم تشرع فتقول :
{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
هذا يتضمن توحيد الربوبية؛ فالآيات التي وردت في القرآن والأحاديث التي وردت في السنة تنصّ على أن الله رب العالمين وخالق هذا الكون ومدبره ومنظمه تندرج في قوله تعالى{ رَبِّ الْعَالَمِينَ } رب العالمين : سيدهم ومالكهم وخالقهم ,وسيد الكون منظمه ومدبره, المخلوقات كلها تدخل في (العالمين) .
توحيد الربوبية بكل آياته وأحاديثه يتضمنها قول الله تبارك وتعالى)) : الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( فالمحامد كلها لله وحده سبحانه, هو الذي يملكها ويستحقها, لماذا ؟ لأنه رب العالمين؛ سيدهم وخالقهم ومدبرهم ورازقهم, إلى آخر المعاني العظيمة التي تتضمنها هذه الآية .
قوله : ((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ))
تتضمن توحيد الأسماء والصفات؛ لأن الرحمة التي وسعت كل شيء لا يتصف بها إلا من هو كامل من كل الوجوه : من القدرة والإرادة والعلم والكلام وما شاكل ذلك, فكل الأسماء والصفات تضمنها قول الله : ((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ)) .
وقوله : ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ))
هو مالك الدنيا والآخرة, يوم الدين وهو يوم البعث والنشور والحساب والجزاء والعقاب وما شاكل ذلك, وهذا أصل من أصول الإيمان, وتلك من أصول الإيمان أيضا .
هذا الأصل -وهو يوم البعث والجزاء- ركن من أركان الإيمان دلّ عليه وقوله تبارك وتعالى : ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ))؛ لأن الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
ثم قال : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ))
هذه الآية تتضمن توحيد العبادة بكل أنواعها .
((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) هذا التركيب يدلّ على الاختصاص والحصر؛ فالعبادة كلها لله لا يندّ شيء منها أبدا, ولا يجوز صرف مثقال ذرة منها لغير الله؛ لأن العبادة حقّ الله وحده خاصة به فلا يُعبَد إلا هو سبحانه وتعالى .
فقال : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) فلا نستعين إلا به, فمن يعبد غير الله فقد أشرك, ومن يستعين بغير الله فقد أشرك؛ الاستعانة بغير الله بالمخلوقين فيما لا يقدرون عليه هذا من الشرك بالله, لكن الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه؛ المخلوق الحاضر, الموجود عندك تقول له : أعطني شربة ماء, أعطني ثوبي, أعطني كذا, فهذه استعانة جائزة, والتعاون على البر والتقوى بين المؤمنين فيما يقدرون عليه .
أما الاستعانة بالمخلوقين فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك بالله تبارك وتعالى, فلا نستعين إلا به, كما في حديث ابن عباس)) : يا غلام إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)) 2.
((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لكم)) } غافر 60 { ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ))البقرة 186 .
فلا نعبد إلا الله ولا نستعين إلا به في الأمور العظيمة وغيرها التي لا يقدر عليها الإنسان والبشر جميعا أو من في الأرض جميعا, ليس لها إلا الله تبارك وتعالى يُستَعان به فيها عز وجل, وهذا معنى )) لا حول ولا قوة إلا بالله (( فلا حول للعباد ولا قوة لهم على شيء إلا بإذن الله وعونه سبحانه وتعالى
فلولا عون الله لنا في أمور ديننا ودنيانا لا نستطيع أن نفعل شيئا ولا نستطيع أن نقوم بشيء لهذا فنحن في أمسّ الحاجة بل الضرورة إلى أن نطلب منه العون سبحانه وتعالى؛ فإنا ضعفاء وفقراء وعاجزون, فلا حول ولا قوة لنا على شيء من أمور ديننا ودنيانا إلا بالله العليّ العظيم, هكذا يجب أن يكون قلب المؤمن في مراقبته لله تبارك وتعالى وفي صلته بربّ العالمين؛ أن يستشعر أنه عبد ضعيف, فقير, وأن العباد كلهم ضعفاء, وأنهم لو اجتمعوا على أن يقدموا له شيئا لا يستطيعون إلا بشيء قد كتبه الله, لن يستطيعوا أن ينفعوه بشيء إلا إذا كان الله قد أراده وكتبه في الأزل ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)) ,سبحانه وتعالى .
المؤمن في الأحداث المدلهمة والمشاكل يلجأ إلى الله تبارك وتعالى ويؤمن بالقدر؛ فثمرة الإيمان بالقدر تكون عند الأحداث وعند المصائب وما شاكل ذلك .
ولا يبرز الإيمان الصحيح؛ الإيمان بالله والإيمان بعلم الله الواسع وتقديره للأشياء كلها سبحانه وتعالى وأنه لا ينزل بالإنسان شيء من الخير أو الضرّ -مصائب أو غيرها- إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى, ويوقن بأن الله قد كتب هذا الشيء الذي نزل به أو أراده, قال تعالى)) : مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (( الحديد : 22- 23
يتبع بعون الله وفضله