[size=24]
th=543]
e]
الشيطان ومداخله الشيخ/عبيد بن عساف الطوياوي * |
عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: اذا دخل رمضان، فتحت ابواب الرحمة، وغلقت ابواب جهنم، وسلسلت الشياطين وفتحت ابواب الجنة . وعنه ايضاً ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: اذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت ابواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت ابواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير اقبل، ويا باغي الشر اقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة . ففي هذا الحديث، يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ما خص به الله عز وجل شهر رمضان ومن ذلك ما يُفعل بالشيطان، حيث يُسلسل ويُصفد, وفي هذه المناسبة اود توضيح حقيقة هذا الخبيث، الذي صد فئة من الناس عن طاعة ربهم، وسار بهم في مسالك الانحراف والضياع. فحقيقة الشيطان انه من الجن، كما هو عند اهل السنة والجماعة، لقول الله تعالى: واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه . فإبليس من الجن وليس من الملائكة كما يظنه بعض الناس، وهذه الآية دليل على ذلك, ويدل على انه من الجن، خلقه ومعدنه، فان الملائكة خلقت من نور أما هو فقد خلق من نار، والنار هي التي خلقت منها الجن, ففي صحيح مسلم، من حديث عائشة رضي الله عنها، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلقت الملائكة من نور، وخلق ابليس من مارج من نار والمارج: الشعلة ذات اللهب الشديد وخلق آدم مما وصف لكم ويقول الحسن البصري: ما كان ابليس من الملائكة طرفة عين، وانه لأصل الجن كما ان آدم عليه السلام اصل البشر, فإبليس من الجن لذلك عصى فخرج عن طاعة ربه. وللشيطان ذرية، يقول الله تعالى: أفتتخذونه وذريته اولياء ، ومع كل واحد من الانس شيطان, ففي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم من احد الا وقد وكل قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي ولكن الله عز وجل اعانني عليه، فلا يأمرني الا بحق. وللشيطان اساليب وخطوات يتدرج من خلالها بأتباعه، والمخدوعين به ولذلك قال الله تعالى محذراً: ولا تتبعوا خطوات الشيطان وقد ذكر ابن قيم الجوزية ست مراحل للشيطان: الاولى: انه يحاول بالانسان ان يكفر والعياذ بالله أو يشرك فان عجز عنه انتقل به الى المرحلة الثانية: وهي ان يبتدع، اي يجعل له بدعة يتعبد الله بها، فاذا كان هذا الانسان من اهل السنة، انتقل به الى المرحلة الثالثة، وهي مرحلة الكبائر، كالزنا وشرب الخمر والسرقة وغير ذلك, فاذا كان الانسان قد عصمه الله من مثل هذه الامور، فان الشيطان لا ييئس منه انما ينتقل به الى المرحلة الرابعة: وهي الصغائر من الذنوب، فإذا عجز انتقل به الى المرحلة الخامسة، وهي ان يشغله بالمباحات، ومقصد الخبيث من هذا ان يضيع عليه وقته, فلا ينشغل بالامور الجادة، ومثل هذا الذي ينشغل بالمباحات ويضيع وقته كمثل تاجر يشتري البضاعة ثم يبيعها برأس مالها، لا يكسب من ورائها ولا يخسر، فالانشغال بالمباحات خطوة من خطوات الشيطان, فاذا عجز عنه في هذه المرحلة انتقل به الى المرحلة السادسة وهي ان يشغله بالعمل بالمفضول عما هو افضل منه, هذه مراحل الشيطان، التي يستخدمها مع بني الانسان، وصدق الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين . وللشيطان مداخل يدخل من خلالها الى الناس, وهي كثيرة منها: التحريش بين المسلمين واساءة ظن بعضهم ببعض ففي الحديث المتفق عليه، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ان ابليس قد يئس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن يسعى في التحريش بينهم او كما قال صلى الله عليه وسلم, يحرش بين المسلمين، لزرع الخصومات والفتن التي تؤدي بهم الى التخاصم والتقاطع والتهاجر, وكذلك يجعل بعضهم يسيء الظن ببعض، لو يسمع احدهم كلمة عابرة من اخيه، اخذ يحللها ويؤولها! ماذا يقصد من وراء هذه الكلمة؟ فيأتيه الشيطان ويفسرها له تفسيراً سيئاً فيسيء الظن بأخيه وتكون عاقبة ذلك وخيمة, وصدق صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم , ومن مداخل الشيطان، تزيين البدع لأصحابها، فيزين البدعة لهذا الانسان حتى يظن انها سنة، فيأتي الى احدهم ويقول له مثلاً: الناس تركوا الدين، وصعب ارجاعهم اليه فلعلك تبحث عن طريقة، تكون سبباً في عودتهم الى ربهم، فيذهب المسكين، ويضع له اصولاً ويرسم له مناهج لم يأذن بها الله ولم يأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم ويجمع الناس عليها، ويسميها ما يسميها, وما علم المبتدع: ان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وقد اعرض عن قول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد فليبشر بعدم القبول. ومن مداخل الشيطان: تضخيم جانب ما على حساب جانب آخر، وفي هذا الباب لعب الشيطان بكثير من عوام الناس فتجد احدهم يقول اهم شيء النية, اذا صارت نيتك طيبة، فلا يهمك شيء اطب نيتك وافعل ما تشاء، حتى ولو تركت الاعمال الصالحة، وأهملت الواجبات، فيكتفون بحسن النية وهذا مدخل من مداخل الشيطان. ومنهم من يأتيه الشيطان ويقول له اهم شيء ان تعرف واقع المسلمين وما يدور حولك فينشغل في ذلك ويترك معرفة ما معرفته من اوجب الواجبات, ومن هؤلاء من ينشغل بمتابعة القنوات الفضائية متعللاً بمعرفة اخبار العالم ولو سألته عن فروض الوضوء لجهلها, فلابد من التوازن في جميع الامور فتضخيم جانب على حساب جانب آخر، مدخل من مداخل الشيطان, ومن اخطر مداخله التسويف والتأجيل وطول الامل. والمسلمون في هذا الجانب حدث ولا حرج يأتي بعض الناس فيضع امامه قضية ما فيقول مثلاً عندما يفكر بالتوبة اذا انتهيت من الدراسة ان شاء الله اتوب فينتهي من الدراسة فيقول عندما اتوظف واستلم الوظيفة اتوب فيتوظف فيقول اذا تزوجت، ويتزوج ثم يقول اذا حججت، فيحج، وهكذا يمضي به العمر وقد يموت وهو لم يتب فنسأل الله العافية. ومن مداخل الشيطان ايضاً/ انه يأتي الى الانسان ويشعره بالكمال فيقول له انت افضل من غيرك، انت تصلي وغيرك كثيرون لا يصلون، وانت تصوم وغيرك كثير لا يصومون فيجعله ينظر الى من هو دونه في الاعمال الصالحة وماذاك الا من تسويغ الشيطان. والمطلوب عكس ذلك تماماً ان تنظر الى فلان الذي يصوم الاثنين والخميس وانت لا تصوم الا في رمضان، والى فلان الذي يحافظ على نوافل العبادات وانت تكتفي بالفرائض فقط. ومن مداخل الشيطان ايضاً التشكيك، بل هو من اخطر مداخله حيث يشكك الانسان ليصده عن سبيل الله فمثلاً يغريه بالكثرة فيقول له هل كل هؤلاء في النار وانت وحدك في الجنة، وينظر الى كثرة اهل البدع فيقول له: أهؤلاء كلهم على ضلال، وفلان فقط على هدى؟! فينظر للكثرة ويجعلها مقياساً له والصحيح الا يجعل الكثرة والقلة هي المقياس, بل الحق ما وافق كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم. يقول التابعي نعيم بن حماد: ان الجماعة ما وافق طاعة الله عز وجل واذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل ان تفسد وان كنت وحدك فإنك أنت الجماعة. ومن التشكيك ان الشيطان يجعل الانسان يشك في نيته فيمنعه من عمل الصالحات خوفاً من الرياء والنفاق يقول الحارث بن قيس: اذا اتاك الشيطان وانت تصلي فقال انك ترائي فزدها طولاً ومن مداخل الشيطان ايضاً: التخويف يقول الله تعالى: انما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين ومن تخويف الشيطان ما يفعله بأرباب الأموال بأن يخوفهم من الفقر يقول الله تعالى الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء فخوفهم الفقر يدفعهم الى ارتكاب ما حرم الله كمنع الزكاة وأكل الربا وغير ذلك خوفاً من الفقر نسأل الله العافية. هذه مداخل الشيطان او بعض مداخله، وهناك بعض العوامل التي تساعد الشيطان في اداء وظيفته، منها الجهل: فالعالم امره اشد على الشيطان من الف عابد, ومنها الهوى وضعف الاخلاص وقلة الدين يقول الله تعالى: قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين , ومنها ايضاً الغفلة وعدم التنبه لمداخل الشيطان وأخيراً ماهو العلاج بعد ما عرفنا مداخله والعوامل التي تساعده على اداء وظيفته. العلاج وباختصار ما يأتي: اولاً: الإيمان بالله، فالله يقول: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون . ثانياً: الاخلاص في هذا الدين يقول الله تعالى: إلا عبادك منهم المخلصين . ثالثاً: طلب العلم الشرعي من مصادره الصحيحة. واخيراً: ذكر الله والاستعاذة من الشيطان الرجيم: يقول الله تعالى: واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم |