من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 02.05.09 13:07
إعفاء اللحية على ضوء الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم
بسم الله الرحمن الرحيم
إعفاء اللحية
على ضوء الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران102] .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب70 - 71 ] .
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .
سأبدأ بعدة تساؤلات : ما هو حكم حلق اللحى ؟ وهل من حلقها كان مخالفاً لأمر الله ورسوله ؟ وما هي عاقبة من خالف أمر الله ورسوله ؟
وسأورد الردود على بعض الشُبه التي تطرأ في حلق اللحية .
قال تعالى : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ النور 63 ] . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أي أمر رسول الله . وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته . فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قُبِلَ ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائناً من كان ..... إلى آخر ما قال رحمه الله . وقال تعالى : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [ النساء 115 ] . وقال تعالى : وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً [ الفرقان 27 ] . ويخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول وما جاء به من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه ، وسلك طريقاً آخر غير سبيل الرسول ، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم،وعض على يديه حسرة وأسفاً . قاله ابن كثير رحمه الله . ثم إن الله جل ذكره أخبرنا عن أهل النار- إذا هم دخلوها – كيف يتأسفون ويتحسرون على ترك طاعتهم لله ولرسوله إذ لم يطيعوا الله ورسوله ، يوم كانوا في الحياة الدنيا ميسراً لهم طاعة الله ورسوله ، فندموا حيث لم ينفعهم الندم وأسفوا حيث لم ينفعهم الأسف . (من كلام الإمام الآجري في الشريعة ص 411) . وقال الله تعالى : يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا [ الأحزاب 66 ] .
وقال رسول الله : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل : ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " . وقال : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " صحيح الجامع . ومن المجاهرة حلق اللحية والخروج بدونها والإستخفاف بأوامر الله بدون خجل من معصيته أمام الناس.قال ابن بطال رحمه الله: ( في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين ، وفيه ضرب من العناد لهم ، وفي التستر بها السلامة من الإستخفاف ، لأن المعاصي تذل فاعلها ، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ، ومن التعزير إن لم توجب حداً ، وإذا تمحض حق الله ، فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه ، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة ، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك ) [ انظر: فتح الباري (10/487)] .
فهل بعد ذلك أخي الحبيب جهر بمعصية وإستخفاف بدين الله ، هو يأمرك وأنت تعصيه ، ويا ليتك تُقر أنها معصية ولكنك تنكر وتأخذك العزة بالإثم وتسمع كلام المتفلسفة في دين الله ليخففوا ويحللوا لك عصيان الله على قلبك . ونسيت سنة رسول الله الذي أمرك بهذا فاسمع كيف كانت لحيته ، روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله كث اللحية تملأ صدره) رواه البخاري رقم ( 3344) . وإعفاء اللحية من ملة إبراهيم الخليل التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه كما قال تعالى :وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ البقرة130 ، ومن سنة محمد التي تبرأ ممن رغب عنها بقوله : " فمن رغب عن سنتي فليس مني " متفق عليه . وإعفاء اللحية وإن كان شأن العرب وخاصيتهم إلا أن رسول الله بأمره به قد نقله من كونه عرفاً وعادةً إلى كونه عبادة مأموراً بها مثاباً على فعلها معاقباً على تركها. والصادق في إيمانه يستجيب لأمر الله لأن مقتضى الإيمان التصديق والطاعة والاستسلام والانقياد لأمر الله تعالى .
فأين الذين يقولون نحن نحب رسول الله ويُقسِموا على ذلك : قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [ النور 53 ] . ولقد صدق رسول الله عندما أخبرنا أن شباب الإسلام ورجاله سيتبعون أهل الكفر والمجون والضلالة في أعمالهم خطوة بخطوة . روى البخاري حديث رقم (7319) عن أبي هريرة عن النبي قال: " لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراَ بشبر وذراعاً بذراع " فقيل : يا رسول الله ، كفارس والروم ؟ فقال : " ومن الناس إلا أولئك " .
إليك أخي الكريم أمره بإعفاء اللحية والأحاديث الدالة على ذلك ، والرد على بعض أقوال المتفلسفة ، والذين يحاولون دائماً أن يقللوا من سنة النبي : روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قول رسول الله : " خالفوا المجوس ، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى " . وفي رواية : " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى ". وفي رواية : " خالفوا المشركين ، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى " . وفي رواية مسلم : " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس " . هذا وقد اتفق العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم (كما سيأتي) على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها عملا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله ، فكيف تطمئن نفس مسلم بمخالفة أمر الله ورسوله وهو يزعم أنه يؤمن بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه ويؤمن بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والجنة والنار.
======== يتبع ==========